اذا من قامت به صفة يشتق له منها اسم فيقال هو كاتب هو قارئ في الناس يعني ولا يضاف ذلك الى غيره ممن لم يقم به هذا الوصف وهكذا ايضا في الامرين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فمرحبا بكم معاشر الاخوان والاخوات واسأل الله تبارك وتعالى ان يجعل هذا المجلس مباركا نافعا مقربا الى وجهه الكريم وان يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته ايها الاحبة ما زال الحديث عن القواعد التي يطلب معرفتها في باب الاسماء والصفات فالتاسعة عشرة ان الصفة متى قامت بموصوف لزمها امور اربعة امران لفظيان وامران معنويا فاللفظيان ثبوتي وسلبي والثبوت ان يشتق للموصوف منها اسم والسلب ان يمتنع الاشتقاق لغيره والمعنويان ايضا ثبوتي وسلبي فالثبوتي ان يعود حكمها الى الموصوف ويخبر بها عنه والسلبي الا يعود حكمها الى غيره. ولا يكون خبرا عنه اللفظيان ان نشتق للموصوف منها اسم والسلبي ان يمتنع الاشتقاق لغيره والمقصود بان نشتق للموصوف منها اسم هذا من حيث العموم والاطلاق فاذا قامت صفة بانسان مثل الكتابة فنقول انه كاتب وهذا اسم واذا قامت بالانسان صفة مثل الكرم نقول هو كريم واذا قام به وصف مثل السرقة نقول هو سارق فهذا الوصف يرجع اليه هو وهذه القاعدة يحتاج اليها بتقرير اعتقاد اهل السنة والرد على المعتزلة فمثلا صفة الكلام هنا يقال ان الله عز وجل متكلم على سبيل الاخبار ولكن ليس المقصود بان يشتق له منها اسم يعني اننا نسميه بما لم يسمي به نفسه وانما من حيث الاخبار وباب الاخبار كما قلنا انه يتوسع فيه ففرق بين هذا وهذا انما نقصد بالاسم هنا ما هو مغاير او ما هو قسيم للفعل والحرف فنقول الله عز وجل متكلم لكن ليس من اسمائه المتكلم لكن متكلم ليست فعل وليست بحرف هذا هو المقصود بينما المعتزلة ماذا يقولون؟ انا لا اريد ان ادخلكم في خلافات اهل البدع لكن فقط لاوضح اهمية هذا الجانب هذه القاعدة المعتزلة يقولون الله كلم موسى لكنه خلق الكلام في الشجرة اهل السنة يقولون لا اذا ثبتت الصفة اشتق له منها اسم فيقال متكلم لكن نحن نعلم ان باب الصفات اوسع من باب الاسماء فهنا نقول بان الله تبارك وتعالى متكلم وانه يتكلم. وحينما نقول متكلم لا يعني اننا تنميه باسم لم يسمي به نفسه فليس من اسمائه المتكلم. لكن من باب الاخبار عنه فهذا الذي اطلقناه في باب الاخبار هل هو اسم او فعل او حرف اسم لكن هؤلاء من اهل البدع عموما من المعتزلة يرد عليهم من يرد من اهل الكلام ومن اهل السنة ممن خالفهم. يقولون لا يمكن ان يوصف بصفة تقوم في محل منفك عنه فيقولون خلق الكلام في الشجرة هذا غير صحيح اطلاقا وانما الصفة تقوم بالموصوف وهي ملازمة له ويصح ان يخبر عنه يشتق يعني اسم له منها فيقال فلان سارق وفلان كاتب وفلان قارئ اذا قامت به صفة القراءة تخبر عنه بذلك وان كان ليس من اسماء فلان اسمه زيد ليس اه من اسمائه قارئ او كاتب اسمه زيد او عمرو فلا نسميه باسماء بمعنى ان هذه الاسماء يمكن ان تكون كاسمه الذي سماه به ابوه الله تبارك وتعالى له المثل الاعلى. سمى نفسه باسماء لا يجوز للمخلوق ان يسميه بما لم يسمي به نفسه فلا نشتاق له من عند انفسنا من اوصافه اسماء نسميه بها فنقول الله عز وجل قال مثلا بانه آآ يكتب سنكتب ما قالوا فلا نقول ان من اسمائه كاتب لكن يمكن في باب الاخبار نقول ان الله كاتب ما يقوله هؤلاء او ما يعمله هؤلاء فقولنا كاتب هذا اسم هذا معنى يشتق له منها اسم والا كما سبق لا يجوز لنا ان نشتق لله اسماء نسميه بها نقول هذه من اسمائه الحسنى وهو لم يسمي نفسه بذلك. هذا هو الفرق بين البابين. الذي اتحدث عنه هنا هو باب اوسع هو باب الاخبار عنه اما بالفعل او بالاسم فنقول الله تبارك وتعالى مثلا موجود موجود اسم نقول الله شيء الله ذات فهذه كلها اسماء لكن ليس ذلك من اسمائه الحسنى. فرق بين البابين ارجو ان يكون اتضح المعنويين ان يعود حكمها الى الموصوف ويخبر بها عنه ولا يعود حكمها الى غيره ولا يكون خبرا عنه ومثلت لهذا على كل حال بما يوضحه ان شاء الله. العشرون ان الاسماء الحسنى تنقسم باعتبار اطلاقها على الله تبارك وتعالى الى ثلاثة اقسام الاول الاسماء المفردة حينما نقول الله العزيز الرحمن المتكبر الجبار فنطلق عليه الاسم بمفرده وهذا يكون في عامة الاسماء الحسنى لله تبارك وتعالى فتقول يا الله يا عزيز يا رحمن تذكر الاسم بمفرده والقسم الثاني وهي الاسماء المقترنة وضابطها ما يطلق عليه مقترنا بغيره من الاسماء وهذا ايضا يقع في غالب الاسماء الحسنى هذا مثل الاول لكنه جاءت بعض الاسماء مقترنة مثل الرحمن والرحيم العزيز الحكيم الرؤوف الرحيم العليم الخبير اللطيف الخبير فجاءت مقترنة لو انك افردت واحدا فقلت يا لطيف الله لطيف الله خبير الله عليم فلا اشكال لكن نجد في القرآن مثلا وفي السنة في كثير من المواضع جاءت مقترنة مع غيرها وذلك كما اشرنا في بعض المناسبات يعطي كمالا او وصفا ثالثا. فاذا قلنا هو اللطيف خبير فاللطيف الذي يعلم دقائق الاشياء والخبير هو الذي يعلم بواطن الاشياء وخفاياها فاذا اجتمع هذا وهذا العزيز الحكيم فالعزة اذا اقترنت مع الحكمة فهذا كمال ثالث في المخلوقين العزة اذا وجدت وحدها تحمل على كثير من العسف والظلم والقهر والتسلط بغير حق وما اشبه ذلك. فيضع الامور في بغير مواضعها ويوقعها في غير مواقعها اما الله تبارك وتعالى فهو عزيز حكيم عليم حكيم انما يتخلف الوقوع على الحق والصواب اما بسبب نقص العلم واما بسبب نقص الحكمة. قد يكون عنده علم لكنه لا يضع الاشياء في مواضعها فالله عز وجل عليم حكيم فهذا يعطي وصفا ثالثا وهكذا وتجدون هذا في كثير من ختم الايات في كتاب الله تبارك وتعالى. فهذا لك ان تفرد الاسم ولك ان تقرنه بغيره سواء في حال الدعاء او في حال الثناء عليه او الاخبار عنه فانت مخير القسم الثالث وهي الاسماء المزدوجة وذلك عند من يثبت لله عز وجل الاسماء التي تكون متقابلة ولابد فيها من الاقتران. وقد ذكرنا لكم من قبل الكلام في هذه القضية عند الكلام على ضوابط ما يطلق على الله عز وجل من الاسماء. من اهل العلم من لا يعتبر هذا من الاسماء ومنهم من اثبته في الاسماء كشيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم وابن القيم رحمه الله يقول في هذا النوع في نونيته هذا ومن اسمائه ما ليس يفرد بل يقال اذا اتى بقران. لابد من الاقتران ولا يكون كمالا الا مع الاقتران وهي التي تدعى بمزدوجاتها افرادها خطر على الانسان اذ ذاك يعني اذا افردتها اذ ذاك موهم نوع نقص جل رب العرش عن عيب وعن نقصان كالمانع المعطي وكالضار الذي هو نافع وكماله الامراني ونظير ذا القابض المقرون باسم الباسط اللفظان مقترنان القابض الباسط المعطي المانع وكذا المعز مع المذل وخافض مع رافع اللفظان مزدوجان. الخافض الرافع المعز المذل النافع الضار عند من اثبت هذا في باب الاسماء والمسألة ترجع الى الضابط الذي ذكرناه والعلماء مختلفون في هذه هل تعد من الاسماء الحسنى او لا؟ فمن اثبتها قال لابد من الاقتران ما تقول الله الضار هكذا تقول الله هو النافع الضار ما تقول الله هو المذل. تقول هو المعز المذل ما تقول الله هو المانع الله هو المعطي المانع ما تكون كمالا الا مع ذكر ما يقابلها هذه المزدوجات وضابطها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقرونا بمقابله. لان الكمال في اقتران كل منها بما يقابله ولهذا ما جاءت مفردة ولم تطلق عليه الا مقترنة الحادي والعشرون ان الصفات اربعة انواع منها ما هو صفات كمال مثل كرم العزة الحكمة العلم وما شابه ذلك هي صفة كمال من كل وجه. نحن نتكلم عن الاوصاف من حيث هي. بصرف النظر عن صفات الله عز وجل. الصفات التي تطلق على الموصوفين منها ما يكون كمالا مثل ما مثلت ومنها ما يكون نقصا مثل الظلم ومنها ما لا يقتضي كمالا ولا نقصا من حيث هو ومنها ما يكون كمالا ونقصا باعتبارين في حال يكون لانه كما قال صاحب شارح الطحاوية لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا لذة ولا سرور ولا امانة ولا طمأنينة الا بان تعرف ربها ومعبودها وفاطرها بما سمى به نفسه او وصف من قبيل الكمال وفي حال يكون من قبيل النقص فالله تبارك وتعالى منزه عن صفات النقص كلها وفيما يتعلق بالاوصاف نحن نثبت له الاوصاف الكاملة من كل وجه ويثبت له من الاوصاف التي تكون كاملة من وجه وناقصة من وجه يثبت له الكامل منها فقط مثل ما يقال مثلا في الكيد انهم يكيدون كيدا واكيدوا كيدا. فالكيد في محله يكون كمالا وقد لا يكون كمالا في بعض المواضع فكما ذكرنا من قبل في معاني كون اسماء الله عز وجل الحسنى ان ما تحتمله من المعاني والاوصاف اننا نثبت لله عز وجل منها الاكمل اما ما كان ناقصا فانه لا يثبت لله والله تبارك وتعالى ينزه عنه فهذه اربعة انواع الثاني والعشرون ان من اسمائه الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات ويكون ذلك الاسم متناولا لجميعها. تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها يعني الان مثل الكريم يدل على صفة واحدة الكرم العزيز او الرحيم الرحيم يدل على صفة الرحمة لكن هناك اسماء تدل على مجموعة من صفات الكمال من هذه الاسماء ما يدل على ثلاث صفات كمال منها ما يدل على اربع منها ما يدل على خمس ومنها ما يدل على اكثر من ذلك فمن اسمائه مثلا التي تدل على مجموعة من الاوصاف العظيم المجيد الصمد كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الصمد قال هو السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في انواع شرفه وسؤدده وهو الله سبحانه وتعالى وهذه صفة لا تنبغي الا له ليس له كفوا وليس كمثله شيء سبحانه وتعالى وليس له نظير فانظروا كيف فسر ابن عباس رضي الله عنهما الصمد بهذه المجموعة من الاوصاف الكاملة فما تستطيع ان تقول بان الصمد مثلا مثل آآ صفة الرحيم يدل على صفة الرحمة فقط وانما يدل على مجموعة من الصفات الكاملة وقل مثل ذلك بالنسبة للرب السيد الذي قد كمل في سيادته والمربي لخلقه والمتصرف فيهم وما الى ذلك من معاني بعد ذلك انتقل الى قضية اخرى وهي ما يطلق على الله تبارك وتعالى من الصفات او الاخبار والمقصود بالصفة هي تلك الاطلاقات التي وردت بها نصوص شرعية تدل على وصف الله تعالى بها واما الخبر فالمقصود به تلك الاطلاقات العامة الكلية التي لم يرد لوصف الله تبارك وتعالى بها دليل لا من الكتاب ولا من السنة وشرط جوازها كما ذكرنا من قبل انها لا تحمل معان غير لائقة. بالله تبارك وتعالى. لا تشعر بذم ولا بنقص ولا عيب فهذه الاطلاقات على الله تبارك وتعالى من جهة الصفة والخبر تنقسم الى ستة اقسام الاشياء التي نطلقها على الله عز وجل منها ما يرجع الى الذات سواء كان ذلك في باب الصفات او في باب الاخبار الذي هو اوسع من باب الصفات. مثلا حينما تقول الله ذات او الله شيء هذا من باب الخبر ليس من اسمائه تبارك وتعالى ذلك لكن هذا في باب الاخبار تقول الله موجود فهذه الاشياء ترجع الى الذات. ومنها ما يرجع الى صفات معنوية صفات معنوية مثل العلم القدرة السمع ومنها ما يرجع الى الافعال مثل الخالق الرازق ومنها ما يرجع الى التنزيه المحض مثل ما نقول قدوس السلام المقدس عن كل عيب ونقص الطاهر من كل عيب لكن هذه كما قلنا يجب ان تكون متضمنة لثبوت كمال اضدادها فاذا قلت هو المنزه عن كل عيب هذا يقتضي انه الكامل من كل وجه. يعني الذي ثبتت له صفات الكمال والنوع الخامس وهو الاسم الدال على جملة اوصاف متعددة لا تختص بصفة معينة كما مثلنا بالصمد والنوع السادس وهي الصفة الثالثة التي تحصل من اقتران الاسمين كما اشرت قبل قليل. حينما يقول العزيز الحكيم نخرج بوصف ثالث وهذا اتضح ايضا من المسائل التي تذكر في هذا الباب ما يتعلق بانواع الصفات التي يوصف ربنا تبارك وتعالى بها يمكن ان نقسم الصفات باعتبارات مختلفة يعني انت اذا نظرت الى الشيء من جانب معين تستطيع ان تقسمه الى اقسام كما نقول في كثير من الدروس باننا يمكن ان نقسم الانسان مثلا فنقول بالنسبة الجنس ينقسم الى ذكر وانثى وبالنسبة للدين ينقسم الى مؤمن وكافر وبالنسبة للصحة والاعتلال ينقسم الى صحيح وعليل وهكذا فنحن حينما نقسم الشيء ننظر اليه من زوايا متعددة فينقسم باعتبارات مختلفة فالصفات يمكن ان تنقسم باعتبارات مختلفة. مثلا من حيث الاثبات والنفي هناك عندنا صفات ثبوتية وهي ما اثبته الله عز وجل لنفسه او اثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم. مثل العزة العلم الحكمة القدرة الضحك الكلام وما اشبه ذلك. وهناك صفات سلبية وهي ما نفاه الله عن نفسه او نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم. وهذه اوصاف نقص ينزه عنها تبارك وتعالى مثل السنة والنوم لا تأخذه سنة ولا نوم. ولكن هذا كما قلنا يقتضي ثبوت كما ضده. فاذا قلت لا تأخذه سنة ولا نوم فهذا امن كمال حياته وقيميته الحياة التي تعتريها السنا والنوم حياة ناقصة والله تبارك وتعالى منزه عن ذلك النوع الثاني او الاعتبار الثاني الذي يمكن ان نقسم به الصفات نقسمها من حيث التعلق بذات الله وافعاله فهناك صفات يقال لها الصفات الذاتية وهي التي لم يزل ولا يزال متصف لا يزال متصفا بها مثل العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر والوجه وهكذا اليدين فالله تبارك وتعالى هذه من صفاته الذاتية. وهناك صفات فعلية وهذه تتعلق بمشيئته وارادته ان شاء فعلها وان شاء لم يفعلها. كالمجيء والنزول والغضب والفرح والضحك كل هذا ثبت في الاحاديث وبعضه ثبت في القرآن وهذه تسمى بالصفات الاختيارية وافعاله تبارك وتعالى نوعان نوع لازم ونوع متعدي فالاستواء مثلا على العرش والنزول ينزل ربنا الى سماء الدنيا وهكذا الاتيان كل ذلك ثابت لله عز وجل وهو من الافعال اللازمة. وهناك افعال متعدية مثل الاعطاء الخلق الرزق فهذه تتعدى الى معطى الى مرزوق الى مخلوق خلق يقتضي مخلوقا نعم وهكذا الاعتبار الثالث الذي يمكن ان نقسم الصفات بالنظر اليه هو من حيث ثبوت الصفات والادلة التي ثبتت بها. هناك ما يسمى بالصفات الخبرية وهذه التي تكون متوقفة على على الخبر على النقل فقط على الوحي لا مدخل للعقل في اثباتها مثل ماذا؟ حينما يخبرنا الله عز وجل نعم بانه بان له وجها يليق بجلاله وعظمته او بان له يدين او بان له صفات الفرح والضحك والغضب ونحو ذلك. هل يمكن ان نعرف هذا بالعقل ان الله يضحك مثلا لا هذا متوقف على النقل على السماع من الكتاب والسنة فقط وهناك صفات يقال لها سمعية عقلية بمعنى ان العقل يدركها. لكن نحن لا نثبت لله عز وجل صفة بمجرد العقل وانما طريق ذلك الوحي لكن من الصفات ما يدركه العقل مثل ماذا الحياة اليس ذلك قد جاء في المنقول وهو ايضا العقل يدل عليه عقل يدل عليه ان الله متصف بالحياة. العلم القدرة الارادة الخلق الاعطاء الرزق اليس ذلك كله يعرف بالعقل ما الذي خلق هذه السماوات والارض والجبال والناس وهذا الخلق العجيب الدقيق بهذه التفاصيل هو الله تبارك وتعالى العقل يدل على ذلك وهو ثابت ايضا في الكتاب والسنة فهذه يقال لها سمعية عقلية يعني من جهة الدليل الذي عرفت به تنقسم بهذه الاعتبارات والالفاظ التي يعبر بها عن الله تبارك وتعالى في هذا الباب ايضا اقسام منها ما يكون كمالا مطلقا لا نقص فيه بوجه من الوجوه فهذا يسمى الله به ويصف به. طبعا لابد ان يكون ثابتا في الكتاب او السنة فهو كامل في ذاته وفي موضوعه ومتعلقه مثل السميع البصير فهذا ثابت في الكتاب والسنة وهي اوصاف كاملة من كل وجه في ذاتها وفي موضوعها ومتعلقها واما ان تدل على كمال في ذات اللفظ لا في موضوعه ومتعلقه لان الموضوع المتعلق منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم فيحتمل النقص بالتقدير فهذا لا يسمى الله به وانما قد يوصف به او يخبر به عنه فمثلا الكلام هذا من حيث هو هذا اللفظ من حيث هو يعتبر كمال لكن بالنظر الى متعلقه قد يكون نقصا وقد يكون كمالا. يتكلم بماذا الانسان يوصف بانه يتكلم لكن هذا الكلام قد يكون نقصا بالنظر الى متعلقه يعني ما يقع عليه الكلام ما يتكلم به الموضوع الذي يتحدث عنه قد يكون هيبة قد يكون كذبا قد يكون نميمة. فالكلام لا يكون كمالا بالنظر الى متعلقه في كل الحالات فمثل هذا لا يسمى الله به مثل الارادة الارادة من حيث هي كمال اليس كذلك؟ لكن بالنظر الى متعلقها قد يكون يريد الخير وقد يريد الشر هذا بالنسبة للموصوف بها باطلاق لا نتحدث عن الله عز وجل فاذا كان الوصف بالنظر الى متعلقه او موضوعه يكون تارة كمالا وتارة نقصا فان الله لا يسمى به فلا يقال الله من اسمائه المريد المشيئة كمال من حيث هي لكن بالنظر الى متعلقها قد تكون المشيئة للخير وقد تكون المشيئة للشر قد تكون نقصا وقد تكون كمالا بالنظر الى موضوعها ولهذا لا نسمي الله عز وجل بالشاء مثلا لاحظتم وهكذا وقد تكون دالة على الكمال والنقص في ذاتها فهي تحتمل الكمال والنقص في معناها نفسه فهذا لا يطلق على الله عز وجل وانما يذكر مقيدا مثل المكر والكيد والاستهزاء والمخادعة قاطعون الله وهو خادعهم يمكرون ويمكر الله الله يستهزئ بهم فهذه انما تكون كمالا بما قيدت به فقط ولهذا لا يسمى الله تبارك وتعالى بشيء من ذلك. انتهينا من القواعد ننتقل الى الخامس عشر وهي لفتة وفي ضمنها دعوة الى التأمل فيما يذكره الله تبارك وتعالى لنا في كتابه مما نجده في كثير من الايات من تذهيل الايات بالاسماء الحسنى وهذا له دلالة ينبغي ان يتدبر الانسان وان يتفطن لهذا المعنى. فاذا تأملت هذه الاسماء التي تختم بها الايات فانك يمكن ان تستخرج جملة امور الاول ان ذلك يكون تارة للدلالة على ان الشرع والامر والخلق كله صادر عن اسمائه الحسنى ومرتبط بها واليكم هذا المثال من سورة الحج من الاية التاسعة والخمسين الى الاية الخامسة والستين انظر ما ذكره الله تبارك وتعالى فيها الله عز وجل يقول لما ذكر الذين هاجروا في سبيله ثم قتلوا او ماتوا وعد بانه سيرزقهم رزقا حسنا قال ليدخلنهم مدخلا يرضونه وان الله لعليم حليم فختم هذه الاية بالعليم والحليم وهذا يقتضي علمه بنياتهم الجميلة واعمالهم الجليلة هؤلاء اللي هاجروا ثم قتلوا او ماتوا ومقاماتهم العالية الشامخة فيجازيهم على ذلك بالفضل العظيم ويعفو ويحلم عن سيئاتهم فكأنهم ما فعلوها ولهذا قال وان الله لعليم حليم عليم باعمالهم وما خرجوا من اجله وما لاقوا من الشدائد والمشقات والاذى في سبيله وهو حليم لا يعاجل عدوهم بالعقوبة وانما يمهل وهو ايضا يحلم عن سيئاتهم وتقصيرهم وجناياتهم ثم قال الله تبارك وتعالى بعدها ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله ان الله عفو غفور هؤلاء الذين اوذوا اخرجوا من ديارهم واخذت اموالهم اصيبوا في ابدانهم لماذا نستغفره ونتوب اليه؟ من اجل ان يرحمنا فختم الاية بهذين الاسمين ليكون ذلك تعليلا للامر بالاستغفار والتوبة وفيه حث عليهما امر خامس وهو ان الله قد يختم بعض الايات التي فيها دعاء اذا حصل منه من انتقام فليس عليهم في ذلك حرج لينصرنه الله ان الله لعفو غفور فختمها بهذين الاسمين فانه اباح المعاقبة بالمثل وندب الى مقام الفضل وهو العفو وعدم معاقبة المسيء. وانه ينبغي لكم ان تعبدوا الله بالاقتداء والعمل بهذين الوصفين لتنالوا عفوه ومغفرته. فهو العفو الغفور. يقول من انتقم لا حرج عليه ثم قال لهم في اسمائه قال ان الله لعفو غفور. يرشدهم الى العفو والغفر وانها مرتبة اعلى. ثم قال بعدها ذلك بان الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وان الله سميع بصير وهذا يقتضي سمعه لجميع اصوات ما سكن في الليل والنهار وبصره بحركاتهم على اختلاف الاوقات وتباين الاحوال ثم قال ذلك بان الله هو الحق. وانما يدعون من دونه هو الباطل. وان الله هو العلي الكبير وذلك لان علوه المطلق وكبريائه وعظمته ومجده تضمحل معها جميع المخلوقات ويبطل معها كل ما عبد من دونه وباثبات كمال علوه وكبريائه يتعين انه هو الحق وما سواه هو الباطل. هو الكبير العلي وما دونه فزيف او زيوف لا اعتداد بها من الالهة المدعاة ما يعبد من دون الله تبارك وتعالى. ثم قال بعده المتر ان الله انزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة ان الله لطيف خبير فذكر هذين الاسمين اللطيف والخبير الدالين على سعة علمه ودقيق خبرته بالبواطن كالظواهر ثم قال له ما في السماوات وما في الارض. وان الله لهو الغني الحميد فختم بهذين الاسمين الغني والحميد بعدما ذكر ملكه للسموات والارض وما فيها من المخلوقات وانه لم يخلقها لحاجة منه فانه الغني الغنى المطلق خلقها لا ليتكمل بها سبحانه وتعالى فهو الحميد الكامل ليدل خلقه على انهم جميعا فقراء اليه من جميع الوجوه وذلك يستوجب عليهم ان يعرفوه بانه الحميد في اقداره والحميد في شرعه والحميد في جزائه فله الحمد المطلق ذاتا وصفات وايضا وافعالا ثم قال الم تر ان الله سخر لكم ما في الارض والفلك تجري في البحر بامره ويمسك السماء ان تقع على الارض الا باذنه. ان الله بالناس لرؤوف رحيم ختم بهذين الاسمين الرؤوف والرحيم فان من رأفته ورحمته تسخيره المخلوقات لبني ادم وحفظ السماوات والارض وابقائها وامساكها لان لا تزول فتختل مصالحهم ومن رأفته ورحمته ان سخر لهم البحار لتجري الفلك في منافعهم ومصالحهم. فرحمهم حيث خلق لهم المسكن واودع لهم فيه كل ما يحتاجونه وحفظه عليهم وابقاهم وهكذا انظر الى الايات عموما في كتاب الله عز وجل تجد اشياء من هذا والشيخ عبد الرحمن ابن سعدي رحمه الله في القواعد الحسان ذكر ذلك وتكلم عليه بكلام جميل فليراجع امر اخر مما يمكن ان نستخرجه من النظر والتأمل في ختم الايات بالاسماء الحسنى ان الله يذكر ذلك لي يبين ان الحكم المذكور في الاية له تعلق بالاسم فيكون هذا الاسم كالتعليل للحكومة انظروا مثلا في قوله تعالى واذ قال موسى لقومه يا قومي انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم ثم قال انه هو التواب الرحيم. وان هنا تشعر بالتعليل كانه يقول لانه هو التواب الرحيم. امر ثالث ان الله قد يذكر الاسم في اخر الاية دون ذكر الحكم والجزاء فيها تنبيها لعباده انهم اذا عرفوا الله بذلك الاسم العظيم عرفوا ما يترتب عليه من احكام وان ذلك الحكم من اثار هذا الاسم. مثال بعد ما ذكر الله جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا قال الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم فاعلموا ان الله غفور رحيم. ما قال الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم فاتركوهم او فاعفوا عنهم ما ذكر الحكم بهؤلاء الذين تابوا قبل التمكن منهم لكنه قال فاعلموا ان الله غفور رحيم بمعنى اتركوهم هذا ظاهر على كل حال من الاية. الامر الرابع يمكن ان نستنبطه وهو ان الله قد يختم بعض الايات بالاسماء الحسنى تعليلا للامر الوارد في الاية او تعليلا للنهي الوارد فيها مثال على تعليل الامر فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم الله عز وجل يقول واستغفروا ربكم ثم توبوا اليه ان ربي رحيم ودود باسم او اسمين يتناسبان مع الدعاء المطلوب وهذا من الادب في دعاء الله عز وجل باسمائه الحسنى الله يقول واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل. ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك انت التواب الرحيم. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب هبنا انك انت الوهاب والسادس ان بعض الايات تختم باسمين مختلفين تماما في المعنى. وذلك لافادة حكمين مختلفين ورد في الاية فيتعلق مقتضى الاسمين بكل من الحالتين والحكمين المختلفين. كل اسم بما يناسبه انظر مثلا الله يقول بعد ما يذكر قصص الانبياء في سورة الشعراء وان ربك لهو العزيز الرحيم فكل قصة من قصص الانبياء عليهم الصلاة والسلام تضمنت نجاة النبي واتباعه. وهذا بلطف الله ورحمته وتضمنت اهلاك المكذبين له وذلك من اثار عزته. فاذا ذكر قصة نبي قال وان ربك لهو العزيز الرحيم. بعزته قهر هؤلاء المكذبين وبرحمته نجى المؤمنين. فذكر العزة والرحمة مع ان الغالب ان اللي يذكر مع الرحمة المغفرة هنا ذكر معها العزة بان الايات تضمنت هذا وهذا. امر سابع ان بعض الايات قد تختم احيانا ببعض الاسماء التي قد يتوهم السامع انه لا مناسبة بينها وبين موضوع الاية او الدعاء الوارد فيها ان كان في دعاء او نحو ذلك لكن الواقع انه في غاية المناسبة فمثلا في سورة المائدة بما قص الله عز وجل من خبر عيسى صلى الله عليه وسلم في الاخرة فعيسى عليه الصلاة والسلام حينما يسأله ربه تبارك وتعالى اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لي بحق الى ان قال ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت ما قال الغفور الرحيم قال العزيز الحكيم قد يتبادر الى كثير من الاذهان ان هنا يقال الغفور الرحيم. فلماذا قال العزيز الحكيم قد اجبنا عن هذا في بعض المناسبات بان هذا المقام مقام يغضب فيه الرب تبارك وتعالى غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وهولا نسبوا له الصاحب والولد وجاؤوا بهذا الاجرام العظيم فعيسى صلى الله عليه وسلم لا يريد ان يجعل نفسه مدافعا عنهم وحاميا عنهم في ذلك المقام يطلب لهم المغفرة والرحمة وانما يقول هؤلاء هم عبادك بين يديك ان غفرت فانت الغفور الرحيم وان عذبت فانك انت العزيز الحكيم. وهناك معنى اخر وهو انك ان غفرت فليس ذلك عن عجز بالمؤاخذة ان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم. تغفر وانت قادر عليهم وعلى معاقبتهم واخذهم الثامن والاخير وهو ان من الطف مقامات الرجاء ان يذكر الله اسباب الرحمة واسباب العقوبة ثم يختمها بما يدل على الرحمة وهذا تجدونه في مواضع من القرآن. الله يقول يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ما قال وهو مثلا العزيز القوي؟ لا. قال والله غفور رحيم يقول مثلا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما فهذا يدل على ان رحمة الله عز وجل قد سبقت غضبه جل جلاله ننتقل بعد ذلك الى السادس عشر وهو ما يتعلق باهمية معرفة الاسماء الحسنى والصفات العلا اقول اولا ايها الاحبة العلم بذلك هو اشرف العلوم الناس قديما وحديثا اولعوا بالعلم والمعرفة والاكتشاف والبحث حتى الصغير يكسر اللعبة وما يقع في يده ليكتشف. ما الذي يحصل؟ ويضع يده على النار ويضع في فمه كل ما يقع في يده ليكتشف هذا الذي وجده ما هو فهذه غريزة في الانسان والناس يتنافسون في مراكز الابحاث في العالم الذين يقدرون البحث والعلم والمعرفة وينفقون عليها الاموال الطائلة المليارات كل ذلك من اجل المزيد من العلوم والمعارف فينقبون ويبحثون ويرسلون الالات والمراكب الفضائية والغواصات ويجوبون القفار ويبحثون في باطن الارض وفي كل مكان من اجل الاكتشاف والمعرفة والوصول الى العلم والحقيقة وما الى ذلك وتفرعت العلوم وتنوعت وكثرت التخصصات وانتسب اليها الخلائق الذين لا يحصيهم الا الله تبارك وتعالى في الوان المعارف الدقيقة حتى صار التخصص ينقسم الى تخصصات فرعية جزئية يمكن ان ينقسم الواحد منها ايضا الى الى تخصصات وهذه علوم تتفاوت في شرفها تفاوتا عظيما اقول اذا كان الامر كذلك ايها الاحبة والناس يتسابقون في العلم والمعرفة فالعلم بالله واسمائه وصفاته هو اشرف العلوم على الاطلاق ومع ذلك نجد الخلق عنه في غفلة الا من رحم الله تبارك وتعالى. فاين الذين يتنافسون في هذا ليتعرفوا على الله عز وجل من خلال ما ذكره من اسمائه وصفاته وما ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم اين الانكباب على دراسة هذه الاشياء ومعانيها وما لها من الاثار العظيمة في النفس والخلق والشرع فهذا العلم ايها الاحبة مطلوب لنفسه مراد لذاته. فالله عز وجل يقول الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن. لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما فاخبر انه خلق السماوات والارض ونزل الامر بينهن ليعلمنا انه عالم وعليم بكل الاشياء وانه على كل شيء قدير فهذا العلم هو غاية الخلق المطلوبة. اي يعلموا ان الله هو الواحد الاحد الفرد الصمد الذي يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه فهو الذي يستحق التأليه وحده والعبادة فالله يقول فاعلم انه لا اله الا الله فالعلم بوحدانيته تعالى وانه لا اله الا هو مطلوب لذاته وان كان لا يكتفى به وحده بل لا بد معه من عبادته وحده لا شريك له فهما امران مطلوبان لانفسهما. ان يعرف المعبود باسمائه وصفاته وافعاله واحكامه وان يعبد بموجب ذلك ومقتضاه وعلى كل حال كما ذكرنا بان شرف العلم بشرف المعلوم شرف العلم بشرف متعلقه. فلما كان الطب مثلا الذي يتعلق ببدن الانسان اشرف من الطب الذي يتعلق ببدن الحيوان. فالطبيب البشري اشرف من الطبيب البيطري في المهنة الذي يعمل في المعادن ويشتغل بالذهب غير الذي يشتغل في الحديد فهذا حداد وهذا صائغ للذهب فصنعة هذا افضل من صنعة هذا. الذي يشتغل بالطب ويشتغل بطبابة القلوب اشرف من الذي يشتغل بطبابة مثلا الجلد او اشرف من الذي يشتغل بطبابة مثلا الركبة وهذا امر معلوم. والاطباء يعرفون هذا على كل حال هذا في كل التخصصات وفي كل العلوم. فشرف العلم تابع لشرف معلومه ولا ريب ان اشرف معلوم واعظمه واكبره هو الله تبارك وتعالى الذي لا اله الا هو رب العالمين وقيوم السماوات والاراضين فاصل كل معلوم منشأه هو العلم بالله تبارك وتعالى. فمن عرف الله عرف ما سواه ومن جهل ربه فهو لما سواه اجهل كما قال الله تعالى ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم والقرآن كما نشاهد لا تكاد تخلو اية من اياته من صفة لله سبحانه وتعالى. او اسم من اسمائه الحسنى كما يقول الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله بان القرآن فيه من ذكر اسماء الله وصفاته وافعاله اكثر مما فيه من ذكر الاكل والشرب والنكاح في الجنة مثلا والايات المتضمنة لذكر اسماء الله وصفاته اعظم قدرا من ايات المعاد لان اعظم اية في القرآن هي اية الكرسي المتضمنة جملة من اسماء الله وصفاته الكاملة وذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم لما قال لابي بن كعب اتدري اي اية في كتاب الله اعظم قال الله لا اله الا هو الحي القيوم. وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ليهنك العلم ابا المنذر. يعني هنيئا لك بالعلم حينما عرفت هذه المعرفة التي ميزت بها هذا التمييز وافضل سورة في القرآن هي ام القرآن الفاتحة كما في حديث ابي سعيد ابن المعلى في الصحيح لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم انه لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اوتيته. وفيها من ذكر اسماء الله وصفاته اعظم مما فيها من ذكر المعاد كما لا يخفى وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قل هو الله احد تعدل ثلث القرآن وقل هو الله احد انما هي في صفة المعبود جل جلاله والامر الثاني مما يدل على اهميتها اهمية معرفة الاسماء والصفات ان ذلك هو اساس الاسلام وهو الطريق الى معرفة الله عز وجل فهذا هو اصل الدين وسر العبودية كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية واساس الهداية وافضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وادركته العقول وذلك ان معرفة الله جل جلاله هو غاية المعارف وعبادته اشرف المقاصد والوصول اليه غاية المطالب. بل هذا كما يقول شيخ الاسلام خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الالهية كما ان سر العبودية وغايتها وحكمتها انما يطلع عليها من عرف صفات الرب جل جلاله ولم يعطلها وعرف معنى الالهية وحقيقتها كما يقول ابن القيم وبهذا نعرف ان اجل الفوائد ايها الاحبة واشرفها ما دل عليه الكتاب العزيز من معرفة الله بصفات كماله ونعوت جلاله واياته ومخلوقاته ومعرفة ما يترتب على ذلك من عبادته وطاعته وتعظيم امره ونهيه فهذان الاصنام هما زبدة الرسالة ومقصود النبوة ومدار الاحكام عليهما واذا شاء العباد ان يعرفوا ربهم ومعبودهم ويزداد به علما فليس امامهم من طريق الا التعرف عليه عبر النصوص الواصفة له والمصرحة بافعاله واسمائه لان الله غيب لا يرى في الدنيا. كيف نعرف الا عن طريق النظر في معاني الاسماء الحسنى والصفات الكاملة. والله تبارك وتعالى اوجز في القرآن خلاصة الرسالات السماوية في اية واحدة وهي قوله وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون. وقال ايضا موجزا خلاصة ما اوحاه الى رسوله صلى الله عليه وسلم قل انما يوحى الي انما الهكم اله وواحد فهل انتم مسلمون فمفتاح الدعوة الالهية معرفة الله جل جلاله باسمائه الحسنى وصفاته العلى به نفسه ويكون احب اليها مما سواه ويكون سعيها فيما يقربها اليه ويدنيها من مرضاته. فبعث ربنا ما تبارك وتعالى الرسل وجعل مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم معرفة المعبود الحق باسمائه وصفاته وافعاله فهو سبحانه وتعالى مستو على عرشه كما يقول ابن القيم يكلم ملائكته ويدبر مملكته ويسمع اصوات خلقه ويرى افعالهم وحركاتهم ويشاهدوا بواطنهم كما يشاهد ظواهرهم. يأمر وينهى ويرضى ويغضب ويحب ويسخط ويضحك من قنوطهم وقرب يجيب دعوة مضطرهم ويغيث ملهوفهم ويعين محتاجهم ويجبر كسيرهم ويغني فقيرهم ويميت ويحيي ويمنع ويعطي ويؤتي الحكمة من يشاء مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير كل يوم هو في شأن يغفر ذنبه ويفرج كربه ويفك عانيه وينصر مظلوما ويرحم مسكينا ويغيث ملهوفا ويسوق الاقدار الى مواقيت ويجريها على نظامها ويقدم ما يشاء. تقديمه ويؤخر ما يشاء. تأخيره. فالامور كلها بيده. وكيف تصمد توبوا الى من ليس كما يقول اهل الكلام. من ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه. وكيف تأله القلوب من لا يسمع كلامها ولا يرى كانها ولا يحب ولا يحب تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وقد ذكر ابو القاسم الاصبهاني صاحب كتاب بالحجة نقل عن بعض اهل العلم يقول لو ان رجلا اراد ان يتزوج الى رجل او يزوجه او يعامله طلب ان يعرف اسمه وكنيته واسم ابيه جده وسأل عن صغير امره وكبيره فالله الذي خلقنا ورزقنا نرجو رحمته ونخاف من سخطته اولى ان نعرف اسماؤه وتفسيره فالمقصود ايها الاحبة انه لا يستقر للعبد قدم في المعرفة بل ولا في الايمان حتى يؤمن بصفات الرب جل جلاله ويعرفها معرفة فتى تخرجه عن حد الجهل بربه فالايمان بالصفات وتعرفها هو اساس الاسلام. وقاعدة الايمان وثمرة شجرة الاحسان كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في المدارج. والتوحيد الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام نوعان نوع في العلم والاعتقاد ونوع في الارادة والقصد يسمى الاول التوحيد العلمي والثاني بالتوحيد القصدي والارادي. لتعلق الاول بالاخبار والمعرفة والثاني بالقصد والارادة ومدار النوع الاول من التوحيد على اثبات صفات الكمال لله تعالى. وعلى نفي التشبيه والمثال عنه وتنزيهه عن العيوب والنقائص. بل قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله بان الايمان باسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن انواع التوحيد الثلاثة توحيد الالهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الاسماء الصفات وهذه الانواع هي روح الايمان وروحه. واصله وغايته. فكلما ازداد العبد معرفة باسماء الله وصفاته ازداد ايمانه وقوي يقينه. والمقصود ايها الاحبة انه على اساس العلم الصحيح بالله وباسمائه وصفاته يقوم الايمان الصحيح والتوحيد الخالص وتبنى مطالب الرسالة فهذا التوحيد هو اساس الهداية والايمان وهو اصل الدين الذي يقوم عليه. ولذلك فانه لا يتصور ايمان صحيح ممن لا يعرف ربه فهذه المعرفة لازمة لانعقاد اصل الايمان. وهي مهمة جدا للمؤمن لشدة حاجته اليها لسلامة قلبه وصلاح معتقداته واستقامة اعماله وقد جعل الله عز وجل منكرا صفاته مسيء الظن به وتوعده بما لم يتوعد به غيره من اهل الشرك والكفر والكبائر فقال وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم ان الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم ارداكم فاصبحتم من الخاسرين. ظنوا ان الله لا يعلم كثيرا مما يعملون فارداهم هذا الظن وقد قال الله عز وجل في الظانين به ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم وساءت مصيرا. فالذي لا يعرف الله معرفة صحيحة باسمائه وصفاته قد يسيء الظن به ولما كان احب الاشياء اليه تبارك وتعالى حمده ومدحه والثناء عليه باسمائه وصفاته وافعاله كان انكارها وجحدها اعظم الالحاد والكفر به وهو شر من الشرك كما يقول الحافظ ابن القيم. يقول ان المعطل شر من المشرك يقول لانه لا يستوي من جحد صفات الملك وجحد ملكه وجحد اوصافه الكاملة لا يستوي هذا مع من اشرك به غيره. فهذا يقول الاول الذي جحد اوصاف الكمال عطله من كل شيء وذاك يكون اثبت له اوصافا ولكنه جعل له شريكا اخر على كل حال يذكر ابن القيم رحمه الله ان الشرك يعني جميع الشرك الموجود في العالم ان اصله يرجع الى التعطيل وهذا اذا تأملته تجده صحيح ويقول الامام الدارمي لن يدخل الايمان قلب رجل حتى يعلم ان الله لم يزل الها واحدا بجميع اسمائه وصفاته بل ان ابن القيم رحمه الله يقول وهذا باب حرام على الجهمي المعطل ان يلجه الى الجنة حرام عليه ريحها اه نترك الباقي فيما بعد ان شاء الله