العلماء في موضوع ترتيب الايات والتناسق بين الايات وان هذه الاية بعد هذه الاية لغرض وان هذه القصة بعد هذه القصة لغرض وان السورة لها موضوع ومقصد اختلف العلماء في هذا على ثلاثة اقوال اما القول الاول فهو انه لا تناسب بين الايات بل تنزل الاية بحسب الوقائع توضع في المصحف بحسبه ما يأمر الله جل وعلا جبريل به فيأمر به النبي صلى الله عليه وسلم ان الاية ضعها في سورة كذا في موضع كذا وان هذا بحسب الوقائع وحسب الاحوال ولا يقتضي ذلك تناسبا بين الاية والاية وصلة بين الاية والاية والقول الثاني ان سور القرآن لا تخلو سورة الا ولها موضوع وليس ثم اية بعد اية الا وبينها تناسب وصلة وانه بين اول السورة وبين ختام السورة التناسب وانه بين اخر السورة واول السورة التي تليها تناسك واتساق في الموضوع وانه الى اخر الاسرار واللطائف في علم التفسير مما جعلوا ذلك لا يخرج عنه شيء البتة وهذا قول قليلين من اهل العلم منهم البقاعي فيما صنف في نظم الدول و السيوطي وجماعة ممن قبلهم وبعدهم والقول الثالث وهو القول الوسط وهو اعدل الاقوال ان سور القرآن منها سور يظهر للمجتهد يظهر للعالم بالتفسير يظهر له موضوعها ويظهر بين اياتها من التناسب. فهذا اذا ظهر فلا حرج في ابدائه. لان الله جل وعلا جعل القرآن كما الف لام راء كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. فالقرآن كتاب لو بحثت فيه عن خلل لو بحثت فيه عن عدم اتساق لن تجد افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فاذا ظهرت المناسبة وظهر الموضوع فلا مانع ان يقال هذه الصورة موضوعها كذا وهذه الاية بينها وبين ما قبلها المناسبة الفلانية بحسب ما يظهر للعالم بالتفسير وللمجتهد دون ان يكون الهم تطلب ذلك والتكلف فيه لان التكلف في الشيء قد يفضي الى القول في المسألة بلا علم والاجتهاد فيما لا طائل منه وقد يكون الاختلاف فيه كثيرا. وهذا القول الثالث هو القول المعتدل الذي سلكه طائفة من العلماء بالتفسير والعلماء بالاجتهاد ومنهم ابن تيمية رحمه الله وابن القيم وجماعة من المحققين في التفسير ويظهر لك صوابه فيما اذا نظرت الى الكتب المؤلفة في مقاصد السور وتناسب الايات والسور ونحو ذلك فان فيها اشياء متكلفة وفيها اشياء يتضح حسنها بل اذا نظرت اليها دبرت ما قيل من المناسبات الاتصال موضوعات السور زادك يقينا بان هذا القرآن انما هو كلام الله جل وعلا. واذا قرأت السورة بتأثير فيها ليس كتأثير من لم يعلم موضوع السورة ولا تناسب الايات فيما يذكر بهذا نقول ان هذه الاقوال الثلاثة المختار منها الثالث وهو الذي يهم ان تعتني به من كلام اهل العلم بان فيه الفائدة المرجوة ان شاء الله تعالى