هذا الموضوع موضوع الحج عبادة وميدان دعوة انبثق من قول الله جل وعلا لابراهيم عليه السلام واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم وقد تكلم اهل العلم من المفسرين وغير المفسرين ان الله جل جلاله في هذه الاية جعل العلة في تأبين من تأبين إبراهيم في الناس بالحج ان يشهدوا منافع لهم وقالوا اللام هنا لام التعليل اي من اجل ان يشهدوا منافع لهم وقالوا ايضا منافع هنا نكرت ولم تعرف ولم تضف اضافة تخصيص وذاك لتكون مطلقة فتكون عامة انواع المنافع فكل منفعة جعلها الله جل وعلا منفعة في الحج فانها مقصودة ولهذا اختلف المفسرون لرؤية هذه المنافع واختلافهم من باب اختلاف التنوع فقال الطائفة منهم ان المنافع هنا في قوله ليشهدوا منافع لهم انها التجارة وذلك منهم نظر الى قول الله جل وعلا في سورة البقرة ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم وقال اخرون بل المنافع يعني يأكلوا من اللحوم وان يدخروها وان يتمونوها لان الله جل وعلا قال في سورة الحج والبدن جعلناها لكم من شعائر الله فاذكروا اسم الله عليها طواف وقالت طائفة المنافع هنا هي العفو والمغفرة والخروج بعد الحج من الذنوب كما ولدك الانسان امه وذلك لقول الله جل وعلا فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه. ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى وما دلت عليه الاحاديث الصحيحة في ذلك منها ما خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبدالرحمن بن صخر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تابعوا بين الحج والعمرة فانهما ينفيان الذنوب. كما ينفي الكير خبث الحديد وقال ايضا عليه الصلاة والسلام الحج العمرة الى العمرة مكفرات لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة وقال ايضا عليه الصلاة والسلام من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه فمعنى ذلك ان الحاج اذا حج فاتقى فلم يرفث ولم يفسق رجع باعظم المنافع وهي انه يرجع خاليا من الذنوب ولا شك ان هذا ثبوت منفعة عظيمة ولهذا كان الصحيح من اقوال اهل العلم في قول الله جل وعلا فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه. ومن تأخر فلا اثم عليه يعني ان الحاج سواء تعجل او لم او لم يتعجل فتأخر فانه يرجع من حجه ولا لا اثم عليه بشرط ان يكون متقيا. لهذا قال بعدها لمن اتقى فقوله لمن اتقى يرجع الى نفس الاسم في الموضعين وليس راجعا الى نفي الاثم في في ما اذا تأخرت. يعني ان الحاج ينتفع اعظم الانتفاع بانه يرجع من ذنوبه كيوم ولدته امه. وهذه منفعة عظيمة وهذا كله صحيح وايضا مما قيل في تفسير الاية ان المنافع ان يشهد الحجاج الكعبة وان يشهدوا الطواف والسعي ورمي الجمار وذكر الله جل وعلا فيقيمهم ذلك الشهود فيقيمهم ذلك الشهود على توحيد الله جل جلاله. لانهم يرون الكعبة ويتذكرون ابراهيم عليه السلام. الذي بناها فيتذكرون بذلك حق الله جل وعلا الذي هو توحيده سبحانه وخلع الانداد. والبراءة من الشرك وعهله. ومن المنافع التي تتحصل كما ذكره الشيخ الشنقيطي في تفسيره شهود الامة بعضهم لبعض والتقاء مسلمين بعضهم لبعض وما في ذلك من الوحدة الاسلامية التي جاءت فيها الاية ان هذه امتكم امة واحدة. يعني ان الدين واحد وهذه الامة اذا التقت على واحد واجتمعت على ذلك فهذا اعظم المنافع وهكذا في اقوال كثيرة وابن جرير رحمه الله امام المفسرين لما اتى لهذه الاية وساق بعض الاقوال التي ذكرت قال ما حاصله ان هذه الاية لا يثار فيها الى قول دون قول بل ان المنافع تشمل ما ذكر وتشمل كل ما فيه منفعة للحاج فكل ما فيه منفعة للحاج في امر دينه ودنياه في امر دنياه وفي امر اخرته فان شهوده وذلك في الحج من مقاصد الحج