بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد فان الامام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله امام من الائمة المجتهدين امام نشر الله به اظهر الله به عقيدة اهل السنة والجماعة وصار من بعده يستفيد منه في القديم والحديث حتى ان بعض بعض تلاميذه اقسم بالله بان هناك اناس في اصلاب الرجال سوف يخرجهم الله وينشرون كتب شيخ الاسلام. في وقت تحارب كتب شيخ الاسلام قد تحقق هذا في عصرنا والحمد لله. اه اسمه ونسبه هو احمد تقي الدين ابو العباس ابن عبد الحليم ابن عبد السلام ابن عبد الله ابن ابي القاسم الخضر ابن محمد ابن الخضر ابن علي ابن عبد الله ابن تيمية الحران. وذكر ترجموه اقوالا في سبب تلقيب العائلة بال تيمية. منها ما نقله ابن عبد الهادي رحمه الله ان جده محمدا كانت امه تسمى تيمية وكانت واعظة فنسب اليها وعرف بها. وقيل ان جده محمد بن الخضر حج على درب تيماء فرأى هناك طفلة فلما رجع وجد امرأته قد ولدت له بنتا فقال يا تيمية يا تيمية فلقب بذلك. مولده ونشأته ولد رحمه الله يوم الاثنين عاشرا الثاني عشر من ربيع الاول سنة احدى وستين وستمائة من الهجرة في حران. وفي سنة سبع وستين وستمائة للهجرة اغار التتار على بلده فاضطرت عائلته الى ترك حران متوجهين الى دمشق وبها كان مستقر العائلة حيث طلب العلم على ايدي بعلمائها منذ صغره فنبغ ووصل الى مصاف العلماء من حيث التأهل للتدريس والفتوى قبل ان يتم العشرين من عمره. ومما ذكره ابن عبدالهادي رحمه الله عنه في صغره انه سمع مسند الامام احمد بن حنبل مرات وسمع الكتب الستة الكبار والاجزاء ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير وعني بالحديث وقرأ ونسخ وتعلم الخط والحساب في المكتب وحفظ القرآن واقبل على الفقه وقرأ العربية على ابن عبدالقوي ثم فهمها واخذ يتأمل كتاب السبويه حتى فهم في النحو واقبل على التفسير اقبالا كليا حتى حاز فيه قصب السبق. واحكم اصول الفقه وغير ذلك. هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة. الله اكبر. فانبهر اهل دمشق من فرط ذكاءه وسيلان ذهنه وقوة حافظته وسرعة ادراكه. وقل كتاب من فنون العلم الا وقف عليه. كان الله قد خصه بسرعة الحفظ وابطاء النسيان لم يكن يقف على شيء او يستمع لشيء غالبا الا ويبقى على خاطره. اما بلفظه او معناه وكان العلم كانه قد اختلط بلحمه ودمه وسائله. فانه لم يكن مستعارا بل كان له شعارا ودثارا. الله اكبر. ولم يزل اباؤه اهل التامة والنقل والقدم الراسخة في الفضل في الفضل. لكن جمع الله له ما خرق بمثله العادة ووفقه في جميع عمره لاعلام السعادة وجعل مآثره وجعل مآثره لامامته اكبر شهادة. هذا من الاعلام العلية للبزار. وكان رحمه الله حسن الاستنباط قوي الحجة سريع البديهة. قال عنه البزار رحمه الله واما ما وهبه الله تعالى ومنحه من استنباط المعاني من الالفاظ النبوية والاخبار المروية وابراز الدلائل منها على المسائل وتبيين مفهوم اللفظ ومنطوقه وايظاح المخصص للعام والمقيد والناسخ للمنسوخ وتبيين ضوابطها ولوازمها وملزوماتها وما يترتب عليها وما يحتاج فيه اليها حتى اذا ذكر او حديثا وبين معانيه وما اريد فيه. يعجب العالم الفطن من حسن استنباطه. ويدهشه ما سمعه او وقف عليه منه. وكان رحمه الله ذاع صافي انت فاقتصاد في الملبس والمأكل سينا تقيا برا بامه ورعا عفيفا عابدا ذاكرا لله في كل امر على كل حال. رجاعا الى الله في سائر الاحوال والقضايا وقافا عند حدود الله واوامره ونواهيه. امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر. لا تكاد نفسه تشفع من العلم فلا تروى من المطالعة ولا تمل من من الاشتغال ولا تكل من البحث. قال قال ابن عبد الهادي المتوفى سنة اربعة واربعين وستة وسبعمائة رحمه الله قال عنه ثم لم يبرح شيخنا رحمه الله في ازدياد من العلوم وملازمة الاشتغال والاشغال وبث العلم ونشره والاجتهاد في سبل الخير حتى انتهت اليه الامامة في العلم والعمل والزهد والورع والشجاعة والكرم والتواضع والحلم والجلالة والمهابة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر انواع الجهاد مع الصدق والعفة والصيانة وحسن القصد والاخلاص والابتهال الى الله وكثرة الخوف منه وكثرة المراقبة له وشدة التمسك بالاثر والدعاء الى الله وحسن الاخلاق ونفع الخلق الاحسان اليهم والصبر على من اذاه والصف عنه والدعاء له وسائر انواع الخير. الله اكبر. الله اكبر. انتهى كلامه رحمه الله. بعد هذا ننتقل الى الكلام عن محن الشيخ رحمه الله امتحن الشيخ رحمه الله مرات عدة بسبب نكاية الاقران ولما كانت منزلة شيخ الاسلام في الشام عالية عند الولاة وعند الرعية وشابه ضعاف النفوس عند الولاة في مصر. ولم يجدوا غير القدح في عقيدته فطلب الى مصر وتوجه اليها سنة خمس وسبعمئة من الهجرة بعدما عقدت له مجالس في دمشق لم يكن للمخالف فيها حجة بعد ان وصل الى مصر بيوم عقدوا له محاكمة كان يظن شيخ الاسلام رحمه الله انها مناظرة فامتنع عن الاجابة حين علم ان الخصم والحكم واحد واستمر في السجن الى شهر صفر سنة سبع وسبعمئة هجرية حيث طلب منه وفد من الشام بان يخرج من السجن فخرج واثر البقاء في مصر على رغبتهم الذهاب معهم الى دمشق. وفي اخر السنة التي اخرج منها من السجن تعالت صيحات الصوفية في مصر ومطالباتهم في اسكات صوت شيخ الاسلام رحمه الله. فكان ان خير شيخ الاسلام بين ان يذهب الى دمشق او الى الاسكندرية او ان يختار الحبس فاختار الا ان طلابه ومحبيه اصروا عليه ان يقبل الذهاب الى دمشق. ففعل نزولا عند رغبتهم والحاحهم والحاحهم. وما ان خرج موكب شيخ اسلام من القاهرة متوجها الى دمشق حتى لحق به وفد من السلطان ليردوه الى مصر. ويخبروه بان الدولة لا ترضى الا الحبس. وما هي الا مدة قليلة حتى خرج من السجن وعاد الى دروسه واكب الناس عليه ينهلون من علمه. وفي سنة تسع وسبع مئة من الهجرة توفي من القاهرة الى الى الاسكندرية. وكان هذا من الخير لاهل الاسكندرية. ليطلبوا العلم على يديه. ويتأثروا من مواعظه. ويتقبل منهجه لكن لم يدم الامر طويلا لهم فبعد سبعة اشهر طلبه الى القاهرة الناصر قلاوون بعد ان عادت الامور اليه واستقرت الامور واستقرت امور بين يديه. فقد كان من مناصر ابن تيمية رحمه الله. وعاد الشيخ الى دروسه العامرة في القاهرة. وامتحن شيخ الاسلام رحمه الله بسبب فتواه في مسألة الطلاق. وطلب منه ان يمتنع عن الافتاء بها فلم يمتنع. حتى سجن في القلعة من دمشق بامر من نائب السلطنة سنة عشرين او سبع مئة الى صيغة احدى وعشرين او سبع مئة من الهجرة لمدة خمسة اشهر وبضعة ايام. وبحث حساده عن شيء للوشاية به الولاة فزوروا كلاما له حول زيارة القبور وقالوا بانه يمنع من زيارة القبور حتى قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. صلي وسلم على رسول الله كتب نائب السلطنة في دمشق الى السلطان في مصر بذلك ونظروا في الفتوى دون سؤال صاحبها عن صحتها ورأيه فيها. فصدر الحكم بحقه في شعبان من سنة ستين وعشرين وستمائة وسبعمائة من الهجرة بان ينقل الى قلعة دمشق ويعتقل فيها هو وبعض اتباعه واشتدت محنته سنة ثمان وعشرين او سبعمئة هجرية حين اخرج كما كان عند الشيخ من الكتب والاوراق والاقلام ومنع من ملاقاة الناس ومن الكتابة والتأليف. وفاته رحمه الله في ليلة الاثنين بعشرين من ذي القعدة من سنة ثمان وعشرين وسبعمائة من الهجرة توفي شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بقلعة دمشق التي كان محبوسا فيها واذن للناس بالدخول فيها. ثم غسل فيها. وقد اجتمع الناس بالقلعة والطريق الى جامع دمشق. وصلي عليه بالقلعة ثم وضعت جنازته في الجامع والجند يحفظونها من الناس من شدة الزحام. الله اكبر. ثم صلي عليه بعد صلاة الظهر. ثم حملت الجنازة واشتد الزحام فقد اغلق الناس حوانيتهم ولم يتخلف عن الحضور الا القليل من الناس او من اعجزه الزحام. وصار النعش على الرؤوس تارة يتقدم وتارة وتأخر وتارة يقف حتى يمر الناس وخرج الناس من الجامع من ابوابه كلها وهي وهي شديدة الزحام. رحمه الله الله اكبر. اه مؤلفاته. مؤلفاته الشيخ الاسلامي رحمه الله كثيرة. يصعب احصاؤها. وعلى كثرتها فهي لم توجد في بلد معينا في زمانه انما كانت مبثوثة بين الاقطار. كما قال الحافظ البزار رحمه الله حيث قال واما مؤلفاته ومصنفاته فانها اكثر من ان اقدر على احصائها. او يحضرني جملة اسمائها. بل هذا لا يقدر عليه غالبا احد. لانها كثيرة جدا كبارا وصغارا او هي منشورة في البلدان فقل بلد نزلته الا ورأيت فيه من تصاريفه. وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله المتوفى سنة خمس وتسعين او سبعمائة. واما تصانيفه رحمه الله فهي اشهر من ان تذكر. فهي اشهر من ان تذكر واعرف من ان تنكر سارت مسير الشمس في الاقطار وامتلأت بها البلاد والامصار. قد جاوزت حد الكثرة. فلا يمكن احد حصرها ولا يتسع هذا المكان المعروف منها ولا ذكرها. وذكر ابن عبد الهادي في المتوفى سنة اربع واربعين وسبع مئة من الهجرة. رحمه الله ان اجوبة الشيخ يشق ضبطها ويعصر حصرها واستقصاؤها لكثرة مكتوبه وسرعة كتابته اضافة الى انه يكتب من حفظه من غير نقل فلا يحتاج الى مكان معين للكتابة ويسأل عن الشيء فيقول قد كتبت في هذا فلا يدرى اين هو. الله. فيلتفت الى اصحابه ويقول ردوا واظهروه لينقل فمن حرصهم عليه لا يردونه. ومن عجزهم لا ينقلونه. فيذهبوا ولا يعرف اسمه. ولما حبس شيخ الاسلام رحمه الله فاصحابه من اظهار كتبه وتفرقوا في البلدان ومنهم من تسرق كتبه فلا يستطيع ان يطلبها او يقدر على تخليصها. ثناء العلماء عليه قال العلامة كمال الدين ابن زملكان المتوفى سنة سبعا وعشرين او سبعمئة كان يعني شيخ الاسلام رحمه الله اذا سئل عن فن من العلم ظن الرأي والسامع انه لا يعرف غير ذلك الفن. وحكم ان احد لا يعرفه مثله. وكان الفقهاء من سائر الطوائف اذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك. ولا يعرف انه نظر احدا فانقطع معه. ولا تكلم في علم من العلوم سواء اكان من علوم الشرع ام غيرها الا فاق فيه اهله. هم. والمنسوبين اليه. اه. وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين وقال ايضا فيه اجتمعت شروط الاجتهاد على وجهها. وهذا هذا كلام صحيح. هم. وذكر رحمه الله في اه اه ترى تعارض العقل والنقل انه قال رحمه الله انا ملتزم لكل مبطل يستدل بدليل او بحجة ان اجعل حجته دليل عليه. الله اكبر وحجة عليه. رحمه الله. وقال ابن دقيق العيد رحمه الله لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلا العلوم كلها بين عينيه. يأخذ منها ما يريد ويدع ما يريد. وقال ابو البقاء السبكي والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية الا جاهل او صاحب وهواء فالجاهل لا يدري ما يقول وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به. منها قول الذهبي رحمه الله ابن تيمية الشيخ الامام العالم المفسر الفقيه المجتهد الحافظ المحدث شيخ الاسلام نادرة العصر ذو التصنيف الباهرة والذكاء المفرط وقوله ونظر في الرجال والعلل وصار من ائمة النقد ومن علماء الاثر مع التدين والنبالة والذكر والصيانة ثم اقبل على الفقه قائقه وقواعده وحججه والاجماع والاختلاف حتى كان يقضي منه العجب. اذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف ثم يستدل ويرجح ويجتهد وحق له ذلك فان شروط الاجتهاد كانت قد اجتمعت فيه. فانني ما رأيت احدا اسرع انتساعا للايات الدالة على المسألة التي يريدها ولا اشد استحظارا لمتون الاحاديث وعزوها الى الصحيح او المسند او الى السنن منه. الله اكبر. كأن الكتاب والسنن نصب عينيه يا الله. وعلى طرف لسانه بعبارة رشيقة وعين مفتوحة وافحام للمخالف. وقال هذا كله مع ما كان عليه من الكرم الذي لم اشاهد مثله قط. اها. والشجاعة المفرطة التي يضرب بها المثل. والفراغ من ملاذ النفس من اللباس الجميل والمأكل الطيب الدنيوية. يا سلام. وقال فيه ايضا كان قوالا بالحق. الله. نهاء عن المنكر. لا تأخذه في الله لومة لائم. ذا سطوة قضا وعدم مداراة الاغيار. ومن خلطه عرفه قد ينسبني الى التقصير في وصفه. لا اله الا الله. وقال عنه لا يؤتى من سوء فهم فله الذكاء المفرط ولا من قلة علم فانه بحر زخار بصير بالكتاب والسنة عديم النظير في ذلك ولا هو بمتلاعب بالدين فلو كان كذلك لكان اسرع شيء الى مداهنة خصومه وموافقتهم ومنافقتهم. ولا هو ينفرد بمسائل بالتشهي. فهذا الرجل لا ارجو على ما قلته فيه دنيا دنيا ولا مالا ولا جاها بوجه اصلا. مع خبرتي التامة به ولكن لا يسعني في ديني ولا في عقلي ان اكتم محاسنه وادفل فضائله وابرز ذنوبا له مغفورة في سعة كرم الله تعالى. وقال الشوكاني رحمه الله امام الائمة المجتهد المطلق. رحم الله وهو شيخ الاسلام ابن تيمية واسكننا واياه في