الاخلاص في العمل وخطر الرياء الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه اجمعين اما بعد. فان اي عبادة يتقرب بها الانسان الى الله الله عز وجل لا بد من ان يتوافر فيها ركنان. الركن الاول ان يكون العمل خالصا لله مرادا به وجهه تعالى. فان به الدنيا وحطامها او مراعاة الناس او غير ذلك من المقاصد فهو باطل. فلابد من ان يقصد به وجه الله والدار الاخرة لا يقصد به رياء ولا سمعة ولا اي غرض من الاغراض. وفي الصحيحين من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه. فمن في سبيل الله من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. الركن الثاني ان يكون العمل صوابا على هدي رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم فان كان مخالفا فهو بدعة ترد على صاحبها. واذا تخلف الركن الاول صار العمل شركا لانه اريد به غير الله واذا تخلف الركن الثاني صار العمل مبتدعا مخالفا للشرع. والركن الاول هو مقتضى شهادة ان لا اله الا الله والركن الثاني هو مقتضى شهادة ان محمدا رسول الله. ودل على هذين الركنين نصوص كثيرة ومنها غير ما تقدم اولا قول الله تعالى بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه. فقوله من اسلم وجهه اي اخلص العمل الا وهو محسن احسان العمل ان يكون موافقا للشرع. ثانيا قوله تعالى ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن استمسك بالعروة الوثقى والى الله عاقبة الامور. ثالثا دل على الركن الاول قوله صلى الله عليه وسلم انما الاعمال النيات وانما لكل امرئ ما نوى. رابعا دل على الركن الثاني قوله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا رواه مسلم وللشيخين من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد وليحذر المسلم من الرياء فبصحيح مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك وتعالى انا اغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملا اشرك فيه معي غيري تركته وشركه. وفي حديث محمود بن رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر قالوا وما الشرك الاصغر يا رسول الله قال الرياء يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة اذا جزي الناس باعمالهم اذهبوا الى الذين كنتم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟ وفي حديث ابي سعيد الخدري، رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر المسيح الدجال. فقال الا اخبركم بما هو اخوف عليكم عندي من المسيح الدجال. قال قلنا ابلى فقال الشرك الخفي ان يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل. وهذا العمل يسمى شركا لانه يقوم بالقلوب فهو في القلوب خفي ليس ظاهرا وهو الشرك الاصغر او الشرك الخفي. وقد يكون شركا اكبر اذا صدر من المنافقين الذين اسلموا لاجل الدنيا كعبد الله ابن ابي وغيره فهؤلاء يصلون رياء ورياؤهم ضياء اكبر مخرج من الملة لانه اسلموا رياء وليس لوجه الله. اما رياء المؤمن فهو الذي يصدر منه في صلاته وفي صدقته هذا شرك اصغر لا يخرج من الملة. قال الحسن البصري رحمه الله ما اخافه الا مؤمن ولا منه الا منافق. فالمنافق تأمنوا من النفاق لانه منافق والمؤمن يخاف على نفسه وذلك دليل ايمانه. وقال ابن ابي مليكة رحمه الله ادركت ثلاثين اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. ما منهم احد يقول انه على ايمان جبريل وميكائيل لا يخافون ان يكفروا بالله ورسوله وانما يخافون من نفاق يكون في الاعمال قال الحافظ ابن حجر رحمه الله وقد جزم اي ابن ابي مليكة بانهم كانوا يخافون النفاق في الاعمار ولم ينقل عن غيرهم له ذلك فكأنه اجماع وذلك لان المؤمن قد يعرض عليه في عمله ما يشوبه مما يخالف الاخلاص ولا يزعم من خوفهم من ذلك وقوعه منهم بل ذلك على سبيل المبالغة منهم في الورع والتقوى رضي الله عنهم ولا يقوم دين الله الا باخلاص العمل لله واحسانه واتقانه. وذلك بان يكون موافقا لشرع الله. والله تعالى انما يرضى منا الاخلاص هو الاحسان. والعارف هو الذي يعتني بالاحسان والجاهل لا يبالي به. نسأل الله ان يرزقنا في العمل والصدق في القول ونسأله سبحانه وتعالى ان يثبتنا واياكم على دينه القويم انه ولي ذلك والقادر عليك وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين