والله عز وجل خلق الماء وجعل مدار الحياة في الارض عليه وجعله طهورا وعلق به العديد من العبادات فبالماء يتنظف المسلم ويزيل به نجاسته ويتوضأ ويرفع به جنابته وتكتمل بذلك طهارته من الحدثين كي يتسنى له الوقوف امام ربه في اجل واعظم عبادة وهي الصلاة والطهارة من الحدث والطهارة من الحدث والنجس شرط من شروط صحة الصلاة ولما كانت هذه الصلاة لا تصح الا بالطهارة من الحدث والنجس في بدن المصلي وفي ثوبه وفي مكانه حسب القدرة اعتنى الفقهاء رحمهم الله بكتاب الطهارة واحكامها. فقدموها على الصلاة وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال مفتاح الصلاة الطهور الطهارة اوكدوا شروط الصلاة ولا تصح الصلاة مطلقا من غير طهارة الا لعاجز عن الماء او بدنه والمسلم احد اشد حاجة الى تعلم احكام المياه لابد له ان يتعلم احكام المياه قبل غيره من ابواب الطهارة لان ابواب الطهارة ابواب واسعة اولها باب المياه ولذلك يبدأ الفقهاء دائما بباب المياه واحكامه كتاب الطهارة لابد لهذه الطهارة من شيء يتطهر به الانسان وهو الماء او ما يقوم مقامه وهذي الاحكام متعلقة بالمياه من حيث الصحة والبطلان او من حيث الجواز ومن حيث التحريم طريقها كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم واليك ما جاء في كتاب الله مما يتعلق بالمياه اولا قال سبحانه وتعالى اذ يغشيكم النعاس امنة منه وينزل عليكم من السماء السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام هذه الاية وردت في سورة الانفال في رقم احد عشر جاءت في سورة الانفال في سياق تذكير الله جل وعلا نعمته على عباده المؤمنين اهل بدر خاصة محمدا واصحابه بما انعم عليهم بهذه النعم التي اولها نعمة القاء النعاس امانا منه سبحانه وتعالى من خوفهم الذي حصل لهم من رؤية كثرة عدوهم الذي جاء مقبلا عليهم فجاءهم هذا النعاس الذي اراحهم من عناء السير والسفر فارتاحوا ثم النعمة الاخرى نعمة انزال المطر من السماء ليطهرهم به تطهيرا حسيا بالنظافة وتطهيرا شرعيا بالغسل من الجنابة والوضوء وتطهيرا معنويا بإذهاب وسوسة الشيطان ورجسه وتسويلاته ثم الربط على القلوب وتوطين النفس على الصبر وتثبيت الاقدام وقد دلت الاية في قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به على امور عدة اولها ان الماء النازل من السماء وهو المطر ماء طهور باق على خلقته راهن بنفسه مطهر لغيره لقوله تعالى ليطهركم به سواء نزل من السماء مباشرة على الابدان او على الثياب او على الاواني او حفظ في هذه الاواني والحياط او نزل في الاودية واستقر في الابار وهو ماء باق على خلقته طهور طاهر بنفسه مطهر لغيره. لدلالة هذه الاية وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ثانيا من احكام هذه الاية ان الماء النازل من السماء رافع للحدث رافع الحدث الاصغر بالوضوء وللحدث الاكبر بالاغتسال ومزيل ايضا للنجاسات لقوله تعالى ليطهركم به وهو يرفع الحدث الاصغر والحادث الاكبر ويزيل النجاسات وفي قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجل الشيطان دليل على ان الطهارة من الماء يطهر الانسان طهارة ايضا معنوية فتذهب وسوسة الشيطان وخواطره السيئة وهذا ما يسميه اهل العلم بالطهارة الباطنية المعنوية من احكام الماء النازل من السماء كونهما مباركا كثير البركة والخير قال عز وجل في موضع اخر ونزلنا من السماء ماء مباركا فانبتنا به جنات وحب الحصيد وصف هذا الماء بانه ماء مبارك. وهو المنزل في الاية الاولى بقوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به وهو الماء المبارك كثير البركة وجاء عن انس رضي الله عنه قال اصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال فحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى اصابه من المطر. وقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا قال لانه حديث عهد بربه تعالى رواه مسلم هذا الحديث يدل على انه صلى الله صلى الله عليه وسلم تبرك بالمطر النازل من السماء الحديث في عهد بربه لان الله تعالى قد سماه رحمة مسمى وصفه بانه رحمة. ووصفه بانه مبارك. ووصفه بانه طهور وجعل سبب سبب وجعله سببا للحياة ومبعدا عن العقوبة هذه هي الاية الاولى وما دلت عليه من الايات الواردة في المياه قوله سبحانه وتعالى وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وهو الذي ارسل الرياح بشرا بين بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتة ونسقيه مما خلقنا انعاما واناسي كثيرا وهذه الاية وردت او هاتان الايتان وردتا في سورة الفرقان رقم ثمانية واربعين وتسعة واربعين وهاتان الايتان جاءت في سياق ذكر دلائل قدرة الله سبحانه وتعالى ووحدانيته وانه وحده المنفرد بالخلق والتدبير المستحق للعبادة سبحانه وتعالى فمن دلائله وواسع رحمته ان ارسل الرياح والرياح جمع ريح وفي قراءة اخرى ارسل الريح قراءة الريح بالافراد هي قراءة ابن كثير المكي وهي على معنى الجنس لا تختلف. فالرياح جمع والريح مفرد مراد به الجنس وفي قوله تعالى وهو الذي ارسل الرياح بشرا قرأ الجمهور نشرا او نشرا وقرأ عاصم وحده بشرا من التبشير اي مبشرة بقرب نزول رحمة الله ومن قرأ بنشرا او نشرا فهي بمعنى البسط كما ينشر الرجل ثوبه المطوي لان الرياح تنشر السحاب امامها وفي قوله جل وعلا وانزلنا من السماء ماء طهور فيه وجه بلاغي ملاحظ وهو ان الاية افتتحت بظمير الغيمة وهو الذي ارسل الرياح بشرى بين يدي رحمته ثم التفت وقال وانزلنا وهذا يسميه علماء البلاغة بالالتفات والالتفات في القرآن في القرآن الكريم كثير جدا وله اسرار ولفتات جميلة وهنا التفت الظمير التفتت الاية من ضمير من ظمير الغائب الى ظمير المتكلم. وانزلنا وذلك لغرض بلاغي بلا شك وهو اظهار قدرة الله سبحانه وتعالى المشعرة بعظمته وانها لا يمكن ان تتأتى في هذه الاشياء من غيره ولاظهار كمال العناية بشأن من انزل لاجله وهو احياء الارض وبالنبات المختلف الاشكال والاصناف وسقي الخلق من بهيمة الانعام والاناسي الكثير والاناسي جمع انسي كما يقال كراسي وكرسي