الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على اشرف المرسلين محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد لا زلنا مع البلاغة الواضحة وصلنا بفضل الله سبحانه وتعالى الى الاستعارة التصريحية والمكنية عندنا الاستعارة هي من المجاز اللغوي وهي تشبيه حذف احد طرفيه فعلاقاته المشابهة دائما وهي قسمان تصريحية وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به مكنية وهي ما حذف فيها المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه الان نأخذ الامثلة يقول قال الله تعالى كتاب انزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات الى النور المثال السابق مجاز لغوي اي كلمة استعملت في غير معناها او في غير معناها الحقيقي فالمثال يشتمل على كلمتين الظلمات والنور ولا يقصد بالاولى الا الضلال ولا يراد بالثانية الا الهدى والايمان. والعلاقة المشابهة والقرينة حالية وقال المتنبي وقد قابله ممدوحه وعانقه فلم ارى قبلي من مشى البحر نحوه ولا رجلا قامت تعانقه الاسد وبيت المتنبي يحتوي على مجازينهما البحر الذي يراد به الرجل الكريم لعلاقة المشابهة والقرين مشى والاست التي يراد بها الشجعان لعلاقة المشابهة والقرينة تعانقه وقال في مدح سيف الدولة اما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر تصافحت فيه بيض الهند واللمم وهذا البيت يحتوي على مجاز هو تصافحت الذي يراد منه تلاقت بعلاقة المشابهة والقرينة بيظ الهند واللمم واذا تأملت كل مجاز سبق رأيت انه تضمن تشبيها حذف منه لفظ المشبه واستعير بدله لفظ المشبه به. ليقوم مقامه بادعاء ان المشبه به هو عين المشبه. وهذا ابعد مدى في البلاغة وادخل في المبالغة ويسمى هذا المجاز استعارة ولما كان المشبه به مصرحا به في هذا المجاز سمي استعارة تصريحية وقال الحجاج في احدى خطبه اني لارى رؤوسا قد اينعت وحان قطافها. واني لصاحبها. وقال ولما قلت الابل امتطينا الى ابن ابي سليمان الخطوبة وقال ايضا المجد عوفي اذ عوفيت والكرم وزال عنك الى اعدائك الالم. نرجع اذا الى الامثلة الثلاثة الاخيرة ويكفي ان نوضح لك مثالا منها لتقيس عليه ما بعده وهو قول الحجاج في التهديد اني لارى رؤوسا قد اينعت فان الذي يفهم منه ان يشبه الرؤوس بالثمرات فاصل الكلام اني لارى رؤوسا كالثمرات قد اينعت ثم حذف المشبه به فصار اني لارى رؤوسا قد اينعت على تخيل ان الرؤوس قد تمثلت في صورة ثمار ورمز للمشبه به المحذوف بشيء من لوازمه وهو اينعت ولما كان المشبه به في هذه الاستعارة محتجبا سميت استعارة مكنية ومثل ذلك يقال في امتطينا الخطوب وفي كلمة المجد في البيت الاخير. اذا الاستعارة من المجاز اللغوي وهي تشبيه حذف احد طرفيه فعلاقتها المشابهة دائما وهي قسما تصريحية وهي ما صرح فيه بلفظ المشبه به. مكنية وهي ما حذف فيها المشبه به رمز له بشيء من لوازمه النموذج قال المتنبي يصف دخول دخول رسول الروم على سيف الدولة واقبل يمشي في البساط فما درى الى البحر يسعى ام الى البدر يرتقي شبه سيف الدولة بالبحر بجامع العطاء ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو البحر للمشبه وهو سيف الدولة على سبيل الاستعارة التصريحية والقرينة فاقبل يمشي في البساط شبه كيف الدولة بالبدر بجامع الرفعة ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو البدر للمشبه وهو سيف الدولة. على سبيل الاستعارة التصريحية والقرينة اقبل يمشي في البساط وصف اعرابي اخا له فقال كان اخي يقري العين جمالا. والاذن بيانا شبه امتاع العين بالجمل وامتاع الاذن بالبين بقراء الضيف ثم اشتق من القرى يقري بمعنى يمتع على سبيل الاستعارة التصريحية والقرينة جمالا وبيانا وقال تعالى على لسان زكريا ربي اني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا شبه الرأس بالوقود ثم حذف المشبه به. ورمز اليه بشيء من لوازمه. وهو اشتعل على سبيل الاستعارة المكنية والقرينة اثبات الاشتعال للرأس وقال اعرابي في المدح فلان يرمي بطرفه حيث اشار الكرم شبه الكرم بانسان ثم حذف ورمز اليه بشيء من لوازمه وهو اشار على سبيل الاستعارة المكنية والقرينة اثبات الاشارة للكرم. وبذلك نكون انتهينا من هذا الدرس الجميل الاستعارة التصريحية والمكنية