فاذا الصرأ التي تسمع عنها القول بالصرفة يعني ان الله صرف البشر عن معارضة هذا القرآن والا فان العرب قادرون على المعارض. وهذا القول يرده اشياء. الدليل الاول سمعي نقلي من القرآن. والدليل الثاني عقلي. اما الدليل القرآني فهو قول الله جل وعلا قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. فالله جل وعلا اثبت ان الانس والجن لو اجتمعت على ان تأتي بمثل هذا القرآن وصار بعضهم لبعض معينا في الاتيان بمثل هذا القرآن انهم لن يأتوا بمثله وهذا اثبات لقدرتهم على ذلك لان اجتماعهم مع سلب القدرة عنهم في منزلة اجتماع الاموات لتحصيل شيء من الاشياء. الله جل وعلا بين انهم لو اجتمعوا على ان يأتوا بمثل هذا القرآن. وكان بعضهم لبعض معينا وظهيرا على المعارضة فانهم لن يستطيعوا ان يأتوا بمثل هذا القرآن فاثبت لهم القدرة لو اجتمعوا قادرين لبعض يعين لكنهم سيعجزون مع قدرهم التي ستجتمع وسيكون بعضهم لبعض معينا على المعارض وهذه الاية هي التي احتج بها المعتزلة على اعجاز القرآن ففيها الدليل ضدهم على بطلان اما الدليل الثاني وهو الدليل العقلي ان الامة اجمعت من جميع الفرق والمذاهب ان الاعجاز ينسب ويضاف الى ولا يضاف الى الله جل وعلا. فلا يقال اعجاز الله بالقرآن. وانما يقال باتفاق الجميع وبلا خلاف هو اعجاز القرآن. فاضافة الاعجاب الى القرآن تدل على ان القرآن معجز في نفسه وليس الاعجاز من الله بصفة القدرة. لاننا لو قلنا الاعجاز اعجاز الله بقدرته الناس الاتيان بمثل هذا القرآن فيكون الاعجاز بامر خارج عن القرآن. فلما اجمعت الامة من جميع الفئات والمذاهب لان الاعجاز وصف للقرآن علمنا بطلانا ان يكون الاعجاز صفة لقدرة الله جل وعلا لان من قال بالصرفة بان الله سلبهم القدرة هذا راجع الاعجاز يعني تعجيز اولئك راجع الى صفة القدرة وهذه صفة ربوبية فاذا لا يكون القرآن معجزا في نفسه وانما تكون المعجزة في قدرة الله جل وعلا الاذان وهذا لا شك انه دليل قوي في ابطال قول هؤلاء ولهذا المعتزلة المتأخرون ذهبوا الى خلاف قول المتقدمين في الاعجاب لان قولهم لا يستقيم لا نقلا ولا نقلا