بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين. اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته بركاته واهلا بكم في هذه الدروس المباركة واللقاءات الطيبة. التي نتدارس فيها كتابا عظيما وسفرا مباركا وهو كتاب الادب المفرد للامام ابي عبد الله محمد ابن اسماعيل البخاري رحمه الله تعالى. ضيفنا في هذه اللقاءات المباركة هو فضيلة الشيخ الاستاذ الدكتور علي بن عبد العزيز الشبل. الاستاذ في جامعة المجمع في بداية هذا اللقاء نرحب بكم شيخنا الكريم حياكم الله. الله يحييكم ويبارك فيكم وينفع بهذا اللقاء ينفع به المتكلم والسامع وان يجعله ذخرا لديه سبحانه الرضا والمرضات في الدنيا والاخرة كنا قد توقفنا في اللقاء الماضي عند الحديث الاول من باب وجوب صلة الرحم. اعيد قراءة الحديث ثم يتفضل الشيخ بشرحه. حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا ضمضم ابن عمرو الحنفي قال حدثنا كليب بن منفعة قال قال جدي يا رسول الله من ابر؟ قال امك واباك واختك واخاك ومولاك الذي يلي ذاك حق واجب ورحم موصولة الحمد لله وحده صلى الله وسلم على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مزيدا الى يوم لقاه اما بعد اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك لك الحمد كالذي نقول ولك الحمد يا ربنا خيرا مما نقول ولك الحمد يا الهنا كالذي تقول حمدا يكافئ النعم ويوافي المزيد منها هذا الحديث الذي رواه الامام البخاري ها هنا فقال حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا ضمضم ابن عامر الحنفي وهو ابو الاسود الازدي قال حدثنا كليب ابن منفعة قال حدثنا جدي وهو بكر من الحارث الانماري ابو المنفعة انه قال يا رسول الله قال جده بكر ابن الحارث الالماني رضي الله عنه يا رسول الله من ابر قال النبي صلى الله عليه وسلم امك واباك واختك واخاك ومولاك الذي يلي ذاك حق واجب ورحم موصولة الحديث رواه مسلم ايضا في الصحيح من طريق كليب عن سليط ابن عطية عن علي رضي الله عنه قيل عن كليب عن ابيه عن جده رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه اجاب صلى الله عليه وسلم هذا السائل عن الذي يبرهم رتبهم عليه الصلاة والسلام ترتيبا يدل على مكانتهم وعلى تقديم من هو اولى بالصلة والبر من غيرهم لما قال له يا رسول الله من ابر؟ اي من احق الناس ببري قال امك واباك جاءت امك منصوبة على المفعولية واباك كذلك منصوب مفعول به يعني بر امك وبر اباك وقدم الامة ها هنا لانها احق واولى بالبر من غيرها ويأتي ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل للام ثلاثة حقوق قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل يا رسول الله من احق الناس بحسن صحبتي قال امك قال ثم من؟ قال امك قال ثم من؟ قال امك ثم قال في الرابعة ثم ابوك وهنا لما سئل من ابر يا رسول الله قال امك واباك لم ينس الاب فانه قدم الام على الاب لانها اولى وثنى بحق الاب عاطفا لها على الام ثم قال واختك واخاك الاخت لها الصلة بما يناسبها والاخ له الصلة بما يناسبه ومولاك الذي يلي ذلك الذي يلي ذاك مولاك هو من هو رقيقك او من انت عليه بمنة العتق انه بمنة العتق يبقى هذا العبد الرقيق يبقى مولى لمن من عليه بهذا العتق ولهذا جعل الشارع سبحانه وتعالى المعتق من جملة الوارثين من الرجال وجعل المعتقة من جملة الوارثين من النساء عند هذا الذي اعتقوه يقول الناظم رحمه الله الوارثين من الرجال والزوج والمعتق ذو الولاء وجملة الذكور هؤلاء قال في حق المرأة وليس في النساء طرا عصبا الا التي منت بعتق الرقبة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ها هنا في وجوب الصلة صلة الرحم ومولاك الذي يلي ذاك حق واجب اي في هذه الصلة ورحم موصولة هذا الحق الواجب وهذه الرحم التي توصل ينظر فيها بحسب الصلة بعرف الناس في كل زمان. وفي قوله ومولاك الذي يلي ذاك اي قريبك كما جاء في حديث معاوية ابن حيدة رضي الله عنه قريبك الذي يلي ذاك اي بعد اختك واخيك. كابن عمك وابنة عمك وابن خالك وابنة خالك وهكذا وكذلك من مننت عليهم او منوا عليك بالعتق فانك تصلهم لانهم صاحبوا المعروف عليك حق واجب اوجبه الله بالصلة ورحم موصولة اوجب الله صلتها. اما هذه الصلة في افرادها وكيفياتها وتفاصيلها فانها ترجع الى العرف كما ترجع الى الشرع فما كان في الشرع انه صلة فهو كذلك ومنها النفقات الواجبة على ابنائه وزوجه ووالديه وقضاء ديونهم. ومنها كذلك ما كان في عرف الناس انه صلة. وانه بر وانه احسان فهذا مما يرجع اليه في تقديره وفي تحصيله وفي عمله وفي الدعوة اليه حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا ابو عوانة عن عبد الملك ابن عمير موسى بن طلحة عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال لما نزلت هذه الاية وانذر عشيرتك الاقربين. قام النبي صلى الله عليه وسلم فنادى يا بني كعب بن لؤي انقذوا انفسكم من النار يا بني عبد مناف انقذوا انفسكم من النار يا بني هاشم انقذوا انفسكم من النار يا بني عبد المطلب انقذوا انفسكم من النار. يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار فاني لا املك لك من الله شيئا. غير ان لكم رحما سابلها ببلالها اللهم صلي وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد يقول الامام البخاري في هذا الحديث وهو المخرج في الصحيح حدثنا موسى ابن اسماعيل قال حدثنا ابو عوانة وهو الوظاح ابن عبد الله عن عبد الملك بن عمير موسى ابن طلحة وموسى ابن طلحة وابن عبيد الله الصحابي الجليل رضي الله وقد ولد موسى ابن طلحة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان من افضل اولاد طلحة ابن عبيد الله بعد اخيه محمد حتى كانوا يلقبونه في زمانه بمهدي زمانه ابي هريرة رضي الله عنه هذا لما نزلت هذه الاية وانزل عشيرتك الاقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين قام النبي صلى الله عليه وسلم في الناس فنادى يا بني كعب بن لؤي كعب بن لؤي احد اجداده الابعدين صلى الله عليه وسلم يا بني كعب بن لؤي انقذوا انفسكم من النار وقيل في كعب انه هو قريش والصحيح ان قريش هو مالك ابن النظر ثم قال يا بني عبدي مناف وهو جد النبي صلى الله عليه وسلم الثاني نبينا محمد بن عبدالله ابن عبد المطلب ابن هاشم ابن عبدمناف انقذوا انفسكم من النار يا بني هاشم انقذوا انفسكم من النار يا بني عبد المطلب انقذوا انفسكم من النار يا فاطمة بنت محمد انقذي نفسك من النار فاني لا املك لك من الله شيئا غير ان لكم رحما سابلها ببلالها انقذوا اي خلصوا ونجوا انفسكم من النار ولهذا جاء في الرواية عند النسائي وغيره انه ناداهم عليه الصلاة والسلام قال اشتروا انفسكم من الله لا اغني عنكم من الله شيئا في الصحيحين انه قال يا صفية عمة رسول الله لا اغني عنك من الله شيئا لان الله جل وعلا يقول فمن يملك لكم من الله شيئا ان اراد بكم ضرا او اراد بكم نفعا ولهذا جاء في الحديث يا فاطمة سليني من مالي ما شئت لا اغني عنك من الله شيئا وفي قوله صلى الله عليه وسلم لا املك لكم لا استطيع ان ارد على عذاب الله اذا ان اصابكم لا تتكل على قرابتك ان الله لا يعذبكم اذا لم تكونوا مؤمنين بل كونوا موحدين حتى تنفعكم قرابتكم مني ثم قال صلى الله عليه وسلم فاني لا املك لكم من الله شيئا اي ان اراد ان يعذبكم ولا طاقة لي على انقاذكم ان اراد ان يعذبكم ولا تتكل على قرابة لا املك لكم من الله شيئا غير ان لكم رحما وهذا هو الشاهد سابلها