على كل حال اخرج البخاري في سبب النزول من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الى بيت المقدس ستة عشر او سبعة عشر شهرا الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين ولا اله الا الله اله الاولين والاخرين وقيوم السماوات والاراضين ومالك يوم الدين الذي لا فوز الا في طاعته ولا عز الا في التذلل لعظمته ولا غنى الا في الافتقار الى رحمته ولا هدى الا في قربه ولا صلاح للقلب ولا فلاح الا في الاخلاص له وتوحيده الذي اذا اطيع شكر واذا عصي تاب وغفر واذا دعي اجاب وسبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته وسبحان من سبحت له السماوات واملاكها والنجوم وافلاكها والارض وسكانها والبحار وحيتانها والنجوم والجبال والشجر والدواب والاكام وكل رطب ويابس يسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليما غفورا اما بعد ومرحبا بكم معاشر الاخوان والاخوات واسأل الله تبارك وتعالى ان يجعل هذا المجلس مباركا نافعا مقربا الى وجهه الكريم وان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته حديثنا ايها الاحبة في هذه الليلة عن اسمين كريمين وهما الحنان والرؤوف وسينتظم هذا الحديث ان شاء الله ست قضايا الاولى في الكلام على معنى هذين الاسمين الكريمين من جهة اللغة والمعنى في حق الله تبارك وتعالى واما الثانية في الفرق بين الرؤوف والرحيم واما الثالثة فاذكر فيها بعض ما ورد في الكتاب والسنة من الادلة الدالة على هذين الاسمين الكريمين واما الرابعة ففي الكلام على ما يدل عليه هذان الاسمان الكريمان واما الخامسة فاذكر فيها بعض اثار هذين الاسمين في الخلق والامر واما السادسة ففي الكلام على ثمرات الايمان بهذين الاسمين الكريمين اما اولا ففي الكلام على معنى هذين الاسمين العظيمين اما الحنان فالحنان هو الرحمة ومنه قوله تبارك وتعالى وحنانا من لدنا فالحنان هو ذو الرحمة يقال تحنن عليه اي ترحم والعرب تقول حنانك يا رب وحنانيك يا رب اي رحمتك انانا بعد حنان اما الرؤوف في لغة العرب فكما قال كبير المفسرين ابو جعفر ابن جرير رحمه الله بان الرأفة اعلى معاني الرحمة وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ولبعضهم في الاخرة وقال الخطابي الرؤوف هو الرحيم العاطف برأفته على عباده وعلى كل حال فالرأفة اخص من الرحمة فهي تلتقي مع الرحمة في اصل المعنى فهي تدل على الرحمة ولكنها رحمة خاصة رحمة رقيقة ارق الرحمة يقال له رأفة ورآفة واما المعنى في حق الله تبارك وتعالى وفيما يتعلق بالحنان قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله جل جلاله وحنانا من لدنا يقول ورحمة من عندنا وهكذا جاء عن جماعة كقتادة وقال الامام اللغوي الازهري معنى الحنان الرحيم من الحنان وهو الرحمة ويقول ابن جرير في قوله تبارك وتعالى وحنانا من لدنا قال ورحمة منا ومحبة له اتيناه الحكم صبيا. اي ان الحنان صادر من الله تبارك وتعالى على هذا المعنى وبه قال كثير من المفسرين يقول ابو جعفر رحمه الله وقد اختلف اهل التأويل في معنى الحنان ثم ذكر جملة من المعاني يقول قال بعضهم معناها الرحمة وعزاه الى جماعة كابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة وقال اخرون معنى ذلك وتعطفا من عندنا عليه فعلنا ذلك. وهذا يرجع الى معنى الرحمة ايضا وعزا ذلك الى مجاهد وذكر اقوالا اخرى ثم قال واصل ذلك يعني الحنان من قول القائل حن فلان الى كذا وذلك اذا ارتاح اليه واشتاق ثم يقال تحنن فلان على فلان اذا وصف بالتعطف عليه والرقة به والرحمة له كما قال الشاعر وهو يخاطب عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول تحنن علي هداك المليك فان لكل مقام مقالة. بمعنى تعطف علي وهكذا الفراء ايضا فسر الحنان بالرحمة وبه قال ابن قتيبة والبغوي وجاء عن هشام ابن عروة عن ابيه انه كان يقول في تلبيته لبيك ربنا وحنانيك وعلى كل حال هذه الاية وحنانا من لدنا على هذا المعنى يكون ذلك من الوصف العائد الى الله تبارك وتعالى. الحنان الصادر من الله عز وجل بعض اهل العلم كابن كثير فسر قوله تبارك وتعالى وحنانا من لدنا قال اي واتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا. يعني اتيناه انانا وزكاة اي جعلناه ذا حنان يكون الحنان هنا يعود الى من يعود الى يحيى وحنانا من لدنا بمعنى ان الله عز وجل جعله ذا حنان وزكاة فيكون هذا ليس من صفة الله عز وجل وانما من صفة يحيى هذا الذي اختاره الحافظ ابن كثير رحمه الله وعلى هذا المعنى على هذا التفسير لا تكون هذه الاية من ايات الصفات ومعلوم ان الاية قد يختلف فيها اهل العلم فمنهم من يفسر ذلك بتفسير يرجع الى الله عز وجل ومنهم من يفسرها بتفسير اخر فلا تكون من ايات الصفات وهذا له امثلة ونظائر في كتاب الله تبارك وتعالى الحاصل ان من اهل العلم من فسره بالرحمة من الله جل جلاله. وذكرت كلام طائفة ومن هؤلاء ايضا الخطابي فسر اسم الله الحنان يقول معناه ذو الرحمة والحنان هو الرحمة وهكذا قال ايضا الحليمي بانه الواسع الرحمة وهكذا قال ائمة كبار من اهل اللغة كابن الاعرابي رحمه الله قال الحنان من صفات الله الرحيم وكذلك ابن الاثير فسرها بانه الرحيم بعباده وان ذلك على سبيل او ان هذه الصيغة تدل على المبالغة حنان على وزن فعال واما الرؤوف فالرأفة كما قلنا هي اشد الرحمة والله تبارك وتعالى من اسمائه الرؤوف فبعضهم يقول الرأفة هي الرحمة وبعضهم يقول الرأفة هي المنزلة الثانية بعد الرحمة الرحمة اولا ثم بعد ذلك اذا زادت او اشتدت هذه الرحمة وقويت صار ذلك من قبيل الرأفة والرآفة فالله تبارك وتعالى رؤوف رحيم فجمع بين هذين. واما الفرق بين الرؤوف والرحيم فانه بالاضافة الى ما سبق من ان الرأفة هي رحمة خاصة فقد قال فبعض اهل العلم بان الرحمة من الفروقات ان الرحمة تكون في الكراهة للمصلحة واما الرأفة فلا تكاد توجد في الكراهة وانما تكون في الملاذ والامور المحبوبة. ما معنى هذا الكلام الرحمة قد تكون في امر يثقل على الانسان كفقد حبيب بنزول مصيبة بخسارة في مال هذه امور يكرهها لكنها قد تكون رحمة ساقها الله اليه لينتشله من امر هو واقع فيه او ليرفعه الى درجات عالية في الجنة لا يصل اليها كما دل عليها الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصل اليها بعمله وانما يصل اليها بمصيبة يسوقها الله عز وجل له. الرأفة يقولون لا تكونوا في هذا وانما تكون بالمحاب يسوق اليه ربه تبارك وتعالى الامور المحبوبة الطيبة التي تميل اليها نفسه ويصغي اليها قلبه ولهذا يقول القرطبي رحمه الله بان الرأفة نعمة ملذة من جميع الوجوه شيء مستلذ واما الرحمة فقد تكون مؤلمة في الحال ويكون عقباها لذة ولذا قال الله تعالى ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله. يعني من يقام عليه الحد الزانية والزاني ولم يقل رحمة فضرب العصاة وايلامهم واقامة الحد عليهم هذا من رحمة الله عز وجل بهم وبالناس وبذلك يحصل لهم التطهير ويحصل ايضا للمجتمع التباعد عن هذه المقارفات المدنسة و لهذا يقال لمن اصابه بلاء في الدنيا وفي ظنه خير في الاخرى ان الله قد رحمه بهذا البلاء وتقول لمن اصابه عافية في الدنيا وفي ضمنها خير في الاخرى واتصلت له العافية اولا واخرا وظاهرا وباطنا ان الله قد رأف به هذا فرق ظاهر الفرق الاول ان الرحمة اعم والرأفة هي رحمة خاصة رقيقة الفرق الثاني فيما ذكره بعضهم ان الرأفة تكون في الامور السارة التي يميل اليها الانسان ويحبها واما الرحمة فقد تكون في امر مر كالدواء يشربه الانسان ويتجرعه ولكنه في عاقبته باذن الله البرء والشفاء واما ثالثا ففي ذكر ما ورد من نصوص الكتاب والسنة من ذكر هذين الاسمين الكريمين. اما الحنان فلم يرد على سبيل التسمية في القرآن. وانما ورد ذلك على سبيل الوصف على احد القولين كما سبق ولهذا لو قال قائل هل تقطعون بان الحنان قد ورد في القرآن وصفا لله تبارك وتعالى الحنان نقول هذا على احد القولين ولو بقينا مع هذا فقط فهذا يحتاج الى ترجيح ثم بعد ذلك يبنى عليه هل تكون هذه صفة لله او لا؟ لكن ورد في ذلك احاديث في وكان يعجبه ان تكون قبلته قبل البيت الى ان قال وكان الذي مات على القبلة قبل ان تحول قبل البيت رجال قتلوا. لم ندري ما نقول فيهم فانزل الله وما كان تسمية الله عز وجل بالحنان. كما في حديث انس رضي الله عنه وقد ذكرته في بعض المناسبات السابقة في الكلام على اسم الله الاعظم يقول كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي فقال اللهم اني اسألك بان لك الحمد لا اله الا انت الحنان المنان بديع السماوات والارض يا ذا الجلال والاكرام يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعا الله باسمه الاعظم الذي اذا دعي اجاب واذا سئل به اعطى وهو حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث الاخر هو حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم يوضع الصراط بين ظهران جهنم عليه حسد كحسك السعدان الى ان قال ثم يشفع الانبياء في كل من كان يشهد ان لا اله الا الله مخلصا فيخرجونهم من النار قال ثم يتحنن الله برحمته على من فيها فما يترك فيها عبدا في قلبه مثقال حبة من ايمان الا اخرجه منها. هذا الحديث لا يدل على الاسمية ولكنه يدل على على الصفة يدل على الصفة وهذا مخرج في مسند الامام احمد اه اخرجه جماعة اخرون واما الرؤوف فقد جاء في كتاب الله عز وجل بعشرة مواضع واذا اضفت اليها ما جاء في وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم فهو الحادي عشر. ولكنه لا تعلق له فيما نحن فيه من تسمية الله عز وجل بالرؤوف ففي عشرة مواضع ورد بلفظ رؤوف رؤوف بالعباد في موضعين كقوله تعالى ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد وجاء مقرونا بالرحيم رؤوف رحيم بثلاثة مواضع ثم تاب عليهم انه بهم رؤوف رحيم وجاء في خمسة مواضع مؤكدا باللام كقوله وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم وعلى كل حال اقترانه بالرحيم باي صيغة من هذه الصيغ جاء في ثمانية مواضع وهذا يدل على انه يوجد فرق بين الرؤوف والرحيم اما رابعا ففي الكلام على ما تدل عليه هذه الاسماء او ما يدل عليه هذان الاسمان الكريمان كالعادة نقول الرؤوف يدل بالمطابقة على الذات والصفة ويدل على احدهما بدلالة التضمن ويدل باللزوم الرؤوف لابد ان يكون حيا والعلم والمحبة والرحمة والحكمة وغير ذلك من اوصاف الكمال وقل مثل ذلك في الحنان فهو يدل بالمطابقة على الذات والصفة كما يدل ايضا بدلالة التضمن على احدهما ويدل باللزوم على ما ذكرنا من الحياة والقيومية والمحبة والحكمة والعلم وما اشبه ذلك خامسا في ذكر بعض الاثار والمظاهر لرحمة الله تبارك وتعالى ورأفته وقد ذكرت طائفة من هذا في الكلام على الرحمن الرحيم وكما قلت لكم بان هذه الاسماء الاربعة مترابطة وانها ترجع الى معنى واحد وكان حقها ان يكون الحديث عنها متصلا متحدا ولكن يضيق الوقت عن هذا فالواقع ان هذا الحديث هذه الليلة هو امتداد للحديث عن الليلة الماضية ولذلك هذه الاثار كل ما اذكره من هذه الاثار يمكن ان يعتبر ويكمل به ما ذكرته هناك. في الكلام على الرحمن الرحيم. وما ذكرته هناك من الاثار يصح ان يورد هنا. وقد اكرر بعض الاشياء هنا تفكيرا بها فاول هذه الاثار من اثار رأفته تبارك وتعالى بنا ورحمته انه لا يضيع لعباده طاعة اطاعوه بها. فالله لا يضيع عمل عامل منا بل هو الشكور الذي يجازي على الحسنات بل ويضاعف الجزاء. والله يقول وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم وهذه نزلت في القصة المعروفة في تحويل القبلة من بيت المقدس الى المسجد الحرام فاليهود شغبوا عند اذ وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها وشبهوا على الناس ولبسوا عليهم وقالوا ان كانت القبلة حق فالقبلة الثانية خطأ وان كانت القبلة الاولى خطأ والقبلة الثانية هي الصواب فمعنى ذلك ان صلاتهم كانت باطلة غير معتبرة فالله عز وجل رد عليهم ولله المشرق والمغرب وقال ايضا ولله المشرق والمغرب. فالله تبارك وتعالى له كل الجهات حيثما ولى المصلي وجهه فانه يكون ذلك بامر الله تبارك وتعالى ولهذا نفى ان يكون البر في ان يولوا وجوههم قبل المشرق والمغرب انا الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم. الثاني من هذه الاثار من اثار رحمته تبارك وتعالى ان حذرنا نفسه وخوفنا من عقوبته وعذابه ونهانا عن معصيته قبل ان نلقاه في القيامة ثم عندئذ لا ينفع الندم وانما ذكرنا بما ذكرنا به من اجل ان نستعد وان نتهيأ للقائه جل جلاله يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو ان بينها وبينه امدا عيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد. ومن اجل هذا ارسل الرسل وانزل الكتب وبين الشرائع لينقذ الناس من ظلمات الشرك والجهالة الى نور التوحيد والهداية. هو الذي ينزل على عبده ايات بينات ليخرجكم من الظلمات الى النور وان الله بكم لرؤوف رحيم الثالث من هذه الاثار انه تبارك وتعالى يقبل توبة التائبين. ولا يرد عن بابه العاصين المنيبين مهما كثرت ذنوبهم وتعاظمت سيئاتهم وجرائمهم ثم تاب عليهم انه بهم رؤوف رحيم وفي صحيح مسلم من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه هو الحديث الطويل المعروف في توبة الله على الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك قال ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا فبين انا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي هي الارض بما رحبت سمعت صوت صارخ اوفى على سلع يقول باعلى صوته يا كعب ابن مالك ابشر قال فخررت اذا وعرفت ان قد جاء فرج قال فاذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر. الى ان قال فانزل الله عز وجل لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق من ثم تاب عليهم انه بهم رؤوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى اذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم وظنوا ان لا ملجأ من الله الا اليه ثم تاب عليهم ليتوبوا ان الله هو التواب الرحيم. رابعا انه سخر لنا ما في السماوات وما في الارض وهيأ ذلك لمصلحة الانسان ومنافعه. وخلق لنا هذه الانعام من اجل ان نركبها وتحملنا وتحمل اثقالنا الى المسافات الشاسعة كما قال الله تعالى وتحمل اثقالكم الى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس. ان ربكم لرؤوف رحيم. وهكذا الوان المراكب حديثة من المراكب البرية والجوية والبحرية وكل ذلك من اثار رأفته ورحمته بعباده والله يقول والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة. ويخلق ما لا تعلمون. وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر. ولو شاء لهداكم اجمعين هو الذي انزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب من كل الثمرات ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره. ان في ذلك لايات لقوم يعقلون. وما ذرأ لكم في الارض مختلفا الوانه. ان في ذلك لاية لقوم يذكرون. وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. والقى في الارض رواسي ان تميد بكم وانهارا وسبلا لعلكم تهتدون. وعلامات وبالنجم هم يهتدون. افمن يخلق كمن لا يخلق افلا تذكرون وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها ان الله لغفور رحيم. كل هذا من رحمته جل جلاله الخامس من اثار هذه الرحمة والرأفة ما جبل الله تعالى عليه نبيه وصفيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة كما وصفه ربه جل جلاله لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليهما عن تم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. عزيز عليهما عنتم ان يشق عليه الامر. الذي يشق عليكم حريص عليكم يحب لكم الخير ويسعى جهده في ايصاله اليكم ويحرص على هدايتكم الى الايمان ويكره لكم الشر ويسعى جهده في تنفيركم عنه بالمؤمنين رؤوف رحيم اي شديد الرأفة والرحمة بهم ارحم بهم من والديهم. ولهذا كان حقه مقدما على سائر حقوق الخلق صلى الله عليه وسلم كان صلى الله عليه وسلم يدخل في الصلاة وهو يريد ان يطول فيها فيسمع بكاء الصبي فيتجوز في صلاته كراهية ان يشق على امه السادس من اثارها ان جعل هذه الشريعة شريعة رحمة الناس الذين يقولون كل شيء حرام كل شيء حرام كل شيء حرام هؤلاء ما عرفوا حقيقة هذه الشريعة ولكن لما ركبت هذه الشريعة تركيبا كما قال الشاطبي رحمه الله مخالفا لداعية الهوى في النفوس ضجرة النفوس التي حملت على مراكب الهوى وذلك لشدة علوقه بها. فحصل لهم مثل هذا الاستثقال التبرم والا فهذه الشريعة قد بنيت على الرحمة والارفاق بالمكلفين وتحقيق المصالح لهم وليست مكانا ولا عقوبة الزواجر التي وجدت في هذه الشريعة انما وجدت من اجل ضبط الناس ومن اجل استقامتهم على صراط الله المستقيم فان من النفوس من لا يحمله على الاستقامة الا صوت العقوبة فاذا كان صوتها حاضرا فعندئذ يصح سيره على الصراط ويستقيم وهذا امر لا بد منه في تأديب الصغار والكبار كما هو معلوم لا يحتاج الى اثبات وعلى كل حال ولهذا شرع الله عز وجل فيها من الحدود والزواجر والعقوبات ما تعلمون. ومن رأفته تبارك وتعالى بنا انه لا يحملنا ما لا نطيق. وما جعل علينا في الدين من حرج امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون. كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله. وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير لا يكلف الله نفسا الا وسعها. لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت الى اخر ما ذكر الله تبارك وتعالى مما يدل على هذا المعنى ويقرره. وجعل هذه الشريعة على مراحل حينما شرعها فنقل المكلفين من طور الى طور حتى ارتاظت نفوسهم وتهيأت للقبول عن الله عز وجل التشريعات التي قد تعلقت نفوس المكلفين ببعض الامور التي حرمها عليهم اخرا فكان ذلك في اخر ما شرعه الله عز وجل. وهكذا التشريعات الثقال في مأموراته جل جلاله كانت اخرا ولم تكن اولا. والسابع من اثار هذه الاسماء الكريمة ان الله تبارك وتعالى قد وسع كل شيء رحمة وعلما. فوسعت رحمته كل شيء واحاط بكل شيء علما فهو ارحم بعباده من الوالدة بولدها بل هو ارحم بالعبد من نفسه. وسعة رحمته كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله تتضمن انه لا يهلك عليه احد من المؤمنين من اهل توحيده ومحبته فانه تبارك وتعالى واسع الرحمة فلا يخرج عن رحمته الخاصة الا الاشقياء ولا اشقى ممن لم تسعه رحمته التي وسعت كل شيء فالعبد يشهد عند هذه الاسماء ربا محسنا الى خلقه كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله بانواع الاحسان متحببا اليهم بصنوف النعم. وسع كل شيء رحمة وعلما. واوسع كل مخلوق نعمة وفضلا فوسعت رحمته كل شيء ووسعت نعمته كل حي. فبلغت رحمته حيث بلغ علمه. فاستوى على عرشه برحمته وخلق فخلقه برحمته وانزل كتبه برحمته وارسل رسله برحمته وشرع شرائعه برحمته وخلق الجنة برحمته والنار ايضا برحمته فانها صوته الذي يسوق به عباده المؤمنين الى جنته. ويطهر به ادران الموحدين من اهل وسجنه الذي يسجن فيه اعداءه من خليقته. فتأمل ما في امره ونهيه ووصاياه ومواعظه من الرحمة بالغة والنعمة السابغة وما في حشوها من الرحمة والنعمة فالرحمة هي السبب المتصل منه بعبادة كما ان العبودية هي المتصل منهم به فمنهم اليه العبودية ومنه اليهم الرحمة. وهكذا في كل ما يشهد العبد المؤمن اذا وقف يصلي فيشهد رحمة الله عز وجل عليه ان وفقه وهداه. ويسر له ذلك واعانه عليه فصار من المصلين الثامن من اثار هذه الرحمة ان الله يسوق لعباده الوان البلاء رأفة ورقة وتحننا عليه وتحميه وتدافع عنه واذا اعتل او جرح او اصيب او ضرب تصرخ تصيح وتتألم وانظر ايضا الى غيرها من المخلوقات الارانب اذا ولدت نتفت شعر بطنها ليرفعهم ويضع عنهم الذنوب والخطايا والسيئات وهذا لمصلحتهم وبهذا ايضا يردهم اليه ردا جميلا فان العبد قد يغفل وينسى ويطغى فاذا اصابه البلاء عاد الى الله وتضرع اليه رفع يديه وبدا يناجيه ويتقرب اليه. فكم من انسان انما اهتدى بسبب بلاء ساقه الله عز وجل اليه. فالنفوس يحصل لها الوان الشرود والغفلة والاعراض عن الله عز وجل فلا بد من ان تساق الى الله ثانية وتذكر بعفوه وعافيته. وتذكر ايضا باخذه ونقمته فاذا جاءه الشدة والبلاء في الدنيا فانه يتذكر ضعفه وعجزه اذا دخل المستشفى ونظر من الزجاجة الى الناس وهم يمشون في الطرقات ويتنقلون ويذهبون ويجيئون وهو حبيس على هذا السرير فانه يعرف قيمة العافية والنعم التي كان يتقلب فيها الى غير ذلك. التاسع من اثارها انه تبارك وتعالى عرفنا نفسه فذكر اسماءه وصفاته ودلنا على ما يحبه وما يقرب اليه وذكرنا بما يبغضه وما يسخطه الى غير ذلك مما شرحه الله عز وجل في كتابه وبينه نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته. هذه تسعة من اثار هذه الرحمة وهي نماذج. اما الاستقصاء فان ذلك لا يمكن. كل ما نشاهده فهو من اثار رحمة الله عز وجل بنا. واليكم بعض النماذج في هذا الخلق مما نراه ونشاهده في المخلوقات الجوع هذا رحمة من الله عز وجل. لو كان الانسان لا يشعر بالجوع فكيف يقبل على الطعام؟ يمكن ان يموت لحاجة بدنه الى الطعام وهو لم يشعر ولكنه اذا احتاج بدنه الطعام وجد مس الجوع في جوفه تتطلب الطعام وهكذا اذا وجد العطش فانه يشرب فيستوفي بذلك حاجة البدن وقل مثل ذلك في الصبي الصغير الذي لا يتكلم ولا يبين عن مطلوباته ومراداته فهذا الصبي اذا جاع لربما غفلت عن امه ولربما مات ولكنه اذا جاع فانه يبكي فتذكر امه جوعه وعندئذ ترضعه والا لربما ضاع هذا الصغير قل مثل ذلك في الاحساس بالالم لو كان الانسان ليس عنده احساس بالالم فقد يمشي على النار المحرقة تحترق يده تحترق رجله وقد يحترق بدنه وهو وهو لا يشعر فالانسان اذا احس بالالم فان بدنه ينقبض وينكمش مباشرة من مصدر الالم ويبتعد عنه والا لو كان لا يحس الان لو خدرت اليد لو قطعت فالانسان هل يشعر بها لا يشعر بها ولذلك تخلع اضراسه اذا خدر ولا يشعر لو انه لمس بطرف ابرة فانه ينزعج غاية الانزعاج وينفر وينقبض فهذه الالام التي نشعر بها ايها الاحبة هي تدلنا على العلة ومن ثم يبتعد الانسان عن مصدر الالم او يبحث عن الدواء اذا كان ذلك ناتجا من مرض ولو كان الانسان لا يشعر بالامراض وبالالام فلربما يهلكه المرض ويموت وهو لم يشعر تصور ان الانسان لا يجد الالم اصلا فكيف يبحث عن الدواء والعلاج فهذا من رحمة الله ولطفه هكذا النسيان ايضا هو من رحمة الله بنا. لو كان الانسان يتذكر المصيبة كما هي حينما وقعت به حارة كيف يهنأ بالعيش ولكن الله عز وجل جعله ينسى فيطوي تلك الصفحات المؤلمة ويستأنف حياته من جديد ويقبل على ما ينفعه. ولذلك اولئك الذين يجددون الالام باعادة شريط الذكريات هؤلاء يجنون على انفسهم ولو فكروا وتعقلوا لعرفوا انهم مخطئون وهكذا ايضا من اثار هذه الرحمة ان الله اخفى عنا موعد الاجل. لو كل انسان يعرف متى يموت كيف يستطيع عمارة الدنيا والعمل والتقلب وكيف يضحك؟ وكيف يأنس لو كان يعرف التاريخ والوقت واللحظة التي سيموت فيها وكلما اقترب ذلك كلما ازدادت الكآبة والانسان منذ ان يولد هو سائر بلا توقف الى اجله فدنوه من الاجل يزيده بؤسا وحزنا وكآبة. والله اخفى عنا ذلك. فالانسان ينطلق ويعمل ويشمر وقد تكون وفاته بعد لحظات وهكذا ايضا الله تبارك وتعالى خلق الجنة وجعلها دارا ومحلا ومصيرا ومآلا لاهل كرامته فهذا من رحمته جل جلاله واما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون. وكما ذكرنا من قبل بان هذه الرحمة المقصود بها الرحمة المخلوقة ولهذا كما ذكرت ان في مثل هذا يصح ان يقال جمعنا الله واياك في مستقر رحمته. واما اذا اردت الصفة فلا تقل هذا والله عز وجل قد اعد في هذه الجنة من الوان الطيبات والنعيم. وهذا كثير مما اخبر الله عز وجل عنه في القرآن من نعيم الابدان والارواح كذلك ايضا من هذه الاثار لرحمة الله عز وجل. لو نظرت الى الحيوانات مثلا القردة اما ترون الام تحمل صغيرها على متنها ثم تجري به ولا تتركه يسير وحده من اجل ان تضعه وطاء ومهادا وفراشا لصغارها بل ان بعض الحيوانات تنتف شعرها كله من اجل ان يكون مهادا لهذه الصغار ولا تبقي شيئا منه وهكذا ايضا منها ما يموت بسبب ذلك فبعض ما يبيض من هذه الدواب اذا باضت لفت بيضها في شعرها فجعلته اثوابا تصنعها لوقايتها من الحر والبرد والعوارض الجوية تقي هذا البيض ثم هي تموت متأثرة بالحرارة او البرودة وهكذا انظروا الى القنفذ يصعد الى شجرة العنب ثم يقطع عنقود العنب ثم ينزل له فيأكل منه حاجته ثم يتمرغ عليه حتى ينشب في شوكه فيحمله ويذهب الى صغاره هذا كله من هذه من اثار هذه الرحمة الطيور الام تحتضن البيض لانه يحتاج الى الحرارة والدفء حتى يفقس ولا تتركه الا اذا اشتد بها الجوع ثم ترجع اليه وتقوم بعد ذلك بتغذية الصغار فتأكل وينهضم هذا الاكل في الحواصل وحواصل هذه الطير تفرز سائلا خاصا يسمى بالعصير الحويصلي ثم بعد ذلك تجعله في اجواء في هذه الصغار تغذيهم به شيئا فشيئا حتى يتم اكتمال جهاز هذه الصغار الجهاز الهضمي وهي في البداية لا تحتمل هذا تحتاج الى غذاء مهضوم فتقوم الام بالهضم نيابة عن هذه الصغار ثم تزقه باجوافها وهكذا ايضا الزنانير. تقوم الانثى في البداية بوضع البيض الذي يفقس عن يرقات ثم تعطي الام هذا البيض كل اهتمامها فتحظر لهؤلاء الصغار اذا خرجوا موادا سكرية تجمعها من الازهار او تغذيها بحشرات حين تصطادها ثم تقطعها وتقدمها بعد ذلك لهؤلاء الصغار وهكذا بعض انواع الحشرات بعض انواع الذباب يحفر لبيضه جحرا في الارض ويضع البيض فيه ثم يذهب الى عنكبوت او دودة يمج فيها جزءا من السم فتسكن حركتها تتخدر ثم يحملها الى جحره ويلقيها عند البيض ويسد عليها فاذا خرجت الاولاد من البيض وجدت هذه الحشرة بجانبها وهي حية لكنها مخدرة فتتغذى بها وسبب ذلك ان هذه الصغار التي خرجت من بيضها لا تأكل الا شيئا حيا ما تأكل شيئا ميتا فتبقى هذه الحشرة مخدرة حتى تفقس هذه من البيض فتجد طعامها الذي تتغذى عليه فهذا كله من اثار رحمة الله جل جلاله سادسا في الكلام على ثمرات الايمان بهذه الاسماء الكريمة الاربعة. لان هذه الثمرات لم اذكرها المجلس الماظي في الكلام على الرحمن الرحيم فاول ذلك ومحبة الله عز وجل. العبد حينما يفكر وينظر في اثار رحمة الله عز وجل على الانسان في نفسه وعلى من حوله فان ذلك يثمر له تجريد المحبة ويدفعه الى تحقيق العبودية الصادقة لربه ومليكه وخالقه جل جلاله حينما يعرف الانسان من اوصاف المخلوقين ان فلانا من الناس يحمل شفقة عظيمة ورحمة وتحننا على الناس يمسح الامهم ويرحمهم ويشفق عليهم فان الناس يحبونه ولابد فكيف برحمة الله عز وجل هذه العظيمة؟ هذه الرحمة العظيمة التي يرحم عباده بها في الدنيا والاخرة فهذا لا شك انه يبعث العبد على محبة المعبود جل جلاله واما الثاني من هذه الثمرات فهو عبودية الرجاء العبد اذا علم ان ربه رحيم فانه لا يقنط من رحمة الله عز وجل ولا ييأس مهما تعاظمت ذنوبه فما عليه الا ان يقبل على الله ويتوب اليه فرحمته وسعت كل شيء. والله جل جلاله يغفر الذنوب جميع والله يقول قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم. وهكذا اذا حلت به المصائب ونزلت به النوازل فان الدنيا لا تظلم في عينه فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا. امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء والله تبارك وتعالى امالنا به عظيمة. فهو الذي يكشف السوء ويصفح ويعفو ويغفر و تعجز الالسن عن التعبير عن قدر رحمته جل جلاله لعباده والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ان لله مئة رحمة انزل لعباده رحمة بها يتراحمون فاذا كانت هذه الرحمة التي بين العباد ومنها رحمة الوالدة لولدها فكيف برحمة الله جل جلاله هكذا ايضا الامر الثالث من هذه الثمرات هو ان يتحلى العبد ويتصف ويروض نفسه على الرحمة بالخلق يرحم عباد الله فان هذه صفة كريمة طيبة يكمل بها الانسان ويرتقي ويرتفع والله تبارك وتعالى يقول عن نبيه صلى الله عليه وسلم لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ومن اسمائه صلى الله عليه وسلم انه نبي الرحمة والله وصف اصحابه رضي الله عنهم بقوله رحماء بينهم والنبي صلى الله عليه وسلم قال في ابي بكر رضي الله تعالى عنه ارحم امتي بامتي ابو بكر وبين النبي صلى الله عليه وسلم ان الرحمة تنال عباد الله الرحماء انما يرحم الله من عباده الرحماء. فمن الرحمة بالناس ايها الاحبة دعوتهم الى الايمان والتوحيد ان ندعوهم الى الله جل جلاله لنخرجهم من الظلمات الى النور واولى الناس بذلك هم الاقربون كما قال الله عز وجل وانذر عشيرتك الاقربين وهكذا يقضي الانسان حوائجهم ويدفع الظلم عنهم ويخفف من مصائبهم والامهم الله تبارك وتعالى يقول في حق الوالدين بعد ان ذكر حقهما بعد حقه قال واخفض لهما جناح الذل من الرحمة. بمعنى واخفض لهما جناحك الذليل الخفض الناتج عن الرحمة لا الخوف ولا الرياء ولا التصنع ولا غير ذلك وهكذا رحمة الاولاد والزوجات فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول للاقرع ابن حابس لما قال الاقرع ان لي عشرة من الولد ما قبلت منهم احدا قط قال النبي صلى الله عليه وسلم اوأملك ان نزع الله الرحمة من قلبك؟ وفي حديث عائشة رضي الله عنها جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فاطعمها ثلاثة تمرات فاعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت الى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد ان تأكلها بينهما فاعجبني شأنها. فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ان الله قد اوجب لها بها او اعتقها بها من النار. مع ان هذه الرحمة جبلت عليها هذه الام اقول هكذا ايضا يكون العباد مع بعضهم يرحم بعضهم بعضا. فيتحنن الاخ على اخيه ويعطف عليه ويصفح عن زلته ويقيل عثرته ويكون كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم اهل الايمان مثل في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى فلا يفرح بسقطته وزلته او خسارته او اخفاقه في امر من اموره وانما يحزن لحزنه ويتألم لالمه ولا به ولا يتسبب في اذيته باي لون من الالوان وباي شكل من الاشكال التي يوصل اليه الاذى بها والمؤمن يكون رقيق القلب لاخوانه فالحنان بالنسبة للمخلوقين هو رقة بالقلوب وميل مفرط في الجبلة والطبع كما قال القرطبي رحمه الله لشوق مزعج وطوق مفرط طرقة القلب تحمله على التعطف والرحمة والرأفة والشفقة وبذلك تحصل الالفة والناس لربما يحملون بعض الاوصاف على شيء من الانتقاص على سبيل الاطلاق كالتعطف مثلا قال فلان عاطفي على سبيل التخطئة التنقص وهذا غير صحيح فان ذلك مطلوب وهو من صفات الكمال فهي رقة وشفقة ورحمة يجعلها الله عز وجل في قلوب العباد. ولكن هذا كما قال ابن القيم رحمه الله فعليك بالتفصيل والتبيين فالاطلاق والاجمال دون قد افسد هذا الوجود وخبط الاراء والاذهان كل اواني هذه اشياء يفصل بها فهذه العاطفة حينما تكون الة للتفكير فيقدمها على داعي النقل وداعي العقل فان ذلك يكون مذموما في هذه الحالة فقط ولهذا قال الله عز وجل في اقامة الحد على الزناة قال ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله. ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر. فاذا جاء الانسان العاطفي وقال حرام مساكين يكفيه ما جاءه هذا ما يحتمل هذا ضعيف هذه امرأة ضعيفة هذا كذا فهذا هو الخطأ فهنا يقدم داعي النقل او داعي الشرع وذلك بتقديم الدليل النقلي والدليل العقلي مثلا في هذه الحال يكون اللجوء الى العاطفة وتحكيم العاطفة يكون مذموما. اما ما عدا ذلك ان فلان يرق لفلان ويرحم فلان ولا يحتمل يسمع يعني مصاب فلان ويسارع في يقال فلان عاطفي. هذا هذا كلام غير صحيح. هو نعم عاطفي لكن هذا كمال فيه خير من غلاظ الاكباد الاجلاف ممن لا يرحمون الخلق وقد قطعت قلوبهم من الحجر. فنفرق بين هذا وهذا الله عز وجل يقول في حق نبيه صلى الله عليه وسلم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. فلابد الانسان يتأثر بما يسمع من اخيه. اذا كان يسمع منه امورا مؤلمة. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول اتاكم اهل اليمن هم اضعف قلوبا وارق افئدة. وفي رواية الين قلوبا بدل اضعف فمدحهم بهذا وقال في الفدادين القسوة وغلظ القلوب في الفدادين. نسأل الله العافية. بل جعل رقة القلب علامة لاهل الجنة النبي صلى الله عليه وسلم يقول اهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط متصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم وعفيف متعفف ذو عيال وهناك رحمة تغيب عن الكثيرين وهي رحمة العصاة ورحمة المذنبين ورحمة المنحرفين عن الصراط المستقيم. نحن ندعو اللهم ابرم لهذه الامة امر رشد يعز فيه اهل طاعتك ويذل فيه اهل معصيتك. طب نحن اهل معصية. هو في احد ما يعصي؟ ندعو على انفسنا. لكن قل يعز فيه اهل طاعتك ويهدى فيه اهل معصيتك يذل اهل معصيته مرة واحدة هكذا من اللي ما يعصي؟ والدعاء على المخالف جاهز دعاء علا مهو بالدعاء له ننسى كثيرا حينما تحتدم النفوس والا فالانسان يرحم حتى العصاة اذا نظر اليهم بعين القدر هناك نظرا نظر بعين الشرع فهنا يقيم حكم الله فيهم من الحدود والزواجر والتعزيرات والهجر اذا كان الهجر يجدي وما اشبه ذلك الولاء والبراء. وهناك نظر اخر وهو النظر اليهم بعين القدر فيرحم كما قال شيخ الاسلام رحمه الله يقول ومن وجه اخر اتكلم عن اهل البدع اذا نظرت اليهم بعين القدر والحيرة مستولية عليهم والشيطان مستحوذ عليهم رحمتهم ورفقت بهم اوتوا ذكاء وما اوتوا ذكاء واعطوا فهوما وما اعطوا علوما واعطوا سمعا وابصارا وافئدة فما اغنى عنهم سمعهم ولا ابصارهم ولا افئدتهم من شيء اذ كانوا يجحدون بايات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون هذا كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ويقول بعض اهل العلم بان ابا الدرداء رضي الله عنه مر على رجل قد اصاب ذنبا فكانوا يسبونه فقال ارأيتم لو وجدتموه في قليب؟ الم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا بلى. قال فلا تسبوا اخاكم واحمدوا الله الذي قالوا افلا نبغضه؟ قال انما ابغض عمله فاذا تركه فهو اخي. وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله في النونية وانظر بعين الحكم وارحمهم بها يعني عين القدر. اذ لا ترد مشيئة الديان. وانظر بعين الامر يعني عين الشرع واحملهم على احكامه فهما اذا نظران. واجعل لقلبك مقلتين. اجعل له عينين. اجعل لقلبك مقلتين كلاهما من خشية الرحمن باكيتان. لو شاء ربك كنت ايضا مثلهم فالقلب بين اصابع الرحمن. فالانسان اذا نظر الى هؤلاء الذين انحرفوا عن الصراط المستقيم بعين القدر حتى لو كانوا من الكفار فانه يرحمهم. واذا نظر اليهم بعين الشرع فانه لا يتولاهم ويبرأ الى الله اهي منهم ومن كفرهم ويجاهدهم ويقيم حكم الله تبارك وتعالى فيهم وهكذا في عصاة المسلمين تقام عليهم الحدود والتعزيرات اذا نظرنا اليهم بعين او بحكم الشرع. فهذه امور يحتاج الانسان ان يتمثلها عمليا. لكن نحن في الغالب يكون الواحد منا سيفا مصلتا على كل من خالفه ولو بالاجتهاد قضية اجتهادية هذا طالب علم افتى في مسألة لربما لا تروق لي او قال قولا خالفني فيه او نحو ذلك عندئذ يكون عرضه كلأ مباحا ولربما نتمنى موته وندعو عليه وان الله يريح منه البلاد والعباد على اجتهاد احيانا او اجتهاديا او ثلاثة فهذا ما يسوغ وينبغي للعاقل ان يجلس ويفكر وينظر بعمله وفي نظراته وفي افكاره وفي ما يتعامل به مع اخوانه ولا يفكر بالعقل الجمعي وعندئذ يبقى وسابرا فان الغفلة توجد. عند كثير من الخاصة ان صحت هذه التسمية فهي موجودة والغربة موجودة على درجات ومراتب حتى بين الخاصة ان صحت هذه التسمية. يعني قد يكون الواحد غريبا بين اخوانه من المتدينين والدعاة. وجرب هذا اذا جلست في مجالس توحد اغتاب قل له اتق الله ولا تغتاب احد. وكل ما جلست في مجلس اتق الله ولا تذكر الناس الا بخير. وانظر اذا ما كنت منبوذا بل ربما يقال عنك انك صحيح او مسكين او ما تفهم ما تفهم؟ للاسف ففيه علل وامراظ ومشكلات واخطاء وانحرافات نقع بها نحن. فنحن ذنوبنا كثيرة ولذلك ينبغي ان يكون دائما نظر الانسان الى حكم الشرع. لا الالف والعادة. الرابع من هذه الثمرات ان الانسان يتعرض الله عز وجل بفعل اسبابها وذلك بفعل محاب الله عز وجل وترك مساخطه فالله عز وجل يقول ان رحمة الله قريب من المحسنين. فمطلوبنا هو الرحمة ومطلوب ربنا تبارك وتعالى هو الاحسان. ان رحمة الله قريب من المحسنين. فالاحسان صفة والرحمة حكم فرحمته واقعة على العباد بقدر ما عندهم من الاحسان وذلك ان الحكم المعلق او المرتب على وصف يزيد بزيادته وينقص بنقصانه. فعلى قدر ما عندنا من الاحسان على قدر ما يكون القرب من رحمة الله جل جلاله فقربه تبارك وتعالى مستحق بالاحسان وهذا يدل بمفهومه على ان رحمة الله عز وجل بعيدة كل البعد عن غير المحسنين رحمته تبارك وتعالى احسان الى المخلوقين. واحسان المخلوق هو نفع متعدي اذا كان هذا الاحسان الى اخوانه انا واذا كان هذا الاحسان مع الله عز وجل في عبادته فهذه مرتبة عالية ان تعبد الله كانك تراه. والجزاء من جنس العمل فكما احسنوا باعمالهم احسن الله اليهم برحمته ومن بعد عن الاحسان بعدت عنه الرحمة بعدا ببعد وقربا بقرب كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله. فالله يحب المحسنين ويبغض من ليس من المحسنين ومن احبه الله فرحمته اقرب شيء منه ومن ابغضه فرحمته ابعد شيء منه فالانسان يحرص على الاحسان مع الله عز وجل بفعل ما امر وترك ما نهى كما انه يحرص على نفع اخوانه والاحسان اليهم والله تبارك وتعالى يقول ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة وفسرت الزكاة هنا قال بعض اهل العلم بانه من التزكية قد افلح من زكاها يعني بالايمان وطاعة الله عز وجل والذين هم باياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل. والله يقول قل واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ان الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم. فنفعل ما يحبه ربنا وما يأمرنا به فتحصل لنا الرحمة والرأفة وكذلك ايضا الاقبال على القرآن والانصات له والتدبر واذا قرأ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون اي من اجل ان ترحموا وهكذا الاستغفار لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون. وهكذا ايضا الدعاء ندعو ربنا جل جلاله ان يرحمنا ايوب عليه الصلاة والسلام قص الله خبره وقال فيما قص عنه وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين وموسى صلى الله عليه وسلم دعا لنفسه ولاخيه قال رب اغفر لي ولاخي وادخلنا في رحمتك وانت ارحم الراحمين. وقال تبارك وتعالى وقل رب اغفر وارحم وانت خير الراحمين. وهكذا الرحمة بالضعفة من اليتامى والمساكين فقراء والخدم والاحسان اليهم ففي حديث ابي هريرة رضي الله عنه كافل اليتيم له او لغيره انا وهو كهاتين في الجنة وايضا الخامس من ثمرات الايمان بهذه الاسماء الكريمة الحياء من الله عز وجل اذا تأمل العبد في احسان الله عز وجل ورحمته ورأفته به يذنب والله يعفو عنه ويمهله ويغدق عليه انواع الانعام والارزاق فهذا الانسان الذي يجول بسيارته وهو يعصي الله عز وجل فيها وقد صدرت منها الاصوات الصاخبة في المعازف ونحو ذلك هي نعمة يتقلب بها هذه المراكب والله يمهله ولو كانت العقوبة بيد احد من المخلوقين لربما انزلها به في لحظته في انا والله عز وجل يرحم ويعفو ويفيض الوان النعم. فالعبد اذا تأمل هذا استحى من الله عز وجل وتأدب معه واقلع عن الذنب وتاب واناب كان الاسود ابن يزيد النخعي يجتهد في العبادة والصوم حتى يصفر فلما احتضر بكى فقيل له ما هذا الجزع؟ قال ما لي لا اجزع؟ والله لو اوتيت بالمغفرة من الله لاهمني الحياء منه مما قد صنعت ان الرجل ليكون بينه وبين اخر الذنب الصغير. فيعفو عنه فلا يزال مستحيا منه اسأت الى انسان ثم بعد ذلك حصل اعتذار فاذا رأيته تستحي فكيف بالله تبارك وتعالى تعصيه وهو يراك اما ان لك ان تتوب؟ اما ان لك ان تستحي من الله عز وجل ان تنيب ان تقبل عليه بالطاعات السادس هو ان ندعوه تبارك وتعالى بهذه الاسماء. دعاء عبادة ودعاء مسألة. ندعوه باسمه مثلا الرؤوف والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم وهذا يدل على ان تخليص القلب من الغل انه امر شاق يحتاج الى الاستعانة بالله عز وجل بالطافه ورحمته. وفي حديث يحيى ابن ابي كثير قال كتب الي ابو عبيدة ابن عبد الله ابن مسعود يخبرني عن هدي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في الصلاة وفعله وقوله فيها. فكان مما ذكره في دعائه سبحانك لا اله غيرك اغفر في ذنبي واصلح لي عملي انك تغفر الذنوب لمن تشاء وانت الغفور الرحيم. يا غفار اغفر لي يا تواب تب علي يا رحمن ان ارحمني يا عفو اعف عني يا رؤوف ارأف بي يا ربي اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي الى اخر ما ذكرت واما دعاء للعبادة فكما قلت يمتلئ القلب بالرحمة للمؤمنين. النبي صلى الله عليه وسلم يقول الراحمون يرحمهم الرحمن يرحم من في الارض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله وكذلك ايضا اسم الله تبارك وتعالى الرحيم فيدعو بمثل ما جاء عن عبد الله بن مسعود كما في سنن ابي داوود باسناد صحيح كان في دعائه اللهم الف بين قلوبنا واصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات الى النور وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وبارك لنا في اسماعنا وابصارنا وقلوبنا وازواجنا وذرياتنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين قابليها واتمها علينا. وهكذا في الصحيح في البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لابي بكر الصديق رضي الله عنه قل اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك انت الغفور الرحيم وهكذا في دعاء الرجل الذي قال اللهم اني اسألك يا الله الاحد الصمد الى ان قال انك انت الغفور الرحيم وقد ذكرته في اول هذا المجلس. وهكذا في دعائه صلى الله عليه وسلم للميت قد ذكرته في المجلس السابق اللهم ان فلان ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وانت اهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه انك انت الغفور الرحيم. ودعاء العبادة بان يمتلئ القلب بالرحمة للمؤمنين والله عز وجل وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا. وهكذا الحديث الذي اخرجه البخاري من حديث مالك ابن الحويرث لما اتوه صلى الله عليه وسلم وهم شبابه متقاربون فعلمهم ثم بعد ذلك بقوا عنده نحوا من عشرين ليلة قال وكان رحيما رفيقا. فلما رأى شوقنا الى اهالينا قال ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا. فاذا حضرت الى اخره وهكذا في اسمه تبارك وتعالى الرحمن كذلك ايضا ندعوه به كما في حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه الا اعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل احد دينا لاداه الله عنك قل يا معاذ اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء شيء قدير. رحمن الدنيا والاخرة ورحمهما تعطيهما من تشاء وتمنع منهما ما تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك وفي المسند ايضا من حديث عبد الرحمن ابن خنبش التميمي رضي الله عنه وقد ذكرته في المرة الماضية وفيه جبريل علم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء قل اعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق الا طارقا يطرق بخير يا رب رحمن واما دعاء العبادة كذلك ايضا رحمة الخلق والحرص على ما ينفعهم والامور التي ذكرناها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ارحموا ترحموا واغفروا يغفر لكم ويل لاقماع القول وهم الذين يسمعون ولا يعملون به شبه اذانهم بالاقماع المخرومة نسأل الله العافية. يصب فيها الكلام صب الماء في الاناء ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون سابعا واخيرا من علم ان الله تعالى هو ارحم الراحمين فانه لا يرفع شكواه الى المخلوق الضعيف الذي لا يرحم وسمعتم دعاء ايوب صلى الله عليه وسلم اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين. فلا تنزل الشكاية بالمخلوق فان ذلك قمن بالا يرتفع ما حل بك وللاسف آآ هذا المشهد الذي نشاهده يتكرر في كثير من الصلوات لا سيما صلاة الجمعة بعد اه ما يصلي الناس يقوم خطباء يخطبون يشكون من يرحم الى من لا يرحم. يذكرون ما نزل بهم من العلل والاوصاب والامراض والبلايا يذكرونه للمخلوقين كانهم يشكون الله عز وجل الى هؤلاء الخلائق. فهذا امر لا يسوء وينبغي انكاره ومنع هؤلاء الناس من هذه الخطب في المساجد فان المساجد لم تبنى لهذا وانما يجلسون في اخر المسجد فيعطيهم الناس ونسأل الله عز وجل ان يغني هؤلاء وغيرهم عن كل من سواه وان يرحمنا ويغفر لنا انه هو الغفور الرحيم. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وعافي مبتلانا. واجعل اخرتنا خير من دنيانا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه