لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال الشيخ رحمه الله تعالى في كتابه اعلام السنة المنشورة ما دليل الايمان بالجنة والنار الجواب قال الله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين. وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الانهار. الاية وغيرها ما لا يحصى وفي الصحيح من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ولك الحمد انت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم من شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه. والجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من العمل. اخرجاه وفي رواية من ابواب الجنة الثمانية ايها شاء نعم قال رحمه الله ما معنى الايمان بالجنة والنار؟ الجواب معناه التصديق الجازم بوجودهما وانهما مخلوقتان الان هما باقيتان بابقاء الله لهما لا تفنيان ابدا. ويدخل في ذلك كل ما احتوت عليه هذه من نعيم وتلك من العذاب ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فانتقل المؤلف رحمه الله بعد الكلام عن مواقف القيامة الى الامر الاخير من مباحث الايمان باليوم الاخر وقلنا انه يشمل ثلاثة موضوعات يعود اليها كل ما تفرق من مسائل اليوم الاخر مسائل البرزخ ومواقف القيامة ثم الجنة والنار وها قد وصل المؤلف رحمه الله الى الكلام عن هذين الامرين العظيمين عن هذين الدارين العظيمين عن هذين او عن هاتين الدارين العظيمتين الجنة والنار ما دليل الايمان بالجنة والنار وما معنى ذلك الجنة هي دار النعيم التي اعدها الله لاوليائه الجنة هي خيرات دائمة ونعيم متصل وفرح تام وسعادة لا تنتهي فيها قصور وحور وفيها انهار واكل وشرب وفيها لباس وخدم وفيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيها درجات عالية وفيها قطوف دانية فيها اشجار وغراس ونخيل ومن قال سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر غرست له شجرة في الجنة فيها كنوز ومن كنوزها لا حول ولا قوة الا بالله فيها النعيم الذي لا يحول ولا يزول فيها حبرة دائمة في روضة يحظرون في هذه الرياض العظيمة يسعدون قال الله سبحانه في الحديث القدسي المخرج في الصحيحين اعبدت اعددت لعبادي اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين واهلها فيها خالدون واعظم ما في الجنة ثلاثة امور حلول رضوان الله سبحانه على اهل الجنة ورضوان من الله اكبر فهو اكبر نعيم يتلقاه اهل الجنة وثانيا تمتع المؤمنين برؤية الله سبحانه وتمتعهم ثالثا بمخاطبته وحديثه جل ربنا وعز فاذا لقي اهل الجنة هذا النعيم نسوا ما هم فيه من النعيم من عظيم اللذة التي يجدونها واما النار عافاني الله واياكم منها فانها الدار التي اعدها الله لاعدائه هي دار الشقاء والعناء والعذاب ان لدينا انكار وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا اليما لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون واتقوا النار التي اعدت للكافرين فيها طينة الخبال وعصارة اهل النار وفيها لجم من نار وفيها ماء من حميم يقطع الامعاء وفيها طعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع وفيها اعراض الله سبحانه وتعالى عن اهلها وغضبه الذي يحل على اهلها هذه هي النار التي حذرنا الله منها هي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم ينذر اصحابه منها فيقول لهم وهم خيار اهل الارض بعد الانبياء انذرتكم النار انذرتكم النار انها لاحدى الكبر نذيرا للبشر اعظم ما انذر به العباد هذه النار عافاني الله واياكم منها ويكفي في بيان ما فيها من انواع العذاب والنكال ان انعم اهل الارض لو غمس فيها غمسة واحدة فانه يقول ما رأيت نعيما قط يكفي ان اقل اهلها عذابا من ينتعل نعلين من نار يغلي منهما دماغه نسأل الله السلامة والعافية الايمان بالجنة والنار يتضمن اربعة امور اولا الايمان بوجودهما وخلقهما يعني انهما مخلوقتان موجودتان وليس انهما تخلقان وتوجدان يوم القيامة وثانيا الايمان بانهما باقيتان ابدا لا تفنيان فهما داران خلقا للبقاء لا لفناء فهما باقيتان وما فيهما ثالثا الايمان بان الجنة هي الدار التي اعدها الله جزاء حسنا لاولياءه وان النار هي الدار التي اعدها الله جزاء وعقابا لاعدائه واتقوا النار التي اعدت للكافرين الامر الرابع الايمان بكل ما ورد في شأنهما من اصناف النعيم او العذاب هذا ما يتلخص فيه الايمان بالجنة والنار اما الادلة التي اوردها المؤلف رحمه الله فاستدل اولا باية البقرة فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين وبشر الذين امنوا وعملوا الصالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الانهار ولا شك ان الايات في اثبات الجنة والنار كثيرة جدا اما من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم وقد خالف الشيخ ها هنا طريقته الغالبة وهي انه يقسم الادلة الى ادلة من الكتاب اولا وادلة من السنة ثانيا قال فذلك في بعظ المواظع ومن هذا هذا الموظع قال وفي الصحيح يعني في الصحيحين من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ولك الحمد انت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق وهذا هو موضع الشاهد من الحديث ان الجنة حق وان النار حق قاله النبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق الحديث ايضا استدل بما خرجه في الصحيحين وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم من شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من العمل وفي رواية من ابواب الجنة الثمانية ايها شاء هذا الحديث فيه ذكر بعض اصول الاعتقاد العظيمة اولا فيه ذكر الشهادتين قال من شهد واخذنا سابقا معنا الشهادة فما معنى الشهادة ما معنى قول القائل اشهد نعم احسنت انطقوا بما اعلم واتيقن اشهد يعني انطقوا بما اعلم واتيقن هذه هي الشهادة قال من شهد ان لا اله الا الله وقلنا ان لا اله الا الله تعني لا معبود حق الا الله تعني نفي العبادة عما سوى الله واثباتها لله وحده وحده تأكيد لا شريك له تأكيد فهو تأكيد بعد تأكيد لتعظيم مقام التوحيد وان محمدا عبده ورسوله ومر بنا ما يتعلق بشهادة ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالها هنا عبده ورسوله ففيها الرد على اهل الغلو واهل الجفاء معا فهو عبد لا يعبد وهو ايضا رسول لا يكذب بل يطاع ويتبع صلى الله عليه وسلم في قوله عبد رد عن رد على من رفعه الى درجة الالوهية فصار يعبده مع الله سبحانه كالذين يستغيثون به ويذبحون له وباسمه وينذرون باسمه قوله ورسوله رد على الذين كذبوه صلى الله عليه وسلم وما امنوا برسالته فقوله عبده ورسوله رد على الطائفتين قال وان عيسى عبدالله ورسوله وكلمته القاها الى مريم عيسى عليه السلام كلمة الله ومعنى كونه كلمة الله يعني انه بالكلمة كان لا انه هو الكلمة انتبه الكلمة وصف الله سبحانه وتعالى القائم به وعيسى منفصل عنه فهو بالكلمة كان كما فسر هذا الامام احمد وغيره كلمة الله يعني بالكلمة كان وليس كما وجد او خلق عامة الناس بان خلق من ابوين انما لما قال الله عز وجل له كن كان قال وروح منه هذه الروح مضافة الى الله عز وجل اضافة مخلوق لخالقه فهي روح مخلوقة نفخ في امه مريم فكان عيسى عليه السلام حيا بهذه الروح التي خلقها الله سبحانه وتعالى فالاضافة هنا اضافة مخلوق الى خالقه قال والجنة حق والنار حق هذا هو موضع الشاهد وكونهما حقا يتضمن الايمان بما ذكر لك سابقا فوجودهما حق وبقاؤهما حق وكونهما دارا للنعيم او العذاب حق وكل ما جاء في شأنهما من اصناف النعيم او العذاب حق لا شك في هذا ولا مرية قال ادخله الله الجنة على ما كان من العمل يعني على اي عمل كان عليه صالحا كان او طالحا متقيا كان او فاسقا فهو من اهل الجنة قطعا من جاء بهذا التوحيد الاخلاص لله سبحانه وتعالى ولم يأتي بما يناقض ذلك انتبه لهذا القيد المهم لابد مع الاتيان بهذا الاعتقاد الا يأتي بما يناقضه فان اتى بما يناقضه فان هذا الاعتقاد لا قيمة له في الطهارة اذا تطهر الانسان واحسن طهارته ثم انه بعد ذلك اتى بناقض من نواقض الطهارة فان هذه الطهارة تصبح كالعدم لا قيمة لها فالمقصود ان كل من اتى بالتوحيد الصحيح ليس التوحيد الذي يكون باللسان فقط بل انه التوحيد الذي يكون اعتقادا جازما بالقلب ويكون قولا باللسان ويكون ايضا عملا بمقتضى ذلك فانه يكون من اهل الجنة قطعا اما ابتداء واما مآلا انتبه الى هذا ادخله الله الجنة هذا امر قطعي لكن اما يدخلها ابتداء واما يدخلها مآلا ابتداء يعني يدخلها من اول وهلة دون ان يدخل قبلها النار دون ان تكون له سابقة من العذاب ومآلا يعني ان يكون مآله الى الجنة بمعنى ان تسبق له سابقة عذاب يدخل النار دخولا مؤقتا مدة يعلمها الله سبحانه وتعالى هذا الامر قطعي اما الذين يدخلون الجنة من اول وهلة ابتداء فهؤلاء هم المتقون الذين ترجحت حسناتهم على سيئاتهم هؤلاء قد وعد الله ووعده حق انهم سيدخلون الجنة مباشرة وكذلك من ترجحت او كذلك العصاة عصاة الموحدين الذين شاء الله سبحانه ان يعفو عنهم هاتان الطائفتان تدخلان الجنة ابتداء اما الذين يدخلون الجنة مآلا فهم عصاة موحدين هم اهل الكبائر الذين لم يشأ الله ان يعفو عنهم وان يدخلهم الجنة ابتداء ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء من لم يشأ الله ان يغفر له فانه سيدخل الجنة ولكن ان كان عنده توحيد فانه سوف يخرج من النار ويدخل الجنة قطعا برحمة الله سبحانه فالله قد وعد وهو لا يخلف الميعاد جل وعلا اذا هذا يدلنا على ان التوحيد توحيدان توحيد يمنع من دخول النار وتوحيد يمنع من الخلود في النار اما التوحيد الذي يمنع من دخولها اصلا فانه التوحيد الكامل على ما مر معنا فيما سبق من اتى بكمال التوحيد الواجب وارفع منه من اتى بكمال التوحيد المستحب فان هذا التوحيد سبب في ان لا يدخل الجنة ان لا يدخل النار اصلا واما التوحيد الذي يمنع من الخلود فيها فانه اصل التوحيد ادنى درجات التوحيد من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان فانه لا يمكن ان يخلد في النار لكنه يبقى فيها مدة يشاءها الله سبحانه وتعالى وتنبه يا رعاك الله الى ان قول اهل السنة ان العاصي دخوله ان دخل النار مؤقت لا يعني تخفيف الامر او ان المسألة امرها يسير كلا والله فادنى ادنى قسط من عذاب الله سبحانه فهو عظيم والله عز وجل عظم شأن النار و العظيم اذا عظم شيئا فهو لا شك عظيم ومن الذي يقدر على ادنى درجة من عذاب الله والله ان هذا لشيء عظيم فلا ينبغي الاستهانة فلا ينبغي الاستهانة بهذا الامر العظيم واذا قيل ان هذا العذاب مؤقت فالله اعلم كم يدوم ربما يمتد مدة طويلة لا يدري الانسان وربما يكون شيئا قصيرا علم ذلك كله الى الله سبحانه وتعالى فالسلامة ان يسلم الانسان من اسباب النار فكل اسباب النار ترجع الى شيء واحد المعاصي والذنوب فعلا وتركا فعلا للسيئات وتركا للواجبات فعلى الانسان ان يحذر من هذا المقام العظيم قال وفي رواية هذه الرواية في البخاري وفي مسلم ايضا قال من ابواب الجنة الثمانية ايها شاء وهذا النص انه يدخل الجنة من اي ابواب الثمانية شاء جاء في عدة احاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على ان اهل السعادة الذين كتب الله سبحانه دخولهم الجنة نسأل الله ان يجعلنا منهم يخيرون عند دخول الجنة فهم بالخيار ان يدخلوا من اي باب شاءوا قد يقول قائل انه قد دلت احاديث النبي صلى الله عليه وسلم على ان الانسان يدخل من الباب الذي يرجع الى العمل الذي غلب عليه من كان من اهل الصلاة فانه يدخل من باب الصلاة ومن كان من اهل الصدقة يدخل من باب الصدقة ومن كان من اهل الجهاد يدخل من باب الجهاد ومن كان من اهل الصيام يدخل من باب الريان كل يدخل من الباب الذي يعود الى العمل الذي يغلب عليه كيف نجمع بين هذا وبين هذا الحديث الذي فيه انه يدخل الجنة من اي ابواب ابوابها شاء الجواب عن هذا انه يخير لا شك في هذا كما جاء في الحديث يخير عند دخول الجنة ولكنه يدخل اختيارا من الباب الذي غلب عليه عمله يدخل اختيارا بمشيئته من الباب الذي يناسبه يعني الذي غلب عليه عمله فان كان من اهل الصدقة فانه سيختار الدخول من باب الصدقة بمشيئته وهكذا ان كان غير ذلك وذهبت طائفة من اهل العلم الى ان فاعل الفعل هذا وهو شاء هو الله سبحانه وتعالى يعني من ابواب الجنة الثمانية ايها شاء ها الله ومعنى هذا ان الله سبحانه وتعالى يوفقه الى عمل يشاؤه سبحانه وتعالى فيدخل من هذا الباب الذي شاء الله سبحانه ان يكون من اهله فهمنا قولان في تفسير الحديث والاول اشهر والاول اشهر والله تعالى اعلم؟ نعم الله اليكم قال رحمه الله ما الدليل على وجودهما الان الجواب اخبرنا الله عز وجل انهما معدتان فقال في الجنة اعدت للمتقين وقال في النار اعدت للكافرين وقل مثل هذا في النار اليس الله سبحانه وتعالى قد اخبرنا بان الكفار ينالهم نصيب من شدة النار وهم في البرزخ الم يقل الله سبحانه وتعالى النار يعرضون عليها غدوا وعشيا فاخبرنا انه تعالى اسكن ادم وزوجه الجنة قبل اكلهما من الشجرة واخبرنا تعالى بان الكفار يعرضون على النار غدوا وعشيا وقال النبي صلى الله عليه وسلم اطلعت في الجنة فرأيت اكثر اهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت اكثر اهلها النساء الحديث فتقدم في فتنة عذاب القبر اذا مات احدكم يعرض عليه مقعده. الحديث وقال صلى الله عليه وسلم ابردوا بالصلاة فان شدة الحر من فيح جهنم. وقال صلى الله عليه وسلم اشتكت النار الى ربها عز وجل فقالت ربي اكل بعضي بعضا فاذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فاشد ما تجدون من الحر واشد ما تجدون من الزمهير. وقال صلى الله عليه وسلم الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء وقال صلى الله عليه وسلم العد الحمى الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء فابردوها فابردوها بهمزة وصل وضم الراء نعم ابردوها لغة ضعيفة لكن فابردوها يعني اطفئوها نعم الله اليكم قال رحمه الله وقال صلى الله عليه وسلم الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء. وقال صلى الله عليه وسلم لما خلق الله الجنة انه ارسل جبريل الى الجنة فقال اذهب فانظر اليها الحديث. وقد عرضت عليه صلى الله عليه وسلم في مقامه يوم كسفت امس وعرضت عليه ليلة الاسراء وفي ذلك من الاحاديث الصحيحة ما لا يحصى هذه مسألة من المسائل المهمة التي يجب اعتقادها وهي ان الجنة والنار مخلوقتان موجودتان وليس انهما تخلقان وتوجدان يوم القيامة وهذا ما اتفق عليه المسلمون قاطبة الا شذاذ من اهل البدع وهم المعتزلة هؤلاء قالوا ان الجنة والنار تخلقان يوم القيامة وذلك انهم قالوا ان خلق الجنة والنار قبل ذلك ثم انهما يبقيان او تبقيان يعني هاتين الدارين هكذا بلا ان يسكنهما احد هذا عبث والله ينزه عن ذلك والقوم كما تعلم مشبهة في الافعال ولذا فانهم يقيسون افعال الله تعالى على افعال خلقه فجمعوا بين الشرين بين التشبيه والتعطيل لا شك ان هذا المذهب الرديء الذي ذهبوا اليه مذهب باطل مردود بعشرات النصوص من الكتاب والسنة واما قولهم ان ذلك عبث ان تخلق هاتان الداران العظيمتان ثم انهما تبقيان فارغتين دون ان ينتفع بهما لا شك ان هذا قول فاسد فان الله سبحانه وتعالى هو الحكيم ذو الحكمة البالغة سبحانه وتعالى ولا شك ان له حكمة جل ربنا وعزفي خلقي الجنة والنار قبل يوم القيامة ونحن نجزم بذلك ونقطع علمنا تلك الحكمة علمنا تلك الحكمة او لم نعلم هؤلاء الذين يربطون ايمانهم بمعرفة الحكمة فيما اخبر الله سبحانه او فيما امر او فيما نهى هؤلاء ايمانهم ايمان ضعيف ايمانهم ايمان مهزوز هؤلاء فيهم شبه في المشركين او هم اسوأ منهم المشركون قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله ربطوا ايمانهم بان يوحى اليهم وان يكون عندهم من العلم ما اعطيه انبياء الله ورسله وهؤلاء يريدون ايضا مع هذا ان يكون عندهم بالغيب الامور المغيبة التي اختص الله سبحانه وتعالى بعلمها علم تفاصيل حكمة الله عز وجل في كل امر من الامور هذا لا سبيل اليه وانما حسب الانسان ان يؤمن ايمانا مجملا بان الله سبحانه وتعالى حكيم له حكمة بالغة في كل ما يخلق في كل ما يقدر وفي كل ما يأمر ويشرع سبحانه وتعالى عقولنا اضعف من ان تستوعب حكمة الله سبحانه وتعالى في كل شيء هذا اولا ثانيا ان يقال ان الحكمة في خلق الجنة والنار قبل يوم القيامة لها اوجه كثيرة يعلمها العباد بادنى تأمل وبالتالي فان قولهم ان خلقها هكذا وبقائها دون فائدة مدد متطاولة عبث هذا من عبث عقولهم والا فمن قال ان الجنة والنار لا ينتفع بهما ولا فائدة من خلقهما كيف ذلك الجنة يتنعم ببعض نعيمها بطرف من نعيمها قبل يوم القيامة اليس كذلك الم يقل النبي صلى الله عليه وسلم انما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله تبارك وتعالى الى جسده يوم القيامة اليس في هذا فائدة اليست الجنة تعرض على اهلها يوم يكون الانسان في قبره يفتح له نافذة الى الجنة فيأتيه من روحها وريحانها اليس في هذا فائدة من وجود الجنة ويوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب اليس الكافر او المنافق يعرض له مقعده من النار ويفتح له نافذة الى النار فيأتيه من سمومها وحرها فكيف يقال انه لا فائدة من خلقها قبل يوم القيامة ثمان الله سبحانه وتعالى لم يزل يزيد في نعيم الجنة اذا قال المسلم سبحان الله او الحمد لله او لا اله الا الله الله او الله اكبر فان الله سبحانه يغرس له شجرة في الجنة كذلك اذا صلى ثنتي عشرة ركعة في اليوم من غير الفريضة يبني الله عز وجل له بيتا في الجنة اليس في هذا فائدة في خلق الجنة قبل يوم القيامة من تأمل الحكم التي يرجع اليها خلق الله سبحانه هاتين الدارين قبل يوم القيامة يجد من هذا شيئا كثيرا المقصود ان هذا الذي ذهب اليه هؤلاء المبتدعة قول باطل مردود دون ادنى شك. والادلة التي يستدل بها كثيرة جدا اورد المؤلف رحمه الله نحو من عشرة ادلة تدل على بطلان هذا القول وعلى صحة ما ذهب اليه السلف قاطبة واهل السنة اجمعون من ان الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الان قال اخبرنا الله عز وجل انهما معدتان. فقال في الجنة اعدت للمتقين. اعدت فعل ولم يقل ساء تعد اليس كذلك فدل هذا على انهما موجودتان كذلك دليل ثان قال واخبرنا انه تعالى اسكن ادم وزوجه الجنة قبل اكلهما من الشجرة وهذا استدلال صحيح بناء على ما عليه جماهير اهل السنة والجماعة من ان الجنة والنار عفوا ان الجنة التي كان فيها ادم وزوجه قبل اهباطهما الى الارض هي جنة عدن هي الجنة المعروفة التي جاء ذكرها كثيرا في الكتاب والسنة اذا لما قال جل وعلا فقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة هذا يدل على ماذا هل تسكن الجنة وهي معدومة الجواب لا اذا هذا دليل على ان الجنة موجودة مخلوقة استدل ثالثا بان الكفار يعرضون على النار غدوا وعشيا كما سبق النار يعرضون عليها غدوا وعشيا وهذا دليل على انها موجودة كذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم اطلعت في الجنة فرأيت اكثر اهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت اكثر اهلها النساء النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على الجنة بل دخل الجنة لما عرج به الى السماء ففي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فاذا هي جنابذ اللؤلؤ واذا ترابها المسك جنابذ يعني قباب اللؤلؤ وترابها المسك فهل يدخل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا معدوما قال ايضا استدل خامسا ما تقدم في فتنة عذاب القبر اذا مات احدكم يعرض عليه مقعده ان كان من اهل الجنة او كان من اهل النار ان كان من اهل الجنة يعرض عليه مقعده في الجنة فينعم ويلتذ ويسعد بهذا والعكس بالنسبة للكافر استدل ايضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ابردوا بالصلاة فان شدة الحر من فيح جهنم ابردوا يعني ادخلوا في البرد انجدوا ادخلوا نجدا اظهروا ادخلوا في الظهر وهكذا ادهموا ادخلوا تهامة المقصود تأخير صلاة الظهر شيئا حتى تنكسر الحرارة في حال شدة الحرارة وفي الصيف الحار المشروع ان تؤخر صلاة الظهر شيئا حتى تنكسر الحرارة الحرارة وحتى يصبح الجو باردا بعض الشيء وذلك ب امر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الامر وهو امر استحباب كما عليه جماهير اهل العلم بل نقل الاتفاق عليه تستحب الابراد بالظهر يعني تأخير الصلاة قليلا الى ان يبرد الوقت شيئا ذلك لحكم ذكرها اهل العلم مما تلمسه اهل العلم لهذا انهم قالوا ان شدة الحر سبب ضعف الخشوع والمطلوب ان يصلي المسلم خاشعا وقال قالوا ايضا ان شدة الحر فيها مشقة الذين يأتون الى بيوت الله المساجد فلتؤخر الصلاة قليلا حتى لتمكنوا من المجيء دون مشقة وذكروا ايضا حكمة ثالثة وهي انه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما خرج الامام مسلم وغيره ايضا من ان جهنم عافاني الله واياكم منها تسجر اذا كانت الشمس في كبد السماء ولذا امر المسلم بان يكف عن الصلاة في ذلك الوقت وشدة الحر التي تعقب زوال الشمس هي شدة تعقب تسجيل او اثر لتسجير جهنم. نسأل الله السلامة فهو اثر لوقت غضب كما يقولون والمسلم يناجي ربه فعليه ان يتلمس الوقت الذي يكون وقت رضا ووقت رحمة من الله سبحانه وتعالى ذكر هذا ابن رجب رحمه الله في فتح الباري وكذلك ابن حجر وغيرهما من اهل العلم المقصود ان هذا دليل على ان النار مخلوقة موجودة لان النبي صلى الله عليه وسلم قال فان شدة الحر من فيح جهنم فيحها يعني وهجها وغليانها نسأل الله السلامة والعافية استدل سابعا بقول النبي صلى الله عليه وسلم اشتكت النار ربها عز وجل فقالت ربي اكل بعضي بعضا فاذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فاشد ما تجدون من الحر واشد ما تجدون من الزمهرير يعني البرد وهذا الحديث ايضا يدل على ان النار موجودة مخلوقة وفيه ايضا اثبات انها تقول وتتكلم اليس كذلك الم يقل النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق؟ فقالت اذا هي ماذا تتكلم كيف تتكلم ها الله اعلم لاننا رأينا النار ما رأيناها ولا رأينا مثيلا لها. واسأل الله ان لا نراها اذا هذا لا يمكننا ان نتكلم فيه. كيف تتكلم؟ الله اعلم لكن بما ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انها تقول فاننا نعتقد انها تقول والله لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى كذلك انها تتنفس ولها نفسان نفسوا في الصيف ونفسوا في الشتاء نؤمن بهذا كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن كيف تتنفس الله اعلم لا ندري واستدل تاسعا قول النبي صلى الله عليه وسلم او عفوا هو الدليل الثامن الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء. ابردوها يعني اطفئوها الحمى هي المرض المعروف الذي يكون بسببه ارتفاع درجة حرارة الجسم هذه السخونة وهذه الحرارة المرتفعة هي الحمى التي يصاب بها الانسان وهذا الحديث دليل على ان هذه الحمى اثر من اثار جهنم بكيفية وسبب يعلمه الله سبحانه وتعالى لا ندري كيف يكون هذه او كيف تكون هذه العلاقة وهذه الصلة بين الحمى وجهنم لكن اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فنحن نعتقد ذلك والله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى وله الحكمة البالغة وفي هذا الحديث ان النار مخلوقة موجودة والا كيف تكون الحمى اثرا لشيء معدوم وفي الحديث ايضا ان من اسباب العلاج للحمى الماء فابردوها اطفئوها بالماء وكانت اسماؤه رضي الله عنها اذا اه كان احد من النساء مريضا بالحمى تصب الماء في جيبها او بين جيبها وجسمها فالماء سبب من اسباب اه تخفيف او علاج هذه الحمى وجاء في صحيح البخاري ان ابن عباس رضي الله عنهما اشار على رجل اصيب بالحمى بان يطفئها بماء زمزم واستدل على هذا بهذا الحديث وفيه زيادة قال فابردوها بالماء او ماء زمزم. شك الراوي لكن الحديث جاء عند احمد بالجزم دون الشك وهكذا جزم ابن عباس رضي الله عنهما وبالتالي فنقول ان اه اطفاء هذه الحمى وتخفيفها بماء زمزم ابلغ من غيره وان كان كل ماء نافعا في ذلك كما عليه عامة الاحاديث عامة الاحاديث والحديث له روايات عدة في الصحيحين وغيرهما ليس فيه هذا القيد لكن هذا القيد يدل على ماذا على ان احسن وابلغ ما يكون به العلاج هو ماذا هو ماء زمزم واستدل تاسعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما خلق الله الجنة والنار ارسل جبريل الى الجنة فقال اذهب فانظر اليها فهو قد نظر الى شيء ماذا مخلوق وموجود ولما نظر اليها وعاد اخبر ربه سبحانه انه لا يظن احدا يسمع بها الا دخلها ثمان الله حثها بالمكاره وقال ارجع فانظر اليها فلما رأها بهذه الحال ظن ان لا يدخلها احد كفت الجنة بالمكاره وكذلك النار لما امره الله ان ينظر اليها رجع فاخبر انه لا يظن ان احدا يسمع بها فيدخلها ثم انه حفها بالشهوات فلما رآها بهذه الحال خشي ان آآ يدخلها كل احد او كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فدل هذا على ان الجنة والنار مخلوقتان موجودتان كذلك استدل عاشرا باحاديث عرض الجنة والنار على النبي صلى الله عليه وسلم لما قصفت الشمس كسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعرظت امامه الجنة والنار فتقدم لما عرضت الجنة وكاد ان يأخذ قطفا او عنقودا منها وتأخر لما عرضت امامه النار نسأل الله السلامة والعافية واشار اخيرا الى عرض النار عليه ليلة الاسراء فالنبي صلى الله عليه وسلم عرضت عليه النار ولم يدخلها واما الجنة فعرضت عليه ودخلها صلى الله عليه وسلم وهذه وغيرها واضعافها كلها تدل على ان الجنة والنار مخلوقتان موجودتان