البصير بالحساب وان الله يخوف به عباده. فان الاشياء توجد بوجود اسبابها. مع ما في ذلك من الحكم والمصالح العظيمة لكن الغلط ان يقال انه يقع بموجب الحساب. وليس مما يخوف الله المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الرابع والاربعون والمئة. الحديث الخامس. عن ام عطية نسيبة الانصارية رضي الله عنها انها قالت امرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور. وامر الحيض ان يعتزلن مصلى المسلمين. وفي لفظ كنا نؤمر ان نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها وحتى نخرج الحيض. فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم. يرجون هنا بركة ذلك اليوم وطهرته. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ام عطية امرنا رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان نخرج في العيدين العواتق وذوات ذات الخدور. الى اخره. فيه فضل صلاة العيدين. وهذا من جملة الادلة على وجوبها. وفيه استحباب حضور النساء في صلاة العيدين حتى اللاتي لم يكن الخروج. وهن العواتق وذوات الخدور وحتى اللاتي لسن من اهل الصلاة وهن الحيض. والعواتق هن النساء الحسنات الحيات. جمع عاتقة. وهي المرأة الحيية الجميلة الخدور جمع خدر. وهو البيت المقطوع وسط بيت الشعر ونحوه. على عادت العرب ان المرأة التي لا تبرز للرجال تكون فيه. فتسمى ذات الخدر اي صاحبته. والمعنى انها التي لا تبرز للرجال وهو في الغالب للبكر وفيه ان الحائض تجتنب مصلى المسلمين. وقولها يخرجون بركة ذلك اليوم اي ما يحصل فيه من الاجر والثواب لانه يوم عظيم ولهذا هو على اسمه عيد يفرح به المسلمون. لما يحصل له فيه من عظيم الاجر والثواب. وهذا اعظم ما يفرح به كما قال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير وقولها وطهرته اي ما يحصل فيه من تكفير السيئات والتطهير من الذنوب. وام عطية هذه من فقيهات الانصار. باب صلاة الكسوف. قال الشيخ سعدي رحمه الله في تعليقاته باب صلاة الكسوف. الكسوف ذهاب ضوءه الشمس او القمر او بعضه. وهو من ايات الله التي يخوف الله بها عباده ولم يقع في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا مرة واحدة وهو يدرك بالحساب. ولا منافاة بين انه يدركه عبادة. ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما وقع في زمنه قام فزعا يخشى ان تكون الساعة. الخامس والاربعون الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها انها قالت خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فبعث مناديا ينادي الصلاة جامعة. فاجتمعوا وتقدم فكبر وصلى اربع ركعات في ركعتين واربع سجدات. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فبعث مناديا ينادي الصلاة جامعة. الى اخره هذا مما يقع بغتة ولهذا ينادى له. وكانت هذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم هو وخلفاؤه من بعده. اذا وقع امر مهم جمع الناس فشاورهم. فلما اجتمعوا تقدم فصلى بهم صلاة رهبة ولهذا خالفت جميع الصلوات فهي ركعتان. وكل ركعة على ركوعين وسجدتين يطول فيها كما سيأتي. ووردت على غير هذه الصفة لكن هذه اصح ما ورد. فقد ورد الى خمس ركوعات في الركعة الواحدة. لكن قال الامام احمد والبخاري وكثير من الحفاظ كل ما خالف هذه الرواية فغلط من الرواة. وان كان بعضها في صحيح مسلم لان هذه الرواية يعني انه اتى في كل ركعة بركوعين وسجدة اصح الروايات. والكسوف لم يقع الا مرة في زمنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فتعين ان غير هذه من الروايات غلط من بعض رواته. السادس والاربعون والمئة. الحديث الثاني عن ابي مسعود عقبة بن عمر الانصاري البدري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله يخوف الله بهما عباده. وانهما لا من كسفان لموت احد من الناس. فاذا رأيتم منهما شيئا. فصلوا وادعوا حتى لا ينكشف ما بكم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي مسعود عقبة ابن عمرو ان والقمر ايتان. الى اخره. فيه مشروعية صلاة الكسوف ذلك الدعاء حتى ينكشف. قال العلماء ولا يستحب اعادتها. لان انه لم يرد وان فرغ منها قبل ان يتجلى لم يعد. ويدعو حتى ينكشف وفيه انهما لا ينكسفان لموت احد ولا لحياته. السابع والاربع اربعون والمئة. الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها انها قالت خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالناس فاطال القيام ثم ركع فاطال الركوع. ثم قام فاطال القيام وهو دون القيام الثاني الاول ثم ركع فاطال الركوع وهو دون الركوع الاول. ثم سجد اطال السجود. ثم فعل في الركعة الاخرى مثل ما فعل في الركعة الاولى. ثم طرف وقد انجلت الشمس. فخطب الناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله. لا يخسفان لموت احد ولا في حياته فاذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ثم قال يا امة محمد والله ما من احد اغير من الله ان يزني عبده او تزني امته. يا امة محمد والله لو تعلمون ما اعلم. لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. وفي لفظ فاستكمل اربع ركعات واربع رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في في تعليقاته وقوله في حديث عائشة رضي الله عنها خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فصلى رسوله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الى اخره. هذا الحديث اجمع ما ورد في صلاة الكسوف. وفيه مشروعية تطويلها بحسب الكسوف ان كان كليا فتطول جدا. وان كان جزئيا فبحسبه. وفيه انها تشتمل على اربع ركعات واربع سجدات. وما ورد على غير هذه الصفة فغلط من الرواة كما تقدم من قول الامام احمد والبخاري. وكثير من الحفاظ وفيه انه خطب. وهل هي خطبة لازمة لصلاة الكسوف؟ كخطبة الجمعة والعيد فتستحب. او عارضة كسائر الخطب فلا تستحب الا لعارض على قولين فمذهب الشافعي انها تستحب لها مطلقا. ومذهب انها لا تستحب. لان سبب خطبته انه كان في الجاهلية اذا وقع الكسوف قالوا انه لحادث في الارض اما موت عظيم او ولادة عظيم ومن المصادفات العجيبة ان الكسوف وقع يوم موت ابراهيم ابن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالوا ان الكسوف وقع لموتها ابراهيم على عادتهم وما تقرر عندهم. فلهذا احتاج ان يبين لهم ان الكسوف لا يكون لموت احد ولا لحياته. فكانت خطبته عارضة فلا تستحب بعد ذلك. لان المسلمين علموا ذلك. فكل من بلغته هذه الاحاديث امن بها وصدق. واعتقد ما اشتملت عليه. والصحيح التفصيل وانها تستحب للحاجة. واما مع عدم الحاجة فلا تستحب ففي زماننا هذا تستحب لان الحاجة داعية الى ذلك. فان الناس في في هذا الزمان بسبب كثرة النتائج وتداولها بين الناس. لا يكون معهم خوف اذا وقع الكسوف لانه يقع وقد وطنوا انفسهم عليه وهذا غلط منهم فانه وان كان يدرك بالحساب كما تقدم. فان الله به عباده. فلا ينبغي افشاؤه واعلانه. لانه بذلك الناس ولا يحدث معهم خوف. ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعلم الناس. ومع ذلك فزع وخوف الناس وحذرهم وليس من شرط الخطبة ان يرقى على منبر ويخطب. وانما الخطبة تذكير الناس بعضهم وتحذيرهم ولو بكلام عامي ليس بعربي. بل ربما كان ابلغ فكل من يحسن ان يتكلم على الناس ويعظهم يستحب له ذلك واما من لا يحسن فلو فعل ذلك. قال على الله بلا علم. او ربما سخر به الناس. فلا يستحب له ذلك. والمقام مقام خوف ورهبة ولهذا لم تكن خطبته في هذا كغيره فيها تخويف ورجاء بل كانت تخويفا محضا. وكان من عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم في جميع خطبه البداءة بحمد الله والثناء عليه. ثم ثم امر بالتكبير والصلاة والدعاء في الصلاة وخارجها. والصلاة مشتملة على انواع التكبير كلها القولية والفعلية. وامر بالصدقة لانها كما تقدم احسان فهي تدفع بلاء الدنيا والاخرة. ثم قال يا امة محمد والله ما من احد اغير من الله ان يزني عبده او تزني ففي هذا بيان ان سبب ففي هذا بيان ان سبب العقوبات في الدنيا والاخرة هي الذنوب. فبين غيرة الله تعالى اذا انتهكت محارمه التي من اعظمها الزنا. فانه غالبا لا يمهل صاحبه والله تعالى غيور. وليست الغيرة منافية للحلم. بل من كمال الحلم من غيرة وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين ذلك. كما قال تعالى ايه يعلم ان الله شديد العقاب وان الله غفور الرحيم. ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اغير خلق ولهذا ورد انه لما قال سعد بن معاذ والله لو اجد مع اهلي عدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر قلت يا رسول الله اه اني كنت نذرت في الجاهلية. الى اخره فيه فوائد عديدة. منها وجوب الوفاء بالنذر. ولهذا مدح احدا لجللته بالسيف. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا تعجبون من غيرة سعد؟ والله لانا اغير منه والله اغير مني او كما قال ثم بين انه اعلم الخلق. فلو يعلمون ما يعلم لضحكوا قليلا ولا بكوا كثيرا. وفي هذا بيان انه لا يضر القسم على الفتيا ونحو ذلك ذلك اذا كان على بر بل ربما استحب اذا كان لمصلحة. ولهذا ماذا قال بعضهم ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اقسم في وثمانين موضعا. ووقع بين ابي بكر بن ابي داود ابوه ابو داوود صاحب السنن. وبين انسان خصومة. فتحاكما فتوجها اليمين على ابي بكر. فلما تهيأ لليمين قال له الحاكم اتحلف اي مع علو قدرك وورعك وعلمك وجلالتك. فقال ابو بكر كيف لا احزن وقد امر الله نبيه ان يقسم على البعث في ثلاثة مواضع من القرآن. ثم عدها وهي قوله تعالى وقل اي وربي وقوله زعم الذين كفروا وقوله تعالى وقال الذين كفروا لا الساعة الاية وفي لفظ فاستكمل اربع ركعات واربع سجدات. وهذا اصح ما ورد كما تقدم. الثامن والاربعون والمئة الحديث الرابع عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه انه قال حسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقام فزعا يخشى ان تكون الساعة. حتى اتى المسجد فقام فصلى باطول قيام وركوع وسجود. ما رأيته يفعله في صلاة قط. ثم قال ان هذه الايات التي يرسلها الله تعالى. لا تكون لموت احد ولا لحياته ولكن الله عز وجل يخوف بها عباده. فاذا رأيتم منها شيئا فافزعوا الى ذكر الله ودعائه واستغفاره. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي موسى خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فقام فزعا يخشى ان تكون الساعة. ففيه كمال معرفته صلى الله عليه وعلى اله وسلم بربه. وذلك ان التغير بالعافية الم العلوي مؤذن بقيام الساعة. فان قيل ان هذا من الامر المعتاد الوقوع فكيف خشي ان تكون الساعة؟ مع انه يعلم انه امر معتاد يقع قيل لا ينافي هذا خوفه وفزعه. فانه وان كان يقع ويدرك بالحساب وله اسباب فلا يوجب ذلك الامن. ولا يقع الامن في مثل هذا الا من قلة علم وبصيرة بالاسباب ومسبباتها. او من ضعف ايمان ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعلم الخلق واكملهم ايمانا فهذا كما ورد انه اذا اقبلت ريح او سحاب قاف وما وقع عد واقبل وادبر. فاذا تبين انه سحاب او ريح سري عنه هذا من كمال معرفته بربه وخوفه. وفي بعض الروايات ان عائشة فقالت له في ذلك فقال ما يؤمنني ان تكون الريح كريح عاد او كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقوله فقام فصلى باطول قيام. الى اخره. فيه ان صلاة الكسوف مخالفة لجميع في امور. منها انها صلاة رهبة. ومنها انها لا تطول جدا اذا امتد الكسوف. ومنها ان في كل ركعة ركوعين ويستفاد من قوله في هذا الحديث وغيره مما تقدم. ان هذه الايات التي يرسلها الله الى اخره. فيه استحباب الصلاة لجميع الايات تقع خارقة للعادة. كالزلزلة والظلمة بالنهار. وكثرة الرمي بالشهب ونحو ذلك. ومذهب الامام احمد انه لا يصلى لشيء من الايات غير الزلزلة والكسوف. والجمهور على ان صلاة الكسوف سنة مؤكدة جدا وقيل بوجوبها. وقوله فافزعوا الى ذكر الله ودعائه استغفاره الى اخره. الفزع هو شدة المبادرة الى فعل الشيء وفي هذا دليل لمن قال بوجوبها. لان الامر بالفزع الى ذكر الله اعظم من مجرد الامر بذلك. واعظم ما يشتمل على الذكر والدعاء والاستغفار اي هو الصلاة. ولهذا كان الصحيح ان معنى قوله تعالى ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. ولذكر الله اكبر. اي ان الصلاة تشتمل على امرين. احدهما انها تنهى عن الفحشاء والمنكر. الثاني انها تشتمل على ذكر الله. وما فيها من ذكر الله اعظم مما فيها من النهي عن الفحشاء والمنكر. قال شيخ الاسلام وهذا هو الصحيح من تفسير الاية. وان كان اكثر المفسرين على ان معناها ان ذكر الله خارج الصلاة. اكبر من الصلاة. فانه اتفاق ان الصلاة اعظم من الذكر خارجها الا لعارض. والله اعلم باب صلاة الاستسقاء. التاسع والاربعون والمئة الحديث الاول عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني انه قال خرج النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يستسقي. فتوجه الى قبلة يدعو وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة. وفي في لفظ اتى المصلى رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب صلاة الاستسقاء. الاستسقاء طلب السقيا. ويستحب اذا وقع سببه وهو الجدب ان يصلى له. واذا لم يقع السبب فالصلاة له بدعة سائر الصلوات العارضة. ويستحب الدعاء في الخطب ومواضع الاجابة. وعلى الانفراد وادي ايضا فان كل ذلك يكون استسقاء. ويسن الخروج الى المصلى. ولهذا قال في حديث عبدالله بن زيد بن عاصم خرج النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم تسقي الى اخره. وفي اللفظ الاخر خرج الى المصلى. ويسن ان يعده هم الامام يوما يخرجون فيه. ويأمرهم بالتوبة والخروج من المظالم. فان الظلم والمع عاصية هي سبب الجدب. ويأمرهم بصيام ثلاثة ايام. ويخرجون وهم صائمون لانهم اقرب للاجابة. وصلاة الاستسقاء كصلاة العيد. الا ان صلاة العيد راتبة وصلاة الاستسقاء عارضة. وليس لصلاة الاستسقاء الا خطبة واحدة من عيد خطبتان ويختلفان بمقصود الخطبة. فيأمرهم في خطبة استسقاء بالتوبة. والخروج من المظالم والاستغفار. فان الاستغفار من اعظم الاسباب لنزول المطر كما قال تعالى استغفروا ربكم انه كان غفارا كفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا ويستحب ان يتوجه الامام الى القبلة في اثناء الخطبة. ويدعو سرا ثم يحول رداء ثم يحول المأمومون ارضيتهم بان يجعلوا ما على الايمن على الايمن وما على الايسر على الايمن. وذلك تفاؤلا ان يحول الله تعالى حالهم من حال الى حال. ومن الجدب الى الخصب. وهل يخطب قبل الصلاة او بعدها او يخير فيه ثلاثة اقوال. وهي روايات عن احمد. احدها ان الخطبة قبل الصلاة الصلاة استدلالا بهذا الحديث. الثاني انها بعد الصلاة استدلالا بحديث حديث اخر فيه انها بعد الصلاة. وبقول ابن عباس سنة الاستسقاء سنة العيد الثالث ان يخير. الخمسون والمئة. الحديث الثاني عن انس بن مالك رضي الله عنه ان رجلا دخل المسجد يوم الجمعة من باب نحو دار القضاء. ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائما فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادعوا الله تعالى يغيثنا. قال رفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يديه ثم قال اللهم اغثنا اللهم اغثنا. اللهم اغثنا. قال انس فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة. وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس. فلما توسطت السماء انتشرت ثم امطرت. قال فلا والله ما رأينا الشمس سبتا. قال ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة. ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يخطب فاستقبل له قائما فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل. فادعوا الله الله يمسكها عنا. قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا. اللهم على الاكام والظراب وبطون الاودية ومنابت الشجر. قال فاقلعت وخرجنا نمشي في الشمس قال شريك فسألت انس بن مالك اهو الرجل الاول؟ قال لا ادري رواه البخاري ومسلم. الظراب الجبال الصغار. قال الشيخ السعدي رحمه رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس ان رجلا دخل المسجد من باب كان نحو دار القضاء. وهذا الباب عن يسار القبلة شرقي المسجد. ودار القضاء هذه بيعت في قضاء دين عمر. فسميت دار القضاء. وقوله فاستقبل رسول الله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائما. وهذا من حرصه وعظم مطلوبه والحاجة العظيمة الى ذلك. وقوله هلكت الاموال وانقطعت السبل اي بسبب فقد المطر فتهلك البهائم والزروع ونحوها. وتنقطع السبل بسبب بهلاك البهائم. لان المطر مادة الارزاق. وقوله فادعوا الله يغيثنا هذا هو الاستسقاء بالرسول. وهو التوسل الجائز. واما الدعاء بجاهه او فهو حرام. وقد قال عمر لما خرج يستسقي اللهم انا كنا اسقي بنبينا فتسقينا. وانا نستسقي اليك بعم نبينا فاسقنا. قم يا فادعوا الله ان يسقينا. ولو كان دعاء الرسول او التوسل به جائزا. لما استسقى صوب العباس. قال شيخ الاسلام والتوسل الى الله ثلاثة انواع. توسل بالرسول وهو الاتيان اليه ليدعو لهم. وهذا خاص في حال حياته هذا توسل جائز لا بأس به. الثاني توسل الى الله بامتثال اوامره واوامره امير رسوله وهذا مشروع في كل زمان. والثالث التوسل الى الله بجاه احد من المخلوقين. وهذا لا يجوز. سواء كان حيا او ميتا انتهى بمعناه. وقوله فرفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يديه ثم قال الى اخره. اي انه بادر لاجابة طلبه لما علم من عظم حاجته ولان هذا محل اجابة. وقوله فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة. السحاب الغيم المتراكم. والقزع قطع الغيم. اي انه مفقود سبب المطر وهو الغيم. فكأنه قيل لعلهم في المسجد لا يرون الغيم الا اذا ارتفع فلهذا قال وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. يحتمل انه ليس بينهم وبينه بيوت. او ان بينهم بيوتا لكنها ليست رفيعة. فلا تمنع من رؤية سلع. لان غالب بيوتهم على طبقة. ونادر من بيوتهم الذي فيه طبقة تسمى غرفة. قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس وسلع غربي المدينة. ومن ورائه ينشأ السحاب. لان المدينة كغيرها من جزيرة العرب ينشأ السحاب عليها من المغرب. وقوله مثل الترس وهو هو ما يتترس به في الحرب. اي انها صغيرة. فلما توسطت السماء بارك الله فيها فيها وانتشرت وامطرت. اي بالحال واستمرت على ذلك اسبوعا. وقوله فما رأينا الشمس سبتا اي اسبوعا. لان الاسبوع يسمى سبتا ويسمى جمعة وقوله ثم دخل رجل من ذلك الباب الى اخره. كلامه في هذا ككلام بالاول. لكن قوله هلكت الاموال وانقطعت السبل في هذا الموضع اي من كثرة المطر والغيم. قال فادعوا الله ان يمسكها عنا. فبادر اجابة لطلبه لما رأى من الحاجة الى ذلك. وان هذا موضع اجابة فرفع يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا. اي بالقرب منا ليحصل النفع ويندفع الضرر جل ثم اعتكف ازواجه من بعده. وفي لفظ كان رسول الله يعتكف في كل رمضان. فاذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته اللهم على الاكام جمع اكمة وهي الظهور ونحوها. والظرار وهي الجبال الصغيرة. وبطون الاودية ومنابت الشجر. اي في المحلات التي هي مظنة الانبات. لا غيرها كالسباخ ونحوها من الاراضي التي لا تنبتك الصخور قال فاقلعت في الحال وخرجنا نمشي في الشمس. قال شريك اي ابن عبد الله الراوي عنه انس فسألت انسا اهو الرجل الاول؟ قال لا ادري. ولا فائدة بمعرفته ففي هذا الحديث فوائد عديدة. منها انه كما يستحب الاستسقاء في الصلاة وعلى الانفراد. فيستحب في خطبة الجمعة ومواضع الاجابة. ومن منها ان سبب الاستسقاء الحاجة. والجذب بفقد المطر. ومثل نقص ماء الانهار في البلدان التي مادة حياة الارزاق فيها على الانهار. وكذلك غور المياه في الابار نحويها ومنها ان الكلام والامام يخطب يجوز للامام ومن يكلمه. بل ربما واما غير ذلك فلا يجوز. كما تقدم الا لضرورة. ومن انها الاية العظيمة والمعجزة الباهرة لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اجابة دعائه بالحال في الموضعين. مع ان الاسباب معدومة في الموضعين كل ما ورد ان الرسول دعا فاستجيب دعاؤه. فهو اية دالة على نبوته وصدق ما فجاء به. ومنها استحباب رفع اليدين وقت الدعاء. واما دعاء الخطبة في غيره هذا فلا يشرع رفع اليدين فيه. واما في الاستسقاء يستحب حتى انه ورد انه بالغ في رفعهما حتى كانت ظهورهما الى نحو في السماء من شدة رفعهما. وقال بعضهم انه رفعهما مقلوبتين ان ظهورهما نحو السماء. والصحيح الاول وليعلم الانسان الحكمة في رفع اليدين ويستحضر ذلك وقت رفعها. اي انه مظهر ذله وعجزه وافتقاره الى الله تعالى. وانه محتاج اليه في كل لحظة من لحظاته. ومن انه كما يستحب الاستسقاء اذا احتيج اليه. فيستحب الاستصحاء اذا كثر المطر كيف ضرره. لكن لا يصلى له. لانه لم يرد. الا ان يقال يصلي له اذا كثر. لانه من جملة الايات فليس ببعيد. ومنها استحباب دعائي بهذا الدعاء. ومنها ان الاستسقاء بالرسول هو ان يأتوه فيدعو لهم وذلك في حياته خاصة. واما دعاؤه او الدعاء بجاهه فحرام باب صلاة الخوف. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب صلاة الخوف. اضيفت الى سببها. كما يقال صلاة العيد وصلاة الجمعة وصلاة الكسوف ونحوها. شرعت رحمة بالعباد وتخفيفا عليهم ان الشريعة كلها سمحة ليس فيها مشقة. ولهذا اذا شق بعض الفرائض على بعض الناس لعارض خفف عنه. كما يخفف عن المريض والمسافر ونحوهما. بالفطر والجمع ونحوه وهي ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع. فقال تعالى وان جناح تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا ان الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. واذا كنت فيهم الصلاة فلتقم امطار طائفة منهم معك. الاية وقال الامام الامام احمد صحت صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من ستة اوجه او سبعة كلها جائزة. واما حديث سهل فانا اختاره انتهى الحادي والخمسون والمئة. الحديث الاول عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما انه قال صلى بنا رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلاة الخوف. في بعض ايامه التي لقي فيها العدو فقامت طائفة معه وطائفة بازاء العدو. فصلى بالذين معه ركعة ثم ثم ذهبوا وجاء الاخرون فصلى بهم ركعة. وقضت الطائفتان ركعة ركعة رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الخوف. في بعض ايامه التي لقي فيها العدو. الى اخره. قيل معناه انه صلى بطائفة ركعة. ثم ذهبوا وجاه العدو يحرسون وهم في صلاتهم ثم جاءت الطائفة الاخرى فصلى بهم ركعة. ثم قضت الطائفتان بعد ذلك ركعة ركعة. ويحتمل انه معناه معنى الحديث الثاني. وهو حديث سهل ففي هذا مشروعية صلاة الخوف. وفيه ايضا وجوب الجماعة وتأكدها جدا حتى انه يترك بعض الواجبات لاجلها. لانها اهم من كثير من الواجبات وفيه مشروعية الصلاة بامام واحد. لان في اجتماعهم من المصالح اشياء كثيرة منها اجتماع الكلمة وتأليف القلوب وذلة الاعداء ونحو ذلك الثاني والخمسون والمئة. الحديث الثاني عن يزيد ابن رومان عن صالح ابن خوات بن جبير عن من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلاة الرقاع صلاة الخوف. ان طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة. ثم ثبت قائما واتموا لانفسهم. ثم انصرف فصفوا تجاه العدو. وجاءت الطائفة الاخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالسا واتموا لانفسهم ثم سلم بهم. رواه البخاري ومسلم الرجل الذي صلى مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. هو سهل ابن ابي حثمة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في الحديث عن يزيد ابن رومان عن صالح ابن خوات ابن جبير. عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلاة ذات صلاة الخوف وهو سهل ابن ابي حثمة كما بينه المؤلف في اخر الحديث. وقوله ان ان طائفة صفت معه وطائفة تجاه العدو. الى اخره. هذا هو اختيار احمد اذا لم يكن ثم مرجح لغيره. وانما اختياره رحمه الله لما فيه من السهولة وقلة الحركة. وايضا فانه هو الموافق لما في القرآن فان هذا الحديث للاية الكريمة. وهو احسن ما فسرت به الاية واختار شيخ الاسلام وهو رواية عن احمد انه ينبغي فعل الاوجه كلها في فعل هذا وقتا وهذا وقتا. لان لا تهجر السنة. وليعلم كل احد من مشروعيتها كغيرها مما ورد بصفات متعددة كالوتر ونحوه وفي هذا الوجه تطول الركعة الثانية اكثر من الاولى للحاجة. الثالث والخامس خمسون والمئة الحديث الثالث عن جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنه انه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلاة الخوف. فصففنا صفين خلف رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والعدو بيننا وبين القبلة. وكبر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكبرنا جميعا ثم ركع وركعنا جميعا. ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا. ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه قام الصف المؤخر في نحر العدو. فلما قضى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم. ثم ركع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وركعنا جميعا. ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه. الذي كان مؤخرا في الركعة الاولى وقام الصف المؤخر في نحر العدو. فلما قضى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم السجود والصف الذي يليه. انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجد ثم سلم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وسلمنا جميعا قال جابر كما يصنع حرسكم هؤلاء بامرائكم. رواه البخاري ومسلم ذكره مسلم بتمامه. وذكر البخاري طرفا منه. وانه صلى صلاة الخوف مع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الغزوة السابعة غزوة ذات الرقاع. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث جابر شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلاة الخوف فصففنا صفين خلف رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والعدو بيننا وبين القبلة. الى اخره. هذا وجه من اوجه صلاة الخوف ويشترط لفعله ثلاثة شروط. احدها ان يكون العدو بينهم وبين القبلة واشتراطه مأخوذ من نص الحديث. الثاني انهم يرون العدو ويؤخذ من فعلهم. وانهم في الحالة التي يرون العدو فيها يفعلون افعال الصلاة جميعا فلما كانوا في حالة السجود لا يرون العدو سجد بعضهم. وقام الاخرون في نحر العدو. الثالث ان يؤمن الكنين. فان لم يؤمن كمين من المشركين يأتيهم من خلفهم لم يصلوها على هذا الوجه يؤخذ من معنى صلاة الخوف ومشروعيتها. فاذا لم يؤمن الكمين لم تتم الفائدة بصلاة الخوف على هذا الوجه. ولعله يؤخذ من مفهوم الحديث من قوله والعدو بيننا وبين القبلة. فمفهومه انه ليس احد من العدو في غير جهة القبلة وقد تقدم ان الامام احمد اختار حديث سهل. الا اذا وجد مرجح لغيره كما في هذه الحالة فانه يختار هذا الوجه وقوله وقام الصف المؤخر في نحره العدو اي انه استمر في القيام يحرص. ولا شك ان فعلهم في هذا وغيره من اوجه صلاة الخوف بايعاز من الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم لانهم لم يعتادوا هذا. ولم يعلموا به الا بعد ما علمهم. وفيه العدل التام منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولم يفضل احدا على غيره بل سوى بينهم وهكذا يجب على كل من له ولاية. سواء كبيرة او صغيرة فيجب عليه العدل فيمن ولي عليهم. لان بالعدل تتم مصالح الدنيا الدنيا والاخرة. وهو الذي قامت به السماوات والارض. وبه يحصل الرضا من كل امر احد وبه يحصل التأليف والمحبة واجتماع الكلمة. ولا صلاح للرعية الا بالعدل. ولهذا وجب على الاب ان يعدل بين اولاده. كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم. اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم. ولا يفضل بعضهم على بعض ولو كان المفضل ابر من المفضل عليه. ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعدل الناس. حتى انه يعدل بين اصحابه. مع انه يثق وعدم العدل سبب للعداوة والشقاق والتفرق. قوله فلما قضى النبي يصلى الله عليه وعلى اله وسلم السجود والصف الذي يليه. الى اخره. ايقن السجدتين وفي الحديث دليل على مشروعية الحركة في مثل هذه الحال. وقد تقدم ان الحركة في الصلاة اربعة اقسام. قسم يبطل الصلاة. وهي الحركة الكثيرة المتوالية لغير ضرورة. وقسم يكره فيها. وهي الحركة اليسيرة لغير حاجة وقسم لا بأس به. وهي الحركة اليسيرة للحاجة. وقسم مشروع. وهي هي الحركة لمصلحة الصلاة. كما لو رأى قدامه في الصف فرجة فيستحب له التقدم اليها ليدرك فضيلة التقدم. وقد تجب لامر عارض كما في هذا. لان طاعة اتى الامام واجبة. وكما لو كانت الحركة لانقاذ معصوم. ثم شبه جابر فعلهم بقوله كما يفعل حرسكم هؤلاء بامرائكم. وقوله في رواية البخاري انه صلى صلاة الخوف مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الغزوة السابعة غزوة ذات الرقاء. وقد تقدم حديث سهل انه في غزوة ذات الرقاع. فهما في غزوة واحدة. لكن الصلاة ليست واحدة ان كل حديث في وقت وسميت الغزوة ذات الرقاع اما لانهم خرجوا في ضعف التي ظهر وانهم لفوا على ارجلهم الخرق. فسميت ذات الرقاع. واما ان الموضع الذي وقعت فيه يسمى بذلك الاسم. وتلك الغزوة قبل نجد. وموضع الظاهر انه قرب الموضع المسمى اليوم بالزعفرانة. يبعد عن المدينة نحو من اربع مراحل كتاب الجنائز. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقه كتاب الجنائز الجنازة اسم للسرير اذا كان عليه ميت واذا لم يكن عليه ميت فانه يقال له سرير. وذكروه في هذا الموضع ان اهم ما يفعل بالميت الصلاة. والا فله تعلق في الوصايا والفرائض ويذكرون في هذا الكتاب احوال المريض والطب وتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وزيارة القبور. واما غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فهي فرض كفاية. ان قام به من يكفي سقط عن الباقي. والا اثم من علم من الناس بحاله وقدر على ذلك. وهكذا فروض الكفاية وعبارة بعضهم في فرض الكفاية ان قام به من يكفي سقط عن الباقين. والا فيما الناس كلهم فيه نظر لان الاثم خاص بمن علم وقدر على ذلك وهذا من اكرام الله لعبده المؤمن. فانه اولا ينظف بدنه نظافة تامة ثمة ثم يطيب. ثم يلبس اثوابا جددا لم يعصي الله فيها ثم يصلى عليه والحكمة في الصلاة عليه انها شفاعة له. لانه احوج ما كان في هذه الحال واعظم اركان الصلاة عليه هو الدعاء للميت. فان اركانها التكبيرات الاربع قراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وافضل انواعها كما في التشهد والدعاء للميت والتسليم. وهل يستحب الاستفتاح ام لا قيل لا يستحب لان مبنى صلاة الجنازة على التخفيف. ولهذا خالفت غيرها منه الصلوات في اشياء كثيرة منها. عدم الركوع والسجود وغيرهما ومن التخفيف فيها انه لا يزاد فيها على قراءة الفاتحة. وقيل يستحب لانه لم يرد النهي عنه. ولانها كغيرها من الصلوات الا فيما ورد خاصا بها لعل هذا اصح ومن اكرام الله لعبده المؤمن دفنه فانه لو على وجه الارض لاكلته السباع. ولتضرر الاحياء برائحته. ولتضرر هو ذلك اذا علم انه اذا مات القيك ما تلقى جيف الحيوانات. ولكن الله اكبر اكرمه وستره بالدفن. ولهذا قال ابن عباس عند قوله تعالى ثم اي اكرمه بدفنه. وهذا من منة الله على عباده. ولهذا قال تعالى الم نجعل الارض احياء وامواتا. اي احياء في الدور والقصور وامواتا في القبور. الرابع والخمسون والمئة. الحديث الاول عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال نعى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه. وخرج الى المصلى فصف بهم وكبر اربعا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليق قوله في حديث ابي هريرة نعى النبي صلى الله عليه وعلى اله سلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه. الى اخره. النعي هو الاخبار بموت الانسان. وهو قسمان. قسم محرم وقسم جائز. فالمحرم ما كان ابي فعل الجاهلية وذلك انه اذا مات ميتهم صعدوا على رأس كل شيء باهق في البلد من بيت او جبل ونحوهما وجعلوا ينعونه ويتجاوبون في ذلك ويقولون ننعى فلانا الذي من اوصافه كذا وكذا. ففي هذا من المفاسد انه نياحة وتسخط من قضاء الله وقدره. وفيه من الكذب شيء عظيم. لان اكثرهم ينعى بالاجرة. ويعدون من اوصاف الميت ما ليس فيه. وفيه تهييج للحزن وعندهم ان الميت الذي لا ينعى ليس بشيء. واما النعي الجائز فهو ما فعله الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وهو الاخبار بموت الانسان لاجل الصلاة عليه ونحو ذلك من المصالح الدينية. من دون صعود الى رؤوس الشواهق. ومن دون نياح ونحوها مما تفعله الجاهلية. فانه لما مات النجاشي اخبرهم صلى الله عليه وعلى اله وسلم بموته. وخرج بهم الى المصلى اي مصلى العيد. وقيل الى مصلى الجنائز. فانه كان في ذلك الوقت محل قرب المسجد النبوي. معد للصلاة على الجنائز. ولكن الظاهر ان المراد بذلك مصلى العيد. فانه خرج بهم اليه فيه لكثرة الناس واجتماعهم. والنجاشي هو ملك الحبشة الملك الصالح. الذي امن على يد الصحابة فانهم لما اذاهم المشركون هاجروا الى الحبشة. فاوى ها هم النجاشي واكرمهم. فشكر الله له صنيعه وهداه على ايديهم. كما هو مبسوط في السير. وكل من ملك الحبشة يسمى النجاشي. ففي هذا الحديث عدة فور منها المعجزة العظيمة والاية الجسيمة لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فانه اخبر بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه. مطمئن بذلك قلبه. وبين المدينة وارض الحبشة نحو خمسين يوما تقريبا. ومنها ان النعي الذي هو الاخبار المجرد. لاجل الصلاة على الميت ونحو ذلك من المصالح بدون نياحة ونحوها جائز. ومنها مشروعية الصلاة على الغائب. اذا كان صاحب علم او فضل. او ملكا صالحا ونحو ذلك. واختلف العلماء في الصلاة على الميت الغائب ثقيلة تشرع مطلقا. وقيل لا تشرع مطلقا. وقيلة تشرع لمصلحة كما اذا كان الميت ملكا صالحا او كان عالما او صاحب خير وفضل. ونحو ذلك واما اذا كان من سائر الناس فلا تشرع فانه لم يكن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يصلي على كل غائب يموت وانما كان يصلي على الخواص كالنجاشي ونحوه. وهذا القول اصح الاقوال وهو الذي عليه عمل اهل نجد اليوم. ومنها مشروعية التكبيرات الاربع. فيقرأ بعد الاولى الفاتحة وبعد الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في التشهد وبعد الثالثة يدعو للميت بما ورد. اللهم اغفر لحينا وميتنا الى اخره. ثم يكبر الرابعة ويمكث بعدها قليلا ولا يدعو بشيء. ثم سلم وفيه مشروعية الصفوف في الصلاة على الميت. الخامس والخمسون المئة الحديث الثاني عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه على آله وسلم صلى على النجاشي. فكنت في الصف الثاني او الثالث. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى على النجاشي. فكنت في الصف الثاني او الثالث. فيه مشروعية الصلاة على الميت كما تقدم فان الصلاة عليه مصلحة له وللحي. فهي دعاء له وشفاعة. وهو وفي هذه الحالة احوج ما كان الى الدعاء. وفيها مصلحة للحي. فقد ورد كما يأتي انه من صلى على الميت فله قيراط. ومن صلى عليه وتبعه حتى يدفن فله قيراطان وورد ان اصغرهما مثل احد. ومثل الجبل العظيم. ويختلف الاجر باختلاف كافي المصلين واخلاصهم. وباختلاف المصلى عليه. فقد ورد عن بعض الصالحين انه غفر لجميع من صلى على جنازته. وفيه مشروعية الصفوف لا تنقص عن ثلاثة كما ورد الحث على ذلك. وقد ورد ما من مسلم يصلي عليه اربعون لا يشركون بالله شيئا. الا شفعهم الله فيه. السادس والخمسون والمئة الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى على قبر بعدما دفن. فكبر عليه اربعا رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى على بعدما دفن فكبر عليه اربعا. فيه دليل على جواز الصلاة على القبر وقال الاصحاب تستحب الصلاة عليه الى شهر او شهر وشيء. لانه يبلى بعد ولانه لم يرد ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلى على القبر بعد ولكن في هذا التحديد نظر لانه لم يرد التحديد بالشهر. ولا مانع من من الصلاة عليه بعده. لان الصلاة على الروح لا الجسد. وفيه مشروعية التكبير اربعا كما اتقدم السابع والخمسون والمئة. الحديث الرابع. عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كفن في ثلاثة اثواب بيض يمانية سحولية. ليس فيها قميص ولا عمامة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة رضي رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كفن في ثلاثة بيض يمانية اي منسوبة الى اليمن. سحولية قيل الى بليدة ان في اليمن تعمل فيها هذه الثياب. وقيل الى ساحل البحر. ليس فيها قميص ولا عمامة. اي انها ثلاث لفائف. ففي هذا الحديث استحباب ان يكون الكفن ابيض سواء كان ذكرا او انثى. وان يكون كفن الرجل ثلاث لفائف سطو يجعل الحانوت فيما بينها. ثم يوضع عليها بعدما ينظف ويبخر وينشف. وكل كل موضع يتطهر فيه بالماء. فلا يستحب له التنشيف الا في هذا الموضع. لان في تكفيني وفيه رطوبة ضررا. لانه يسرع اليه الفساد. ويوضع عليها مستلقيا ويجعل من الحانوت في قطن على منافذ وجهه ومواضع سجوده ثم يدرج فيها وتلف كل واحدة وحدها. بان يوضع طرف كل واحدة على طرفها الاخر. ويجعل اكثر الفاضل عند رأسه لشرفه. ثم يعقدها ليكون اكمل في الستر. ثم تحل وفي القبر لانها حاجة موقتة. ولا معنى في بقاء العقد بعد وضعه في القبر الثامن والخمسون والمئة. الحديث الخامس. عن ام عطية الانصارية انها قالت دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حين توفيت ابنته فقال اغسلنها ثلاثا او خمسا او اكثر من ذلك. ان رأيتن ذلك بماء وسدر. واجعلنا في الاخيرة كافورا. او شيئا من كافور. فاذا فرغت ثم فاذنني فلما فرغنا اذنناه فاعطانا حقوه فقال اشعر نهى اياه. تعني ازاره. وفي رواية او سبعا. وقال ابدأن بما ومواضع الوضوء منها. وان ام عطية قالت وجعلنا رأسها ثلاثة قرون رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليق قوله في حديث ام عطية دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين توفيت ابنته. هي زينب. وقوله غسلنها ثلاثا او خمسا او اكثر من ذلك ان رأيتن ذلك. الى اخره. ففيه ان الغسل على قدر المصلحة والتنظيف. فانه ان كان المرض ممتدا وفي الميت اوساخ او خارج فيكثر الغسل بقدره. ويكره الاسراف لانه يفسد الجسد ويسرع اليه تعفن وفيه انه ان احتيج الى ذلك كما لو كان ثم فلا بأس به. ولو جاوز السبع فان لم ينقطع سد المحل. وفيه انه يستحب قطعه على وتر. وفيه انه يستحب ان يغسل بسدر. او ما يقوم مقامه ومن ونحوه ان لم يوجد. فان وجد السدر فهو اولى. لانه ابلغ في النظافة وتصليب الجسد. ويستحب ان يغسل برغوة السدر رأسه لشرفه. ولانه ها اسرع في الخروج من شعر الرأس. واما الوفل فيعسر تخلصه من الشعر. فيغسل المواضع التي ليس فيها شعر. وقوله واجعلن في الغسلة الاخيرة كافورا او شيئا من كافور وهو طيب معروف. والحكمة في ذلك لانه يصلب الجسد. ويطرد الهوام والميت محتاج جدا الى ما يصلب جسده. وقوله فاذا فرغتن فاذنني اي اعلمنني. فلما فرغنا اذنناه اي اعلنناه وقولها فاعطانا حقوه. فقال اشعرنها اياه. الى اخره. فسر الحق بان فاخبرهم به ومثل لهم بالامور الحسية المشاهدة فقال مثل العظيمين. ولمسلم اصغرهما مثل احد. ولو كان المراد بذلك انه جزء من اربعة وعشرين جزءا لبينه لهم. وايضا فهذا من العبادات التي يكون الثواب انه الازار وتسميته بذلك مأخوذة من حقو الانسان. واشعارها اياه بان يجعل فمما يلي جسدها فان الشعار الثوب الذي يلي الجسد والدثار الثوب الظاهر ففي هذا فضلها رضي الله عنها. ولاجل التبرك بازاره. وقوله في الرواية اخرى ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها. فيه استحباب تقديم الميامن لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله ترجله وطهوره وفي شأنه كله كما تقدم. واما استحباب البداءة مواضع الوضوء فلشرفها ايضا. وقول ام عطية وجعلنا رأسها ثلاثة قرون فيه انه يستحب ان يجعل ثلاثة قرون. ويسدل وراءها ويستحب الا يكثر كده بالمشط. لان لا يسقط منه شيء. فان سقط منه شيء فعل معها داخل الكفن. وفيه انه لا يغسل المرأة الا النساء. فلا يغسلها حتى اقرب ما يكون ابوها وابنها. ويستثنى من ذلك الزوج فيغسل زوجته. والسيد يصل امته. ولو ماتت امرأة مع رجال لا زوج ولا سيد معهم. ولا نساء ولا يجوز ان تغسل. وقال الاصحاب اذا كان في هذه الحالة فيغسل محرمها. لكن من وراء ثيابها ولا يجوز خلع ثيابها. فلا يغسل الريح النساء ولا النساء الرجال الا الزوج والسيد. والا الصغير الذي دون سبع سنين فيجوز للنساء تغسيله. وكذلك الصغيرة دون السبع يجوز للرجال تغسيلها والله اعلم. التاسع والخمسون والمئة. الحديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال بينما رجل واقف بعرفة اذ وقع عن راحلته فوقسته. او قال فاوقفته. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اغسلوه بماء وسدر. وكفنوه في ثوبيه. ولا تحنطوه ولا اتحمروا رأسه فانه يبعث يوم القيامة ملبيا. وفي رواية ولا تخمروا وجهه ولا رأسه. رواه البخاري ومسلم. الوقف كسر العنق قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس انما رجل واقف بعرفة اذ وقع عن راحلته. الى اخره. استنبط من هذا الحديث احكام عديدة. منها تغسيل الميت. وانه فرض كفاية. فان افرظ الكفاية هو الامر الذي يطلب الشارع ايجاده فقط. وفرض العين هو الذي يطلب الشاة سارعوا ايجاده من كل مكلف. فلا يكفي فيه مجرد ايجاده. ومنها بالخصوص ان المحرم يغسل. وان كان حكمه حكم الشهيد. فانه ليس مثله في هذا فيجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه. ومنها ان الميت يغسل بماء ومنها ان تغير الماء في محل التطهير وغيره لا يضر اما في محل التطهير فبالاتفاق. واما في غير محل التطهير ففيه بخلاف والصحيح انه لا يضر. فانه يلزم من قوله اغسلوه بماء وسدر خلطهما. ومنها وجوب الكفن في مال الميت. وانه مقدم على كل شيء على الدين. لانه قال وكفنوه في ثوبيه. ولم يستفصل هل عليه دين ام لا والقاعدة الاصولية هي ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال وهذه القاعدة من كلام الشافعي رحمه الله تعالى. فانه قال قالها واخذها عنه الاصوليون. لانه رحمه الله تعالى اشتهر في هذا الفن اشتهارا عظيما فان الانسان اذا مات تعلق في ما له اربعة حقوق مرتبة. اولا مؤنث تجهيز وهي مقدمة على سائر الحقوق. لانها من ضرورياته. ثم الديون التي لله او للادميين. ويقدم منها الذي فيه رهن. ثم الوصية من الثلث فاقل ان لغير وارث. فان زادت عن الثلث او كانت لوارث لم تنفذ الا باجازة الورثة ثم حق الورثة وهو الحق الرابع. ومنها ان المحرم يحرم عليه الطيب حيا وميتا ومنها انه يحرم تغطية رأسه حيا وميتا. وكذلك وجهه اما تحريم الطيب وتغطية الرأس والوجه بعد الموت فظاهر. واما في حال الحياة فيؤخذ من نهيه عن ان يفعل به ذلك. ومن تعليله بقوله فانه يبعث يوم القيامة ملبيا. وكذلك المرأة لا يغطى وجهها اذا ماتت في حال الاحرام. فان الى ذلك كما اذا كان يصلي عليها اجانب. او خيف ان يروها. فانه وجهها كما في حال الحياة. اذا ارادت ان تبرز للرجال. ولا يضر لو مس الغطاء وجهها. فاذا نزلت في القبر كشف وجهها. ومنها البشارة العظيمة لمن مات فيها في هذه الحال وانه يستمر يؤجر على عمله. الى ان يبعث يوم القيامة في هذه الحالة المحمودة. ومنها انه يؤخذ من المعنى ان كل مسلم يشرع بعمل من الاعمال الصالحة صالحة ومن نيته تكميله. ثم تحترمه المنية قبل تكميله. فانه يجري له عمله الى يوم القيامة. وتبلغ النية مبلغ العمل اذا حال القدر. ومن نية الانسان تكميل العمل. وهذا عام في جميع الاعمال الصالحة. الستون الحديث السابع عن ام عطية الانصارية رضي الله عنها انها قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ام عطية نهينا عن اتباع من الجنائز ولم يعزم علينا اي نهانا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لان القاعدة الاصولية اذا قال الصحابي امرنا او نهينا او من السنة فالحديث مرفوع. وهذا النهي اما للتحريم او للكراهة. فان علم وتيقن وقوع المحذور فهو للتحريم. وان خيف وقوع المحذور ولم يتيقن فهو للكراهة هذا النهي للنساء خاصة. لان ام عطية تخبر عن نفسها وعن النساء. واما الرجال فسيأتي انه حثهم على اتباع الجنائز. والحكمة في نهي النساء عن اتباع الجنائز انه لضعف عقولهن ورقتهن لا يؤمن من وقوع منكر من افعال الجاهلية تهيج الحزن او التسخط من قضاء الله وقدره. ونحو ذلك. ولهذا يحرم على النساء زيارة القبور. فقد ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لعن زوارات القبور من النساء. والمتخذين عليها المساجد والسرج. وهذا لا يقصر عن التحريم واستثنى العلماء قبر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقبر صاحبيه فقال يباح لهن زيارته. وقد تعبنا بطلب الدليل على استثنائه فلم نجد لذلك كدليلا ولكن قال شيخ الاسلام رحمه الله لا تمكن زيارة قبري النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لان دونه ثلاث حوائل. ولا يمكن احدا الوصول اليه. ومن توهم انه زاره فهذا وهم خيالي. ويعتضد لقول شيخ الاسلام بقول عائشة ولولا ذلك اي خشية ان يتخذ مزارا او عيدا افرز قبره فعلا هذا القول يزول الاشكال. ولكن يحصل للانسان زيارة المسجد والوصول الى اثار الرسول والقرب من قبره صلى الله عليه وعلى اله وسلم الحادي والستون والمئة. الحديث الثامن عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال اسرعوا بالجنازة فان تك صالحة فخير تقدمونها اليه. وان تك سوى ذلك فشر تضعونه عنك رقابكم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة رضي الله عنه اسرعوا بالجنازة الى اخره فيه استحباب الاسراع بها. وليس الاسراع بها خاصا بالاسراع بحملها فقط كما يظن ذلك بعض الناس بل المراد بذلك الاسراع في تغسيلها والصلاة عليها حملها ودفنها. وليس رغبة عن الميت. بل لهذه المصلحة التي نبه عليها الشارع واما ما يفعله الجهال من تباطؤهم في ذلك. فاذا حملوه مشوا الهوينا بل ربما تقهقروا الى وراء. ويظنون ذلك اكراما للميت ورغبة فيه ذلك من جهلهم. فانه ليس له ولا لهم مصلحة في بقائه بعد موته. والعقل ايضا ينكر ذلك. فانه انما كان انسانا بروحه. فاذا فارقت روحه جسده انه لم يبقى مصلحة في بقاء جسده. ويستحب الاسراع فيه ما لم يعارظ ذلك راجحة فان عارض ذلك مصلحة راجحة روعيت كما اذا انتظر به كثرة من يصلي عليه ونحو ذلك. ويستحب الاسراع فيه ما لم يمت فجأة. وموت الفجأة هو الذي لم يتقدمه سبب ظاهر. فينتظر به حتى يتيقن موته. فكم من انسان صابته سكتة فظن انه ميت كما جرى للهمذاني صاحب المقامات. فانه اصابته سكتة فظن انه ميت. فلما دفن وكان الليل افاق من سكتته فجعل يصيح وسمعه اناس في المقبرة. لكن استوحشوا فلم ينبشوه. فلما كان من الغد نبشوا ذلك القبر فاذا هو الهمذاني. واذا شعره ابيض وهو حينما لم يكن فيه شعرة بيضاء. واذا هو قابض على لحيته. وقد وقع نحو هذا كثيرا. فاذا اذا كان موته فجأة فانه ينتظر به. حتى يتيقن موته بالعلامات الظاهرة فمنها انخساف صبغيه. وميل انفه وارتخاء مفاصله رجليه ويديه فاذا تيقن موته استحب الاسراع به. الثاني والستون والمئة. الحديث التام عن سمرة بن جندب رضي الله عنه انه قال صليت وراء النبي صلي الله عليه وعلى اله وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث في سمورة بن جندب. صليت وراء النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها. فيه استحباب وقوف الامام وسط الانثى قال العلماء رحمهم الله تعالى يستحب للامام ان يقف وسط الانثى حذاء صدر الرجل او رأسه. فاذا اجتمع رجال ونساء جعل صدر الرجل حذاء وسط الانثى واما المأمومون فعلى صفوفهم. وقال بعضهم الحكمة في ذلك لاجل سترك فيها وفي ذلك نظر. الثالث والستون والمئة. الحديث العاشر عن ابي موسى عبد الله بن قيس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم برئ من والحالقة والشاقة. رواه البخاري ومسلم. الصادقة التي ترفع صوتها عند المصيبة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي موسى رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم برئ من والحالقة والشاقة. فسر المؤلف رحمه الله الصالح فقال هي التي ترفع صوتها عند المصيبة. والحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصيبة والشاقة هي التي تشق ثوبها عند المصيبة. وكل هذه من اعمال الجاهلية. ولهذا برئ رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ممن فعل هذه الافعال. وخص النساء في ذلك لانهن اللواتي يفعلن ذلك لضعف عقول فيهن ورقتهن. وكانوا والعياذ بالله يمدحونهن على ذلك. كما قال شاعرهم يمدحهن ومنهن والايام تعثر بالفتى. نوادب لا يمللنه ونوائحه. وعندهم والعياذ بالله من ذلك. ان الذي لا يندب ولا لا يشق عليه الجيب فليس بشيء. ولهذا يوصون بذلك كما قال شاعرهم اذا مت فاني بما انا اهله. وشقي علي الثوب يا ام معبدي وفي هذه الافعال والعياذ بالله من التسخط وعدم الرضا بقضاء الله وقدره شيء عظيم وهي بافعال المجانين اشبه. فلهذا برئ رسول الله صلى الله عليه وعلى على آله وسلم ممن فعلها. فهي من كبائر الذنوب. الرابع والستون الحديث الحادي عشر عن عائشة رضي الله عنها انها قالت لما اشتكى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ذكر بعض نسائه كنيسة رأتها في ارض الحبشة يقال لها ماريا. وكانت ام سلمة وام حبيبة اتتا ارض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها. فرفع رأسه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقال اولئك اذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصور. اولئك شرار الخلق عند الله. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة عائشة رضي الله عنها لما اشتكى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ذكر بعض نسائه ولم تسمها ولعلها ام سلمة او ام حبيبة كنيسة وهي معبد النصارى. في ارض الحبشة يقال لها اي الكنيسة مارية وكانت ام سلمة وام حبيبة اتت ارض الحبشة. اي مع ازواجهن حين هاجرن الى حبشتي مع ازواجهن. اما ام حبيبة فتنصر زوجها في ارض الحبشة. ومات والعياذ بالله نصرانيا. ولما جاءت ام حبيبة الى المدينة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وهي ابنة ابي سفيان بن حرب وكذلك ام سلمة لما جاءت مع زوجها من ارض الحبشة الى المدينة. توفي فزوجها ابو سلمة. ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقولها فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها. فرفع رأسه صلى الله عليه وعلى اله عليه وسلم الى اخره. فيه نصحه العظيم صلى الله عليه وعلى اله وسلم في في حال الضراء والسراء. وفيه النهي عن الصور والبناء على القبور. وفي فيه ان الذين يفعلون هذه الافعال هم شرار الخلق يوم القيامة الخامس والستون والمئة. الحديث الثاني عشر. عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في مرضه الذي لم يقم منه لعن الله اليهود والنصارى. اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. قالت ولولا ذلك لابرز قبره غير انه خشي ان يتخذ مسجدا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة رضي الله عنها لعن الله اليهود والنصارى. اتخذوا قبور انبيائهم مساجد الى اخره. فيه النهي العظيم لامته ان يفعلوا مثل افعالهم وفيه ان دفنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم في بيت عائشة. كان بايعاز منه ان كان قولها خشي مبنيا للفاعل. ويشهد لذلك الحديث الذي ورد انه امر ان يدفن في المكان الذي مات فيه. وان كان قولها خشي مبنيا للمفعول فيكون ذلك اتفاقا من الصحابة. وفيه كما تقدم انه لا يمكن زيارة قبره صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لانه دونه ثلاثة جدران شباك من حديد والشباك الداخلي مصمت لا يدخله خاص ولا عام اسفله الى الماء. فلا يمكن احد الوصول اليه ابدا. السادس والست والمئة. الحديث الثالث عشر. عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال ليس منا من ضرب الخدود وشق جيوب ودعا بدعوى الجاهلية. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن مسعود رضي الله عنه ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. اي نحو قولهم واو وانقطاع ظهراه. وسيداه وفلان الذي يفعل كذا وكذا وكذا وكذا. وهذا الحديث كحديث ابي موسى المتقدم. وها هنا فائدة عظيمة ينبغي التنبه لها. وهي ان العلماء كثرت اقوالهم. واختلفوا في هذه الايات والاحاديث الواردة بنصوص الوعيد. مثل الخلود في النار لمن معه اصل الايمان اذا فعل ذلك الامر المذكور. ومثل التبري ممن فعله. كقوله في في حديث ابي موسى انه برئ من الصالحة. الى اخره. ومثل نفي الايمان كقوله لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. ومثل التبري منه كقول ليس منا من غشنا وكقوله في هذا الحديث ليس منا من ضرب الى اخره. ونحو ذلك من النصوص التي يظهر منها الخلود في النار. والخروج من دائرة الاسلام. بفعل ذلك الذنب الذي لا يكفر كانوا بفعله. وسبب اختلافهم ان السلف الصالح اجمعوا على انه لا يخلد في النار معه اصل الايمان. وانه لا يخرج من الدين جملة. وهذا مذهب اهل السنة جماعة وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة. ومن خرج عن هذا المذهب فقد دخل به مذهب احدى الطائفتين المفرطين او المفرطين. اما مذهب الخوارج واما مذهب معتزلة فلهذا اختلف الائمة رحمهم الله في معنى هذه الاحاديث اختلافا طويلا عريضا. ولكن الصواب الذي لا صواب غيره وهو الذي يجمع النصوص كلها. ولا يضرب بعضها ببعض هو ان يقال ان الايمان نوعان نوع يمنع من دخول النار. ونوع لا يمنع من دخولها. ولكن يمنع من الخلود فيها فمن كمل ايمانه فهو الذي حصل له النوعان. والايمان المنفي في هذه الاحاديث هو الايمان الكامل الذي يمنع من دخول النار. ولهذا قال شيخ الاسلام رحمه الله الله ان الاشياء لها شروط وموانع. فلا يتم الشيء الا باجتماع شروطه وانتفاء موانعه. فاذا رتب العذاب على عمل كان ذلك العمل موجبا لحصول العذاب ما لم يوجد مانع يمنع من حصوله. واكبر الموانع وجود الايمان الذي يمنع من الخلق في النار فالقاتل وان دخل النار فانه لا يخلد فيها. ما دام معه اصل الايمان لان القتل وان كان موجبا للخلود فيها. فالايمان مانع من الخلود فيها والبراء منه وقوله ليس منا اي في هذه الاحوال المخالفة لاحوال المؤمنين السابع والستون والمئة. الحديث الرابع عشر. عن ابي هريرة رضي الله الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من شهد اذا الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط. ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين. ولمسلم اصغرهما ما مثل جبل احد. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقه وقوله في حديث ابي هريرة من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيام ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. الى اخره. فيه الفضل عظيم لمن صلى على الجنازة وتبعها. قال بعض العلماء القيراط على اصطلاح الحساب هو جزء من اربعة وعشرين جزءا. فيكون للمصلي على الجنازة جزء ولمن صلى عليها وشهدها حتى تدفن جزءان من اربعة وعشرين جزءا من اجر المصاب وهذا في غاية الضعف. فان هذا الاصطلاح حادث بعد النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وايضا فانهم امة امية لا يحسنون الحساب والكتابة. وايضا فانهم لما خفي عليهم قدر القيراط. سألوا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عنه فيها على قدر نية العامل واخلاصه. فقد يكون ثوابه اكثر من ثواب المصاب لقلة اخلاص هذا او هون المصيبة عليه او لقلة صبره ونحو ذلك وهذا الثواب عام. سواء كان الميت صغيرا او كبيرا ذكرا او انثى. وقد يزيد اجر على قدر نفع العمل ومصلحته ونية العامل. قال بعض العلماء اذا نوى الانسان باتباعه الجنازة طاعة ربه. بامتثال امره واداء حق اخيه باتباعه والصلاة عليه فانه في هذه الحال مفتقر الى ذلك جدا. ونوى ايضا جبر خواطر اهله واقاربه ومساعدتهم على ذلك. وهذا بر. وقد قال تعالى وتعاونوا على البر والتقوى. ولا تعاونوا على الاثم فيؤخذ من لازم هذا الحديث انه يستحب تعزية المصاب بالميت والتعزية ليست كما يظن بعض العوام انها مجرد قول. اعظم الله اجرك واحسن عزاك وغفر لميتك. بل هي كما قال ابو الوفاء ابن عقيل. قال رحمه الله كلاما معناه. ان التعزية هي ان تأتي الى قلب قد هدته المصيبة وغيرته فلا تزال تلقي عليه من الايات والاحاديث والترغيب والترهيب. حتى ترد الى الحق. فهذه التعزية حق. سواء كانت مشافهة او بكتابة اذا كان بعيد واما ما يفعله بعض النساء اليوم بل كلهن الا النادر فليست وهي لتهييج الحزن اقرب منها للتعزية. وينبغي للمصاب ان يستعين الله ويصبر عند المصيبة. فان الصبر المحمود هو الصبر عند الصدمة الاولى. والانسان كانوا ان لم يصبر ويحتسب في اول وهلة فلابد له من السلو. لان هذه طبيعة الانسان وجبلته. ولهذا قال علي رضي الله عنه للاشعث ابن قيس انك ان لم اصبر صبر الكرام. سلوت سلو البهائم. ومن اعظم ما يعين على الصبر هو النظر فيما اعد الله تعالى للصابرين من الجزاء في الدنيا والاخرة. وليس الجزع تسخط يرد فائتا. وانما هو عذاب عاجل قبل العذاب الاجل. فان القضاء اتم وليس بمردود. فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط. ومما تعين على الصبر تحقيق معنى قوله تعالى حكاية عن الصابرين من قولهم عند المصيبة انا لله وانا اليه راجعون. فمعنى قوله انا لله اي عبيد مملوك مدبرون ليس لنا من الامر شيء. بل الامر كله لله. يفعل ما يريد وانا اليه راجعون. اي من جميع احوالنا. واذا علم الانسان انه راجع الى الله اه وانه موقوف بين يديه اوجب له ذلك الاحتساب. وان يعلم ان ما عند الله خير وابقى. وهذا عام لجميع المصائب. سواء بالانفس او اموال كتاب الزكاة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته كتاب الزكاة هي الطهرة والنماء. فهي تطهر المخرج وتزيده طهروا المال وتنميه اي تزيده. فهي وان كانت بالحس تنقصه نقصا قليلا انها تزيده اضعاف اضعاف ذلك من البركة. مع ما يحصل له من الثواب. واذا تبارك الله بالمال لم ينقصه شيء ابدا. والبركة من الله ليس لها منتهى كما في الحديث ما نقصت زكاة مالا بل تزيده. او كما قال صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. والزكاة في عرف الشارع حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص. فهي حق واجب. بل هي اعظم اركان عن الاسلام بعد الشهادتين والصلاة. وهذا بالاجماع. فلا خلاف في انها من اركان الاسلام واختلف العلماء هل يكفر من ترك اخراجها بخلا؟ ولكنهم اجمعوا على وجوب قتال من لم يخرجها. كما هو اجماع الصحابة. فان ابا بكر رضي الله عنه ولما اراد ان يجهز لقتال من منع الزكاة. اشكل ذلك على بعض الصحابة. ولا لكنهم اجمعوا بعد ذلك على قتالهم. فكان ابو بكر رضي الله عنه يقول والله والله لو منعوني عناق. وفي رواية عقالا كانوا يؤدونه الى رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم. لقاتلتهم على ذلك. وقد اجمع العلماء على ان من منع الزكاة فانه اعظم اثما من المدمن على الزنا والسرقة. او شرب او من المعاصي الكبار كالقتل بغير حق ونحو ذلك. ولكن الشيطان يوسوس للانسان ويأمره ان يبخل بها كما قال تعالى ان فقر ويأمركم بالفحشاء. والله يعدكم مغفرة منه وفضلا. الثامن والستون والمئة. الحديث الاول عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لمعاذ ابن جبل حين بعثه الى اليمن. انك وهي ان من امتنع من اداء الواجب اجبر عليه. بل قد ورد في الزكاة خصوصا الامر باجبار من منعها ان يدفعها. كما تقدم من اجماع الصحابة على قتال مانع الزكاة قوما اهل كتاب. فاذا جئتهم فادعهم الى ان يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمد محمدا رسول الله. فانهم اطاعوا لك بذلك. فاخبرهم ان الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فانهم اطاعوا لك بذلك فاخبرهم ان الله قد فرض عليهم صدقة. تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقراء فانهم اطاعوا لك بذلك. فاياك وكرائم اموالهم. واتق دعوة المظلوم فانها ليس بينها وبين الله حجاب. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وكان صلى الله عليه وعلى اله وسلم يبعث الرسل ويأمرهم يدعون الناس. ويبدأون بالاهم فالاهم ما ذكره في حديث ابن عباس انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لمعاذ حين بعثه الى اليمن انك ستأتي قوما اهل كتاب اي انهم معهم شبه يحتجون بها فاستعد لهم. فانهم ليسوا مشركين كالامة الامية لا يحتاجون الى جدال. بل انهم يحتاجون الى مجادلة فاستعد لهم وقوله فاذا جئتهم فادعهم الى ان يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله اي فان هذا اول ما يدعى الناس اليه وهو اهم يبدأ به فانهم اطاعوا لك بذلك فاخبرهم ان الله قد فرض عليهم خمس صلوات صلوات في كل يوم وليلة. فهي اعظم اركان الاسلام بعد الشهادتين واهم ما يبدأ به في الدعوة بعد الشهادتين. وهي قد فرضت ليلة الاسراء مشافهة من الله لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم بلا واسطة. وقوله فانهم اطاعوك بذلك فاخبرهم ان الله قد فرض عليهم صدقة. تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم اي ان الله تعالى فرضها عليهم لاجل المواساة ونفع فقرائهم بذلك المال. فهي شيء قليل من الاموال النامية او المعدة للناس ماء تطهر الاموال وتنميها وتنفع الفقراء. واستدل بقوله على فقرائهم انه لا يجوز نقل الزكاة من بلد الى بلد مع وجود فقراء فيه في بلد المال والصحيح انه يراعى في ذلك المصلحة. لانه كان الله عليه وعلى اله وسلم يبعث السعاة فاحيانا يفرقونها. ويأتي الساعة وليس معه الا صوته. واحيانا يأتون بها يراعون في ذلك المصلحة وقوله فانهم اطاعوا لك بذلك. فاياك وكرائم اموالهم وهذا لطف من الله باهل الاموال ورحمة بهم. فان الله لم يكلفهم اخراج الاجود من اموالهم. بل امرهم باخراج الوسط. وقوله واتق المظلوم فانها ليس بينها وبين الله حجاب. اي ان الله تعالى يجيب دعوة المظلوم فلا يمنع من اجابتها حجاب. حتى ولا الكفر مع انه اعظم اعظم حجاب مانع من اجابة الدعوة. وقد ورد في بعض الاثار في التحذير من دعوة المظلوم فانه يسأل حقه. والله لا يمنع ذا حق حقه. اي انه يطلب اطلب من الله ان ينصفه ممن ظلمه. ففي هذا الحديث فوائد عديدة منها حسن تعليمه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وانه ينبغي في ان يبدأ بالاهم فالاهم. ومنها ان الزكاة اعظم اركان الاسلام بعد والصلوات الخمس. ومنها ان الوتر ليس بواجب. لانه لم يذكر الا خمس صلوات في كل يوم وليلة. فان قيل ولم يذكر ايضا العيدين ونحوهما من الصلوات الواجبة. قيل هذه عارضة وهو لم يذكر الا الصلوات الراتبة. ولو كان الوتر واجبا لذكره. لانه راتب في كل ليلة. ومنها وجوب العدل. والا يأخذ الساعي الا الوسط من اموال ومنها ان الامام يبعث للناس ساعيا يأخذ منهم الزكاة في رأس حول ومنها جواز دفع الزكاة الى صنف واحد من الاصناف الثمانية ومنها التحذير من الظلم ودعوة المظلوم. التاسع والستون والمئة الحديث الثاني عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ليس فيما دون خمس اواق صدقة ولا فيما دون خمس ذود صدقة. ولا فيما دون خمسة او سق صدقة رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ليس فيما دون خمس اواق صدقة الاوقية اربعون درهما وخمس الاواقي مائتا درهم. وهي اثنان وعشرون ريالا فرنسا وكسر. فهذا اقل نصاب الفضة. فمن كان عنده ذلك المقدار وجب عليه ربع العشر منه. وليس لها وقف كالماشية فيجب في المئة اثنان ونصف. وفي الالف خمسة وعشرون. وهذا شيء قليل من كثير. فيا عجبا كيف يبخل الانسان بهذا القدر اليسير الذي هو طهرة المال وسبب لنموه وزيادته. وقوله ولا فيما دون خمس في ذود صدقة. يجوز في خمس التنوين. ويجوز اضافته الى ذود والذود ما دون الرعية. وهذا في الابل فانه يجب في خمس من الابل شاة وفي العشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه. وفي عشرين اربع شياه فاذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض. اي بكرة لها سنة. وسميت ابنة لان امها في الغالب قد مخضت اي حملت. وليس ذلك شرطا بل الشرط ان لها سنة وفي ست وثلاثين بنت لبون. اي بكرة لها سنتان. سميت بذلك ان امها غالبا قد ولدت وصارت ذات لبن. وليس ذلك شرطا بل الشرط ان لها سنة وفي ست واربعين حقة. بكرة لها ثلاث سنين. سميت بذلك فلانها استحقت ان يحمل عليها. وان يطرقها الفحل. وفي احدى وستين جذعة اينها اربع سنين؟ وقد اسقطت اسنان اللبن وظهر لها غيرها. وفي في ست وسبعين بنتا لبون. وفي احدى وتسعين حقتان. وفي مائة احدى وعشرين ثلاث بنات لبون. ثم تستقر الفريضة. فيكون في كل اربعين بنت لبون. وفي كل خمسين حقة. والوقص ما بين الفرضين ليس فيه شيء بل هو تبع للفرد الذي قبله. ويجب على الساعي اخذ الوسط. ولا الذكر هنا الا اذا كان النصاب كله ذكورا. ومن عدم ابنة مخاض جاز ان يدفع مكانها ابن لبون. واما البقرة فيجب فيها اذا بلغت ثلاثين تبيع او تبيعة وهذا اول النصاب. وفي اربعين مسنة. ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل اربعين مسنة. والوقف خاص في الماشية. وهو تبع ارض الذي قبله. ويجزئ الذكر في هذا اذا كان الواجب تبيع او تبيعه واما الغنم فلا يجب فيها شيء. الا اذا بلغت اربعين وهي اول النصاب. فيجب فيها شاة وفي مئة واحدى وعشرين شاتان. وفي مئتين وواحدة ثلاث وفي اربعمائة اربع شياه. ثم تستقر الفريضة. فيجب في كل مئة والوقص في الغنم كثير جدا. ولا تجب الزكاة في المواشي غير بهيمة الانعام وهي هذه الثلاثة الابل والبقر والغنم. ويشترط فيها ان تكون للدر والنسل واما اذا كانت للتجارة فانها عرظ. زكاتها كزكاة العروق وكذلك غيرها من المواشي ان كانت للتجارة ففيها زكاة العروض. ويجب على الساعي العدل واخذ الوسط كما تقدم. وقوله ولا فيما دون خمسة اوسق صدقة هذا في الحبوب والثمار. ويشترط في وجوب الزكاة فيها. ان تكون مما يكال ويدخر فلا تجب الزكاة في جميع الخضروات والبقول ونحوها. والوسق وستون صاعا بالصاع النبوي. والعرب يجعلونه حمل بعير. لانهم لا يثقلون وخمسة الاوسق ثلاثمائة صاع. وهي عندنا خمسمائة وزنة فمن عنده اقل من خمسمائة وزنة فليس عليه زكاة. واذا بلغت ذلك فيجب عليه عليه فيها الزكاة. وتختلف باختلاف المؤونة. فيجب العشر في الذي يسقط قابلة مؤونة. كالذي يشرب من العيون والسيح والانهار ونحوها. كالبعل الذي يشرب بعروقه. ويجب نصف العشر في الذي يسقى بمؤونة. كالذي يشرب من واضح اي الذي يثنى عليه ويحتاج الى كلفة. ومثله الذي يشرب بالمكاين لانه بمؤونة ايضا. وهذا من لطف الله ورحمته. واذا كان في بعض الوقت يسقى بمؤونة. وفي بعض بلا مؤونة وجب فيه ثلاثة ارباع العشر ولا يشترط في الزروع والثمار تمام الحول. بل تجب الزكاة وقت هذي الثمرة. كما قال تعالى واتوا حقه يوم حصاده والحكمة في ذلك ظاهرة. فان الفقراء ونحوهم من اهل الزكاة تشوف نفوسهم لها وقت حوزها. فانهم اذا حازوها ثم امروا بعد ذلك ذلك باخراجها ثقلت عليهم جدا. وايضا فانهم لو مكنوا من ذلك اكثر الناس بعضها. ولما اخرج الا القليل. فانه لولا ان الاضحية والولاة يبعثون السعاة لجبايتها لما اخرجها اكثر الناس. ولهذا هذا تجد القريب منهم والذي له اتصال بهم. اذا لم يأخذوها منه لم يخرجها وهم وان كانوا لا يضعونها مواضعها. ولا يعطونها اهلها فانها لا تجزئ عن اهل الاموال ولهذا ورد ادفعها اليهم ولو بها الكلاب. السبعون والمئة. الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ليس على المسلم في عبده ولا فرسه رواه البخاري ومسلم. وفي لفظ الا زكاة الفطر في الرقي رواه ابو داوود. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة ليس على المسلم في في عبده ولا فرسه صدقة. وفي لفظ الا زكاة الفطر في الرقيق هذا اذا كان للخدمة والركوب ونحو ذلك. واما اذا كان للتجارة ففيه زكاة العروض فان الزكاة لا تجب الا في الاموال النامية او المعدة للنماء وهي اربعة اشياء. الذهب والفضة فتجب فيه الزكاة. ولو كان معدا للنفق اذا حال عليه الحول وقدره نصاب. الثاني الخارج من الارض وذلك كالزروع والثمار ونحوها. الثالث بهيمة الانعام اذا اذا اعدت للدر والنسل. الرابع عروض التجارة. وهذا اعمها فانه يدخل فيه كل شيء اعد للبيع والشراء من حيوانات وعقارات واقمشة وغيرها فيها وتعتبر قيمتها عند تمام الحول. فلا يعتبر ما اشتريت به واذا كان الرقيق للخدمة فليس فيه الا زكاة الفطر. واذا كان للتجارة ففيه زكاة الفطر وزكاة العروض. الحادي والسبعون والمئة الحديث الرابع عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم قال العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار. وفي الركاز الخمس. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة العجماء وجبار الى اخره. العجماء البهيمة. ومعنى جبار اي هجر لا شيء فيه. ومحل ذلك اذا لم يكن من صاحبها سبب. واما اذا كان منه سبب كما اذا كان متصرفا فيها واتلفت شيئا فعليه ظمانه. وكذا ذلك اذا اقتنى حيوانا مؤذيا كالكلب العقور والجمل الصائل ونحو ذلك. واخرج الى الناس فاتلف شيئا ضمنه. لان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم قضى ان على اهل الحوائط حفظها بالنهار. وعلى اهل البهائم حفظها بالليل. والبئر جبار والمعدن جبار. اي لو امر انسانا بالغا عاق ان يحفر له بئرا او معدنا. او يخرج له شيئا من ذلك فانهد عليه ونحو ذلك لم يضمنه لانه لم يجبره. ومحل ذلك ما لم يغره فان غره كما اذا علم ان فيه خطرا او نحو ذلك ولم يخبره به. فتلف ضمينه لانه غره. وقوله وفي الركاز الخمس. قال العلماء الركاز ما وجد من دفن الجاهلية. اي المال المدفون الذي عليه علامة كفار. والصحيح انه لا يشترط ان عليه علامة كفار. بل ان يعلم انه ليس لقطة وذلك كالمال الذي يتيقن عدم وجود صاحبه. فيجب فيه الخمس فتمت بذلك احوال الزكاة اربعة. وهي على قدر المؤونة والكلفة. فيجب في الذهب والفضة والعروض ربع العشر. لان فيه كلفة وخطرا. وقد لا يدرك الربح ويجب في الحبوب والثمار ونحوها نصف العشر تارة. والعشر كاملة تارة على ما تقدم. وفي الركاز الخمس. واختلفوا فيها المصرفه مصرف الفيء انه لمصالح المسلمين العامة او انه زكاة فيكون كونوا لاهل الزكاة الثمانية. الثاني والسبعون والمئة الحديث الخامس عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال بعث رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم عمر رضي الله عنه على الصدقة. فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ما ينقم ابن جميل الا ان كان فقيرا فاغناه الله تعالى. واما خالد فانكم تظلمون خالدا. وقد احتبس قد راعه واعتاده في سبيل الله. واما العباس فهي علي ومثلها. ثم قال فيا عمر ما شعرت ان عم الرجل صنغ ابيه رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة بعث رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عمر على الصدقة. اي عاملا فقبض زكاة من الناس الا ثلاثة. ولهذا شكوا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد. والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ينقم ابن جميل الا ان كان فقيرا فاغناه الله. وهذا من باب تحسين كلام وهو ان يأتي بالمدح بصيغة ذم مثل قوله تعالى وما قاموا منهم الا ان يؤمنوا بالله. اي ان كان لهم ذنب فهو هذا الذي بالحقيقة انه مدح. وهنا يقول ليس له عذر الا ان كان فقيرا فاغناه الله. والحال ان هذا ليس عذرا. بل المنة على هذا اعظم ولا اعرف ابن جميل هذا ولعله منافق. ولم يذكر في الحديث انه اخذها منه قهرا. ولا انه لم يأخذها منه. فيرجع الى القاعدة العامة كما ورد ومن لم يؤدها فانا اخذوها وشطر ما له. عزمة من عزمات ربنا لا يحل لمحمد ولا لآل محمد منها شيء. اي اخذوها ونصف ما قهرا عليه. وهذا من باب التعزير بالاموال بحسب اجتهاد الحاكم قوله واما خالد فانكم تظلمون خالدا. وقد احتبس اذراعه واعتاده. اي السلاح ونحوه في سبيل الله. يحتمل ان المراد بذلك انه حبسها. اي وقفها في سبيل الله. ففيه ان الوقف ليس فيه زكاة. لكن اذا كان عقارا ففي اغله زكاة. لان المغلى يملك. ومن هذا قال الفقهاء ان التحبيس من الفاظ الوقف. فقالوا الوقف تحبيس الاصل وتسبيل المنفعة. ويحتمل ان المراد بذلك انه قد اعدها للجهاد في سبيل الله. فهي من جملة حاجياته. فليس عليه زكاة فيها. لانها ليست للتجارة. وقوله واما العباس فهي علي ومثله يحتمل ان المراد بذلك اني متحملها عنه. فابذلها من مالي ومثلها معها. ويساعد هذا قوله يا عمر ما شعرت ان عم الرجل صنغ ابيه اي ان ذلك ليس بكثير. لانه بهذه المثابة وهذا بالقرب ليس بكثير ان اتحملها عنه. والصنو القريب الذي اصله واحد. وهو هو في الشجر كالنخل ونحوه. القرائن التي تجتمع في اصل واحد. يعني انه يجتمع مع ابيه في الجد. وهذا الاحتمال اصح. ويحتمل ان المراد بذلك انه عجل زكاة سنتين. يعني ان احتجنا واخذناها منه فهي علينا ولهذا قال الفقهاء يجوز تقديم الزكاة لسنتين فقط. فاذا كان وقت وحاجة بالناس. او حاجة للجهاد في سبيل الله. فيستحسن تقديمها لهذه في الحاجة وفي هذا الحديث فوائد عديدة. منها ان عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه يبعث العمال لجباية الزكاة من الاموال الظاهرة كالحبوب والثمار وبهيمة الانعام. وفي بعض الاوقات يرجع العامل وليس معه الا صوته. وقد فرق الزكاة في المحل الذي اخذها منه. كما تقدم في حديث ابن عباس في قوله لمعاذ فاخبرهم ان الله قد فرض عليهم من صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم. وفي بعض الاوقات يأتي بالزكاة على حسب تدبيره لهم. فانه اذا كان في محل الزكاة حاجة فالاحسن ان يفرقها هناك. ولا يرجع منها بشيء. والا فتفرق فيه في اقرب المواضع اليه واشدها حاجة. واما صرفها في شهوات الملوك فحرام ولكنها تجزئ عن اهلها والله المستعان. ومنها ان من ترك امرا يجب عليه فعله فانه يجوز شكايته على والي الامر. ومنها ان انه تجب الزكاة في المنقولات اذا كانت للتجارة. كما تجب في الثمار والنقدين ومنها ان الوقف ليس فيه زكاة. الثالث والسبعون والمئة. الحديث السادس عن عبدالله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه انه قال لم ما افاء الله على رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم حنين. قسم الناس وفي المؤلفة قلوبهم. ولم يعطي الانصار شيئا. فكأنهم في انفسهم اذ لم يصبهم ما اصاب الناس. فخطبهم فقال يا معشر والانصار الم اجدكم ضلالا فهداكم الله بي. وكنتم متفرقين فالفكم الله بي وعالة فاغناكم الله بي. كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله طوله امن. قال ما يمنعكم ان تجيبوا رسول الله. قالوا الله ورسوله امن. قال لو شئتم لقلتم جئتنا كذا وكذا. الا ترضون ان يذهب الناس الشاة والبعير وتذهبون بالنبي الى رحالكم. لولا الهجرة لكنت امرأ من الانصار ولو سلك الناس واديا او شعبا لسلكت وادي الانصار وشعبها. الانصار شعار والناس دثار. انكم ستلقون بعدي اثرة. فاصبروا حتى تلقوني على الحوض رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم لما افاء الله على رسوله يوم اثنين وكانت غزوة حنين في شهر حرام. ولكن المشركين هم الذين بدأوا القتال فانه لما فتح الله على رسوله مكة وذلك في رمضان سنة ثمان من الهجرة. فتجمع لقتاله اناس من هوازن وثقيف وغيرهم فخرج اليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بمن معه. في غزوة الفتح وهم عشرة الاف. وخرج معه الفان من الطلقاء وهم اهل مكة. فالتقى معهم في وادي حنين. وهو واد عن جبل عرفة شرق جنوب. قريب من كرى وكانوا قد وصلوا الى الوادي قبل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقد علموا بمسيره للقتال وتهيأوا. وقعدوا في المكامن والمتارس وقال لهم كبيرهم اذا اقبلوا عليهم فارموهم بالنبل رمية رجل واحد فلما اقبل عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بمن معه ولم يتهيأ لهم رشقوهم بالنبل. فانهزم اكثر المسلمين. وانحاز رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يمين القوم ولم ينهزم. ولم يكن معه الا نفر قليل اقل من مائة رجل. وكان على بغلته ويتقدم اليهم ويقول انا النبي لا كذب. انا ابن عبد المطلب. فانظر الى شجاعته وثباته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وكان معه عمه العباس وكان كبير الجسم فكان اذا طاف مع الناس كان بينهم كالنخلة السحوق. وكان صوته على قدر جسمه جهوري الصوت. فامره ان ينادي يا اصحاب السمرة. يا اهل سورة البقرة يريد بذلك تذكيرهم لبيعة الرضوان. والسمرة هي الشجرة التي بايعوه عندها فما احسن هذا الرأي فانه قد يذهل الانسان عن شيء كثير في مثل هذا موضع فلما ذكرهم تراجعوا حتى اجتمع معه مئة منهم. ولم يزالوا تتراجعون. حتى ان اخرهم لم يجيء الا والغنائم والسبايا بين يدي رسوله لله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فكانت العاقبة للمؤمنين كما قال الله تعالى لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين. ويوم حنين اذ اعجبتكم الايات ومن اعظم اسباب انهزامهم بالاول ان اعجبوا بكثرتهم حتى قال بعضهم لن نغلب اليوم من قلة. فتره هو هذا من اعظم الاسباب المنافية للتوكل. ومن وكل الى نفسه فهو مخذول فلما اراهم الله ان كثرتهم لا تغني عنهم من الله شيئا. من عليهم نصرهم بعد ذلك. وكانت غنائم حنين كثيرة جدا. فان الله شكر لهم لما فتحت مكة لم يحصل لهم منها غنائم. فاحضروا يوم حنين جميع اموالهم حتى عد بعضهم الغنم اربعين الفا. والسبايا من النساء والذرية نحو نحو ستة الاف. والابل شيء كثير. كما هو مبسوط في السير وقوله قسم في الناس الى اخره. اي انه اعطى كل احد الا الانصار فان انه لم يعطهم. لانه وثق بهم. ووكل الى ما معهم من الايمان انهم وجدوا في انفسهم لان هذه طبيعة الانسان من حيث هو. ولكنه هم قنيعوا لما قنعهم. فلما عدد منته عليهم جعلوا يقولون. الله ورسوله طوله امن. اي ان المنة لله ولرسوله. وقوله لو شئتم لقلتم جئتنا كذا وكذا. فسره في بعض الروايات اي مكذبا فصدقناك وطريدا فآوينا ومخذولا فنصرناك. فكان في عدم قولهم ذلك اعظم الفخر لهم. ثم ذكر انه هو حظهم في الدنيا والاخرة. وان هذا المال عرض زائل. ثم ذكر الله وانه لولا الهجرة لكان منهم. ففيه انه لا افضل منهم بعد المهاجرين وقوله الانصار شعار والناس دثار. الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد. ما من الشعر والدثار هو الثوب الظاهر. وقوله انكم ستلقون بعدي اثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض. اي انه سيأتي ملوك يستأثرون بالمال دونكم فاصبروا فرضوا رضي الله عنهم. فقاموا وقد خطبوا لحاهم بالدموع وفي هذا فضل عظيم للانصار. ولم يقسم السبايا لعلمه انهم سيأتون يسلمون. فلما جاءوا واسلموا خيرهم بين الاموال والذرية فاختاروا الذرية فاعطاهم نصيبه ونصيب من يمون عليه. وقال لبقية الناس من شاء ان يهب لهم نصيبه تبرعا لله ولرسوله. ومن شاء ان يبدل بذلك كثرة ست مرات اي الفريضة بمثلها ست مرات. من اول غنيمة يغنمها المسلمون فتبرع بذلك اكثر الناس. وبعض الاعراب لم يتبرع. بل قالوا نريد جزاء عن الفريضة بست فرائض. ولا اعلم وجه مناسبة هذا الحديث لترجمة الباب الا ان يقال ان بعض العلماء قال ان حكم المؤلفة نسخ فليس لهم شيء من الزكاة فذكره المؤلف بيانا ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعطاهم من الغنائم في هذه الغزوة. مع انها في اخر عمره سنة ثمان لم ينصح حكمهم في هذا. ففي الزكاة من باب اولى واحرى. لان الله ذكرها في القرآن مع ان هذا احتمال بعيد. باب صدقة الفطر. قال شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب صدقة الفطر. اجمعوا على مشروع وقد تكاثرت بذلك الاحاديث. واما في القرآن فلم يصرح بذكرها فيه بل فيه تلميح واشارة. كما استنبط ذلك بعضهم من قوله تعالى قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى آآ قال تزكى ادى زكاة الفطر. وقوله فصلى اي صلاة عيد الفطر ولكن الصحيح انه ليس مختصا بذلك. بل عام لانواع الزكاة والصلاة وصدقة الفطر داخلة في ذلك. ومن الحكم في مشروعيتها انها زكاة للبدن وطهرة للصيام من اللغو والرفث. ونفع للفقراء. واغناء لهم عن السؤال في ذلك اليوم العظيم. الرابع والسبعون والمئة. الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال فرض رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صدقة الفطر او قال رمضان على الذكر والانثى والحر والمملوك طاعا من تمر او صاعا من شعير. قال فعدل الناس به نصف صاع من بر على الصغير والكبير. وفي لفظ ان تؤدى قبل خروج الناس الى الصلاة. رواه البخاري مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صدقة الفطر الى اخره. الفرض هو الواجب. بل ابلغ منه. ففيه وجوبها. وتأكد خذها على من وجدها فاضلة عن قوته وقوت من يمون يوم العيد وليلته. فيخرجها عن نفسه وعمن يمون من ذكر وانثى. وحر ومملوك وصغير وكبير ويبدأ بنفسه ثم زوجته ثم مملوكه ثم ولده ثم والديه. والمشهور ومن المذهب انه يبدأ بابيه قبل امه. لان له ان يتملك من ما له. فيقدم في باب الاموال. والصحيح انه يبدأ بامه قبله. لانها مقدمة في البر وهذا من البر لحديث من ابر الى اخره. وقوله فعدل الناس به اي بالشعير نصف صاع من بر. ياتي سبب ذلك. وقوله وفي لفظ ان ادى قبل خروج الناس الى الصلاة. فيه فضل اخراجها قبل الصلاة. قال الفقهاء ولها اربعة اوقات وقت مباح وهو اخراجها قبل العيد بيومين. ووقت مستحب وهو اخراجها يوم العيد قبل الصلاة. ووقت مكروه. وهو اخراجها يوم العيد بعد الصلاة ووقت حرام. وهو تأخيرها عن يوم العيد. فيجب قضاؤها والتوبة لتفويت وقتها. والصحيح ان الوقتين الاولين وقت واحد. وانه المستحب وهو ان يخرجها قبل الصلاة الى يومين قبل العيد. لان الصحابة يخرجونها كذلك. وهم النهاية في فعل الفضائل. وقد يعسر جدا اخراجها يوم العيد قبل الصلاة. ولا دليل على هذا التفصيل. ويستحب اخراجها عن الحمل الخامس والسبعون والمئة. الحديث الثاني عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صاعا من طعام. او صاعا من تمر او صاعا من شعير. او صاعا من اقط اوصاعا من زبيب. فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال ارى مد من هذه يعدل. قال ابو سعيد اما انا فلا ازال اخرجه. كما كنت اخرجه على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابي سعيد كنا نعطيها في زمن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صاعا من طعام الى اخره. فيه انها تخرج من هذه الاصناف. وهل العلة انها قوت في ذلك الوقت فيجوز اخراج كل حب يقتات من ارز ودرة ونحوها بحسب او انه لا يجزئ غير هذه الخمسة. فيه خلاف. وقوله فلما جاء معاذ هوية وجاءت السمراء اي البر. لانه كثر في المدينة في ذلك الزمن. وكان على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قليلا جدا. وكان معاوية رضي الله عنه في ذلك الوقت له الولاية. فامر الناس ان يخرجوا من البر نصف صاع صاع من غيره. فتبعه جمهور الناس. وبعضهم لم يتابعه كابي سعيد ومذهب الامام احمد كمذهب ابي سعيد في صدقة الفطر خاصة. واما سائر الكفارات فمذهبه فيها ان نصف صاع من البر عن صاع من غيره ومذهب شيخ الاسلام كمذهب معاوية. وعلى كل فالاحتياط اولى. ونصرفها مصرف لكن الاولى دفعها للفقراء. لانها قليلة لا يستشرف لها كغيرها من ازيك يا كتاب الصيام. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته كتاب الصيام هو في اللغة الامساك حتى عن الكلام. كما في قوله تعالى في مريم فاما ترين من البشر احدا فقولي اي قولي لهم بالاشارة الصوم هنا السكوت عن الكلام. وكان في شريعتهم مشروعا. واما في شريعتنا فليس مجرد السكوت مشروعا. ولا كذلك يشرع لمن رأى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم السكوت الى وقت معين. واما ما دار على السنة العوام من ذلك فليس بشيء بل من خرافاتهم. وفي الشرع الصيام هو الامساك عن اشياء مخصوصة وهي المفطرات من الاكل والشرب والجماع وتوابعها في وقت مخصوص. وهو من طلوع الفجر الصادق الى غروب الشمس. وصوم رمضان ركن من اركان الاسلام بالاجماع من تركه تهاونا فهو كافر. او مقارب للكفر. السادس والسبعون والمئة الحديث الاول عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين الا رجلا كان يصوم صوما فليصمه. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابي هريرة لا تقدموا انا بصوم يوم ولا يومين. الى اخره. فيه كراهة تقدمه بصوم يوم او يومين الا لمن كان له عادة صيام. وسبب الكراهة ان الشارع شرعي التفريق بين العبادات وبين الفرض والنفل. ولهذا حرم صيام يوم العيد. فكان كان صيام اول يوم يلي رمضان من شوال حرام. ويكره صيام يوم او يومين قبل رمضان من شعبان وحتى انه قال بعضهم او ثلاثة او اربعة. وقوله الا رجلان من كان يصوم صوما فليصمه. يحتمل ان المراد بذلك من كان عليه صوم واحد فيصومه قبل رمضان. ويحتمل ان المراد من كان له عادة صيام يوم مستحب كمن يصوم يوم الاثنين والخميس. فوافق ذلك. او من كان له عادة يصوم صوموا يوما ويفطروا يوما. فلا بأس ان يصوم على عادته. السابع والسبعون والمئة الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول اذا رأيتموه فصوموا. واذا رأيتموه فافطروا فان غم عليكم فاقدروا له. رواه البخاري ومسلم. قال شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عمر اذا رأيتموه واذا رأيتموه فافطروا. الى اخره. فيه وجوب الصيام برؤية الهلال والفطر برؤيته. والاحوال ثلاثة اجمعوا على اثنتين واختلفوا في حالة واحدة فاجمعوا على انه يجب الصيام اذا ثبت برؤية. واختلفوا متى يثبت بالرؤية ومذهب احمد انه يثبت دخوله برؤية عدل ولو انثى. واما هلال غيره وخروجه فلا يثبت الا برؤية عدلين. الحالة الثانية اجمعوا على انه يجب الصيام اذا اكملوا عدة شعبان ثلاثين. لان الشهر لا تصوروا ان يزيد على ثلاثين. الحالة الثالثة اختلفوا فيها اختلافا طويلا عليه وهو اذا حال دون منظره ليلة الثلاثين من شعبان غيم او قتر حتى ان عن احمد رحمه الله فيها ست روايات. احداها يجب صومه الثانية يحرم صومه. الثالثة يستحب صومه. الرابعة يستحب فطره الخامسة يباح صومه وفطره. السادسة ان الناس تبع للامام. اي حكيم البلد ان صام صاموا وان افطر افطروا. وكلهم يستدلون بهذا الحديث. وهو قوله فان غم عليكم فاقدروا له. ومعنى اقدروا تضيق وسبب الخلاف هل التضييق يكون على شعبان او على رمضان ولكن الظاهر ان التضييق يكون على رمضان. فالفطر اولى بدليل حديث ابي هريرة فان غم عليكم فاكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما. فالفطر اولى ما لم يكن ثم سبب يرجح الصيام. فهو اولى لمراعاة القاعدة العامة. وهي انه قد يعلم للمفضول ما يصيره افضل من غيره. وذلك كما اذا كان ثم تأليف وكان الشيخ عبدالله ابا بطين يرى فطرة. ولما كان قاضيا في عنيزة كان يعمل برأيه فلما راح الى بريدة وكان قاضيا تلميذه الشيخ سليمان ابن مقبل. وكان يرى ذلك اليوم فتابعه الشيخ عبدالله ابا على رأيه. فقيل له في ذلك فقال قال الخلاف شر والاجتماع خير. وهذا كما وقع لابن مسعود مع عثمان فانه لما اتم عثمان الصلاة في منى صلى خلفه ابن مسعود وكان يقول ليت حظي من اربع ركعات ركعتان متقبلتان. فقيل له لم لا تنفرد وتقصر فقال لا الخلاف شر. او كما قال. ولهذا قال تعالى قال واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فالعلماء رحمهم الله يراعون المصالح ويقدمون الراجح منها الثامن والسبعون والمئة. الحديث الثالث عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. تسحروا ان في السحور بركة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث انس تسحروا فان في السحور بركة. فيه استحباب السحور. وسبب بركته انه طاعة لله واتباع لرسوله هو من اكبر المعينات على الصيام والقيام وصلاة الفجر كما هو مشاهد. ومن انه اذا نوى به الانسان التقوي على الطاعة كان عبادة خيره من العبادات. وله خاصة لا توجد في غيره من الاكل والشرب وحقيقة السحور هو الاكل والشرب في وقت السحر. التاسع والسبعون والمئة الحديث الرابع عن انس ابن مالك رضي الله عنه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه انه قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم قام الى الصلاة. قال انس قلت لزيد. كم كان بين الاذان سحور قال قدر خمسين اية. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث انس عن زيد ابن ثابت انه قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم قام الى الصلاة الى اخره. فيه استحباب تأخير السحور وهذا هو المشروع. واما ما ما يفعله كثير من الناس اليوم من تقديم السحور جدا فهذا بدعة. ومن سبب هذه بدعة جعلوا للزوم وقتا. ولطلوع الفجر وقتا. والله تعالى ورسوله غيا فذلك بتبين الصبح. فقال تعالى وكلوا واشربوا حتى تبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر. فلم يقل حتى يبقى على طلوع الفجر قدر ربع ساعة. او جزء معين كما زعموا ومرادهم في هذا الاحتياط. ولكن غلطوا في ذلك. وشرعوا ما لم يأذن به الله فالاحتياط اتباع افعاله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وشرائعه. فلو انا هذا الامر خيرا لسبقونا اليه. والله تعالى وسع في الصيام وسهل ولهذا لم يقل حتى يطلع الفجر. بل قال حتى يتبين ان يتضح ويتيقن ولهذا لو اكل وشرب بناء على بقاء الليل ثم تبين انه قد طلع الفجر صح صوته ولو كان في نفس الامر قد اكل وشرب بعد طلوع الفجر. والعجب انهم يوسوسون الصيام ويشددون فيه. والشارع قد سهل فيه وسامح. ثم يصلون ولما يتحقق طلوع الفجر. والحال انه لا تصح الصلاة. حتى يتيقن طلوع الفجر تيقنا لا يدخله شك بوجه ما. حتى لو طلب الشهادة على طلوعه لشهد ولكن ما ترك الناس سنة الا اعتادوا عنها بدعة. فانهم ايضا يؤذنون قبل طلوع الفجر وهذا لا يجزئ الا اذا وجد من يؤذن بعد طلوع الفجر. ثم بعد ذلك يحتاج الى التنبيه على طلوع الفجر بغير الاذان. والعجب اقرار العلماء على ذلك. بل امره به حتى انهم جعلوا امساكية لرمضان. فيقولون الفجر على كذا واللزوم على كذا. والله تعالى يقول وكلوا واشربوا حتى فيتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر وهذا فعله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وامره. فهم ضاد الشرع فهو يحث على تأخير السحور. وهم يحثون على تقديمه. فافضل الصيام تأخير السحور الفطور. فكما ان من اخر الفطور الى ما بين العشائين او اعظم من ذلك مخالف للشرع. فكذلك من قدم السحور بين الاذانين. او اعظم مخالف للشرع وهذا تسهيل من الشارع. فالصيام لا يكلف من وفقه الله تعالى. ولهذا حث على السحور وتأخيره. فكأن الانسان قدم غداءه واخر عشاءه. فاذا تسحر معظم النهار او كله ونفسه لا تطلب شيئا. ولهذا اذا تمرن الانسان عليه لم يكلم حتى ان الناس في اخر رمضان لا يتكلفون منه. بل اذا طلع فقدوه لالفهم اياه. وقوله قال انس قلت لزيد كم كان بين الاذان والسحور. قال قدر خمسين اية. المراد بالاذان الاقامة. يؤيدها هذا الفاظ هذا الحديث. ففي لفظ كم كان بينهما وفي لفظ قال قتادة قلت يا انس كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة. قال قدر خمسين اية وهذا تأخير عظيم جدا. فان خمسين اية قدر ربع جزء بالقراءة المتوسطة الثمانون والمئة. الحديث الخامس. عن عائشة وامي سلمة رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من اهله. ثم يغتسل ويصوم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة عائشة وامي سلمة كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يدركه الفجر وهو من اهله. ثم يغتسل ويصوم. ففيه انه لا بأس بالصيام وعليه غسل ثم يغتسل بعد طلوع الفجر. فلا خلاف في ذلك اذا كان سببه احتلام واما اذا كان بالقصد فكان فيه خلاف بين الصحابة. لكن بعد ذلك اتفقوا على ان انه لا بأس بذلك. ولا يوجد فيه الا خلاف شاذ. والحديث صريح في انه لا بأس بذلك. وقد استنبط بعضهم جوازه من القرآن. وذلك لانه قال ان ما سعى. فليس فيه دلالة على ان الانسان اذا عمل ونواه لغيره انه لا يصل اليه. والاية دلت على ان الانسان له سعيه. ولا كل نفس الا عليها. ولكن هذا في الاصل وعدم النية انه للغير فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم. وكونوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر. فغيا هذه الثلاثة التي هي اصول المفطرات. الى ان يتبين طلوع الفجر. ومن لوازم ذلك ان يطلع الفجر وعليه غسل. وقوله وابتغوا ما كتب الله لكم. قيل من الولد وقيل لا تلهينكم هذه الشهوات عن تحري ليلة القدر. ولا مانع من ان الاية عامة لهذا وهذا وغيرهما من خير الدنيا والاخرة. وقولها في الحديث يدركه الى اخره. اي في بعض الاحيان وليس عادة لازمة له. ولكن او لا تركه الا لحاجة. كخوف برد ونحوه. الحاء والثمانون والمئة. الحديث السادس عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال من نسي وهو صائم فاكل او شرب فليتم صومه. فانما اطعمه الله وسقاه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة من نسي وهو صائم فاكل الى اخره. فيه التوسعة العظيمة في فان من اعظم المفطرات الاكل والشرب. ومع هذا عفي عن الناس في ذلك وهذه قاعدة. ان فعل المحظور في العبادة على وجه النسيان لا يخل بها والصحيح انه عام لجميع العبادات. لا يستثنى منه شيء فمن اكل او شرب او فعل اي مفطر ناسيا صح صومه ومضى فيه. ومن في الصلاة ناسيا صحت صلاته. ومثل النسيان الجهل والخطأ. ولهذا ما ورد عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال عفي لامتي عن والنسيان وما استكرهوا عليه. وورد ان الله تعالى قال عند كل جملة من الدعاء في اخر سورة البقرة. قد فعلت. فاذا قال ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا قال الله قد فعلت. او اخطأنا قال الله قد فعلت. ربنا ولا علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا. قال الله قد فعلت. ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به. قال الله قد فعلت واعف عنا واغفر لنا وارحمنا قال الله قد فعلت انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. قال الله قد فعلت تنبيه فعل المحظور في جميع العبادات على وجه النسيان او الجهل او الخطأ لا يبطل العبادة. واما المأمور فانه لا يسقط بالنسيان ولا غيره وفرق بينهما. فان المأمور لا يخرج من العهدة الا بفعله. فمن من ترك الصلاة ناسيا لم تسقط عنه. وكذلك ترك شيء من اركانها. وكذلك غيرها ومن العبادات. ولهذا قال الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم فلا يعذر الانسان الا اذا فعل ما امر به على قدر الاستطاعة. والله اعلم الثاني والثمانون والمئة. الحديث السابع عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. اذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت قال ما لك؟ قال وقعت على امرأتي وانا صائم. وفي رواية اصبت اهلي في رمضان. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم هل تجد رقبة تعتقها؟ قال لا. قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين قال لا. قال فهل تجد اطعام ستين مسكينا؟ قال لا قال فمكث النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فبينما نحن على ذلك اذ اوتي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعرق فيه تمر. والعرب قال اين السائل؟ قال انا. قال خذ هذا فتصدق به فقال الرجل اعلى افقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها يريد الحرتين اهل بيت افقر من اهل بيتي. فضحك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى بدت انيابه. ثم قال اطعمه اهلك. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي هريرة بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اذ جاءه رجل قال يا رسول الله هلكت. والمراد بهذا الهلاك المعنوي الديني فان الهلاك يطلق على الهلاك الذي هو الموت ضد الحياة الحسية. ويطلق على فعل من المحرم الموجب للاثم المهلك. قال ما لك اي ما اهلكك؟ واي شيء اصابك قال وقعت على امرأتي وانا صائم. وفي رواية اصبت اهلي في رمضان فلما علم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه جاء تائبا نادما طالبا ما يزيل عنهما وقع فيه ارشده صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك فقال هل تجد رقبة تعتقها؟ قال لا. وفي رواية انه ضرب على عنقه وقال والله يا رسول الله لا املك غير هذه قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا. وفي رواية وهل اصابني ما اصابني الا من الصيام؟ اي انه لا يملك نفسه. ولهذا لم يملكها في صيام شهر واحد. حتى وقع فيما وقع فيه. فكيف بشهرين مع طول هجرة قال فهل تجد اطعام ستين مسكينا؟ قال لا. ففيه انه يجب بالوطء في نهار رمضان هذه الكفارة. وهي ككفارة الظهار على الترتيب فمن قدر على العتق لا يعدل الى الصيام. ومن استطاع الصيام لا يعدل الى الاطعام وغير الوطأ من المفطرات لا يجب به كفارة. وكذلك الوطء في صيام غير رمضان في سفيه كفارة. لان الكفارة لحرمة زمان رمضان. وكذلك قضاؤه ليس في الوطئ فيه كفارة. لكن يأثم في الوطء في الصيام الفرظ دون النفل. وفيه ان ان الوطأ في نهار رمضان فيه الاثم العظيم. لان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اقره على قوله هلكت. وقوله فمكث النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. فبينما نحن على ذلك اتي النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم بعرق فيه تمر. والعرق المكتل. وهو الزنبيل والزبيل كل هذه لغات فيه. قال اين السائل اي عما يجب عليه بسبب فعله ذلك. فقال انا قال خذ هذا فتصدق به اي كفارة عنك. فلما رأى ذلك طمع فقال اعلى افقر مني يا الله والله ما بين لابتيها يريد الحرتين. اهل بيت افقر من اهل بيتي والحرة الارض الصلبة تركبها حجارة سود. اي يريد انهم احوج الناس بهذه الكفارة فضحك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى بدت انيابه اي لان هذه حالة غريبة تضحك. لانه جاء هالكا خائفا ثم بعد ذلك طمع. ولهذا لما رجع الى قومه وكانوا قد خوفوه عاقبة فعله قال وجدت عندكم الضيق وعند رسول الله السعة. والضحك في محله محمود دليل على حسن الخلق ولين الجانب. كما انه في غير محله دليل على قلة العقل فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اطعمه اهلك. ففيه ان الانسان اذا عجز عن الكفارة وكفر عنه غيره انها تجزئه. ويجوز دفعها اليه ايضا. وليس في فيه دليل على ان من عجز عن الكفارة انها تسقط عنه. لان هذا كفر عنه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. والكفارة كغيرها من الديون لا تسقط بالعجز الا باسقاط رب الدين. وفي هذا حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم حيث لم يعنفه. لانه جاء تائبا. وفيه ان الانسان اذا فعل ذنبا ينبغي له المبادرة بفعل ما يذهب اثم ذلك. من استغفار وتوبة وكفارة ونحو ذلك. ولهذا قال تعالى والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب وفيه اشارة الى ان الاطعام يجوز ولو او لم يعط كل مسكين مد بر. او نصف صاع من غيره. فاذا اشبع ستين مسكين من اجزاءه. باب الصوم في السفر. الثالث والثمانون والمئة الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها ان حمزة ابن عمر قال للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اصوم في السفر وكان كثير الصيام. قال ان شئت فصم. وان شئت فافطر. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب الصوم في السفر. قول في حديث عائشة ان حمزة بن عمرو الاسلمي قال للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصوم في السفر وكان كثير الصيام الى اخره فيه جواز الصيام في السفر. وفيه خلاف شاذ لبعض الظاهرية انه لا يجوز ولكن ثبت جوازه بفعل الرسول وقوله وتقريره. ففي هذا الحديث ترخيصه حمزة بن عمرو بالصيام وعدمه. وقولها كثير الصيام يحتمل انه له لانه كثير الصيام. فيدل على رغبته في الخير. ويحتمل انه يعني لكثرة صيامه لا يشق عليه الصيام في السفر. ويحتمل ارادة المعنى الرابع والثمانون والمئة. الحديث الثاني عن انس ابن مالك رضي الله عنه انه قال كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فمنا الصائم ومنا المفطر. فلم يعد الصائم على المفطر. ولا المفطر على الصائم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث انس كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فمنا الصائم ومنا المفطر. فلم يعب الصائم المفطر ولا المفطر على الصائم. فيه جواز الصيام في السفر. لاقرار النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الصحابة على ذلك. وفيه انه ولا يعاب على من اخذ بالجواز فصام. ولا من اخذ بالرخصة فافطر. ولكن اذا كان في الصيام في السفر مشقة على الانسان. فانه يستحب له الفطر والاخذ بالرخصة بل ربما وجب اذا كان في الصيام سبب بالالقاء باليد الى التهلكة. فالله يحب ان ان تؤتى رخصه. واما ما يفعله كثير من الجهال في تحمل المشاق. ويظن هنا ان ذلك من العبادة فمن جهلهم. كمن يشق عليه الوضوء بالماء لمرض ونحوه ثم يتحمله ويظن انه يؤجر على ذلك. فان الله تعالى لم يشر ضع الشرائع ليحرج عباده. ولكن ليتم نعمته عليهم. كما قال تعالى ما ذكر الوضوء والتيمم ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون. واما المشقة اليسيرة فلا بد من ولكن المراد بذلك المضرة. واذا كان الانسان لا يشق عليه الصيام وفي السفر بل ربما كان اسهل عليه من القضاء. لانه اذا كان يقضي وحده شق عليه ولهذا شرع الله الاجتماع في العبادات المكانية والزمانية لتسهل عليهم ولمصالح عظيمة ايضا. فهذا يجوز له الصيام. ولو قيل استحبابه فلا مانع. واختلفوا في مسألتين. اذا سافر في اثناء يوم من رمضان انا وهو صائم هل يجوز له الفطر ام لا؟ الثانية اذا علم انه يقدم في اثناء يوم من رمضان. هل يلزمه ابتداء صيام ذلك اليوم؟ ام لا يلزمه حتى يقدم. ففيهما عن احمد ثلاث روايات. رواية انه يلزم اتمام صوم اليوم الذي سافر فيه. ويلزمه ابتداء صوم اليوم الذي يعلم انه يقدم فيه. الرواية الثانية. التفريق بينهما. فلا يلزم اتمام صوم اليوم الذي سافر فيه. ويلزمه ابتداء صيام اليوم الذي يعلم انه يقدم فيه. الرواية الثالثة. وهي الصحيحة. ان الحكم يدور مع علته فاذا سافر في اثناء يوم وهو صائم فيجوز له الفطر اذا فارق البنيان ولو كان يراه اذا عد مسافرا. واذا علم انه سيقدم في اثناء يوم لم يلزمه الصيام. فاذا قدم وجب عليه الامساك لحرمة الزمان والقضاء الخامس والثمانون والمئة. الحديث الثالث. عن ابي الدرداء رضي الله عنه انه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. في في شهر رمضان في حر شديد. حتى ان كان احدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم الا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وعبدالله بن رواحة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي الدرداء خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في شهر رمضان. في حر شديد الى اخره. فيه جواز الصيام في السفر حتى ولو شق. اذا لم يبلغ الالقاء باليد الى التهلكة. وهذا فعله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه صام وافطر. فدل على جواز الامرين. السادس والثمانون والمئة. الحديث الرابع عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه انه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في سفر. فرأى زحاما ورجل قد ظلل عليه فقال ما هذا؟ قالوا صائم. قال ليس من البر الصيام في السفر وفي لفظ لمسلم عليكم برخصة الله التي رخص لكم. رواه اهو البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث جابر كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه. فقال ما هذا؟ قالوا صاد الى اخره. فيه ان الصيام في السفر اذا بلغ هذه الحالة لا ينبغي وليس من البر. وفيه ان الصوم في السفر ليس برا يقصد. وفيه ان الرسول واصحابه لم يكن من عادتهم الترف والترفه. لا في الحضر ولا في السفر ويؤخذ من هذا ان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لما رأى الزحام والرجل قد غلل عليه استغرب ذلك وسأل عنه فلم يكن عادتهم رفه هو اتخاذ الاظلة كالشماسي ونحوها. واما ما وقع فيه الناس اليوم من ذلك فانما دخل عليهم من الاعاجم. وهم يظنون ان هذا مصلحة للجسم والحقيقة انه مضرة. فانهم تأخذ اجسامهم على الترف وتستنكر اقل ما تلاقي من شمس وخشونة ونحو ذلك. وكان من عادة العرب التجلي قيل لا يفطر الا الحاجم بالمص. لانه هو المعتاد في وقته صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولان العلة انه مع كثرة المص لا بد ان يصل شيء من اجزاء الدم الى حد والخشونة. ولهذا قال عمر اخشوشنوا واحتفوا وتمعددوا اي استعملوا الخشونة. وعدم الترف في الملابس والمآكل ونحو ذلك. واحتفوا اي لا لا تداوموا على لبس النعال. وتمعددوا اي اتبعوا سنة جدكم معد ابن عدنان وقوله في لفظ مسلم عليكم برخصة الله التي رخص لكم اتبعوها فان الله يحب ان تؤتى رخصه. كما يحب ان تؤتى عزائمه والله تعالى غني عن عباده. لم يشرع لهم الشرائع ليكلفهم وانما هو لمحض مصالحهم. وليتم نعمته عليهم. والا فهو غني عنهم. لا تضره معصية العاصين. ولا تنفعه طاعة الطائعين والله اعلم. السابع والثمانون والمئة. الحديث الخامس عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال كنا مع النبيين صلى الله عليه وعلى اله وسلم في السفر. فمنا الصائم ومنا المفطر قال فنزلنا منزلا في يوم حار. واكثرنا ظلا صاحب الكساء وفينا من يتقي الشمس بيده. قال فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الابنية وسقوا الركاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ذهب المفطرون اليوم بالاجر. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث انس كنا مع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر. قال فنزلنا منزلا في يوم حار. واكثر اكثرنا ظلا صاحب الكساء. اي انه ليس معهم ظل الا قليل. وغاية ما فيتظلل به اكثرهم ظلا. ان يجعل كساءه على عود او شجرة. او نحو ذلك ذلك ويستظل به. والا فبعضهم كما قال ومنا من يتقي الشمس بيده قال فسقط الصوام وقام المفطرون. فضربوا الابنية وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ذهب المفطرون اليوم الاجر كما تقدم. فيه جواز الصوم في السفر وعدمه. وفيه كما قدم انه لم يكن الترفه. ولهذا في هذا الحر الشديد وليس معهم الا الا ظل قليل. ولكن ما الجمع بين قوله؟ واكثرنا ظلا صاحب الكساء وبين قوله فضربوا الابنية. الى اخره. الظاهر ان المراد بالاول ظل الراكب اي انهم اذا ركبوا ليس معهم ظل. بل اكثرهم ظلا من يتقي الشمس بكسائه ومنهم من يتقيها بيده. وقوله فضربوا الابنية اي ظل النازل او ان جمهورهم واكثرهم ليس معهم ابنية الا لخواصهم. كرسول الله الله عليه وعلى اله وسلم. والاول احسن. وفيه ان خدمة والاهل ونحوهم في السفر والحضر فيها فضل عظيم. ولهذا كانوا اعظم اجرا من الصوام بسبب ما قاموا به من الاعمال. ولو كانوا مثلهم لم يقل ذهب المفطرون اليوم بالاجر. بل يقول كان المفطرون كالصوام في الاجر. ونحو ذلك لكن يفهم من قوله انهم ذهبوا به انهم كانوا اعظم. وفي في بعض الروايات واحتطبوا وعملوا الاعمال كلها. الثامن والثمانون الحديث السادس عن عائشة رضي الله عنها انها قالت كان يكون علي الصوم من رمضان فما استطيع ان اقضي الا في شعبان. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث عائشة كان يكون علي الصوم من رمضان فما استطيع ان اقضي الا في شعبان فيه جواز تأخير قضاء رمضان ما لم يضق الوقت. ولكن لا ينبغي ذلك الا لعذر ولهذا في بعض الروايات لمكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لانها كانت احب نسائه اليه. فان اخر الى رمضان اخر لغير عذر لم يجز. وكان عليه مع القضاء اطعام. لكل يوم مد. بسبب تأخير ومع ذلك فتعجيله اولى وافضل. التاسع والثمانون والمئة الحديث السابع عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال من مات وعليه صوم يصوم عنه وليه. رواه البخاري ومسلم. واخرجه ابو داوود وقال هذا في النذر. وهو قول واحمد بن حنبل رواه ابو داوود. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة من مات وعليه صوم يصوم عنه وليه. الى اخره. المراد بالولي الوارث. وهذا لفظ الصحيحين بالاطلاق. ولكن يقول المؤلف ورواه ابو داوود وقال هذا في النذر وهو قول احمد بن حنبل اي ان الواجب باصل الشرع من الاعمال البدنية المحضة. كالصيام والصلاة لا يقضى عمن وجب عليه اذا مات. والائمة الثلاثة يقولون لا يقضى عنهم مطلقا سواء كان نذرا او واجبا باصل الشرع. ولكن الحديث ليس له ما يعارضه واما استدلال بعضهم بقوله تعالى ولهذا اجمعوا على جواز اهداء الحج والنيابة فيه. واهداء الصدقة والدعاء واختلفوا في اهداء غير هذه الثلاث من القربات الى الغير. هل يصل ام لا؟ اوسع المذاق في ذلك مذهب الامام احمد. فانه يقول بجوازه. فقال الفقهاء على وكل قربة فعلها وجعل ثوابها لمسلم ميت او حي نفعه ذلك وسواء نوى ذلك قبل الشروع في العمل. او بعدما فرغ منه اهداه لغيره. وسوى نطق بذلك او نوى بقلبه فقط. ولكن النطق اكمل. والائمة الثلاثة يقولون لا يصل ذلك. ولهذا لا يجوزون حتى قضاء النذور عمن مات وقد لزمه نذر من صيام او صلاة ونحوهما. واما الامام احمد فانه يجوز قضاء النذر عمن مات وعليه شيء من ذلك. واما الواجب باصل الشر شرع فعند الائمة الاربعة حتى احمد ان الواجب باصل الشرع من الاعمال البدنية لحظة كالصيام والصلاة انه لا يقضى عن من مات وعليه ذلك. وقال شيخ الاسلام قدس الله روحه. ان من مات وعليه دين سواء لله او للادميين. سواء كان واجبا باصل الشرع او قد اوجبه على نفسه كصلاة وصيام او ديون للادمي ان كل ذلك يقضى عنه. استدلالا بهذا الحديث وما بعده. والدين هو الواجب في الذمة سواء لله او لادمي. وقول شيخ الاسلام في هذا هو الصحيح فيخرج من تركة الميت. واختلفوا فيما اذا كان عليه ديون لله او للادميين بايها يبدأ اذا كان المال لا يسعها. فقيل يبدأ بديون الله لقوله فيما يأتي فدين الله احق. وقيل يبدأ بديون الادميين. لان الله غني وهو اقرب الى العفو. وحقوق الادميين مبناها على المشاحة. وقيل انه واذا كان دين الادمي برهن فانه يبدأ به. واذا لم يكن فانه يقضى بالمحاص كما اذا ضاق عن ديون الادميين المحضة. والله اعلم التسعون والمئة الحديث الثامن عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال يا رسول الله ان امي ماتت وعليها صوم شهر. افأقضيه عنها؟ قال لو كان على امك دين اكنت قاضيه؟ قال نعم. قال فدين الله احق ان يقضى وفي رواية جاءت امرأة الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت يا رسول الله ان امي ماتت وعليها صوم نذر افأصوم عنها؟ قال ارأيت لو كان على امك دين فقضيتيه. اكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت نعم قال فصومي عن امك. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليق اخواته وقوله في حديث ابن عباس ان رجلا جاء الى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله ان امي ماتت وعليها صوم شهر. وفي الرواية اية اخرى صوم نذر الى اخره. هذا صريح في انه يصح قضاء صيام من نذر خلافا للائمة الثلاثة. فيجب اخراجه من تركته قبل الوصايا فان لم يكن له تركة استحب لوليه التبرع له بقضائه عنه بنفسه او يجعل لمن يقضيه. وان تبرع به غير وارثه صح وابرأ الذمة المتبرع اجر. لانه قضى عن غيره واجبا. الحادي والتسعون والمئة الحديث التاسع عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث سهل ابن سعد رضي الله عنه لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. فيه استحباب واستحباب تعجيله. وفيه ان الخير كله بلزوم الشرع. فان الله الله تعالى شرع للخلق ما فيه مصالح الدين والدنيا. فان اضاع الناس من الشرائع شيئا فاتهم من الخير بقدر ما اضاعوه. وفي رواية في غير الصحيح لكنها ثابتة واخروا السحور. ففيه استحباب السحور. واستحباب تأخيره كما تقدم وهذا فيه مصالح دينية ومصالح دنيوية. ففيه الاعانة على الصيام وفيه حفظ البدن. ولهذا كما شرع السحور لانه قوام البدن. نهي في الصيام عن اخراج ما يضره. واذا تعمد ذلك افطر به. فثبت انه يفطر اذا لا تعمد القيء واخرجه. واما اذا ذرعه القيء فلا يفطر بذلك. وثبت ايضا في الطرق اخراج الدم بحجامة او فصد وغير ذلك. لان بقاءه فيه قوام البدن فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم افطر الحاجم والمحجوم واختلف في الحاجم. فقيل يفطر مطلقا. سواء كان يحجم بمص او بنار. وقيل القه وهو الصحيح. لان العلة في الذي يحجم بالمص خاصة الثاني والتسعون والمئة. الحديث العاشر. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه يقال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا اقبل الليل منها هنا وادبر النهار منها هنا. فقد افطر الصائم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عمر رضي الله عنه اذا اقبل الليل منها هنا اي من جهة المشرق. وادبر النهار النار منها هنا. اي من جهة المغرب. يعني وغربت الشمس. كما في رواية غير الصحيح فقد افطر الصائم. اي انه شرع له الفطر. وافطر حكما فلا يؤجر بتأخيره. بل بتعجيله اذا تيقن الغروب كما تقدم الثالث والتسعون والمئة. الحديث الحادي عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الوصال. قالوا انك واصل قال اني لست مثلكم. اني اطعم واسقى. رواه البخاري ومسلم رواه ابو هريرة في البخاري ومسلم وعائشة في البخاري ومسلم وانس ابن مالك في البخاري ومسلم رضي الله عنهم. ولمسلم عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه فايكم اراد ان يواصل فليواصل الى السحر. رواه البخاري ولم يخرجه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الوصال الى اخره فيه النهي عن الوصال. لانه يضعف القوة. ولان الليل ليس محلا ان الصيام والوصال هو الا يفطر ولا يتسحر. ويصل اليومين والثلاثة جميعا وكان العرب في الزمان الاول يستطيعون ذلك. فان تضمن الوصال ترك الفطور والسحور ولم يضره كره كراهة شديدة. وان كان يضره حرم. وان تضمن ترك الفطور فقط جاز. ولهذا قال في حديث ابي سعيد فايكم اراد ان يواصل يواصل الى السحر. والاكمل عدم الامرين. بان يقدم الفطور ويؤخر السحور في هذا ورد الفطر ولو لم يجد الانسان الا لحاء الشجر. وقوله في حديث ابن عمر اني لست مثلكم. اني اطعم واسقى. ليس المراد بذلك الطعام والشراب الحسي كما قال بعضهم طعام وشراب حسي لا يبطل الصيام. بل المراد بذلك المثل معنوي اي لما يحصل له من اجماعيته على الله. وتلذذه بطاعته ومناجاته فانه كما هو مشاهد. اذا حصل للانسان شيء يفرحه حتى من الامور الدنيا قوية ذهل ونسي الطعام والشراب. فكيف بما يحصل له صلى الله عليه وعلى اله وسلم من لذة المناجاة والاقبال على الله تعالى. باب للصيام وغيره. الرابع والتسعون والمئة. الحديث الاول. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما انه قال اخبر رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم اني اقول والله لاصومن النهار. ولا الليل ما عشت. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم انت الذي قلت ذلك. فقلت قد قلته بابي انت وامي يا رسول الله الله قال انك لا تستطيع ذلك. فصم وافطر ونم وقم. وصم من شهر ثلاثة ايام. فان الحسنة بعشر امثالها. وذلك مثل صيام الدهر قلت فاني اطيق افضل من ذلك. قال فصم يوما وافطر يومين. قلت اطيق افضل من ذلك. قال فصم يوما وافطر يوما. فذلك صيام داوود وهو افضل الصيام. قلت اني اطيق افضل من ذلك. فقال لا افضل منه ذلك وفي رواية قال لا صوم فوق صوم اخي داود شطر الدهر. صم يوم وافطر يوما. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليم باب افضل الصيام وغيره. قوله في حديث عبدالله ابن عمرو بن العاص عاصي رضي الله عنهما اخبر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اني اقول والله لاصومن النهار. ولا اقومن الليل ما عشت. الى اخره وذلك لانه رضي الله عنه كان قويا على العبادة مجتهدا رأى من نفسه النشاط والقوة. فاقسم على نفسه هذا القسم. ولكن اعلم بمصالح العباد. ولهذا قال انك لا تستطيع ذلك فصم وافطر ونم وقم. وصم من الشهر ثلاثة ايام. فان الحسنة بعشر امثالها فيها وذلك مثل صيام الدهر. فان الشرع فيه مصالح العباد الدينية والدنيوية فان الانسان سريع الملل. واحسن الاعمال ما كان ديمة كعادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قوله فقلت اني افضل من ذلك. قال فصم يوما وافطر يومين. فامره اولا بصيام عشر الدهر فلما رأى منه النشاط والقوة امره بصيام ثلث الدهر. والثلث كثير فقال اني اطيق افضل من ذلك. قال فصم يوما وافطر يوما. فذلك صيام داوود وهو افضل الصيام. قلت اني اطيق افضل من ذلك. قال لا افضل من ذلك وفي رواية لا صوم فوق صوم داوود. شطر الدهر. صم يوما وافطر يوما فهذا نص صريح في ان صوم داوود افضل الصيام على الاطلاق. لمن قدر عليه فهو افضل حتى من صيام الدهر كله. وهو صلى الله عليه وعلى اله وسلم اولا امره بما يقدر عليه اكثر الناس وفيه فضل عظيم. لان الحسنة عشر امثالها. فيعدل ذلك صيام الدهر. كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلما رأى اجتهاده نقله الى الافضل فالافضل. فكل يؤمر بما يناسب حالة. ومع ذلك فانه رضي الله عنه ندم في اخر عمره وقال ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولكن انه مع ذلك قام بما التزم من صوم يوم وفطر يوم. الخامس التسعون والمئة الحديث الثاني عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان احب الصيام الى الله صيام داوود. واحب الصلاة الى الله صلاة داوود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يوما ويفطر يوما. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عبد الله ابن عمرو ابن العاص ان احب الصيام الى الله صيام داوود. واحب الصلاة الى الله صلاة داوود كان ينام نصف الليل. ويقوم ثلثه وينام سدسه. الى اخره هذا نص في ان افضل الصيام صيام داوود. وان افضل الصلاة صلاة داوود ذلك انه يعطي نفسه حظها من النوم. فاذا ذهب نصف الليل وكان وقت النزول فصلى ثلث الليل ثم ينام سدسه لتكسب النفس راحة بعد القيام. وليقوم الى صلاة الفجر بنشاط. فيحصل له خير الدنيا الاخرة. وهذا افضل القيام على الاطلاق. ولا ينافي ذلك فعله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان قيامه كما قال تعالى باك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه. فان هذا خاص به صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولهذا امره الله تعالى بذلك في قوله. بسم نصفه او او زد عليه وهو امر امته بمثل قيام داوود وباجماع الاصوليين انه اذا تعارض قوله وفعله فيقال قدموا وهو اعلم بمصالحهم قوله. ويكون فعله خاصا به. فقيام داوود افضل حتى من قيام الليل كله. لما احتوى عليه من المصالح. وما يذكر بعض الصالحين من الاجتهاد في القيام فهذا اجتهاد منهم. وبالاجماع ان اتباع ما امر به الرسول اولى من الاقتداء بالصالحين. تنبيه لا ينبغي ينبغي للانسان ان يترك قيام شيء من الليل ولو قليلا. فان الله تعالى وهو الغني الكريم ينزل في جوف الليل فيستعرض حوائج عباده بنفسه فيقول قل من يدعوني فاستجيب له. من يسألني فاعطيه. من يستغفرني فاغفر له فينبغي للانسان الا يفوت هذا الموسم العظيم من مواسم الاخرة وفي الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم. يسأل الله تعالى حاجة الا اعطاه اياها. والحديث صريح ايضا في ان صيام داوود افضل حتى من صيام الدهر كله. ومحل ذلك لمن قدر على وكان لا يشغله عما هو اهم. ولهذا في بعض الروايات وكان لا يفر اذا لاقا. اي ان صيامه لم يضعفه عن القيام بالامور الواجبة واجباتي كالجهاد. السادس والتسعون والمئة. الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال اوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بثلاث. صيام ثلاثة ايام من كل شهر وركعتي الضحى وان اوتر قبل ان انام. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة اوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الخلة هي اعلى انواع المحبة. ولهذا هو صلى الله عليه وعلى آله وسلم تبرأ من ان يتخذ من الخلق خليلا. واخبر ان الله اتخذ هذا هو خليلا. كما اتخذ ابراهيم خليلا وقال لو كنت متخذا غير ربي خليلا لاتخذت ابا بكر خليلا. او كما قال ادنى انواع المحبة العلقة. واعلاها الخلة. ولهذا معناها شدة المحبة فهي متخللة لجميع اجزاء كما قيل. قد تخلت فلت مسلك الروح مني وبذا سمي الخليل خليلا. فالامة يتخذها خليلا. وهو لم يتخذ من الخلق خليلا كما تقدم. وقول بثلاث. والوصية له وصية لجميع الامة كجميع النصوص الاولى ذكرها بقوله صيام ثلاثة ايام من كل شهر وذلك كما تقدم يعدل صيام الدهر. ويستحب ان تكون الايام البيض في هذا ورد اذا صمت من الشهر ثلاثة ايام. فصم ثلاث عشرة واربع عشرة وخمس عشرة. وذكر بعض العلماء من الحكم في تخصيص البيض حكمة طبية وهي انه بسبب زيادة نور القمر تكثر الرطوبات. فاستحب تخفيفها بالصيام. ويحصل الفضل بصيامها من اول الشهر واوسطه واخره لكن الافضل كونها في البيض. الثانية. قال وركعتي ومحلهما من ارتفاع الشمس قيد رمح الى قبيل الزوال فيهما هل يستحب المداومة عليهما. ام يستحب الاغباب بهما وفصل بعضهم فقال يستحب الاغباب بهما لمن له ورد بالليل لا يجعلهما كالسنن بالمداومة عليهما. واما من ليس له ورد الليل فيستحب له المداومة عليهما. لانه بتركها يجمع بين تركها بالليل والنهار. واحتج لهذا بانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اوصى بهما ابا هريرة. لانه لم يكن له ورد بالليل لا ولا شك بفضلهما. وقد تكاثرت الاحاديث في فضلهما كقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يصبح على كل سلامى من الناس صدقة. اي على كل مفصل. فلما تكاثروا ذلك قال لهم ان لكم بكل تسبيحة صدقة. وكل تهليلة صدقة. وكل حميدة صدقة وكل تكبيرة صدقة. وامر بالمعروف صدقة. ونهي عن علم المنكر صدقة. وبكل خطوة تخطوها الى المسجد صدقة. ثم ذكر وجوه الى ان قال ويجزي عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى. او كما قال الثالثة ذكرها بقوله وان اوتر قبل ان انام وهذا لمن لم يطمع بالقيام من اخر الليل. واوصاه بذلك لانه رضي الله عنه كان في اول الليل يدرس الاحاديث التي سمع من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم ينام. فلا يقوم الا لصلاة الفجر. ولهذا ورد ان الوتر في اخر الليل لمن طمع بالقيام افضل. ويستحب الوتر اول الليل في صورتين. احداهما من غلب على ظنه عدم القيام من اخره في الليل الثانية في قيام اول رمضان الافضل له متابعة امامه والوتر معه اول الليل. ويجوز ان يشفعه بركعة بعد صلاة الامام لكن الاولى ترك شفعه. فان قام من اخر الليل صلى صلاة مجردة بلا وتر. لانه كما ورد لا وتران في ليلة. السابع وتسعون والمئة. الحديث الرابع عن محمد بن عباد بن جعفر انه قال هل سألت جابر بن عبدالله انهى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن صوم الجمعة قال نعم. وزاد مسلم ورب الكعبة. رواه البخاري بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث محمد بن عباد بن جعفر انه قال سألت جابر بن عبدالله اه انا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن صوم يوم الجمعة قال نعم وزاد مسلم ورب الكعبة. الثامن والتسعون والمئة الحديث الخامس عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لا يصومن احدكم يوم الجمعة. الا ان يصوم يوما قبله او يوما بعده. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. ومثله قوله في حديث ابي هريرة لا يصومن احدكم يوم الجمعة. الا ان يصوم يوما قبله او يوما بعده ففيهما النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام. لانه قد يظن بعض الناس ان من فضله استحباب صيامه. فبين ان صيامه مكروه كما ان صوم عيد العام محرم فهو عيد الاسبوع. وامر بفطره لاجله تقوي على الطاعة وغير ذلك من الحكم. وتنتفي العلة اذا لم يخصص بان صام قبله يوما او بعده يوما. وكذلك اذا وافق صيامه كما اذا كان يصوم يوما ويفطر يوما. او دخل في صيام يصومه كبيض ونحو تحويها التاسع والتسعون والمئة. الحديث السادس عن ابي عبيد مولى ابن ازهر واسمه سعد بن عبيد انه قال شهدت العيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال هذان يومان نهى رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم عن صيامهما. يوم فطركم من صيامكم واليوم الاخر تأكلون فيه من نسككم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي عبيد مولى ابن الخامس والمائتان. الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يعتكف في العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ازهر شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال هذا يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن صيامهما. الى اخره. فيه تحريم صيام العيدين. ولا يباح صيامهما في كل حال لا في فرض ولا نفل. وذكر عمر الحكمة في وجوب فطرهما فقال يوم فطر كن من صيامكم اي يوم الفطر. لان الخلق اضياف الله تعالى. فيجب ان يفطروا ولانه يوم سرور وفرح. ولتكمير الواجب وهو رمضان واليوم الاخر تأكلون فيه من نسككم. اي الضحايا والهدايا تواترت الاحاديث بتحريم صيامهما. والصوم يمكن ان تدخله الاحكام الخمسة فيجب كصوم رمضان ويستحب كصيام البيض والاثنين والخميس ويكره كصيام المريض والمسافر الذي يشق عليهما الصيام. ويحرم كصيام العيد في دين وايام التشريق. لكن يستثنى من ايام التشريق حالة. فانه يجوز صيامها. وهي عندم المتعة والقران اذا عدم الهدي. فانه يجب عليه صيام ثلاثة ايام في الحج. فاذا لم يبق غيرها تعينت ولا يجوز صيامها في غير هذه الصورة حتى في قضاء رمضان. الفرق بينهما ان وقت قضاء رمضان واسع. وصيام ثلاثة الايام متعين. واما العيدان فتقدم لا يجوز صيامهما بكل حال. واما الصيام المباح فذكروا له صورتين وهما اذا خافت الحامل او المرضع على ولديهما فانه يباح لهما الفطر والصيام. ولكن يجب انقاذ النفس فهذا ليس مباحا بل يجب الفطر او يستحب. ومن صور الاباحة اذا صام في حال الحضر ثم سافر. فيباح له اتمام صومه والفطر. وكذلك المسافر الذي لا يشق عليه الصيام فيباح له الصيام والفطر المائتان الحديث السابع عن ابي سعيد الخضري رضي الله عنه انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن صوم يومين الفطر والنحر. وعن الصماء ان يحتبي الرجل في الثوب الواحد. وعن الصلاة بعد الصبح والعصر رواه البخاري ومسلم مختصرا. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليمه وقوله في حديث ابي سعيد الخدري نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن صوم يومين. الى اخره اي صوم يومين. وعن لبستين وعن صلاتين. كما ما ورد في بعض الروايات ففيه تحريم صيام العيدين. وقول وعن الصماء. اي اشتمال الرجل في الثوب الواحد. لانه انكشاف العورة. وقوله وان يحتبي الرجل في الثوب الواحد. اي بان يقعد القرفصاء ويحتبي بثوب واحد. يديره على ظهره ورجليه ويكون اسفله مفضيا الى الارض مكشوفا. فنهى عنه لانه ايضا يخشى منه انكشاف العورة. فاذا كانت هذه هي العلة كان كل ما خشي منه انكشاف العورة فانه منهي عنه وقوله الصلاة بعد الصبح والعصر. يحتمل انه بعد طلوع الصبح او بعد صلاة الصبح وتقدم في الصلاة نحوه. الواحد الحديث الثامن عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في وقوله في حديث ابي سعيد الخدري. من صام يوم في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا فيه فضل عظيم. لانه جمع بين عبادتين. الصيام والجهاد ومحل ذلك اذا لم يضعفه عن الجهاد. فان اضعفه عن الجهاد فتركه اولى لان الجهاد افضل منه. باب ليلة القدر قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب ليلة القدر قدر قيل سميت بذلك لان قدرها عند الله عظيم. وقيل ان قدر العبادة فيها عند الله عظيم. وقيل لانها تقدر فيها الاشياء كلها عام ولا مانع من ارادة هذه الاشياء كلها. فهي عظيمة مقدار ولهذا وصفها تعالى بانها سلام. وبان العبادة فيها خير من العبادة في الف شهر. الذي هو عمر طويل. فان الف شهر وثمانون سنة. ولهذا وصفها بانها مباركة. ووصفها بانزال القرآن فيها. اما معناه ابتدأ بانزاله فيها او كما قال ابن عباس انزل فيها الى السماء الدنيا الى بيت العزة جملة. ثم نزل متفرقا على حسب الوقائع. الثاني والمائتان الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رجالا من اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اروا ليلة القدر في في المنام في السبع الاواخر. فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ارى رؤياكم هذه قد تواطأت في السبع الاواخر. فمن كان انكم متحريها فليتحراها في السبع الاواخر. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر ان رجالا من اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اروا ليلة القدر في المنام في السبع الاواخر. الى اخره فيه ان الرؤيا حق. خصوصا اذا اتفقت رؤيا المؤمنين فانها صدق فلهذا قال الشيخ اذا اتفق رأي المسلمين ورؤياهم فهو حق. والرؤية يا ثلاثة اقسام. قسم حديث النفس. وقسم تخبط الشيطان وهذا اضغاث احلام. وقسم رؤيا حق. وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. انها جزء من ستة واربعين جزءا من نبوة وفيه ان ليلة القدر في رمضان وانها في العشر الاواخر منه وهي باقية لم ترفع يقينا. الثالث والمائتان. الحديث عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الاواخر رواه البخاري. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الاواخر هذا نص صريح في انها في العشر الاواخر. والحكمة في اخفاء فيها ظاهرة لاجل ان يجتهد الناس في طلبها. فيكثرون في العشر من عبادات. كما اخفيت ساعة الاجابة من الليل. وكذلك ساعة الاجابة من يوم الجمعة ويحق بليلة هذا فضلها ان يجتهد الانسان في طلبها ولهذا قال ابن الجوزي عند ذكرها في التبصرة. والله لا يغلو في طلبها عشرة لا والله ولا شهر. لا والله ولا دهر. وصدق رحمه الله فلو انفق الانسان عمره في طلبها لما قدرها حق قدرها. والله هو اعلم الرابع والمائتان الحديث الثالث عن ابي سعيد الخضري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يعتكف في العشر الاوسط من رمضان. فاعتكف عاما. حتى واذا كانت ليلة احدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من صبيحة من اعتكاف قال من اعتكف معي فليعتكف في العشر الاواخر. فقد اريتها هذه الليلة ثم انسيتها. وقد رأيتني اسجد في ماء وطين من صبيحتها فالتمسوها في العشر الاواخر. والتمسوها في كل وتر فمطرت السماء تلك الليلة. وكان المسجد على عريش فكفى المسجد فابصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وعلى جبهته اثر الماء والطين من صبح احدى وعشرين رواه البخاري. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وعلى واله وسلم كان يعتكف العشر الاوسط من رمضان. فاعتكف عاما حتى اذا كانت ليلة احدى وعشرين الى اخره. فيه انها في في العشر الاواخر. وكان صلى الله عليه وعلى اله وسلم قبل علمه لانها في العشر الاواخر يعتكف العشر الاوسط ظنا منه انها فيها واجتهد لطلبها. فلما علم انها في العشر الاواخر اعتكف فيها وفيه ان الاوتار اي احدى وعشرين وثلاثا وعشرين وخمسا وعشرين وسبعا وعشرين وتسعا وعشرين. اكد من الاشفاع وفيه قرينة لمن قال انها في احدى وعشرين. وقال الامام احمد جاها ليلة سبع وعشرين. واما قول من قال انها تتنقل فضعيف جدا من وجوه كثيرة. وفيه ان رؤيا الانبياء عليهم الصلاة والسلام حق وفيه انهم لم يزخرفوا المساجد. بل كان على عريش اي جريد نخل وهو المعروف بالمعشش. وعلى سطحه طين وعموده نبوع النخل. لانهم لم تتسع عليهم الدنيا. وفيه انهم ينبغي لمن شرع في عمل ان يتمه. باب الاعتكاف قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته باب الاعتكاف. وهو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى. وهو من افضل القرب. ولكن شرطه جدة فهو اخص من الصلاة. ولهذا قال تعالى ان طهر والعاكفين والركع السجود فقدم الاعتكاف على الصلاة مع انها افضل منه. لانه انتقل من الاخص الى ما هو اعم منه. الى ما هو اعم. فالطواف اخصها لانه لا يصح الا في المسجد الحرام خاصة. ثم الاعتكاف اخص من الصلاة لانه لا يصح الا في المسجد. والصلاة تصح في جميع الارض غير مواضع النهي وقوله في حديث عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان يعتكف في العشر الاواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل الى اخره. فيه فضل الاعتكاف وانه كان يداوم عليه حتى توفاه الله تعالى. فلم ينسخ حكمه. وكان اعتكافه طلبا لليلة القدر. وكان اذا فاته قضاه. فانه فاته في لعذر فقضاه في العشر الاواخر من شوال. لانه صلى الله عليه على آله وسلم كان عمله ديمة. وفيه انه كما هو مشروع للرجال فهو هو مشروع للنساء. لكن بشرط ان يؤمن من المحذور. لانه كل امر او نهي ورد فهو عام للرجال والنساء ما لم يرد مخصص. وكن اذا اعتكفنا ضربت لهن بيوت من شعر ونحوه في المسجد ليعتزلن فيها وقد اجمع العلماء على مشروعية الاعتكاف. وهو ثابت بالكتاب والسنة ففي الكتاب كقوله تعالى ولا تباشروهن وقد تكاثرت الاحاديث في ذلك وانه كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يداوم على فعله ترغب فيه ويحث عليه. ويصح بلا صوم لما يأتي. ويجب بالنذر كغيره من العبادات. لحديث من نذر ان يطيع الله فليطعه. وهو الائمة الثلاثة. خلافا للامام ابي حنيفة. فانه لا يوجب الا ما فوجب باصل الشرع. وقولها في اللفظ الاخر كان رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم يعتكف في كل رمضان. ليس المراد بذلك كل الشهر بل المراد انه يعتكف العشر الاواخر منه كل سنة فلم يتركه ابدا. وقولها فاذا صلى الغداة جاء مكانه الذي فيه انه يستحب ان يدخل معتكفه اذا صلى الغداة من ذلك اليوم الذي يريد اعتكافه. وفيه انه يتخذ موضعا من مسجدي يعتكف فيه كحجرة ونحوها. فانه ورد انه اتخذ حجرة من حصير وفيه انه ينبغي للمعتكف اعتزال الناس ان معنى الاعتكاف كما قال ابن رجب رحمه الله الاعتكاف هو قطع العلائق عن الله خنائق والاتصال بخدمة الخالق. السادس والمائتان الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها انها كانت ترجل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهي حائض. وهو معتكف في المسجد وهي في حجرتها يناولها رأسه. وفي رواية وكان لا يدخل البيت الا لحاجة الانسان. وفي رواية ان عائشة قالت ان كنت لادخل البيت للحاجة والمريض فيه. فما اسأل عنه الا رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في وقوله في حديث عائشة انها كانت ترجل رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهي حائض. وهو معتكف. الى اخره الترجيل هو تسريح الشعر وكده وغسله ومشطه. وفي الحديث عدة فوائد. منها انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يغذي رأسه. وكان يبقيه الى ان يصل الى شحمة الاذنين واحيانا يضرب على الكتفين. واحيانا ينزل قليلا كان يتعاهده بالغسل والتنظيف. وفيه ان اخراج بعض بدن وتكييف لا يضر ولا يقطع الاعتكاف. وفيه ان بدن الحائض طاهر وفيه ان مباشرة المرأة من غير شهوة لا تضر في الاعتكاف والصوم والحج وقوله في الرواية الاخرى وكان لا يدخل البيت الا لحاجة انسان اي البول ونحوه من الحوائج الضرورية. واما غير الضرورة فلا يخرج اليها كعيادة المريض وتشييع الجنازة الذي لم تتعين عليه. ونحو ذلك الا ان يستثني ذلك فهو له. وقولها ان كنت لادخل البيت للحاجة والمريض فيه فما اسأل عنه الا وانا مارة. فيه انه اذا خرج الحاجة فانه لا يمكث الا بقدرها. فلا يقف حتى ولا يسأل عن المريض الا وهو مار. ومثله اذا اعتكف في مسجد لا تقام فيه الجمعة ثم خرج للجمعة فلا يقف يسأل احدا عن شيء. لان خروج ابيح لهذه الحاجة فيتقدر بقدرها. السابع والمائتان الحديث الثالث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال قل قلت يا رسول الله اني كنت نذرت في الجاهلية ان اعتكف ليلة في رواية يوما في المسجد الحرام. قال فاوفي بنذرك. رواه البخاري ومسلم ولم يذكر بعض الرواة يوما ولا ليلة. قال الشيخ الله تعالى الموفين به في قوله يوفون بالنذر وهذا قول جمهور العلماء خلافا لابي حنيفة. فانه لا يوجب الا فما وجب باصل الشرع. ولكن الصواب الذي دل عليه الكتاب والسنة هو وجوب الوفاء به. واما اصل عقده فانه مكروه. ولهذا اود النذر لا يأتي بخير. وانما يستخرج به من البخيل ومنها وجوب الوفاء به. ولو كان اصل عقده في الجاهلية ان الاسلام يقرر حسن الحسن ويأمر به. ويقبح القبيح وينهى عنه ومنها فضل الاعتكاف. وانه من الطاعات الفاضلة خصوصا في العشر الاواخر من رمضان. ومنها ان الاعتكاف يصح بلا صلاة قوم لان في بعض الروايات ان اعتكف ليلة. والليل ليس محلا للصوم. ولكن على كل فهو مع الصوم اكمل وافضل ومنها انه اذا عين محلا فاضلا فلا يعتكف فيما دونه فاذا عين المسجد الحرام لم يجزئه الا به. واذا المسجد النبوي اجزأ فيه لانه المعين. وفي المسجد الحرام لانه افضل منه واذا عين المسجد الاقصى اجزأ فيه لانه المعين وفي المسجد الحرام والمسجد النبوي. لانهما افضل منه. وان اذا عين المسجد الذي تقام فيه الجمعة. لم يجزئه في مسجد لا تقام فيه ومنها ان الاعتكاف يصح حتى زمنا قليلا اذا سمي اعتكافا واقل ما ورد يوم او ليلة. والمشهور من المذهب انه يجزي ولو ساعة. ولهذا قالوا يسن لمن دخل المسجد ان ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه. والصحيح انه راجع الى العرف كيوم او نصف يوم. واما الشيء القليل جدا فلا يسمى اعتكافا الله اعلم. الثامن والمائتان. الحديث الرابع. عن صفية بنت رضي الله عنها انها قالت كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم معتكفا. فأتيته ازوره ليلا فحدثته. ثم قمت لانقلب فقام معي ليقلبني. وكان مسكنها في دار اسامة ابن زيد. فمر رجلان من الانصار. فلما رأى يا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اسرعا. فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم على رسلكما انها صفية بنت فقال سبحان الله يا رسول الله. فقال ان شيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم. واني خشيت ان يقذف في قلوبكما شرا او قال شيئا وفي رواية انها جاءت تزوره في في المسجد في العشر الاواخر من رمضان. فتحدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب. فقام النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم معها يقلبها. حتى اذا بلغت باب المسجد عند باب ام سلم ثم ذكره بمعناه رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث صفية رضي الله هو عنها كان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم معتكفا فاتيته ازوره ليلا. الى اخره. فيه فوائد عديدة. منها مشروعية الاعتكاف. ومنها ان المباشرة التي نهي عنها المعتكف هي التي تكون لشهوة. كما قال شيخ الاسلام كل مباشرة اضيفت الى النساء فهي التي لشهوة. واما مكالمة والمباشرة للمعتكف ونحوه من دون شهوة فلا بأس بها كما في هذا الحديث وحديث عائشة المتقدم. ومنها انه لا بأس اذا زاره بعض اصحابه او بعض اهله. ان يتحدث معهم ما لم يكن في ذلك مفسدة. وينبغي الا يسترسل في ذلك ويكثر منه ومنها حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم مع كل احد خصوصا مع اهله. ومن يتصل به. فانها لما قامت قلب اي لترجع الى مسكنها. قام معها ليقلبها. اي ليرجع معها ها الى باب المسجد. ففي هذا تواضعه وحسن خلقه هكذا ينبغي للانسان ان يحسن خلقه مع الناس كلهم. خصوصا مع اهله واولاده ومن يتصل به. لان هذا من البر. وهو قم اولى الناس ببره. ومنها انه ينبغي للانسان ان يجنب نفسه محاسن التهم وان يبعد عنها مهما امكن. لان من قرب فمن محال التهم اتهم. ومنها انه لو عرض له فعل شيء مصادفة لو رؤي في تلك الحال اتهم فينبغي له ان يزيل التهمة عن لانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما رأى الانصاريين اسرع قال على رسلكما فاخبرهما ان التي معه زوجته مع انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليس محلا للتهم بل هو ابعد الخلق عنها. ولهذا استغربا ذلك فقال سبحان الله اي كيف نظن بك ظن السوء؟ فاخبر تراه ما بالعلة في ذلك فقال ان الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم اي ان له مع مجاري خفية. لا يشعر بها الانسان وهي كمجاري الدم التي هي ادق المجاري. ولها اتصال في جميع جسد الانسان ولاهل العراق والمشرق ذات عرق. وهو واد بين جبال. وفي وسطه جبل صغير وسمي ذات عرق لاجله. وهو المسمى الان بالضريبة قد وقته عمر ولم يعلم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقته لان الدم جوهر البدن وبه قوامه. فالشيطان يجري مع تلك المجاري ولهذا كان من فوائد الصوم انه يضيق مجاري الدم التي يجري معها الشيطان. وورد عليكم بالصوم فان انه وجاء. وهو مع هذا يرى الانسان من حيث لا يراه. ولا يغفر اغفلوا عنه ابدا. فهو دائما يوسوس له. فلما كان بهذا فيه المثابة قال فخشيت ان يقذف في قلوبكما شيئا. اي من وساوسه او قال شرا اي فتهلكا. ومن الفوائد في هذا الحديث بيان كيد الشيطان. والتحذير من الاغترار في تسويله ووسوسه وقوله وكان مسكنها في بيت اسامة بن زيد كانت عادة اهل المدينة في ذلك الزمان ان يكون للانسان حوش واسع وفي داخله عدة بيوت لاناس متفرقين ذلك الحوش ينسب لواحد. وبعضهم يستعمل ذلك الى الان فكان مسكن صفية في بيت اسامة. اي حوشه الذي فيه عدة بيوت وكانت مساكن ازواجه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. حجرا على دائرة المسجد. وابوابها مشرعة في المسجد. واما صفية فلم يكن لها بيت كبيوت ازواجه على جدار المسجد. لانها لم وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا بعد فتح خيبر ولم يبقى بيت هناك. والله اعلم كتاب الحج باب المواقيت. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته كتاب الحج باب المواقيت. الحج هو زيارة البيت الحرام لعمل مخصوص في وقت مخصوص. وهو احد اركان الاسلام الخمسة التي لا يتم الاسلام الا باجتماعها. وهي شهادة ان لا اله الا الله الله وان محمدا رسول الله. واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام من استطاع اليه سبيلا. ومن فضل الله وكرمه انه يجب في العمر مرة واحدة. اذ لو وجب كل عام لما استطاع الناس وقد فرض في اخر سنة تسع من الهجرة بعدما حج ابو بكر فلم يترك رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الحج بعدما فرض فان اية فرض الحج من سورة ال عمران ولله وقال قد نزلت هذه السورة سنة الوفود. وهي سنة تسع. وحج ابو بكر بالناس في هذه السنة قبل فرض الحج. وحج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سنة عشر وهي حجة الوداع. ولم يحج بعدما هاجر غيرها. وقال باب المواقيت. اي التي يحرم منها الناس. فلا يحل لاحد ان يتجاوز وذا الميقات بغير احرام. وتوقيت المواقيت فيه بيان لعظم حرمة هذا البيت العظيم التاسع والمائتان الحديث الاول عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لاهل المدينة ذا الحليفة. ولاهل الشام الجحفة اهل نجد قرن المنازل. ولاهل اليمن يلملم. وقالهن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن. ممن اراد الحج والعمرة. ومن كان دون ذلك فمن من حيث انشأ. حتى اهل مكة من مكة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عباس وقت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لاهل مدينة ذا الحليفة. وهو المسمى الان بالحساء. وهو ابعد المواقيت عن مكة فيبعد عن المدينة قدر ثلاث ساعات. وعن مكة عشرة ايام ولاهل الشام الجحفة. وفي بعض الروايات واهل المغرب وهو موضع هجر اسمه. ولا يعرفه الا النوادر من الناس. وكان فيها حمى ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى المدينة دعا الله ان ينقل حمى المدينة الى الجحفة. فاجتمعت فيها حماها وحمى المدينة وكانت بالاول قرية. والان خربت. ولكنهم من رابغ لانه قريب منها. وهو ابعد عن مكة منها بشيء قليل فالمحرم منه محتاط. وهو على سيف البحر. وهو عن مكة ثلاثة ايام. فهو يلي ذا الحليفة في البعد عن مكة. ويحرم من الحجاج القادمين من البحر من تلك الجهة اذا وازنوه. ولاهله لنجد قرن المنازل. وفي بعض الروايات قرن الثعالب. وفي بعضها قرن وهو الموضع المسمى الان بالسيل. وهو واد بين جبال. وكل ذلك الوادي ميقات سواء المرتفع منه والنازل. اعلاه واسفله سواء وانما احتجت الى هذا التنبيه لان بعض الطلبة اغتر وظن ان ميقات خاص بالموضع المطمئن الذي فيه الماء. وهذا غلط منه فان كل الوادي الذي بين تلك الجبال ميقات ومحل للاحرام. وقوله ولاهل اليمن يلملم. وهو جبل معروف باق اسمه. ويحرم من وزنه اكثر الحجاج القادمين عن طريق البحر. وفي بعض الروايات فوافق رأيه الصواب رضي الله عنه. وهذه المواقيت الثلاثة ساوية في البعد عن مكة. فهي عن مكة مسيرة يومين. وقوله لهن اي لتلك الامصار. فلا يحل لاحد تجاوز الميقات بغيره احرام وقوله ولمن اتى عليهن من غير اهلهن. وهذا هيل من الله تعالى. حيث لم يكلف كل احد ان يحرم من ميقاته فاي ميقات مر به احرم منه. كما يحرم اهل نجد في بعض الاحيان من ذات عرق. خصوصا اهل القصيم. فانهم كثيرا لا يحرمون من ذات عرق. وكما يحرم اهل الشام ومصر ونحوهم من ميقات اهل المدينة اذا مروها وكما يحرمون في بعض الاحيان من ومن تجاوز الميقات بدون احرام لزمه ان يرجع فيحرم من المعتبر له. فان لم يرجع فعليه دم. وقوله ممن اراد الحج والعمرة هل هذا قيد مراد ام لا؟ فيه خلاف. المشهور من اذهبي احمد انه غير مراد. فكل من اراد دخول مكة سواء لحج او عمرة او تجارة او غير ذلك. فلا يحل له تجاوز الميقات بغيره احرام فيحرم بالعمرة. فاذا دخل مكة طاف وسعى للعمرة ثم حلق او قصر حل. والقول الثاني انه قيد مراد لا يلزم الانسان الاحرام الا اذا قصد الحج او العمرة. واما اذا قصدت زيارة ونحوها فلا يلزمه ان يحرم بعمرة. لكن يتأكد جدا فلا ينبغي للانسان ان يدخل مكة بغير احرام. ومن دخلها بغير احرام بعمرة او حج فهو محروم. واما الوجوب فلا يجب عليه واختار هذا القول شيخ الاسلام وكثير من الاصحاب واستدلوا بظاهر هذا الحديث. وهو رواية عن احمد. قوله ومن كان دون ذلك فمن حيث انشأ. هذا توسعة من الله. حيث لم يكلف الذي دون الميقات ان يذهب الى الميقات. بل اذا اراد الحج او العمرة فيحرم منها من حيث انشأ سفره. وقوله حتى اهل مكة من مكة اي ميقات الحج واما اذا اراد العمرة فيلزم ان يخرج فيحرم من ادنى الحل فان قيل ما الفرق بينهما؟ قيل لان افعال العمرة كلها تقع داخل الحرم فلزمه ان يخرج فيحرم من الحل. ليجمع فيها بين الحل والحرم واما الحج فلا يلزم فيه ان يحرم من الحل. لان افعاله لا تقع كلها في الحرم بل يقع بعضها في الحل وهو الوقوف. العاشر والمائتان الحديث الثاني عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال يهن اهل المدينة من ذي الحليفة. واهل الشام من الجحفة. واهل نجد من قرن المنازل. قال وبلغني ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما قال ويهل اهل اليمن من يلملم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومثله حديث ابن عمر. يهل اهل الى اخره. فهذه المواقيت المكانية. واما المواقيت الزمانية فاشهر الحج شوال وذو القعدة وبعض ذي الحجة. كما قال تعالى الحج اشهر معلومات. الاية. واما العمرة فتصح في اي في وقت كان وليس لها وقت معين. وهي في رمضان اكد. كما ورد عمرة في في رمضان تعدل حجة. وفي لفظ تعدل حجة معي. والعمرة الفاضلة هي التي بها الافقي واما التي يخرج لها من مكة ففيها فضل عظيم. لكن الاولى افضل. قالوا ولا ينبغي تكرارها للمكي. لان الطواف افضل باب ما يلبسه المحرم من الثياب. قال الشيخ السعدي رحمه الله في قوله باب ما يلبسه المحرم من الثياب. اي ما الذي يحل للمحرم وما الذي يحرم عليه؟ فان المحرمات قسمان. قسم يحرم على كل حال وقسم يحرم لعارض. كالمحرمات في الصيام والصلاة والحج ونحوها قال ابن رجب ان الاصل الذي بنى عليه الامام احمد مذهبه. ان من فعل محرما في العبادة. وقد نهي عنه لخصوصها. فان العبادة تبطل بفعله ما لم يدل الدليل على عدم بطلانها بفعله. والمحرمات في الحج ثلاثة اقسام. قسم يحرم على الرجال خاصة. وقسم يحرم على النساء خاصة وقسم يحرم على الرجال والنساء وهو الاكثر. الحادي عشر والمئة الحديث الاول عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رجلا قال يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب. قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لا القميص ولا العمائم ولا السراويلات. ولا البرانس ولا الخفاف. الا احد لا يجد نعلين فليلبس الخفين. وليقطعهما اسفل من الكعبين. ولا يلبس من الثياب يا بشيء مسه زعفران او ورس. وللبخاري ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فمن المحرمات على يا لي خاصة لبس المخيط وتغطية الرأس. وقد ذكره بقوله في حديث ابن عمر ان رجلا قال يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يلبس القميص وهو المعروف. سواء كان مخيطا على قدر الجسد كالقميص. او من سوجا على قدر الجسد كالفنيلة ونحوها. فيحرم ذلك على الرجل خاصة ومثل ذلك القضاء وهو الزبون ونحوه. والعباءة ونحوها من الملابس المعتادة لانه اذا نص الشارع على معين وحكم عليه بحكم دخل فيه ذلك الحكم المعين. وما هو مثله وما هو اولى منه. وقوله ولا العمائم اي ما يجعل على الرأس كالعمائم المعروفة. والشماغ ونحوها مما يجعل على رأس وهل الشمسية مثل ذلك فتحرم ام لا فتباح. فيه خلاف على كل فتركه احوط واحسن. لان المقصود ترك الترفه والملبوسات المعتادة فان كان يتضرر بكشف رأسه جاز له تغطيته بقدر الضرورة ويفدي لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا الاية وقوله السراويلات معروفة. وقوله ولا البرانس. وهو ما يجعل على الرأس كالقريب لا انيس الا انه يربط بالقباء. فكل هذه تحرم على الرجل اذا لبسها على معتاد فاما لو جعل القميص ازارا او القباء او العباءة ونحوها لم يحرم وبعضهم يغلو في ذلك حتى انه يحرم ربط الازار. وجعل حبل في الساعة في الرقبة ونحو ذلك. وليس على ذلك دليل. فلا هو منصوص ولا في عن المنصوص وقوله ولا الخفاف. وهذا ايضا مختص بالرجل. فيحرص عليه لبس الخف في الاحرام. سواء كان من جلد او قطن او وبر او غير ذلك وقوله الا احد لا يجد نعلين فليلبس الخفين. وليقطعه وما اسفل من الكعبين. اي ليظهر الكعبان فيكونان بمنزلة النعلين. ولا لكن هذا كان في اول الامر. ثم نسخ كما يأتي. وقد ورد انه يستحب ان يلبس نعلين عند الاحرام. ومن المحرمات على الذكر والانثى الطين وقد ذكره بقوله ولا يلبس من الثياب شيئا مسه زعفران او ورق وهما نوعان من الطيب والزعفران معروف والورس نبت ياتي من اليمن وينبت فيه. وفي معناه كل انواع الطيب التي يتطيب بها ويستحب للانسان عند الاحرام ان يتنظف ويتطيب. فاذا احرم عليه بعد ذلك مس الطيب كالمسك. والتبخر بالبخور ونحو ذلك واما الاشياء التي لها رائحة طيبة. ولكن لا يتطيب بها فلا تحرم وذلك كالهيل والقرنفل والزنجبيل ونحوها. وقوله وللبخاري ولا تنتقب المرأة. والنقاب هو الخمار الذي تغطي فيه وجهها وتنقب فيه لعينيها فيحرم على المرأة تغطية وجهها. الا اذا برزت للرجال فتغطيه للحاجة. ولا يضر لو مس الخمار وجهها. وقوله ولا تلبس القفازين. وهما دلاغات اليدين كما يجعل للبزات وسواء كان من جلد او وبر او صوف او قطن او غير ذلك. ولا يحرم على للنساء شيء من الثياب. فلا بأس ان تلبس اي نوع كان. سواء من اصفر او احمر او اخضر. ولو لم تحضره عندها حال الاحرام. واما ما ما جرت به عادتهن من تحريم نوع من ذلك. فهو من خرافاتهن ووسوستهن فيجوز لها لبس اي نوع كان من الثياب الا ما فيه طيب الثاني عشر والمائتان. الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما انه انه قال سمعت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يخطب بعرفات من لم يجد نعلين فليلبس الخفين. ومن لم يجد ازارا فليلبس السراويل رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يخطب بعرفات. من لم يجد نعلين فليلبس الخفين. ومن لم يجد ازارا فليلبس السراويل. ففيه انه لا يجب قطع الخفين وهو منسوخ لانه لو كان واجبا لبينه في هذا الموقف العظيم. وفيه انه ينبغي للامام ان يخطب للناس. ويبين لهم جميع ما يحتاجون اليه الثالث عشر والمائتان. الحديث الثالث. عن ابن عمر رضي الله عنه عنهما ان تلبية رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. قال وكان ابن عمر يزيد فيها لبيك وسعديك والخير بيديك. والرغباء اليك والعمل. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان تلبية رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لبيك اللهم لبيك الى اخره. يحتاج في هذا الى معرفة معنى التلبية وحكمها ووقتها متى يبتدأ بها ومتى تقطع ومتى تتأكد. اما معرفة معناها فقوله لبيك اللهم لبيك. اي اجبتك يا رب مرة بعد مرة. لا شريك لك لبيك اي اجبتك وحدك لا شريك لك وتكرير لفظ التلبية يدل على الاجابة مرة بعد مرة. فان الله تعالى في كل عام يدعو عباده الى بزيارته وحج بيته. ليجزل لهم الاجر والثواب. وقوله ان الحمد اي المحامد كلها والمدائح كلها لله وحده لا شريك له فهو المتصف بجميع صفات الكمال. المنزه عن صفات النقائص. وقوله والنعمة اي ان الله هو المنعم على خلقه الذي له النعمة الكاملة وله المنة والفضل وحده لا شريك له. والملك اي هو المتصف بصفة الملك المالك لجميع المخلوقات. وله مملكة السماوات والارض المخلوقات العلوية والسفلية له وحده لا شريك له. وهو المتصرف فيه جميع المخلوقات كيف شاء. لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. فيدخل في قوله والملك ثلاثة معاني. وهي صفة الملك والمملكة والتصرف وقوله وكان ابن عمر يزيد فيها لبيك وسعديك. هذا تأكيد لاجابة دعوته والمسارعة الى امتثال امره مرارا متكررة. وقوله والخير بيديك اي الخير كله من الله وحده لا شريك له. وما بكم من نعمة فمن الله. وقوله والرغباء اليك والعمل اي الرغبة والعمل اليك وحدك لا شريك لك. ففي هذا كمال الاخلاص هذا معنى التلبية. واما حكمها فقد اجمع العلماء على مشروعيتها وانها من شعائر الحج. واختلفوا في وجوبها. فمذهب الجمهور انها سنة مؤكدة جدا. لا ينبغي الاخلال بها. وهذا مذهب الامام احمد فان مذهبه رحمه الله ان جميع اقوال الحج سنة وعن نه رواية انها واجبة. وهذا مذهب مالك وهو الصحيح لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يخل بها ابدا قد قال خذوا عني مناسككم. وكذلك اصحابه كانوا يداومون عليها وهي من اعظم الشعائر. ولهذا استحب رفع الصوت بها للرجل. مع ان كثيرا من الاذكار الاسرار بها افضل. فلو قدر ان يتركها الانسان مع ان تركها نادر بل متعذر فعليه دم. وهذه مسألة فرضية لا تقع واما وقتها فتستحب من حين ان يحرم بالعمرة او الحج واما اخر وقتها فيقطعها في العمرة اذا شرع في الطواف. وفي الحج اذا شرع برمي جمرة العقبة في يوم العيد. وتتأكد كل ما على نشزا اي محلا مرتفع او هبط واديا او التقت الرفاق. او ركب راحلته او نزل منها او اقبل ليل او نهار. او رأى البيت او سمع ملبيا. ونحو ذلك من قوارض. ويستحب ان يرفع الرجل بها صوته. والمرأة لا تجهر بها الا قدري ما تسمع رفيقتها. وهذا اللفظ الذي ذكره من تلبية النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم هو افضل الالفاظ في التلبية. وان زاد فيها او نقص فلا بأس. لان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان يسمع صحابة رضي الله عنهم يزيدون وينقصون. ولم ينكر عليهم رابع عشر والمائتان الحديث الرابع عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يحل لامرأة ان تؤمنوا بالله واليوم الاخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة الا ومعها وحرمة وفي لفظ البخاري لا تسافر مسيرة يوم الا مع ذي رحم محرم رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر ان تسافر مسيرة يوم وليلة الا مع ذي حرمة. ولفظ البخاري لا تسافر مسيرة يوم الا مع ذي رحم محرم فيه انه يحرم على المرأة ان تسافر الا مع ذي رحم محرم. ويشترط في المحرم ان يكون بالغا عاقلا. وان تكون المرأة تحت نظره. فلا يكفي مجرد كونه مع الركب والسيارة. اذا لم تكن المرأة تحت نظره. لان القصد من المحرم ان يكون نظره عليها فلا يدخل عليها الاجانب. لان السفر مظنة الفتنة وليس القصد من المحرم كما يظن بعض العوام انه لاجل ان ينزلها في قبرها لو ماتت. ويحل عقد الكفن. فانه يجوز للاجنبي مع حضور محرمها ان ينزلها في القبر. ولا بأس بذلك خصوصا ان كان في الاجنبي مرجح مثل ان يكون صاحب خبرة. واحسن من المحرم. فقد يرجح بهذا المرجح فاذا كان القصد من المحرم حفظها عن دخول الاجانب. فان لم يشترط ان يكون في الخبرة التي هي فيها فلا اقل من ان يشترط ان يباريها. وان يكون دائما عليها. فان لم تجد محرما لم يجب عليها الحج. لانها لم فان ايست من المحرم استنابت من يحج عنها. ان كانت قادرة بمالها وان وجدت محرما ولو باجرة لزمها ان قدرت على اجرته فتجب عليها اجرته لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. واختلف العلماء هل تصح حجها لو حجت بلا محرم ام لا. والصحيح انه يصح الحج لكن عليها اثم عظيم. ويشترط المحرم ولو سافرت مع نساء. ولا يعذر تركه مطلقا سدا للباب. ومحرم المرأة هو زوجها. او من تحرم عليه على تأبيد بنسب او سبب مباح كرضاع ونحوه. هذا المشهور من مذهب احمد رحمه والله والصحيح الرواية الاخرى عنه ان محرمها زوجها او من تحرم عليه بنسب او سبب مباح. فلا يشترط ان تحرم عليه على التأبيد. فعلى هذا فاذا لم تجد محرما. وكانت قادرة على شراء عبد لزمها شراؤه. ويصير محرما لها. باب الفدية. قال الشيخ السعدي رحمه الله في الايقاته باب الفدية وهي شرعا ما فرض جبرا للنسك بسبب فعله محظور او ترك واجب في الحج او العمرة. وفي اصطلاح الناس يشتمل الهدي والفدية. وهي اقسام. وقد ثبت بالكتاب والسنة والاجماع. ففي الكتاب نوعان من الفدية. فدية الاذى في قوله تعالى فمن كان انا منكم مريضا او به اذى من رأسه ففدية من صيام الاية وقال بعضهم او به اذى رأسه اي فحلقة. والصحيح انه عام. في ترك على عمومه. لان محظور المتعلق بالرأس نوعان. حلق الرأس وتغطيته. فالاية تعمهما فاذا حلق رأسه للضرورة او غطاه للضرورة كبرد او حر ونحوه وضابط فدية الاذى هي التي تجب للترفه. كاللبس والطيب قوى الحلق ونحوها. النوع الثاني من انواع الفدية المذكورة في القرآن. هي التي تجب بقتل الصيد. قال تعالى تقتل الصيد وانتم حرم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم الاية وقد اجمع العلماء على وجوب الفدية بوجود سببها الخامس عشر والمائتان. الحديث الاول. عن عبدالله بن معقل انه قال جلست الى كعب ابن عجرة فسألته عن الفدية فقال نزلت في خاصة وهي لكم عامة. حملت الى رسول الله والقمل تتناثر على وجهي فقال لا ما كنت ارى الوجع بلغ بك ما ارى. او ما كنت ارى الجهد بلغا ومنك ما ارى اتجد شاة؟ قال لا. قال فصم ثلاثة ايام. او اطعم ستة مساكين. لكل مسكين نصف صاع. وفي رواية فامره رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يطعم فرقا بين ستة. او يهدي شاة او يصوم ثلاثة ايام. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. ودليل فدية الاذى من السنة. قوله في حديث عبد الله ابن جلست الى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية. فقال نزلت في خاصة وهي لكم عامة. اي ان الاية نزلت فيه. والحكم عام لجميع الامة. وهذا عام في جميع الاحكام الشرعية. فان القاعدة الاصولية العبرة بعموم المعنى لا بخصوص السبب. فاذا كان سبب نزول الاية خاصة. فالحكم عام لجميع الامة. فكل من اتصف بذلك الوصف تناوله ذلك الحكم. ما الم يدل الدليل على التخصيص كما تقدم في حديث ابي بردة ابن نيار في قوله عنك ولن تجزئ عن احد بعدك. وقوله حملت الى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والقمل يتناثر على وجهي. اي لانه مرض رضي الله عنه ومع المرض والاوساخ كثر فيه. وقوله فقال ما كنت ارى الوجع بلغ وبك ما ارى او قال ما كنت ارى الجهد بلغ بك ما ارى. اي من الشدة الاولى بضم الهمزة بمعنى اظن. والثانية بفتحها اي الرؤية البصرية يطلق على رؤية القلب. وكان ظاهر الحديث انهم اخبروه عن حاله. وسألوه ما به. فامر باحضاره ليرى هل يشق عليه بقاؤه ام لا. وقوله تجد شاة قال لا. قال فصم الى اخره. بدأ بالشاة لانها افضل انواع الفدية وظاهر الحديث لولا الاية ان الشاة تتعين اذا وجدها. لكن ان الاية صريحة في انه يخير. فيدل الحديث على فضل الشاة. وكذا لفظ الرواية الاخرى صريح في التخيير. وقوله وفي رواية فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان يطعم فرقا بين ستة الى اخره. الفرق ثلاثة اصواع بالصاع النبوي. وهو المعروف كان في المدينة بالمد ففي هذا الحديث انه اذا اضطر الانسان لفعله محظور جاز له فعله. وتجب عليه الفدية. باب حرمة مكة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. باب حرمة مكة اي لان لها حرمة على سائر البقاع. بسبب حرمة هذا البيت العظيم سادس عشر والمائتان. الحديث الاول. عن ابي شريح خويلد بن عمر خزاعي العدوي رضي الله عنه انه قال لعمرو بن سعيد بن العاص وهو هو يبعث البعوث الى مكة. اذا لي ايها الامير ان احدثك قولا. قام به رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الغد من يوم الفتح. فسمعته اذن اية ووعاه قلبي. وابصرته عيناي حين تكلم به. انه حمد الله واثنى عليه ثم قال ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس. فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الاخر ان يسفك بها دما. ولا يعضد بها شجرة. فان ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقولوا ان الله اذن لرسوله ولم يأذن لكم. وانما اذن لي ساعة من نهار. وقد عادت حرمة اليوم كحرمتها بالامس. فليبلغ الشاهد الغائب. فقيل لابيه شريح ما قال لك. قال قال انا اعلم بذلك منك يا ابا شريح. ان الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم. ولا فارا بخربة. رواه البخاري ومسلم الخربة بالخاء المعجمة والراء المهملة. هي الخيانة وقيل البلية وقيل واصلها في سرقة الابل. قال الشاعر والخارب للص يحب قاربا قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي شريح انه قال لعمرو بن سعيد بن العاص الى اخره وهو الاشدق عمه عمرو بن العاص. وكان اميرا على المدينة لمعاوية وابنه يزيد وغلب على دمشق الشام. وكان يبعث البعوث الى مكة بامره ليزيد او عبد الملك. فنصحه ابو شريح فلم يقبل. ولكنه بعد ذلك خرج على عبد الملك فسلط عليه عبد الملك فقتله صبرا. وقوله يبعث البعوث الى مكة اي لقتال ابن الزبير. وقوله ائذن لي ايها الامير الى اخره هذا دعاء له بالحكمة. فانه ينبغي ان يدعى الانسان الذي عند نفسه كبير اللطف والرفق. لانه ابلغ لقبوله. ولو بلغ بالشر ما بلغ. فان ان الله قال لموسى وهارون اذهبا الى فرعون فقلنا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى وقوله احدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الغد من يوم الفتح. فسمعته اذناي الى اخره. اي انه تيقن بجميع الحواس. فلا يشك فيه ولا يمتري. فالظاهر انه اذن له لانه حدثه به. فقال انه حمد الله واثنى عليه. وهذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم في جميع خطبه. ان يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم قال ان مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس. اي ان الله هو والذي حرمها وليس تحريمها من قبل الخلق. كما يحرم بعض الملوك بعضا الاماكن ويحمونها. فان تحريم الله اعظم من تحريم الخلق. بل ولا نسبة بينهم بوجه وقد حرمها يوم خلق السماوات والارض كما يأتي. ولما ابتعث الله ابراهيم امره ببناء بيته. وتحديد حرمه واظهار حرمته. قوله فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الاخر. الى اخره. اي ان ايمانه ينهاه عن هذه الافعال. ولا يجتمع الايمان الكامل معها. وقوله ان يسفك بها دما وهذا عام لدم المسلم والكافر. ولا يعضد بها شجرة. اي جميع الاشجار ويستثنى من ذلك الاذخر كما يأتي. والكمأة وما زرعه الادمي وما يبس حتى كان حطبا. وترك البهائم ترعى بنفسها لا بأس به وقوله فان احد ترخص بقتال رسول الله. اي يوم فتح مكة. فقولوا ان الله اذن لرسوله ولم يأذن لكم. وانما اذن لي ساعة من نهار. اي انه ليس فاذنا عاما له كل وقت. بل في تلك الساعة فقط. وقد عادت حرمتها اليوم كحرمة بالامس فليبلغ الشاهد الغائب. ففي هذا نصحه وانه بلغ البلاغ المبين صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وكان والله اعلم علم انه يأتي يترخصون بقتاله. فلهذا رد تأويلهم. وقوله فقيل لابي شريح ما قال لك اي لانه علم انه استمر على تجهيزه. ولكن ما رد عليك فقال قال انا اعلم بهذا منك يا ابا شريح. ان الحرم ليعيد عاصيا ولا فارا به دم ولا فارا بخربة اي خيانة او بلية او تهمة. ومراده بذلك مالك بن الزبير وقد كذب. والحق مع ابي شريح. ولكن تأول وتستر ان يرد كلام الرسول ردا بينا فاوله. وكلامه صلى الله عليه على آله وسلم عام. وحاشى ان يكون ابن الزبير اعظم اثما من كفار قريش ومع ذلك لم يحل لرسول الله الا ساعة من نهار. مع ان الحق مع ابن الزبير رضي الله عنه. فكيف جعله بهذه الحال؟ ولكن والعياذ بالله اسكره خمر الرياسة حتى قال ما قال. ولم يقبل النصح. ففي هذا الحديث نصح الائمة رضي الله عنهم وانهم لا تأخذهم في الله لومة لائم. ولا يخافون في تبليغ ما امروا به احدا. فان ابا شريح بلغ ما امر به. ولم يبقى عليه تبعه وفيه حسن دعوتهم. وفيه انه اذا دعا الى امر متيقن يخبر انه لا نشك فيه ولا يمتري ليكون ابلغ لقبوله. وفيه انه لا يجوز قتال احد في الحرم. ولا ان يسفك فيه دم. فلو عصى خارج الحرم ثم لجأ اليه اعاذه ولم يتعرض له ما دام فيه. قال العلماء ولا يخرج منه قهرا. لكن ان يلجأ الى الخروج بالا يبايع ولا يشارى. ولا يعان على شيء حتى يخرج فيسأل توفى منه الحق. واما لو انتهك حرمة الحرم فقتل فيه. او زنى فيه ونحوه وذلك فمن تمام احترام الحرم لاقتصاص منه وحده. واخذ الحق منه. لانه اهو هو الذي انتهك حرمة الحرم. السابع عشر والمائتان الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم فتح مكة. لا هجرة ولكن جهاد ونية واذا استنفرتم فانفروا. وقال يوم فتح مكة ان هذا البلد حرمه الله الله يوم خلق السماوات والارض. فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة وانه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي. ولم يحل الا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة لا يعبد شوكه ولا ينفر صيده. ولا يلتقط لقطته الا من عرف وفها ولا يختلى خلاه. فقال العباس يا رسول الله الا الاذخر فانه لقينهم وبيوتهم. فقال الا الاذخر. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم فتح مكة لا هجرة الى اخره. الهجرة هي الانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام. وهي واجبة على من لم يقدر على اظهار دينه. او يخشى الفتنة على دينه. ومن قدر على اظهار دينه وامن الفتنة عليه فهي محبة له. ولما اذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومن امن معه هاجر الى المدينة. فاوجب الله تعالى الهجرة على كل مؤمن يقدر عليها. وكثيرا ما يقرن ذكرها مع العبادات العظيمة قيمة كالايمان والجهاد ونحوهما. فانها من اكبر الطاعات لما يترتب عليها من نصر الله ورسوله. واظهار الدين وتكثير سواء وادي المسلمين. وغير ذلك من المصالح. وذم الله تعالى من لم يهاب تاجر مع قدرته على الهجرة. وكان الذين انتقلوا من مكة ثلاثة اقسام قسم قبل صلح الحديبية. وهؤلاء المهاجرون الاولون وهم افضل المهاجرين. وقسم بعده وقبل فتح مكة. وهؤلاء يسمون مهاجرين. ولهم فضل الهجرة. ولكن لا يلحقون الاولين فضل فالاولون افضل منهم. كما قال تعالى لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل المراد بالفتح صلح الحديبية من بعد وقاتلوا. الاية القسم الثالث من انتقل عن مكة بعد فتحها فهذا لا يعد مهاجرا ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا هجرة بعد الفتح اي ان مكة صارت بلد اسلام. فلا تشرع الهجرة منها وقوله ولكن جهاد ونية. اي ان الجهاد مشروع. وفيه فضل عظيم وهو من افضل الطاعات. ونية اي نية الاعمال الصالحة من هجرة وجهاد وغيرهما. اي يجب ان يلتزم طاعة الله تعالى. وينوي فعل ما فاوجب عليه اذا عجز عن فعله فينوي انه لو كان في بلد غير الاسلام ان يهاجر وينوي الجهاد. ولهذا ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق. فالنية اذا تعذر العمل بلغت مبلغه ولهذا ورد ان بعض الراغبين في الخير كان يدور على العلماء يسأل هل يمكن ان يكون الانسان في عبادة دائما وابدا في جميع عمره فلما سأل بعضهم فقال نعم يمكن ذلك. افعل العبادة فما دمت قادرا. فاذا عجزت عن فعلها فانوي فعلها. ولا تزال في عبادة انتهى قوله واذا استنفرتم فانفروا. اي اذا استنفركم الامام او نائبه للقتال وجب على كل من قدر عليه النفير. واصل الجهاد فرض كفاية ويكون فرض عين في ثلاث مسائل. احداها هذه اذا استنفره الامام او نائبه وجب عليه النفير. ان لم يكن له عذر صحيح. قال تعالى اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله. الايات وان كان النفير عاما فيجب على العموم. او خاصا فيكون كونوا فرض عين على المعينين. الثانية اذا حصر العدو بلده. فيكون كونوا فرض عين. لانه حينئذ يكون دفاعا. ولهذا ذم الله تعالى من تخلف في هذه الحال ذما شديدا. فقال وقيل لهم تعالوا فلو قاتلوا في سبيل الله او ادفعوا. قالوا لو نعلم قتال الاية الثالثة اذا حضر صف القتال تعين عليه ولم يجز التولي عنه. فان هذا فرار. ولما عد رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم السبع الموبقات عد منها. الفراق صاروا يوم الزحف. اي اذا التقى الجمعان. وقوله وقال يوم فتح مكة ان هذا البلد حرمه الله. الى اخره. اي لم يحرمه احد من المخلوقين فهو حرام بحرمة الله الى يوم القيامة. وانه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي كما تقدم. وايضا فلم يحل له صلى الله عليه وعلى آله وسلم مطلقا. فانه انما حل له ساعة من نهار. ثم عادت حرمته فهو حرام. هذا تأكيد لحرمته. بحرمة الله تعالى اي ليس ابتداء مني. وانما هو حرام بحرمة الله السابقة الى يوم القيامة وقوله لا يعضد شوكه. اي لا يقطع لان امته تعم الحيوانات والاشجار غير ما استثني. ففي هذا التنبيه بالادنى على الاعلى فاذا كان الشوك لا يقطع مع انه يؤذي فالشجر الذي ليس فيه اذية من باب اولى واحرى. وقوله ولا ينفر صيده. اي انه لا ايهاج فلو رآه في ظل ونحوه لم يجز له تنفيره عنه فاذا كان تنفيره لا يجوز فقتله من باب اولى واحرى. وقول ولا يلتقط لقطته الا من عرفها. اي ان لقطته ليست كلقطة غيره فانها لا تؤخذ لاجل التملك. وانما يجوز التقاطها لاجلي للتعريف فانه يجب على من التقط لقطته ان يعرفها دائما وابدا ولا يملكها ولو مضى اعوام كثيرة. او يدفعها الى الامام هذا اصح قولي العلماء. وقال بعضهم انها كغيرها تملك بعد تعريفها حولا. وقوله ولا يختلى خلاه الخلاء الحشيش الرطب. اي لا يحش حشيشه الرطب. فلما كان هذا عاما لجميع انواعه. قال العباس يا رسول الله الا الاذخر وهو نبت معروف طيب الرائحة. فانه بين العلة الداعية الى فقال فانه لقينهم وبيوتهم. القين الحداد اي انه يقبس به النار. لانه لين سريع كالخوص ونحوه ويستعملونه للبيوت. فانهم يجعلونه فوق الجريد بينه وبين الطين فلما رأى حاجتهم اليه وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما. وعلم ان الله واسع الرحمة واسع الكرم قال الا الادخر اي انه لا بأس اخذه وكذلك ما زرعه الادمي. واليابس والكمأة. وترك البهائم ترعى بنفسها. وهذه تعد من فضائل العباس رضي الله عنه وكان الاذخر اذ ذاك كثيرا جدا. باب ما يجوز قتله قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب ما يجوز قتله. اي في الحل والحرم. وتحريم الصيد على المحرم قد ثبت بالكتاب والسنة. واما تحريم صيد الحرم فقد ثبت بالسنة. والصيد الذي على المحرم قتله. ويحرم قتله داخل الحرم حتى للحلال. هو المأكول اولوا البري المتوحش اصلا. فيخرج بالمأكول غيره. وبالبري البحري وبالمتوحش المستأنس كبهيمة الانعام والدجاج ونحوها قولنا اي ان العبرة بالاصل فلو توحش المستأنس لم يحرم. كما لو استأنس المتوحش لم يحل. الثامن عشر والمائتان الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله وهو عليه وعلى اله وسلم قال خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم. الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقوق ولمسلم يقتل خمس فواسق في الحل والحرم. رواه بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله خمس من الدواب كلهن فاسق. يقتلن في الحرم. الى اخره ولمسلم في الحل والحرم. اي ان قتلها يجوز بل يشرع في الحل حرم لانها فواسق مؤذية. فالغراب معروف واذيته معروفة فانه يخرب الثمار. فلا يكفيه الاكل منها. بل يقطعها تخريبا لها وكذلك اذا وجد بهيمة فيها جرح كبعير ادبر ونحوه. حفر جرحه حتى يتلفه الى غير ذلك من فسقه. والحداءة هي المعروف واذيتها مشهورة. فانها سراقة. تسرق حوائج الناس حتى الحلي ونحوه. فلا تكاد ترى شيئا الا سرقته. والعقرب الفأرة والكلب العقور كل هذه معروفة. واذيتها مشهورة. واما كلب فانه من حيث هو ليس مؤذيا في الغالب. ولهذا خص العقور لانه وبين العلة في جواز قتلها انه فسقها. تنبيه جميع الاوامر والنواهي لابد لها من حكمة. وهي علة الحكم. والعلة اما ينص عليها الشارع فتكون علة منصوصة يقينية. واما ان تكون مستنبطة وهي التي لا ينص الشارع عليها. ولكن يستنبطها العلماء. فبعد ابوها يتيقن وبعضها يفيد الظن. واحيانا يكون ظنا راجحا واحيانا متوسطا واحيانا مرجوحا بحسب حال المستنبطين. وقد يكون للحكم علل كثيرة يستنبط العلماء بعضها ويخفى بعضها وبعض المسائل لا ينص الشارع على علتها. ولا يعلمها الناس. وهي التي عبروا عنها بالتعبد فيقال هذا تعبدي. اي ان الله تعبدنا به ولا نعلم الحكمة فيه. وليس معناه انه ليس له حكمة. ويغلط في هذا كثير من الناس فان الاحكام الشرعية كلها لا تخلو من حكمة. علمها من علمها وجهلها من جهلها. وها هنا فائدة اصولية ينبغي التنبه لها وهي انه اذا نص الشارع على شيء وبين علته دخل فيه ذلك المنصوص عليه بطريق النص. وما هو مثله لقياس العلة. وما هو اولى منه بطريق الاولوية. مثاله ما في هذا الحديث. فانه نص على هذه الخمسة. فافاد جواز قتلها. وبين الحكمة في ذلك فيدخل في هذا ان كل ما شملته العلة جاز قتله لقياس العلة وما هو اولى منه لقياس الاولوية. كالاسد والذئب والنمر والحية ونحويها لانه ابلغ اذية وفسقا. ومثل العلة المنصوصة المستنبطة اذا كانت متيقنة. او مفيدة للظن الراجح. فان قيل لما نهي عن قطع الشوك مع اذيته. ولم يؤمر بقطعه كما امر بقتلها هذه الحيوانات المؤذية. فنقول اما هذه الحيوانات فانها مؤذية متعدية على كل احد. حتى من لا يتعدى عليها واما الشوك فانه وان كان مؤذيا. لكنه لا يؤذي الا من تعدى عليه واما من لم يأته ولم يتعرض له فانه لا يؤذيه هذه الحيوانات تفعل الاذية بنفسها. والشوك لا يفعل شيئا الا بمن مر عليه فلهذا نهي عن قطعه. والله اعلم. باب دخول مكة وغيره. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. باب دخول مكة وغيره اي مما يتعلق بالحرم او الاحرام. التاسع عشر والمائتان الحديث الاول عن انس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل متعلق باستار فقال اقتلوه. رواه البخاري ومسلم. قال شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس دخل مكة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عام الفتح. وعلى رأسه المغفر الى اخره. المغفر مأخوذ من الغفر وهو الستر. اي بما يستر به الرأس في الحرب. وهو للرأس كالدرع للبدن. وفيه ان انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل مكة بغير احرام. وان انه اذا تزاحمت العبادات يبدأ بالاهم فالاهم. فانه قدم الجهاد على الاحرام. لان جنس الجهاد افضل من جنس النسك. كما قال تعالى اجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن بالله واليوم الاخر تجاهد في سبيل الله. الاية وعمارته بالحج والعمرة والطواف والصلاة. ونحوها من العمارة المعنوية والحسية وقوله فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل متعلق باستار الكعبة فقال اقتلوه. فيه انهم كانوا يعظمون البيت تعظيما عظيما فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اهدر دماءه اناس معينين. كانوا يؤذون الله ورسوله اشد الاذية. من ابن خطل. فلما سمع اللعين بذلك تعلق باستار الكعبة. عائذا من القتل لا. فلما رآه المسلمون كرهوا ان يقتلوه. حتى يراجعوا قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم احتراما للبيت. فلما راجعوه اهل امر بقتله لانه اذى الرسول اشد الاذية. فكان من اذيته للرسول انه اتخذ جاريتين تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وفيه انه صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل مكة مكة عنوة كما هو مذهب الجمهور. وبه قال ابو حنيفة ومالك واحمد رحمهم الله وقال الشافعي دخلها بامان والصحيح قول الجمهور لادلة كثيرة جدا. ولكنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم تكرم عليهم. فلم يحل فيهم السيف. بل قال من دخل المسجد فهو امن. ومن دخل دار ابي سفيان فهو امن ومن اغلق عليه بابه فهو امن. وهذا كرم منه لا حق لهم فيه واستثنى بعض اشخاص امر بقتلهم. ولو وجدوا متعلقين باستار الكعبة والله اعلم. العشرون والمائتان. الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل مكة من كداء. من الثنية العليا التي بالبطحاء. وخرج من الثنية السفلى. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل مكة من كداء. الى اخره كداء بفتح الكاف. وهي الثنية العليا التي تمر على المقبرة وكانت ثنية والان سهلت. وهي المسماة الان بطريق العمرة يسمى ريع الحجول. وهو الحجون ولكنهم الان يبدلون نونه لاما وكودا بضم الكاف. هي الثنية السفلى من المسفلة ففيه انه يستحب اتباع الرسول في مخالفة الطريق. فيدخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى. وهذا لمن تيسر له كأهل مدينة واما من يشق عليه كاهل اليمن ونجد ونحوهم يفعلون ما تيسر لهم. قالوا ومن الحكم في مخالفة الطريق ليشهد له الطريقان وقد ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم خالف الطريق في الخروج لصلاة العيد. فخرج من طريق ورجع من طريق اخرى وكذلك في طريق عرفة. فذهب اليها من طريق ضب. ورجع الى مزدلفة طريق المأزمين. وهما الجبلان. الحادي والعشرون والمائتان الحديث الثالث عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم البيت واسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة. فاغلقوا عليهم الباب. فلما فتحوا الباب كنت اول من ولج. فلقيت بلالا فسألته. هل صلى في فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قال نعم بين العمودين اليمانيين. رواه البخاري ومسلم. قال قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم البيت واسامة بن زيد وبلال اي خادميه ومواليه. وعثمان بن طلحة. اي الحجبي اي حاجب البيت. فاغلقوا عليهم الباب. اي لي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في مناجاة ربه وشكر نعمته فانه لو اذن للناس في الدخول معه لازدحموا عليه. ولم كان من مراده قوله فلما فتحوا الباب كنت اول من ولج. فلقيت بلالا فسألته الى اخره. لانه رضي الله عنه كان جدا على اتباع اثار الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى انه ورد. انه كان يتحرى المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فيصلي فيها بين مكة والمدينة ولو لم يكن في وقت صلاة. فلهذا سأل بلالا فاخبر انه صلى بين العمودين اليمانيين. وفي بعض الروايات قدامك اذا دخلت. اي انه جعل العمود الاوسط عن يمينه. والعمود الايسر عن يساره. وجعل الباب خلفه والحائط الغربي المقابل للباب قدامه وفي بعض الروايات ولم اسأله كم صلى. اي انه ندم رضي الله عنه لانه غاب عنه ان يسأله كم صلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فيستحب دخول البيت والصلاة فيه. فيصلي ما تيسر. الثاني والعشرون والمائتان. الحديث الرابع عن عمر رضي الله عنه انه جاء الى الحجر الاسود وقبله وقال اني لاعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع. ولو لاني رأيت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقبلك ما قبلتك رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر انه جاء الى الحجر الاسود فقبله الى اخره. يقول رضي الله عنه اني لم افعل هذا تعظيما لشيء من احجار كما يفعل اهل الجاهلية بل انما هذا تعظيم لله ولرسوله لانه امر بتقبيله. فيستحب تقبيله واستلامه باليد اليمنى ومسح الوجه به. الجبهة والخدين للتبرك. فانه ورد ان انه من استلمه فكأنما صافح الرحمن. ومن قبله فكأنما قبل يد الرحمن وكذلك يستحب استلام الركن اليماني. ولا يستحب تقبيله واما الركن الشامي والغربي فلا يستحب استلامهما ولا تقبيلهم لانه لم يكن صلى الله عليه وعلى اله وسلم يستلمهما قد ورد ان معاوية لما حج رضي الله عنه جعل يستلم الاركان كلها فقال له ابن عباس ليس هكذا السنة. فقال معاوية ليس شيء من البيت بيتي مهجورا. فقال ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله في اسوة حسنة. فقال معاوية صدقت. فرجع لقول ابن عباس والحكمة ان الركنين اليمانيين على قواعد ابراهيم. والركنين الشاميين الذين يليان الحجر ليسا على قواعد ابراهيم. فان بعض الحجر من البيت كما ورد ان قريشا اختزلوه من البيت. لما قصرت عليه النفقة الحلال. وكرهوا ان يجعلوا فيه مالا حراما تعظيما له. مع انهم كفار ولكن هذا من صيانة الله تعالى لبيته وتطهيره له الثالث والعشرون والمائتان. الحديث الخامس. عن ابن باسم رضي الله عنهما انه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه مكة. فقال المشركون انه يقدم عليكم هم قوم قد وهنتهم حمى يثرب. فامرهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يرملوا الاشواط الثلاثة. وان يمشوا ما بين الركنين. ولم معهم ان يرموا الاشواط كلها الا الابقاء عليهم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن بس قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه مكة اي في عمرة القضية. وهي سنة سبع من الهجرة. فقال المشركون يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب. يعنون الرسول والصحابة اي ان الحمى اضعفتهم. وقصدهم التشمت بهم. ويثرب من المدينة ولكنها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن تسميتها يثرب. وسماها طيبة. وكان فيها حمى عظيمة فلما هاجر الرسول والصحابة اليها اصابتهم حماها. فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ربه ان ينقل حماها الى الجحفة فنقلها الله الى الجحفة. وخفت عن المدينة جدا ولم يزل فيها بقية منها. لكنها اخف من قبل ذلك لما سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قول المشركين اراد اغاظتهم فامر الصحابة ان يرملوا الاشواط الثلاثة. ليرى المشركون وتهم وجلدهم على العبادة. فلم يكفهم المشي كما يفعل الناس. حتى فانهم رملوا. وكان المشركون قد اجتمعوا على قعيقعان. وهو الجبل نادي اصله المروة. وهم في اعلاه. وموضعه فيه حارة تسمى الان بالقرارة ولم تزل اثار الجبل باقية. فاجتمعوا هناك لينظروا طواف الرسول والصحابة. وكانوا اذ ذاك من فيه يرى من في المسجد. فلما رأوا طوافهم غاظهم ذلك. وقالوا اينما تقول. فانه لم يكفهم حتى رملوا والرمل هو الخبب. وهو السرعة في المشي دون السعي. وامرهم صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يمشوا ما بين الركنين اليمانيين انهم في هذه الحال يختفون عن المشركين بالبيت. فحصل لهم المصلحتان اغاظة عدوهم وراحة انفسهم. وقوله ولم يمنعهم ان يرملوا الاشجار اشواط كلها الابقاء عليهم. اي انه اكتفى بالثلاثة الاول. لان ان يبقي عليهم نشاطهم. ففيه مشروعية اغاظة اعداء الله وفيه مشروعية الرمل. لانه تذكير بما جرى لاولياء الله مع اعدائه وكثير من افعال الحج شرع للتذكر. كما شرع السعي للتذكير ما جرى لهاجر واسماعيل. وكما شرع الرمي للتذكير بما جرى لابراهيم مع الشيطان ونحو ذلك. الرابع والعشرون والمائتان. الحديث السادس عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال رأيت رسول الله الله عليه وعلى اله وسلم حين يقدم مكة اذا استلم الركن الاسود اولا يطوف يخب ثلاثة اشواط. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حين يقدم مكة. اي في حجة الوداع اذا استلم الركن الاسود اول ما يطوف يخب ثلاثة اشواط اي انه يرمل الثلاثة الاول في اول طوافه. وفي هذا الحديث انه رملها كلها. فلم يمشي بين الركنين اليمانيين. ففيها هذا عدة فوائد. منها استحباب استلام الركن قبل الشروع. كما يستحب في كل شوط. وكما يستحب تقبيله. ومنها استحباب الرمل في اول طواف اي سواء كان طواف القدوم او طواف العمرة او طواف الحج انه اول طواف يطوفه بعد قدومه. يستحب الرمل في الثلاثة الاشواط الاولى ولي منه حتى ما بين الركنين. فاختص هذا الطواف بالرمل كذلك يستحب فيه كله. وهو ان يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الايمن وطرفيه على عاتقه الايسر. ويكشف عن عاتقه الايمن الخامس والعشرون والمائتان. الحديث السابع عن ابن عباس رضي الله عنه منهما انه قال طاف النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عباس طاف النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حجة الوداع على بعير. اي لان ستزاحموا عليه. حتى خرجت العواتق من خدورها. لرؤية النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فركب بعيره وطاف من وراء الناس. وكان اذ ذاك يمكن ادخال البعير المسجد. وقوله يستلم الركن بمحجن. اي عصا محيا نية الرأس لانه لا يمكنه استلامه بيده. ولا تقبيله وهو راكب ففيه جواز الطواف راكبا لعذر. واما لغير عذر فلا يصح وفيه انه اذا شق عليه استلامه بيده استلمه بعصا ونحوها احب استلامه بيده وتقبيله. فان شق تقبيله استلمه بيده وقبلها فان شق استلمه بعصا وقبلها. فان شق اشار اليه بيده واكثر الناس يظن انه لا يصح له طواف ان لم يقبله. فتجدهم يزدحمون ويؤذي بعضهم بعضا. فينبغي انه اذا شق وكان لا يحصل الا بالاذية والضرب ونحوه تركه. واشار اليه او استلمه ان امكن بيده. والا اه فبعصا ونحوه. فاذا رأى فرجة شرع له تقبيله. السادس والعشرون والمائتان الحديث الثامن عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال لم ار النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يستلم من البيت الا ركنين اليمانيين. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر لم ارى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يستلم من البيت غير الركنين اليمانيين. فيه مشروعية استلامهما كما تقدم. وهما الركن الذي فيه الحجر الاسود والركن اليماني ويسميان اليمانيين تغليبا لاحدهما. كما يسمى الركنان اللذان يليان الحجر شاميين تغليبا للشامي. والا فاحدهما شامي والاخر غربي ولا يشرع استلام الركنين الشاميين