ببلالها ساصلها في هذا البلل والمعنى من ذلك انني اصل هذه الرحم بما استطيع ولهذا جاء في الحديث كل ارحامكم ولو بالسلام تشبه صلى الله عليه وسلم الرحم بالارظ التي اذا وقع عليها المطر وسقيت اهتزت وربت وازهرت وانتجت وفيه ان هذا نفعة من الحي للميت والمعنى ان اصل القرابة بالقرابة وفيه انه عليه الصلاة والسلام بلغ الى بني عبد مناف ومنه اخذ العلماء ان الرحم التي يجب ان توصل كان الى الجد الرابع ان نبينا عليه الصلاة والسلام هو محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب ابن هاشم ابن عبدمناف عبد مناف هو جده صلى الله عليه وسلم وهو ابوه الرابع ابوه الاول عبدالله وابوه الثاني عبد المطلب هو الجد الاول وابوه الثالث عبد مناف وابوه الثالث هاشم وهو جده الثاني. وابوه الرابع عبد مناف وهو جده ثالث صلى الله عليه وسلم. ومنه اخذ جمع من اهل العلم ان الوصل الواجب الى الجد الرابع وما زاد على الجد الرابع فان الوصل فيه مستحب مسنون لا ان يكون واجبا. ولهذا دلائل كثيرة قد تنوعت في احاديث النبي صلى الله عليه وسلم وفي اخبار اصحابه فان عمر رضي الله عنه لما طعنه المجوسي ابو لؤلؤة الخبيث قال لعبدالله بن عمر انظر في ما لي هذا الخطاب سدادا لدينه الذي تحمله وكان بضعا وثمانين الف درهم انظر في مالي هذا الخطاب ان وفى والا فانظر في مال عدي ولا تعدهم في مال بني عدي ولا تعدهم الى غيرهم وهو جد عمر رضي الله عنه الثالث سيكون في سلسلة اجداده انه ابوه الرابع ومن هذا اخذ العلماء ان الوصل الواجب هو الى الجد الرابع وما دون. وما بعد ذلك فانه مستحب وهذا الوصل بما كان في عرف الناس انه وصل واقل ذلك ان يشاركهم في اتراحهم اي احزانهم او يشاركهم في افراحهم واقله ولو بالسلام. والحمد لله رب العالمين باب صلة الرحم حدثنا ابو نعيم قال حدثنا عمرو بن عثمان ابني عبد الله ابن موهب قال سمعت موسى ابن طلحة يذكر عن ابي ايوب الانصاري رضي الله تعالى عنه ان عربيا عرض للنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره قال اخبرني ما يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال تعبدوا الله ولا تشركوا به وتقيموا الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم هذا هو الباب السادس والعشرون في كتاب الادب المفرد الامام البخاري ابي عبد الله محمد ابن اسماعيل رحمه الله ترجمه بهذه الترجمة اورد تحتها ثلاثة احاديث هذا باب صلة الرحم كأن البخاري بهذه الترجمة يذكرنا بالاصل الجامع بعد بر الوالدين وهو ما يتعلق بصلة الرحم لانه سيثني على هذه الترجمة انواع من التراجم كقوله الترجمة التي تليها قول البخاري باب فضل صلة الرحم وكقوله بعدها فيما يتعلق بالرحم صلة الرحم تزيد في العمر الى اخره هذا البخاري في هذا الحديث الذي رواه مسلم وغيره حدثنا ابو نعيم وهو الفضل ابن دكيم قال حدثنا عمرو ابن عثمان ابن عبد الله ابن موهب وهو الكوفي قال سمعت موسى ابن طلحة وهو موسى ابن طلحة ابن عبيد الله الذي كان يلقب بمهدي زمانه كما قلنا يذكر عن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه وابو ايوب الانصاري صحابي جليل من بني النجار مشهور بكنيته ابي ايوب واسمه خالد ابن يزيد الانصاري الخزرجي النجاري وكان ممن شهد العقبة وشهد بدرا والمشاهد كلها يذكر ابو ايوب الانصاري رضي الله عنه وعنهم ان اعرابيا وهذا الاعرابي تكرر في غير ما حديث وجاء انه لقيط ابن صبرة المنتفق وجاء انه صخر بن القعقاع الباهلي لان هذه الحادثة تكررت غير مرة ان اعرابيا عرض للنبي صلى الله عليه وسلم في مسيره اي في سفره فقال له اخبرني ما يقربني من الجنة ويباعدني من النار ما اعظم هذا السؤال ايها الاخوة وما اجله وما احدق هذا السؤال الذي