اقرب لحصول المقصود. كما تقدم من قوله ما بال اقوام يشترطون ليست في كتاب الله. الى اخره. ثم بين هديه وسنته فقط قال لكني اصلي وانام واصوم وافطر واتزوج النساء وفي بعض الاحاديث واكل اللحم. اي ان دينه يسر كله ثم حذر من مخالفة هديه فقال فمن رغب عن سنتي فليس مني فهذا هديه صلى الله عليه وعلى اله وسلم بصاعين من التمر الرديء. وقصده كما صرح به. ان يطعم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من التمر الطيب. فلما اخبره بذلك قال اوه عين الربا لا تفعل. وقوله او هذه عنهما انه قال قضى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم العمرة لمن وهبت له. وفي لفظ من اعمر عمرة فهي له ولعقل فانها للذي اعطيها. لا ترجع للذي اعطاها. لانه اليه وهل يستحب او يباح اخذ اللقطة الصحيح انه يستحب لمن امن من نفسه. ولو قيل بوجوبه فلا مانع. لانه من الاموال على اهلها. وان لم يثق من نفسه لم يجز له التقاطها المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله باب التمتع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. باب التمتع الانساك ثلاثة. احدها الافراد وهو ان يحرم بالحج وحده. فاذا دخل مكة طاف للقدوم وهو سنة. ثم ان شاء سعى للحج. وان شاء اخره بعد طواف الزيارة. ثم لم يحلل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن نحر الثاني القران وهو ان ينوي الاحرام بالعمرة والحج جميعا فاذا دخل مكة طاف للقدوم ويفعل كالمفرد. الا ان افعاله تكون للحج والعمرة ويتداخلان. ويجب على الافقي دم. لانه حصل له نسكان في سفرة واحدة. الثالث التمتع. وهو ان يحرم بالعمرة في اشهر الحج. ثم اذا دخل مكة طاف للعمرة وسعى لها. ثم حلق او قصر. ثم حل له كل شيء ثم يحرم بالحج في عامه. ويجب عليه ان كان افقيا دم كالقارن لانه حصل له نسكان في سفرة واحدة. ولهذا قال تعالى فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي. الاية والتمتع في لسان الشارع يدخل فيه التمتع والقران. ولهذا العلماء ان الاية تعم التمتع والقران. السابع والعشرون والمائتان الحديث الاول عن ابي جمرة نصر ابن عمران الضبعي انه قال سألت ابن عباس عن المتعة فامرني بها. وسألته عن الهدي. قال فيه تزور او بقرة او شاة او شرك في دم. قال وكان اناس كرهوها كنت فرأيت في المنام كأن انسانا ينادي حج مبرور ومتعة متقبلة فأتيت ابن عباس فحدثته فقال الله اكبر. سنة ابي القاسم صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي جمرة نصر ابن عمران سألت ابن عباس عن المتعة الى اخره. سبب سؤاله ان اناسا كرهوها. كما صرح به ابو جمرة فانه كان فيها خلاف في زمن السلف. وكان عمر عنها كما يأتي وكان بعضهم يوجبها ولكن بعد ذلك اتفق الناس على مشروعيتها. وكان ابن عباس يميل الى وجوبها. ولهذا امر بها يا ابا جمرة وقوله فسألته عن الهدي اي الذي امر الله به المتمتع في قوله فما استيسر من الهدي. فقال فيه جزور اي بدنة او بقرة او شاة او شرك في دم. اي سبع بدنة او سبع بقرة. وافضلها بدنة ثم البقرة ثم الشاة. ثم سبع البدنة ثم سبع البقرة. قوله ثم نمت فرأيت كان انسانا ينادي الى اخره. اي انه اتبع ما امره فيه ابن عباس فتمتع فرأى هذه الرؤيا التي تدل على فضل المتعة. فلما ما اخبر بها ابن عباس كبر وقال سنة ابي القاسم صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي ان هذه السنة فحمد الله على ذلك. الثامن والعشرين الشرون والمائتان الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجة الوداع بالعمرة الى الحج واهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة. وبدأ رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم. فاهل بالعمرة ثم اهل بالحج. فتمتعا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فاهل بالعمرة الى الحج فكان من الناس من تمتع فساق الهدي من ذي الحليفة. ومنهم من لم يهدئ فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال للناس من كان منكم قد اهدى فانه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن اهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة. وليقصر وليحلل. ثم اهل بالحج واليهد. فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة ايام في الحج. وسبعة اذا رجع الى اهله فطاف رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. حين قدم الى مكة واستلم الركن اول شيء. ثم خب ثلاثة اشواط من السبع. ومشى اربعة وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين. ثم انصرف فاتى صفا وطاف بين الصفا والمروة سبعة اشواط. ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجه. ونحر هديه يوم النحر. وافاض فطاف بالبيت. ثم حل من كل شيء حرم عليه. وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اهدى فساق الهدي من الناس. رواه البخاري ومسلم. قال قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر تمتع رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجة الوداع. الى اخره المراد بقوله تمتع القران. كما ثبت في احاديث كثيرة. قال الامام احمد رحمه الله لا اشك ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم احرم قائلا والمتعة احب الي. لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم امره واصحابه بها. وتأسف وقال لو استقبلت من امري ما استدبرت ما سقت الهدية ولا احللت معكم. وقوله في حجة الوداع وهي سنة عشر. ولم يحج بعد الهجرة غيرها. وسميت حجة الوداع لانه لم يحج بعدها. ولان خطبه في هذه الحجة. فيها اشارات الى توديع الناس. وانه لا يحج بعدها هذا العام ولم يمكث بعد رجوعه الا بضعة وثمانين يوما. ثم توفاه الله تعالى، صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وحفظ عنه في هذه الحجة الواحدة جميع احوال الحج. وما يشرع فيه. فكل فعل فعله فقد حفظه الصحابة رضي الله عنهم وقد حثهم على ذلك. وكان يقول خذوا عني مناسككم وهذا الحديث عبارة عن منسك مختصر. وقوله واهدى فساق الهدي من ذي الحجة شايفة فيه استحباب سوق الهدي. وكان الذي ساق من ذي الحليفة. مع الذي الذي جاء به علي من اليمن مائة بدنة. كلها هدي من رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى البيت الحرام. فنحر منها رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثلاثا وستين بيده الشريفة. عدد اعوام عمره الشريف وباقيها وكل في نحرها عليا. وقوله وبدأ رسوله قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاهل بالعمرة. ثم اهل بالحج ليس معناه انه فعل افعال العمرة. ثم فعل افعال الحج. بل انه بدأ بذكر فيها في تلبيته. فانه يستحب ذكر النسك في اول التلبية وفي اثنائها فيقول المفرد لبيك حجا. ويقول المتمتع لبيك عمرة. ويقول القارن عمرة وحجا. ولو قدم الحج فقال لبيك حجا وعمرة فلا بأس. ولكن قوله لبيك عمرة وحجا افضل. وهو فعله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قوله فكان من الناس من تمتع الى اخره. اي ان بعض الناس قرن وبعضهم وبعضهم افرد الحج وبعضهم ساق الهدي وهم القليل. وبعضهم لم يسقه هم اكثر الناس وقوله فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال للناس الى اخره. اي انه امر من لم يسق الهدي يتحلل بعمرة فيطوف لها ويسعى لها ويحلق او يقصر ثم يحل وبعضهم امره بذلك بعد الطواف والسعي. فكان اولا طوافه اولي القدوم. فلما امره بذلك نوى العمرة. فانقلب الطواف والسعي للعمرة وقصر وحل. وهذه من غرائب العلم. فانه بعدما فرغ من العبادة وهو قد فعلها على وجه السنة نواها للعمرة. فاجزأته عن الواجب. وجاز له بل ان هذا افضل. وبعضهم يوجبه كما تقدم. فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. امرهم به وحتم عليهم ان يتحللوا بعمرة واما من ساق الهدي فانه لا يحل الا بعدما يقضي حجه هديه كما قال تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله. وكما صرح به في هذا الحديث ومن تحلل فانه يحرم بالحج يوم التروية. وهو الثامن من ذي الحجة استحبابا ويخرج الى منى فيصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر من اليوم التاسع فاذا طلعت الشمس سار الى عرفة ويستحب ان يأتيها من طريق وهو الطريق الايمن الواسع. فيجمع بها بين الظهر والعصر استحبابا يستحب ان يكون جمع تقديم ليتسع وقت الوقوف. ويقف راكبا او غير راكب. فيفرح الارفق به. وكل عرفة موقف الا بطن عرنة. والافضل ان يقف عند الصخرات جبل الرحمة فيجعله بين يديه مستقبل القبلة. ويدعو بما احب من خير الدنيا والاخرة. فاذا غربت الشمس دفع الى مزدلفة من طريق المأزمين. وهما الجبلان فاذا وصلها صلى بها المغرب والعشاء. يجمع بينهما جمع تأخير ويستحب فعلهما قبل حط رحله. ثم يبيت في مزدلفة هذه الليلة. وهي ليلة العيد ويصلي الصبح فيها بغلس. ثم يأتي المشعر الحرام. وهو الجبل الذي عليه مسجد فيدعو عنده بما احب من خير الدنيا والاخرة. وكل مزدلفة موقف فاذا اسفر جدا دفع الى منى فاذا وصلها بدأ بالرمي قبل كل شيء فرمى جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات. يرفع يده مع كل حصاة ويأخذ حصى الجمار من اي موضع شاء. من مزدلفة او من منى. فاذا رمى هديه ان كان معه هديا. ثم حلق ثم لبس وحلله كل شيء الا النساء وهذا التحلل الاول. فهو يحصل بفعل اثنين من ثلاثة. هي الرمي والحلق والطواف ثم يفيض الى مكة فيطوف للحج. ويسعى للحج ان كان متمتعا او غيره. ولم يكن سعى مع طواف القدوم. ثم قد حل له كل شيء حتى النساء ثم يرجع الى منى فيبيت بها ليلة احد عشر وليلة عشر وليلة الثالث عشر ان ان تأخر ويرمي كل يوم بعد الزوال الجمرات الثلاث. فيبدأ هنا وهي التي تلي مسجد الخيف. فيرميها بسبع حصيات متعاقبات ارفعوا يديه ويكبر مع كل حصاة. ويجعلها قدامه ومنى عن يساره ومكة عن يمينه فاذا فرغ منها تأخر او تقدم قليلا. ورفع يديه يدعو طويلا ثم الوسطى مثلها. لكن يجعلها عن يمينه. وقل من يدعو من اليوم عند الجمرات. ثم يذهب الى جمرة العقبة فيرميها كذلك. ويجعلها قدامه ومنى عن يمينه عن يساره كما يأتي. ولا يقف عندها ومن تعجل خرج من منى في اليوم الثاني عشر قبل الغروب. والا فيلزمه المبيت والرمي من الغد ولا يرخص لاحد في ترك المبيت في منى الليالي منى الا سقات زلزل زمزم ورعاة الابل. ومن تركه غيرهم فعليه دم. ويلزم المتمتع والقارن هدي. فمن لم يجد صام ثلاثة ايام في الحج. وسبعة اذا رجع الى اهله والله اعلم. التاسع والعشرون والمائتان. الحديث الثالث عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. انها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل انت من عمرتك. فقال اني لبت رأسي وقلدت هدي. فلا احل حتى انحر. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث حفصة انها قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة؟ الى اخره لان اكثرهم لم يسق الهدي. فامرهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يجعلوها عمرة. ويطوف ويسعوا ويحلقوا او يقصروا ويحلوا قوله اني لبثت رأسي اي انه مستعد وعالم بانه لا يحل الا يوم العيد وكان رأسه صلى الله عليه وعلى اله وسلم احيانا الى شحمة الاذن واحيانا الى الكتف واحيانا ينزل قليلا. وتلبيده اما بصمغ او نحوه بان لا يتشعث ويدخله الغبار في هذه المدة التي لا يرجله بها. وقوله قلدت هدي اي انه ساق الهدي ولولاه لحل معهم. وقلائل الهدي فتلتها ام المؤمنين عائشة وهي في المدينة. وفيه مشروعية تقليد الهدي. وتقليده يكون بشيء على خلاف العادة. اما قطع نعال او شن او لحاء شجرة ونحو ذلك وهو عام لجميع الهدي الابل والبقر والغنم. واما الاشعار فانه خاص للابل لانها اجلد من غيرها. وهو وان كان فيه تأليم للحيوان فهو سنة لانه اظهار لشعائر الله. والاشعار هو ان ينتف صفحة سنامها. ثم يبسطه حتى يسيل الدم ثم يتركه. والحكمة في ذلك ليعلم انه هدي فيحترم وكانوا يعظمون الهدي حتى اهل الجاهلية. وهو من شعائر الله العظيمة ولكن هجره الناس في هذه الازمنة الاخيرة. الثلاث والمائتان الحديث الرابع عن عمران بن حصين رضي الله عنهما انه قال قال انزلت اية المتعة في كتاب الله تعالى. ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولم ينزل قرآن بحرمتها. ولم ينهى عنها حتى مات. فقال رجل برأيه ما شاء. قال البخاري يقال انه عمر مرة. ولمسلم نزلت اية المتعة يعني متعة الحج. وامرنا بها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم لم تنزل اية تنسخ اية المتعة ولم ينه عنها رسول الله حتى مات. ولهما بمعناه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمران ابن حصين انزلت اية المتعة. الى اخره. ذكر الاصول الثلاثة. وهي هي الكتاب والسنة والاجماع. وهذا ابلغ ما يثبت به الامر. اي انها شرعت في الكتاب والسنة وفعل الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم ثم احترز من ادعاء النسخ فقال ولم تنزل اية تنسخها ولم ينه عنها حتى مات فانه قد يشرع الحكم ثم ينسخ. ولكن هذا الحكم لم ينسخ. وقوله فقط قال رجل الى اخره فسره البخاري رحمه الله بانه عمر وليعلم ان عمر لم ينه عنها اعتقادا انها لا تجوز. ولا معارضة لامر الرسول وانما هذا ارشاد منه واجتهاد. لانه رأى الناس يتكلون على هذه العمرة ولا يعتمرون في السنة غير العمرة التي مع الحج. فاراد رضي الله عنه الا يزال البيت معمورا بالحجاج والمعتمرين. وهذا ارشاد منه الى عدم الاتكال على العمرة التي تفعل مع الحج. ولكن الشارع اعلم بمصالح العباد في كل زمان ومكان مكان ولم نسمع احدا من ازمنة طويلة تجهز كما يتجهز للحج صدى البيت للعمرة فقط. وليس له شغل غيرها. باب الهدي قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الهدي الهدي ما يهدى للحرم من بهيمة الانعام وغيرها. وهو سنة. وافضله ما ما كان من بهيمة الانعام. وليس له وقت معين. الحادي والثلاثون مئتان الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها انها قالت فتلت عقلاء دهدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم اشعرها وقلدها او قلدتها. ثم بعث بها الى البيت واقام بالمدينة. فما حرم عليه شيء شيء كان له حلالا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى اخره. فيه مشروعية الهدي ومشروعية تقليده. ويكون كما تقدم بقلادة مخالفة للمعتاد. كشروث عال او اذان قرب. او قطع جلود او لحاء شجر ونحوه. وهو عام لجميع بهيمة الانعام. وفيه مشروعية الاشعار وهو خاص بالابل. وتقدم انه ازالة شعر احد جانبي السنام. وتمشيطه حتى يسيل الدم. وهو وان كان فيه تأليم فانه مشروع. لما فيه من المصالح. والحكمة في الاشعار والتقليد ليعلم انه هدي فيحترم. ولاظهار هذا الشعار. وفيه انه يشرع الهدي ولو كان المهدي مقيما ببلده لم يتلبس بنسك. وفيه انه لا يحرم عليه شيء من محظورات الاحرام. بسبب الهدي اذا لم يحرم. فان المحظور مرتبة على وجود الاحرام. وفيه قول شاذ انه يحرم على المهدي كل ما يحرم على المحرم ولو كان مقيما ببلده. والصحيح ما عليه الجمهور وهو صريح الحديث وفيه جواز التوكيل في الهدي كالعبادات المالية والله اعلم الثاني والثلاثون والمائتان. الحديث الثاني عن عائشة رضي الله الله عنها انها قالت اهدى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مرة غنما رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة اهدى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من غنما. فيه مشروعية الهدي. وقد اهدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جميع بهيمة الأنعام. ففي هذا الحديث انه اهدى غنما وفي حديث اخر انه اهدى عن نسائه بقرا. واهدى الابل عدة مرات ولكن الابل افضل. لانها اغلى واكثر لحما واعظم نفعا قد اختارها صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجته العظيمة حجة الوداع وكذلك يشرع اهداء الطعام والدراهم ونحو ذلك. ولكن بهيمة الانعام افضل لما فيه من اظهار الشعار. الثالث والثلاثون والمائتان الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه ان نبي الله صلى الله عليه على آله وسلم. رأى رجلا يسوق بدنه. قال اركبها. قال انها بدنة. قال اركبها. فرأيته راكبها يساير النبي صلى الله عليه على آله وسلم. وفي لفظ قال في الثانية او الثالثة. اركبها ويلك او ويحك. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة ان نبي الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رأى رجلا يسوق بدنه. اي هديا قال اركبها. قال انها بدنة. اي هدي الى اخره فيه مشروعية الهدي. وانه اذا احتاج صاحبه الى ظهره ركبه معروف وكذلك اذا احتاج الى حلبه حلبه بالمعروف. وقوله ويلك او ويحك. هذا حث له على ركوبها. واما مع عدم الحاجة الى ركوبها فلا يجوز ركوبها. وكذلك لا يجوز الزيادة على المعروف. فلا يثقلها حيث يبرها الرابع والثلاثون والمائتان. الحديث الرابع عن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه انه قال امرني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان اقوم على بدنه. وان اتصدق بلحمها وجلودها واجلتها الا اعطي الجزار منها شيئا. وقال نحن نعطيه من عندنا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث علي امرني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان اقوم على بدنه الى اخره. تقدم ان الهدي الذي جاء به علي من اليمن الذي ساق رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم معه مائة بدنة. ونحر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بيده الكريمة ثلاثا وستين. ووكل في نحر باقيها عليا رضي الله عنه. لانه من خواصه. وقد جاء بالهدي من زمني وله فيه شركة. وفي هذا الحديث عدة فوائد. منها مشروعية الهدي ومنها جواز التوكيل في نحره. فقد وكل عليا في نحرها معه جزار يسلخها ويقطع لحمها. فهو لم يتولى الا النحر فقط والعبادات قسمان. مالية وبدنية. فالمالية يجوز التوكيل فيها كالزكاة والذبح والكفارات وغيرها. والبدنية محضة لا يجوز التوكيل فيها كالصلاة والصيام ونحوها. والفرق بينهما ان البدنية المقصود ان يفعلها اهو ولا تتم المصلحة الا بفعله هو. واما المالية فالمقصود مجرد اخراجها وفعلها. وفيه مشروعية الصدقة بلحم الهدي والاضحية او اكثره وما يذبح قسمان. قسم لا يجوز لصاحبها الانتفاع منه. ولا هل يجوز دفعه للغني؟ وهو الكفارات والنذور وما وجب في الاحرام. او محظور او ترك واجب. فذلك كجزاء الصيد وجميع انواع الفدية لانها كثرة سارة فلا ينتفع فيها من وجبت عليه. وقسم يجب الصدقة منها ويجوز لصاحبها الاكل منها. ويجوز الدفع للغني هدية. وهي الاضحية والعقل وهدي التمتع والقران والهدي المستحب. قال الفقهاء ويسن ان يأكل فثلوثا ويهدي ثلثا ويتصدق بثلث. والاحسن النظر للمصلحة والحاجة. وان يتصدق باكثرها. ويستثنى من جواز الاكل من الهدي مسألة وهي اذا خيفت لفوا الهدي قبل ان يبلغ محله. فانه يذبحه ويتركه للناس ولا يجوز ان يتناول منه شيئا. لا هو ولا احد من رفقته اي اهل خبرته. دفعا للتهمة في التفريط في حفظه. ومن الفوائد في هذا الحديث انه لا يباع شيء منها حتى الجلد الذي لا يؤكل. فيتصدق به او ينتبه به. ومنها انه يتصدق بجميع ما يتعلق بها حتى الاجلة ونحوها لان ما اخرجه الانسان لله تعالى. لا يجوز الرجوع في شيء منه. ومن ها انه لا يعطي جازرها اجرته ولا بعضها منها. فلا يعاوض عن شيء من انها ابدا. ومثله الدباغ لا يجوز اعطاؤه شيئا من الجلود عن دبغها كما يفعل بعض الناس ولا يجوز المبادلة فيها لانها نوع من المعاوضة وبعض الناس اليوم يبادل بالجلد ويظن ان ذلك جائز وهو لا يجوز لان انه بيع وبعضهم يتخذ لذلك حيلة فيقول اهد لي جلد اضحيتك واهدي لك جلد اضحيتي. وهذا لا يجوز. الخامس والثلاثون والمائتان الحديث الخامس. عن زياد بن جبير انه قال رأيت ابن عمر قد اتى على رجل قد اناخ بدنته فنحرها فقال ابعثها قياما مقيدة سنة ابي القاسم صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث زياد ابن جبير رأيت ابن عمر اتى على رجل الى اخره. في ان الابل تنحر نحرا. اي مع اصل الرقبة. واما غيرها من الحيوانات فيذبح ذبحا مع اعلى الرقبة مما يلي الرأس. وفيه ان السنة نحر الابل قائمة مقيدة. ولهذا قال تعالى فاذكروا اسم الله عليها صوابا اي واقفات فاذا وجبت جنوبها اي سقطت الى الارض فكلوا منها. الاية والان يشق لان الناس لم يعتادوه والا فهو يسير مع اعتياده. خصوصا مع حذق الجزار وحدة الالة ونحرها في هذه الحالة اسرع لموتها ونزوف دمها. ويستقبل بنحرها القبلة بابا ويضجع غيرها هذا السنة. واما الواجب فهو ان يسمي ويقطع الحلقوم وهو مجرى النفس. والمريء مجرى الطعام والشراب. فاذا قطعهما مع المنحر او المذبح او وسط الرقبة حل المذبوح. هذا المقدور عليه. واما غير المقدور عليه كالطير في الهواء. والبعير الشارد الذي لا يقدر عليه. فذكاته في اي موضع تيسر من بدنه. باب الغسل للمحرم. قال الشيخ الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الغسل للمحرم. اما الغسل للاحرام فلا خلاف في استحبابه وانه متأكد. ولهذا امر به من ليس اهلا سارك الحائض والنفساء. واما غسل المحرم رأسه ففيه خلاف شاذ انه لا يغسل رأسه لانه مظنة سقوط الشعر الردي ونحوه. والصحيح انه لا بأس به. ولو سقط من شعره شيء. فالصحيح ان ازالة الشعر والظفر طيب لا بأس به. ما لم يتعمد لانه من الترفه. فلو ازاله ناسيا او فلا شيء عليه. وقيل انه اتلاف. فيلحق بقتل الصيد. ففي فيه الفدية ولو ازاله جاهلا او ناسيا. وهذا المشهور من المذهب والصحيح الاول السادس والثلاثون والمائتان. الحديث الاول عن عبدالله بن حنين ان ابن عباس رضي الله عنهما والمسورة ابن محرمة اختلفا بالابواء. فقال ابن عباس يغسل المحرم رأسه. وقال المسور لا يغسل المحرم رأسه. قال ابن عباس الى ابي ايوب الانصاري. فوجدته يغتسل بين القرنين وهو مستتر بثوب فسلمت عليه فقال من هذا؟ فقلت انا عبد الله ابن حنين اليك ابن عباس يسألك. كيف كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما يغسل رأسه وهو محرم. فوضع ابو ايوب يده على الثوب فطأطأه حتى لي رأسه ثم قال لانسان يصب عليه الماء اصبب. فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه. فاقبل بهما وادبر. ثم قال هكذا رأيته صلى الله عليه وعلى اله وسلم يفعل. وفي رواية فقال المسور لابن عباس لا بعدها ابدا. رواه البخاري ومسلم. القرنان العمودان اللذان تشد فيهما الخشبة التي تعلق عليهما البكرة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في في تعليقاته قوله في حديث عبدالله بن حنين ان ابن عباس والمسورة بن مخرمة اختلف بالابواء. اي بالموضع المسمى بالابواء. وهو من وراء الجحفة قرب والدان وهو الموضع المسمى الان مستورة. وكان المسور وابن عباس متقاربي السن فقال ابن عباس يغسل المحرم رأسه. وقال المسور لا يغسل رأسه. اي خوف سقوط شيء من شعره. قوله فارسلني ابن عباس الى ابي ايوب الانصاري. اي اسأله لانه لا تخفى عليه. وهو من اخوال الرسول من بني النجار. وهو الذي عليه الرسول لما هاجر الى المدينة. فمن المصادفة العجيبة انه وجده يغتسل قال فوجدته يغتسل بين القرنين وهو مستتر بثوب. فسر المؤلف القرنين وهما القامة. قوله ارسلني اليك ابن عباس يسألك. كيف كان رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يغسل رأسه وهو محرم. انظر سؤاله رضي الله عنه فانه قد تيقن انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم يغسل رأسه وهو محرم. ولكن لم يطمئن خاطر المسور. وكان عنده في ذلك شيء. فلما كان ابن عباس قد تيقن ذلك ولعل الذي اخبره وبذلك ابو ايوب لم يأمره ان يسأله. هل كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم يغسل رأسه وهو محرم بل امره ان يسأله عن كيفية غسله رأسه فيحصل العلم بانه يغسل رأسه. ويطمئن لذلك المسور. ويحصل لهم زيادة علمي بكيفية ذلك. قوله فوضع ابو ايوب يده على الثوب. اي الذي هو مستتر به فطأطأه. الى اخره. اي ليحصل التعليم بالفعل فيكون ابلغ فلما علم بذلك رجع فاخبرهما. فقال المسور لابن عباس لا اماريك بعدها ابدا. اي لانه دائما يماريه. ويكون بينهما البحث في مسائل العلم والاختلاف فلما رأى ما مع ابن عباس من زيادة العلم التزم انه لا يخالف في شيء ابدا ففيه انه لا بأس ان يغسل المحرم رأسه. وفيه انه ينبغي للعلماء طلبة العلم البحث في مسائل العلم. والتذاكر فيما بينهم. فاذا لم يتفقوا على لا مسألة سألوا من هو اعلم بها منهم. فان بذلك يدرك العلم وتحيا الامة وبقدر ما يهمل من العلم وبترك التعلم تنحط الامة. ويفوتها خير الدين والدنيا فلا حياة ولا شرف ولا عز الا بالعلم. باب فسخ الحج الى العمرة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب فسخ الحج الى العمرة اختلف العلماء في ذلك. فمذهب الجمهور ومنهم الائمة الثلاثة ان ذلك لا يجوز. قالوا لانه ابطال للحج. وقد امر الله تعالى وقال الامام احمد انه مشروع لمن لم يسق الهدي. وقد اثارت بذلك الاحاديث حتى بلغت حد الاستفاضة. بل قال بعضهم بلغت حد وليس عند من يمنع من الفسخ حجة تقاومها. وجملة ما عندهم قولهم ان ذلك خاص بالصحابة. وكذلك قول بعضهم ان هذا منسوخ. وكل هذا هذه شبه لا تقاوم النصوص الصحيحة الصريحة. اما قولهم ان ذلك خاص الصحابة فان الاصل ان الحكم اذا ورد لبعض الصحابة فانه عام لجميع الامة ما لم يرد نص بالخصوص. كما في حديث ابي بردة ابن نيار المتقدم فكيف اذا ورد جوازه للصحابة كلهم؟ فانه يكون جائزا لجميع الامة فكيف وقد قيد الله من سأل رسوله عن هذه المسألة بالخصوص. لما علم تعالى انه سيدعي بعد ذلك احد النسخ او الخصوص. فانه لما امر وهم الرسول ان يجعلوها عمرة. قال له سراقة ابن مالك الجعشمي يا رسول الله العامنا هذا ام للابد؟ قال بل للابد. وهذا نص صريح لا لا يقبل التأويل. واما قول من يقول انه منسوخ. فهذا ايضا دعوة لا دليل عليها فانها لا تقبل الا بوجود نص مناقض لهذه النصوص. وانى لهم ذلك ويشترط ايضا ان يعلم تاريخهما. وان ذلك متأخر. ومحال ان يوجد ذلك او ان يكون منسوخا. وقد قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما سئل العامنا هذا ام للابد؟ قال بل للابد. فكيف ينسخ وقد اخبر انه ابد واما قول من يقول ان الله تعالى قال ولا تبطلون اعمالكم وامر باتمام الحج وفسخه الى العمرة ابطال له. فنقول ان الذي انزل عليه ولا تبطلوا اعمالكم هو الذي امر اصحابه بفسخ الحج الى العمرة والحق ان هذا ليس ابطالا. وانما هو اصلاح. فانه فعل لافضل النسكين فانه لا يجوز الفسخ الا لمن يفسخه الى العمرة. ويحرم بالحج من عامه فاما من اراد ان يفسخ الحج الى العمرة ويتحلل. ولا يحرم بالحج من عامه فلا والعجب ان هذا القول الصحيح بل الصواب الذي لا ينبغي القول بغيره. هو من مفردات الامام احمد. ولما قال له سلمة بن شبيب يا ابا عبد الله كل شيء فيك حسن جميل غير واحدة. تقول يفسخ الحج الى العمرة. قال الامام احمد احسب انك كذا فيعني عاقلا او كلاما نحوه. عندي فيها تسعة عشر حديثا صحاحا جيادا ااتركها لقولك انتهى السابع والثلاثون والمائتان الحديث الاول عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه قال اهل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه بالحج. وليس مع احد منهم هدي غير النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وطلحة. وقدم علي من اليمن فقال اهللت بما اهل به النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصحابه ان يجعلوها عمرة فيطوف ثم يقصروا ويحلوا. الا من كان معه الهدي. فقالوا ننطلق سئل منى وذكر احدنا يقطر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم سلم فقال لو استقبلت من امري ما استدبرت ما اهديت. ولولا ان معي الهدي لاحللت وحاضت عائشة فنسكت المناسك كلها. غير انها لم تطف بالبيت فلما طهرت طافت بالبيت قالت يا رسول الله ينطلقون بحج وعمرة ننطلق بحج فامر عبدالرحمن بن ابي بكر بان يخرج معها الى التنعيم. فاعتمرت بعد حج رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فمما يدل على جواز فسخ الحج الى العمرة. ما ذكره في حديث جابر بن عبدالله لانه قال اهل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه بالحج وليس مع احد منهم هدي. اي ان الذين ساقوا الهدي قليل. فمنهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومنهم طلحة. وقوله فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصحابه ان يجعلوها عمرة فيطوف اي بالبيت وبين الصفا والمروة. ثم يقصروا ويحلوا. اي حلا كاملا كما يأتي الا من كان معه هدي لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم قم حتى يبلغ الهدي محله. ومثل الحلق غيره من المحظورات كانوا لم يعتادوا هذه الحالة. لانهم في الجاهلية ينهون عن العمرة في اشهر الحج نهيا شديدا ايه ده! ولهذا قالوا ننطلق الى منى وذكروا احدنا يقطر. اي ان انه مستغرب هذه الحالة وتحرجوا منها. وقالوا نخرج الى منى احدنا يقطر وكان صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد امرهم بالعمرة عند الاحسان احرام امر ارشاد. فمنهم من افرد ومنهم من تمتع. ومنهم من قرن كما تقدم ولما قدموا امر من لم يسق الهدي ان يجعلوها عمرة فلما طافوا وسعوا حتم عليهم ان يجعلوها عمرة. ويقصروا او يحلقوا ويحلوا فينقلب الطواف والسعي للعمرة. وكان ابن عباس يميل الى وجوب جعلها عمرة. لتحطيم الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم على اصحابه كما تقدم. ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قولهم نخرج الى منى وذكر احدنا يقطر قال لو استقبلت من امري الى اخره. اي اني لو علمت انه يكون في قلوبكم شيء منها هذا ما سقت الهدي. ولاحللت معكم. وهذا من جملة الادلة على ان التمتع دعاء افضل من سائر الانساك. ولهذا قال الامام احمد انه اخر الامرين من رب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي انه ندم وقال لو استقبلت من امري الى اخره. وقال شيخ الاسلام من لم يسق الهدي فالتمتع في حقه افضل ومن ساق الهدي فالقران في حقه افضل. جمعا بين النصوص. انتهى وقوله وحاضت عائشة الى اخره. فيه ان الحائض تفعل ما يفعل الحاج الا انها لا تطوف بالبيت. وقيل انها كانت متمتعة. فادخلت حج على العمرة لما ضاق الوقت وهي لم تطهر. وصارت قارنة. وقيل انها كانت مفردة بدليل انها لما طهرت وطافت طواف الحج قالت يا رسول الله ينطلقون حج وعمرة وانطلق بحج. فامر عبدالرحمن اي اخاها. ان يخرج بها الى التنعيم وهو اقرب الحل الى مكة. وهو المسمى الان بالعمرة. فخرجت معه اليه اتت بعمرة بعدما حجت. ولو كانت قارنة لاخبرها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انها قد حصل لها حج وعمرة. وقال الاولون انما عبد الرحمن بذلك جبرا لخاطرها. ففيه جواز فسخ الحج الى العمرة. وفيه ان انه اذا فرغ من حل له كل شيء. حتى اعظم المحرمات عليه وهو وفيه فضل التمتع. وفيه انه لا يصح ولا يجوز طواف الحائض. وان خاف فوات الحج احرمت به وصارت قارنة. وفيه ان من شرط العمرة ان يحرم بها فمن الحل سواء من التنعيم او غيره. وانما امر عبد الرحمن ان يخرج بها الى التنعيم لانه اقرب الحل. ومنها انه لا بأس بعمرة المكي والثلاثون والمائتان. الحديث الثاني عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه انه قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ونحن نقول لبيك بالحج. فامرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فعلناها عمرة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ونحن نقول لبيك بالحج. الى آخره. فيه جواز فسخ الحج الى العمرة كما هو الصحيح. وفيه فضل التلبية. وانه ينبغي ان يذكر ونسكه في اولها وفي اثنائها كما تقدم. التاسع والثلاثون والمئتان الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صبيحة رابعة امرهم ان يجعلوها عمرة. فقالوا يا رسول الله اي الحل؟ قال الحل كله رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم صبيحة رابعة. الى اخره. اي من ذي الحجة. وفيه جواز فسخ الحج الى العمرة. ولما قالوا اي الحل كانه قد تقرر عندهم ان بعض المحرمات اهون من بعض. فقال الحل كله اي كما تقدم. فانه يحل له كل شيء اذا اكمل افعال العمرة وحلق او قصر. الاربعون والمائتان الحديث الرابع عن عروة بن الزبير انه قال سئل اسامة بن زيد وانا جالس كيف كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يسير حين دفع قال كان يسير العنق. فاذا وجد فجوة النص. رواه البخاري ومسلم عنق انبساط السير والنص فوق ذلك. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عروة بن الزبير سئل اسامة الى اخره اسامة تحب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وكان قد اردفه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. حين دفع من عرفة الى مزدلفة. واردف الفضل بن العباس حين دفع من مزدلفة الى منى فعدل بينهم. وكان الظهر قليلا وهم صغار فكان اسامة اعلم الناس بسيره حين دفع الى مزدلفة. لانه رديفه فلهذا سئل عن صفة سيره فوصفه فقال يسير العنق. فاذا وجد فرجة النص وفسر المؤلف العنق بانه انبساط السير والنص فوق ذلك وللسير مراتب كثيرة. ادناها التماوت واعلاها العدو. ففيه ان انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يكن كما يفعل الناس. من السرعة العظيمة وترك الخشوع. فانه كان ينصرف بسكينة وخضوع وخشوع. لان انه قد انصرف من موقف عظيم. فينبغي الطمأنينة. وان يكون متعلقا قلبه من الخوف والرجاء. فلا يعلم هل تقبل منه فيكون من الفائزين. ام ترد فيكون من الخاسرين. واذا تأملت حال الناس اليوم في هذا علمت انهم لم بهدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الحادي والاربعون والمئة الحديث الخامس عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم وقف في حجة الوداع. فجعلوا يسألونه. فقال رجل لم اشعر فحلقت قبل ان اذبح. قال اذبح ولا حرج. وجاء اخر فقال لم اشعر فنحرت قبل ان ارمي. فقال ارمي ولا حرج. فما سئل يومئذ عن شيء ولا اخر الا قال افعل ولا حرج. رواه البخاري ومسلم. عن الله ابن عمرو ابن العاص قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله وفي حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه الى اخره. وقوفه هذا في يوم النحر. وفي فيه دليل على ان افعال يوم النحر لا بأس بتقديم بعضها على بعض. والذي يفعل في في يوم النحر اربعة اشياء. الرمي والنحر والحلق والطواف. والسعي للمتمتع وغيره ان لم يكن سعى مع طواف القدوم. وهذا تخفيف من الله ورحمة حيث عفي عن الترتيب فيها. وعلى كل فالافضل والاولى متابعة السنة. والاقتناع جاءوا بما فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فاذا وصل الى امنا رمى جمرة العقبة بسبع حصيات كما تقدم. ثم نحر هديه ان كان معه او اشتراه ان تيسر وذبحه ثم حلق او قصر. ثم افاض من يومه وطاف بالبيت فالحج وسعى له ان كان متمتعا او غيره. ولم يكن قدم السعي كما تقدم ثم قد حل له كل شيء حتى النساء. ويدخل وقت هذه الاربعة بطلوع الشمس يوم النحر. والمشهور من المذهب انه اول وقتها من نصف ليلة النحر والصحيح الرواية الثانية. انه لا يجوز ولا يجزئ فعل هذه الاربعة الا بعد طلوع الشمس يوم النحر الا للسقاة والرعاة. ومن له عذر كالضعفاء ونحوهم فيدخل الوقت لهؤلاء بعد النصف الاول من ليلة النحر لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قدم ضعفة اهله بعد نصف الليل الثاني والاربعون والمائتان. الحديث السادس. عن عبدالرحمن عن ابن يزيد النخاعي انه حج مع ابن مسعود. فرآه يرمي الجمرة الكبرى بسبعها وصيات فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ثم قال هذا مقام الذي انزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في عبدالرحمن بن يزيد انه حج مع ابن مسعود فرآه يرمي الجمرة الكبرى اي جمرة العقبة وقوله فجعل البيت الى اخره. المشهور من انه يستقبل القبلة في رمي الجمرات. ويجعل منى خلف ظهره. وفي رمي العقبة والوسطى يجعلهما عن يمينه. وفي رمي الكبرى يجعلها عن يساره والصحيح الرواية الثانية كما هو صريح حديث ابن مسعود هذا انه يستقبل الجمرة عند رميها. ويجعل البيت عن يساره. ومنى عن يمينه في العقبة والوسطى. وعند رمي الكبرى يجعل البيت عن يمينه ومنى عن يساره ويستقبل الجمرة هذا الأفضل ولا خلاف في جواز رمي جميع الجمرات مع اي موضع شاء فلو اتى جمرة العقبة من عند العقبة فلا بأس. وقوله هذا مقام الذي انزلت عليه سورة البقرة اي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وخصها من سور القرآن لانها التي تضمنت احكام المناسك والحج. والله اعلم وفيه انه ينبغي للعالم ان يعلم الجاهل. وليس تعليم المناسك كما يصنع اسمعوا المطوفون الان. يمشي وراء المطوف الواحد الفئام من الناس. ويقولون كل جميعا كما يقول ذلك المطوف. ففي هذا من التشويش على الطائفين والساعين والمصلين ما فيه. وفيه تقطيع الدعاء. وفيه انهم كلهم او اكثرهم لا يعقلون ومعنى ما يقول. ولا يستحضر معناه. وفيه ذهاب ابهة المناسك والخشوع فيها الى غير ذلك من المفاسد. وانما التعليم حقيقة ان يقول هكذا وقف وهكذا فعل رسول الله. وهكذا ينبغي ان يفعل. ويدعونهم بما احبوا من خير الدنيا الدنيا والاخرة. الثالث والاربعون والمائتان. الحديث السابع. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اللهم ارحم المحلقين. قالوا والمقصرين يا رسول الله. قال اللهم ارحم المحلقين. قالوا والمقصرين يا رسول الله. قال والمقصرين رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اللهم ارحم المحلقين. الى اخره. فيه فضل التحليق والتقصير هو واجب في الحج والعمرة. وفيه ان التحليق افضل من التقصير. لانه دعا المحلقين مرتين. وللمقصرين مرة. ويستثنى من ذلك المتمتع المحرم بالعمرة. فان الافضل له التقصير للعمرة. اذا كان وقتها قريبا من وقتها في الحج بحيث لا يمكنه لو حلق ان ينبت ويتوفر للحج. لانه عن الحر والبرد. وليتوفر حلقه للاحلال من الحج. كما تقدم من امره صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصحابه ان يجعلوها عمرة. ويطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ويقصروا. ويستثنى ايضا المرأة. فانه لا يجوز لها حلق رأسها. لانه مثلث وتشويه لخلقتها. فيتعين عليها تقصير فيكون فيهاتين الصورتين التقصير افضل. وتقصر المرأة من كل قلب قرن قدر انملة. ويجب ان يقصر من جميع الرأس. لا من كل شعرة بعينها فلو حلق احد جانبي الرأس وترك الباقي لم يجزئه. والحلق عبادة لان انه ذل لله تعالى. وحلقه لاحد من المخلوقين شرك. كما يفعل بعض الصوف في حلق رؤوسهم لمشايخهم. الرابع والاربعون والمائتان. الحديث الثامن عن عائشة رضي الله عنها انها قالت حججنا مع رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. فافضنا يوم النحر فحاضت صفية فاراد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم منها ما يريد الرجل من اهله فقلت يا رسول الله انها حائض. فقال احابستنا هي؟ قالوا يا رسول الله انها قد افاضت يوم النحر. قال اخرجوا. وفي لفظ قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. عقر حلق افاضت يوم النحر. قيل نعم قال فانفروا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في قوله في حديث عائشة حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فافضنا يوم النحر الى اخره. فيه انه ينبغي في ان يفيض الى مكة يوم النحر ليطوف للحج. وفيه ان الحائض لا يجوز لها الطواف ميت وفيه انها لا تخرج حتى تطهر ثم تطوف. وهكذا النفساء وفيه انه يلزم رفقتها الاقامة معها. ما لم يكن عليهم ضرر في الاقامة معها فان اضطرت الى الخروج قبل الطهر خرجت. ومتى قدرت على الرجوع رجعت لانه شرع رفقا بهما ولان الحق لهما. وبهذا يعلم الفرق بين الحق الذي للآدمي خاصة وبينما فيه حق للآدمي وحق لله فالاول مثل هذا. فاذا تراضيا على اسقاطه سقط. والثاني مثل وطافت للحج. ولا يحل لزوجها وطؤها قبل طوافها. هذا مذهب الائمة اربعة وعليه الجمهور. وقال شيخ الاسلام اذا اضطرت الى الخروج فانها فيها هذه الحال مضطرة. فيباح لها ان تتلجم لتمنع خروج الدم. ثم تطوف اكمل حجها ثم تخرج مع رفقتها. ولا تكلف هذه المشقة العظيمة قال رحمه الله وقواعد الشرع ومذاهب الائمة تقتضي هذا. لان الشريعة بنية على السماح انتهى. وقول الشيخ له وجه جيد. وقوله عقر يلقى هذا من الالفاظ التي يتكلم بها العرب. ويقصدون ما هو متعارف بينهم لا ما دل عليه لفظها الحقيقي. كقولهم تربت يداك. او ثكلتك امك فهم يقصدون بهذا ونحوه التوبيخ. والا فمعناه الحقيقي الذي يدل على لفظه ان العقر مقطوعة احد الاطراف. وحلقى اي مقطوعة الحلق ففيه ان الحائض لا يسقط عنها طواف الافاضة. الخامس والاربعون والمائتان ان الحديث التاسع عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال امير ان يكون اخر عهدهم بالبيت. الا انه خفف عن المرأة الحائض. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. واما طواف خافوا الوداع فذكره بقوله في حديث ابن عباس امر الناس ان يكون اخر عهدهم بالبيت الى اخره. ففيه وجوب طواف الوداع. وقيل انه من واجبات في الحج وهو المشهور من مذهب احمد. وقيل انه واجب على كل من اراد الخروج منه مكة ولا يضاف للحج وهو رواية عن احمد وهي الصحيحة. لانه لو كان من واجبات الحج لوجب على من اراد القعود في مكة. وفيه انه يسقط عن الحائض للمشقة. ويجب ان يأتي به بعدما يفرغ من جميع اشغاله. فان اقام او اتجر بعده اعاده. وان اشترى شيئا من طريقه لا للتجارة. او انتظر رفقته ولو طال الفصل لم يضر. السادس والاربعون والمائتان الحديث العاشر عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال استأذن العباس ابن عباس للمطلب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان يبيت بمكة ليالي يمينا من اجل سقايته فاذن له. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عمر استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الى اخره كان قريش قد تناوبوا امور مكة. فكل قبيلة قامت بشيء من ذلك. وغالبها خدمة للبيت وللحجاج. فمن ذلك السقاية. اي سقاية الحاج من بئر زمزم فانها لبني عبد المطلب وسدانة البيت واللواء لبني عبد الدار وهم بنو شيبة وامر دار الندوة لبني عبد شمس. وهي التي يجتمعون فيها للشورى اذا حزبهم وموضعها الان مقام الحنفي. وكان مؤمنهم يحتسب في ذلك. وكافر يأخذ به فخرا على غيره. ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مكة اخذ مفتاح الكعبة من عثمان ابن طلحة الحجبي. من بني عبد الدار فقال العباس يا رسول الله صلى الله عليك اجمع لنا بين السيدانة وقاية فانزل الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عثمان بن طلحة. واعطاه المفتاح وقال خذها خالدة تالدة ولم تزل فيهم حتى الان. ففي هذا الحديث انه يرخص سوقات زمزم في ترك المبيت في منى الليالي منى. لاجل سقايتهم. هذا اذا فكانوا يسقون الحجاج مجانا. كما كان العباس وبنوه وخدموه يفعلون واما اذا كانوا يبيعونه على الناس بيعا كما يفعلونه الان. فهذا لا يجوز وليس لهم رخصة في ترك المبيت بمنى الليالي منى. ومثل هذا رعاة الابل فانه يرخص لهم في ترك المبيت فيها. وكذلك يرخص لهم بتأخير رمي الجمار الى اخر يوم. وغيرهم يكره له تأخير الرمي. ويلزم اذا اخره ان فيرمي رمي كل يوم. فاذا كمله رجع ورمى رمي اليوم الذي يليه هكذا حتى يكمله. السابع والاربعون والمائتان. الحديث الحادي عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال جمع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين المغرب والعشاء بجمع. لكل واحدة منهما اقامة ولم يسبح بينهما ولا على اثر واحدة منهما. رواه البخاري قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر جمع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين المغرب والعشاء بجمع. اي سميت جمعاء لان جميع الحجاج يجتمعون فيها ليلة النحر سمى المزدلفة. لان الناس يزدلفون منها الى منى. وتسمى المشعر الحرام لانها من المشاعر التي في الحرم. كما ان عرفة المشعر الحلال. لانها خارجة الحرم وهي من وادي محسر الى المأزمين. وفي هذا الحديث انه يستحب يجمع فيها بين المغرب والعشاء جمع تأخير. وفيه انه يقيم لكل واحدة من المجموعتين وكذا قضاء الفوائت. واما الاذان فلا يؤذن الا للاولى من مجموعتين ويستحب ان يصليهما قبل انزال رحله. وقوله ولم يسبح بينهم وما الى اخره فيه انه يسامح في ترك الرواتب في السفر. واكثر احاديث حجي رويت عن ابن عمر. لانه رضي الله عنه تفنن فيه. وكان كثير الحج عمره فكان شيخ الموسم في كثير من حجاته. وبهذا امر عبد الملك بن مروان جاج لما كان اميرا على الحاج ان يقتدي بابن عمر واشتهر بعده في ذلك ابنه سالم رضي الله عنهم. باب المحرم يأكل صيد الحلال قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب المحرم يأكل صيد الحلال يباح صيد الحلال للمحرم. لانه ليس المقصود تحريم لحمه عليه. وانما المقصود احترامه بحيث لا يقتله. ولا يكون له فيه سبب ولا اعانة محل ذلك ايضا. ما لم يصد لاجل المحرم فيحرم. ولهذا ورد قيد الحلال يحل للمحرم. ما لم يصد لاجله. وكما يأتي قريبا ان شاء الله تعالى الثامن والاربعون والمائتان الحديث الاول عن ابي قتادة الانصاري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حاجا فخرجوا معه. فصرف طائفة منهم فيهم ابو قتادة وقال خذوا ساحل البحر حتى نلتقي. فاخذوا ساحل البحر. فلما انصرفوا احرموا كلهم الا لم يحرم. فبينما هم يسيرون اذ رأوا حمر وحش فحمل ابو قتادة على الحمر فعقر منها اتانا. فنزلنا فاكلنا من لحم تحميها ثم قلنا انأكل من لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحمها فادركنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فسألناه عن ذلك فقال منكم احد امره ان يحمل عليها او اشار اليها قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها. وفي رواية فقال هل معكم منه شيء فقلت نعم. فناولته العضد فاكلها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي قتادة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خرج حاجا اي في عمرة القضاء. ويطلق على العمرة الحج. لانها حج اصغر وقوله فخرجوا معه فصرف طائفة منهم فيهم ابو قتادة. الى اخره اما انهم صرفهم بعد ما وصلوا ذا الحليفة ولم يحرم ابو قتادة. لانه لم تقصد الحج ثم قصده بعد ذلك. وهذا احتمال بعيد. ويحتمل وهو اظهر انه صرفهم من نفس المدينة. او من حين خرجوا قبل ان يصلوا ذا الحليفة وهي على ثلاثة اميال او اربعة من المدينة. فلما وازنوا ذا الحليفة احرار وابو قتادة لم يحرم. لانهم يمرون في طريقهم ذلك بالجحفة وصرفهم لانه ذكر له عدو اجتمعوا في جهة الساحل. فاراد ان يقطع سلفهم كما هو مصرح به في بعض الروايات. قوله فبينما هم يسيرون اذ رأوا حمر وحش فكان قد تقرر عندهم انه لا يحل للمحرم قتل الصيد فلهذا لم يتعرضوا لها. ولم يأمروا ابا قتادة بذلك. ولم يشير له اليها. ولكنه علم بها من نفسه. وحمل عليها فعقر منها اتانا وهي الانثى من الحمر. وكان قصدها لنفسه. لان من حصل شيئا فانه غالبا يقصده لنفسه. ولكن اصحابه اكلوا معه على وجه التبع والا فهو لم يصده لاجلهم. كما ياتي في حديث الصعب ابن جثامة وقوله فنزلنا فاكلنا من لحمها. اي انهم لم يروا به بأسا ولكنهم بعد ذلك تشاوروا وندموا. لانهم لم يتيقنوا حله ولا تحريمه فقالوا نأكل لحم صيد ونحن محرمون. فحملنا ما بقي من لحمها. اي ليسألن عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فادركنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فسألناه عن ذلك فقال هل منكم احد امره الى اخره. اي انه ان كان احد منهم امره ان يحمل عليها او اشار اليها او كان له فيها سبب حرمت على المحرمين. وهذا من الغرائب فان الغالب انه اذا حرم على انسان شيء فلا بأس ان يخبر به من هو وحلال له. او يناوله سلاحا ونحو ذلك. الا في هذا لان يجب عليه احترام الصيد بكل وجه. ولهذا لو وجده في ظل شجرة او في شمس نحو ذلك حرم عليه ان ينفره ويقعد مكانه. فلما علم انه لم يكن منهم سبب قال كلوا ما بقي من لحمها. وفي الرواية الاخرى فقال هل معكم منه شيء؟ فناولته العضد فاكلها. فثبت حل ذلك بأمره وفعله. وهذا من ابلغ ما يكون. ففي هذا الحديث فوائد منها ان الحاج يلزمه ان يحرم من اول ميقات يمر به. فان لم يمر ميقات من احرم اذا وازن الميقات. فان وازن الميقات وعلم انه يمر ميقاتا اقرب منه من مكة فان شاء احرم اذا وازن الميقات البعيد. وان شاء اذا وصل الى قريب. وفيه حل الحمر الوحشية. وهي طاهرة بخلاف الحمر الاهلية فانها نجسة ركس لا تحل. وفيه انه يحل للمحرم الاكل من صيد الحلال اذا لم يكن له فيه اعانة ولم يصد لاجل المحرم. فان كان كذلك عليه وفيه انه يلزم من سئل عن مسألة ذات شعب تختلف فيها الاحكام ان يستفصل السائل ما لم يتيقن مراده منها. التاسع والاربعون مئتان الحديث الثاني عن الصعب بن جثامة الليثي رضي الله عنه انه اهدى الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حمارا وحشيا. وهو الابواء او بودان فرده عليه. فلما رأى ما في وجهه قال انا لم نرده عليك الا ان حرم. وفي لفظ لمسلم رجل حمار. وفي لفظ شق نار وفي لفظ عجز حمار. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث الصعب ابن جثامة الليثي انه اهدى الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حمارا وحشيا. الى اخره وفي الروايات الاخر رجل حمار او شق حمار او عجز حمار. لا تناقض وبينها فانه يطلق الكل ويراد البعض. فيقال حمار والمراد بعضه والشق يطلق على الرجل. وكذلك العجز يطلق عليها لانه اصل الرجل والابواء هو الموضع المسمى الان مستورة. وهو وودان متقاربان وفي هذا الحديث فوائد منها ان الحلال اذا صاد صيدا لاجل المحرم حرم انا المحرم لان قرينة حاله وظاهر امره انه صاده لاجل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وفيه حل حمر الوحش. وفيه انه ينبغي للانسان اذا توهم منه اخوه المسلم شيئا وحزن لذلك. فينبغي ان ينفي ما توهم مهو ليسره ويذهب حزنه. كما في هذا فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما رد هديته ظن ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم قد غضب عليه. او انه سمع عنه شيئا يوجب ذلك. فحزن حتى ما ظهر الحزن على وجهه. فلما رآه بهذه الحال اخبره بالمانع من ذلك ونفى ما توهمه فقال انا لم نرده عليك الا انا حرم. اي انه لم يجري منك سبب يوجب رده فلا تحزن. ولكن لا يحل لنا لانه اصيب لاجلنا ونحن حرم كتاب البيوع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله كتاب البيوع له معنى عام ومعنى خاص. فمعناه العام انه اخ كل شيء واعطاء شيء بمقابلته. فيدخل فيه البيع الخاص والاجارة والمساقاة المزارعة وسائر المعارضات. ومعناه الخاص كما حده الفقهاء بقولهم هو مبادلة مال او منفعة بمثل احدهما على التأبيد. وقد ثبت في الكتاب والسنة والاجماع والحكمة والقياس. وهذا ابلغ ما تثبت به الاحكام قال تعالى واحل الله البيع وحرم الربا وتكاثرت في ذلك الاحاديث. فامر به صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفعله. واقر بين الناس على العقود الجائزة. واما الحكمة والقياس فان الناس مضطرون الى ذلك لاقواتهم ونماء اموالهم. فان وهالمعايش ثلاثة الحروف والصناعات والتجارة. وهي البيع والشراء ولما كثرت الحاجة اليه وكان الانسان احيانا يتأسف على شراء شيء او بيعه شرع له الخيار ما دام في المجلس. والخيار قسمان. قسم يثبت بوجود سببه وتحته انواع. كخيار الشرط والعيب والتدليس والغبن ونحوها وقسم ثابت للمتبايعين على كل حال. ما لم يسقطاه او يتفرقا وهو خيار المجلس. الخمسون والمائتان. الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال اذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرق وكانا جميعا. او يخير احدهما الاخر. قال فان خير احدهما الاخر اخر فتبايعا على ذلك وجب البيع. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فذكره بقوله في حديث ابن عمر اذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار الى اخره ففيه ثبوت الخيار للمتبايعين ما لم يتفرقا او يسقطاه. وهذا معنى قوله او يخير احدهما الاخر. اي انهما يتبايعان على الا خيار فيسقط الربا والغرر ونحوهما. فهذا القسم لا يصح ولو تراضيا. لان فيه حقا لله تعالى. وقوله وكانا جميعا. اي انه يثبت له هما اذا كانا جميعا. فلو وكل احدهما الاخر في عقد البيع ونحوه فلا خيار للمجلس. لانه لا يتصور التفرق في هذا. ويحرم ان يفارق خشية ان يستقيل. لان فيه اسقاطا لحق اخيه. ومثل البيع الايجار والمساقاة والمزارعة. على الصحيح بانهما عقدان لازمان. ولا عيب في خيار المجلس لان الشارع اباحه. ولو كتب البيع ونحوه ثم ندم احدهما فله الخيار ما دام في المجلس. الحادي والخمسون والمائتان وما في معناه من حديث حكيم بن حزام وهو الحديث الثاني انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم البيعان بالخيار ما لم الرقا او قال حتى يتفرقا. فان صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وان كتما وكذبا محقت بركة بيعهما. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومثله قوله في حديث كيمي ابن حزام البيعان اي البايع والمشتري. بالخيار ما لم يتفرقا اي انه ثابت لكل واحد منهما. وشرع رفقا بهما. وهذا من جوامع في كليمه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان صدقا وبينا بورك لهما في في بيعهما اي صدقا ولم يكذبا على السلعة او الثمن. وبينا ما يحتاج الى بيع يعني وان كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. اي كذبا في بيان ثمنها وما فيها من الاوصاف. واعظم من ذلك التحالف على ذلك. فهذا زيادة اثم على اثم. وكتم ما فيها من العيب ونحوه. ففي الصدق والبيان البركة والفلاح والربح في الدنيا والاخرة. وفي الكذب والكتمان محق البركة والخسران في الدنيا والاخرة. وهذا امر مشاهد. ومن البركة التهني بالمال وبذله فيما يقرب الى الله. وان يكون زادا لصاحبه الى الجنة. وتجدوه وهذا يدخل عليه المكسب القليل. فينفق منه فيما يقرب الى الله تعالى ويبيع منه خيرا كثيرا. ومن محق البركة ان يشغله عن طاعة الله ولا يتهنى فيه. وان يبذله فيما حرم الله. وان يكون خزيا له في الدنيا والاخرة. وهو وانما في مدة قليلة. فلا بد ان تمحق بركته ونجد هذا يدخل عليه المكسب الكثير. فلا يكفيه لبعض نفقاته حتى ينفد فبركة الله لا يعدلها شيء وليس لها منتهى. ويحق لمن اراد البيع والشراء ان يعتني بمثل هذا الحديث ويتأدب بآدابه. فانه من اعظم الاسباب للفوز في الدنيا والاخرة. والله سبحانه الموفق باب ما نهي عنه من البيوع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب ما نهي عنه من البيوع. اي التي حرم الله ورسوله وهي نوعان. نوع حرم لانه ربا. والنوع الثاني الميسر هو الغرر بل الميسر اعم. ولا يخرج عن هذين النوعين نوع من البيوع المحرمة اللهم الا ما حرم لضر لحق احد المتعاقدين. مع انه داخل بالميت سر الثاني والخمسون والمائتان. الحديث الاول عن ابي سعيد خضري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن منابذة وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع الى الرجل قبل ان يقلبه او ينظر اليه ونهى عن الملامسة والملامسة لمس الثوب لا ينظر اليه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فمن الغرر ما ذكره في حديث ابي سعيد. ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن المنابذة. الى اخره. فالمنابذة والملامسة فيهما من الغرر شيء كثير. وفسرهما بانهما نبذ الثوب او لمسه. بلا نظر ولا تقليب له. وهذا في الاشياء التي تختلف ويحصل فيها غرر واما في الثياب والاواني ونحوهما. المضبوطة بالوزن ونحوه. بحيث لا يختلف بعضها عن بعض. فلا بأس ان يأخذ شيئا منها قبل ان ينظر اليه اذا كان معلوم الجنس لا يختلف. ومثل ذلك القسمة ونحوها. فلو كان انهما ثمرة ونحوها لكل واحد نصفها واراد ان يحيفا في القسمة ويجعل احدهما زائدا شيئا بينا. كثلث وثلثين ونحو ذلك ويقرعا على ان من وقع سهمه على شيء فهو له فلا يجوز. لان احدهم يكون غارما والاخر غانما. وهذا غرر. فيلزم العدل في القسمة بقدر الامكان هذا ولو رضي المتعاقدان فلا يجوز. لان فيه حقا لله تعالى الثالث والخمسون والمائتان. الحديث الثاني عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لا تلق الركبان ولا يبع بعضكم على بيع بعض. ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد ولا تسر الغنم. فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعده ان يحلبها. ان رضيها امسكها وان سخطها ردها وصاعا من تمر وفي لفظ هو بالخيار ثلاثا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة لا تلقوا الركبة الى اخره. هذا الحديث ذكر فيه خمسة انواع من البيوع المحرمة الاول تلقي الركبان. وهو تلقي الجلب. لان الجالب لا يعلم عن السعر والمتلقي يعلم ذلك. فيحرم على المتلقي وتجب عقوبته واذا هبط الجالب السوق فهو بالخيار. ان شاء امضى البيع وان شاء رجع في سلعته. ومثل ذلك الذي يعلم زيادة السعر ويكتمه. ثم يشتري من السيسي نعاهم. فاذا علموا بذلك وانه علمه وكتمه فهو بالخيار اني قال ولا يبع بعضكم على بيع بعض. لانه يقع به من الشقاق والبغضاء فيه شيء كثير وذلك مثل ان يرى انسانا يبيع على انسان سلعة بعشرة يقول للمشتري انا اعطيك مثلها بتسعة. ليفسخ ويعقد معه. ومثله شراء على شرائه. كأن يقول لمن باع سلعة بتسعة عندي فيها عشرة اي في مدة الخيارين ليفسخ ويعقد معه. ومثله الاجارة على اجارة والخطبة على خطبة في النكاح. ومثله جميع الاشياء التي توظف فيها المسلم اذا كان اهلا للوظيفة كالامامة والاذان والتدريس ونحو ذلك. فيحرم طلبوها اذا كان من فيها اهلا قائما بما يجب عليه. لان في ذلك سببا للعدالة والبغضاء. الثالث قال ولا تناجشوا. والنجش الزيادة. ومن نيش الطير اي اثارته. فهو زيادة الانسان في السلعة وهو لا يريد شراءها اما لقصد نفع البائع او الاضرار بالمشتري. ومنه قول صاحب السلعة سيمت كذا او اعطيت فيها كذا وهو كاذب. فهذا لا يجوز. واذا تحقق قصد فللمشتري الخياران الامضاء والرد. الرابع ذكره بقوله ولا يبع حاضر لباد. سئل ابن عباس عن ذلك فقال لا يكون له سمسارا كما يأتي اي دلال فيحرم ذلك بثلاثة شروط. احدها ان يكون البادي قادما ليبيع سلعته بسعر يومها. لا ليخزنها الثاني ان يقصده الحاضر. فان قصد البادي الحاضر فلا بأس ببيعها له الثالث انه مما يحتاج له الناس كالطعام والسمن والمواشي ونحو ذلك والحكمة في النهي عن بيعه له. ذكرها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بقوله دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض. فان البائع ينقص من قيمة سلعته بقدر تعجيل القيمة له. الخامس ذكره بقوله ولا تصدق الغنم الى اخره. التصرية هو المعروف بالتحيين. اي ترك البهيمة التي يريد بيعها يوما ونحوه لا يحلبها. ليمتلئ ضرعها باللبن فيتوهم المشتري ان ذلك عادتها فهذا حرام. ويثبت فيه للمشتري الخيار. ويسمى خيار التدليس. فاذا حلبها فان شاء امسكها وان شاء ردها وصاعا من تمر. وهذا الصاع عوض عن اللبن الذي في ضرعها وقت البيع للذي حدث بعد ذلك. لان الحادث بعده حدث على ملك المشتري. وهو نفقته عليها. وهذا مخالف لقاعدة المتلفات. لان القاعدة في المتلفة ساتر رد مثلها. فان تعذر فالقيمة. وفي هذا يتعين الصاع. لان رد اللبن في الدرع متعذر. ورده بعد اخراجه فيه ضرر على البائع. فنصت الشارع على الصاع لقطع النزاع. ولانه يقارب قيمته. وان نقص فنقصه قليل او زاد فزيادته قليلة. ومثل الغنم الابل والبقر. ولا عبرة في كثرة لبن وقلته. ومن هذا النوع وهو خيار التدليس. نحو تسويد شعر الجارية وجمع ماء الرحى وارساله عند عرضها. ونحو ذلك من الاشياء التي يتوهم المشتري انها صفة لازمة للمبيع. كاشباع البهيمة واسقاء فيها الماء الذي يدخل لحمها ونحوه. وفي اللفظ الاخر فهو بالخيار ثلاثا الرابع والخمسون والمائتان. الحديث الثالث. عن ابن عمر رضي الله الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن بيع حبل الحبل وكان بيعا يتبايعه اهل الجاهلية. وكان الرجل بايعوا الجزور الى ان تنتج الناقة. ثم تنتج التي في بطنها. رواه البخاري ومسلم. قيل انه بيع الشارف. وهي الكبيرة المسنة بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة الى اخره. فسره بانه تعليق ثمني الى ان تنتج الناقة. ثم تنتج التي في بطنها. النوع الثاني انه بيع الشارف اي المسنة. بنتاج الجنين الذي في بطن ناقته وكلا النوعين حرام منهي عنه. لما فيه من الغرر والضرر. فانه لا متى تلد هذه؟ ولا يعلم هل تلد حيا او ميتا وهل هو ذكر او انثى وهل يعيش او يموت؟ وهل يحمل او لا؟ وهل يلد حيا او ميتا؟ ذكرا او انثى ففيه من الغرر والضرر ما فيه. فيحرم البيع المجهول. سواء جهل الثمن او المبيع او الاجل. ويحرم بيع الحمل ايضا. وانما خص حمل الحمل لهذه العلة التي ذكر وهي انه كان بيعا يتبايعه اهل الجاهلية. وكذا ما يفعله الناس الى اليوم اذا باع فرسا ونحوه طيب الاصل. استثنى حملا مما تحمل به قبل ان يوجد الحمل. الخامس والخمسون والمائتان الحديث الرابع عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها. نهى البائع والمشتري. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما نهى عن بيع ثمرة حتى يبدو صلاحها. نهى البائع والمشتري. وبدو الصلاح كما يأتي في ثمرة النخل ان تحمر او تصفر. وفي العنب ان يتموه حلوا. وفي وترجي ان يصفر. وفي بقية الثمر ان يبدو فيه النضج ويطيب اكله. وفي الحب بان يشتد ونهى عن ذلك لكثرة الافات. وعدم الحاجة اليه. واذا فبدا صلاحه احتيج الى بيعه وقلت الافات. فلهذا ابيح بيعه اذا بدا صلاة ويستثنى من ذلك بيعه بشرط القطع في الحال. وكذلك بيع الثمرة تبعا للاصل. فيجوز ولو لم يبدو صلاحها. ويستثنى ايضا على المشهور من مذهب بيعها على مالك الاصل. فيجوز قبل بدو صلاحها. والصحيح انه لا يجوز في هذه المسألة. ومالك الاصل وغيره سواء في العلة البيع لاجلها؟ السادس والخمسون والمائتان. الحديث الخامس عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي. قيل وما تزهي؟ قال حتى لا تحمر او تصفر. قال ارأيت اذا منع الله الثمرة بما يستحل احدكم ماله لاخيه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في وقوله في حديث انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. نهى عن بيع الثمار حتى تزهي. قيل وما قال حتى تحمر الى اخره. فيه كما تقدم انه لا يجوز يبيع الثمار حتى يبدو صلاحها. وفيه ان بدو الصلاح هو الاحمرار اويلي الفرار في ثمر النخل ونحوه. وفي غيره على ما تقدم. ثم ذكر العلة في منع بيعه وانه خوف التلف فقال ارأيت ان منع الله الثمرة؟ بما يستحل احدكم مال اخيه. ففيه ان جوائز الثمار على البائع. ولو ابرأه اشتري منها عند العقد. ومثل ذلك المبيع بكيل او وزن او عد او ذرع قبل قبضه ومثله المبيع بصفة او رؤية متقدمة. ومثله اذا منع البائع المشتري قبض المبيع ظلما حتى تلف. فهذه الثمانية اذا تلفت قبل القبض فمن ضمان البائع السابع والخمسون والمائتان الحديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلما ان تتلقى الركبان وان يبيع حاضر لباد. قال فقلت لابن عباس ما قوله حاضر لباد؟ قال لا يكون له سمسارا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان تتلقى الركبان. الى اخره فيه كما تقدم تحريم تلقي الجلب. والحكمة في ذلك انه خديعة في الجانب لانه يجهل السعر. فلو باع في هذه الصورة فهو بالخيار اذا هبط سوق ويجب تأديب المتلقي له. وفيه تحريم بيع الحاضر عبادي كما تقدم بشروطه. واستمسار الدلال. والحكمة في ذلك كما به في بعض الفاظ هذا الحديث قال دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض الثامن والخمسون والمائتان الحديث السابع عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم معاني المزابنة والمزابنة ان يبيع ثمر حائطه ان كان نخلا بتمر كيلا وان كان كرما ان يبيعه بزبيب كيلا. وان كان زرعا ان يبيعه طعام نهى عن ذلك كله. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر نهى رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن المجابنة. ثم فسرها انه بيع الثمر خرصا بكيل معلوم من جنسه. كبيع التمر خرسا بتمر ماكيل وبيع العنب خرصا بزبيب معلوم الكيل. ومثله الحب بالزرع ويسمى بيع الزرع بالحب ايضا. والعلة في ذلك الجهالة لانه لا يجوز بيع الربوي وهو المكيل والموزون. بجنسه الا مثلا مثل يدا بيد. فالصور ثلاث. اما ان يعلم التفاضل او يجهل التماثل او يعلم التماثل. فلا يصح الا المسألة الاخيرة. وهي العلم تماثل ويستثنى من ذلك العرايا كما يأتي للحاجة. ومثله ما الناس اليوم. اذا كان له في ذمة انسان مثلا تمر معلوم الوزن. ثم واراد منه ان يخرص له نخلة عما في ذمته. فهذا لا يجوز. بل هو اولى بالتحريم من المسألة المذكورة. لانه اذا كان لا يجوز بيعه خرصا بمثله مع ان المعلوم عين فكيف اذا كان دينا في الذمة فهو اولى منه بالتحريم والله اعلم. التاسع والخمسون والمائتان. الحديث الثامن انام على فراش. اي ساقوم الليل كله دائما وابدا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقام فحمد الله واثنى عليه ثم قال اما بعد ما بال اقوام قالوا كذا وكذا عن ابي مسعود الانصاري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن من الكلب الى اخره. فيه تحريم هذه الاشياء. لانها في مقابلة شيء من محرم او شيء خبيث. ولو كان الكلب مباح لاقتناء فلا يحل بيعه فانه يباح اقتناء الكلب غير الاسود للصيد والزرع والماشية. ومن اقتناه لغير هذه الثلاثة نقص من اجره كل يوم قيراطان. ففيه تحريم من الكلب في كل حال. وفيه تحريم مهر البغي. اي ما تأخذه الزانية في في مقابلة الزنا. لانه عوض فعل محرم فلا يباح. وفيه تحريم حلوان الكاهن. وهو ما يأخذه على كهانته. واخباره بما اعيه من علم المغيبات. فهذا ايضا مقابلة فعل محرم. ومثله الذي يحير ويدعي انه يجمع الشياطين فيخبرونه بما سرق ونحوه وقد ورد من اتى عرافا او كاهنا فصدقه بما يقول. فقد كفر وبما انزل على محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فكل عوظ في مقابلة امر محرم فهو حرام. كما يؤخذ على الغناء المحرم ومثله ثمن الجارية المغنية. فيحرم من ثمنها ما يقابل هذه الصفة ولهذا قال الفقهاء وتقوم الامة المغنية ساذجة. اي خالية من هذه الصفة الستون والمائتان الحديث التاسع عن رافع ابن خديج ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ثمن كلب خبيث. ومهر البغي خبيث. وكسب الحجام خبيث. رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث رافع ابن خديج ثمن الكلب خبيث. الى اخره. الخبيث يطلق على الشيء المحرم كما في قوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث ويطلق على الردي الدني كما في قوله تعالى. ولا تيمموا في فمنه تنفقون. اي لا تقصدوا الرديء من المال تصدقون به ولستم تغمضوا فيه اي ولو بذل لكم في مقابلة حقكم لم تقبلوه. ولم تأخذوه الا على وجه لاغماض اي التغاضي. وقد اجتمع في هذا الحديث كلا النوعين. فقوله ثمن كلبي خبيث ومهر البغي خبيث. هذان محرمان كما تقدم وقوله وكسب الحجام خبيث. اي ردي دني لانه في مقابلة ما يخرجه من الدم. فينبغي التنزه عنه. وان يطعمه بهائمه ونحوها دليل على ان المراد انه ردي دني وليس بمحرم ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حجم واعطى اجره. ولو كان محرما لم يعط اياه. ولانه في مقابلة عمل مباح. وايضا فلم يزل الناس محتاجين الى الحجامة. ولم يكن الحجام يتبرع فيها. ولم يزل امل الناس على هذا. وهو كالمكاسب الردية من الكساحة ونحوها. فالمكاسب تختلف بالدنائة والعلو. واعلى المكاسب مكسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. كما قال وجعل رزقي تحت ظل رمحي. اي الغنيمة والجهاد في سبيل الله. لانه يحصل به خير الدنيا والاخرة ثم بعده اختلفوا فقيل الزراعة. وقيل التجارة. وقيل الصناعة من تجارة وحدادة ونحوهما. والصحيح ان الافضل بعد كسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما كان اصلح لدين العبد ودنياه. فينظر للعمل وما يترتب عليه. فالذي لا يلهي عن العبادات ويحصل به الرزق الحلال افضل ما يكون وما يقرب من الحرام ويلهي عن الطاعات فهو انزل ما يكون ومثله ما يقرب من خلاف الوعد. واخذ الدين في الذمة ونحوها. ومع لواء فالزراعة افضل. لما يترتب عليها من الاجر والنفع الذي باختيار صاحبه وبغير اختياره من انتفاع الادميين والبهائم والطيور ونحوها. وكل كل ما اكل منه فصاحبه مأجور عليه. باب العرايا وغير ذلك قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب وغير ذلك. العرايا جمع عرية من العري وهو الخلو. ثم بذلك لانها خالية من النقدين. ومنه العارية لخلوها من العوض والعرية هي ان يشتري نخلة تخرس رطبا. بما تؤول اليه تمرا بمثله بخرصيها تمرا. ويشترط لها خمسة شروط. احدها ان يكون محتاجا الثاني ان ليس معه نقد. الثالث ان تخرص بما تؤول اليه تمرا الرابع التقابض قبل التفرق. الخامس الا تزيد على خمسة اوسق فمن رحمة الشارع ان رخص فيها للحاجة. والا فهي داخلة في المزابنة كما تقدم وكان اهل المدينة بالزمان الاول محتاجين اليها جدا لقلة النقود وحاجتهم الى المقيض. الحادي والستون والمائتان الحديث الاول عن زيد ابن ثابت رضي الله عنه ان رسول الله ان الله عليه وعلى اله وسلم رخص لصاحب العرية ان يبيعها بخرصها ولمسلم بخرصها تمرا يأكلونها رطبا. رواه البخاري مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في في حديث زيد ابن ثابت رخص رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لصاحبه ابن عرية الى اخره. فيه الرخصة في هذه الحالة. وفي فيه انها تحرس تمرا. وهي مستثناة من ربا الفضل. لان الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل. وفيه انه يشترط فيها الحاجة. وفيه انه يجب ان تؤخذ اخذ رطبا. فلو تركها حتى اتمرت بطل البيع. لانه ابيح للحاجة فلما تبين عدمها بان بطلان البيع. كما تقدم اذا اشترى زرعا قبل اشتداده شرط القطع وتركه حتى اشتد او ثمرة قبل بدو صلاحها وبشرط القطع وتركها حتى بدا صلاحها. ففي هذه الصورة يبطل البيع. لانه يبقى ان تم شرطه صح والا بطل. وهل العرية في جميع الثمار والفواكه او في التمر خاصة. فيه خلاف. المشهور من المذهب انها في التمر خاصة لان النص خاص. والرواية الثانية انها في جميع الثمار المحتاج اليها كالعنب ونحوه لانه في معنى التمر. بل هو في الاماكن التي هو فاكهة هم احوج اليهم من التمر. وانما خص التمر لانه فاكهة اهل المدينة ولان حاجتهم اليه اعظم. وغيره مثله. وهذا هو الصحيح. فيبادر لمن احتاج الى العنب مثلا ولا نقد معه ان يشتري عنبا دون خمسة اوسق او خمسة بخرصه زبيبا. ويدفع مثله زبيبا قبل التفرق الثاني والستون والمائتان. الحديث الثاني عن ابي هريرة رضي الله الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رخص في بيع العرايا في خمسة اوسق. او دون خمسة اوسق. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة رخص في بيع العرايا في خمسة اوسق. الى اخره. الوسق ستون صاعا. فخمسة الاوسق ثلاثمائة صاع فيه جواز العرية في هذا المقدار فاقل. والمشهور من المذهب انها لا الا فيما دون الخمسة. ولو بجزء قليل. واما الخمسة فلا يصح فيها قالوا لانه مشكوك فيه. فيبقى على اصل التحريم. والصحيح الجواز في الخمسة وما دونها لا اكثر. لانه زيادة مقبولة الثالث والستون والمائتان. الحديث الثالث. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال من باع نخلا قد فثمرتها للبائع. الا ان يشترط المبتاع ولمسلم ومن ابتاع عبدا فماله للذي باعه الا ان يشترط رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من باع نخلا قد ابرت الى اخره. التأبير هو التلقيح وزنا ومعنى. اي انه اذا باع نخلا اي اصوله وقد اطلع فما اؤبر فللبائع الا ان المبتاع. وما لم يتشقق فللمشتري. والذي قد تشقق ولم يؤبر فمن ذلك ان الله وصفه بانه رجس من عمل الشيطان. وقال اجتنبوه وذكر ان اجتنابه سبب الفلاح. وذكر ان الشيطان يريد في قاع العداوة والبغضاء بين الناس في الخمر والميسر. الى غير ذلك من المضار فيه خلاف. المشهور من المذهب انه للبائع. لان العبرة بالتشقق انقلاب التأبير. وانما ذكر الشارع التأبير لانه ملازم للتشقق الصحيح الرواية الثانية. انه للمشتري. لان الشارع قيده بالتأبير ولم يقيده بالتشقق. والحكمة في ذلك ظاهرة. فان الذي قد ابر عنه حمل فيه البائع اول عمل فكان له. وما تشقق ولم يؤبر كالذي قد اطلع ولم يتشقق لم يعمل فيه البائع شيئا فكان للمشتري. وان جرت العادة انه لا يؤبر تعلق الحكم بالتشقق. فما تشقق فللبائع وما لم يتشقق فللمشتري وفيه جواز اشتراط المشتري الثمرة التي قد ابرت وهذه احدى المسائل التي يجوز فيها بيع الثمرة قبل بدو صلاحها وهي كما تقدم اذا كان تبعا للاصل. واذا كانت الثمرة للبائع والاصول المشتري فالسقي بينهما على قدر مصلحة ملك كل واحد في ذلك الى اهل الخبرة. والاحسن ان يصطلحا على ذلك مساقاه وقوله ومن ابتاع عبدا فماله للذي باعه. الى اخره. اي اذا كان للعبد صورة ملك بان ملكه سيده شيئا ثم باعه. فالمال لان العبد لا يملك. وفيه انه يجوز للمشتري ان يشترطه فان كان المال مقصودا اشترط علمه وسائر شروط البيع. واذا اختلفت اختفى في ثيابه فثياب الجمال للبائع. والعادة للمشتري تبعا للعبد الرابع والستون والمائتان. الحديث الرابع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه. وفي لفظ حتى يقبضه. رواه البخاري ومسلم. وعن ابن عباس رضي الله الله عنهما مثله. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عمر من ابتاع اي اشترى طعاما هو لغة كل ما يتناول للاكل او الشرب حتى الماء. وفي هو الحبوب التي تؤكل. واطلاق الشارع ينصرف الى هذا غالبا قوله فلا يبيعه حتى يستوفيه. وفي اللفظ الاخر حتى يقبضه والمعنى واحد. والحكمة في ذلك انه قبل ذلك فيه خطر ضمانه على البائع. فاذا باعه المشتري قبل قبضه اقتضى ان يضمنه للمشتري وتواري الضمانات هكذا لا يصح. لما فيه من الخطر فلهذا نهي عنه هذا اذا اشترى عينا ثم باعه قبل قبضه واما لو كان دينا وباع دينا في ذمته فلا بأس. والذي لا يجوز بيعه قبل القبض هو الذي يحتاج الى حق توفيته. وهو المكيل والموزون والمعدود والمزروع وقبضه بكيله او وزنه او عده او ذرعه. وغير ذلك ذلك بتخليته. الخامس والستون والمائتان. الحديث الخامس عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما انه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول عام الفتح. ان الله ورسوله وحرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام. فقيل يا رسول الله رأيت شحوم الميتة فانها تطلى بها السفن. وتدهن بها الجلود تصبح بها الناس. فقال لا هو حرام. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عند ذلك. قاتل الله اليهود. ان الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فاكلوا ثمنه. رواه البخاري ومسلم جملوه اذابوه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما يقول عام الفتح الى اخره. اشارة الى ان هذا في اخر عمره الشريف صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقوله ان الله وحد رسوله حرم بيع الخمر الى اخره. ما حرم الله فقد حرمه رسوله وما حرمه الرسول فقد حرمه الله. فلما وجد تحريم الله ورسوله في جميعا كان ابلغ. لانه يكون دلالة مطابقة. فان الدلالة ثلاثة اقسام دلالة مطابقة وهي اعلى انواع الدلالات مثل هذا الحديث الثاني دلالة التضمن. وهي ان يكون المعنى ضمن اللفظ وليس هو الثالث دلالة الالتزام وهي ان يكون من لوازم ذلك. ومثل ابن القيم لذلك فقال انه دال على ذات الله تعالى ورحمته دلالة مطابقة. وعلى فيهما دلالة تضمن وعلى الحياة والعلم ونحوهما دلالة التزام ان ذلك من لازم الرحمة. انتهى. وفيه تحريم هذه الاشياء لان المعصية تحرم. ويحرم فعل الاسباب التي توصل اليها من ذلك الخمر. فقد حرمه الله تعالى لما فيه من المضرة في الدين والدنيا فيحرم تناولها. وتحرم جميع الاسباب الموصلة اليها. من بيع وهيبة وجميع انواع المعاوضة. ومن ذلك تحريم بيع الميتة. لانها محرمة. لما فيها من المضار. والميتة هي ما مات حتف انفه او ذبح على وجه غير مشروع. كذبحه في غير مذبحه. وكذبح الكافر غير اهله للكتابين وكترك التسمية تعمدا ونحوه. ويستثنى من ذلك كالجراد والسمك. لان ميتته طاهرة طيبة ليس فيها مضرة وحرمت الميتة لما فيها من المضار. فان الذي يموت حتف انفه لا يسلم غالبا من مادة سمية كانت سببا لهلاكه لان ضرره يتعدى. وايضا فانه يحتقن فيه الدم. وذلك مضر فلما كان فيها مضار عظيمة حرم تناولها. وجميع الاسباب ابي الموصلة الى ذلك. وفيه تحريم بيع الخنزير. لانه اخبث الحيوانات على الاطلاق. ولا يحل الانتفاع به بوجه من الوجوه. وكانت النصارى يأكلونه ويعظمونه جدا. ولحمه اضر من كل اللحوم حتى ان الاطباء الان عثروا على مضرة فيه. وهو دود صغار مضر قالوا ان النار لا تكاد تميته. فنوهوا عن اكله. قالوا ولا يداوم احد على اكله الا لحق عليه فاهلكه. وفيه تحريم بيع الاصنام وهي التي تتخذ للعبادة من اي نوع كان. سواء من الخشب او الحجارة او غيره وفيه انه تحرم المعاوضة على الاشياء التي يتوصل بها الى وصية الله تعالى. ولو كان الشيء مباحا بالاصل. فاذا اتخذ سببا لمعصية الله حرم عليه. ولهذا قال العلماء ويحرم جوز وبيض ونحوهما لمن يقامر فيه. ويحرم بيع سلاح في فتنة بين المسلمين يمين ويحرم بيع عبد مسلم لكافر او مبتدع. لانه سبب لفتنته واظلاله ويحرم بيع وايجار حانوت ونحوه. لمن يبيع فيه الخمر ونحو ذلك من المسائل التي يتوصل فيها الى معصية الله تعالى. فلما ما اخبرهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بتحريم هذه الاشياء فهموا ان التحريم يعم جميع اجزائها. فقالوا ارأيت شحوم الميتة فانه تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس. اي يسرج فيها. وكان غالب تسريجهم بالدهن. وقليل منهم من يسرج بالزيت فقال لا هو حرام. هذا تأكيد بعد النهي. قيل معناه ان استعمال حرام وبيعه حرام. وهذا المشهور من المذهب. ولهذا قالوا لا يجوز استعمال الادهان النجسة بحال. واما المتنجسة فيجوز الانتفاع بها على وجه لا تتعدى كالتسريج بها في غير مسجد ودهن الجرب بها ودهن الجلود ونحو ذلك. والصحيح ان معنى قوله لا هو حرام اي البيع واما الانتفاع بها على هذا الوجه التي لا تتعدى فيه فانه يجوز وكان هذا الاستعمال متعارفا عندهم فلم ينههم عنه. وانما نهى هم عن البيع. ورجح هذا القول ابن القيم من عدة اوجه. فالانتفاع يجوز سوى البيع حرام. ولا تلازم بين ذلك. كما يباح الانتفاع بالكلب للصيد والزرع والماشية. ويحرم بيعه ولو لهذا النفع المباح وقوله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عند ذلك محذرا لامته عن فعل اليهود. قاتل الله اليهود. ان الله لم ما حرم عليهم شحومها جملوه. الى اخره. اي اذابوه فتحيلوا على حله بعدة حيل ولكن لم ينفعهم ذلك. فاولا اذابوه ليتغير اسمه ثم لم يتناولوه. بل باعوه وقصدهم انه يحل بذلك. وهو لا يزيد الا تحريما. ففيه تحريم الحيل التي يقصد منها تحريم ما احل الله او احلال ما حرم الله. وقد اخبر صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه لا بد ان تسلك هذه الامة مسلك الامم قبله. فوقع كما اخبر فانه سلك فساق هذه الامة مسلك اليهود في الحيل. فاستغفر صباحوا كثيرا من المحرمات بذلك. كما استباحوا مسألة العينة. وقلب الدين وكثير من انواع الربا بذلك. وكما استباحوا السفاح وسموه التحليل فالعبرة بالمعاني. فالامر المحرم لا يحله تغيير اسمه. كما يسمون الخمر نبيذا. يقصدون بذلك تحليلا. فالذي يفعل هذا اعظم اثما ممن يفعل المعصية بلا حيلة. فان المتحيل مضاد لله ورسوله ويستحسن عمله هذا ولا يراه ذنبا فيرجى ان يتوب منه. فلا زالوا في ضلالة محجوبا عن التوبة ومعرفة الحق. فيخسر في الدنيا والاخرة الحديث الخامس عن ابي بكرة انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الفضة بالفضة. والذهب بالذهب الا سواء بسواء وامرنا ان نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا. ونشتري والله اعلم. باب السلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب السلم. وهو بيع موصوف في الذمة الى اجل معلوم. بثمن في مجلس العقد فهو نوع من انواع البيع. لان البيع ينقسم الى اربعة اقسام بالقسمة العقلية. ثلاثة منها صحيحة شرعا. وواحد منهي عنه. الاول ان يكون الثمن والمثمن معجلين. وهذه التجارة دائرة وهي اكثر انواع البيع استعمالا. الثاني ضده وهو ان يكون هنا كل من الثمن والمثمن دينا مؤجلا. فهذا لا يصح. لانه نهي فعن بيع الدين بالدين الثالث ان يكون الثمن مؤجلا والمثمن معينا وهذا جائز. وهو المسمى الان بالدين. وهو مما تناوله اية الدين وهي قوله الاية وهو غالب مداينة اهل مكة. لانهم ليسوا اهل زرع. فكان استعمالهم التجارة الدائرة او هذا القسم. القسم الرابع السلم. وهو تعجيل وتأجيل المثمن. وهو المسمى الان الكتب. وسمي سلما لتسليم الثمن في مجلس العقد قد ويسمى سلفا لتقديم الثمن في مجلس العقد. وسمي كتبا لانه يكتب واشترطوا فيه على المشهور من المذهب شروطا كثيرة. والصحيح ان اكثرها لا يشترط فلا يشترط الا تقديم الثمن وتعيين الاجل. ووصف المثمن باوصافه كلها من النوع والعدد وجميع ما يختلف به الثمن. فلا يصح بما لا تنضبط صفاته الجواهر ونحوها. قال ابن عباس اشهد ان السلم مذكور في كتاب الله تعالى ثم قرأ فاكتبوه الاية على ذلك انها عامة للدين والسلام. ففيها اشتراط الاجل المعلوم. وفيها اشتراط وصف المثمن بجميع صفاته فان قوله فاكتبوه يعلم انه يشترط انه منضبط الصفات. وانه يوصف بجميع صفاته. فانه لا يمكن كتابة المجهول. وايضا في علم وصفه وضبط صفاته من قوله ذلكم اقسط عند الله واقوم للشهادة وادنى ان لا ترتابوا. الاية وفي الاية دليل على عدم اشتراط كثير من الشروط التي ذكر الفقهاء. فان انهم ضيقوه جدا. وفيها انه يصح الرهن والكفيل به. فانه قال وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فريد مقبوضة. الاية ولو جرى الناس على جميع الشروط التي ذكروا لترك السلم كثير من الناس. السادس والستون والمائتان. الحديث الاول عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قدم رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم المدينة. وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقد ذكر ما يجب اشتراطه في حديث ابن عباس فقال من اسلف في شيء وهذا عام لكل شيء منضبط الصفات. فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم. اي انه لا بد ان يذكر قدره. اما بالكيل او الوزن ومثله العد والذرع. وفيه انه لابد من تعيين الاجل. وكذلك لابد من ذكر جميع الصفات التي يختلف بها الثمن ظاهرا. واذا حل فدين السلم واراد ان يتراضيا على اخذ عوضه من غيره جاز. الا ان يكون رأس المال من احد النقدين. فلا يصح ان يؤخذ عوضه من احدهما. فلو اسلف في في تمر ثم حل واراد ان يراضيه على بر او شعير او غيرهما جاز ولو اراد ان يراضيه على دراهم او دنانير. وكان رأس مال السلم من احدهما لم يجز لانه وسيلة الى ربا نسيئة. الا ان اراد ان يأخذ اقل من رأس مال السلام او رأس ما له بلا زيادة. واذا تراضيا على شيء بدل المسلم فيه وجب التقابض قبل التفرق. والا كان بيع دين بدين. وهو منهي عنه والله اعلم. باب الشروط في البيع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب الشروط في البيع. اي الاشياء التي يشترطها احد المتعاقدين على الاخر. والاصل فيها الصحة لقوله صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم المؤمنون على شروطهم الا شرطا احل حراما او حرمه حلالا. واما شروط البيع فهي التي لا يصح الا بها شروط التي تخالف كتاب الله باطلة. وهي التي تحل الحرام او تحرم الحلال فمن ذلك شرط الولاء لغير المعتق فلا يصح. لانه كما قال عليه الصلاة والسلام الولاء لحمة كلحمة النسب. السابع والستون والمائتان الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها انها قالت جاءتني بريرة فقالت ذهب بالفضة كيف شئنا. قال فسأله رجل فقال يدا بيد. فقال اهكذا سمعت؟ رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في قوله في حديث ابي بكرة نهى رسول الله صلى الله كاتبت اهلي على تسع اواق في كل عام اوقية فاعينيني فقلت ان احب اهلك ان اعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت. فذهبت بريرة الى اهلها فقالت لهم فابوا عليها. فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم جالس. فقالت اني عرضت ذلك عليهم. فابوا الا ان يكون لهم الولاء فاخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقط قال خذيها واشترطي لهم الولاء. فانما الولاء لمن اعتق. ففعلت عائشة ثم قام رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الناس فحمد الله واثنى عليه. ثم قال اما بعد فما بال رجال يشترطون في شروطا ليست في كتاب الله. ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. وان كان مائة شرط. قضاء الله احق. وشرط الله اوثق. وانما الولاء لمن اعتق رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. فكما لا يصح بيع النسب وهبته ونحو ذلك. فلا يصح بيع الولاء ولا هبته فهو للمعتق وقد ذكر ذلك بقوله في حديث عائشة جاءتني بريرة فقالت كاتبت اهلي اي انها اشترت نفسها منهم على تسع اواق. الاوقية اربعون درهما الاواقي ثلاثمئة وستون درهما. والاوقية اي اربعون الدرهم عندنا. قد خمسة ارجيل الا ثلث. وقولها في كل عام اوقية اي انها مؤجلة تسع سنين. ولا يمكن ان تقع الكتابة الا مؤجلة لان الرقيق وقت العقد لا يملك شيئا. وقولها ان احب اهلك ان اعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت. وكان الولاء غاليا عندهم في ذلك الوقت لانه ينتسب الى مواليه وينصرهم ويبرهم. وربما مات كواريثوه الى غير ذلك من المصالح. ولهذا لما راجعتهم ابوا واستحبوا تأخير الثمن تسع سنين. ويكون الولاء لهم. على تعجيله ويكون الولاء لغيره قوله فاخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال خذيها واشترطي لهم الولاء. فانما الولاء لمن اعتق. الى اخر اي ان الولاء لك سواء شرطتيه لهم او لا. والظاهر والله واعلم انهم قد علموا ان هذا الشرط لا يصح. ولكن حملهم على ذلك الطمع فقصد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم تهديدهم وتأديبهم. والا فلو لم يعلموا بذلك لم يغرهم. وحاشاه من ذلك. وقولها ثم قام رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الناس. وكانت هذه عادة صلى الله عليه وعلى اله وسلم. انه اذا وقع امر خاص بين كان للعموم ولم يخص. طلبا للستر على من فعل ذلك الفعل. وقولها خاف حمد الله واثنى عليه. وكانت هذه عادته صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم في جميع خطبه. البداءة بحمد الله والثناء عليه. ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم قال اما بعد وهذه يؤتى من اسلوب الى اخر. وقوله فما بال رجال يشترطون شروط الى اخره. اي انها شروط تخالف امر الله تعالى. وهي التي تحل ما حرم او تحرم ما احل. ثم قال ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل الى اخره. وهذا عام لجميع الشروط المخالفة لكتاب الله ولو بلغت ما بلغت. لان هذا كلام عام. فان النكرة اذا وردت في الشرط او النفي او النهي ونحو ذلك مما ذكره الاصوليون. من صيغ العموم ثم فهي عامة. ولا سيما اذا دخلت عليها من الزائدة. وهي التي تمصيص العموم. اي انه نص في العموم وقبل دخولها ظاهر فيه والنص لا يحتمل غير معناه الذي وضع له. بخلاف الظاهر فهو يحتمله وغيره وقوله قضاء الله احق. اي انه احق من قضاء كل احد. ولهذا لم يقيده ليعم. وقوله وشرط الله اوثق. اي انه اوثق من شروط الخلق فيجب الوفاء وعدم مخالفته. وقوله انما الولاء لمن اعتق اي ان من تسبب للعتق فله الولاء. سواء اعتق عليه كشراء ذي رحمه المحرم وكالتمثيل بعبده ونحو ذلك. او اعتقه في كفارة او زكاة او تقربا او بكتابة ونحوه. فالولاء له لا يعاوض عنه ولا يهبه. لان انه كما تقدم لحمة كلحمة النسب. وليس هذا منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم على وجه السجع والتكلف. فانه لا يسجع وليس بشاعر. ولكن توالت هذه الثلاث الفقرات اتفاقا. لا على وجه التعمق. وفي الحديث فوائد عديدة منها مشروعية الكتابة. ومنها انها مؤجلة. ومنها انه لا يصح شرط الولاء لغير المعتق. وكذا لا يصح كل شرط خالف كتاب الله ومنها ان من علم بعدم صحته واشترطه فانه لا يصح. ولا يوفق به ولا خيار له. واما من جهل وفاة غرضه فله الخيار الثامن والستون والمائتان. الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه انه كان يسير على جمل فاعيا. فاراد ان يسيبه فلحقني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فدعا لي. وضربه سيرا لم يسر مثله فقال بعنيه باوقية. قلت لا ثم قال بعنيه فبعته باوقية. واستثنيت حملانه الى اهلي. فلما بلغت اتيته بالجمل فنقدني ثمنه. ثم رجعت فارسل في اثري فقال اتراني ما كستك اخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر انه كان يسير على جمل فاعي اي تعب. ومن شدة هزاله وتعبه اراد ان شيبة. ان يتركه لانه لا يسوى شيئا. وقد عجز عن السير. قوله فلحقني النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يحتمل انه لما انقطع رجع اليه. ويحتمل وهو الظاهر انه لحقه وكان خلفه لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان عادته يسير خلف الركب ركب المنقطع ويزجي الضعيف. قوله فدعا لي وضربه. اي انه فعل السبب المعنوية وهو الدعاء والسبب الحسي وهو ضربه. قوله فسار سيرا لم يسر مثله الى اخره. وكان بالاول عاجزا عن المشي منقطعا. ففيه اية العظيمة والمعجزة الباهرة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا كضرب موسى البحر والحجر بعصاه. وقوله فقال بعنيه باوقية الى اخره. اراد جبر خاطره. ولكنه رضي الله عنه طمع فيه لما رأى لا سيره فقال لا. ثم قال بعنيه الى اخره. والاوقية تقدم ان ها اربعون درهما. فلما بلغت اي وصل الى اهله اتاه به فنقده الثمن فلما رجع ارسل في اثره فقال اتراني اي اتظنني ما كستك اي كاسرتك لاخذ جملك. خذ جملك ودراهمك فهو لك. واستنبط العلماء من هذا الحديث احكاما كثيرة. منها ما دل عليه بصريحه ولفظه. ومنها ما دل عليه بفحواه فمن ذلك ان فيه المعجزة العظيمة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما تقدم. والفائدة في معرفة في اياته ومعجزاته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. انها تقوي الايمان ولهذا كان اذا رآه وصلى الله عليه وعلى اله وسلم من اياته فيه شيئا قال اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله. ومن ذلك رحمته العظيمة صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ومنها بركة يده وحسن خلقه وتواضعه. ومنها انه يجوز للامام البيع والشراء مع رعيته ولم تكن هذه عادة لازمة له صلى الله عليه وعلى اله وسلم بل انما يفعل ذلك في بعض الجزئيات. والا فقد تقدم انه قال وجعل رزقي تحت ظل رمحي. ومنها انه لا بأس بالمماكسة وهي المكاسرة في البيع والشراء. ومنها ان امره صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا لم يكن على وجه الحتم فلا يلزم. ولهذا لما علم ان قوله بعنيه ليس امرا لازما قال لا. ولو كان لازما في مثل هذا هذه الحال لحرم معارضته ولزم اتباعه. ولو اراد اخذه مجانا لم يجد له منعه. لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اولى بالمؤمنين من انفسهم ولكن هذا كقوله لبريرة ارجعي الى مغيث. او كما قال فقالت اتأمرني بذلك؟ فقال لا وانما اشير عليك. فقالت لا حاجة به فلم يكن هذا مخالفة لامره. وفيه انه لا بأس النفع المعلوم اذا باع شيئا. واستنبطوا من هذا الحديث قاعدة ذكرها الامام ابن رجب رحمه الله في القواعد فقال يجوز للانسان نقل الملك في شيء واستثناء نفعه المعلوم مدة معلومة. وهذا يعم كل شيء شيء ونقل الملك يعم البيع والاجارة والهبة والعتق وغير ذلك. ويستثنى من ذلك نقل الملك في الامة واستثناء منفعة البضع. فلا يجوز استثناء هذه المنفعة خاصة. لانه لا يحل البضع الا بالزوجية او بملك اليمين ويصح عتق الامة وجعل عتقها صداقها. ولا يحتاج الى عقد. وكذلك فاذا عتق رقيقه واستثنى خدمته مدة حياته. فيصح مع جهل المدة لانه يجوز في التبرع ما لا يجوز في المعاوضة. فيعفى عن هذا في التبرع التاسع والستون والمائتان الحديث الثالث. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يبيع تحضير لباد ولا تناجشوا ولا يبع الرجل على بيع اخيه ولا يخطب على خطبته. ولا تسأل المرأة طلاق اختها لتكفئ ما في صحفتها رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يبيع حاضر لباد. الى اخره. تقدم ان معنى ذلك ان يكون له سمسارا. اي دلالا. والحكمة في النهي عنه قوله. دعوا الناس فيرزق الله بعضهم من بعض. وتقدم ذكر شروطه. وفيه النهي عن النجش وتقدم ان معناه الاثارة. اي ان يزيد في السلعة من لا يريد شراءها. ومنه قول ربها اعطيت بها كذا وهو كاذب. والناجش داخل في قوله شر الناس من ظلم الناس للناس. لانه باء بالاثم ولم يحصل له شيء وفيه النهي عن البيع على بيع المسلم. وتقدم ان ذلك عام للاجارة وطلب المرتب وفيها اهل كالمساجد والمدارس ونحوها. وفيه النهي ان يخطب على خطبته. والصحيح انه عام ولو لم يعلم هل قبل او رد اعظم من ذلك تخبيب المرأة على زوجها. اي افسادها عليه. وقوله ولا تسأل المرأة طلاق اختها الى اخره. اي كأن صحفتها ممتلئة من الرزق بسبب الزوج. وهي تريد ازالة هذه النعمة وحسدها. سواء كان هذا بعدما تزوجها تطلب طلاق ضرتها. او قبل ذلك تريد ان تشرط عليه طلاقا فهذا شرط لا يصح. فالواجب عدم المشاحة والحسد بينهن كما انه يجب على الزوج العدل بينهن. باب الربا والصرف قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الربا والصرف قوله في حديث ابي سعيد جاء بلال الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بتمر برني. وهو من اطيب انواع التمر. وهو باب اسمه الى الان. والتمر انواع كثيرة جدا. وكان قد اشترى منه الربا لغة الزيادة. وشرعا تفاضل في اشياء مخصوصة. ونساء في اشياء مخصوصة. وهي المكيلات والموزونات. وهو حرام بالكتاب والسنة والاجماع قال تعالى واحل الله البيع وحرم الربا وتكاثرت بذلك الاحاديث. وهو قسمان ربا فضل وربا نسيئة وهو اعظم وحرم ربا الفضل لانه وسيلة الى ربا النسيئة. والربوي هو المكيل والموزون كالذهب والفضة والبر والشعير ونحو ذلك. واما غيرهما اي غير المكيل موجون فلا يدخله الربا كالحيوانات ونحوها. والعبرة بالاصل فلو جر ترى العرف بكيل شيء او وزنه وهو بالاصل ليس كذلك. لم يدخله الربا وكذلك العلف ونحوه. ولو كان بالاصل مكيلا او موزونا. ثم تغير بصناعة لم يدخله الربا. كالنحاس والقطن ونحوهما. غير الذهب والفضة. فلا تخرجهما الصناعة عن الوزن ولو اتخذ منهما اوان او حلي ونحوهما واذا بيع الربوي بجنسه اشترط التماثل والقبض قبل التفرق. وذلك كالذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر ونحوها. واذا بيع بغير جنسية كالذهب بالفضة والبر بالشعير جاز التفاضل ويلزم القبض قبل التفرق وان باع مكيلا بموزون كالبر بالفضة او عكسه. بان باع موزونا بمكيل كالفضة او الذهب بالبر او الشعير. جاز التفرق قبل القبض والتفاضل. السبعون والمائتان الحديث الاول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الذهب بالذهب ربا الا وهاء. والفضة بالفضة ربا الا هاء وهاء. والبر بالبر ربا الا هاء وهاء. والشعير بالشعير ربا الا هاء وهاء. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومما يدل على ريم الربا قوله في حديث عمر الذهب بالذهب ربا الا هاء وهاء. اي الا اهاك واعطني. وهذه حكاية عن القبض قبل التفرق. واستغنى بقوله هاء من بقية الكلمة كقوله تعالى هاء مقرؤوا كتابية ايهاكم ومثله بقية الحديث. فلا يجوز بيع المكيل بمكيل من جنسه الا يدا بيد. مثلا بمثل ولو اختلف النوع فالتمر جنس تحته انواع كالشقر والسكري ونحو ذلك. والبر جنس تحته انواع. وان باع قيل بمكيل من غير جنسه كبر بشعير جاز التفاضل. ووجب القبض قبل التفرق ومثل ذلك بيع الموزون بالموزون. ويستثنى منه مسألة وهي السلم في الموزونة اذا كان رأس المال من احد النقدين. فهو موزون بموزون من غير جنسه ويجوز التفرق قبل قبض المسلم فيه. كما استثنيت مسألة العرايا من التماثل للحاجة. فالجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل الا في العرايا للحاجة وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. وتسن لمن ترك مالا كثيرا ان يوصي بالثلث فاقل لغير وارث. وتكره اذا كان ورثته لقوله فيما يأتي انك ان تذر ورثتك اغنياء. الى وان باع المكيل بالموزون جاز النساء والتفاضل. الحادي والسبعون والمئة الحديث الثاني عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لا تبيعوا الذهب بالذهب الا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض. ولا تبيعوا الورق بالورق الا مثلا بمثل. ولا تشفوا بعضها على بعض. ولا تبيعوا منها غائبا ناجز وفي لفظ الا يدا بيد وفي لفظ الا حزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي سعيد الخدري لا تبيعوا الذهب بالذهب الا مثلا بمثل. ولا تشفوا اي لا تزيدوا بعضها على بعض. الى اخره. فيه تحريم ربا الفضل. لانه الى ربا النسيئة. وفيه تحريم ربا نسيئة. وقد ورد تحريم الربا في السنة في ستة اشياء على وجه التصريح. وهي الذهب والفضة والتمر والبر والشعير والملح وقيس عليها كل مكيل وموزون. الثاني والسبعون والمائتان الحديث الثالث عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال قال جاء بلال الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بتمر برد فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اين هذا؟ قال بلال كان عندنا تمر رديء. فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عند ذلك. اوه عين الربا لا تفعل ولكن اذا اردت ان تشتري فابع التمر ببيع اخر. ثم اشتري به رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قيمة توجع لان المعصية من اعظم الالام. فلهذا توجع منه وحذره قوله عين الربا اي هذا الربا بعينه. ثم نهاه عن تعاطيه بقوله لا افعل ثم لما نهاه عن هذا الطريق المحرم بين له طريقا مباحا لان الله تعالى اغنى بالطرق المباحة عن الطرق المحرمة فلا يتوهم احد ان في المحرم حاجة الى شيء. الا وجد في المباح كفاية عن المحرم فقال ولكن اذا اردت ان تشتري فبع التمر ببيع اخر ثم اشتري به. اي بعه ثم اشتري بثمنه من الطيب. فهذا طريق سهل مباح ويشترط الا يبيعه على من يريد الشراء منه. خشية ان يتخذ حيله الى الربا وفيه انه لا يجوز بيع الصاع من المكيل بصاعين. اذا اتفق الجنس ولو كان بعضه اطيب من بعض. ولو اختلف النوع فيجب ان يعلم التماثل ويجب القبض قبل التفرق. وفيه انه ينبغي للمفتي ونحوه اذا سأله احد عن امر محرم ثم نهاه عنه ان يبين له من الطرق المباحة ما يغنيه عن المحرم. وفيه نص صريح على جواز مسألة التبرك وهي المسماة الدينة. وهي ان يبيع عليه سلعة قيمتها مثلا اشارة حالة باثني عشر الى اجل. ويحرم على من باعها نسيئة شراؤها بدون كوني ما باع به نسيئة. لانها وسيلة الى مسألة العينة مسألة العينة. وهي ان يشتري منه سلعة بعشرة مثلا الى اجل. ثم يبيعها عليه بثمانية حالة. لان المعنى انه اعطاه ثمانية بعشر اشارة الى اجل. وهذا محرم. ومثلها عكسها. وهي ان ان يشتري منه سلعة بثمانية حالة. ثم يبيعها عليه بعشرة الى اجل الثالث والسبعون والمائتان. الحديث الرابع عن ابي المنهال انه قال سألت البراء بن عازب وزيد بن ارقم عن الصرف فكل واحد منهما يقول هذا خير مني وكلاهما يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي المنهال سألت البراء وزيد ابن ارقم عن الصرف وكل واحد منهما يقول هذا خير مني. الى اخره. وهذا من واكرام بعضهم لبعض رضي الله عنهم. وفيه انهم اتفقوا على تحريم بيع الذهب بالورق دينا. اي غائبا بان يتفرقا قبل القبض. وهذا الصرف فلا يجوز الا يدا بيد. والورق الفضة. وان قبض بعضه هنا بعض بطل العقد فيما لم يقبض. الرابع والسبعون والمائتان عليه وعلى اله وسلم عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب. الا سواء بسواء الى اخره. فيه تحريم بيع احد النقدين بجنسه الا مثلا بمثل وقوله وامرنا ان نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا. الى الى اخره. اي انه لا يشترط التماثل في بيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب وقوله فسأله رجل فقال يدا بيد. فقال هكذا سمعت. اي ان انه لم يحفظ هذا الشرط. ولكن حفظه غيره كما تقدم. ففيه ان الربا يجري في النقدين. وهل العلة الثمنية او الوزن فيه خلاف. وهل يلحق في النقدين الانواط ام لا؟ هذه الانواط لم تستعمل الا اخيرا. واختلف فيها على ثلاثة اقوال. احدها انها كالسندات. لانه متى يطلب هي في يده العدد المرقوم عليها. من تلك الحكومة او وكلائها سلم له وعلى هذا القول فيحرم التعامل بها. لانها لا يجوز بيع ما في الذمة. لما فيه من الغرر ولا يعلم هل يقدر على قبضه ام لا. فيدخل في الميسر والغرر. فيحرم التعامل بها. وفي هذا من الضرر والحرج ما فيه. القول الثاني مقابل هذا القول وانها بمنزلة السلع. فلا يجري فيها الربا. ويجوز شراؤه باي نوع كان. ويجوز ان يشتري مثلا النوط المرقوم عليه عدد عشرة بتسعة او اقل او اكثر. ولا يدخله الربا على هذا القول بحال. القول الثاني وهو اوسط الاقوال واقربها للقياس. وهو ان حكمها حكم اصلها فعددها بقدر ما كتب عليها. ولا يجوز شراء نوط الذهب بذهب الا بعدد ما اقم عليه. وان يكون يدا بيد كما لو باع ذهبا بذهب. ومثله نوط الفضة بالفضة. ولا يشتري نوطا الربيات بالريالات. ويشتري نوط الفضة بالذهب ونوط الذهب بالفضة. ولا يشترط فيه الا القبض قبل التفرق. فحكم كل لنوط حكم مبدله. باب الرهن وغيره. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الرهن وغيره. الرهن توثقة دين اين يمكن استيفاءه منها او من ثمنها. واختلفوا في رهن الدين الذي في الذمة والمنافع التي تتحصل. كما يحصل من كراء الدار. وثمرة البستان التي لم توجد على قولين الصحيح جواز ذلك. والمشهور من المذهب عدم الجواز وقد ثبت جواز الرهن بالكتاب والسنة والاجماع. قال تعالى وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان ثم مقبوضة. وخصه بالسفر لان الحاجة فيه اعظم وقد ورد عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم الامر بالرهن. واقر عليه اصحابه وفعله هو. وعلى المذهب لا يلزم الا بالقبض. لقوله فرحان مقبوضة. والرواية الثانية انه لا يشترط القبض وهي الصحيحة وعليها عمل الناس. ولا يمكنهم العمل الا بها ما قوله فرحان مقبوضة. فالمراد به الارشاد الى اعلى انواع التوثق. ولهذا ذكر في اية الدين اعلى انواع التوثق من كل جهة فذكر الكتابة والاشهاد. وان يكون الشاهدان رجلين. فان لم يكونا رجلين رجل وامرأتان وقد ثبت بالسنة ثبوت الحق بشاهد ويمين المدعي وذكر الرهن المقبوض. فهذا اعلى انواعه. والا فيصح بدون القبض ولكن ذكر القبض لزيادة التوثق. خصوصا اذا لم يكن ثم شهود. ولم يكتب خشية ان ينكر المدين. والرهن من عقود التوثيقات كالضمان والكفالة ونحوها وما صح بيعه صح رهنه من كل شيء. وما لا يصح بيعه لا يصح رهنه فلا يصح رهن الوقف وام الولد ونحوهما. ويستثنى الثمرة قبل غدو صلاة والزرع قبل اشتداد حبه. فلا يصح بيعهما ويصح رهنهما لانه بتقدير تلفهما لا يضيع حق المرتهن. لانه متعلق في ذمة الله وكذا رهن الرقيق وحده دون ذي رحمه المحرم. كرهن الامة ولدها. ولا يصح بيع احدهما دون الاخر. واذا حل الدين فان كان الراهن اذنني المرتهن في بيعه اذا حل الدين او وكل غيره على بيعه باعه واخذ دينه من قيمته. فان لم يكن اذن له وامتنع من بيعه هو رفع الامر الى الحاكم. وباعه ووفاه الدين من قيمته خامس والسبعون والمائتان. الحديث الاول. عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اشترى من يهودي طعاما ورهنه درعا من حديد. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ يخص عدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث عائشة ان رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اشترى من يهودي طعاما. الى اخره فيه جواز مبايعة الكفار. ويجب عليه الصدق والبيان كما تقدم ويحرم عليه الكذب والخيانة والكتمان. حتى في معاملة الكافر وفيه جواز الرهن حتى رهن الشيء المحتاج اليه. كالدرع ونحوه من من الة الحرب وفيه انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يبيع ويشتري بعض الاحيان. ولم يكن ذلك عادة راتبة له كما قدم السادس والسبعون والمائتان. الحديث الثاني عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم قال مطل الغني ظلم. واذا اتبع احدكم على مليء فليتبع رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة مطل الغني ظلم. الى اخره اخره قد اشتمل هذا الحديث على الامر بحسن القضاء وحسن الاقتضاء عن ضدهما. فقوله مطل الغني ظلم. فيه وجوب اداء الحق والا يماطل فيه. والمماطلة هي المعروفة. اي الامتناع من اداء الحج حق او منعه بعد حلوله. او اداؤه ناقصا اما عددا او صفة فكل هذا لا يجوز. فالواجب المبادرة الى اداء الحق وان يكون كامل العدد والصفة. وقوله واذا احيل احدكم على مليء فليتبع هذا من حسن الاقتضاء. انه اذا احيل على مليء فليحتل والحوالة تحول الحق من ذمة الى ذمة. فاذا كان له على انسان دين ولانسان عليه دين فاراد ان يحيل من يطلبه على مدين فيلزم الطالب ان يحتال اذا كان المحال عليه مليئا المليء هو كما قال الامام احمد رحمه الله القادر بقوله وبدنه وماله فالقادر بقوله هو الذي لا يماطل. وببدنه هو الذي يمكن مجلس الحكم. فلا يلزم ان يحتال على ابيه. ومن كان كالامير ونحوه. بحيث لو امتنع لم يمكن احضاره مجلس الحكم وبماله هو الغني الذي يجد وفاء. وهذا اذا كان في ذمة المحال عليه دين للمحيل. واما الحوالة المعروفة الان فهي عبارة عن وكالة وتسمى سفتجة. واذا احيل على مليء وجب عليه ان يحتال وانتقل الحق من ذمة المحيل الى ذمة المحال عليه. فلو افلس بعد ذلك وقبل ان يستوفي المحتال فهل يرجع على المحيل بحقه ام لا؟ فيه بخلاف المشهور من المذهب انه لا يرجع. لان الحق استقر في ذمة المحال عليه والرواية الثانية انه يرجع لانه محسن وما على المحسنين من سبيل. والمحال عليه عبارة عن وكيل للمحيل فاذا لم يحصل منه وفاء للمحتال رجع على الاصل وهو المحيل. وهذا هو الصحيح والله الله اعلم. السابع والسبعون والمائتان. الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. او قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول من ادرك ما له بعينه عند رجل او انسان قد افلس. فهو هو احق به من غيره. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي هريرة من ادرك ماله بعينه عند رجل او انسان المعنى واحد. لان قوله رجل عام الذكر والانثى لعموم المعنى. والمفلس بسكون الفاء وكسر اللام وتخفيفها هو من عليه دين اكثر من موجوداته. والمفلس بفتح الفاء فتح اللام المشددة هو من قد حجر عليه الحاكم لفلس. فاذا افلس انسان وطلب غرماءه من الحاكم ان يحجر عليه. ويمنعه من في ماله لزمه الحجر عليه. فان كان ما له لا يفي بجميع ديونه تقاسم المال على قدر ديونهم. ومن كان منهم قد تميز برهن فله رهنه فإن زاد على الدين اخذ حقه ورد الزائد على الغرماء. وان بقي من شيء بعد اخذه الرهن ادلى به مع الغرماء في بقية المال وفي هذا الحديث ان من وجد ما له بعينه عند من قد افلس. فهو احق فيه من الغرماء. وفي بعض الروايات والا فهو اسوة الغرماء قال العلماء بشرط الا يتغير بزيادة متصلة. وان تغير بنقص خير صاحبه. فان شاء اخذه ولا يدلي مع الغرماء وان شاء لم يأخذه وله مع الغرماء حصته بقدر دينه. والحكمة في ذلك ظاهرة. فانه قريب العهد. وماله باق بحاله فكان من العدل ان يأخذه لقرب عهده. وايضا فانه لما تبين فلس المشتري كان عيبا فيه. فللبائع الفسخ واخذ عين ما له. ومحل ذلك ما لم يتصرف فيه المفلس. فان تصرف فيه ببيع او هبة او رهن لم صاحبه اخذه. ويقدم عليه من تعلق حقه به. اي ما لم يعلم ان تصرفه فيه حيلة الى اسقاط حق صاحبه. فيقدم حينئذ صاحبه الثامن والسبعون والمائتان. الحديث الرابع. عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما انه قال جعل وفي لفظ قضى النبي صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالشفعة في كل مال لم يقسم. فان اذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث جابر قضى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالشفعة. الى اخره الشفعة هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه. ممن انتقل اليه بعوض ما لي ويشترط ان يعاوض عنها بمال. فلو انتقل عن صداق ونحوه لم يملك الشفعة على المذهب. والرواية الاخرى ان انها تقوم. ويملك الشريك اخذها بقيمتها. وهذا هو الصحيح وشرعت الشفعة دفعا لضرر الشريك. وشرعت في العقار خاصة دون غيره من المنقولات. بدليل قوله في الحديث فاذا وقعت الحدود الى اخره. ولان غير العقار اقل ضررا. ولا يشترط فيها الرضا منها من البائع والمشتري. ويحرم التحيل لاسقاطها. واذا علم انه قصد الحيلة بوقفها ونحوه لم ينفذ الوقف وللشفيع اخذه قال ابن قاضي الجبل ويغلط كثير من المتفقهة. فينفذ الوقف في ما اشترى عقارا. ثم وقفه قبل علم الشفيع. وهو لا ينفذ عند الائمة الاربعة ولو كتم البيع واظهر انه هبة. او اظهر اكثر من ثمنه لم يسقط حق الشفيع. فمتى علم بذلك فله الاخذ بالشفعة قوله فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. اي انه حينئذ يكون ولا شفعة للجار. خلافا لابي حنيفة فانه يثبتها جار وعند شيخ الاسلام ان للجار الشفعة ان كان بينه وبين جاره طريق مشترك. او منفعة من المنافع كبئر ونحوه. وهو قوي جدة وعلى كل فالاولى الا يبيع حتى يؤذن شريكه. فان لم كن له شريك اخبر جاره. فان احب اشتراه هو والا باعه. وان ان كان العقار بين شركاء وباع احدهم فلهم الاخذ بالشفعة على قدر املاكهم. وان تركها احدهم اخذ الباقون الكل او تركوا ولا تفرقوا الصفقة على المشتري دفعا لضرره. ولا شفعة لكافر على مسلم لان الاسلام يعلو ولا يعلى عليه. ولا شفعة بشركة وقف وقيل فيها شفعة. التاسع والسبعون والمائتان. الحديث الخامس عن ابن عمر انه قال اصاب عمر ارضا بخيبر فاتى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يستأمره فيها. فقال قال يا رسول الله اني اصبت ارضا بخيبر لم اصب مالا قط هو انفس عندي منه فما تأمرني به قال ان شئت حبست اصلها وتصدقت ابيها قال فتصدق بها عمر. غير انه لا يباع اصلها ولا يوهم ولا يورث. قال فتصدق بها عمر في الفقراء. وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف. لا جناح على من ولي ها ان يأكل منها بالمعروف. او يطعم صديقا غير متمول فيه. وفي لفظ ان غير متأثل رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر اصاب عمر بخيبر. اي لما فتح الله خيبر على رسوله قسمها فيمن حضر الحديدة فاصاب عمر نصيبه منها. فاتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستأمره فيها. ان يستشيره في اي وجه من وجوه الخير يصرفها فيه. وقصده طلب الافضل. فقال يا رسول الله اني اصبت ارضا بخيبر. لم اصب مالا قط هو انفس عندي منه. اي انه انفس ما له عنده. فما تأمرني به. فقال ان شئت حبست اصلها اي ان احببت جعلتها وقفا. ومن هذا الحديث اخذ الفقهاء حد الوقف فقال هو تحبيس الاصل وتسبيل المنفعة. ويعلم من هذا انه لا يصح الوقف الا في عين ينتفع بها. مع بقاء اصلها ما لا ينتفع فيه الا باتلافه. كالطعام والشراب ونحوهما. فلا فيصح فيه الوقف. وان بذل فعلا وجه الصدقة. وقال بعض العلماء الوقف الذي هو تحبيث الاصل وتسبيل المنفعة. خاص بهذه الامة لم يكن لغيرها. وانما عند غيرهم الصدقة فقط. وقوله وتصدق بها اي بنفعها. وفسر قوله حبست اصلها الى اخره فتصدق بها عمر. غير انه لا يباع اصلها ولا يوهب ولا يورث. فهو هو محبوس عن هذه التصرفات في اصله ونحوها. مما يراد للتملك كالرهن واما الثمرة فانه يتصرف فيها كغيرها. وقوله فتصدق عمر من الفقراء اي المحاويج. وفي القربى اي قرابة الرسول. وفي الرقاب اي المماليك والمكاتبين والاسارى. وفي سبيل الله اي الجهاد ونحوه ابن السبيل اي الغريب. والضيف لا جناح على من وليها. اي الناظر عليه ان يأكل منها بالمعروف. اي قدر كفايته من غير اسراف. او يطعم صديقا. اي بالمعروف. ولهذا قال غير متمول فيه. وفي لفظ غير غير متأثل. اي غير اخذ فوق حاجته. يتخذه وراءه ما لم يتموله وفي هذا الحديث فوائد عديدة. منها مشروعية الوقف ومنها ان الوقف تحبيث الاصل وتسبيل المنفعة. ومنها معرفة شروط الوقت وانه لا يصح الا في عين ينتفع فيها. مع بقاء عينها وانه لا يصح الا على بر. ومنها انه ينبغي لمن اراد ان يفعل شيئا ان يستشير من هو اعلم منه فيه. فلا خاب من استخار ولا ندم من ومنها انه يلزم من استشير ان ينصح من استشاره ومنها ان الوقف من افضل القربات. وهو عين جارية. ومنها انه لابد من ناظر للوقف وينبغي ان يعين له احسن من يجد. ومنها انه ان احتاج الناظر فله الاكل بالمعروف. وكذا كل من تولى مالا بلا عوض ايا ولم يكن متبرعا بعمله. فله الاكل منه بالمعروف. قال الفقهاء فيمن تولى مال اليتيم وله ان يأكل الاقل من كفايته او اجرته ومنها انه ينبغي لمن تصدق بصدقة او اوصى بوصية ان يعين مصرفها. وان يتخير لها احسن وجوه البر. واذا تأملت وصايا الناس اليوم وجدت اكثرها او كلها على غيرك الشرع فتجده يوقف على اولاده. ويحرم باقي الورثة. وهذا لا يجوز. فاذا اراد ان ينفع اولاده فليترك المال لهم. ولا يوصي بشيء وله بذلك اجر. كما ان له اجرا بالنفقة عليهم في حياته. خصوصا اذا كان قليل المال. فترك الوصية له اولى. ولم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولا اصحابه ولا التابعين يعرف هذا الوقف ولهذا لما كان مخالفا للشرع تجد فيه من الجور والظلم ما فيه تحرموا بعض ورثته ويحرم منه اولاد البنات. ولهذا لما كان على غير وجه المأمور به تجد بين اهله من الشقاق والعداوة شيئا كثيرا كل هذا من اسباب العدول عن المشروع. وقد ورد في التحذير عن ذلك الانسان يعمل في طاعة الله سبعين عاما. ثم يحيف في وصيته فيدخل النار او كما قال فينبغي لمن اراد الوصية او الوقف ان يجعل ذلك اما لمصلحة مسجد معين او لاقاربه المحتاجين غير الورثة. ونحو ذلك ذلك من وجوه البر كالمدارس وابن السبيل. الثمانون المئتان الحديث السادس عن عمر رضي الله عنه انه قال حملت على فرس في سبيل الله. فاضاعه الذي كان عنده اردت ان اشتريه فظننت انه يبيعه برخص. فسألت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال لا تشتره ولا تعد في صدقتك وان اعطاك بدرهم. فان العائد فيه هبته كالعائد في قيءه. وفي لفظ فان الذي يعود في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في في حديث عمر حملت على فرس في سبيل الله. اي تصدقت به. فاضاعه الذي كان عنده اي لم يعرف قدره واهمله حتى هزل ونقصت حاله فاردت ان اشتريه. وظننت انه يبيعه برخص. اي لانه نقص فكأنه استراب من ذلك قال فسألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال لا تشتريه ولا تعد في صدقتك. ولو اعطاكه بدرهم فان العائد فيه كالعائد في قيءه. وفي اللفظ الاخر كالكلب يقين ثم يعود في قيئه. وفي هذا الحديث انه لا يجوز ان يعود في صدقته اوهبته لانه تركه هو فلا يرجع فيه. وفيه انه لا يجوز ان ان يشتريه ايضا. لانه تركه لله تعالى. ولانه قد يحابيه لانه يرغب ان يعطيه غيره او يستحي منه. قالوا ايضا ولا ترييه منه ولا من غيره. وفي بعض الروايات ليس لنا مثل السوء. وفيه ان من فعل هذا الفعل فانه كالكلب. وفيه انه لما اخرج هذا المال كان في فن من الذنوب. كالذي يخرج الفضلات المضرة من بدنه. فاذا عاد اليه كان كمن عاد في قيئه. وهذا اسوأ حالة منه قبل اخراجه. فانه اعظم ويستثنى من ذلك الاب كما ورد في السنن الا الاب فيما يعطيه لولده. فان له الرجوع فيه. لان له التملك من ما له واما غيره فلا. الحادي والثمانون والمائتان. الحج حديث السابع عن النعمان ابن بشير رضي الله عنهما انه قال صدق علي ابي ببعض ماله. فقالت امي عمرة بنت رواحة. لا ارض حتى يشهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فانطلق ابي الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ليشهده على صدقتي فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم افعلت هذا بولدك كلهم قال لا. قال اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم قال فرجع ابي فرد تلك الصدقة. وفي لفظ قال فلا تشهدني فاني لا اشهد على جور. وفي لفظ فاشهد على هذا رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث النعمان ابن بشير تصدق علي ابي ببعض ماله ولعله مال جسيم بدليل قوله فقالت امي عمرة بنت رواح اي اخت عبدالله بن رواحة. لا ارضى حتى يشهد رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. اي انه اكمل لثبوتها. فانطلق ابي الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ليشهده على صدقته فكان ذلك خيرا لهم وللامة. فقال رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. افعلت هذا بولدك كلهم؟ قال لا لانه ظن انه لا يجب عليه ان بينهم في العطية. قال اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم. الى اخره. ففيه انه يجب عليه ان بين اولاده في العطية. لان هذا هو العدل. ولانه ما ورد في قوله اتحب ان يكونوا لك في البر سواء الى اخره. اي ان العدل سبب لبرهم. والحيف سبب التحاسد والعقوق ولهذا فعل اخوة يوسف ما قص الله تعالى. بسبب ان يعقوب قدم يوسف واخاه عليهم في المحبة. كما قال تعالى عنهم ليوسف واخوه واحب الى ابينا منا ونحن عصبة. الى اخر ما ما ذكر عنهم ويغلط كثير من الناس ويظن ان سبب ما فعلوه ان يوسف قص عليهم رؤياه فحسدوه. وفعلوا ما فعلوا. وهذا المعنى وان لقد ذكره بعض المفسرين فهو غلط مخالف لصريح الاية. فانه قال يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك الاية ويقينا انه امتثل امر ابيه ولم يقص رؤياه على اخوته وايضا فان قوله عنهم ليوسف واخوه احب الى ابي الاية صريح في ان هذا هو الحامل لهم علامات ما فعلوا ولهذا قالوا اقتلوا يوسف او اطرحوه يحلو لكم وجه ابيكم. اي انه الان مشتغل عنكم بيوسف فاذا قتلتموه حلالكم وجه ابيكم. ففي ترجيح بعض الاولاد على بعض سبب للعداوة والحسد بين الاولاد كما هو مشاهد. فاذا كان يجب عليه العدل فيما يعطيهم من ما له. فوجوب العدل فيما يأخذه منهم اولى واختلف العلماء فيما اذا فضل احدهم لفقره وغنى الباقين او لتفرغه لطلب العلم. او لكونه ضريرا او زمنا ونحوه فقيل انه لا يجوز. والصحيح انه يجوز. لانه لم يفضله الا لهذا المعنى الذي قام به. وايضا فان اولاده يعذرون. ولا يكون في خواطرهم من ذلك شيء. ولا يجوز ان يفضل بعضهم لبره اياه. لان هذا لا يوجب التفضيل. وقول فاشهد على هذا غيري. ليس هذا اقرارا منه. بل هذا على سبيل للتهديد كقوله تعالى اعملوا ما شئتم وكقوله فمن شاء فليؤمن ومن شاء وهذا كثير في كلام العرب. واختلف العلماء هل تنفذ هذه العطية التي فيها جور ام لا؟ الصحيح انها لا تنفذ فلو مات قبل ردها فهي ميراث من جملة ماله. لقوله عليه الصلاة والسلام. من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. ولقوله فاني لا اشهد على جور. ومحال ان يصحح الجور ويقال بجوازه وكان السلف يعتنون بهذا. حتى ان بعضهم يحب العدل بين اولاده في القبلة. فاذا قبل احدهم قبل الاخر. لئلا يكون في شيء. الثاني والثمانون والمائتان. الحديث الثامن عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. عامل اهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر او زرع رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم عامل اهل خيبر. الى اخره. لما فتح المسلمون خيبر سنة سبع من الهجرة. قسمها رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم بين من حضر. ولم يحضر الا اهل الحديبية وقد وعدهم الله تعالى هذه الغنيمة. فكانت خالصة لهم فطلب اهلها اليهود من رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يقرهم ويكفونهم العمل ولهم شطر ما يخرج منها. وكانوا بحالة الحرث من المسلمين. وكان المسلمون ايضا بحاجة الى من يكفيهم العمل ليتفرغوا للجهاد. فاقرها رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم بايديهم. بشطر ما يخرج منها. ولم يزل قالوا كذلك في عهد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابي بكر من خلافة عمر. حتى اجلاهم عمر الى الشام. وهذا اصل كبير في جواز المساقات والمزارعة بشيء مشاع معلوم. وفيه انه لا يشترط كون البذور والغراس من رب الارض. وهو الصحيح لانه لم ينقل ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يعطيهم البذر ولانه تركهم يزرعون ما يشاؤون. فكان من المعلوم يقينا ان البذر منهم. ولم يزل عمل الناس على هذا. ولهذا قال في مختصر المقنع ولا يشترط كون البذر والغراس من رب الارض. وعليه الناس قال في المقنع ولا يمكن الناس العمل الا بهذا القول وغاية ما مع الذين اوجبوا كونه من رب الارض. انها مقيسة على المضاربة والبذر يقولون كرأس المال. وهذا قياس منتقض. فان رأس المال في المضاربة يرد على المالك. وفي هذا لا يرد. ولو شرط رده بطل على العقد لانه شرط شيء معلوم. وهذا الحديث ايضا اصل في شركات كالمضاربة والابدان والعنان ونحوها. وقال بعضهم ان المضاربة ثابتة بالقياس لا بالنص. والصحيح انها ثابتة بالنص. لانها لم تزل من العقود المتعارفة بين الناس في الجاهلية وجاء الاسلام واقر الناس عليها كسائر العقود المباحة ولا يجوز في المضاربة والمساقاة والمزارعة شرط شيء معين. او معلوم غير مشاع لاحد المتعاقدين. لم يصح الا اذا كان على وجه الكراء الثالث والثمانون والمائتان. الحديث التاسع عن رافع بن خديج رضي الله عنه انه قال كنا اكثر الانصار حقلا وكنا نكري الارض على ان لنا هذه ولهم هذه. ورب ما اخرجت هذه ولم تخرج هذه. فنهانا عن ذلك. فاما بالورق الذهب فلم ينهنا. ولمسلم عن حنظلة ابن قيس انه قال سألت رافع ابن خديج عن كراء الارض بالذهب والورق فقال لا بأس به انما كان الناس يؤجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بما على الماذيانات. واقبال الجداول واشياء من الزرع. فيهلك هذا ويسلم هذا ويهلك هذا. ولم يكن للناس كراء الا هذا. ولذلك زجر عنه. فاما شيء معلوم مضمون فلا بأس. رواه البخاري ومسلم. الماذ الانهار الكبار. والجدول النهر الصغير. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. ولهذا ذكر ذلك في حديث رافع بن خديج انه قال قال كنا اكثر الانصار حقلا. اي فلائح وحيطان الحقل هو ما يجمع النخل وارض الزراعة. وكنا نكري الارض على ان لنا هذه ولهم هذه الى اخره. ومثله قوله في الرواية الاخرى لمسلم عن حنظلة ابن قيس انه قال سألت رافع بن خديج عن الارض بالذهب والورق. الى اخره. ففيه ان الشيء المعين لا يجوز تفسد العقد. كما اذا قال لك هذا ولي هذا النوع من الزرع او النخل فهذا لا يجوز لما فيه من الغرر والمراهنة. ولهذا ذكر العلة قوله فربما اخرجت هذه ولم تخرج هذه. وفي الرواية الاخرى فيهلك هذا ويسلم هذا ويهلك هذا. ففيه من الغرر ما موجب تحريمه. ولهذا قال الاوزاعي رحمه الله اذا فكر البصير بالحلال والحرام. علم ان الحكمة اللائقة تحريم ما حرم الله وتحليل ما احل الله. وكان الخلاف في هذه المسألة من وقت الصحابة لانه ورد النهي عن المخابرات والمواكرة. وبعضهم حرم كراء الارض بالورق والذهب. وبعضهم حرم المزارعة في الارض الا تبعا للنصر والصحيح جواز ذلك. والتفصيل الذي ذكره رافع بن خديج هو واصح شيء. فالاقسام ثلاثة. قسم لا يجوز. وقسمان جائزان فالذي لا يجوز هو الذي يقول لنا هذا القسم ولك هذا القسم او لنا هذا النخل المعين. ولك هذا النخل. كما في قوله كان الناس يؤجرون بما على الماذيانات. فسره بان الانهار الكبار. واقبال الجداول. اي ما يخرج على الانهار الصغار فهذا حرام ويفسد العقد. لانه من قبيل المراهنة وفيه من الغرر ما فيه. القسم الثاني قراء الارض او النخل في شيء معلوم. اما من الذهب او الورق او من التمر او الحب. ولو كان من جنس ما يخرج منها. ولهذا صرح بذلك في قوله فاما بالذهب والورق فلا بأس. وكذلك الكراء بجنس ما يخرج من الارض او غيره يجوز. وهو داخل في قوله. فاما شيء معلوم مضمون فلا بأس. فهذا صريح في جواز كراء الارض بشيء معلوم مضمون وليس هذا داخلا في المخابرة. وغاية ما يقول المحرمون لهذا نوع انه بيع الثمرة قبل بدو صلاحها. وليس كذلك فان هذا كاجارة الدور والدكاكين. فان البيع معاوضة على اين المبيع ومنافعه؟ ونقل للملك فيهما. والاجارة معاودة على المنافع دون العين. فهذا اجارة. القسم الثالث جعلها على وجه الشركة. اي مساقاة او مزارعة فيكون لكل منهما جزء مشاع معلوم. على ما يتفقان عليه وهذا احسن الاقسام. قال شيخ الاسلام وهذا اوفر وقوة اعدل واحسن. لانهما يستويان في الغم والغرم. واذا شرط لاحدهما شيء معين افسد العقد وحرم ذلك. وقد ابتلينا في هذا الزمان بهذه المسألة. فاذا ساقاه على حائطه شرط صاحب النخل على الفلاح نخلة او نخلتين او اكثر تكون له يسمونها طلوعه. اي ليس للعامل منها سهم. فهذه يفسد العقد. والخروج منها يسير جدا. فاذا اراد ان يجعل قال له واحدة فليجعل معها اخرى ويساقيه عليهما بنصف مشاع فيحل هذا ويحصل له مقصوده. واما ما يفعله بعض من جعل سهم يسير في المعين للعامل حيلة. كنصف عشر او عشر او نحو ذلك. وبعضهم يشرطه ولا يأخذه. فهذا لا يصح لانه سهم غير مقصود. وشرط هذا لا يحلله. ومثل ذلك فعل الناس اليوم في المضاربة. اذا كان رأس المال قيمة عرض فاذا كان هذا العرض قيمته مائة باعه عليك بمائة وعشرة مضاربة. فهذا حرام يفسد العقد. وهو كما لو اعطى الله مئة نقدا مضاربة. وشرط ان رأس المال مئة وعشرة. فهذا يعلم كل احد انه لا يجوز. ولا فرق بين المسألتين. واكثر من يستعملها هذا يجهل تحريمه. فالواجب ان يكون رأس المال من النقدين. او يدفع للعامل عرضا ويقوم باحد النقدين. مع ان المشهور من المذهب انه لا هل يصح الا ان يكون رأس المال نقدا. واما بالعرض فلا يصح والصحيح جوازه. ويقوم العرض بما يستحق. ولا يحل ان يزاد على ما لانه ظلم للعامل. والخروج من ذلك يسير. فاذا كان يريد ان يجعل للعامل النصف ويشترط لنفسه زيادة على النصف. فالطريق المباح ان يجعل للعامل الثلث وله الثلثين. الرابع الثمانون والمائتان الحديث العاشر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه اعطى عطاء وقعت فيه المواريث. وقال جابر انما العمرة التي جازها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان يقول هي لك ولعقبك فاما اذا قال هي لك ما عشت فانها ترجع الى صاحبها اه وفي لفظ لمسلم امسكوا عليكم اموالكم ولا تفسدوا فانه من اعمر عمرا فهي للذي اعمرها حيا وميتا في عقبه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليق قوله في حديث جابر قضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالعمرة. الى اخره. هذه مسألة كانت كثيرة الوقوع في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. واما في فقليلة الوجود بل معدومة. وتسمى العمرة والركبى. وهي العطية التي يقول هي لك مدة عمرك او ما عشت. او مدة عمري سميت عمرة لان اجلها انقضاء عمر من علقت على انقضاء عمره. وسمي رقبة لانه يرتقب اجلها فيردها. واختلف العلماء فيها هل هي عطية لازمة ابدا؟ او انها بمنزلة العارية متى شاء ربها فردها. واصح ما قيل فيها هو ما فصله جابر في هذا الحديث كيف قال قضى بالعمرة لمن وهبت له. وفي اللفظ الاخر من اعمر عمرة له ولعقبه. فهي للذي اعطيها. لا يرجع الذي طه اي لان القرينة دالة على انها عطية مؤبدة. ولهذا فقال لانه اعطى عطاء وقعت فيه المواريث. وقال جابر انما العمرة التي اجازها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي امضاها وجعلها لازمة مؤبدة. هي ان يقول هي لك ولعقبك. واما اذا قال هي لك ما عشت. فانها ترجع الى صاحبها. فالمرجع الى قرينة ان دلت على اللزوم والتأبيد فهي عطية مؤبدة. وان دلت على ان انها عارية فهي عارية. ومثله اللفظ الاخر. امسكوا عليكم ولا تفسدوها. لانه اذا قال هي لك ولعقبك. فانها اخرجوا عن ملكه لمن اعمرها. الخامس والثمانون والمائتان الحديث الحادي عشر عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى ان الله عليه وعلى اله وسلم قال لا يمنعن جار جاره ان يغرسه خشبة في جداره. ثم يقول ابو هريرة ما لي اراكم عنها معرضين والله لارمين بها بين اكتافكم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة لا يمنعن جار جاره ان يغرز خشبة. الى اخره في هذا حق الجار. وقد ورد الامر بالاحسان الى الجار. والحب وعلى ذلك كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه. وهذا من عظم حقه وكلما قرب الانسان من الانسان قرابة او جوار. كان حقه عليه اعظم. وقد ورد النهي عن الاساءة الى الجار. وانه مما ينهى عنه الايمان كما قال لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه. اي غشه وغيه قدره وخيانته. وقول ابي هريرة ما لي اراكم عنها معرضين يحتمل ان المراد عن هذه السنة. او عن امتثال هذا الامر. وقول قوله والله لارمين بها بين اكتافكم. على الاحتمال الاول المراد. اني تؤدي الواجب. وابلغكم هذا الامر. فان امتثلتم فهو المطلوب. وان لم فقد برأت ذمتي. وبقيت التبعة عليكم. وعلى الاحتمال الثاني المراد ان لم تلتزموا هذا لاجبرنكم عليه. ولاضعنها ولو على اكتافكم وهذا الاحتمال اقرب. وهذا اذا لم يكن على صاحب الجدار جاري ضرر فان كان عليه ضرر لم يجبر. لان الضرر لا يزال بالضرر وهل يجبر على ذلك اذا لم يكن عليه ضرر او لا يجبر؟ فيه خلاف. مذهب عمر انه يجبر. ولهذا لما اختصم اليه في ذلك اجبر عليه. وقال للجار لاضعنها ولو على ظهرك. واختلف العلماء فيما اذا احتاج الجار والى اجراء مائه على ارض جاره بلا ضرر. هل يجبر الجار على اجرائه ام لا المشهور من المذهب لا يجبر. والصحيح الرواية الثانية انه يجبر السادس والثمانون والمائتان. الحديث الثاني عشر عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما قال من ظلم قيد شبر من الارض طوقه من سبع اراضين. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة من ظلم قيد شبر من الارض الى اخره فيه تحريم الظلم. وهذا عام. سواء كان المظلوم مشتركا كالظلم من بقدر حاجته لدخوله في الوصف. ولا يجوز ان يوقفه على اولاده لانه جور وحيف. او يجعلها لجهة من جهات البر فقراء وابناء السبيل او لمصالح المساجد او مسجد معين. او للمجاهد الاسواق وظلم المساجد. وهذا اعظم الظلم. ومن ذلك بل اعظم ظلم مشاعر كالبناء فيها. وتحجرها وتضيقها على الناس فيلزم ازالة ذلك. كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم من المناخ من سبق. فلا يجوز تحجرها وتحميها. وفيه الاثم المعظم على من ظلم شيئا من الارض. وهو عام لتغيير حدودها كالمراسيم. ولهذا ورد لعن الله من غير نار الارض اي المراسيم وهي الحدود. وفيه ان الارض سبع طبقات كما قال تعالى الاية واختلفوها بين كل ارض والتي تحتها هم هواء كما بين كل سماء من هواء. وفيها عالم كما بين السماء والارض ام ليس بينهما شيء. الله اعلم بذلك. وغاية ما يقال على التخرص والا فان الناس لم يصلوا الى ذلك. واذا كان هذا الوعيد الشديد على من ظلم قيد شبر فكيف بمن ظلم اكثر من ذلك باب اللقطة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله باب اللقطة. اشهر اللغات فيها بضم اللام وفتح القاف والطاء ويقال لقطة بسكون القاف مع ضم اللام. ويقال لقطة بفتح اللام ويقال لقاطة. واللقطة مال مختص ضل عن ربه. وهي ثلاثة اقسام قسم يملك بمجرد التقاطه. وهو الشيء الحقير الذي لا تتبعه همة اوساط الناس كالسواك والسوط والعصا وقليل التمر والحب ونحوه. فهذا لا يحتاج الى تعريف فيملكه بمجرد التقاطه. فان وجد صاحبه وهو في يده رده عليه. فان كان قد اتلفه او اخرجه عن ملكه لم يرجع عليه بشيء النوع الثاني لا يجوز التقاطه. وهو الذي يمتنع من صغار السباع كالابل والبقر والخيل ونحوها. النوع الثالث هو الذي يلتقط ويلزم تعريفه حول ويملكه بعد ذلك. وهو ما عدا ذلك السابع والثمانون والمائتان. الحديث الاول عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه انه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن لقطة او الورق. فقال اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة. فان لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك. فان جاء طالبها يوما من الدهر فاديها اليه. وسأله عن ضالة الابل فقال ما لك ولها؟ دعه فان معها حذاءها وسقاءها. ترد الماء وتأكل الشجر. حتى يجدها ربها وسأله عن الشاة فقال خذها فانما هي لك او لاخيك او للذئب. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث زيد بن خالد الجهني سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن لقطة الذهب والورق. فقط قال اعرف وكاءها اي حبلها الذي قد شدت به. وعفاصها وصفة الشد وقيل هو الوعاء. ثم عرفها سنة. قال بعض العلماء يعرفها اول اسبوع كل يوم. ثم في الشهر الاول كل جمعة. ثم بعد ذلك في كل شهر مرة وهذا منهم تفسير للعرف. والصحيح ان ذلك راجع الى العرف فيعرفها بقدر العرف. والتعريف في مجامع الناس. كالاسواق وابواب المساجد احوهما فان لم تعرف فاستنفقها. اي استنفع بها. ولتكن وديعة عندك اي انها على وجه الوديعة. فان جاء طالبها يوما من الدهر فادها اليه اي بعدما يصفها كما ورد التصريح بذلك. ولا يحتاج في ذلك الى شهور لان الوصف بينة فيه. وهذه قاعدة. فان المال الذي في يد انسان لا يدعيه. ثم ادعاه احد ووصفه. كفى في ذلك وصفه وسأله عن ضالة الابل. فقال ما لك ولها؟ دعها اي اتركها. ثم وذكر العلة في ذلك فقال فان معها حذاءها اي خفافها. وسقاءها اي بطنها فانها تصبر على الظمأ. فقال ترد الماء وتأكل الشجر حتى تجدها ربها اي مالكها. لان تركها اقرب الى وجود صاحبها فان كان في تركها سبب لضياعها كما لو خاف عليها من قطاع الطريق ونحو ذلك اخذها على وجه الامانة والحفظ. وله على ذلك اجرة المثل كمن انقذ مال معصوم من هلكه. ومثل الابل ما يمتنع من صغار السباع كما تقدم وعد بعضهم الحمر من ذلك. والصحيح كما قال الموفق. انه انه لا يدخل في هذا. فانه لا يمتنع من الذئب فهو كالشاه. وقوله عن الشاه وهي الذكر والانثى من الضأن والماعز. فقال خذها فانما ها هي لك او لاخيك او للذئب. اي انك ان تركتها ولم يجدها ربها اكلها الذئب ومثلها كل ما لا يمتنع من صغار السباع. واذا التقطها خير بين فاكهة وينفق عليها مدة تعريفها. فان وجد صاحبها ردها عليه ويرجع عليه بنفقتها. وان لم يجده ملكها بعد مضي الحول وان شاء باعها. فان جاء ربها ووصفها دفع اليه ثمنها والا ملكه وان شاء قومها يوم وجدها واكلها. فان جاء ربها دفع قيمتها والاصل بالتولي على مال الغير انه لا يجوز الا باذن مالكه. او اذن شارع وفي هذا قد اذن الشارع باخذها والتولي عليها. لاجل ردها اعلى ربها ولو فكر الانسان لعلم ان مالكها قد اذن في ذلك. لان كل احد يحب حفظ ماله ويأذن فيه. واجرة من يعرفها على الملتقى او على ربها هما قولان للعلماء. ولكل طائفة مأخذ واصل فمن قال على ربها فدليله ان التعريف لحفظ ماله عليه ولحظه. فعلى اليه اجرته. ومن قال على الملتقط فدليله لانه عرفها لاجل تملكه بعد الحول فعليه اجرته. ويستثنى من ذلك لقطة الحرم. فانها الا تملك على الصحيح. وهو رواية عن احمد رحمه الله تعالى. لقوله عليه الصلاة والسلام. ولا تلتقط لقطته الا لمن عرفها. كما تقدم فان اخذها لزمه تعريفها ابدا. والا فيعطيها الامام ويبرأ والا فيتصدق بها عن ربها. فان جاء ربها خيره بين ان يكون له الاجر ولا يرجع عليه بشيء. وبين ان يكون الاجر للملتقط ويغرق ارحموها لربها. واذا اظهر رب اللقطة لمن وجدها جعلا. ثم ذهب طلبها فوجدها فله الجعل. وان كان وجدها قبل نداء ربها بالجعل عليه اخذ الجعل. الا ان يتبرع به مالكها. لانه يجب عليه من حين وجودها ان يعرفها. باب الوصايا. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الوصايا. الوصية هي بالتنفيذ بعد الموت. وتدخلها الاحكام الخمسة. فتجب اذا كان عليه دين لا بينة به ان يوصي به. لانه يجب اداؤه. ولا يحصل الا بذلك وتحرم بما زاد على الثلث. واذا كان فيها جنف او اثم اي حيف والفرق بينهما ان الجنف هو الذي لا يتعمده. والاثم هو الذي يتعمده وكلاهما محرم. وهذا النوع اكثر وصايا الناس اليوم. وتباح اذا كان له ورثة اغنياء. الثامن والثمانون والمائتان الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه تبيت ليلتين الا ووصيته مكتوبة عنده. زاد مسلم قال ابن عمر ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم يقول ذلك. الا وعندي وصيتي. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه اي يريد الوصية يبيت ليلتين الا ووصيته مكتوبة عنده. ويسامح في الليلة واحدة وفي رواية مسلم قال ابن عمر ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول ذلك. الا وعندي وصيتي اي انهم امتثل امر الرسول وبادر الى ذلك. وينبغي للانسان ان يقتدي بابن عمر. فمن حين يسمع هذا الحديث يبادر الى امتثال الامر ويوصي فان في ذلك فوائد عديدة. منها المبادرة الى امتثال امر الله وامره لرسوله ومنها انه يتغانم الوقت قبل الفوات. فانه لا يدري في متى يموت؟ ولعله يموت بغته. او يصيبه امر لا يقدر معه على وصية ومنها انه لا يزال في عبادة من حين ان يكتبها الى ان يتوفاه الله تعالى. ومنها انه اذا اصابه المرض لم يكن اوهاب كما في الوصية فيتفرغ الى ما يقربه الى الله. ومنها ان هذا من الحزم لانه استعد للامر قبل وقوعه. ومنها انه احسن للوصية فانه اذا كان في حال صحته وفراغه كان اعرف باحسن وجوه البر منه اذا كان في حال المرض وضعف النفس. واشتغال الخاطر واذا كتبها فله ان يغير مصرفها متى شاء. ولو غيرها في كل يوم مئة مرة فانها لا تنفذ الا بعد الموت. ويكفي في ذلك ان بيده فان كان لا يحسن ذلك ولا يعرف الحسن من المصالح يشاور من يعلم ذلك. ولا يقتدي بما يفعل الناس اليوم. فان وصايا الناس جور وظلم. وليست على وجه الشرع. والسبب في ذلك قتل فداء بعضهم ببعض. وعدم سؤالهم اهل العلم. وعدم تعليم العلماء وليس العجب من فعل العوام. بل العجب من اقرار العلماء لهم على ذلك وقد ورد التحذير من الجور في الوصية. كما قال عليه الصلاة والسلام ان العبد ليعمل بطاعة الله سبعين سنة. ثم يجور في وصيته فيدعو ادخلوا النار او كما قال واذا سأل الانسان عما ينبغي ان يوصى به وله فيقال ينبغي ان يوصى بالخمس او الربع او اقل من ذلك بقدره في حاله وحال ورثته. ولهذا قال ابو بكر رضيت بما رضي الله به لنفسه يعني الخمس. وليخرجها عن الورثة. فيجعلها لفقراء الاقارب وان احتاج احد من الورثة الاولاد او غيرهم اليها. فله او للعلماء او للمدارس وطلبة العلم. ونحو ذلك من وجوه الخير واذا كانت على وجه الظلم والحيف وجب ابطالها. لقوله عليه السلام من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. واذا مات الانسان تعلق في ماله اربعة حقوق. اولا مؤن التجهيز. وهي مقدم على كل شيء لانها من ضرورياته. ثم الديون التي لله او للاتي ويقدم منها ما كان برهن. فان لم يكن شيء برهن فقيل فتقدم ديون الله. وقيل ديون الادميين. وتقدم بيان ادلة ذلك والصحيح انه لا يقدم احدهما. بل اذا ضاق المال عنهما فبالمحاط كديون الادميين المحضة. ثم بعد الديون الوصية بالثلث فما دونه ثم بعد ذلك حق الورثة والله اعلم التاسع والثمانون والمائتان. الحديث الثاني عن سعد بن ابي و رقاص رضي الله عنه انه قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي. فقل قلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى. وانا ذو مال ولا يرث الا ابنة افاتصدق بثلثي مالي؟ قال لا. قلت فالشطر يا رسول الله قال لا. قلت فالثلث. قال الثلث والثلث وكثير انك ان تذر ورثتك اغنياء خير من ان تذرهم عالة يتكفلون الناس وانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا اجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك. قال فقلت يا رسول الله اخلد بعد اصحابي قال انك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله ان ازددت درجة ورفعة. ولعلك ان تخلف حتى ينتفع بك اقوام مر بك اخرون. اللهم امضي لاصحابي هجرتهم. ولا تردهم على اعقابهم. لكن البائس سعد بن خولة. يرثينه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان مات بمكة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث سعد ابن ابي وقاص جاءني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم يعودني في عام حجة الوداع. اي بمكة لانه مرض بها من وجع اشتد بي. اي مرض مرضا شديدا. وقوله فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى. وكأنه رضي الله عنه احس انه تموت من مرضه هذا. لما رأى من شدته. قوله وانا ذو ما اي كثير لان النكرة للتكثير. ولا يرثني الا ابنه. اي من غير العصبة. والا فله عصبة كثيرون. افاتصدق بثلثي مالي اي لما ذكر من الدواعي الى ذلك. قال لا. قلت فالشطر اي النصف وقال لا. قلت فالثلث. قال الثلث والثلث كثير. وقد ورد في بعض الفاظ هذا الحديث انه امره ان يتصدق بالعشر ثم رقاه الى الثلث فينبغي الا يبلغ الثلث بوصيته. التسعون والمائتان الحديث الثالث. عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال لو ان الناس غضوا من الثلث الى الربع فان رسول الله قال الثلث والثلث كثير. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولهذا قال ابن عباس لو ان الناس غضوا من من الثلث الى الربع فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الثلث والثلث كثير. ثم لما علم ان قصده الاجتهاد في الخير وطلب الافضل بين له ذلك فقال انك انتظر ورثتك اغنياء خير لك من ان تذرهم عالة. اي فقراء يتكففون الناس. ان يسألوننا الناس باكفهم. ويطلق التكفف على التعفف. وعلى سؤال الناس بالاكف اي ان لك اجرا بتخليف المال لورثتك. اذا احتسبت ذلك على الله ثم اخبره بحالة عامة في حال الحياة فقال وانك لن تنفقني نفقة تبتغي بها وجه الله الا اجرت بها. اي انك اذا احتسبت نويت رضا الله بالنفقة على عائلتك ومالك اجرت عليه. وان كان في ذلك لك مصلحة. ثم خص الزم النفقات فقال حتى ما تجعل فيه اي في فمها. ولا يجوز تشديد الياء. لانه من الاسماء الخمس اي انك تؤجر على جميع النفقات اذا كان لك قصد حسن. ونية حتى اللقمة تجعلها في فم امرأتك. مع انه اعظم النفقات فانها لا تسقط ابدا. وكذا يؤجر على علف بهائمه ونفقة والديه واولاده. حتى اللقمة يجعلها في فم الطفل فاذا كان يؤجر على النفقة عليهم حال حياته. فكذا اذا وفر المال له قم بعد وفاته والفرق بالاحتساب وفيه يتفاوت الناس فمنه من ينفق على وجه العادة فهذا لا يؤجر عليه. ومنهم من ينوي نية عامة في جميع ما ينفقه. ونية خاصة عند كل جزئية من الجزئيات فهذا يؤجر بقدر نيته. ثم قال لما ظن انه يموت من مرضه يا رسول الله اخلف بعد اصحابي اي شكا عليه الحال وتوجع من ذلك وان كان هذا ليس في اختياره. اي لانه رضي الله عنه كان من المهاجرين الاولين. ومن افاضل الصحابة. وكان قد امر المهاجرون الا يقيموا في مكة اكثر من ثلاثة ايام. لانهم تركوا اوطانهم لله فلا يرجعون في ذلك. كما نهى عن الرجوع في الصدقة والهبة كما قدم والهجرة احد الاعمال الثلاثة. التي هي افضل الاعمال الايمان والجهاد والهجرة. وكانوا يحبون ان يوافق القدر الشرع ولا يحبسهم القدر في الارض التي هاجروا منها. ولو كانوا في ذلك معذورين فاخبره رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في تخلفه خيرا له فقال انك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله الا ازددت به درجة ورفعة. وهذا توصية له في تزود من الاعمال الصالحة. وحث له على اغتنام هذه الفرصة ثم ذكر انه يخلف تخليفا اخر غير هذا فقال ولعلك ان تخلف اي بعد وفاته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. حتى ينتفع بك اقوام ويضر بك اخرون. اي انك تكون رئيسا بعد موتي حتى ينتفع بسببك اقوام وهم المؤمنون. ويضر بك اي بسببك اخرون وهم الكفار والمنافقون. وقد وقع كما اخبر صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فانه لما توفي وانفسنا له الفداء وصارت الخلافة الى ابي بكر. وارتد من ارتد من العرب فقاتلهم حتى رجعوا. ثم جهز الجيوش الى الفرس. وهم اقوام ودول العالم في ذلك الزمان. فكان سعد رضي الله عنه قائدا عظيما من قواد جيوش المسلمين. ورئيسا من رؤسائهم. فانتفع به المسلمون وتضرر به الكافرون. فكان هذا مصداقا لخبره صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ومعجزة من معجزات نبوته. ثم ودعا بعد ذلك لاصحابه عموما فقال اللهم امض لاصحابي هجرتهم اي تقبلها منهم. واجعلها كاملة موفرة. ولا ترد على اعقابهم. اي لا تخيبهم. ثم قال لكن البائس اي الحزين سعد بن خولة. يرثي له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان مات بمكة. ان يتوجعوا له لانه كان مهاجرا ومات في مكة. وهذا ليس عليه فيه نقص. وفي هذا الحديث في فوائد كثيرة من الاصول. فمن ذلك المعجزة عظيمة لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. حيث اخبره انه وسيخلف حتى ينتفع به اقوام وهم مؤمنون. ويضر به اخرون ومنها مشروعية عيادة المريض. وهي من المستحبات العشرة عظيمة وقيل بوجوبها. ولكن الصحيح انها تختلف باختلاف احوال الناس درجاتهم. فتجب عيادة من في ترك عيادته عقوق والدين والاقارب والاصدقاء الاخصاء ونحو ذلك. وتستحب عيادة غيرهم ومنها استحباب تذكيره الوصية. لانه اذا كان يستحب في المسلم ان يكتبها في حال صحته. فكيف في حال المرض؟ وينبغي ان يأتي بكلام لطيف. لانه اقرب لحصول المقصود. ومنها انه ينبغي في ان يستشير من هو اعلم منه في ذلك. ويلزمه النصح له. ومنها انه يلزم من امره ان يكتب وصية فيها حيف او اشهده عليها ان اخبره بانه لا يجوز الحيث. ويبين طريق الشرع. ومنها انه لا يجوز الزيادة على الثلث في الوصية. وينبغي الا يبلغ الثلث ولهذا قال ابن عباس لو ان الناس غضوا من الثلث الى الربع فان ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الثلث والثلث كثير اي لو انهم قللوا الوصية لكان خيرا لهم. ومنها انه يؤجر في توفير المال لورثته اذا احتسب ذلك. خصوصا اذا كانوا محاويج ومنها انه يؤجر في جميع ما ينفقه في حال حياته. اذا طغى بذلك وجه الله. اي كان مخلصا حسن القصد. حتى اوجبوا النفقات سوى الزمها نفقة الزوجة. ومنها ان المهاجر لا يقيم في الارض التي هاجرت وعنها لانه تركها لله. فلا يرجع فيها. كالهبة قاد قتي لا يجوز له الرجوع فيها. ومنها انه اذا قام بغير اختياره لمرض ونحوه فانه معذور لا ينقص بذلك اجره ومنها ان الله تعالى كمل للصحابة اجرهم. وتمم للمهاجرين هجرتهم وقوله ولعلك ان تخلف هذا للتحقيق. لان لعل في كلام الله ورسوله واجبة. اي محققة الوقوع باب الفرائض. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب الفرائض. الفرائض جمع فريضة. وهو الواجب شرعا. وهو اعم من اصطلاح الفقهاء. فانه في الاصطلاح العلم بقسمة المواريث وبعضهم دخل في ذلك الوصية. وقد بسط الله تعالى قسمة في كتابه ولم يفصل شيئا من الاحكام في القرآن كما فصل المواريث ولهذا ورد ان الله تعالى لم يكل قسمتها الى ملك مقرب ولا نبي مرسل وانما تولى قسمتها بنفسه. فان الانسان اذا ما كان ما له لاولى الناس به. وهم اقاربه. وذكر المؤلف حديث ابن عباس في هذا وهو من الاحاديث الجوامع. ولما شرح ابن رجب الاربعين النووي وهي اثنان واربعون حديثا. فزاد ابن رجب ثمانية احاديث من الجوامع فتممها خمسين. ومما زاد حديث ابن عباس هذا. ولما تكلم عليه قال اذا جمع البصير بين حديث ابن عباس هذا وبينما ذكر الله في كتابه من المواريث لم يشذ عن ذلك من مسائل الفرائض الا النادر الحادي والتسعون والمائتان الحديث الاول عن ابن عباس رضي الله الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال الحقوا الفرائض باهلها. فما بقي فلاولى رجل ذكر. وفي رواية اقسموا المال بين اهل الفرائض على كتاب الله. فما تركت الفرائض اولى رجل ذكر رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله الحقوا الفرائض باهلها. وفي الرواية الاخرى اقسموا المال بين اهل الفرائض على كتاب. اي ابدأوا باهل الفرائض. الذي حين فرض الله لهم فروضهم في كتابه. فما بقي بعدهم فهو لاولى رجل ذكر اي لاقرب العصبة. وليعلم ان اسباب الارث ثلاثة. رحم اي قرابة ونكاح اي عقد الزوجية الصحيح وولاء اي عتق. فالارث بالنكاح ذكره الله بقوله ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم فان كان لهن ولد فلكم اي سواء كان الولد من الزوج او من غيره سواء كان ذكرا او انثى. فهذا ميراث الزوج. ثم ذكر وميراث الزوجات بقوله ولهن الربع مما تركتم فان كان لكم ولد فلهن اي سواء كان الولد من الزوجة او من غيرها ذكرا او انثى. وهذا ميراث الزوجات. سواء كانت واحدة او اكثر فلا يزيد ميراثهن. فتبين ان لكل من الزوج والزوجة حالتين فللزوج النصف مع عدم الولد اي ولد الصلب وولد الابن. والربع مع وجود احد من الولد او ولد الابن. وللزوجة فاكثر نصف حاليه فيهما رحيم القرابة. وهم الاصول والفروع والحواشي. فالاصول هم من لهم عليك كوي ناده والوارثون منهم الاب والام والجد ابو الاب وابوه. وان على بمحض الذكور. والجدات من كل وجهة. اي ام الام وام الاب وام ابي الاب وان علون بمحض الاناث. فللام السدس مع الولد او ولد الابن والثلث مع عدمهم. ولها السدس مع اثنين فاكثر من الاخوة والاخوات ولها السدس في زوج وابوين. والربع في زوجة وابوين. اي ثلث الباقي بعد ميراث احد الزوجين وهما العمريتان. وللجدة فاكثر السدس ولكل من الاب والجد السدس مع الولد وولد الابن. ويرثان بالتعصيب مع عدم الولد او ولد الابن. وبالفرض والتعصيب مع اناثهما. والاب الجد مطلقا على الصحيح. والام تحجب الجدة من كل جهة قرب تحجب البعد. والاب يحجب الاجداد. والاقرب يحجب الابعد فروعهم من لك عليهم ولادة. والوارثون منهم اولاد الصلب الذكور والاناث واولاد الابن ذكورهم واناثهم. واما اولاد البنت فانهم من ذوي الارحام كالاخوال وابي الام. فللبنت النصف وللثنتين فاكثر الثلثان وكذلك بنات الابن مع عدم اولاد الصلب. ولبنت الابن فاكثر ومع البنت السدس تكملة الثلثين. فان استكمل الثلثين بنات او بنات ابن سقط من دونهن ان لم يعصبهن ذكر بازائهن او انزل منهن والحواشي هم من عدا الاصول والفروع. فمن ذلك الاخوات من كل جهة. والاخوة اخوة من الام فللأخت الشقيقة النصف وللثنتين فاكثر الثلثان. وللاخت اختي لاب فاكثر السدس مع الشقيقة. ويسقطن باستكمال الشقيقات الثلثين ان لم يعصبهن اخوهن. وهن كالشقيقات مع عدم اولاد الابوين الاخوة للام ذكرهم واناثهم سواء. لانهم يرثون بالرحم المجردة للواحد منهم السدس. وللاثنين فاكثر الثلث. ولا يرثون الا مع عدم اصول الذكور. والفروع مطلقا. ومن الحواشي بنو الاخوة لا من الام الاعمام لا من الام وبنوهم. وجهات العصوبة خمس. البنوة ثم ثم الاخوة وبنوهم. ثم الاعمام وبنوهم ثم الولاء. يقدم من ذلك الاقرب جهة. ثم الاقرب منزلة ثم الاقوى. وهو الشقيق والبنت مع اخيها وبنت لابن مع من في درجتها من الذكور. والاخت الشقيقة مع اخيها والاخت لاب مع اخيها عصبة. للذكر مثل حظ الانثيين. لان الورثة مع اخواتهم على ثلاثة اقسام. قسم للذكر مثل حظ الانثيين وهم هؤلاء وقسم الذكر والانثى سواء. وهم الاخوة للام وذوو الارحام لانهم يرثون بالرحم المجردة. وقسم المال للذكر دون الانثى وهم باقي الورثة. كابناء الاخوة والاعمام وبنيهم مع اخوات فالمال للذكر دون الانثى. وفي الحديث دليل على ان العاصي فان انفرد اخذ المال. وان كان مع ذي فرض اخذ الباقي بعد اصحاب الفروض وان لم يبق بعد الفروض شيء سقط. وفيه دليل على انه لا يشرط وبين الاخوة في الحمارية. وهي زوج وام واخوة لام واخوة اشقاء فللزوج النصف وللام السدس. وللاخوة للام الثلث ويسقط الاشقاء لانهم عصبة. وقد استغرقت الفروض التركة فيسقطون وقد وقعت في زمان امير المؤمنين عمر مرتين. فمرة اسقط الاشقاء قاء ومرة شرك بينهم. والصحيح اسقاطهم لقوله الحقوا الفرائض باهلها وفيه صحة العول. لانه امر بالحاق الفرائض باهلها فاذا ضاق المال عنهم فقد قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم سددوا وقاربوا. اي كملوا جميع ما امرتم به. فان عجزتم عن كمال فقارب الكمال. وكما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم. فتجعل الفروض كالديون التي طاق المال عنها. فينقص كل واحد بقدر فرضه. كما انه اذا لم استكمل الفروض. ولم يوجد عاصب رد على كل فرض بقدره. وقوله اولى رجل ذكر قوله ذكر اما لتأكيد. واما لانهم كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار. فقال ذكر لان لا يوهم ان قوله رجل خاص بالكبار. فقال ذكر ليعم الصغير والكبير الثاني والتسعون والمائتان. الحديث الثاني. عن اسامة بن زيد رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله اتنزل غدا في دارك بمكة فقال وهل ترك لنا عقيل من رباع او دور؟ ثم قال قال لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث اسامة قلت يا رسول الله اتنزل غدا في دارك بمكة؟ الى اخره قال ذلك يوم الفتح فقال وهل ترك لنا عقيل؟ اي ابن ابي طالب فانه تولى على بيوت بني هاشم الذين اسلموا وهاجروا. منهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وعلي وغيرهم. ممن اسلم وهاجر. ثم ثم قال لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. اي لان سبب ارث القرابة والاتصال. ولهذا قال تعالى واولوا الارحام فالسبب الولاية والاتصال واعظم ما ينافي ذلك اختلاف الدين. فهو مبطل الحوثي حتى بين الوالد وولده. وهل يتوارث الكفار بينهم؟ مذهب الامام احمد ان الكفار ملل شتى. فلا يرث اهل ملة اهل الملة الاخرى وقد ورد لا يتوارث اهل ملتين شتى. ويتوارث اهل الملة الواحدة فيما بينهم كالمسلمين. وموانع الارث ثلاثة. اختلاف الدين والرق والقتل. كما ان اسبابه ثلاثة. رحم ونكاح وولاء ولا يتم الا بوجود سببه وانتفاء موانعه. وقوله لا يرث المسلم الكافر الى اخره. هل هذا عام انه لا يرثه بالرحم والنكاح والولاء كما هو مذهب الائمة الثلاثة وجمهور العلماء. ام من ذلك الولاء. كما هو مذهب الامام احمد. ويعتضد للجمهور بعموم وحجة الامام احمد ان الولاء سببه العتق. وهو اثر الملك السابق وهو ثابت للمسلم والكافر. وورد لا يرث المسلم الكافر الا بالولاء ولا الكافر المسلم الا بالولاء. ولو ثبت لكان فاصلا للنزاع. ولكن كثير من العلماء. الثالث والتسعون والمائتان. الحديث الثالث عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم. نهى عن بيع الولاء وهبته. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر نهى عن بيع الولاء وهبته. فذكر البيع. وفيه النهي عنه وعن جميع المعاوضات فيه فلا يعاوض عن الولاء ونهى عن هبته وهو عام لجميع عقوده التبرعات. فهو كما تقدم لحمة كلحمة النسب. اي فكما لا يصح ربيع النسب وهيبته فلا يجوز بيع الولاء وهبته. والولاء هو ولاء العتاقة. اي ان من اعتق انسانا او اعتق عليه فله ولاؤه وولاءه وذريته فالولاء تبع للاب في الولاء ان كان معتوقا والا فان كان رقيقا والام فاولياؤها اولياؤهم. فان اعتق الاب ابو بعد ذلك انجر الولاء. وصار ولاء الاولاد لموالي الاب. لان الاولاد تبع للاب في الولاء. وتبع للام في الحرية والرق. وتبع لخيرهما في الدين وتبع لشرهما في الطهارة والنجاسة. كالبغل يتولد بين الفرس والحمار فهو تبع للحمار في النجاسة. والولاء هو المرتبة الخامسة من مراتب العصور كما تقدم. فاذا مات انسان وخلف اما وبنتا ومولاه للام السدس وللبنت النصف والباقى للمولى تعصيبا. وان لم يخلف الا المولى فله المال كله. وان لم يوجد المولى المباشر للعتق. فلمعصبته من النسب المتعصبون بانفسهم. فان لم يوجدوا فلموالي المولى وها هنا مسألة تسمى مسألة القضاء ان كانت ثابتة. والا فالظاهر ان انها لا تثبت. وهي ابن وبنت اشتريا اباهما. ومن المعلوم انه تعتق عليهما من حين دخوله في ملكهما. ثم اشترى الاب عبدا فاعتقه ثم مات الاب فورثه الابن والبنت. للذكر مثل حظ الانثيين ثم مات عتيق الاب وليس له ورثة. فميراثه للابن دون البنت. لان انه ابن معتقه وهو عاصب بنفسه عصوبة نسب. وذكروا عن الامام مالك انه قال سألت عنها سبعين قاضيا. فكلهم اخطأوا فيها. والظاهر وان ذلك لا يثبت. وينبغي ان يعلم ان الارث بالولاء. اذا كان الولد بين شركاء يكون على قدر املاكهم. فلو اعتق ثلاثة مثلا عبدا واحد الثلث وللاخر النصف وللاخر السدس. ثم مات. فلمن اعتق نصفه نصف ما له ولصاحب الثلث ثلثه. ولصاحب السدس سدسه. ولو كان انسان واخته عبد له ثلثه ولها الثلثان فاعتقاه جميعا. ثم ثم مات فورثاه. فله الثلث ولاخته الثلثان على قدر ملكيهما الرابع والمائتان. الحديث الرابع. عن عائشة رضي الله الله عنها انها قالت كانت في بريرة ثلاث سنن خيرت على زوجها حين حين اعتقت واهدي لها لحم فدخل علي رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم والبرمة على النار. فدعا بطعام فاتي بخبز وادم من بني البيت. فقال الم ار البرمة على النار فيها لحم؟ فقالوا انا يا رسول الله ذلك لحم تصدق به على بريرة. فكرهنا ان نطعمك منه. فقال هو عليها صدقة. وهو منها لنا هدية. وقال قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيها. انما الولاء لمن اعتق رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة رضي الله عنها كانت في بريرة ثلاث سنن اي ان هذه السنن الثلاث كانت هي السبب في شرعها. وهذه من فضائل للصحابة التي لم يلحقهم فيها احد. فان غالب الاحكام الشرعية يكون سببها احد الصحابة رضي الله عنهم. كما شرع التيمم بسبب ام المؤمنين عائشة لما ضاع عقدها. وانحبس الجيش في طلبه ولا ماء معهم فنزلت اية التيمم. فقال اسيد بن الحضير ما هذه باول بقرة بركاتكم يا ال ابي بكر. ثم ذكرت الثلاثة على التفصيل فقالت خيرت على زوجها حين عتقت. اي فكان فيه انه اذا عتقت الامة تحت عبد فلها الخيار. ان شاءت فسخت وان شاءت بقيت على نكاحها. لان يا ملكت منافعها. ويشترط كون الزوج رقيقا. فلو عتقت تحت حر فلا لا خيار لها. لان زوج بريرك كان عبدا وهو مغيث. وقيل كان حرا ولا انه قول شاذ. وكانت عائشة اذا ارادت ان تعتق الامة وزوجها الرقيق بدأت بالزوج لئلا تفسخ. ويسقط الفسخ برضاها. او تمكين من نفسها بعد العلم بالعتق وان لها الفسخ. السنة الثانية قالت اهدي لها لحم. اي لبريرة. فدخل علي رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم. والبرمة على النار. والبرمة هي اناء الفخار هي غالب انيتهم في ذلك الزمان. ونادر ان يوجد عند بعضهم انية خشب فدعا بطعام. فاتي بخبز وادمن من ادمي البيت. اي اما واما سمن ونحو ذلك. فقال الم ارى البرمة على النار فيها لحم قالوا بلى يا رسول الله. ذلك لحم تصدق به على بريرة. فكرهنا ان نطعمك منه. اي لانه لا يأكل الصدقة. لانها اوساخ الناس من هذا حرم على بني هاشم وبني المطلب الاخذ من الزكاة الواجبة. دون صدقة النفل. وهو صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يأكل النوعين الواجبة والنفل لكماله. ولهذا من جملة الادلة التي استدل بها سلمى على نبوته لما امتنع من اكل الصدقة واكل الهدية. فلما ما اخبروه بذلك قال هو عليها صدقة وهو منها لنا هدية. اي له. لانه لم يحرم لعينه. فان المال اذا حرم لعينه حرم تناوله بكل حال. واما اذا حرم لسبب فانه يزول بزواله. فاذا احد الفقير من الزكاة لفقره. جاز ان يهبها الى الغني. او الى من يجوز دفع الزكاة اليه. لانه زال السبب المحرم. وكذلك في هذا السنة الثالثة قالت وقال فيها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. انما الولاء لمن اعتق. اي كما تقدم لما اشترط اهلها ان لهم الولاء خطبهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقال انما الولاء لمن اعتق. اي باشر العتق وتسبب له. كتاب باب النكاح. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله كتاب النكاح يطلق على عقد الزوجية الصحيح. ويطلق على وطأ الزوجة وهو سنة مؤكدة. ويجب على من يخاف الزنا بتركه. وفعله ومع الشهوة افضل من نوافل العبادات. الخامس والتسعون والمائتان الحديث الاول عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه انه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يا معشر الشباب شباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. ومما ورد في الحث عليه ما ذكره بقوله في في حديث ابن مسعود رضي الله عنه يا معشر الشباب من استطاع منكم لا اتى فليتزوج الى اخره. المراد بالشباب هنا هو من فارق ضعف صغر ولم يبلغ ضعف الكبر. اي من له شهوة وبه حاجة الى الوطء والمراد بالباءة مؤن الزواج. اي من قدر على مؤن الزواج فليتزوج وفي بعض الروايات ذكر الحكمة فقال فانه اغض للبصر للفرج. اي انه ابعد عن السوء الذي هو مقدمات الفاحشة. كالنضض ونحوه وعن الفحشاء الذي هو الزنا. والعياذ بالله من ذلك. فان انه لا يقع الا من شهوة وداع عظيم مع قلة الايمان. فكلما ما ضعف الايمان قوي الداعي. فاذا تزوج حصل له قمع الشهوة. فلا يقع انه الزنا مع احصانه. الا من قلة ايمانه او عدمه. ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن الحديث فاحسن الادوية لهذا المرض هو ما ارشد اليه الشارع وغض البصر يحصل به الطهارة والزكاة. والفلاح في الدنيا والاخرة. ولهذا هذا قال تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظ ذلك ازكى لهم. وقال في الاية الاخرى لعلكم تفلحون. فمن استطاع مؤن الزواج فليتزوج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم. اي الصوم المشروع. كالبيض والاثنين والخميس كصوم يوم وفطر يوم. ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال فانه اي الصوم له وجاء اي بمنزلة الخي. لان زيادة الشهوة تحصل بكثرة الاكل ونحو ذلك من الانغماس في المباحات. وبالصوم يحصل الاقبال على الله وتقليل الطعام. فتضعف الشهوة وتضيق مجاري الدم التي يجري معها الشيطان مع ما فيها من الخاصية المعينة على الطاعة. فلا دواء انفع من هذا عند عدم الاستطاعة على مؤنة النكاح. السادس والتسعون والمائتان الحديث الثاني عن انس بن مالك رضي الله عنه ان نفرا من اصحابه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. سألوا ازواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن عمله في السر. فقال بعضهم لا اتزوج النساء وقال بعضهم لا اكل اللحم. وقال بعضهم لا انام على فراش. فبلغ النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ذلك فحمد الله واثنى عليه وقال ما بال اقوام قالوا كذا وكذا ولكني اصلي وانام. واصوم وافطر. واتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس ان نفرا من اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. سألوا ازواج النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن عمله في السر. اي من شدة رغبتهم في العبادة واجتهادهم. وكانوا من اجلاء الصحابة. منهم علي وسعد بن ابي رقاص وعثمان بن مظعون. وسألوهن عن عمله في السر. لانهم يعلمون من عمله في العلانية. فلما اخبرنهم كأنهم تقالوا وذلك فقالوا اين نحن من رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فارادوا زيادة على كذلك من رغبتهم واجتهادهم. وقد اخطأوا رضي الله عنهم فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اتقى وارغبهم في الخير وقد بعث بالحنيفية السمحة. فقال بعضهم لا اتزوج النساء اي سأنقطع للعبادة من صيام وصلاة ونحوها. واترك التنعم وقال بعضهم لا اكل اللحم. اي نساء قطع للعبادة واتعبد بترك هذه الشهوة وهذا التنعم. وقال بعضهم لا وكانت هذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اذا بلغه امره عن احد واراد انكاره قام فخطبهم. فحمد الله واثنى عليه ثم تبين المقصود وكان يعم ولا يخص على احد. ليكون ابلغ وفيه ان التزوج مع الشهوة افضل من نوافل العبادات. لانه معين على الطاعة ولو لم يكن فيه الا اتباع امر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لكفى. فكيف وفيه فوائد كثيرة؟ منها اعفاف نفسه وزوجته. والقيام بمؤنتها وتحصيل الولد وتكثير النسل الى غير ذلك من المصالح الكثيرة. وهو سبب لزيادة الرزق فانه على قدر المؤونة تأتي المعونة. فهذا هدي الرسول وامره بخلاف ما يقول بعض المفترين. من تزوج فقد ركب السفينة. ومن ولد له فقد قد غرق. فهذا كلام باطل. مخالف لكلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السابع والتسعون والمائتان. الحديث الثالث عن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه انه قال رد رسول الله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو اذن له لاختصينا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث سعد بن ابي وقاص رد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم على عثمان بن مظعون التبتل اجل الانقطاع للعبادة. كما تقدم في حديث انس لو اذن له لاختصينا. اي لفعلنا السبب الذي يحصل به قطع شهوة الجماع وهو الاختصاء. اي قطع الخصيتين. لانهما مادة الشهوة والتبتل نوعان. تبتل مأمور به. كما قال تعالى واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا. وتبتل منهي عنه. وهو هذا. اي ينقطع عن كل شيء حتى عن بعض المستحبات الثامن والتسعون والمائتان. الحديث الرابع عن ام حبيبة بنت ابي سفيان رضي الله عنهما انها قالت يا رسول الله انكح اختي ابنة ابي سفيان. فقال اوتحبين ذلك؟ فقلت نعم لست لك بمخلية. واحب من شاركني في خير اختي. فقط قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان ذلك لا يحل لي قالت فانا نحدث انك تريد ان تنكح بنت ابي سلمة. قال بنت امي سلامة قلت نعم. فقال انها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت انها لبنة اخي من الرضاعة. ارضعتني وابا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا اخواتكن. قال قال عروة وثويبة مولاة لابي لهب اعتقها. فارضعت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فلما مات ابو لهب اريه بعض اهله بشر حيلة فقال له ماذا لقيت؟ قال ابو لهب لم القى بعدكم خيرا غير اني سقيت من هذه بعتاقتي ثويبة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ام حبيبة ام المؤمنين رضي الله عنها. قلت يا رسول قول الله انكح اختي ابنة ابي سفيان. واظن اسمها رملة لما كانت هذه الحالة غريبة قال اوتحبين ذلك اي لان عادة النساء انهن يكرهن ان يتزوج عليهن ازواجهن فلو تزوج صديقة لها انقلبت تلك الصداقة عداوة. بسبب انها كانت ضرة لها فلا تجد ضرتين الا بينهما من العداوة شيء كثير الا ما ندر فلما قال لها ذلك اخبرته السبب الداعي الى طلبها هذه الحالة فقالت فقلت نعم. اي احب ذلك. ثم ذكرت العلة فقالت لست لك بمخلية. بضم الميم وسكون الخاء وفتح اللام اي اني لست بمنفردة فيك. ولست بخالص لي دون مشاركة واحب من شاركني في خير اختي. يطلق على الخير الدنيوي والاخروي والمراد بالخير هنا. الخير الاخروي. لان ان اتصال المرأة بالنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من اعظم الخير بل اعظمه ولهذا كان يتصل نكاحه لهن في الدنيا والاخرة فكان لا يحل لهن التزوج بعد موته. فتقول رضي الله عنها اذا كان لابد من مشارك فيك فاحب من يشاركني فيك اختي فلما فهم حقيقة مرادها قال ان ذلك لا يحل اي لانها اختك وانت زوجتي. قال تعالى الا ما قد سلف. فقالت انا انك تريد ان تنكح بنت ابي سلمة. اي فظننت ان اختي تحل لك وكان هذا الخبر كذبا. فقال بنت ام سلمة اي زوجته لان هذا مقام يقتضي التفصيل. فلذلك استفصل. فقلت نعم فقال مبينا ان فيها مانعين من تزوجه لها. انها لو لم لم تكن ربيبتي في حجري الربيبة بنت الزوجة. سميت بذلك لانه يربيها اي فانها تحرم علي لانها ربيبتي. كما قال تعالى وقال بعض العلماء ان قوله في حجوركم قيد غير مراد لانها تحرم عليه ولو لم تكن في حجره. الا على قول من شاذ انها لا تحرم اذا لم تكن في حجره. وقال بعضهم ان ان قوله في حجوركم تقييد للغالب. واحسن ما قيل في ذلك ان الله تعالى اذا نهى عن شيء بين حكمته ووضح قبحه. فقيد ذلك بقوله في حجوركم لبيان قبح ذلك. والتنفير انه باعظم منفر. وهو كون الربيبة في حجره. فانها في هذه الحالة تكون كبنته فالانسان يأنف من نكاحها في هذه الحال. وينفر من هو اشد النفرة. فقال انها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي انها ابنة اخي من الرضاعة. وهذا مانع من نكاحها ايضا. فعلى كل انها لا تحل لي. وقوله ارضعتني وابا سلمة ثويبة مولى ابي لهب وفسر عروة قصة ثويبة فقال وثويبة لابي لهب اعتقها فارضعت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلما مات ابو لهب اريه بعض اهله بشر حيبة اي برؤية كريهة وحالة مذمومة. فقال ما لقيت. قال ما لقيت بعد كم خيرا. غير اني سقيت من هذه. قيل انه يشير الى ابهامه. وقوله بعتاقتي ثويبة. اي مكافأة لي على اياها. ففيه ان الانسان لا يظلم شيئا. وان الكافر يجازى بما عمل من الاحسان. اما في الدنيا واما في البرزخ. وجزاء ابي لهب هذا كان في البرزخ. ومجازاة الكافر لا تبلغ اخراجه من النار لان اخف الكفار عذابا ابو طالب بسبب احسانه الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وهو لا اخرج من النار. وقوله فلا تعرضن علي اخواتكن ولا بناتكن هذا خطاب خاص لازواجه صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فلا يحل له نكاح اخواتهن ولا بناتهن اما البنات فتحريم مؤبد. واما الاخوات فتحريم مؤقت الى الفرقة تامة اما بموت واما طلاق. ويشترط انقضاء العدة في الطلاق الرجعي بالاتفاق. وفي البائن على المشهور من المذهب. وعنه لا يشترط انقضاء العدة في البائن. ففي الحديث عدة فوائد. منها انه اذا سئل عن مسألة ذات اوجه يختلف فيها الحكم فينبغي ان يستفصل في ذلك ولهذا قال بنت ام سلمة الى اخره. وفيه انه لا يجوز للرجل نكاح اختي زوجته كما تقدم. وكذا يحرم عليه على الابد نكاح ابنة زوجته والمحرمات ثلاثة اقسام. اما من النسب وهن سبع الام والاخت والبنت والعمة والخالة وبنت الاخ وبنت الاخت وقسم من الرضاعة. ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. وينتشر من جهة المرضعة. ومن له اللبن كالنسب. ومن جهة المرتضع الى فروعه فقط مباح لابي المرتضع نكاح وامه من الرضاع. ويشترط ان يكون خمس رضعات فاكثر في الحولين والرضعة على المذهب هي اذا اطلق الثدي او انتقل من ثدي الى ثدي اخر. فعلى هذا يتصور اتمام ذلك في مجلس واحد والصحيح الرواية الثانية. ان حد الرضعة هو ما يطلق عليها في اللغة والعرف وهو شبع الصبي. وهذا بالاتفاق في باب الاجارة القسم الثالث المحرمات بالصهر. وهن اربع. زوجة الاب ابي وزوجة الابن وام الزوجة وبنتها. ويدخل في قولنا زوجة الاب موجة الجد وان علا لاب وام. وارثا او غير وارث وبقولنا زوجة الابن اي ابن الصلب وابن الابن وابن البنت وان نزلوا وارثين او غير وارثين. وذكر ابن رجب رحمه الله المحرمات من النسب في القواعد فقال المحرمات من النسب الاصول مطلقا وان علوا والفروع وان نزلوا. وفروع الاب والام وان نزلوا. وفروع من فوقهم قل به فالاصول هم من لهم عليك ولادة. ويدخل في ذلك الام والجدات من كل جهة وان علون. والفروع مطلقا. وهن من عليهم ولادة. ويدخل في ذلك البنات وبنات الابن وبنات البنت وان نزلوا وريفين او غير وارثين. وفروع الاب والام وان نزلوا وهن الاخوات من كل جهة. وبناتهن وان نزلن وبنات الاخوة من كل جهة نزلنا وفروع من فوقهم لصلبه. اي فروع الاجداد والجدات وهن العمات والخالات وعمات الاب والام. وخالاتهما وان علوت التاسع والتسعون والمائتان. الحديث الخامس عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لا يجمع بين المرأة وعمتها. ولا بين المرأة وخالتها رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة لا يجمع بين المرأة وعمها الى اخره. هذا مثل في تحريم الجمع بين الاختين. والقاعدة في ذلك ان كل انثيين لو قدر احدهما ذكر والاخرى انثى عليه نكاحها من النسب. فيحرم الجمع بينهما. اي ذوات المحارم وقولنا من النسب اي دون الصهر. فيجوز الجمع بين المرأة وزوجة ابيها وبينها وبين زوجة ابنها. مع انه لو قدر احدهما ذكرا لم يحل له نكاح الاخر. لان هذا التحريم من الصهر لا من النسب. ولا يخرج شيء من ذلك ذلك عن قوله لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها وقوله الثلاثمائة الحديث السادس عن عقبة بن عامر انه يقال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان احق الشروط ان توفوا به. ما استحللتم به الفروج. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عقبة بن عامر ان احق الشروط ان توفوا به. ما استحللتم به هذا من الاحاديث الجوامع. ففيه وجوب الوفاء بالشروط في الجميع لان افعال التفضيل تفيد عموم الحكم في الجميع. ولكن المفضل اختص بزيادة الفضل. ففي هذا ان الشروط جميعها يجب الوفاء بها ولكن شروط النكاح اوجب من غيره. وقد ورد المسلمون على شروطهم ويستثنى من ذلك الشرط المحرم فلا يوفى به. وقد ورد الا شرطا احل حراما او حرم حلالا. وكما تقدم في قصة بريرة ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. وان كان مائة شرط قضاء الله والله احق وشرط الله اوثق. الحديث ويجب الوفاء بالشرط الذي لم يخالف كتاب الله سواء كان مالا او منفعة او غرضا من الاغراض المباحة. واذا اشترط وشرطا باطلا جاهلا وفات غرضه. فله الخيار. لانه لم يدخل الا على على هذا الشرط ويعذر بالجهل. الواحد والثلاثمائة الحديث السابع عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول والله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن نكاح الشغار. والشغار ان يزوج الرجل ابنته على ان يزوجه ابنته. وليس بينهما صداق. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الشغار. وفسر الشغار. والشغار ان يزوج الرجل ابنته على ان يزوجه ابنته. وليس بينهما صداق. هذا من تفسير بعض الرواة وهو من باب التنبيه بالادنى على الاعلى فسره بعض الرواة بتفسير اعم من هذا. فقال ان يزوج الرجل موليته على ان يزوجه موليته. ولا صداق بينهما. وسمي شغارا لانه خال من الصداق. والشاغر الخالي. يقال شغر المكان اي خلا فقيل لانه تشبيه بالكلب اذا شعر برجله ليبول. اي رفعها. لان كل واحد رفع يده عن موليته. والاول اقرب. ففي هذا النهي عن نكاح الشغار وهو نكاح باطل بالاجماع. ولم يبح في الاسلام قط وفيه مفاسد كثيرة. منها ان الصداق واجب في النكاح. فلا يصح الا قال تعالى ان تبتغوا باموالكم الاية ولو زوج بغير صداق ولم ينفث هذه المفوضة ان دخل بها او مات احدهما فرض لها مهر المثل. وان طلقها قبل دخول فلها المتعة. وان نفي الصداق فاختلف العلماء في ذلك. فقيل يصح لها نهر المثل كالمفوضة. وهو المشهور من المذهب. والرواية الثانية انه لا يصح وهي الصحيحة. ومن مفاسد نكاح الشرار. انه يجب على الولي النصح فيما ولي عليه عموما. وفي النكاح خصوصا. فاذا كان على هذه الحال فلا يؤمن ان الولي يزوجها بغير كفؤ. مراد طاعات لما يحصل له من تزويجه بموليته الاخرى. وهذا لا يصح ومنها انه تشبه بالكلاب التي هي اخس الحيوانات. وهذا لا يصح ولو رضيت المزوجة. ومفهوم قوله وليس بينهما صداق انه لو شرط فيه صداق صح. اي غير قليل حيلة. فلا يصح ومن الانكحة المحرمة نكاح المحلل. وهو حرام بالاجماع. ولم يبح في الاسلام قط. وسواء نوى التحليل من غير شرط. او شرط في نفس العقد وهو الذي يتزوج مطلقة الانسان ثلاثا ليحلها له. الثاني والثلاث ثلاثمائة. الحديث الثامن عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه. ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر. وعن لحوم حمر الاهلية. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليمه انه لم يرغب بها. فقال رجل يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك بها حاجة. فقال هل عندك شيء تصدقها؟ اي انه لا يجوز الا بصداق. فقال ما عندي الا ازاري. اي انه لا يجد شيئا حتى ولا قوله في حديث علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر. وعن لحوم الحمر الاهل نكاح المتعة كان في اول الاسلام حلالا. ثم حرم يوم الفتح وهو ان يتزوج المرأة بصداق قليل الى مدة معينة. فاذا مضت المدة فارقها. ولا يحتاج الى طلاق. وقيل ان المراد بقوله تعالى فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة. ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به اي اذا تمت المدة التي تراضيا عليها وارادا ان يتراضيا على زيادة في المدة فلهما ذلك. وكانوا محتاجين اليه في اول الامر. لانهم كانوا يسافرون مع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويحتاجون الى النساء. فاذا وصلوا الى بلد او قرية تزوجوا فيها زواج مؤقتا ليكون اخف للمهر. وقوله يوم خيبر ورد حديث صحيح صريح انه حرم يوم الفتح. فقيل انه ابيح ثم حرم ثم ابيح ثم حرم قال الامام الشافعي ما اعلم شيئا من الاحكام ابيح مرتين وحرم مرتين الا نكاح المتعة. والصحيح انه لم يحرم يوم خير وانما هذا وهم من بعض الرواة. والذي حرم يوم خيبر الحمر اهلية وكان ابن عباس يرى حل ذلك عند الضرورة. ولكنه رجع بعد ذلك. ولما ذكر علي تحريم الحمر الاهلية ونكاح المتعة جاء وهم بعض الرواة وظن ان تحريمهما يوم خيبر. ولكن الصحيح ان انه حرم يوم الفتح. وفيه تحريم الحمر الاهلية. لانها رجس ويأتي ذلك في الاطعمة ان شاء الله تعالى. الثالث والثلاثمائة الحديث التاسع عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لا تنكح الايم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا يا رسول الله وكيف اذنها قال ان تسكت. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة لا تنكح الايم حتى تستأمر الى اخره. الايم هي التي قد تزوجت ووطئها زوجها. وقوله وتستأمر اي تشاور وتأذن لوليها ان يزوجها. ولابد ان تنطق بالاسم ولا يزوجها بدون ذلك ابوها. ولا غيره من الاولياء وقوله ولا تنكح البكر حتى تستأذن. اي فان اذنت فذاك والا لم تزوج قالوا يا رسول الله وكيف اذنها؟ قال ان تسكت. وفرق الشارع بين الذكر والثيب. لان البكر اشد حياء. والثيب قد جربت الرجال وقل حياؤها. فلابد ان تنطق بالاذن. ولا يجبرها الاب ولا غيره اما البكر فتستأذن واذنها ان تسكت. فان كانت صغيرة اي دون البلوغ فللاب اجبارها لان له الولاية على نفسها ومالها. وغيره لا يشاركه في الاجبار ووصيه كهو. وان كانت بالغة. فالمشهور من مذهبي ان للاب اجبارها ايضا. مع انه لا يملك بيع اقل شيء من مالها والصحيح الرواية الثانية. انه لا يجبر البالغة. لعموم هذا الحديث وللقياس. فكيف يمكن من اجبارها على التزوج؟ ولا يملك اجبارها على بيع عود اراك ونحوه من مالها. مع ان ذلك اولى بالمنع. ولانها لو عينت كفوا وعين الاب كفوا. فانه يقدم الذي هي عينت. حتى على اذهب وقد حكى بعضهم الاجماع في انه يقدم الذي عينت وقد ورد ان امرأة زوجها ابوها بدون رضاها. فاتت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرد نكاحها وهي بكر. ولابد في استئذانها من تعريف الرجل لها باسمه وصفاته التي يحتاج الى ذكرها. وان استأذنها الولي او امر امرأة عدلا كامها وخالتها واختها ان تستأذنها كفى لان المقصود العلم بالاذن. واذا تهيأت للزوج بخضاب ونحوه فهذا اذن وان ادعت عدم الرضا. فان كان قبل الدخول فالقول قولها وان كان بعده وقد تهيأت للزوج فالقول قوله. لان ظاهر الحال معه والرضا شرط في النكاح لا يصح بدونه. وهو شرط في جميع العقود اللهم الا التي يجبر عليها بحق. وشروط النكاح اربعة. احدها تعيين الزوجين الثاني رضاهما. الثالث الشهادة. الرابع الولي وعد بعضهم خلو الزوجين من الموانع شرطا. ولابد من الولي فلا تزوجوا المرأة نفسها ولا غيرها. ولو كان لها امة فاولياؤها اولياء ويشترط اذن السيدة للولي في انكاحها. ولابد من نطقها بالاذن فريدة آآ والازار هو ما يجعل من السرة فانزل. وقوله ازارك ان اعطيتها الى اخره. قال بعض العلماء يؤخذ منه ان المرأة تملك صداقها من حين العقد. لانه اخبره انها تملك اخذه. وقوله ولو كانت بكرا. لان النكاح ليس عليها. ولا تملك المرأة التوكيل في ويجي نفسها. والولاية في النكاح في عصبة النسب على الترتيب في الميراث. الا ان الابوة في هذا مقدمة على البنوة. ويقدم الجد وان علا على الابن وان لم يوجد من العصبة احد انتقلت الولاية الى الحاكم كانوا الزوجان الخاليان من الموانع. والايجاب والقبول. ولا فيشترط كون العاقد بينهما عالما او طالب علم. وعادة الناس اليوم في انه لا يعقده الا عالم فيه مصلحة. لان العالم اعرف من غيره بالموانع وغيرها اه فيسأل ويستفصل وفي عدم استعمال ذلك خطر. لان العوام يجهل دون الواجبات والموانع. الرابع والثلاثمائة. الحديث العاشر عن عائشة رضي الله عنها انها قالت جاءت امرأة رفاعة القرضي الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي. فتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزبير وانما معه مثل هدبة الثوب. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وعلى على آله وسلم وقال اتريدين ان ترجعي الى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك. قالت وابو بكر عنده وخالد بن سعيد بالباب ينتظر ان يؤذن له. فنادى يا ابا بكر الا اسمعوا الى هذه ما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة جاءت امرأة رفاعة القرضي الى النبي صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم فقالت يا رسول الله كنت عند رفاعة القرضي فطلقني فبت طلاقي. الى اخره. اي طلقني ثلاثا. والبت القطع والطلاق نوعان. رجعي وباء. فالطلاق البائن اربعة اقسام احدها الطلاق قبل الدخول. فمن حين يتكلم بالطلاق تبين منه ولا عدة له عليها فيجوز ان تتزوج من ساعتها تلك. الثاني اذا كان الطلاق على عوض. فانها تبين منه ولو لم يطلق الا واحدة. لانه لو وكان فيه رجعة لخالف مقتضى الخلع. الثالث اذا طلق في نكاح فاسد فان يقع بائنا. وفي هذه الثلاثة له العقد عليها. ولو في عدة ان كان عليها عدة. لان العدة له. ولا يشترط في ذلك ان ينكحها زوج غيره. الرابع اذا استكمل الثلاثة فانها تبين منه. وفيها هذا القسم لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. وهذا القسم هو المراد في هذا الحديث حديث وتبين اذا كان الطلاق رجعيا. وخرجت من العدة يحرم ايقاع الثلاث جملة واحدة. ويحرم الطلاق في الحيض. وفي طهر قد جامع فيه ما لم تكن حاملا. وقوله فتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزبير بفتح الزاي من الانصار. وانما معه مثل هدبة الثوب اي انه لا يستطيع الوطأ. ولما كان هذا كلاما يستحيا منه. ويستغفر تكلم النساء به تبسم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقال اتريدين ان ترجعي الى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته. الى اخره اي انك لا تحلين حتى تزوجي ويطأك الزوج الثاني. فكان المراد بقوله تعالى اي يعقد ويطأها. قولها وابو بكر عنده. وخالد ابن ابن سعيد بالباب ينتظر ان يؤذن له فنادى. يا ابا بكر الا تسمع الى هذه ما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي الا تنهاها لانه يحصل المقصود من الاستفتاء. بدون هذا التصريح. ففيها هذا الحديث فوائد عديدة. منها ان المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها الا بعد نكاح غيره ووطئه. ثم ان طلقها بعد ابيحت له. ومنها انه لا بأس بالتصريح بالاشياء التي يستحيا منها. اذا احتيج الى ذلك كالاستفتاء ونحوه. ومنها حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم وانه بشر يعجب مما يعجب منه البشر. والله اعلم الخامس والثلاثمائة. الحديث الحادي عشر. عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال من السنة اذا تزوج البكر على الثيب اقام عنده سبعا وقسم واذا تزوج الثيب اقام عندها ثلاثا ثم قسم. قال قال ابو قلابة ولو شئت لقلت ان انسا رفعه الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته قوله في حديث انس من السنة اذا تزوج البكر وعلى الثيب اقام عندها سبعا الى اخره. فيه مشروعية العدل بين الزوجين جاءت فيما يملك الانسان كالنفقة والقسم ونحو ذلك. وهذا واجب دون انما لا يملكه وهو الشيء الذي سببه المحبة كالوطء ودواعيه. ولهذا اذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يعدل بين ازواجه ويقول اللهم هذا قسمي فيما املك. فلا تلمني فيما تملك ولا املك ومن العدل انه اذا تزوج البكر على الثيب اقام عندها سبعا ثم قسم اي لان الحاجة داعية الى ذلك. لتطمين خاطرها وتأنيسها واذهاب الخجل عنها. واذا تزوج الثيب اقام عندها ثلاثا لان حاجتها الى ذلك اقل من البكر. لانها قد جربت الرجال وتمرد على ذلك بخلاف البكر ويخيرها فان احبت اقام عندها سبعا ويسبح لباقي الزوجات. وتسقط الثلاث بتقديمها. وان احبت ثلاثا فالثلاث خالصة لها. ولهذا لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ام سلمة رضي الله عنها قال انه ليس هو ان على اهلك. يعني نفسه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اين لست رخيصة علي؟ فان شئت سبعت لك وان سبعت لك سبعت لي ازواجي او كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقوله قال ابو قيس اي الراوي عن انس ولو شئت لقلت ان انسا رفعه الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي اني لا اشك في رفعه. لانه اذا قال الصحابي من السنة فالحديث مرفوع. كقوله امرنا ونهينا فلا شك في رفع هذا الحديث. واتفقت الامة على العمل به. من وقت الى زماننا هذا. ولله الحمد والمنة. وبه التوفيق والعصمة السادس والثلاثمائة. الحديث الثاني عشر. عن ابن باسم رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم لو ان احدكم اذا اراد ان يأتي اهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. فانه ان يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان ابدا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عباس وان احدكم اذا اراد ان يأتي اهله الى اخره. هذا من الاداب الشرعية التي ينبغي للعاقل التأدب بها. فان في ذلك صلاح الدنيا والآخرة. والمتأدب بها هو الاديب حقا. وصنف الامام ابن مفلح رحمه الله الله كتابا في هذا المعنى سماه الاداب الشرعية. فان تأدب الانسان بهذه الاداب انقلبت عاداته عبادات. وترى الرجلين يفعلان الفعل الواحد واحدهما يؤجر على فعله الاجر الجزيل لحسن نيته وكمال تأدبه والاخر يفعل ذلك الفعل على وجه العادة. فلا يؤجر عليه فاذا احتسب الانسان النفقات التي ينفقها على نفسه واهله وعياله نوى بذلك امتثال امر الله والاحسان الى اقاربه. حصل له اجر عظيم وحتى انه اذا فعل شهوة نفسه وقصد التقرب الى الله فله بذلك اجر فاذا قصد باكله وشربه ونومه الاستعانة على طاعة الله وشكره على هذه النعمة فله بذلك اجر. واذا تزوج وقصد بذلك اعفاء نفسه وزوجته وطلب الذرية الصالحة وتكثير النسل كان له اجر ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصبحوا على كل سلامى من الناس صدقة. اي كل يوم تطلع عليه الشمس واعضاء الانسان سليمة. فعليه لكل مفصل منها صدقة. شكرا لهذه النعمة واحصيت مفاصل الانسان فبلغت ثلاثمئة وستين مفصلا. فيجب عليه بعددها صدقات كل يوم. فاستغرب ذلك الصحابة وتكاثروها فعدد وجوه الخير فقال ان لكم بكل تهليلة صدقة. وكل تحميدة صدقة. وكل تكبيرة صدقة وامر بالمعروف صدقة. ونهي عن المنكر صدقة. الى ان قال وتلقى اخاك تحمله على دابته. او تحمل له متاعه صدقة اي تعينه على ذلك. فعد كثيرا من وجوه الخير. الى ان قال وفي بضع احدكم صدقة. اي انه اذا جامع اهله فهي صدقة. فتعجب الصحابة من ذلك وقالوا يا رسول الله اياتي احدنا شهوته ويكون له قال ارأيتم لو وضعها في حرام اكان عليه وزر؟ قالوا نعم قال فكذلك اذا وضعها في حلال كان له اجر. او كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ومن الاداب القولية عند الجماع اما قبيله او عند مقدماته ان يقول بسم الله اللهم جنب من الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. اي الوطأ الحلال. ففي هذا طرد للشر الشيطان عن مشاركته في الوطء. فان الشيطان يشارك الانسان في طعامه وشره ونكاحه. اذا لم يذكر اسم الله على ذلك. ولهذا قال تعالى وشاركهم في الاموال والاولاد وعدهم اية فاذا ذكر اسم الله على ذلك كان مانعا من مشاركة الشيطان له فانظر الى بركة اسم الله تعالى. وفيه الدعاء له ولزوجته ان يجنب فهم الشيطان. ثم قال فانه ان يقدر بينهما ولد في ذلك اي في ذلك الوطأ لم يضره الشيطان ابدا. اي ببركة هذا الدعاء فانه سبب لوقايته من الشيطان. وها هنا قاعدة ينبغي التنبه لها وهي انه كثيرا ما يرد في بعض النصوص ان من فعل كذا استحق الخلود في النار. ومن فعل كذا فله كذا. مع ان غيره من النصوص يظن انه مخالف له. وذلك كقوله في القتل. ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها مع انه ورد انه لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان. ونحوه من النصوص. فيظن الظاء ان بينهما تناقضا. وقد اختلفت اقوال العلماء في مثل هذه النصوص ومن تأمل هذه القاعدة وعرفها ونزل عليها ما يرد عليه من هذه النصوص علم انها متوافقة يصدق بعضها بعضا. والقاعدة هي ان يعلم ان الشارع جعل لكل شيء اسبابا وموانع. فان وجدت الاسباب وانتفت الموانع. وجد المسبب الذي على ذلك الفعل. وان لم الاسباب او وجدت ووجد معها موانع تمنع من وقوع ذلك الفعل لم تقع فإذا قال تعالى من فعل كذا فله كذا اعلم ان ذلك سبب لوجود ما رتب عليه. ان لم يوجد مانع يمنع من وقوعه. واذا قال من فعل كذا فعليه كذا اعلم ان من فعله استحق ما رتب عليه لانه سبب موجب لما عليه. ما لم يمنع من ذلك مانع فقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا يعلم منه ان قتل المؤمن سبب موجب للخلود في النار. ما لم يمنع من ذلك مانع. واكبر ما يمنع من الخبث في النار الايمان. فمن معه اصله فهو مانع له من الخلود فيها ومثله بقية النصوص التي جعلت من اسباب الخلود في النار. ما لم يمنع من ذلك مانع. ومن ذلك ما في هذا الحديث. فان الدعاء سبب لسلام الولد من مضرة الشيطان. ما لم يوجد موجب لذلك. فانه يوجد من الناس لمن يقول هذا الدعاء ثم يولد له ولا يسلم الولد من الشيطان. بسبب ما عارض وذلك وهذا كثير جدا. واذا حفظ الانسان هذه القاعدة سلم من تناقض. لان بذلك تجتمع النصوص. كما افاد شيخ الاسلام ولما اخذ الخوارج ببعض النصوص وتركوا بعضا. كفروا عصاة المؤمنين وقالوا بتخليدهم في النار. ورد النصوص التي صرحت بانه لا يخلد في النار من في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان. السابع والثلاثمائة الحديث الثالث عشر. عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ان رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اياكم والدخول على النساء فقال رجل من الانصار يا رسول الله افرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت رواه البخاري ومسلم. ولمسلم عن ابي عن ابن وهب من انه قال سمعت الليث يقول الحمو اخو الزوج وما اشبهه من اقارب الزوج ابن العم ونحوه. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عقبة ابن عامر اياكم والدخول على النساء. الى اخره فيه التحذير من الخلو بالنساء الاجانب. اي غير المحارم فانه اعظم فتنة. ولا خلا رجل بامرأة لا تحل له. الا كان الشيطان ثالثهما. وتولى اضلاله دون اصحابه. فان كان معها نساء او محرم زال المحظور. وهذا عام لكل اجنبي. ولهذا قال فسأله رجل فقال يا رسول الله افرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت اي انه اشد من غيره. لانه لا يستنكر دخوله على المرأة. فهو اعظم من غيره. وفسر الليث ذلك فقال الحمو اخو الزوج وما اشبهه ومن اقارب الزوج ابن العم ونحوه. اي قرابة الزوج غير المحارم كابيه وابنه فيحرم خلو الاجنبي بالمرأة مطلقا. باب الصداق قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الصداق. ويسمى باسماء كثيرة. منها الصداق ومنها النحلة ومنها الفريضة ومنها المهر وهو العوض الذي يدفع في النكاح. وحده بعضهم بانه العوض المالي اول اصح فانه يصح ان يكون عين مال او منفعة دينية او دنيوية وغالب صداق الناس عين مال. ومن صداق المنفعة الدنيوية. ما ذكر الله عن موسى مع صاحب مدين. فانه زوج موسى ابنته على ان يرعى الغنم ثماني سنين. وان تمم العشر فهو تبرع منه. قال تعالى اه الاية الثامن والثلاثمائة الحديث الاول عن انس ابن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعتق صفيه. وجعل عتقها صداقها رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومن اصدقاق المنفعة ما ذكره بقوله في حديث انس اعتق رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صفية. الى اخره. صفية هذا بنت ملك اليهود. وكانت من سبايا خيبر. فان النساء والصبيان يكونون ارقاء بمجرد السبي. وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم له ان يصطفي من المغنم ما شاء. ووقعت صفية في سهم دحية بن خليفة الكلبي فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومدحت له اخذها منه وعوضه جارية بدلها. وكان له ان يأخذها بلا عوض لانه اولى بالمؤمنين من انفسهم. فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واسمها صفية. وبنى بها في طريقه حين رجع الى المدينة ولما اشكل على الصحابة في اول الامر هل تسراها ام تزوج وجه وجعلها من امهات المؤمنين. قالوا انظروا الى سرنا غدا. فان ستر طه وارخى دونها الحجاب. فهي من امهات المؤمنين. وان لم يسترها فهي تسراها. فلما رأوه قد سترها علموا انه تزوجها اولم على نكاحها بحيس. وهو التمر مع الاقط والسمن. او يجعل بدل الاق في دقيقة وهو المسمى بالقشد. واحبها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حبا شديدا. واسلمت وحسن اسلامها. وهي التي تقدمت قصتها حين جاءت تزوره في اعتكافه. ففي هذا الحديث عدة فوائد منها انه يجوز ان يكون الصداق منفعة دينية او دنيوية كما يكون مالا. فانه ليس المقصود من النكاح العوض المالية فقط بل هو في نفسه عبادة. ومنها انه يجوز في هذه المسألة بالخصوص ان يعتق امته ويجعل عتقها صداقها. وفي هذا لا يشترط رضاها لانه مالك لمنافعها كلها. واخرج عن ملكه بقية المنافع بالعتق وابقى منفعة البضع. ومنها انه لا يشترط في هذه الحال الايجاب والقبول. واما في غير هذه الحال فهما ركنان في النكاح لابد منهما. فيكفي ان يقول في هذا اعتقتك وجعلت عتقك صداقا ومثل هذه المسألة اذا تولى الانسان طرفي العقد. فلا يشترط فيه الايجاب والقبول. فاذا كان له ابنة عم هو وليها واراد ان ان يتزوجها ورضيت احضر شاهدين وقال اشهدا اني زوجت نفسي فلان ومثله لو خطب ابنته او موليته انسان. ووكله ان يقبل له النكاح. فيكفي ان يشهد انه زوج فلانا فلانة. ومنها انه لا بأس ان يتولى انسان واحد طرفي العقد. ومنها انه لا بد من الصداق في النكاح التاسع والثلاثمائة. الحديث الثاني عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم جاءته امرأة فقالت اني وهبت نفسي لك. فقامت طويلا. فقال رجل يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك بها حاجة. فقال هل عندك من شيء تصدقها فقال ما عندي الا ازاري هذا. فقال رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ازارك ان اعطيتها جلست ولا ازار لك فالتمس شيئا. طالما اجد. قال التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم هل معك شيء من القرآن؟ قال نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى على اله وسلم زوجتك بما معك من القرآن. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في سهل ابن سعد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم جاءتهم امرأة فقالت يا رسول الله اني وهبت نفسي لك الى اخره. هذه من خصائصه صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه يجوز له ان يتزوج بدون مهر. قال تعالى وامرأ اتم ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك فاذا وهبت نفسها له فهو بالخيار ان شاء قبيلها وتزوجها وان شاء ردها. فلما قالت له هذه المرأة وهبت نفسي لك. شخص النظر بها وصوبه فلم يرغب بها. وكره ان يردها فتخجل. فلهذا سكت وتركها قائمة. لعل احد الصحابة يرغب فيه لانه رأى حاجتها الى الزواج. فكان الصحابة فهموا مراده التمس ولو خاتما من حديد فيه انه يجزئ الصداق باقل شيء. فلما ما لم يجد قال هل معك شيء من القرآن؟ قال نعم. وفي بعض روايات سورة كذا وكذا. وفي بعضها سورة البقرة وال عمران فقال زوجتك ها بما معك من القرآن. اي ان صداقها ان تعلمها هذا الذي تعرف من القرآن. ففيه فوائد كثيرة. منها هذه الخصيصة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ومنها انه لا غضاضة على المرأة اذا وهبت نفسها له ولو لم يقبلها. فان اعظم الفخر واعلى المراتب للمرأة ان تكون زوجة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولهذا لما كبرت سودة ورأت انه يريد فراقها احبت البقاء معه واسقطت حقها من القسم. فوهبت قسمها لعائشة. فكان ايقسم لعائشة يومها ويوم سوده. فاحبت البقاء معه لهذه المنقبة العظيمة وفيها حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه يحب جبر خواطر اصحابه. فانه لم يردها حين لم يرغب بها. بل سكت حتى طلبها منه بعض اصحابه. ومنها ان المرأة تملك صداقها كله مجرد العقد ومنها ان الصداق يجزئ ان يكون اقل شيء ومنها انه يجزئ ان يكون عينا او منفعة دنيوية او دينية ومنها هذه المسألة بالخصوص. وهي انه يجوز ان يصدقها تعليم شيء من القرآن. فان العلماء اختلفوا في صحة ذلك منهم من منعه وهو المشهور من مذهب احمد. محتجين بقوله تعالى ان تبتغوا باموالكم. وهذا ليس بمال. قالوا مثل هذا تعليم فقه ونحوه. من الاشياء التي لا يجوز اخذ الاجرة على تعليمها بخلاف كتابة ونحو ولغة ونحوها. مما يجوز اخذ الاجرة عليه واجابوا عن هذا الحديث بانه خاص بذلك الرجل. لانه ورد انه قال ولا تجزئ عن احد بعدك. وقال بعضهم ان قوله بما معك من القرآن اي بسبب انك من اهل القرآن. وهذا بعيد جدا والقول انه يجوز ان يكون صداقا. وهو رواية عن احمد اختارها الشيخ وهي صحيحة. لان هذا الحديث صريح في جواز ذلك. واما الاخرة اية فلا تنافي هذا الحديث. فانه يجوز بالمال والمنفعة المقصودة. والنكد يا حليس معاوضة مالية محضة حتى يقال لا يجوز فيه الا المال وقد ورد صريحا انه لما خطب ابو طلحة ام انس بن ما لك وكان ابت عليه وقالت ان تسلم فهو صداقي. فاسلم وتزوجها. ف كان صداقها اسلامه. وليس مالا ولا منفعة مالية. واما قولهم ان هذا الحديث خاص بذلك الرجل ولا دليل عليه البتة. والحديث في انه خاص لم يثبت. ولو ثبت لكان فاصلا للنزاع. كما ثبت خصيصة ابي في اجزاء العناق عنه دون غيره. ومن فوائد هذا الحديث قلة الدنيا ما عند الصحابة وقصف الحال عليهم