انتفعت به الامة بعد سؤال الاعرابي هذا ما يقربني من الجنة. في رواية اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار اجابه نبينا صلى الله عليه وسلم في هذه الامور الاربعة قال تعبد الله ولا تشرك به شيئا هذا الاول الثاني وتقيم الصلاة الثالث وتؤتي الزكاة الرابع وتصل الرحم اللهم صلي وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد ما انصحه لامته وما اجله واجمعه في كلامه وقد اوتي جوامع الكلم نعبد الله ولا تشركوا به شيئا فهذا اعظم ما امر الله به واعظم ما اوجبه الله على المكلفين وهو افراده بالعبادة وخلوصه من الشرك واهله نعبد الله ولا تشركوا به شيئا وهذا هو معنى لا اله الا الله وهذا هو التوحيد الذي بعث الله عز وجل به جميع الرسل من اولهم نوح الى اخرهم وخاتمهم محمد صلى الله عليهم جميعا والهم وسلم التوحيد وهو افراد الله بالعبادة دونما شريك هو اول مأمور وهو اعظم واهم مفروض وهو الذي لاجله خلق الله المكلفين الانس والجن ولاجله ارسل الله الرسل ولاجله انزل الله الكتب ولاجله اقام الله الجهاد في سبيله انما الجهاد في سبيل الله شرع لاقامة منارة التوحيد والتحذير من الكفر والشرك واهله ولاجل التوحيد خلق الله الجنة والنار الجنة دار كرامة وجزاء للموحدين والنار دار عقاب. وجزاء للمشركين التوحيد اقام الله الدنيا والاخرة قال تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وتأملوا لا تشركوا به نفي للشرك كله شيئا نكرة في سياق النفي وتعم كل شيء كل شرك صغير او كبير دقيق او جليل يسير او كثير الله جل وعلا كما جاء في الحديث القدسي قال جل وعلا انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اي عمل اشرك معي فيه غيري تركته وشركه ثم ذكر الفرظ الثاني وتقيم الصلاة تقيمها اي تؤديها باركانها وشروطها. وتحقق واجباتها وتحفظها من منقظاتها ونواقضها تقيم الصلاة ثم ذكر الامر الثالث وتؤتي الزكاة ولا غرو فان الله عز وجل بين الصلاة والزكاة في نيف واربعين اية في القرآن ولهذا عظم على ابي بكر وعلى الصحابة كيف فرق المشركون بين الصلاة والزكاة حاربوهم وقاتلوهم واعتبروهم مرتدين. لما منعوا الزكاة وقاتلوا على منعها الزكاة هي قرينة الصلاة وهي الملازمة لها في ذكر اية القرآن ثم ذكر الامر الرابع وتصل الرحم هذه صلة الرحم بالاحسان اليهم ومواساتهم وبصلتهم بكل ما دلت عليه الشريعة من انه صلة وما دل عليه العرف انه صلة والحذر من ظد ذلك بالقطيعة في كل ما دلت عليه الشريعة انها قطيعة او دل عليه العرف انها قطيعة والله جل وعلا جعل الصلة صلة الرحم جعلها من هذا الدين واعظم الرحم التي توصل هما الوالدان لان صلتهما هي البر ولان عدم صلتهما هو العقوق والعقوق من الكبائر والبر من صالح الاعمال يلي ذلك الاقرب فالاقرب الاخ والاخت ثم الادنى فالادنى فالصلة فيهم واجبة والقطيعة محرمة فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض قطعوا ارحامكم. نعوذ بالله من اسباب الخذلان. واسباب غضبه في الدنيا والاخرة الموجبة للنيران. ونسأله جل وعلا عوالي الجنان لنا ولكم. ولوالدينا ووالديكم ومشايخنا وجميع المسلمين ان ربي جل وعلا اكرم مسؤول واعظم مرجي مأمول والحمد لله رب العالمين الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين الى هنا احبتنا الكرام نكون قد وصلنا الى ختم هذه الحلقة. من شرح كتاب الادب المفرد الامام البخاري رحمه الله تعالى. فشكر الله لضيفنا فضيلة الشيخ الاستاذ دكتور علي بن عبد العزيز الشبل استاذ في جامعة المجمعة ونفع الله به وزاده الله علما وفقا. وشكر الله لكم حسن متابعتكم حتى ملتقى بكم في لقاء قادم بمشيئة الله تعالى. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته