وهم عليه فهو جائز. فان قيل لعله لم يعلم بذلك. قيل هذا بعيد. وعلى تقدير ذلك فقد اجاب عنه هنا جابر. كنا اعزل والقرآن ينزل. الى اخره. اي انا نفعل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين اظهرنا. ولم يستكمل انسان قرآن ومحال ان يتركهم الله تعالى على فعل محرم. لم يبينه لهم على لسان رسوله. وقد اخبر انه اكمل اكان للنصح لا يكون غيبة. كالمستفتى فيه ولو كان يكره ذلك ولهذا قال بعضهم في بيان الاشياء التي لا يكون الذم فيها غيبة الذم ليس بغيبة في ستة. متظلم ومعرف ومحذر قالت فلما حللت ذكرت له ان معاوية ابن ابي سفيان ابا جهم خطبان. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم اما ابو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. واما المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله العاشر والثلاثمائة. الحديث الثالث عن انس بن مالك رضي الله الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رأى عبدالرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران. فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مهيم. فقال يا رسول الله تزوجت امرأة. فقال ما اصدق وقتها قال وزن نواة من ذهب. قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم بارك الله لك. اولم ولو بشاه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رأى عبدالرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران. وكان هذا من طيب النساء. لانه ورد طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه. وطيب النساء ما خفي ريحه وظهر لونه واذا كانت في بيتها فلتتطيب بما شاءت. فلما استغربها هذا الاثر قال مهيم. اي ما العلم وما الخبر؟ فقال يا رسول الله توجت امرأة اي فاصابني هذا منها فلا غرابة. فقال ما اصدقتها اي ما قدر صداقها وما هو. قال وزن نواة من ذهب اي قدر عشر جنيه. فان الجنيه الافرنجي وزنه عشر نوى. هذا مع انه رضي الله عنه من اغنى الصحابة واكثرهم مالا. فدعا له صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم فقال بارك الله لك ثم امره بالوليمة فقال او لم ولو بشاه. ففي هذا الحديث فوائد كثيرة منها انه ينبغي للانسان تفقد احوال اصحابه. واذا رأى شيئا سألهم عنه وليس هذا مما لا يعني خصوصا له صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ومن قام مقامه في تبيين الاوامر والنواهي. فانه صلى الله عليه وعلى اله وسلم يسألهم عن الشيء. فاما ان ينهى عنه ان مخالفا للشرع واما ان يقرره ان كان على وفق الشرع. واما ان ان يأمر باكماله وتتميمه ان كان لم يكمل. وفي هذا الحديث قرره على ما فعل وامره ان يتمم ذلك ويكمله بالوليمة. ومنها مشروعية صداق وانه لا بد منه في النكاح. ولهذا قال ما اصدقتها عليه ولا يلحق بالزاني لقوله وللعاهر الحجر. ولا هنا في هذا ما يأتي من قوله الولد للفراش. فان المراد بذلك اذا لم ينفه ففي قوله وفرق بين المتلاعنين اي فرقة مؤبدة اي فهو متقرر انه لابد منه. ومنها مشروعية تخفيفه. فان عبدالرحمن بن عوف من اغنى الصحابة. ومع هذا فهذا قد صداقه وكان صداق ازواج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وبنى اربعمائة درهم او خمسمائة. اي مقدار خمسين ريالا الى الست ومنها استحباب المباركة للمتزوج. وقد ورد انه يستحب ان يقول له بارك الله لك ما وعليكما. اي هو وزوجته وجمع بينكما في خير وعافية. ومنها احباب الوليمة في النكاح. وهي الطعام الذي يصنع في ايام العرس سواء صنعه المتزوج او اهل الزوجة. فكله مستحب ما لم يبلغ حد الاسراف. وكل الدعوات مباحة بالاصل. ما لم يكن من ثم عارض فتستحب ان كان فيها مصلحة. او تكره ان كان فيها مفسدة او تحرم كما اذا كان فيها منكر لا يقدر على ازالته. وكما ما حرم على القاضي اجابة الدعوة حيث كان تهمه. واما الدعوة الى وليمة عرس فمستحبة. والاجابة الى سائر الدعوات مستحبة بالاصل ما لم يوجد عارض كما تقدم. واما الاجابة الى وليمة العرس فوائد عجيبة فهي من حقوق المسلم على المسلم. وقد ورد شر الطاعة حامي طعام الوليمة. اي وليمة العرس. يدعى اليها من يأباها. ويحرم منها من يريدها. اي يدعى اليها الاغنياء دون الفقراء ثم قال ومن لم يجب فقد عصى ابا القاسم صلى الله عليه وعلى اله وسلم فينبغي للانسان الا يجعل الوليمة بهذه. فينبغي ان يدعو اليها عموما الناس من اقاربه وجيرانه والاغنياء والفقراء. ويحصد ادراك السنة في الوليمة باقل شيء. وقد تقدم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اولم على صفية بحيس. فينبغي للانسان ان يولم على قدر حاله. بل وان كان فقيرا لا يقدر على الطعام ادرك السنة بالقهوة ونحوها من الاشياء التي اعتادها الناس. وطعام اهل المرأة على الزواج وليمة تحصل بها السنة. واذا صنع الزوج الوليد عند رحيله. وكان قريبا من ايام العرس ادرك السنة. ولا لا تكره اذا وانما المكروه. ان يدعو الناس يومين او ثلاثة. لانها فاسراف ورياء. ومما دل عليه هذا الحديث استحباب اظهار النكاح واعلانه. لانه من الشعائر التي ينبغي اعلانها. وانه يحصل بذلك الاقتداء. ولانه قد يكون بينهما رضاع يجهلونه فإذا اشتهر فإن كان احد يعلم رضاعا اخبر به. الى غير ذلك من المصائب وقد امر بالدف عليه. واما نكاح الخفية وهو الذي وصون بكتمانه فقد اتفق العلماء على انه مذموم مخالف للشرع وان صاحبه على خطر عظيم. واختلفوا في صحته فالجمهور على انه صحيح مع ما فيه من المفاسد. وقال بعض العلماء منهم الامام مالك وشيخ الاسلام تقي الدين. انه لا يصح وسفاح لا نكاح. واستدلوا على ذلك بادلة كثيرة منها انه خلاف الشرع ومخالف لامر الله ورسوله. ومنها انه سبب لتهمة الانسان بالريبة. ولو كان من اعف الناس فانه اذا رآه الناس يدخل على بيت لا يعرفون له فيه زوجة ولابد. ومنها انه سبب لكثرة الزنا. فلا يشاء احد ان يزني بامرأة الا فعل. فاذا رأى انه قد اطلع عليه اتى انسان فعقد له عقد سر. وفيه من الفساد ما الله به عليم ومنها انه قد يكون بينهما رضاع لا يعلمونه. فينكح ذات محرمه ومنها انه قد تلد له فيموت الشهود او ينسون. فينكر فتضيع انسابهم. ومنها انه لا بد ان يجور ولا يعدل بين هذه التي نكحها خفية وبين زوجته الاولى او زوجاته. فانه اولى يأتي الى هذه الا على وجه السرقة والاختفاء فلا يقسم لها ولا يمكن العدل في هذه الحال. وهي وان لم تطالبه بحقها فهي لم ترضى باسقاطه. وانما تركته على وجه الاغماض الى غير ذلك من المفاسد. واذا نظرت الى ما احتوى عليه من المفاسد رأيت ان جانب التحريم ارجح. واذا تأملت احوال الناس اليوم فاذا هي محنة عظيمة وبلية جسيمة. ويجب على الشهود ومن علم به افشاؤه واظهاره والاخبار به. ولا يدخل فيه اخفاء ليل الدخول مع اظهار الزواج. ولا اخفاؤه قبل قرب وقت الدخول لبعض الاغراض واعلانه عند الدخول لانه ليس اخفاء له كتاب الطلاق. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته كتاب الطلاق. وهو حل قيد النكاح او بعضه بالفاظ مخصوصة اي ولم يكن بها حاجة الى التجمل. لانها لا يحل لها النكاح بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كسائر امهات المؤمنين لانهن ازواجه في الدنيا والاخرة. ولهذا بينت الداعية فقولنا حل قيد النكاح. ويحصل باربع صور كما تقدم احداها استكمال الثلاث. الثانية اذا طلق قبل الدخول ثالثة اذا كان على عوض. الرابعة اذا طلق في نكاح فاسد وقولنا او بعضه اي اذا كان رجعيا. وهو من نعمة الله تعالى كما ان النكاح نعمة ايضا. فاذا كره الانسان المرأة فقد قد جعل الله له هذا الطريق الى فراقها. ولم يجعلها غلا في سوقه كحالة النصارى. فان هذه الامة وسط بين الامم في الاحكام فكان النصارى ليس عندهم طلاق. فتكون المرأة اذا كريهها غلا في عنقه وحسرة عليه. واليهود والمشركون ويراجعون متى شاءوا. وليس لهم حد ينتهون اليه يحصل في ذلك من الاضرار بالمرأة شيء كثير. فشرع الله الطلاق لهذه امتي الى ثلاث ثم بعد ذلك لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره واما حكمه فالاصل فيه الكراهة. ويباح للحاجة ويستحب للضرر. ويجب للايلاء. واذا فسد دين المرأة ولم يقدر على اصلاحه. ويحرم للبدعة. وهو الطلاق في الحيض او في طهر قد جامع فيه. او تعقب حيضة طلق فيها ان تكون حاملا او صغيرة لم تحض او ايسة. ومن طلاق البدعة قاع الثلاث دفعة واحدة. الحادي عشر والثلاثمائة الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما انه طلق امرأته وهي حائض. فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فتغيظ منه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم قال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم وتحيض فتطهر. فان بدا له ان يطلقها فليطلقها قبل ان يمسها فتلك العدة كما امر الله عز وجل. وفي لفظ ثم تحيض حيضة مستقبلة. سوى حيضتها التي طلقها فيها وفي لفظ فحسبت من طلاقها. وراجعها عبد الله كما امره رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومما يدل على تحريم طلاق الحائض. ما ذكره في حديث ابن عمر. انه امرأته وهي حائض. فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فتغيظ منه. اي كره ثم نهاه عن ذلك فقال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيظ فتطهر. ثم ان له ان يطلقها فليطلقها قبل ان يمسها. ففي هذا من الحكمة الرحمة شيء عظيم. فانه لا يطلقها الا وليس في نفسه شيء من الرغبة فيها. فانه اذا غضب واراد طلاقها وقد وطئها ثم تركها حتى تحيض ثم تطهر ثم يطلقها قبل ان يمسها انه لو ابيح له ان يطلقها متى شاء لطلقها في حال الغضب. ثم اذا زال غضبه ربما ندم ندامة شديدة. فالشارع لطيف حكيم وقوله فتلك العدة التي امر الله عز وجل. اي في قوله فطلقوهن لعدتهن. اي انه من حين ان يطلقها تشرع في عدتها. فلا تطول عليها العدة. ولا يجوز ان يطلقها في الطهر الذي تعقب الحيضة التي قد طلق فيها. قيل الحكمة في ذلك انه عقوبة له. وفي هذا نظر. فالله اعلم بالحكمة في ذلك وقوله في اللفظ الاخر فحسبت من طلاقها. ورد راجعها عبد الله كما امر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم هذا اصح قولي العلماء. فانهم اختلفوا في ذلك هل يقع الطلاق في الحي يابا وتحسب من طلاقه ام لا. الصحيح انه يقع وتحسب عليه ويؤمر برجعتها كما هو صريح هذا الحديث ثاني عشر والثلاثمائة. الحديث الثاني. عن فاطمة بنت قيس ان ابا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب. وفي رواية طلقها ثلاثة. فارسل اليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله ما لك علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فذكرت ذلك له فقال ليس لك فيه نفقة وفي لفظ ولا سكنى. فامرها ان تعتد في بيت شريك ثم قال تلك امرأة يغشاها اصحابي. اعتدي عند ابن ام مكتوم فانه رجل اعمى تضعين ثيابك. فاذا حللت معاوية فصعلوك لا مال له. انكحي اسامة ابن زيد كرهته ثم قال انكحي اسامة. فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به. رواه مسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث فاطمة بنت قيس ان ابا عمرو ابن حفص طلقها البتة. الى اخره. وفي الرواية الاخرى اخرى طلقها ثلاثا. ويفسر هاتين الروايتين رواية اخرى. انه ارسل اليها بتطليقة بقيت من اخر ثلاث تطليقات اي انه طلقها واحدة. وقد سبق لها منه طلقتان قط قبل ذلك فبانت منه بهذه الاخيرة. لانه كما تقدم انها تبين باستكمال الثلاث. والبت القطع. اي انه لا رجعة له عليها وليس معنى قولها طلقها ثلاثا انه اوقعها جميعا بدليل الرواية الاخرى. ولانه يحرم ايقاع الثلاث معا ولما فعل ذلك رجل في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قام غضبان وقال ايلعب بكتاب الله وانا بين اظهركم ولانه من اتخاذ ايات الله هزوا. وقوله فارسل اليها وكيله بشعير. اي نفقة لها مدة العدة هذا تبرع منه. وكان قد تقرر عندهم ان المطلقة الرجعية لها النفقة والسكنى. لانها في حكم الزوجات. ما لم يأمرها اقامة عنده مدة العدة فتمتنع فانها تسقط. لانها ناشز واذا نشزت الزوجة اي عصت زوجها سقطت نفقتها. فالرجعية اولى وان لم يأمرها بالعدة في بيته. فانها تجب عليه مدة العدة فان لم ينفق عليها بقيت دينا في ذمته. واما اما البائن فان كانت حامل فلها النفقة لاجل الحمل. وان لم تكن حاملا فلا نفقة لها. لانها اجنبية منه. وكان هذا حكم خفي على كثير من الصحابة. ولولا ان الله تعالى يسر وقوعه وبسبب فاطمة بنت قيس لخفي هذا الحكم. وكانت رضي الله عنها من النساء العالمات. وخفي هذا الحكم حتى على عمر رضي الله عنه فكان يرى ان لها النفقة مطلقا. ولكن هذا الحديث صحيح صريح في التفريق بين البائن والرجعية. ولما ظنت فاطمة ان لها النفقة سخطة الشعير. لما بعث به وكيله اليها وقوله سخطته اي اما ردته. واما اخذته وتكلمت به على وجهه تكره وكان قد علم انه لا حق لها عليه ولهذا قال والله ما لك علينا من شيء. فاقسم على ذلك. فجاء رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فذكرت له ذلك اي اشتكته عليه فقال ليس لك عليه نفقة. وفي لفظ ولا سكنى اي لانها بائنة. فلما ذكر انه لا سكنى لها وكانت بالاول في بيت زوجها امرها ان تعتد في بيت ام شيء ثم ذكر المانع فرجع فقال تلك امرأة يغشاها اصحابي ان يكثرون الدخول عليها. اعتدي عند ابن ام مكتوم ثم ذكر الداعي لذلك فقال فانه رجل اعمى تضعين ثيابك اي ولا يراك وكان ابن عمها. ثم قال فاذا حللت اي فرغت عدتك. فاذنيني اي اخبريني. ولعله ارى بعد ان يشير عليها بنكاح اسامة بدليل اخر الحديث. وعدتها ان كانت حاملا بوضع الحمل. ولكن في هذه المسألة لم تكن حاملا الحائض ثلاث حيض. وان لم تكن تحيض بان كانت صغيرة او ايسة فعدتها ثلاثة اشهر. وان كانت تحيض وارتفع حيضها بسبب رضاعة او مرض فعدتها ثلاث حيض. ولو استمر السبب ولم يأت فيها الحيض سنة او سنتين او اكثر. وقولها فلما حللت اي فرغت العدة. ذكرت له ان معاوية بن ابي سفيان وابا جهم خطير كلاهما من قريش من بني عمها. فلما استشارته فلها النصح. وهكذا يلزم من استشير ان ينصح. فان المستشار مؤتمن فقال اما ابو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. اي انه خراب للنساء سيء الخلق. واما معاوية فصعلوك. اي فقير لا مال له. وهو الذي تولى امرة المؤمنين رضي الله عنه فانظر كيف انتقل من حالته الاولى الى حالته هذه. ثم ثم لما بين لها انها هذين لا يصلحان لها. اشار عليها بنكاح اسامة فقال انكحي اسامة بن زيد اي ابن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قالت فكرهته اي لانه مولى وهي من اشراف قريش. وهو ايضا عربي. لان انه من بني كلب. ولكنه مسه الرق. وهذا عندهم يقدح في الانسان فلما رآها تلكأت وكرهته اعاد عليها مرة اخرى قال انكحي اسامة. قالت فنكحته. اي قبولا لنصحه وامتثالا لامره والا فهي كارهة له. ولكن صار الخير بما ارشدها اليه وقد يكون المكروه سببا للامر المحمود. كما قال تعالى عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم. وفي الاخر اية اخرى فقالت فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به. اي انها اصابت منه خير خيرا كثيرا من الدين والدنيا. واحبته محبة شديدة. ففي هذا كالحديث فوائد عديدة. منها ان المرأة تبين في تطليقات ومنها ان البائن لا نفقة لها ولا سكنى اذا لم تكن حاملا. ومنها وجوب العدة. ومنها انه يجب النصح للمستشير. ومنها ان القدح في الشخص المستشار فيه اذا ففيه ان من حلف على شيء وقال ان شاء الله لم يحنث لانه استثنى فاذا لم يفعل ما حلف على فعله تبين له ان الله تعالى لم يشأ ان يفعل ذلك ولمظهر فسقا ومستفت ومن. طلب الاعانة في ازالة تيم كري. ومنها ان امتثال امر الرسول صلى الله عليه وعلى اله سلم خير كله. سواء احب الانسان ام كره باب العدة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب العدة وهي تربص الزوجة المفارقة بحياة او موت. سواء كان الفراق بطلاق او فسخ او غيرهما. واما الاستبراء فهو للسرية والقصد منه العلم ببراءة الرحم. وللعدة فوائد. منها ان انها حق للزوج وحريم لنكاحه. وهو واضح في الرجعية. فانه رجعتها ما دامت في العدة. وليعلم براءة رحمها. فهو حق ونادي لي الا يضيع نسبه او ينسب الى غير ابيه. ومنها انه حق لله تعالى ومنها انه حق للزوج المتأخر لان لا مختلط ماؤه بماء غيره. والعدة اقسام. فان كانت حاملا فعدتها وضع الحمل. سواء كانت متوفا عنها او مفارقة في الحياة وهذه ام العدات. الثانية المفارقة في الحياة وهي غيره في رحام فعدتها ان كانت تحيض ثلاث حيض. ولو ارتفع حيضها لمرض او رضاع ونحوهما. ومكثت على ذلك سنين انها تنتظر حتى يعود ثم تعتد به. وان كانت صغيرة او كويسة فعدتها ثلاثة اشهر. الثالثة المتوفى عنها فعدتها ان لم تكن حاملا اربعة اشهر وعشر. الثالث اثنى عشر والثلاثمائة. الحديث الاول. عن سبيعة الاسلمية انها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا. فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب ان وضعت حملها بعد وفاته. فلما تعلت من نفاقه كراسيها تجملت للخطاب. فدخل عليها ابو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها ما لي اراك متجملة؟ لعل التي تريدين النكاح. والله ما انت بناكح حتى تمر عليك اربعة اشهر وعشرة قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين امسيت. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسألته عن ذلك. فافتاني باني قد حللت حين وضعت حمله وامرني بالتزويج ان بدا لي. قال ابن شهاب ولا ارى بأسا ان تتزوج حين وضعت. وان كانت في دمها. غير انه لا يقربها زوجها حتى تطهر. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث سبيعة الاسلمية. انها كانت تحت سعد بن خولة. الى اخره تقدمت قصته وانه من المهاجرين. فمات بمكة في حجة الوداع فتعزز له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ورث له وقوله فلم تنشب ان وضعت حملها اي انها لم تستكمل اربعة اشهر اشهر وعشرا. وورد في بعض الروايات انها ولدت بعد وفاته شهر فلما تعلت من نفاسها اي ارتفع واغتسلت مني فاسها تجملت للخطاب. اي انها فهمت ان قوله تعالى واولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن عام لكل معتدة. ولكنها لم تكن متيقنة ولهذا قال فدخل عليها ابو السنابل ابن بعكك. رجل من بني عبد الدار فقال لها ما لي اراك متجملة؟ لعلك تريدين النكاح والله ما انت بناكح الى اخره. لانه غلب على ظنه ان قوله تعالى ازواجا يتربصن بانفسهن. يتربصن عام لكل متوف عنها حاملا كانت اولى. فلما قال لها ذلك واقسم على ذلك دخل عليها الشك. لانها ليست على يقين تام فلهذا قالت فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين امسيت فأتيت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الى اخره فكان ما فهمته هو الصواب. وقوله قال ابن شهاب اي الزهد احد رجال سند هذا الحديث. ولا ارى بأسا ان تتزوج حين وضعت ان كانت في دمها اي لانه افتاها بفراغ عدتها من حين الوضع ولكن لا يقربها زوجها حتى تطهر. وهو كما قال رحمه الله ففي هذا الحديث ان عموم قوله مقدم على قوله والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا الاية فهو مقدم عليه ومخصوص به. وفيه وجوب العدة الرابع عشر والثلاثمائة. الحديث الثاني عن زينب يا بنت ام سلمة انها قالت توفي حميم لام حبيبة. فدعت بصفرة فمسحت بذراعيها فقالت انما اصنع هذا لاني سمعت رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا يحل تؤمن بالله واليوم الاخر. ان تحد على ميت فوق ثلاث الا على زوج رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله هو في تعليقاته قوله في حديث زينب بنت ام سلمة توفي حميم اي قريب لام حبيبة. فدعت بصفرة فمسحت ذراعيها يا لها الى فعل ذلك. فقالت انما اصنع هذا لاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا يحل لامرأة تؤمن واليوم الاخر. الى اخره. اي ان الايمان بالله واليوم الاخر مانع لها من الاحداد على ميت فوق ثلاث. سواء الاب والاخ والابن وغيره. واما الثلاثة فيعفى عنها. لانه لابد من وجود المصيبة. ويستثنى من ذلك الزوج. فيجب ان تحد عليه اربعة اشهر وعشرا في مدة العدة. والحج هو المنع. والاحدال هو الامتناع من الطيب ونحوه. والملابس الحسنة التي تدعو الى نكاحها وترغب فيها. كما ياتي قريبا ان شاء الله تعالى. فيجب عليه اجتناب ذلك في العدة. وهو واجب في العدة. وليس شرطا من شروطها فانها لو تركته حتى مضت العدة فقد تمت عدتها. وتأثم ان ذلك. وهو من حقوق الزوج. ففيه عظم حق الزوج. وانه واعظم من حقوق جميع الاقارب. فلو امرها ابواها بفعل شيء وامرها زوجها بعدم فعله فان امكنها ارضاء الجميع والتلطف لهم فبها ونعمة وان لم يمكنها ذلك وكان لابد من مخالفة احد الامرين وجب عليها تقديم امر زوجها ولو خالف امرهما. وهذا من عظم حقه ولهذا ورد لو كنت امرا احدا ان يسجد لاحد لامرت المرأة ان تسجد لزوجها. من عظم حقه عليها. وفيه وجوب الاحداد على الزوج. وفيه تحريم الاحداد فوق ثلاث على غيره الخامس عشر والثلاثمائة. الحديث الثالث. عن ام عطية رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث. الا على زوج اربعة اشهر وعشرا. ولا تلبس ثوبا مصبوغا الا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيبا الا اذا طهرت. نبذة من قسط او اظفار. رواه اهو البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومثله قوله في حديث ام عطية لا تحد امرأة على ميت فور ثلاث الا على زوج اربعة اشهر وعشرا. اي في مدة ولو مات وهو غائب. فلم تعلم بموته الا بعد مضي هذه المدة فقد تمت العدة. ولا احداد لمضي مدته. وقول ولا تلبس ثوبا مصبوغا. اي اذا كان يقصد للزينة. ولهذا قال قال الا ثوب عصب. وهو نوع من الثياب يأتي من اليمن. فانه مصبوق لغير الزينة. فالمقصود انه يحرم المصبوغ لاجل الزينة. واما اما ما صبغ للمهنة ونحو ذلك فلا يحرم. ويختلف باختلاف الازمنة والامكنة ويحرم لبس جميع الحلي. لانه مما يدعو الى نكاحها فيحرم عليها بجميع انواعه. الذي يجعل على الرأس والذي يجعل على الصدر والرقبة. وما يجعل في اليدين والرجلين. ويدخل في ذلك المجاول ونحوها. وقال بعض العلماء ويباح من الثياب كل ما لم يصبغ ولو كان حريرا. وهو المشهور من مذهب احمد. والصحيح الرواية الثانية عنه. انه يحرم جميع ما يستعمل للزينة. سواء قبض او كان على خلقته ابيض. وليس العلة صبغه. وانما العلة التجمل بل ربما كان بعض الثياب البيض احسن واجمل من كثير من الثياب المصبوغة. واختار هذا القول شيخ الاسلام وابن القيم. قال في صافي وهو الصواب. ومما يحرم عليها الحناء. اذا استعملته على وجه الزينة كما يجعل في اليدين والرجلين. واما لو استعملته على الم كقروح ونحوها فلا بأس به. وقوله ولا تكتحل اي في الاثمد والكل كحلي الاسود ونحوه من الاكحال. التي يتجمل بها الكحل الذي لا يبقى له اثر في العين كالدواء. وقوله ولا تمس طيبه اي جميع انواع الطيب. لانه يرغب فيها. ويدعو الى نكاحها سواء كان مائيا او مسحوقا او عود بخور او غير ذلك ثم استثنى من ذلك فقال الا اذا طهرت اي من حيضها نبذة اي قطعة. من قسط هو نوع من الطيب. او اظفار ايضا نوع من الطيب. اي تجعلها في محل الخارج ليذهب ريحه وزهومته كيف يباح ذلك؟ ولانه ايضا لا يعد تجملا. ولا يباح استعمال ولو احتيج اليه. السادس عشر والثلاثمائة. الحديث الرابع عن ام سلمة رضي الله عنها انها قالت جاءت امرأة الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت يا رسول الله ان ابنتي توفي عنها زوجها. وقد اشتكت عينها افنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا فقال لا والذي بعثك بالحق نبيا. ما كذبت عليها ثم دعاها ووعظها وذكرها. واخبرها ان عذاب الدنيا اهون من عذاب هذه الآخرة. فقالت لا والذي بعثك بالحق انه لكاذب. فبدأ مرتين او ثلاثة ثم قال انما هي اربعة اشهر وعشر وقد كانت احداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب كانت المرأة اذا عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها. ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر عليها سنة ثم تؤتى بدابة حمار او طير او شاة فتفتض به فقلما تفتض بشيء الا مات. ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب او غيره. رواه البخاري ومسلم. الحفش البيت الصغير. وتفتض وتدلك به جسدها. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولهذا قال في حديث ام سلمة جاءت امرأة الى النبي صلى الله عليه على آله وسلم فقالت يا رسول الله ان ابنتي توفي عنها زوجها. وقد اشتكت عينها. اي في وجعت افنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مرتين او ثلاثة. الى اخره. اي ترد عليه ذلك ويقول لا. فلما رأى استثقالها لهذا الامر ذكر رحمة الله تعالى ونعمته عليهم فقال انما هي اربعة اشهر وعشر اي انها مدة قليلة. وقد كانت احداكن في الجاهلية ترمي من بعرة على رأس الحول. اي من خفة ذلك عندكن. مع ان الله خفها فذلك بالعدد والصفة. فكيف تستثقلون هذه المدة القليلة وفسرت ذلك زينب بنت ام سلمة فقالت كانت المرأة اي في الجاهلية اذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا. اي ما يقطع في بيت الشعر يكون وهو عبارة عن بيت ضيق جدا. ولبست شر ثيابها اي اقبحها ولم تمس طيبا ولا شيئا. اي لا ماء ولا غيره ولا تتنظف فتتراكم عليها الاوساخ والعرق. حتى تمر عليها سنة اي وهي في هذه الحالة القبيحة. ثم تؤتى بدابة حمار او طير او شاة فتفتض به. اي تدلك به وسخها. ومن شدة رائحتها ونتنها قلما تفتض بشيء الا مات. ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي فيها اي اشارة الى ان ما مضى عليها هذه المدة الطويلة. في هذه في الحالة الشنيعة بالنسبة الى موت زوجها. اخف عندها من رمي هذه البعرة ثم تراجع بعد. اي بعد هذه ما شاءت من طيب او غيره فانظر الى رحمة الله بهذه الامة وتخفيفه عليهم. حيث بدل السنة فباربعة اشهر وعشر. واباح لها ان تنظف وتزيل وسخها. وتلبس ما جاءت من الثياب غير ما يقصد للجمال. وتذهب الى حيث شاءت من بيتها الى اعلاه او اسفله او اوسطه. غير انها لا تخرج منه وان احتاجت للخروج كشراء طعام ونحوه. وليس لها احد يقضي حاجته خرجت لذلك نهارا فقط. ويحرم عليها الخروج بالليل مطلقا ولا تعود مريضا ولا قريبا. ومثله لو احتاجت للخروج التكسب كخدمة ونحوها. فتخرج نهارا بقدر الحاجة اما تكليم الناس فمن يباح لها مكالمته قبل الاحداد. فان انه يباح لها بعده ومن لا فلا. باب اللعان قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب اللعان. وهو ايمان مكررة من الجانبين مقرونة بلعنة او غضب. ولا يكون الا ما بين زوجين والاصل فيه قوله تعالى والذين يرمون ازواجا الاية واشترط العلماء فيها شروطا. كلها مستفادة من الاية كاشتراط انه بين زوجين. وان الزوجة تنكر وان يبدأ بالرجل ان يقرر كل منهما الايمان خمس مرات. وان يقرنه وفي الخامسة لفظة اللعنة ان كان من الكاذبين. وهي لفظة الغضب ان كان من الصادقين. واذا تم وترتب عليه اربعة امور. احدها سقوط الحد عنه. الثاني سقوط الحد عنها. الثالث الفرقة المؤبدة. الرابع انتفاء الولد اذا نفاه فلا يلحقه نسبه. ولا خفاء في حكمة الله تعالى في شرعه فانه ذكر قبله وجوب حد القذف على من رمى المحصنات. ومثله من رمى المحصنين. فلما كان من رمى زوجته ليس كمن رمى الاجنبية فرق الشارع بينهما. فانه لا يقدم على رميها الا بما يتيقن ولا صبر له عليه. فان عليه في ذلك عارا وضررا السابع عشر والثلاثمائة. الحديث الاول. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان فلان ابن فلان قال يا رسول الله ارأيت لو وجد احدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع. ان تكلم تكلم بامر عظيم وان سكت سكت على مثل ذلك. قال فسكت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يجبه. فلما كان بعد ذلك اتاه فقال ان الذي سألتك عنه قد ابتليت به. فانزل الله عز وجل هؤلاء الايات في سورة النور. والذين يرمون ازواجهم عليه ووعظه وذكره. واخبره ان عذاب الدنيا اهون من عذاب الله بالرجل فشهد اربع شهادات بالله. انه لمن الصادقين. والخالق كنيسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين. ثم ثنى بالمرأة فشهدت اربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين. والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين. ثم فرق بينهما. ثم قال الله يعلم ان احدكما كاذب. فهل منكما تائب؟ ثلاثة. وفي لفظ لا سبيل لك عليها. قال يا رسول الله ما لي؟ قال لا مال لك. ان كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها. وان كنت كذبت فهو ابعد لك منها رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولهذا قال في حديث ابن عمر ان فلان ابن فلان قال يا رسول الله اه ارأيت لو وجد احدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع؟ ان تكلم كلما تكلم بامر عظيم. وان سكت سكت على مثل ذلك. وفي بعض الروايات ان تكلم جلدتموه. اي حد القذف. وعليه في ذلك عار ان يكون زوج بغي وان سكت فعليه ضرر. وربما اتصف بالدياثة. فان الديوث من يقر الفاحشة فيه في اهله وقوله فسكت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلم يجبه لكراهته هذا السؤال. ولانه لم ينزل عليه في ذلك شيء كان الرجل قد شعر من امرأته بشيء من ذلك. فلهذا قال فلما كان بعد ذلك اتاه فقال ان الذي سألتك عنه قد ابتليت به. الى اخره وفي بعض الروايات انه جعل يقول له البينة. والا حد في ظهرك فانزل الله هذه الايات من سورة النور. والذين ازواجهم. الاية. فتناهن عليه رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. ووعظه وذكره الى اخره. ففيه انه يشرع ان يوعظ الرجل. لعله يرتدع ولا يلاعن. ويقال له ان عذاب الدنيا الذي هو حد القذف اهون من عذاب الاخرة. فاذا ابى الا ان امر باللعان. ثم توعظ هي وتذكر مثله. فان رجعت ولم تلاعن فان اقرت حدة وان لم تقر ولم تلاعن فتحبس حتى تقر او تلاعن على المشهور من مذهب احمد. وعنه انها تحد اذا نكلت ولو لم وهذا هو الصحيح. وقوله الله يعلم ان احدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ثلاثا اي انه لابد ان احدهما كاذب. وفيه عرض التوبة عليهما. لعل احدهما يندم ويرجع. وقوله لا سبيل لك عليها اه اي دائما وابدا. فان هذه فرقة مؤبدة. فلا تحل له ولو بعد ازواج كثيرين. وقوله فقال يا رسول الله ما لي اي صداقه فقال لا مال لك الى اخره. اي لا تستحق عليها شيئا. لانك ان كنت صادقا فهو بما استحللت من فرجها. لانه تقرروا لها بالدخول. فلا يجمع له بين الصداق وقد استباح فرجها. وان ان كان كذب عليها فهو ابعد. ففيه مشروعية اللعان وقد خالف غيره في امور كثيرة. منها ان الايمان تكون من الجانبين كالقسامة. ومن ها انه لا بد ان يقرن مع اليمين لفظ الشهادة. ومنها انه لابد ان قرن بالخامسة لفظة اللعنة. فيلعن نفسه ان كان كاذبا. ولابد فهي ان تقرن بها لفظة الغضب. وتضيفه الى نفسها ان كان من الصادقين ومنها انه ايمان مكررة. ويشاركه في هذا القسامة ايضا ومنها ان الاصل البينة على المدعي واليمين على من انكر وفي هذه كلها ايمان. وفيه انه يوعظ كل منهما وفيه انه يبدأ بالرجل. وفيه ان يكون بحضرة الامام او نائبه وفيه انه تعرض عليهما التوبة. وفيه انه يفرق بينهما فرق فرقة مؤبدة وفيه انه لا يرجع عليها بشيء مما اعطاها وفيه انه خاص بين الزوجين. الثامن عشر والثلاثمائة الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رجلا وما امرأته وانتفى من ولدها في زمان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم فامرهما رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فتلاعنا كما قال الله تعالى. ثم قضى بالولد للمرأة وفرق بين المتلاعب رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رجلا رمى امرأته الى اخره اصل الرمي في اللغة القذف بالشيء. والرمي الكلام القبيح وفي الاصطلاح هو القذف بالزنا خاصة. اي انه قذفها بالزنا وقال ان الولد ليس منه فتبرأ منه. وقوله فامرهما رسول الله ان الله عليه وعلى اله وسلم فتلاعنا كما قال تعالى اي كما تقدم موضحا في الحديث السابق فان هذا الحديث عبارة مختصرة من الحديث الاول وقوله ثم قضى بالولد للمرأة اي كان ينسب الى امه وانقطع نسبه من جهة الاب. لان الزوج نفاه ولاعنه كما تقدم. ففي هذا الحديث انه اذا انتفى من الولد ولاعن عليه فانه لا يلحقه وان لم يلاعن. بل قال ليس هذا الولد مني وابى ان يلاعن لحقه. وفيه انه لا يشترط لنفيه الوضع فلو نفاه وهو حمل ولاعن عليه انتفى بذلك. ولا يحتاج الى اعادة اللعان بعد الولادة. وهذا اصح قولي العلماء. لانه يحصل بذلك المقصود واذا تيقن زناها وان الولد ليس منه وجب عليه اللعان ونفي الولد لئلا يلحقه نسبه. وهو اجنبي منه ويجوز نفيه اذا غلب على الظن انه ليس منه مع تحققه زناها وفيه ان الولد يقضى به لامه. واختلف العلماء هل عصبته امه لان جهة الابوة والامومة انحسرت فيها. وبعدها عصبته عصبتها ولانه ورد في السنن تحوز المرأة ثلاثة مواريث لقيطها وعتيقها وولدها الذي لعنت عليه. وهذا اختيار شيخ الاسلام وهو رواية عن احمد والمشهور من المذهب. ان عصبته عصبة امه. لا هي بنفسها. والمذهب اصح. الا ان ثبت الحديث الذي في السنن فاختيار الشيخ اصح. فان الحديث ضعفه بعض وثبته اخرون. وفيه التفريق بين المتلاعنين التاسعة عشر والثلاثمائة. الحديث الثالث. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال جاء رجل من بني فزارة الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال قال ان امرأتي ولدت غلاما اسود. فقال النبي ان الله عليه وعلى اله وسلم. هل لك ابل؟ قال نعم قال فما الوانها؟ قال حمر. قال فهل يكون فيها من اورق قال ان فيها لورقى. قال فانى اتى ذلك؟ قال عسى ان يكون نزعه عرق. قال وهذا عسى ان يكون نزعه عرق. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة جاء رجل من بني فزارة الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ان امرأتي ولدت غلاما اسود اي وهو وزوجته مخالفان للونه. وكان يعرض بقذفها اسأله هل له ذلك؟ فلما فهم منه المرشد عليه الصلاة والسلام فهمه بعبارة تقرب اليه فقال هل لك من ابل وخصها لانه من اهل البادية. قال نعم. قال الوانها. قال حمر. اي كلها على هذا اللون قال فهل يكون فيها من اورق؟ وهو لون معروف. قال ان فيها اي واحدة على هذا اللون. قال فانى اتاها ذلك اي من اين لها هذا اللون؟ مع ان سائر الابل مخالف هذه. وهي مولودة من هذه الابل. فقال عسى ان يكون نزل معه عرق. اي لعله من اجداده او شيء على هذا اللون فجاء لون الولد عليه. فلما قال له ذلك واجاب سؤاله بنفسه قال له رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا عسى ان يكون نزعه عرق. اي ان الجواب عنهما واحد فلعل من اجدادك او جداتك احدا اسود. فجاء هذا الغلام ناموا بصفته. فقنع بهذا الجواب الشافي. الذي بين له الحال تم بيان ففيه انه لا يجوز القذف بمجرد الظن. بل لا بد من اليقين فلو رأى مثل هذه القرينة لم يرخص له في القذف وفيه ان التعريض اذا كان على وجه السؤال والاسترشاد. ولو فهم منه معنى القذف. فلا يعد قذفا ولا حد عليه فيه. وانما الحد في التصريح والتعريض. اذا قصد به القذف والقدح به بالمقذوف اجل الاسترشاد. وفيه حسن تعليمه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وارشاده فانه قد امتثل ما امره به ربه بقوله والموعظة الحسنة. الى غير ذلك من الاداب التي ادبه بها ربه. ولو قال له انه لا يجوز لك رميها بهذا الظن. والولد ولدك ونحو ذلك. لكفى في وامتثل الرجل امره. ولكن اراد صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يقنع ويتضح له حقيقة الامر. وفيه انه ينبغي مع تبيين الحكم تبيين حكمة الشيء. ومأخذه من الكتاب والسنة فهذا اعلى درجات العلم. فان صاحبه يكون على يقين مطمئن قلب وراحة تامة من كل وجه. فلا يزيل علمه شك ولا شبهة. لانه بلغ به اليقين التام. العشرون ثلاثمئة. الحديث الرابع. عن عائشة رضي الله عنها انها قالت اختصم سعد بن ابي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد يا رسول الله. هذا ابن اخي عتبة ابن ابي وقاص عهد الي انه ابنه انظر الى شبهه. وقال عبد بن زمعة هذا اخي يا رسول الله ولد على فراش ابي من وليدته. فنظر رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال هو لك يا عبد بن زمعة. الولد للفراش وللعاهر الحج واحتجبي منه يا سوده. فلم يرى سودة قط. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة اختصم سعد بن ابي وقاص هو احد العشر المبشرة بالجنة. وعبد ابن زمعة في غلام. فقال سعد يا رسول قول الله هذا ابن اخي عتبة عهد الي انه ابنه انظر الى شبهه. وكان عتبة كافرا. وقد عاهر بامة زمعة فحملت فاوصى اخاه سعدا بانه ابنه. وكانت هذه عادتهم في الجاهلية فادلى بانه عهد اليه اخوه به. وبان شبهه شبه عتبة. وقال عبد بن زمعة هذا اخي ولد على فراش ابيه من وليدته اي من سريته. فان الفراش الزوجة اذا دخل بها والامة اذا تسراها. واما مجرد الملك فلا تكون به فراشا فادلى بالفراش. فنظر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة. ولكنه رجح الفراش فقال هو لك يا عبد لقوة الفراش. ثم ترى الحكمة ودليل الحكم فقال الولد للفراش وللعاهر اي الزاني الحجر قيل المراد الرجم. وقيل المراد الخيبة. كما يقولون بغية الحجر. اي انه لم يحصل له شيء. بل حصل الخيبة والخسار وهذا اظهر. لانه ليس للزاني الحجر مطلقا فانه لا يرجم الا المحصن. واما غيره فيجلد. فلما قضى لعبد وكان الاصل انه يكون لاحقا به من كل وجه. فلهذا هذا قال واحتجبي منه يا سوده. الى اخره. اختلف في ذلك فقيل هو على وجه الالزام. فلا يحل له ان ينظر اليها وقيل انه على وجه الورع. لان نساءه صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم. ينبغي ان يكن اورع من غيرهن. وهذا اصح لانه لو كان على وجه الالزام لامر جميع محارم عبد بن زمعة ان ولا فرق بينها وبين سائر نسائه في ذلك ولكنه لما رأى بعتبة وكان الحكم في الظاهر انه لعبد احب والا ينظر الى سوده. ولان الاصل انه اذا الحق في النسب ترتب على ذلك جميع ما يترتب على النسب. ففي هذا حديث مسائل كثيرة. منها انه لا بأس بالتوكيل في استلحاق النسب ولهذا اقر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم سعدا على دعواه ومنها انه اذا مات الانسان وترك حقوقا مالية او غير مالية فان وارثه يقوم مقامه في المطالبة بها. ولو لم يوكل كله في ذلك. واختلف في ثلاثة حقوق. احدها حق القذف الثاني الشفعة. الثالث خيار الشرط. فالمشهور من المذهب ان هذه الثلاثة لا يطالب بها بعد موت المورث. الا اذا طالب بها ولهذا قال الامام احمد رحمه الله ثلاثة تسقط بموتها لاصحابها حق الشفعة وحق القذف وخيار الشرط. وعنه انها تورث كغيرها من الحقوق. وهذا هو الصحيح لادلة كثيرة ومنها ان الفراش مقدم على الشبه. فلا يلحقها حكم للشبه مع الفراش. ولا ينتفي عن صاحب الفراش. الا اذا نفاه ولا على ذلك كما تقدم. وفيه ان الزنا لا يكون سببا لثبوت النسب وفيه انه قد تتبعض الاحكام في المسألة الواحدة. في حكم به من جهة دون جهة. كما في الشهادات. فاذا شهد مثلا رجل وامرأتان بسبب ثبت المال دون القطع. وكما في البيع فلو باع عبدا وحرا او مجهولا ومعلوما او خلا وخمرا صفقة واحدة. صح في العبد والمعلوم الحل وبطل في الحر والمجهول والخمر. وفيه اعتبار الشبه مع عدم الفتن فراش فلو وطأ اثنان امرأة بشبهة فولدت ولدا وادعاه كل من ولا فراش. فانه يعرض على القافة. فمن الحقته به فهو له وان الحقته بهما فهو لهما. الحادي والعشرون والثلاثمائة. الحديث الخامس. عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قالت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل علي مسرورا تبرق اسارير وجهه فقال الم تر ان مجزز النظر انفا الى زيد ابن حارثة واسامة ابن زيد فقال ان بعض هذه الاقدام لمن بعض وفي لفظ كان مجزز طائفا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل علي مسرور تبرق اسارير وجهه. وكانت هذه عادته الله عليه وعلى اله وسلم. اذا سر عرف ذلك في وجهه وقوله الم تر ان مجززا نظر انفا. الى زيد بن حارثة واسامة اتى ابن زيد. اي وكانا قد غطيا رؤوسهما بقطيفة. وقد بدت ارجلهما كما في بعض الروايات فقال ان بعض هذه الاقدام لمن بعض وفي لفظ كان مجزز طائفا. والقيافة هي مع الشبه. وسبب سروره صلى الله عليه وعلى اله وسلم لان اسامة اسمر اللون وزيدا ابيض. فكان بعض الناس تكلم فيه وانه ليس ابنا لزيد. فلما رآهما مجزز وهو لا يعرفه وقال ذلك سر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بذلك لانه وافق الحق. وانتفت الشبهة التي ظنها بعض الناس. عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابن حبه. ففيه ان حق وانه يلحق بها الانساب مع عدم الفراش الثاني والعشرون والثلاثمائة. الحديث السادس. عن ابي سعيد قدري رضي الله عنه انه قال ذكر العزل لرسول الله صلى الله عليه على اله وسلم فقال ولم يفعل احدكم ذلك؟ ولم يقل فلا يفعل احدكم ذلك. فانه ليست نفس مخلوقة الا الله خالقها رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي سعيد ذكر العزل لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ولم يفعل احدكم ذلك؟ اي في اي شيء يفعله. وما الحامل له عليه؟ وقوله ولم يقل فلا يفعل احد احدكم ذلك اي انه لم ينه عنه. وانما سأل عن سبب الفعل والحامل عليه ثم ذكر الداعية الى تركه فقال فانه ما من نفس مخلوقة الا الله خالقها. اي ان كل شيء بقضاء وقدر فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ولم يكن هذا نفيا للسبب وانما المراد منه انه لا يتكل على السبب. بل لابد مع وجود السبب من موافقة القدر. فانه اذا تسبب الانسان بالعزم لاجل عدم الحمل وقد اراد الله وجوده. فانه لا بد ان ان يسبق من الماء شيء لا يحس به. يحصل منه وجود الولد. والعزل هو الانزال خارج الفرج. وغالبا ما يفعلونه مع الاماء اذا احب الا اتحمل وكذلك في مثل المرضع اذا اراد الا تحمل فارشد صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى انه ان قدر الله الحمل فلا ينفعه ذلك. ففيه وجوب الايمان بالقدر. قال الامام احمد القدر هو قدرة الله تعالى. اي تعلم ان الله قادر على كل شيء فهو الخالق الرازق المدبر لجميع الامور. فلا بد في وجود الشيء من السبب والقدر. فمن اعتقد عدم التأثير لاحدهما كوجود امر بدون القدر او انه يوجد بمجرد القضاء والقدر وانه لا تأثير للاسباب. فقد ضل ووافق مذهب اهل البدع الثالث والعشرون والثلاثمائة. الحديث السابع عن جابر رضي الله عنه انه قال كنا نعزل والقرآن ينزل. لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن. رواه البخاري ومسلم. قال قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر كنا نعزل والقرآن ينزل. لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن هذا الحديث في حكم المرفوع. فان قيل كيف يكون مرفوعا وجابر لم يرفعه الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قيل لان الشرع قوله وفعله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وتقريره وهذا من تقريره. فانهم اذا فعلوا شيئا وعلم به واقره لهم الدين. فعلى تقدير ان الرسول لم يعلم. فالجواب عنه ان الله تعالى يعلم ولو كان محرما لبينه على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى على آله وسلم. وقد اختلف العلماء في هذه المسألة. فالمشهود من مذهب احمد انه يجوز في السرية مطلقا. لانه لا حق لها في الوطء واما الزوجة فان كانت حرة لم يجز الا باذنها. لان لها حق في الوطء وان كانت امة فباذن سيدها. لان الحق له. واطلقوا الكلام هنا في الحرة فقالوا لا يجوز الا باذنها. لان الحق لها في عشقها النساء قالوا لا يجب عليه الوطؤ الا في السنة ثلاث مرات ومقتضى هذا ان ما زاد فلا حق لها فيه. وفي هذا من التناقض ما فيه وعنه رواية ثانية. انه لا يجوز العزل مطلقا. وعنه رواية ثالثة انه يجوز مطلقا. ولعل هذه الرواية اقوى من غيرها حديث ابي سعيد وحديث جابر. الرابع والعشرون والثلاثمائة الحديث الثامن عن ابي ذر رضي الله عنه انه سمع رسول الله ان الله عليه وعلى اله وسلم يقول ليس من رجل ادعى لغير ابيه وهو ويعلمه الا كفر. ومن ادعى ما ليس له فليس منا. وليتبوأ مقعده من النار. ومن دعا رجلا بالكفر او قال يا عدو الله وليس اليس كذلك الا حار عليه. كذا عند مسلم. وللبخاري نحوه. رواه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله قوله في حديث ابي ذر رضي الله عنه ليس من رجل ادعى لغير ابيه وهو يعلم الا كفر. الى اخره. فهذه ثلاثة اشياء نهى الشارع عن ها نهيا شديدا. فيجب على كل مسلم اجتنابها. الاولى من دعا لغير ابيه وهو يعلمه. اي انه يقول فلان ابي وينتسب اليه وهو يعلم ان اباه غيره. وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية لاجل الشرف فينسب الى قبيلة اشرف من قبيلته اقصد بذلك الفخر. وفي ذلك من اختلاط الانساب وضياعها شيء كثير فلهذا حذر عنه اتم تحذير. الثانية قال ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ اي وليبشر بمقعده من النار. وهذا عام في كل شيء. في الاموال وجميع الحقوق والمراتب وغيرها. فيدخل في فيه من ادعى مال غيره. او حقا من الحقوق التي ليست له وهو كاذب في ذلك واعظم من ذلك من يحلف على ذلك. ويدخل فيه من ادعى مرتبة ليست له. كمن ادعى العلم ليستفتيه الناس وليس بعالم ومن ادعى الطب وليس بطبيب ونحو ذلك. ففي ذلك من اكل اموال الناس ومن حقوقهم. وفيه اضلالهم وافساد دينهم ودنياهم. فلهذا الشارع بهذا الوعيد الشديد. الثالثة قال ومن دعا رجلا بالكفر او قال يا عدو الله وليس كذلك الا حار. اي رجع عليه اي من شتم انسانا وليس كما قال. ومثله لو قال يا يهودي او يا نصراني وليس كذلك. كتاب الرضاع. قال الشيخ السعدي الله في تعليقاته. قوله كتاب الرضاع. وهو شرب الطفل لبنا امرأة في الحولين ويشترط ان يكون ثاب عن حمل. وهذا غالب احوال النساء. انه لا يوجد الا بعد حمل. فلو حنت امرأة على طفل فثاب لبنها من غير وطأ ولا حمل. مع انه نادر. فلا يثبت به في حكم الرضاع. هذا المشهور من المذهب. والرواية الثانية انه به ولا فرق بينهما. لا شرعا ولا معنى. لان كليهما يغذي الطفل وهذا اصح. والحكمة في التحريم بالرضاع ظاهرة. فان انه لما تغذى بهذا اللبن نبت لحمه عليه. فكان كالنسب له ولهذا قالوا الرضاع يغير الطباع. ومن هذا استحبوا ان يختار الانسان لولده مرضعة حسنة الخلق والخلق والدين. قالوا ويكره ارتضاع كافرة وفاسقة وسيئة الخلق. ومن بها برص او جذام. لان ذلك يتعدى الى الولد. واول ما يكون ينبغي الا يرضع ولده. بل يقصره على قال بني امه فانه انفع وامرأ. وخصوصا في هذا الزمان الذي فسدت فيه فيه احوال الناس. وايضا فانهم لا يضبطون الرضاع. ويهملون ذلك اهمالا عظيما. وفي ذلك من الخطر ما فيه. فتجد الانسان يتزوج ذاك رحمه المحرم بالرضاع. وهم لا يعلمون ذلك. ثم ربما بعد ذلك ففرق بينهما. وربما خفي ابدا. فاذا كانت الام تكفي ولدها فينبغي الا يرضعه. فان حادته الضرورة ان يرضعه فينبغي ان يجتنب ذوات العيوب المتقدمة. ويختار لارضاعه احد احسن من يجد وليضبط ذلك بالكتابة. في كتب ان ابني فلانا بنتي فلانة رضع من فلانة من لبن فلان زوجها. وان كتب من وضع من تلك الانثى مع ولده او قبله فهو اكمل واحسن. ومثله لو رضع احدكم من لبنه فينبغي ان يكتب ان فلان ابن فلان رضع من زوجتي فلانة مني لبني فانه بذلك يحصل الحفظ التام. وحفظ ذلك واجب ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. الخامس والعشرون الحديث الاول عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في بنت حمزة. لا تحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. وهي ابنة اخي من الرضاعة. رواه البخاري بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في ابنة حمزة لا تحل لي اي لما قيل له تزوجها. واشاروا عليه بذلك ثم بين ذلك فقال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وهي ابنة اخي من الرضاع. اي انه عمها. السادس والعشرون ثلاثمئة الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الرضاع يحرم ما من الولادة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. ومثله قوله في حديث عائشة يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة. ففيهما انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وينبغي ان يعلم انه من جهة المرتظع. لا يتعدى الا الى فروعه فقط. لانهم الذين انتفعوا باللبن. لانهم فرعه واما اصوله وحواشيه فلا دخل لهم في ذلك. فتباح ام المرتضع لاخيهما من النسب واخته من النسب لابيه من الرضاع. واما من جهة المرضعة صاحب اللبن فان التحريم ينتشر فيهم كالنسب. وقد ضبط ابن رجب رحمه الله الله تعالى في القواعد المحرمات من النسب فقال يحرم الاصول وان علوا الفروع وان نزلوا. وفروع الاب والام وان نزلوا وفروع من فوقهم لصلبه. فالاصول من لهم عليك ولادة الاب والام والاجداد والجدات من كل جهة. والفروع من لك عليهم ولاية ويدخل في ذلك الابن والبنت واولادهم وان نزلوا. وقوله وفروع الاب والام وان نزلوا. يدخل في ذلك الاخت وبنتها وان نزلت وبنت الاخ وبنتها وبنت ابنه وان نزلت. ويدخل في قوله وفروع من فوقهم لصلبه فروع الاجداد والجدات. وهن الخالات والعمات واما فروع فروعهم فيبحن. وهن بنات الاعمام وبنات العمات وبنات الاخوال وبنات الخالات. فالمحرمات من الرضاع كالمحرمات من النسب واختلفوا في المحرمات من الصهر بالرضاع. كزوجة الابن من الرضاع اوجت الاب من الرضاع. وام الزوجة من الرضاع ونحوها. مذهب الائمة الاربعة يحرمنك النسب. السابع والعشرون والثلاثمائة. وعنها انها قالت ان افلح اخاه ابي القيس استأذن علي بعد ما انزل الحجاب فقلت والله لا اذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فان اخاه ابي القيس ليس هو ارضعني ولكن ارضعتني امرأة ابي القعيس فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقلت يا رسول الله ان الرجل ليس هو ارضعني. ولكن ارضعتك امرأته فقال اذني له. فانه عمك تربت يمينك. قال عروة فبذلك كانت عائشة تقول حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب. في لفظ ثم استأذن علي افلح فلم اذن له. فقال اتحتجبين مني وانا عمك فقلت كيف ذلك؟ قال ارضعتك امرأة اخي بلبن اخي. قال فسألت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال صدق افلح ائذني له تربت يمينك. رواه البخاري ومسلم. تربت اي افتقرت والعرب تدعو على الرجل ولا تريد وقوع الامر به. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة ان افلح اخا ابي القعيس استأذن علي بعدما انزل الحجاب. وكان عادتهم في الجاهلية. لا يحتجب النساء عن الرجال مع ما فيهم من الغيرة الشديدة. خصوصا الاحرار. واستمرت هذه توفي اول الاسلام فلم يؤمر به في مكة ولا غرابة في ذلك ان كثيرا من الشرائع التي هي اعظم من ذلك. لم يؤمر بها الا بعد الهجرة. كالصيام والحج والزكاة. فكانت الشرائع تنزل شيئا فشيئا. مدة ثلاث وعشرين سنة لاجل تدريج الناس وليتقنوا الشرائع. الى غير ذلك من الحكم ولم تنزل اية الحجاب الا في المدينة. وسبب نزولها عمر. فانه قال يا رسول رسول الله نسائك يدخل عليهن البر والفاجر. فلو امرتهن ان يحتجبن فنزلت اية الحجاب. فاحتجب نساء الصحابة والتابعين وتابعيهم واستمر على ذلك عمل القرون المفضلة. فكان كالاجماع عندهم. حتى شذ بعض الفقهاء فقال بعدم وجوبه. فنما هذا الامر الى ان عد هذا القول الباطل خلاف من في هذا الزمان واخذ به كثير من المنتسبين للعلم. بل ومن العلماء الذين يعدون علماء في هذا الزمان. فاخذوا ينشرون على صفحات المجلات والجرائد الاسلامية اباحة السفور للنساء. والحال ان هذا قول باطل لا يعد خلافا في المسألة. لانه خارق لما اجمع عليه الصحابة. وسائر المفضلة. فلو ان احدا استعمله في تلك الازمنة لانكروا عليه اشد الانكار ولعدوه مخالفا لما علم بالضرورة وجوبه. هذا مجرد فعله. فضل فضلا عن القول بجوازه واباحته. والعجب ان العلماء من المصريين نصروا هذا القول نصرا عظيما. مع انه مخالف لصريح القرآن. ولا نقول هذا قدحا بهم ولكن نبين ان هذا قول باطل. وانما دخل عليهم هذا من التعشق في حالة الفرنج وتسميتهم تلك العوائد تمدنا وانكارهم على من وهذه الاحوال طريق يتوصل بها الفرنج الى اخراج المسلمين من دينهم فان المبشرين وهم الدعاة والذين بثوهم في البلاد وفتحوا لهم المدارس واتفقت دول الفرنج على مساعدتهم. مقصودهم اخراج المسلمين عن دينهم. واذهاب رح الاسلام عنهم. ومن اعظم الطرق لهم هذه المسألة ونشر زيهم ولغتهم الى غير ذلك من الطرق. وليس مقصودهم ان يقولوا هم نصارى بل يكفيهم ان يسلبوهم دينهم. ولو قالوا انهم مسلمون وهذه المسألة جاءت بالعرض. فينبغي الاحتراج من هؤلاء. والحذر من شرهم فان مقصودهم الاعظم التخلي من الدين الاسلامي. والانحلال عن شرائعه الشاهد ان السفور محرم بنص القرآن. واتفاق الصحابة والتابعين وتابعيهم وقولها والله لا اذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم فان اخا ابي القيس ليس هو ارضعني ولكن ارضعتني امرأة ابي القعيس الى اخره. وكانت رضي الله عنها ظنت انه لا ينتشر التحريم من جهة لصاحب اللبن ولكن افلح قد علم ذلك. ولهذا لما علمت عائشة بذلك كانت تقول حرموا من الرضاع ما يحرم من النسب. وقد تقدم تفسير ذلك. وقوله في اللفظ الاخر تحتجبين مني وانا عمك. فقلت وكيف ذلك؟ قال ارضعتك امرأة اخي بلبن اخي. فينبغي التنبه لهذا القيد فانه قد تكون المرأة اما لطفل من الرضاع. وزوجها ليس ابا. مثاله لو مرضعة امرأة طفلا بلبن زوج قد فارقها. ثم تزوجت بعده اخر. فانها كونوا اما للطفل. وزوجها الثاني ليس ابا له. لان اللبن ليس له. واختلفوا في مسألة وهي لو زاد لبنها بعد وطأ الثاني هل يلحق الطفل بهما ام لا المشهور من المذهب انه يلحق بهما. لان الاول له اصل اللبن والثاني زاد اللبن بوطئه. فاشتركا في اللبن. فكذا ما ترتب عليه. وقد تكون الزوج ابا للطفل من الرضاع دون المرضعة. مثاله لو كان له ثلاث نسوة فارضعت كل واحدة الطفل مرتين بلبن الزوج. فانه يكون ابا. لانه رضع من لبنه اكثر من خمس رضعات. ولا تكون واحدة منهن اما. لانه لم تكمل كل واحدة خمس رضعات. وقيل لا تثبت الابوة حتى تثبت الامومة لانها فرع عنها. والصحيح انها تثبت لانها اصل بنفسها وقد تكون المرأة اما له من الرضاع دون زوجها. مثاله لو ارضعته ثلاث بلبن زوجها. ثم فارقها وتزوجت اخر. وولدت له ذلك الطفل بلبن زوجها الثاني رضعتين. فانها تكون اما. لانها كملت ولا يكون واحد منهما ابى. لانها لم تكمل الخمس من لبنه. وهذه نادرة الوقوع. وقوله تربت يمينك. فسر ذلك المؤلف وان معنى افتقرت. ولكن العرب لا يقصدون بذلك الدعاء على المخاطب. بل يقصدون الحث على ذلك. فان الفاظ العربية قسمان. قسم يقصد معناه الذي دل عليه في ذلك اللفظ وهذا غالب الفاظهم. وهي التي وضعت لها قواميس اللغة وقسم لا يقصدون معناه الذي دل عليه لفظه. بل ما يصطلحون عليه. مثل قول تريبة يمينه. كما ورد في هذا الحديث. وكما تقدم من قوله عقر حلقا ونحو ذلك. وفي هذا الحديث كما تقدم ان الرضاعة ينتشر من جهة المرضع وصاحب اللبن. كانتشار النسب. واما من جهة المرتضع فلا ينتشر الا الى فقط. لان من عاداهم لم ينتفع بذلك اللبن. الثامن والعشر عشرون والثلاثمائة. وعنها انها قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعندي رجل فقال يا عائشة من هذا؟ قلت اخي من الرضاعة فقال يا عائشة انظرن من اخوانكن. فانما الرضاعة من المجاعة رواه البخاري ومسلم. اعرفن من اخوانكن. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة دخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وعندي رجل. وكان لا يعلم ان اهو اخوها من الرضاع. ولهذا قال يا عائشة من هذا؟ انظرن من اخوانكم اي اعرفتي ذلك؟ ثم ذكر شرطا من شروط الرضاع فقال ان الرضاعة من المجاعة. ان يشترط ان يكون في الحولين. كما صرح به في غير هذا الحدث لانه في تلك المدة غذاؤه اللبن غالبا. واما حديث سالم مولى ابيه في حذيفة فهو خاص به. ويشترط كما تقدم ان يرضع خمس رضعات اكثر وتقدم حد الرضعة. وانه على المذهب هو اذا اطلق الثدي بنفسه او اطلق من فيه او انتقل من ثدي فتحسب تلك رضعة. فيمكن ان يكمل الخمس في مجلسه واحد. ولكن هذا ضعيف جدا. والصحيح الرواية الثانية. وان انها لا تحتسب رضعة حتى يطلقه. وقد طاب خاطره. اي روي فلا يمكن تكميله في مجلس واحد. وان شك في الرضاع او كماله فالاصل عدم ذلك في هذا الحديث فوائد. منها انه يلزم التثبت في الرضاع وضبطه. ومنها انه يلزم الاستفصال في مقام الاحتمال. فانه لما استغرب الرجل سأل عنه. لان انه يحتمل انه من محارمها. ويحتمل انه ليس منهم. ومنها يحرم دخوله الاجنبي على النساء. التاسع والعشرون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه انه تزوج ام يحيى بنت ابي ايهاب فجاءت امة سوداء فقالت قد ارضعتكما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قال فاعرض عني. قال فتنحيت فذكرت ذلك له فقال وكيف وقد زعمت ان قد ارضعتكما. رواه البخاري قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عقبة ابن الحارث انه تزوج ام يحيى بنت ابي ايهاب. فجاءت امة سوداء فقالت قد ارضعتكما الى اخره. فيه انه اذا ثبت الرضاع بين الزوج فجين فسخ النكاح. وفيه انه يثبت الرضاع بشهادة امرأة واحدة. فان اشهاد اقسام. قسم لا يثبت الا باربعة شهود ذكور وهو الزنا قسم لا يثبت الا بشهادة ثلاثة رجال. وهو من ادعى الاعسار وقد عرف بالغنى وقسم لا يثبت الا بشهادة رجلين كالسرقة. وقسم لا يثبت الا بشهادة رجل وامرأتين كالاموال. وقسم يثبت بشهادة امرأة واحدة. وهو الاخبارات الدينية نية كالشهادة برؤية هلال رمضان. وكالرواية والاشياء التي لا يطلع عليها الا النساء كعيوبهن تحت الثياب وكالرضاع ونحو ذلك. ويشترط في ذلك العدالة. وهي على المذهب الا يأتي كبيرة ولا يدمن على صغيرة والصحيح الرواية الثانية. انه الذي يرضى عند الناس. والعمل على ذلك لان الله تعالى قال ممن ترضون من الشهداء والقصد العلم بصدق الخبر. ويشترط انتفاء التهمة. فلو وجدت تهامة لم يصدق. فلو كانت مثلا المرأة تعلم حال الزوجين وقد تزوج تلك المرأة فمن مدة طويلة وقد علمت بذلك فلم تخبر بالرضاع الا بعد هذه المدة الطويلة فلا تصدق في هذا. وفيه انه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا فان فسخ النكاح بطلاق ونحوه لا يثبت الا بشهادة رجلين. فاذا شهدت امرأة بالرضاع ثبت ذلك. وترتب عليه انفساخ النكاح. ولو شهدت بالطلاق في ساخ النكاح لم تقبل. لانه في مسألة الرضاع انفسخ. تبعا لاحكام الرضاع بخيل خلاف غيره. وفيه انه تقبل شهادة الرقيق اذا كان مرضي الشهادة كالحر وقوله وكيف وقد زعمت ان قد ارضعتكما اي كيف ترضى ان تقيم معها وقد قيلت ذلك ففيه ان العقل موافق الشرع في استحسان الحسن واستقباح القبيح. والله الله اعلم. الثلاثون والثلاثمائة. الحديث الرابع. عن البراء بن عازب رضي الله عنهما انه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعني من مكة. فتبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم. فتنا اولها علي فاخذ بيدها. وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاحتملتها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر. فقال علي انا احق وهي ابنة عمي. وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي. وقال زيد بنت اخي فقضى بها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لخالتها وقال الخالة بمنزلة الام. وقال لعلي انت مني وانا منك. وقال قال لجعفر اشبهت خلقي وخلقي. وقال لزيد انت اخونا ومولانا رواه البخاري. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في في البراء بن عازب خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعني من مكة وهذا في عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة. فانه لما خرج رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم معتمرا سنة ست من الهجرة. وصده المشركون ورجع من الحديبية وتعاهدوا على وضع الحرب عشر سنين واشترطوا شروطا فيما بينهم. منها انه يعتمر من قابل ويخلون له مكة ثلاثة ايام. فاعتمروا سنة سبع وسميت عمرة القضاء فلما خرجوا من مكة تبعتهم ابنة حمزة تنادي يا عم. اي تعني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فانه عمها من الرضاعة فقد جرت عادة العرب ان الصغير ينادي الكبير بالسن او الشرف بقول يا عم كما هو متعارف اليوم. ان الكبير ينادي الصغير بقوله يا ابن اخي. اي لا اخرجوا وتتركوني. فتناولها علي ابن ابي طالب ابن عمها. فاخذ بيدها وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاحتملتها. اي في هودجها فاختصم فيها علي وزيد. اي ابن حارثة. وجعفر اي ابن ابي طالب. كله هم يريدوا حضانتها. وكل واحد منهم ادلى بحجته. وما يراه مرجحا له وعلى غيره. فقال علي انا احق بها. اي لانه سبق اليها واخذها وهي ابنة عمي. فهذان مرجحان. وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي فهذان مرجحان ايضا. وقال زيد ابنة اخي فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اخى بين زيد وحمزة. وكان عادتهم في الجاهلية واول الاسلام التوارث والتناصر بالتآخي. حتى انزل الله تعالى فكان الميراث للقرابة دون غيرهم. فكان في هذا دليل على محبتهم للخير وصلة الرحم. وقوله فقضى بها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لخالتها. وقال الخالة بمنزلة الام. اي ان الحضانة لها مع فقد الام. فانها بمنزلتها في الرحمة والاحقية بالحضانة فان قيل كيف قضى بها للخالة مع انها لم تدعها معهم. قيل اما انه قضى بها لجعفر فانه زوجها. واما انه قضى بها لها وهو والصحيح ولكن كانه قضى بها لجعفر لانها تحته. فلما لم يقضي بها لواحد منهم وعلم حرصهم ومحبتهم للخير جبر قلوبهم بما هو خير لهم من حضانتها. واحب لهم من ذلك فقال لعلي. انت مني وانا منك وهذه البعضية خاصة لمن اتبع امر الله ورسوله. كما قال تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض الاية فان من اتصف بذلك كان منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومن لم يتصف بذلك فليس منه. كما قال ليس منا من غشنا. وكقوله ليس منا من لطم وشق الجيوب. ودعا بدعوى الجاهلية. وقال لي جعفر اشبهت خلقي وخلقي. الاول بفتح الخاء وسكون اللام. هو سورة الظاهرة والثاني بضم الخاء واللام. هو الصفات الباطنة. من الحلم والاناة ونحوها. فهذا مدح عظيم لجعفر. اما المدح صافيه بالاخلاق الحميدة. والتي هي اخلاقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم مظاهر واما المدح باتصافه بصورة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ظاهرة فلان المشابهة الظاهرة عنوان على المشابهة الباطنة وقال لزيد انت اخونا ومولانا. هذه اخوة وولاية خاصة فانه رضي الله عنه كان من العرب من بني كلب. ثم سبي في الجاهلية شيع بمكة فاشترته خديجة. ووهبته للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فجاء ابوه الى مكة وطلبه من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم نداء فقال الا ترضى ان اخيره؟ فان اختارك فاذهب به ولا ينبغي لك فداء. وان اختارني تركته. فرضي ابوه. وظن انه فلما خيره قال لا ابغي بك بديلا يا رسول الله. فرضي ابوه وذهب وتركه عند النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم بعد ذلك تتبناه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فكان يدعى زيد بن محمد حتى انزل الله تعالى الاية وقوله ما كان محمد ابا احد الاية فدعي بعد ذلك لابيه. فقيل زيد ابن حارثة وكان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد اخى بينه وبين حمزة ومن فضله رضي الله عنه انه لم يذكر من الصحابة احد في القرآن باسمه غيره. فقال تعالى فلما قضى زيد منها الاية فهذا الحديث اصل في باب الحضانة ففيه ان الام مقدمة على كل احد حتى على الاب. فانها احق بحق حضانة الطفل. وكذا كل انثى وذكر في درجة واحدة. فتقدم الانثى على الذكر فتقدم الجدة على الجد. والخالة على الخال. والاخت على الاخ. والعمة على العم والحضانة هي حفظ الصبي ونحوه عما يضره. والقيام بمصالحه وحكمها انها فرض كفاية. وفيه فضل الصحابة وبرهم وصلتهم لارحامهم وفيه انه اذا رضي زوج من لها حق الحضانة وكان يمكنها القيام بمصائب فانه لا يسقط حقها. وفيه حق الخالة. وانه تقارب حق الام بالبر ونحوه. ولهذا ورد ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم عن عمل يدخله الجنة. فقال هل لك من ام؟ قال لا قال فهل لك من خالة؟ قال نعم. قال برها. وفيه انه ينبغي مساعدة من اراد فعل الخير. وان من كان له مطالبة ونحو ذلك ففاته مطلوبه فينبغي جبر خاطره. كتاب القصاص. قال الشيخ السعدي رحمه رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب القصاص. وهو ان يفعل بالجار كما فعل بالمجني عليه. مأخوذ من القص وهو الاتباع. يقال قد الاثار اي اتبعه. قال تعالى فارتد على اثارهما اي يتبعان اثارهما. والقصاص ونحوه مما يبين وكمان حكمة الله تعالى وعدله ورحمته. فان الله تعالى يشرع الشرائع لكل وقت ما يوافق حاله. ولما كانت هذه الشريعة كاملة من جميع جعلها الله تعالى هي اخر الشرائع. وليس بعدها شريعة فانها وافية ببيان جميع ما يحتاجون اليه في كل زمان ومكان واذا اردت انموذجا لذلك فانظر الى حكمة الله تعالى في شرع القصاص فان فيه بيان عدل الله تعالى بين عباده في الدنيا والاخرة. وفيه بيان رحمته تعالى وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله الاية فان قيل كيف نهى الله تعالى عن القتل وشرع تواصى مع ان فيه تكفيرا للقتل. قيل ليس فيه تكثير للقتل. فانه اعظم رادع عن القتل. وقد بين الله ذلك بقوله ولكم في القصاص حياة الاية وذلك من وجوه فانه اذا علم الانسان انه اذا قتل احدا قتل به ارتدع عن ذلك خوف القتل. ولولا ذلك لكثر القتل جدا وايضا فانه اذا قتل احدا ثم قتل به. ورأى غيره انه قد اقتص منه ارتدع غيره ان يفعل مثل فعله. فيفعل به كما فعل به. وايضا فانهم كانوا في الجاهلية لا يكتفون بقتل القاتل وحده. بل يقتلون من يتصل من قرابته ويقتل القوي الضعيف. وتقع بينهم الحروب العظيمة. كما هو ومشاهد ومعروف من حالتهم. فانزل الله قوله ولا تزر وازرا وزر اخرى. وشرع الاقتصاص من القاتل وحده. وحقن بذلك ادينا والقصاص ثابت بالكتاب والسنة واجماع الامة. وقد ورد الوعيد على القتل وهو من كبائر الذنوب. قال تعالى ومن يقتل مؤمنا خالدا فيها فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه. وغضب الله عليه ولعنه واعد له الحادي والثلاثون والثلاثمائة الحديث الاول. عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لا يحل دم امرئ مسلم يشهد وان لا اله الا الله واني رسول الله الا باحدى ثلاث. الثيب الزاني والنفس بالنفس. والتارك لدينه المفارق للجماعة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. فلا يباح المسلم الا باحدى ثلاث. كما ذكره في حديث ابن مسعود بقوله لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله. هذه الجملة كاشفة فانه عرف المسلم بقوله يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله الا باحدى ثلاث. احداها قال الثيب الزاني اي فيرجم وهذه اشنع القتلات. فانه يرجم بالحجارة حتى يموت ويثبت الزنا بشهادة اربعة رجال. او اقراره اربع مرات والثيب هو من دخل بزوجته ووطئها في نكاح صحيح. واما ما المكر فيجلد مائة ويغرب عاما. وهذا الحد رحمة بالمحدود لانه ردع له عن مثل هذا الفعل. وايضا فانه كفارة له. وايضا رحمة بغيره ليرتدع عن ذلك الفعل. فينبغي لمن يقيم الحدود من امام او نائبه ان يحسن نيته. وينوي رحمة المحدود وردعه عن مثل هذا الفعل وتطهيره مما وقع منه. فبذلك تحصل البركة بحده بخلاف من يقصد مجرد التشفي والانتقام. ودفع غضبه الشخصي فقط الثانية قال والنفس بالنفس. اي من قتل نفسا فانه يقتل بها وهذا عام. سواء كان المقتول شريفا او وضيعا. كبيرا او صغيرا عربيا او عجميا. ذكرا او انثى. فيقتل الشريف في الوضيع والكبير بالصغير. ولو قتله وهو في المهد. والعربي بالعجمي والعالم بالجاهل والذكر بالانثى. فان قيل فما تقولون في قوله تعالى فان مفهومه ان الذكر لا يقتل بالانثى. فالجواب عنه من وجوه احدها ان المفهوم لا عموم له. فان العموم للمنطوق خاصة الثاني انه ثبت كما يأتي بالسنة الصريحة الصحيحة. ان قتل اليهودي بالجارية قصاصا. الثالث ان عموم قوله تبنى عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين والعين بالعين والانف والاذن مقدم على مفهوم قوله ففي هذا هذه الآية ثبوت القصاص بالنفس والاطراف والجراح. فهذا من حكمة الله تعالى وعدله. واما لو قتل الصغير والمجنون احدا فلا يقتل به. لانه ليس مكلف وعمدهما خطأ تجب فيه الدية على عاقلتهما واما الانثى فهي كالرجل اذا ثبت القصاص. واما في الدية فعلى النصف من دية رجل الا فيما دون ثلث الدية فديتهما فيه واحدة. وهنا مسألة من غرائب العلم. وهي انه لو قطع من الانثى ثلاثة اصابع ففي ذلك ثلاثون بعيرا. لان دية الاصبع عشر من الابل يستوي في ذلك الذكر والانثى. لانها لم تبلغ ثلث الدية. فلو قطع اربعة ففيها عشرون لانها زادت على الثلث. فكانت نصف دية الذكر ودية الاربعة من الذكر اربعون. ولو قطع منها خمسة فعليه خمسة وعشرون فاذا قطع منها ستة اصابع فعليه ثلاثون. وهذه من الغرائب. ولهذا لما سأل رجل سعيد بن المسيب عن ذلك وقال كيف لما عظمت مصيبتها قل عقلها. قال تلك السنة يا ابن اخي واما ما دار على السنة العوام من ان دية العبد اي الخضيري الذي ليس بقبيله نصف دية القبيلي فلا اصل له وهما سواء. واما العبد مملوك فديته قيمته لانه من جملة السلع. فان قيل هل يقتل الحر مملوك قيل في هذه المسألة خلاف طويل بين العلماء. وقد تجاوز كذبتها الادلة من الجانبين. فلهذا كثر فيها الخلاف. الثالثة قال والتارك لدينه المفارق للجماعة. قيل معناه انه الذي يرتد بعد اسلامه ويفارق جماعة المسلمين. فيستتاب فان تاب والا قتل. سواء كان ذكرا او انثى. فانه اعظم من الكافر الاصلي. لان الانثى لا تقتل واذا كانت كافرة اصلية. واما المرتدة فتقتل. وقيل مع الذي يخرج على الامام ويفارق جماعة المسلمين. ويكون معنى قوله التارك لدينه اي في هذه المسألة. لانه ورد من مات وليس في رقبته فيه بيعة لامام مات ميتة جاهلية. فيلزم طاعة الامام ولو كان ظالما. كما ورد اسمع واطع ولو ضرب ظهرك واخذ مالك ولا يجوز الخروج عليه لظلمه. فاذا خرجت عليه طائفة وجب على رعيه اعانته على قتالهم. كما ورد من جاءكم وامركم على رجل منكم يريد ان يفرق جماعتكم فاقتلوه. فمن خرج على الامام فدمه هدر. والمعنىيان صحيحان. ولعل الاول اقرب وادي الحديث وقد ذكر الفقهاء بابا في بيان حكم المرتد والاشياء التي تحصل بها الردة. الثاني والثلاثون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن مسعود اول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء اي القتل بغير حق. فانه من اعظم الظلم هذا كان هو اول ما يقضى به بين الناس لخطره. فان الله تعالى يحاسب ويقتص لبعضهم من بعض. حتى من لا عذاب عليه من البهائم فيقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء. اي التي نطحتها في الدنيا ويقتص للمظلوم من الظالم. واول ما يبدأ به الدماء ولا ينافي هذا ما ثبت انه اول ما يحاسب عنه العبد صلاته. فان صلحت صلحت سائر الاعمال. وان فسدت فسدت سائر الاعمال. فان هذا اول ما يحاسب عنه العبد فيما بينه وبين ربه صلاته. وفي هذا الحديث اول ما يقضى به بين الناس في الدماء. اي في المظالم التي بين الخلق لابد من المحاسبة واخذ الحق من الظالم. ولا فداء ولا مال ذلك اليوم وانما يستوفى من الاعمال. فيؤخذ من حسنات الظالم فيعطى المظلوم منها بقدر في حقه فان لم يبقى من حسناته شيء اعاذنا الله من ذلك. اخذ من سيئات المظلوم فطرح على الظالم. فباء للخسران المبين فلا يحصل لاحد دخول الجنة حتى يهذب وينقى. حتى انه اذا عبروا على الصراط وهو الورد الذي ذكره بقوله ولا يعبره الا اهل الجنة اذا عبروا وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار. فيقتص لبعضهم من بعض فاذا هذبوا ونقوا اذن لهم في دخول الجنة. جعلنا الله من اهلها بمنها وكرمه الثالث والثلاثون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن سهل بن ابي حثمة انه قال انطلق عبدالله بن سهل حيصة ابن مسعود الى خيبر. وهي يومئذ صلح فتفرقا اتى محيصة الى عبد الله ابن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبدالرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابن مسعود النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كبر كبر وهو احدث القوم فسكت فتكلما. فقال اتحلفون وتستحقون دمقاتكم او صاحبكم قالوا وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر قال فتبرأكم يهود بخمسين يمينا. قالوا كيف نأخذ بايمان قوم كفار؟ فعقد وله النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من عنده. وفي حديث حماد ابن فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقسم خمسون منكم على رجل منهم في دفع برمته. قالوا امر لم نشهده كيف نحلف قال فتبرأكم يهود بايمان خمسين منهم. قالوا يا رسول الله قوم كفار وفي حديث سعد ابن عبيد فكره رسول الله صلى ان الله عليه وعلى اله وسلم ان يبطل دمه. فوداه بمائة من ابل الصدقة رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقه وقوله في حديث سهل ابن ابي حثمة انطلق عبدالله ابن سهل ومحيصة ابن مسعود الى خيبر. وهي يومئذ صلح. اي بعدما فتح فانها فتحت سنة سبع من الهجرة عنوة. وقسمها رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم بين الغانمين. واقر فيها اليهود على ان لهم نصف الخارج منها كما تقدم. فتفرقا اي كل ذهب وحده فاتى محيصة الى عبد الله وهو يتشحط في دمه قتيلا. فدفن ثم قدم المدينة. فانطلق عبدالرحمن بن سهل اخو القتيل وحويصة ومحيصة ابن مسعود. اي ابناء عمه. الى النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. اي مستعدينه على اليهود. فذهب عبد من يتكلم اي لانه اقرب منهما وازيد حقا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كبر كبر. وهو احدث القول اي ولو كنت اقرب فكل منكم له حق. فينبغي ان يبدأ الاكبر فالاكبر اكبر فسكت رضي الله عنه امتثالا لامره صلى الله عليه وعلى اله وسلم فتكلما وقص عليه خبرهما فقال اتحلفون وتستحقون مقاتلكم او صاحبكم وفي الرواية الاخرى يقسم خمسون منكم وفي الرواية الاخرى تحلفون خمسين يمينا اي ان هذه قرينة ظاهرة على ان اليهود قتلوه. ولكن لا توجب القصار وحدها حتى تحلفوا خمسين يمينا. فيقوم ذلك مقام البينة تستحق ندم القاتل. فقالوا وكيف نشهد ولم نر؟ قال فتبرأ يهود بخمسين يمينا. اي فيبرأون من هذه الدعوة. فقالوا يا رسول الله كيف نأخذ بايمان قوم كفار؟ اي ان الكفر اعظم من الفي على الكذب. فانهم يحلفون ولا يبالون. وفي الرواية الاخرى يقسم خمسون منكم على رجل منهم. في دفع برمته. اي انه يقاد به. وقوله فعقله رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من عنده وفي الرواية الاخرى فكره ان يبطل دمه فوداه بمئة من ابل الصدقة فهذا الحديث اصل في باب القسامة. وهي ايمان مكررة على دعوة قتل معصوم. وفي ذلك لوث واللوث شرط فيها. واختلف العلماء في اللوز المشهور في المذهب انه العداوة الظاهرة فقط. والصحيح انه كل قرينة ظاهرة. يغلب الظن معها على صدق المدعي. مثل لو رؤي قتيل يتشحط في دمه. وانسان منهزم معه سكين او سلاح فيها اثر الدم ومثل لو رؤي بعض اثاثه مع انسان قد اخذه وهو مقتول ومثل لو وجد في داره ونحوه. فعلى المذهب لا يكون هذا لوثا على الصحيح انه لوث. وهو كالعداوة الظاهرة واولى. وفي الحديث فوائد كثيرة. منها حكم القسامة انه يحلف اولياء القتيل الذكور خاصة سواء الوارث وغيره. لانهم شركاء في العقل والنصرة فان كانوا خمسين قسمت الايمان على عددهم. وان كانوا اقل وزعت عليهم فاذا حلفوا فان عينوا شخصا او جماعة قد تمالؤوا على القتل اقيدوا به وان امتنعوا من الحلف ردت الايمان على المدعى عليهم. فحلفوا خمسين يمينا وبرئوا. وانك لو قضي عليهم بالنكول واقيد به. لان لهم مع اللوث كالشهود. فان قيل كيف يستحق القود بلا بينة قيل هذه بينة عظيمة. فان البينة اسم لكل ما يبين الحق وليس خاصا بالشهود كما تقدم. ومنها ان اليمين تكون في جانب الاقوى. سواء المدعي او المدعى عليه. ففي هذا لما كان الاقوى المدعي جعلت اليمين في جانبه. ومنها انه ينبغي تقديم الاكبر ما لم يكن للاصغر مزية توجب ترجيحه. ومن هذا قالوا اذا استووا في الفقه والقراءة قدم في الامامة الاكبر. ونحو ذلك. فان كان للاصل مزية توجب تقديمه قدم. كما لو كان هو الايمن. فيقدم بالشر والسلام ونحوهما. ولهذا لما شرب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم وكان عن يمينه ابن عباس وهو صغير وعن يساره الشيوخ اخو ابو بكر وعمر فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ابن عباس ان يعطيهم فضلة الشراب. فقال رضي الله عنه ما كنت اوثر بفضلة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم احدا فهذا من فقهه وذكائه. فانه لم يقل لست بمؤثرهما. فيكون فيه قلة ادب. ولكنه اخبر انه لا يقدم احدا ببركة فضلة شرابه صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وفي استئذانه دليل ان الحق له وان كان اصغر لهذا المرجح. وهو كونه عن يمينه. ومنها انه يجب على الامام ان يعقل من جهل قاتله. كمن هلك في زحمة جمعة او عيد او عند رمي الجمار ونحو ذلك. ومن ذلك القسامة اذا لم يحلف المدعي وحلف المدعى عليه. لانه لا يضيع حق اهله خواطرهم بديته من بيت المال. فان قيل كيف وداه من ابل الصدقة مع ان هذا ليس من الاصناف الثمانية. والزكاة خاصة لتلك الاصناف ما في التي ذكر الله تعالى فقال ابن القيم في الجواب عن هذا الايراد ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم غارم لاصلاح ذات البين فلهذا دفع من الزكاة. لان الغارمين صنف من الاصناف الثمانية وهذا الجواب ضعيف. والظاهر ان اولياء المقتول مستحقون للاخذ من الزكاة فدفع اليهم بقدر ديته. جبرا لخواطرهم. وابيح ذلك من الزكاة لانهم من اهلها. ولعل هذا احسن ما يقال من الاجوبة في هذا الرابع والثلاثون والثلاثمائة. الحديث الرابع. عن ابن مالك رضي الله عنه ان جارية وجد رأسها مردودا بين حجرين فقيل من فعل هذا بك فلان فلان حتى ذكر يهودي. فأومأت برأس فيها فاخذ اليهودي فاعترف. فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يرد رأسه بين حجرين. ولمسلم والنسائي ان يهوديا قتل جارية على اوضاح فاقاده بها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس رضي الله عنه ان جارية وجد رأسها مربوطا بين حجرين اي وكان بها رمق. ولكنها لا تقدر على الكلام فقيل من فعل بك هذا فلان فلان اي عدوا من اتهموه في ذلك حتى ذكر يهودي فأومأت برأسها. اي اشارت اليهم النعم. فاخذ فاعترف. اي قرر حتى اقر. فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يرد رأسه بين حجرين. اي جزاء له بما فعل. وفي الرواية الاخرى قتل جارية على اوضاح. وهي القلادة فيها الخرز مفصلة بالفضة اي انه قتلها لاجل هذه القلادة. ففي هذا الحديث فوائد منها انه يقتل الذكر بالانثى. وقد تقدم الجواب عن قوله من ثلاثة اوجه احدها ان المفهوم لا عموم له. الثاني ان عموم قوله النفس بالنفس مقدم على مفهوم قوله ثالث ان هذا الحديث صريح في قتل الذكر بالانثى. فان قيل انما قتله انه انتقض عهده بقتل الجارية. فليس القتل قصاصا. فالجواب ان هذا مردود بصريح قوله فاقاده. وبانه رض رأسه. ولو كان لانتقاض عهده لقتله فله بالسيف. ومن فوائد هذا الحديث انه يقتل القاتل بما قتل وقد اختلف العلماء في هذه المسألة. فمذهب احمد انه يقتل بالسيف مطلقا سواء قتله به او القاه من شاهق فمات. او القاه فينا نار اورد رأسه فمات. استدلالا بقوله عليه السلام. واذا قتلت فاحسنوا القتلة. والوجه الثاني في المذهب انه يفعل به كما فعل فلو رض رأسه رض رأسه. ولو القاه من شاهق القي منه. ولو القاه في في نار القي في النار. واستدلوا بهذا الحديث. فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رد رأس اليهودي. كما فعل هو بالجارية. ولان معنى القصاص لا يفهم منه الا هذا. فانه كما قالوا من قص الاثر. ومعناه للتين باع فهو ان يفعل بالجاني كما فعل. وليس من العدل ان يقتل بالسيف ويراح بنا ذلك وقد عذب المقتول بالنار. او بالقتل الشنيع. مع ان من فوائد القصاص اظهار عدل الله تعالى. وايضا فانه اذا فعل به كما فعل كان ابلغ في الردع عن هذا الفعل. واجابوا عن استدلالهم بقوله واذا قتلتم فاحسنوا القتلة. بان الامر باحسان القتل في الحدود ونحوها من الاشياء يا التي توجب القتل. واما القصاص فلا يدخل في هذا. لفعله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولمعنى القصاص ولقوله ولا لا شك ان هذا اصح من الاول. فان فعل به كما فعل ولم يمت اعيد حتى يموت فلو القاه من شاهق مثلا فمات القي هو من الشاهق. فان لم يمت وهكذا حتى يموت. ومنها انه يعمل بقول المدعي في مثله في هذه الحالة التي يغلب على الظن ثبوته فيها. ويعمل بقوله من جهة ثبوت الشبهة. ولا يعمل به مطلقا. فيثبت ذلك تقريره وحبسه وتعزيره. فان اقر ثبت الحق كله باقراره. والا لم يثبت وهكذا كل امر فيه شبهة. كما دفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كنانة ابن الربيع الى الزبير. لما كتم ما لبن النضير. وذلك ان انه لما فتح خيبر وسأله عن المسك الذي فيه مال حيي بن اخطب. فقال ذهبتهم النفقات. فقال المال كثير والعهد قريب. وامره ان يمسه بشيء من العذاب حتى اقر. الخامس والثلاثون والثلاثمائة الحديث الخامس. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مكة. قتلته ذيل رجلا من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية. فقام النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ان الله عز وجل قد حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين. وانها لم تحل لاحد كان قبلي ولا تحل لاحد بعدي. وانما احلت لي ساعة من النهار. وانها هذه حرام. لا يعضد شجرها. ولا يختلى خلاها. ولا شوكها ولا تلتقط ساقطتها الا لمنشد. ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين. اما ان يقتل واما ان يفدى. فقام رجل من اهل اليمن يقال له ابو شاة فقال يا رسول الله اكتبوا لي. فقال رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اكتبوا لابي شاة. ثم قام العباس فقال يا رسول الله الا الاذخر. فانا نجعله في بيوتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الا الادخر رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مكة. وذلك سنة ثمان من الهجرة. قتلته ذيل رجلا من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية. اي انهم تغانموا الفرصة اخذوا ثأرهم. فقام رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي مذكرا بحرمة مكة. ولاجل هذه الواقعة فقال ان الله حبس عن مكة الفيل هو الذي ذكر الله قصته في القرآن بقوله الرحمن الرحيم. الم ترى كيف فعل ربك باصحاب الفيل الم يجعل كيدهم في تضليل. وارسل عليهم طيرا اي جماعات متفرقة ترميهم فجعلهم كعصف مأكول اي لما ارادوا تخريب بيت الله الحرام. وكان اصحاب الفيل نصارى واهله مكة مشركين. والنصارى اذ ذاك احسنوا حالا من المشركين. ولكن الله تعالى حمى بيته وحرمه من كيدهم. وان كان اهله على غير حق. فهذا اكرام لبيته وحفظ له. قوله وسلط عليها رسوله والمؤمنين اي اباح لهم القتال فيها ولهذا قال وانها لم تحل لاحد كان قبل ولا تحل لاحد بعدي. وانما احلت لي ساعة من نهار. اي فقد مضت تلك الساعة. ولهذا قال وانها ساعتي هذه حرام. وفسر ترى التحريم بقوله لا يعضد شجرها اي لا يقطع. وهذا عام لجميع الشجر ولا يختلى خناها وهو الحشيش الرطب. اي لا يحش ولا يعضد شوكة اين يقطع حتى الشوك مع انه مؤذ. ولا تلتقط ساقطتها اي لقطتها الا لمنشد. اي كما تقدم انها لا تملك كلقطة غيرها بل يعرفها دائما وابدا. او يدفعها الى الامام او يتصدق بها عن صاحبها بقصد الضمان ان وجده. فان وجد صاحبها خيره. فان شاء ضمنه والاجر للملتقط. وان شاء امضى الصدقة وله الاجر. وهذا هو الصحيح الحرم له احكام كثيرة تختص به دون غيره. وقد تقدم بعضها. ومن تتبع اما ذكره الفقهاء ظفر بكثير منها. وقوله ومن قتل له قتيل اي سواء كان ذكرا او انثى صغيرا او كبيرا. فهو اي ولي المقتول وهو وارثه. بخير النظرين. اما ان يقتل ان يقتاد من القاتل واما ان يفدى اي وان احب الفداء فله ذلك. ففيه على ان الخيارة بيد اولياء المقتول. وهم ورثته. والافضل لهم العفو مطلقا ثم العفو الى الدية. ما لم يكن ثم مرجح للقود. فالافضل اذا ان يقتال وفيه انه لو عدل الى الدية لم من الرجوع الى القود. وفيه انه يجب على القاتل الدية. اذا طلبها اولياء المقتول. لان الخيرة لهم وفيه انه يجوز ان يتراضوا على اكثر من الدية. ولهذا لما ثبت القتل على هدبة ابن خشرم من التابعين حبس حتى بلغ ابن القتيل. فخير فاختار القواد. فاجتمع ناس من افاضل التابعين. منهم عبدالله بن جعفر وجماعة فبذلوا لابن القتيل سبع ديات ويعفو فابى. وقصته مشهورة فلما كانت هذه الخطبة جليلة القدر عظيمة الفائدة. قام رجل من اهل اليمن يقال له ابو شاة فقال يا رسول الله اكتبوا لي اي مضمون هذه الخطبة وما اشتملت عليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اكتب لابي شاه فاستدل بهذا على مشروعية كتابة العلم. وفي الكتابة فوائد كثيرة ومصالح عظيمة. فلولا الكتاب لضاعت مصالح الناس الدينية دنيوية. ولهذا امتن الله تعالى على خلقه في اول سورة نزلت بتعليمه قال ما فقال اقرأ باسم ربك الى اخره فلا يمكن حفظ القرآن والسنن ومسائل العلم بدونها. وكذلك لولاها ما لم يمكن الناس المتاجرة الا بالتجارة المتداولة. فمصالح الكتابة كثيرة وقد امر الله تعالى من علمه الكتابة. ان يكتب لمن لا يعرف الكتابة فقال ولا يأبى كاتب ان كما علمه الله وهكذا كل من انعم الله عليه بنعمة. فينبغي ان يبذل من تلك النعمة لمن حرم منها كالغني يؤمر بالصدقة على الفقير ونحو ذلك. وفيه مشروعية باب الحاكم الى حاكم. او الى من يصل اليه كتابه. وفيه انه لا يشتاق ان يحضر الحاكم شاهدين. ويقرأ عليهما كتابه ويقول اشهدا ان هذا كتابي الى فلان ابن فلان. كما اشترط ذلك بعضهم. وهو مذهب احمد ولكنه ضعيف جدا. فالصحيح والعمل على خلافه منذ ازمنة طويلة ولا دليل مع من اشترط ذلك. فقد كان صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يستعمل ذلك. ولم يأمر به. وقوله ثم قال العباس يا رسول الله الا الاذخر. اي لما بين لهم تحريم جميع نبات الحرم ذكره استثناء الاذخر. وبين حاجتهم الى ذلك بقوله فانا نجعله في بيوتنا اي فوق السقوف. ويجعلون الطين عليه. وفي قبورنا اي على خلل اللبن بمنزلة الوشايض عندنا. وقد تقدم في المناسك انه قال انه لقينهم. اي الحداد يقبس به. لانه سريع الولوع. والاذخر نبت معروف ذكي طيب الرائحة. فقال الا الاذخر. لما علم حاجتهم وقد ادبه الله تعالى وعلمه ما لم يعلم. فعلم حكمة الله ورحمته وتيسيره على خير القه. فذكر اباحته. وقد تقدم ان في هذا فضل العباس رضي الله عنه وتقدم ان جميع نبات الحرم محرم. ويستثنى من ذلك اشياء منها الاذخر ومنها ما زرعه او غرسه الادمي ومنها شجر اليابس ومنها ما وجده منفصلا عن شجر ولو كان رطبا. ومن هالكمأة وهو الفقع. ويجوز ترك البهائم ترعى برؤوسها. وما سوى ذلك فلا يجوز قطعه. السادس والثلاثون والثلاثمائة. الحديث سادس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه استشار الناس في المرأة. فقال المغيرة بن شعبة شهدت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قضى فيه بغرة عبد اوأمة. فقال لتأتين بمن يشهد معك فشهد معه محمد بن مسلمة. رواه البخاري ومسلم املاس المرأة ان تلقي جنينها ميتا. قال الشيخ شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر رضي الله عنه انه استشار الناس في املاس المرأة. وفسره بقوله هو ان تلقي جنين حينها ميتا اي المسمى السقط. اي لما وقعت في زمن عمر رضي الله عنه جمع الناس واستشارهم في ذلك. وكانت هذه عادته جميلة وسيرته الكريمة. اذا وقعت حادثة واشكل عليه حكمها جمعهم تشارهم مع انه رضي الله عنه اعلم الامة بعد ابي بكر ولهذا لما توفي عمر رضي الله عنه قال ابن مسعود ذهبت تسعة اعشار العلم. ولكن قد يجهل العالم المسألة ايعلمها من هو دونه بالعلم. وايضا فان بالمشورة تذكير بعضهم لبعض والتفكر فيما بينهم. وبذلك يستخرج العلم. فكانوا اذا اجتمعوا تباحثوا فان كان في المسألة نص عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انقطع عن نزاع وتبعوا قوله لانه لا حكم مع حكم الله ورسوله كما جمعهم حين وقع الطاعون بالشام. واستشارهم في الرجوع او القدوم. فاشار عليه بعضهم بالقدوم. وقالوا لا تفر من قدر الله واشار بعضهم بالرجوع وقال فر من قدر الله الى قدر الله وضربوا له مثلا فقالوا لو كان لك ابل وانت في ارض مجدبة. هل فيها او تطلب لابلك ارضا مرضعة. وكان عبدالرحمن بن عوف غائبا فلما حضر اخبره بان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اذا وقع وانتم في ارض فلا تخرجوا منها تطيرا منه. وان لم تكن كونوا فيها فلا تقدموا اليها. فان لم يكن في المسألة حكم لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. تشاوروا ومضوا على ما يتفقون عليه كلهم او جمهورهم. فلما جمعهم في هذه القضية قال المغيرة بن شعبان شهدت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قضى فيها بغرة وفسرها بقوله عبد او امة. وقد ورد ان قيمته خمس من الابل. عشر دية امه فقال لتأتين بمن يشهد ومعك فشهد معه محمد بن مسلمة. وهذا ليس عدم قبول لشهادة الواحد فانه بالاتفاق انه يقبل قول الواحد ولو امرأة في الرواية ومثل ذلك الاخبارات الدينية. كرؤية هلال رمضان ونحو ذلك ولكن عمر رضي الله عنه اراد الاحتياط لثبوت هذا الحكم الشرعي لانه علم انه حكم يستمر العمل به الى يوم القيامة ففيه حسن حالة الصحابة رضي الله عنهم. خصوصا الاخصائي الصاء منهم كالخلفاء الراشدين. وفيه انه يجب في الجنين غرة عبد او قيمته خمس من الابل عشر دية امه. فان لم يوجد او امة قيمته كذلك؟ دفع اليهم خمس من الابل ولو كانت الجناية وعند هذا اذا لم يولد حيا فان ولد حيا حياة مستقلة كرة ليست كحركة المذبوح. ومات من تلك الجناية ففيه دية كاملة فان كانت امه امة ففيه عشر قيمة امه اذا ولد ميتا السابع والثلاثون والثلاثمائة. الحديث السابع عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها. فاختصموا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقضى النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم الندية جنينها غرة عبد او وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها. وورثها ولدها ومن معهم فقام حمل بن النابغة الهذلي فقال يا رسول الله كيف اغرم من لا شرب ولا اكل. ولا نطق ولا استهل. فمثل ذلك يطل فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انما هو من اخوان الكهف من اجل سجعه الذي سجع. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولعل القضية التي شهد المغيرة هي التي ذكرها بقوله في حديث ابي هريرة اقتتلت امرأة من هذيل. وهم القبيلة المعروفة في ارض الحجاز. والاقتتال يطلق على الاقتتال بالعصي والسلاح. والاختصام باللسان وهو المراد في هذا وقوله فرمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها وهذا القتل يسمى شبه عمد. فان القتل ثلاثة اقسام. احدها العم وهو الذي يقصد الجناية بما يقتل غالبا. فهذا فيه القصاص الثاني شبه العمد. وهو ان يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا مثل هذه الصورة. فانها قصدت رميها بالحجر. لكن تظن انه لا يقتلها. الثالث الخطأ. وهو الا يقصد الجناية وفيه مدية ولا قصاص. وشبه العمد كالعمد في الاثم. وقول فاختصموا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقضى قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان دية الجنين غرة عبد او وليد وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها من معهم اي لئلا يوهم ان الارث للعاقلة. كما ان الدية انا عاقلة المرأة. والعاقلتهم ذكور العصبات. ولو لم كونوا وارثين. لان مبناها على النصرة. وفيها التخفيف عليهم من وجوه منها انها توزع عليهم بقدر قربهم وبعدهم. ومن انها تؤجل عليهم ثلاث سنين. ومنها انهم لا يحملون الا دية خطأي وشبه العمد. ومنها انهم لا يحملون ما دون ثلث الدية وهل يحمل الجاني معهم ام لا؟ المشهور من المذهب لا يحمل معهم فان عدموا فالدية على بيت المال. فان لم ينتظم سقطت. ولو كان من الناس وعنه انه يحمل معهم كواحد منهم. وهذا هو الصحيح بلا لا شك وقوله فقام حمل ابن النابغة الهذلي احد عاقلة المرأة فقال يا رسول الله كيف اغرم من لا شرب ولا اكل. ولا نطق اي تكلم ولا استهل اي صاح. فمثل ذلك يطل. اي يهدر. فلما ما كان هذا الكلام معارضا لحكم الله ورسوله قال رسول الله صلى الله عليه على اله وسلم انما هو من اخوان الكهان. من اجل سجعه الذي سجع وكانت عادتهم في الجاهلية اذا اختلفوا في امر اتوا الكاهن فصنف لهم كلاما وسجع لهم. فيلزمون حكمه طوعا او كرها وكان الكهان لهم اخوان من الجن. يوحون اليهم بالاحكام الجائرة ففي هذا الحديث فوائد منها ان قتل شبه العمد تحمله العاقلة. ومنها ان العاقلة لا تحمل الجنين. الا اذا قتل مع امه. فتحمله على وجهه التبع ومنها انه لا يجوز معارضة حكم الله ورسوله ومنها ان الشرع موافق للعقل في ايجاب دية الجنين. وليس كما قال امل ابن النابغة. فانه اذا وجد الحمل فقتل. فليس كالذي لم يوجد ولا تقتضي الحكمة ان يهدر الجنين بلاديه. ولا يحكم باهدار ذلك عاقل الثامن والثلاثون والثلاثمائة. الحديث الثامن. عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ان رجلا عض يد رجل. فنزع يده من فمه فسقطت ثناياه. فاختصما الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال يعض احدكم اخاه كما يعض الفحل. اذهب لا دية لك رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمران ابن حصين ان رجلا عض يد رجل نزع يده من فيه. فسقطت ثناياه اي العاض. فاختصما الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي ان العاض اراد دية ثناياه قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ايعض احدكم اخاه كما يعض حب الفحل اي الجمل الهائج. اذهب لادية لك. فبين الحكمة توقض بينهم. فبين ان هذا عمل كعمل البهائم. وان انه تعدى على اخيه فلا دية له. وهذا حكم يقاس عليه كل صائل ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قتل دون نفسه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد. ومن قتل دون اهله فهو شهيد فاذا صان على الانسان ادمي او بهيمة دفعه بالاسهل فالاسهل فان لم يندفع الا بالقتل فله ذلك ولا ضمان. لان هذا فعل اذن فيه الشارع وما ترتب على المأذون فغير مضمون ما لم يتعد كما لو كان يندفع بالضرب فبادر الى القتل. واما المعضوض فله الدية. لانه لم يتعد وكذلك كل مصول عليه. التاسع والثلاثون والثلاثون الحديث التاسع عن الحسن بن ابي الحسن البصري انه قال حدثنا جندب في هذا المسجد وما نسينا منه حديثا. وما نخشى ان يكون مندوب كذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان فيمن كان قبلكم رجل رجل به جرح فجزع. فاخذ سكينا فحز بها يده. فما رقأ الدم حتى تامات. قال الله عز وجل بادرني عبدي بنفسه. فحرم صمت عليه الجنة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليمه وقوله في حديث الحسن البصري حدثنا جندب في هذا المسجد وما ونسينا منه حديثا. وما نخشى ان يكون جندب كذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وهذا كله تأكيد لحفظ هذا الحديث. وانه ثابت اي اننا لم ننسى. وجندب لا نظن به الكذب. اي انه ثقة مقبول انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع. اي من شدة المه فاخذ سكينا فحز بها يده. اي قطعها من هلعه وجزعه. فما رقأ الدم اي استمر الدم يخرج من يده. فلم ينحبس حتى نزف دمه كله فمات لانه هو جوهر البدن الذي لا قوام للبدن بدونه انه باذن الله تعالى ينقلب صفوة طعام الانسان وشرابه دما. ثم يصوم وقوف العزيز الحكيم الى الكبد. ومنها يتفرق في جميع البدن. فكل عضو وجزء من البدن يأتيه نصيبه من ذلك الدم. واما الوكل فيخرج باذن الله من مخرجه. فلو بقي في الانسان لهلك. وقوله فقال الله بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة. اي انه قتل نفسه وتعجب الموت جزعا من تلك المصيبة. فحرمت عليه الجنة. ففيه تحريم قتل النفس وفيه هذا الوعيد الشديد على من فعل ذلك. ومن ظن ان ان في ذلك راحة له من ذلك الالم مثل هذا الشخص فقد اخطأ. لانه عذابه الى يوم القيامة. فينطبق عليه المثل كالمستجير من الرمضاء بالنار فما وقع فيه من العذاب اشد مما اراد التخلص منه بذلك الفعل ومثل هذا ما يفعل بعض الناس والعياذ بالله في بعض البهائم. خصوصا التي لا تؤكل كالحمر. فاذا تعطلت منفعتها اما قتلها او تركها للسباع وكما اذا وقعت في الم شديد وقتلها يريد اراحتها فهذا والعياذ بالله مجترئ على حدود الله. فيجب عليه النفقة عليه ولا يذبحها الا اذا كانت تؤكل واراد ذبحها للاكل كتاب الحدود. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب الحدود. الحد لغة المنع. والحدود اصطلاحا. عقوبات مقدرة شرعا على معاص لتمنع من الوقوع في مثلها. وهذه الحكمة في الحدود ذكروا مع الحد. والحدود نعمة من الله تعالى. فان كثيرا من الناس لا يمنعهم من فعل المعصية الا اذا علموا انه يقام عليهم الحد الذي امر الله الله به. فالحدود تردع عن فعل المعصية. فاذا فعلت المعصية واقيمت الحدود ارتدع من اقيم عليه الحد فلا يعود الى فعله. وارتدع غيره لئلا يفعل به كما فعل بهذا. والحدود حق لله تعالى فاذا بلغت الامام وجب اقامتها. وحرمت حينئذ الشفاعة فيها ومن شفع حينئذ فهو ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما ورد لعن الله من حالت شفاعته دون حد من حدود الله وورد اذا بلغت الحدود فلعن الله الشافع والمشفع وفي اقامة الحدود صلاح العالم. وفي عدم ذلك خراب الديار وفساد العالم ولا فرق في ذلك بين الشريف والوضيع. فالحدود حق لله تعالى الا يجوز تركها كما تقدم ان القصاص حق للادمي. وقد ندب الله تعالى الى العفو عن ذلك كما تقدم. ما لم يكن مرجح للقصاص اربعون والثلاثمائة. الحديث الاول. عن انس بن ما لك رضي الله عنه انه قال قدم ناس من عكل او عرينة المدينة امر لهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بلقاح. وامرهم ان اقربوا من البانها وابوالها. فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعين النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واستاقوا النعم. فجاء الخبر في اول النهار فبعث في اثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فامر بهم فقطعت ايديهم وارجلهم. وسمرت اعينهم. وتركوا في الحر يستسقون فلا يسقون. قال ابو قلابة. فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد ايمانهم. وحاربوا الله ورسوله. رواه البخاري ومسلم اجتويت البلاد اذا كرهتها وان كانت موافقة اذا لم توافقك. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث انس قدم ناس من عكل او عرينة. شك من احد الرواة وقد ورد ان بعضهم من عكل وبعضهم من عرينة. وقوله فاجتووا المدينة اي كرهوها واستوخموها. فتورمت لحومهم وانتفخت لانهم استنكروا البلاد بعد البرية. وكانت المدينة فيها حمى عظيمة. فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان ينقله الله حماها الى الجحفة. فنقلها الله تعالى وبقي فيها بقية يسيرة وقوله فامر لهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بلقاح اي من ابل الصدقة. وامرهم ان يشربوا من البانها وابوالها فانطلقوا. اي وفعلوا ما امرهم به من ذلك. فلما صحوا اي برئوا من المرض قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واستاقوا النعم. فجاء الخبر في اول النهار. فبعث في اثارهم اي من يطلبهم فلما ارتفع النهار جيء بهم فامر بهم قطعت ايديهم وارجلهم. اي من خلاف كما امر الله تعالى. وسمرت اعينهم اي احمية المسامير بالنار وفضخت بها اعينهم. لانهم فعلوا ذلك بالراعي. وتركوا في الحرة يستسقون فلا يسقون اي تركوهم يعضون حجارة الحرة. فهذه اشنع القتلات على الاطلاق والعياذ بالله لان فعلهم اشنع الافعال. ولهذا قال ابو قلابة فهؤلاء سرقوا اي النعم. وقتلوا اي الراعي. وكفروا بعد ايمانهم اي ارتدوا لان الايمان لم يدخل قلوبهم. كما قال تعالى عن الاعراب قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن كونوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم. الان والا فمن دخل الايمان قلبه لم يرض به بديلا. ولهذا قال يرقل في جواب اسئلته لابي سفيان وسألتك هل يرتد احد منهم سخطة دينه فزعمت ان لا وكذلك الايمان اذا خالطت بشاشته القلوب وقوله وحاربوا الله ورسوله. اي قطعوا الطريق. وورد ذكر الحرابة لله ورسوله في موضعين من القرآن. احدهما في قطاع الطريق في قوله انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله رسوله الاية الثاني في اكل الربا في قوله افعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله. وان تبتم فلكم رؤوس اموالكم. الاية ففي هذا الحديث حد قطاع الطاهر طريق. وقد ثبت ذلك بالكتاب والسنة. ففي الكتاب قوله تعالى انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الاية وفي السنة هذا الحديث ومن نظر الى ظاهر الاية ظن ان عذابهم على وجه التخيير. ولكن قد فسر الاية حبر الامة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما فقال ان قتلوا واخذوا المال قتل حتما وصلبوا. ولو عفا ولي المقتول. لان الحق لله تعالى. وان ان قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا. وان اخذوا المال ولم يقتلوا قطعت ايديهم وارجلهم من خلاف. اي تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ولا تقطع اليد والرجل من جانب واحد. لان القصد تأديبهم لا اتلافهم وان لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا. وانما اخافوا السبيل نفوا من الارض. اي بان يشرد فلا يتركون يأوون الى بلد. حتى تظهر توبتهم. وهذا ما معنى الاية والمراد منها؟ لان افعالهم مختلفة كما ترى. فجعل العقاب على قدر الظلم. ومن فوائد هذا الحديث مشروعية استعذاب الهواء اجتناب الوخام لاجل حفظ الصحة. ومنها ان الرجوع الى ما اعتاده الانسان معين على صحته. فاذا ترك ما اعتاد فعله فمرض بسبب ذلك. فدواؤه ان من رجع الى عادته. ولهذا امرهم ان يرجعوا الى عادتهم. ومنها شروعية التداوي ومنها ان ابوال الابل اذا خلطا كانا دواءا خصوصا للمرض المتأثر من الوخام واستنكار الاغذية ومنها ان بول الابل طاهر. ومثلها كل ما يؤكل لحمه من الحيوانات لانه ورد ان الله تعالى لم يجعل دواء امتي فيما حرم عليها وايضا فلو سلم انه امرهم بالتداوي به لاجل الضرورة. والا فهو محرم للزم ان يأمرهم بغسل اثره في افواههم عند ارادة الصلاة صحيح ان بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر. ومنها ان الصلب كما بربطه على خشبة في مجمع الناس. حتى يشتهر امره. فانه يحصل في الارض في مجمع الناس. وتركه يومين او ثلاثة حتى يشتهر امره الحادي والاربعون والثلاثمائة. الحديث الثاني. عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن ابي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما انهما قالا ان رجلا من الاعراب اتى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقال يا رسول الله انشدك الله الا قضيت بيننا بكتاب الله. فقال الخصم الاخر وهو افقه منه نعم فاقض بيننا بكتاب الله واذن لي. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قل فقال ان ابني كان عسيفا على هذا. فزنا بامرأته واني اخبرت ان على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة فسألت اهل العلم فاخبروني انما على ابني جلد مائة وتغريب عام وان على امرأة هذا الرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم والذي نفسي بيده لاقضين بينكم بكتاب الله. الوليد والغنم رد عليك. وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. وغدو يا انيس لرجل من اسلم الى امرأة هذا. فان اعترفت فارجمها. فغدى عليها فاعترفت فامر بها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرجمت. رواه بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود. هذا احد الفقهاء السبعة الذين اشتهروا في المدينة بالفقه. وهم من اجلاء التابعين. وعدهم بعضهم في في بيت فقال اذا قيل من في العلم سبعة ابحر روايتهم ليست للفقه خارجه فخذهم عبيد الله عروة قاسم سعيد ابو بكر خارجة وقوله عن ابي هريرة وزيد ابن خالد الجهني انهما قالا ان رجلا من الاعراب اتى الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال يا رسول الله انشدك الله الا قضيت بيننا لله الى اخره. وهذا كلام لا يقال لمثل رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم. لانه لا يقضي الا بكتاب الله وكلامه شرعا فهو المبين عن الله احكامه. وانما يقال هذا الكلام لمن يتهم في حكمه ولكن لا غرابة في هذا على الاعراب. كما قال الله عنهم اشد كفرا ونفاقا واجدر. واجدر ان لا يعلم حدود ما انزل الله. ولكنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتحمل منهم. ويصبر على ما يقولون. لانه كان ينزل الناس منازلهم. لما جبله الله عليه من الاخلاق الكريمة. ولهذا امره الله ذلك في قوله خذ العفو وامر بالعرف. اي خذ ما تيسر من اخلاق الناس ونحو ذلك. فقال الخصم الاخر وهو افقه منه نعم. فقل بيننا بكتاب الله واذن لي. اي ان اتكلم وابين لك حالنا وجميع دعوانا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قل فقال ان ابني كان عسيفا على هذا. اي اجيرا عنده يرعى ماشيته. فزنى بامرأته اني اخبرت ان على ابن الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة. اي ولا فيرفع ابني لان لا يرجم. فسألت اهل العلم اي الذين يعلمون حدود ما انزل الله فاخبروني ان ما على ابني جلد مائة وتغريب عام. وان على امرأة هذا الرجم اي لان ابنه بكر والمرأة ثيبة. والظاهر انهم تلقوا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لان هذا العلم حق فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والذي نفسي بيده جاء قضين بينكم بكتاب الله. وهذا قسم منه على هذا الحكم. وقد ورد عن القسم في قضايا كثيرة. واذا تأملت تلك المواضع وجدتها كلها لائقة للقسم. لان المخبر كانه شاك في ذلك الحكم. والقسم مما يؤكد ذلك. وفيه ان حكم الرسول حكم بكتاب الله. وان ما معه بالسنة هو تفسير لكتاب الله. وكانت دعواهما بالغنم والوليدة فلهذا قال الوليدة والغنم رد عليك. اي لانه اخذها بلا عوض شرعي فهو داخل في قوله تعالى ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل. وكم دخل في هذه الاية من الاقسام الكثيرة فضلا عن انواعها. وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام. اي كما اخبره به اهل العلم وغدو يا انيس لرجل من اسلم الى امرأة هذا. فان اعترفت ترجمها فاعترفت فامر بها فرجمت. ففي هذا الحديث فوائد كثيرة منها ان البكر اذا زنا فعليه جلد مائة وتغريب عام. والجلد بسوط وسقم لا جديد ولا خلق. ومنها ان الثيب يرجم حتى يموت. ومنها انه لا بأس بالقسم على الصدق. بل ربما استحب اذا كان المقام يقتضي ذلك. مثل لو في الخبر والمطلوب تأكيده. ومنها انه لا يجوز المعاوضة على تعطيل حد من حدود لله لانه يلزم اقامتها كما تقدم. ومنها انه اذا تعاوض على ذلك فهو باطل. ويرد عليه ماله ويقام الحد. وهنا قاعدة عظيمة ينبغي التنبه لها. وهي ان من فعل شيئا لسبب ورتب الفعل على ذلك تارك السبب ظانا وجوده. فتبين عدم ذلك السبب. ان فعله ذلك يلغى ولا يعتد به. ومنها انه يجوز التوكيل في اثبات الحدود فان اقامة الحدود الى الامام ولا يجوز لاحد ان يفتات عليه في فاذا وكل احدا في اثبات حد من الحدود او استيفائه ملك ذلك ومثله الامير والحاكم فانهم نواب الامام الاعظم. ويستثنى الرقيق كما يأتي الثاني والاربعون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود. عن ابي هريرة وزيد بن خالد الجهري رضي الله عنهما انهما قالا سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الامة اذا زنت ولم تحصن. قال ان زنت فاجلدوها ثم ان زنت فاجلدوها. ثم ان زنت فاجلدوها. ثم بيعوها اه ولو بضفير. رواه البخاري ومسلم. قال ابن شهاب لا ادري ابعد الثالثة او الرابعة. والضفير الحبل. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث عبيد الله بن عبدالله رضي الله عنه ايضا قالا سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الامة. اي المملوكة اذا زنت ولم تحصن. فقال ان زنت فاجلدوها الى اخره. اي كما امر الله تعالى بقوله اذا احصن فان اتينا بفاحشة فعليهن نصف اي الحرائر. من العذاب. اي جلد خمسين جلدة. لان الجلد هو الذي يتبعض. واما الرجم فلا يمكن ان تتبعض فالرقيق على النصف من الحر. لان زناه اقل عارا ولا يغرب لانه يفوت حق سيده. وربما كان احب اليه والمحصن هو الذي قد اتم الله عليه النعمة بالزواج. فزناه اعظم من زنا البكر لانه تمت عليه النعمة. فلم يتعد من الحلال الى الحرام الا لخبث نفسه وقلة ايمانه. فكان على الحر الرجم اذا احصن واما الرقيق فالمحصن وغيره سواء. وقوله في الثالثة او الرابعة ثم بيعوها ولو بضفير. اي بحبل. اي فلا خير فيها ولا ينبغي له ان الزانية في ملكه. واقامة الحدود كما تقدم الى الامام ويستثنى الرقيق. فان لسيده ان يقيم الحد عليه في الجلد واما القتل كالقصاص ونحوه فليس الى السيد. بل الى الامام الثالث والاربعون والثلاثمائة. الحديث الرابع. عن ابي هريرة هريرة رضي الله عنه انه قال اتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو في المسجد. فناداه فقال يا رسول الله اني زنيت. فاعرض عنه. فتنحى تلقاء وجهه فقال يا رسول الله اني زنيت. فاعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه اربع مرات فلما شهد على نفسه اربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ابك جنون؟ قال لا قال فهل احصنت؟ قال نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذهبوا به فارجموه. قال ابن شهاب فاخبرني ابو سلمة ابن عبد الرحمن انه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول كنت فيمن رجمه. فرجمناه بالمصلى. فلما اذلقته الحجارة هرب فادركناه بالحرة فرجمناه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة اتى رجل من المسلمين الى اخره. وهو ماعز ابن ما لك الاسلمي وقوله وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله اني زنيت. فاعرض عنه. وليس هذا الاعراض لانه لا يثبت بالاقرار طاري مرة. بل لان هذا كلام لم يقله احد قبله. فلم يحب ان يؤاخذه اذا هو اول مرة فتنحى تلقاء وجهه. فقال يا رسول الله اني زنيت فأعرض عنه حتى ثنى ذلك. اي كرر اقراره اربع مرات فلما شهد على نفسه اربع شهادات دعاه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ابك جنون؟ قال لا. وفي بعض الروايات تحياتي انه سأل قومه عنه فقالوا ليس في عقله خلل. ففيه ان تسقط عنه التكاليف. وقوله فقال هل احسنت؟ قال نعم اي هل تزوجت؟ والاحصان هو ان يتزوج حرة ويطأها. فقط قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اذهبوا به فارجموه. اي حتى يموت. قال ابن شهاب فاخبرني ابو سلمة ابن عبدالرحمن انه قال سمعت جابرا يقول كنت فيمن رجمه. فرجمناه بالمصلى اي مصلى العيد. فلما اذلقته الحجارة اي حمي عليه الرجم واشتد الم الحيلة زيارتي عليه هرب بموجب الطبائع البشرية. انها لا تصبر على المؤلم فادركناه بالحرة فرجمناه. اي حتى مات رضي الله عنه. وفي بعض الروايات ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم امر ان يستنكح اي لعله سكران. فلا يثبت عليه الحد. ففي هذا الحديث فوائد كثيرة منها ان الزنا يثبت بالاقرار. كما يثبت بشهادة اربعة واولى واشترط بعضهم ان يقر اربعا. والا يرجع عن اقراره حتى اتم عليه الحد. لانه في هذا الحديث اقر اربعا. وقال اخرون يكفي الاقرار مرة واحدة. فيثبت عليه الحد بذلك بما تقدم من قوله عليه السلام. واغدي انيس لرجل من اسلم الى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها. ولم يشترط ان تقر اربع مرات ولو كان واجبا لذكره. وظاهر الحال انها لم تقر الا مرة واحدة ولانه قد لا يمكن الاقرار الا مرة واحدة. فكيف يعطل الحد حتى يقر اربعا. وفصل بعضهم فقال ان كان لم يشتهر ولم يتهم قبل اقراره. لم يثبت حتى يقر اربعا. كما في قصة ماعز. وان كان قد اشتهر واتهم بالفاحشة. كفى اقراره مرة واحدة كما تقدم في قوله واغدو يا انيس الى امرأة هذا فان اعترفت فارجمها وهذا التفصيل احسن الاقوال. وهو الذي تجتمع فيه الاحاديث ومنها ان المجنون ليس بمكلف. ولا تثبت عليه الحدود ومعنى قولنا لا يحد اي لا يحد الحد الذي قدر الله تعالى والا فيؤدب تأديبا يردعه وامثاله. وتأديبه كتأديب البهائم وكل اقواله ليست معتبرة. ومنها ان السكران لا تعتبر اقراراته. كما ان جميع اقواله وعقوده لاغية على الصحيح فلا يثبت طلاقه ولا عتقه ولا اقراره بمال ولا غيره ولا هبته ولا رهنه. ولا سائر تبرعاته وتصرفاته هذا الصحيح بلا شك. ومن قال يقع طلاقه وبعض عقوده فليس معه ودليل بل الدليل على خلاف ما قال. وغاية ما يقولون يقع عليه عقوبة فالجواب عن هذا ان الله تعالى لم يوجب على السكران الا الحد فقط وايضا فان ضرر المرأة بايقاع الطلاق ابلغ من ضرر الرجل فكيف تعاقب ولم تفعل ذنبا. فهذا قول ضعيف جدا. ومن منها انه يجب الاستفصال في مقام الاحتمال. اذا كان الحكم يختلف كما تقدم هذا اذا كان الاحتمال قريبا. واما اذا كان بعيدا جدا كان يلزم الاستفصال عنه. ومنها انه يسأل عن الانسان اذا اشتبه في امره من يتصل به كاقاربه واصدقائه. ومنها انه يجب على المحصن الرجم. وقد ورد ان من القرآن الذي نسخ لفظه وبقي حكمه اية الرجم. وهي الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله. والله عزيز حكيم. والمراد بالشيخ المحصن والشيخ المحصنة. وفي بعض روايات هذا الحديث انهم لما اخبروا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه هرب قال هلا اكتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه. ففيه انه اذا ثبت عليه الزنا بمجرد اقراره ولم يشتهر بالفاحشة. ورجع عن اقراره قبل ان يتم عليه الحد. فانه يترك ولو كان رجوعه بعد ما ذاق الم الرجم واما اذا كان مشتهرا بذلك وثبت عليه الزنا بالشهود يلزم اتمام الحد رجع او لم يرجع. ومنها فضل ماعز رضي الله عنه فانه غضب على نفسه لله تعالى. ورضي باتلاف ما فيها غضبا لله. ومنها انه يلزم الانسان ان يحذر من فعل الذنب فاذا غلبته نفسه وفعله وستر الله عليه. فلا يفر نفسه ويهتك ستر الله تعالى. بل يتوب فيما بينه وبين الله تعالى الرابع والاربعون والثلاثمائة. الحديث الخامس عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال ان اليهود جاءوا الى رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فذكروا له ان امرأة منهم ورجلا زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الرجم. فقالوا نفضح هم ويجلدون. قال عبدالله بن سلام كذبتم. ان فيها اية الرجل فاتوا بالتوراة فنشروها فقرأوها. فوضع احدهم يده له على اية الرجم. فقرأ ما قبلها وما بعدها. فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فاذا فيها اية الرجم. فقال صدق يا محمد. فامر بهما النبي صلى الله عليه على آله وسلم فرجما. قال فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة قال رضي الله عنه الذي وضع يده على اية الرجم هو عبدالله بن سوريا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر ان اليهود جاؤوا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فذكروا له ان امرأة ورجلا منهم زنيا. وكانوا لعنهم الله يعلمون دون انه رسول الله حقا. ولكن كفروا به بغضا وعنادا وترافعهم اليه في هذا قصدهم لعله ان يحكم باخف مما في التوراة لعلمهم انه نبي الرحمة. وانه جاء برفع الاثار الاغلال. فقال لهم رسول الله ما تجدون في التوراة في شأن الرجم مراده ان يبين لهم ان كتب الله على هذا الحكم العظيم ولكنهم غيروا ذلك وبدلوا فقالوا نفضحهم ويجلدون فكانوا في اول الامر يقيمون الحدود كما امر الله. ثم حكم الله تعالى. فكان اول ما غيروها انهم يجلدون الوضيعة دون الشريف. ثم بعد ذلك ابطلوا هذا. وغيروا ذلك بالفضيحة والجلد وذلك انهم يسودون وجه الزاني. ويركبونه وعلى حمار ويطوفون به على مجامع الناس. ينادون عليه بجريمته وكان عبد الله ابن سلام حاضرا. وكان من احبارهم فاسلم رضي الله عنه فقال كذبوا يا رسول الله ان فيها اية رجم فاتوا بالتوراة فنشروها. اي لينظروا هل هي فيها ام لا فقرأوها فوضع احدهم يده على اية الرجم. وهو عبدالله بن كوريا وكان شابا. ولكنه من احبارهم وعلمائهم. فقرأ ما قبلها وما بعدها. فقال له عبدالله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فاذا فيها اية الرجم. فقالوا صدق يا محمد فامر بهما النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرجما قال ابن عمر فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة. اي من شدة عشقه لها يفديها بنفسه حتى في هذه الحالة. مع انه يعلم انهما ميتان جميعا. ففيه ان الكفار اذا ترافعوا اليه وجب ان نحكم بينهم بما انزل الله. وان نقيم عليهم الحدود ولا نمكنهم لو ارادوا ان يستأنفوا فلا يقبلوا الحكم. بل يجبر على التزامه. وفيه انه تقبل شهادة الكفار بعضهم على بعض. لا اعلى المسلمين الا فيما استثني كما تقدم. وفيه رجم المحصن الخامس والاربعون والثلاثمائة. الحديث السادس. عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لو ان امرأ اطلع عليك بغير اذنك فحذفته بحصاة وفقأت عينه ما كان عليك جناح. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي هريرة لو ان امرأ اطلع عليك بغير اذن اي من خلل الباب. او من جدار ونحوه فحذفته بحصاة ففقأت عينه. ما كان عليك جناح اي لان العين جنت وتعدت بالنظر المحرم. فلا ضمان في ما فيها وليس هذا من باب دفع الصائل. فلا يجوز انذار من فعل هذا ولا دفعه بالاسهل فالاسهل. بل هذا من باب اتلاف العضو الجاني كقطع يد السارق لجنايتها بالسرقة. وكجلد الزاني او رجمه لتلذذ لجميع بدنه بالزنا. وكقتل القاتل والقصاص فيما دون النفس ولا يقاس على النظر الاستماع. لانه لا يماثله من كل وجه. والله اعلم الم باب حد السرقة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب حد السرقة. تقدم الكلام على معنى الحدود وفائدتها في اول كتاب الحدود. والسرقة هي اخذ المال من مالكه على وجه الاختفاء بخلاف الغصب والنهبة فلا قطع فيهما. ولا يسميان سريعا وان كان المنتهب والغاصب في بعض الصور اعظم اثما من السارق وثبت قطع السارق بالكتاب والسنة واجماع الامة. وهو مقتضى القياس والحكمة. ويشترط في القطع ان يكون المال مأخوذا من حرز مثله ويختلف باختلاف الاوقات والبلدان والاموال. فالمرجع في ذلك الى عرف ويشترط ايضا ان يكون نصابا. فلو اخذ اقل منه لم يقطع السادس والاربعون والثلاثمائة. الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وعلى اله سلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم. وفي لفظ ثمنه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقد ذكره بقوله في حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم. وفي الرواية الاخرى ثمنه وثلاثة الدراهم في ذلك الوقت ربع دينار. والمجن مأخوذ من الاتنان وهو الاختفاء. اي ما يجتن به في الحرب وكانوا يستعملونه في الزمن الاول. لان سلاحهم سيف ورمح وقوس هذا ابلغ ما عندهم. ويتخذون المجن يقيهم منها. وهو شيء يأخذه احدهم بيده على هيئة الشمسية. يتقي به عند القتال وفي الحديث انه لا يقطع باقل من النصاب. وفيه ان العرض يقال قوموا بالنقد. فان بلغت قيمته نصابا قطع والا فلا وقد اختلف العلماء في النقدين ايهما الاصل؟ فالمشهور من المذهب ان كل واحد منهما اصل. فيقوم العرض بارخصهما. وان كان المسروق من احدهما. فالمرجع الى ما قدر فيه ولا يقوم بالاخر السابع والاربعون والثلاثمائة الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها انها سمعت رسول الله صلى الله اول الامر تبناه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما تقدم حتى نزل قوله تعالى وقوله الاية. فنسب الى ابيه. واسامة كان يحبه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم محبة عظيمة. فلهذا توسلوا الله عليه وعلى اله وسلم يقول تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته واستدلوا بهذا الحديث وبقوله في حديث عائشة تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا. اي انها لا تقطع في اقل من ربع دينار وعنه رواية ان الاصل في نصاب السرقة الذهب. وان الفضة تبع له. وهذا هو الصحيح كما تقدم. ان الاصل في الديات الابل على الصحيح وتقدمت ادلته. ومما يبين صحة هذا القول ان من ان اخذ بالقول الاول وقال كل واحد اصل فانه لا يسلم من التناقض وايضا فان قوله تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا. يفيد انها لا تقطع في اقل من ذلك. وهذا قول من النبي صلى الله عليه وعلى اله وهو عام في كل وقت. واما الاول فانه فعله وثلاثة الدراهم في ذلك الوقت ربع دينار. وقوله قيمته ثلاثة دراهم من كلام الصحابي فلا يفيد ان كل عرض سرق. وبلغت قيمته ثلاثة دراهم قطع به. لان الثلاثة في ذلك الوقت ساوت ربع الدينار فالعبرة بالذهب على الصحيح. واظنه مذهب الشافعي لم يشترط الظاهرية نصابا. واوجب القطع في سرقة القليل والكثير ولكن ترد هذا القول الاحاديث الصحيحة. ولان هذا المقدار الذي الذي قدره الشارع هو اقل ما تتبعه همة غالب الناس. واما الحقير فلا قطع فيه شرعا وعقلا. وقد اعترض بعض المعترضين على هذا الحكم الذي شرعه الله رحمة بالعباد. وحفظا لاموالهم فقال يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار مراد هذا المعترض ان الله تعالى شرع دية اليد خمسمائة دينار لان دية النفس الف دينار. ودية اليد نصف دية النفس. فكيف اوجب قطعها في ربع دينار. وربع الدينار ليس له نسبة الى الخمسمائة فاجابه العلماء وردوا عليه اعتراضه باجوبة. منها ان الله تعالى النفس الف دينار ودية اليد نصف ذلك حفظا للابدان. واوجب فقطع اليد في سرقة ربوع دينار فاكثر حفظا للاموال. وهذا مقتضى الحكمة للذي ليس فوقه عدل. ومنها قولهم لما كانت امينة كانت ثمينة فلما خانت هانت. اي لما كانت امينة كانت ثمينة. فجعلت ديتها ها خمسمائة دينار لامانتها. فلما خانت بسرقة المال هانت على الله وعلى خلقه. فقطعت في سرقة هذا القليل. لخيانتها وهواك الى غير ذلك من الاجوبة السديدة. ولو فكر هذا المعترض اقل تفكير او كان معه عقل يفهم به حقائق الامور. لعلم انها هذا الحكم احسن الاحكام. ولا صلاح للدين والدنيا الا به. لان المسلم لا صلاح لدينهم ودنياهم الا بلزوم الشرع. وامتثال اوامره واقامته في حدوده الثامن والاربعون والثلاثمائة. الحديث ثالث عن عائشة رضي الله عنها ان قريشا اهمهم امر المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقالوا ومن يجترئ عليه الا اسامة بن زيد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فكلمه اسامة فقال اتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب قال انما اهلك الذين من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم تركوه. واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد. ويم الله والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. وفي في لفظ كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده. فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بقطع يدها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث عائشة ان قريشا اهمهم امر المخزومية التي سرقت. الى اخره اي كبر عليهم وطلبوا امرا يتوصلون به الى ترك قطعها. لانها من اكبر قبائل قريش. فان بني مخزوم قبيلة كبيرة من اشرف قبائل قريش وعظمائهم. واكثر صناديد اهل مكة من بني مخزوم فلهذا شق عليهم اقامة الحد عليها. وطلبوا درء الحد عنها فطلبوا وسيلة يستشفعون بها الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وكانت العادة قد جرت. ان يستشفع الى الانسان باقرب الناس اليه واحبهم له. وكان احب الناس الى رسول الله من امته اصحابه على قدر مراتبهم. ومن احبائه اسامة بن زيد بن كارثة فهو حب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابن حبه اي يحبهما رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فان زيدا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالوا ومن يجترئ على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا اسامة بن زيد. حب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان يتدلل على رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ويسأل منه ترك حدها فقالوا له كلم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فكلمه فغضب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم غضبا لله تعالى. فقال قال اتشفع في حد من حدود الله؟ وقد تقدم التحذير من الشفاعة في الحدود بعد بلوغه وان الله ورسوله لعن الشافع والمشفع. هذا بعد بعد ظهورها وبلوغها الامام. واما قبل ان تبلغ الامام فهل ينبغي ان يستر الانسان على من وجده يفعل معصية. او يشفع فيه الى من اراد ان يرفعه الصحيح انه ينظر الى المصلحة. فان كان رفعه اصلح رفعه. وان ان كان الستر عليه اصلح ستر عليه. وقوله ثم قام فاختطب. الى اخره كانت هذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اذا وقع امر يحتاج الى التنبيه عليه خطب الناس وبين لهم الحق. وهذا من تبليغه ونصحه. فنشهد بالله لقد بلغ البلاغ المبين صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم. وجزاه عن امته افضل الجزاء. قوله انما اهلك الذي من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيه الضعيف اقاموا عليه الحد. كما تقدم في الزنا مثل هذا وهذا من تغييرهم لحكم الله وحدوده. فلهذا اهلكهم الله بفعله ثم نبه على ما يجب فعله من العدل بين الناس في الاحكام. شريفهم ووضيعهم. قريبهم وبعيدهم. غنيهم وفقيرهم. في صفة الحج وعدده وغير ذلك. فلا يدرأ عن الشريف او يقام عليه بعض الحد. او قاموا عليه خفية. فهذا من فعل من غيروا حكم الله. فاهلكهم الله بما اكتسب فقال ويم الله وهذا قسم منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لاجل التأكيد. لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها اي مع شرفها وفضلها وقربها منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم فلا يمنع ذلك من ترك اقامة الحد عليها. ولكن حاشا سيدة نساء العالمين عالمين من ذلك الفعل. وقوله في اللفظ الاخر كانت امرأة استعيروا المتاع وتجحده. الى اخره. اختلف العلماء هل يقطع جاحد العارية ام لا؟ مذهب الائمة انه لا يقطع. قالوا لانه خائن وليس سارق وفي ذلك نظر. ومذهب الامام احمد انه يقطع لهذا ولانه لا فرق بينه وبين السارق. بل فعله اولى. لان شرع امر بالاحسان وبذل المعروف. وقد امتثل المعير امر الشارع في ذلك وجحد العارية سبب لقطع الاحسان بين الناس. وهذا هو الصحيح واجاب الائمة الثلاثة عن هذا الحديث. بان هذه المرأة كانت تسرق وتجحد العارية. فقطعها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لسرقها لا لجحدها العارية. وهذا التأويل مخالف لظاهر اللفظ. ففي في هذا الحديث فوائد كثيرة. منها تحريم الشفاعة في الحدود بعد بلوغها الامام ومنها وجوب العدل بين الناس كما تقدم. ومنها وجوب قطع جاحد كالسارق على الصحيح. باب حد الخمر. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب حد الخمر. اضيف الى سببه كسائر ابواب الفقه. واحسن ما فسر به الخمر. واجمع ما قيل فيه عليه على الاطلاق هو ما فسره به من اوتي جوامع الكلم. واختصر وله الكلام اختصارا صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فانه فسره وبقوله كل مسكر خمر وكل خمر حرام. فذكر في هذا فعرف الخمر وذكر حكمه في هذا الكلام المختصر. فخرج بقوله مسكر خمر. البنج ونحوه. فانه يغطي العقل. ولكنه ليس مسكر فانه يباح تعاطيه للضرورة. لانه يسهل الادوية داوي وقال عمر الخمر ما خامر العقل اي سمي الخمر خمرا لانه يخامر العقل ان يغطيه. وورد ما اسكر كثيره فملئ الكف منه حرام. فالعبرة بالكثير. فاذا كان الكثير يسكر فالقليل حرام ولا يباح لجوع ولا لعطش يعطش. ولا يباح الا لدفع لقمة غص بها. ويدخل في الخمر الحشيشة ونحوها من الاشياء المسكرة. وحرم الله تعالى الخمر لانه يفسد العقل ويذهبه. فيكون الانسان في هذه الحالة اسوأ حالا من البهيمة وقد تقدم ان الله تعالى اوجب القصاص حفظا للابدان قطع السارق حفظا للاموال. وفي هذا اوجب حد الخمر حفظا للعقول وربما تجرأ السكران على المحرمات كلها. من الزنا والقذر والقتل وغير ذلك. ولهذا سميت الخمرة ام الخبائث. والله تعالى ميز الانسان عن سائر الحيوانات بالعقل. فاذا زال عقله فلا فرق بينه وبين البهائم. بل يكون اسوأ حالا منها كما تقدم وقد اعتاد الناس الخمر في الجاهلية. ومكث حبها في قلوبهم فلهذا نهاهم الله تعالى عنها على وجه التدريج. فاول ما انزل ففي الخمر قوله تعالى فاولا نهاهم عنها عند ارادة الصلاة. فلما تمرنوا على هذه الحالة انزل قوله. يسأل عن الخمر والميسر. قل فيهما اثم كبير الاية. فهذا اعم من الاول. ولكن لم يحتم النهي والميسر هو جميع المغالبات غير ما استثني. وهو المسابقة في الخيل الايبل والسهام. فتباح هذه للحاجة. واما غيرها فرهان منهي عنه ثم بعد ذلك انزل الله تعالى يا يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والانصاب والازلام رجس من عمل الاية فالانصاب هو ما يعبد من دون الله والازلام هو ما يستقسمون به في الجاهلية. فيجعل احدهم ثلاثة اقداح في احد هفعل وفي الثاني لا تفعل. وفي الثالث غفل يدخلها في جيبه ونحوه ثم يجيلها فيه. ويخرج واحدا منها فان خرج افعل مضى لشأنه الذي هم به. وان خرج لا تفعل رجع عن ذلك ان خرج الغفل اعادها. فبدل المسلمين عن ذلك بخير منه وهو الاستخارة فذكر الله تعالى ثمانية اشياء توجب ترك الخمر والميسر وكان عمر رضي الله عنه يقول اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فلما نزلت هذه الآية قال انتهينا انتهينا التاسع والاربعون والثلاثمائة. الحديث الاول. عن انس بن ما لك رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اوتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدة نحو اربعين. قال وفعله ابو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن بن عوف اخف الحدود ثمانون فامر به عمر رضي الله عنه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث انس الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اتي برجل قد شرب خمر فجلده بجريدة نحو اربعين جلدة. وورد صريحا انه جلس اربعين. وفعله ابو بكر رضي الله عنه. اي وكان هذا العدد من الجلد يكفي في ردع الناس ذلك الوقت. فلما كان عمر اي وكثرت الفتوحات وتترف الناس وكثرت الاموال بين ايديهم. كثر فيهم شرب الخمر ولم يرتدعوا بذلك العدد من الجلد. فلهذا جمع عمر الناس في ذلك. كما هي عادتهم رضي الله عنهم. اذا وقع امر مهم اجتمعوا وتشاوروا. وقوله فقال عبد الرحمن بن عوف يا امير المؤمنين اخف الحدود اي التي قدرها الله في كتابه ثمانون. يريد يحد القذف. وفي بعض الاحاديث ان عليا قال اذا سكر هذا اذا هدف ترى وحد المفتري ثمانون. اي اذا غاب عقله اقل ما يصدر منه القذف. وهو غالب الوقوع من السكران. فامر به عمر فكان العمل على ذلك. فلما استخلف علي قال قد جلد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اربعين وابو بكر كذلك. وجلد عمر ثمان والكل حق. ثم جلده اربعين. فهذا تصريح منه بان كل ذلك حق واختلف في حد الخمر. هل يجب الا ينقص عن الثمانين؟ او يجب ان الا يزاد على الاربعين. او ان الاربعين لا ينقص عنها. وما فوق الاربعين يرجع فيه الى المصلحة. فان كان يحصل في الاربعين النكاية والردع عن هذا الفعل اقتصر عليها. كما كان في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وابي بكر وان كان لا يحصل في الاربعين الردع والنكاية زيد عليها حتى يحصل الردع عن هذا الفعل. كما في زمن عمر. فيه ثلاثة اقوال الاول هو المشهور من مذهب احمد. والثالث اي الرجوع فيه الى المصلحة اصح الاقوال. وهو رواية عن احمد. اختارها جملة من الاصحاب الخمسون والثلاثمائة. الحديث الثاني. عن ابي في بردة تهاني ابن نيار البلوي رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا يجلد فوق عشرة اسواط الا في حد من حدود الله. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعيد عدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي بردة ابن نيار لا يجلد فوق عشرة اسواط الا في حد من حدود الله تعالى. حدود الله اوامره ونواهيه. فاذا ورد تلك حدود الله احتفالات. فالمراد به الاوامر. واذا ورد تلك حدود الله فلا تقربوها. فالمراد به المحرمات وهذا الحديث في التعزيرات والتأديبات. وقال بعضهم ان المراد بقوله الا في حد من حدود الله. المراد بذلك العقوبات التي قدرها الشارع فيكون معنى الحديث ان ما قدر الشارع عقوبة على فعله كالزنا والسرقة وشرب الخمر. يرجع فيه الى تقدير الشارع. وما لم يقدمه ديره الشارع عقوبة على فعله. فانه لا يزاد في التعزير عليه على عشرة الاف اشواط غير ما استثني. قالوا ولا يعزر باخذ المال غير ما استثني والصحيح ان معنى الحديث انه لا يزاد على عشرة اسواط في التأديبات التي ليست على فعل محرم او ترك واجب. كتأديب المعلم الصبيان. وتأديب الرجل زوجته وولده وخادمه ونحو ذلك. واما العقوبات التي قدرها الشارع فنعم لا يزاد على ما قدره. واما التعزير على ترك واجب او فعل محرم لم يقدر الشارع فيه عقوبة فانه يرجع فيه الى المصلحة فان كان على معصية قد مضت فيؤدب بما يردعه وامثاله عن فعلها وان كان على معصية قد اصر عليها فيؤدب حتى يقلع عنها وان كان على ترك واجب فيؤدب حتى يلتزمه. وقد يبلغ عزير الى القتل. هذا هو الصحيح. كما ان الصحيح انه يعزر باخذ المال اذا كان في ذلك مصلحة كما تضعف القيمة على كاتم الضالة وكما يحرق متاع الغال ونحو ذلك. كتاب الايمان والنذور قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله كتاب الايمان والنذور حد الايمان هو تأكيد الخبر او الفعل. بذكر معظم بحروف القسم او ما يقوم مقامها. واليمين المشروعة هي اليمين بالله تعالى او صفة من صفاته كما يأتي. والاصل في الايمان انه لا ينبغي الاكثار منها وقد تحرم اليمين اذا كان كاذبا ونحوه. وقد تكرم وقد يشرع الحلف اذا كان لمصلحة. وقد امر الله تعالى رسوله ان يقسم على البعث في ثلاثة مواضع من القرآن كما تقدم. وهي قوله قل اي وربي انه لحق. الاية وقوله قل بلى وربي لتأتينكم. الاية وقوله وتعالى الاية. وقد ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اقسم فيما مواضع كثيرة من السنة. واما حد النذور فهو التزام المكلف فعل طاعة الله تعالى واما سوا هذا القسم من النذور فانه داخل في الايام كما هو مبسوط في كتب الفقه. وقد ذكروا رحمهم الله تعالى الايمان والنذور في باب واحد. وبعضهم يفرد كل واحد في باب ولكن يوالي بينهما. لان احكامهما متقاربة الا ان موجب النذر هو تحتم الوفاء به. وموجب اليمين هو الوفاء او تحليل يمينه بالكفارة كما يأتي. الحادي والخمسون والثلاث الحديث الاول عن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يا عبد عثمان ابن سمرة لا تسأل الامارة فانك ان اعطيتها عن مسألة وكلت اليها وان اعطيتها عن غير مسألة اعنت عليها. واذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها. فكفر عن يمينك واتي الذي هو خير رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عبدالرحمن بن سمرة يا عبدالرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة الى اخره. الامارة بكسر الهمزة هي الولاية وبفتحها العلامة وهي هنا بالكسرة. اي لا تطلب الولاية اية سواء كانت ولاية عامة او خاصة. وسواء كانت ولاية دنيوية او دينية. كامامة ونحو ذلك. واعظم طلبها بذل المال تحصيلها. ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال فانك ان اعطيتها عن مسألة وكلت اليها. اي ومن وكل الى نفسه فهو مخذول كائنا من كان ولو بلغ في المعرفة مهما بلغ. والسبب في ذلك ان من طلبها فلا لابد ان يكون معجبا بنفسه. ويرى انه قادر على القيام بها ابلغ من خيره. والحال ان الانسان مهما بلغ فهو ناقص عاجز. الا باعانة الله وتوفيقه. وقوله وان اعطيتها عن غير مسألة اعنت عليها اي لانه في هذه الحال يرى نفسه مفتقرا الى الله ومحتاجا اليه في كل لحظة فمن رأى نفسه في هذه الحالة فلا شك ان الله تعالى الا يعينه في جميع اموره. وهذا اذا طلبها لمجرد التشهي والوصول الى اغراضه الدنيوية. واما اذا طلبها لاجل القيام بالامور الدينية التي اهملها غيره. او اللوازم الدنيوية التي لا غنى بالرعية عنها فهذا ليس بمذموم. كما قال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام انه قال لملك مصر اجعلني على خزائن لان قصده عليه السلام ان يتمكن من الدعوة الى الله والى عبادته وحده لا شريك له. الشاهد من الحديث قوله واذا حلفت على يمين فرأيت غيرها وخيرا منها فكفر عن يمينك. واتي الذي هو خير. اي لا يمنع حليفك عن فعل الخير. وهذا معنى قوله تعالى. ولا تجب جعلوا الله عروضة لايمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بينكم اي لا تجعلوا الحلف بالله مانعا لكم من فعل هذه الاعمال صالحة وليس معنى الاية كما يظن بعض الناس انه ونهي عن كثرة اليمين بالله. ففي الحديث انه يجب عليه اذا حنف ان عن يمينه وفيه ان الحنث افضل اذا كان قد حلف على ترك خير. في كفروا عن يمينه ويفعل الذي هو خير. ولا يجعل يمينه مانعة له من فعله الخير. الثاني والخمسون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن ابي موسى رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم. اني والله ان شاء الله لا احلف على يمين فارى غيره خيرا منها. الا اتيت الذي هو خير وتحللتها. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي موسى اني والله ان شاء الله لا احلف الى الى اخره. سبب هذا الحديث هم قوم ابي موسى الاشعري. فانهم اتوا سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليحملهم في غزوة تبوك ولم يكن عنده شيء يحملهم فردهم. وكان قد اشتغل واهتم الحوا عليه فحلف لا يحملهم. فاتاه بعد ذلك مال فاستلحقهم وحملهم فقيل له يا رسول الله انك قد حلفت فقال اني والله ان شاء الله الى اخره. قوله فارى غيرها خيرا منها الى اخره ضابطه اذا حلف على ترك واجب او مستحب او فعل محرم او مكروه. فيجب الحنت او يستحب تبعا لما حلف عليه وفي هذا الحلف على ترك حملهم. وحملهم من افضل القربات. لان انه من الجهاد في المال. وهذا امتثال منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لامر الله تعالى. حيث قال ولا تجعلوا الله عرضة في ايمانكم ان تبروا. الاية فلم يمنعه يمينه من فعل الخير. وقوله وتحللتها اي كفرت فقيل ان التحلة اخراج الكفارة قبل الحنث. واذا اخرجها بعد الحنث فهي كفارة. وهذا من كرم الله وفضله على هذه الامة فان الكفارة من خصائص هذه الامة. ولهذا لما حلف ايوب على ضرب امرأته. وكانت امرأة صالحة. فافتاه الله ان يضربها وهو الاعواد المجتمعة. اما من الشماريخ او غيرها فخفف الله عنه ولو كانت الكفارة مشروعة لهم لامره بها ولم يأمره بضربها بالضغث. فان قيل هل يأثم الحانث ام لا فالجواب ان نوى ان والتزم ذلك لم يأثم بالحنث. وان لم ينوي تكفير اثم بالحنث. وينبغي ان يعلم هنا ما هي اليمين التي يجب بالحنث فيها كفارة. وما هو لغو اليمين. قال تعالى لا يؤاخذ يؤاخذكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فلا تجب الكفارة الا في اليمين التي عقدها. وهي التي يقصد تأكيد الفعل بها او الترك. فهذه هي التي تجب فيها الكفارة. واما اليمين هو الذي يجري على لسانه من غير قصد لعقد اليمين كقوله في عرض كلامه لا والله وبلى والله. فهذه لا يجوز فيها كفارة. واختلفوا فيما اذا حلف على غيره ولم يقصد الحث او المنع وانما قصد اكرامه. مثل ان يحلف عليه ان يتقدم الى مجلس ونحو ذلك مما يقصد به الاكرام. فالمذهب انه يجب بالحنث به الثارة لانه كالتأكيد وعنه انه لغو لا يجب بالحنث به كفارة وهو الصحيح. واما حليفه على غيره لقصد الحث او المنع. ففي الحنث به كفارة. وهذا من المواضع التي اقسم فيها رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. وفيه تأكيد هذا الامر حيث اقسم عليه والا فهو الصادق المصدق. ومجرد كلامه حجة من دوني قسم وفيه انه ينبغي لمن حلف على امر مستقبل ان يستثني كما تأتي الثالث والخمسون والثلاثمائة. الحديث ثالث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان الله ينهاكم ان بابائكم. ولمسلم فمن كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت وفي رواية قال عمر فوالله ما حلفت بها منذ رسول الله ينهى عنها ولا اثرا. رواه البخاري ومسلم يعني حاكيا عن غيري انه حلف بها. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر رضي الله عنه ان الله ان تحلفوا بابائكم. الى اخره. سبب هذا الحديث انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم سمع عمر يحلف بابيه فقال ذلك. ولهذا فقال عمر رضي الله عنه فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم ينهى عنها ذاكرا. اي منشئا ذلك من ولا آثرا اي حاكيا عن غيره انه حلف بها وهذا من احتياطه وامتثاله لامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كاخوانه من الصحابة رضي الله عنهم. والا فالنهي عن الحلف الذي ينشئه بنفسه لا ما يحكيه عن غيره. ولكن اجتنب الامرين. ليكون ابعد له عن المحظور. وفي لفظ مسلم من كان حالفا فليحلف بالله او يصمت. ففيه انه لا يجوز الحلف الا بالله او صفة من صفاته لان الحلف تعظيم للمحلوف به. ولا ينبغي التعظيم الا لله وحده لا شريك له. الرابع والخمسون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله سلم انه قال قال سليمان بن داود عليهما السلام. لاطوفن ليلة على تسعين امرأة. تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله فقيل له قل ان شاء الله فلم يقل فطاف بهن لم يلد منهن الا امرأة واحدة نصف انسان. قال فقال رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. لو قال ان شاء الله لم يحنث وكان ذلك دركا لحاجته. قوله قيل له قل ان شاء الله يعني قال له الملك رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال سليمان ابن داوود عليهما السلام. لاطوفن الليل على تسعين امرأة الى اخره. هذا من حرصه عليه السلام ورغبته في الخير كغيره من اخوانه المرسلين. وخواص الاولياء من المؤمنين فانهم يفعلون ما احل الله لهم من الشهوات. طلبا للتقرب الى الله الله تعالى وبذلك تكون العادات في حقهم عبادات. فان اعظم وما الشهوات للنفوس هي المنكح والمأكل والمشرب. بل هي اصول ملاذ الدنيا وهم يفعلونها قصدا للاستعانة بها على طاعة الله. فتكون لهم عبادة كما ان من فعلها لقصد التلذذ بها فقط لا يؤجر عليها. وسليمان علي السلام بين مقصوده في ذلك. نشر دين الله ونصر دينه. فحصل له الاجر على نيته. وقوله فقيل له قل ان شاء الله. اي قال له الملك على وجه التذكير. فلم يقل وليس هذا تأليا منه صلى الله عليه وعلى آآ آله وسلم حاشا. ولكن على قدر رغبته ظن ان قصده سيحصل وذهل عن الاستثناء. فان الانسان اذا تيقن انه سيفعل شيئا وشعر من نفسه القدرة عليه في الوقت الحاضر. فانه غالبا يذهل عن العون فائق التي تعرض له. فلا يخطر بباله الاستثناء. وقوله فطاف به فيهن فلم يلد منهن الا امرأة واحدة نصف انسان. اي انه طاف به انك ما وعد ولكن الله تعالى قدر. انه لا يحصل له الولد من ذلك الوطئ الا نصف انسان. وقوله ولو قال ان شاء الله لم يحنث لانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. هذا في الحلف على فعل او تركه. فاما الحلف على امر ماض فلا ينفع فيه الاستثناء. لان انه اما صادق فيبرأ او كاذب فيحنث. فان تعمد الكذب لاقتطاعه ما لامرء مسلم فهي اليمين الغموس. سميت بذلك لانها تغمس صاحبها في الاثم ثم تغمسه في النار. وليس فيها كفارة. لان اثمها عظيم لا الكفارة. فهو اعظم من ان يكفر. وان تبين خطأه ولم يتعمد لذلك فلا اثم عليه لانه مخطئ. ولا كفارة لانه لغو وقوله وكان ذلك دركا لحاجته. اي ان ذلك سبب لادراك حاجته لبركته بسم الله. ولكن ينبغي ان يستحضر افتقاره الى الله. وطلب المعونة منه تعالى وانه ان لم ييسر له ما هم به لم يحصل له ذلك الخامس والخمسون والثلاثمائة. الحديث الخامس عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاسد لقي الله وهو عليه غضبان. ونزلت ترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا. الاية رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن مسعود من حلف على يمين صبر سميت لذلك لانه يصبر نفسه على الاثم. ومن لازم ذلك ان يصبرها على العذاب مع انه لا صبر على عقوبة الله تعالى. وفسر هذه اليمين بقوله يقتطع بها مال امرئ مسلم. اي اما ينكر الحق حق الذي في ذمته لغيره ويحلف على ذلك او يدعي دعوى كاذبة ويحلف على ذلك وقوله هو فيها فاجر اي كاذب لقي الله وهو عليه غضبان. وهذا ابلغ من قوله غضب الله عليه اي ان الله تعالى يغضب عليه. ولا يزال غضبان عليه حتى يلقاه. وما ظنك بعبد لقي الله وهو عليه غضبان. فانه لا بد ان يوقع به العقوبة الشديدة بسبب اثمه العظيم. فانه جمع في هذا مفاسد كثيرة منها انه مخادعة لله تعالى. ومنها انه ظلم للخلق. ومن منها انه اكل للمال بالباطل. ومنها انه خديعة لخصمه. فان الخدع سلوك الطرق الخفية للتوصل الى المقاصد الفاسدة. ومنها انها هذا نفاق. فان النفاق هو اظهار الانسان خلاف ما يبطنه ومنها انه استبدال للشر بالخير. ولهذا قال ونزلت الله وايمانهم ثمنا قليل الاية فالدنيا كلها ثمن قليل. فكيف بالقليل منها واذا تأملت احوال الناس اليوم رأيت اكثرهم لا يبالي بمثلها هذا والله المستعان. السادس والخمسون والثلاثمائة. الحديث السادس عن الاشعث بن قيس رضي الله عنه انه قال كان بيني وبين رجل خصومة في بئر. فاختصمنا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. شاهداك او يمينك قلت اذا يحلف ولا يبالي. فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم. من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيه فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث الاشعث ابن قيس كندي كان بيني وبين رجل خصومة في بئر. الى اخره هو رجل من كندة وهم قبيلة في اليمن. وكانت البئر بيد الكندي والاشعث يدعي انها له. وقوله فقال رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم. شاهداك او يمينه. اي ان اتيت بشاهدين والا حلف وبرئ. قلت اذا يحلف ولا يبالي. اي انه انسان مجترئ. لا يبالي حلف كاذبا او صادقا. فقال رسول الله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من حلف على يمين صبر الى اخره هو كما تقدم في حديث ابن مسعود وفي الحديث فوائد كثيرة منها ان البينة على المدعي واليمين على المنكر. كما ورد قد النص على ذلك. وقيل ان فصل الخطاب في قوله تعالى واتينا اه الحكمة وفصل الخطاب. هو ان البينة على المدعي واليمين على من انكر. ولا شك انه داخل في فصل الخطاب. وليس هو المعنى كله وفيه ان اليمين على الداخل وهو من بيده المدعى به. كما ان على الخارج وهو المدعي. وفيه ان الحق يثبت بشاهدين رجلين او رجل وامرأتين او رجل ويمين المدعي فان لم يوجد ذلك حلف دعا عليه وانك لقضي عليه بالنكول. وهل ترد اليمين على المدعي او يقضى له بمجرد النكول. الصحيح انها ترد عليه ان حلف قضي له والا فلا. ولا بد من شهادة رجل مع النساء على المذهب والصحيح كما تقدم ان المرأتين قائمتان مقام الرجل في جميع الشهادات في الحدود والقصاص والاموال وكل شيء. فيثبت الحق بشهادة اربع نسوة او بشهادة امرأتين ويمين المدعي. وقد نبه الله تعالى على بسبب جعله المرأتين كالرجل في قوله. ان تضل احداهما فتدان اي لانها مظنة النسيان رجل انبه منها واعقل. ولولا ذلك لجعلت شهادة المرأة كشهادة الرجل السابع والخمسون والثلاثمائة. الحديث السابع. عن ثابت الانصاري رضي الله عنه انه بايع رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم تحت الشجرة. وان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال من حلف على يمين بملة غير الاسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال. ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة وليس على رجل نذر فيما لا يملك. وفي رواية ولعن المؤمن كقتله. وفي رواية من ادعى دعوة كاذبة ليستكثر بها لم يزده الله الا قلة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ثابت بن الضحاك انه بايع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم تحت الشجرة تقدم ان الفائدة في ذكرهم مع الراوي صفة من صفاته. كقوله وكان من اهل وكقولهم وكان من اصحاب الشجرة ونحو ذلك من الاوصاف التي فاقت الصحابة بها من بعدهم هي انه لابد للمؤمن من محبة المؤمنين فيحبهم لما اتصفوا به من الايمان على وجه العموم. ويحب خواصهم لما اختص به من الفضائل. فكلما زاد فضل الانسان زادت محبته. لان المحبة فلله تعالى فتزيد المحبة بقدر القرب من الله تعالى وقد ورد فضل اصحاب الشجرة. كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يدخل النار احد بايع تحت الشجرة. وقصة هذه البيعة مشهورة صورة وقد نوه الله تعالى بفضلهم في قوله الاية واعظم فضل يحصله المؤمن رضا الله تعالى. وقوله من حلف على يمين بمل غير الاسلام الى اخره. اي كأن يقول هو يهودي هو نصراني غني ان لم يكن كذا. وان لم يفعل كذا ونحو ذلك. فهذا والعياذ بالله محرم. ولا يقدم عليه الا ضعيف الايمان. وقوله هو كما قال اي ان قوله هذا سبب للخروج من الايمان. الى الملة التي حلف بها. وقد تقدم الكلام على مثل هذا في نصوص الوعيد. وانه لابد في وقوع الوعيد من وجود اسبابه وانتفاء موانعه. فاذا رتب الوعيد على فعل شيء كان فعله سببا من اسباب الوعيد موجبا لحصوله فان انتفت الموانع المانعة من ذلك وقع. وان عارض السبب مانع اندفع موجب السبب بحسب قوة المانع وضعفه. وهذه قاعدة نافعة جدا وقوله ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة. اي جزاء وفاقا لانه استعجل الموت. فان قتلها بسكين او سيف او حديد عذب به. وان قتلها بحجر او القى نفسه من شاهق او في بئر ونحو وذلك عذب كذلك. وقوله وليس على رجل نذر فيما لا يملك اي لان النذر عقد يقصد به التبرر والتقرب من الله. وليس للانسان هنيئا يتقرب في مال غيره. ولا يعقد عليه. وقوله في الرواية الاخرى لعن المؤمن كقتله. اي لان القتل اذية للمؤمن ولعنه ايضا اذية له. فشبه لعنه بقتله من جهة الاذية انك اليهما محرم. وان تفاوتا في الاثم. فانه لا لا يشترط في التشبيه مساواة المشبه للمشبه به من كل الوجوه اذا حصلت المشابهة من بعضها كفى. فيشترط في التشبيه المشابهة المساواة. وقوله في الرواية الاخرى. ومن ادعى دعواك كذبة ليستكثر بها لم يزده الله الا قلة. اي جزاء له بنقيض قصده لدعواهما ليس له. وان اقسم على ذلك كان اعظم اثما وهذا عام في دعوى المال والعلم والنسب. وغير ذلك من الدعاوى الكاذبة فمن ادعى علم شيء وليس يعلمه او انتسب لقبيلة ليستشرف بها ولده ليس كذلك. لم يزده بدعواه الا قلة وذلة. باب النذر قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب النذر تقدم حده وانه الزام المكلف نفسه عبادة لله تعالى وتقدم الفرق بينه وبين الايمان. وان كليهما للتأكيد لكن موجب اليمين اما البر واما الكفارة انحنف. وموجب النذر الوفاء. وينبغي ان يعلم ان نذر الطاعات هو الذي يجب الوفاء به سواء منجزا او معلقا بشرط. كقوله ان شفى الله مريضي او سلم منه يا الفائت فلله علي ان اصوم شهرا. هذا اذا كان عليقا محضا. واما اذا قصد به الحث او المنع فهو يمين. ولو كان كان لفظه لفظ النذر كقوله ان كلمتك او دخلت الدار فلله ان اصوم شهرا ونحوه. في خير بين الصيام وكفارة اليمين الثامن والخمسون والثلاثمائة. الحديث الاول. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله اني كنت نذرت في الجاهلية ان اعتكف ليلة. وفي رواية يوما في المسجد الحرام قال فاوفي بنذرك. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عمر قلت يا رسول الله اني كنت نذرت الى اخره تقدم الكلام على هذا الحديث في باب الاعتكاف. وان فيه من الفوائد فضل الاعتياد في كاف وفيه وجوب الوفاء بالنذر خلافا لابي حنيفة القائل لا يجب الوفاء بشيء من النذور. الا ما كان جنسه واجبا باصل الشرع كنذر الصوم والحج والصلاة ونحوها. والصحيح قول الجمهور. انه الوفاء بنذر كل طاعة مطلقا. لان الاعتكاف لا يجب باصل الشرع وفيه انه يجب الوفاء به ولو كان اصل عقده في حال الكفر. وفيه ان الكافر مخاطب بالشرائع. كما هو مخاطب باصل الايمان ان استمر على كفره عذب على ذلك في الاخرة. وان اسلم فالاسلام يجب ما قبل قبله وفيه ان الكافر اذا عقد عقدا ففعله في حال الكفر اجزأ عنه وان اسلم قبل فعله وجب عليه فعله. وفيه ان الاعتكاف يصح قبل صوم كما هو الصحيح. وعلى كل فالجمع بينهما افضل. وفي انه يصح الاعتكاف يوما ونحوه بقدر العرف. كنصف يوم ونحوه واما الزمن القليل جدا فلا يصح. وفيه ان النهي الآتي للكراهة التاسع والخمسون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه عن النذر وقال ان النذر لا يأتي بخير. وانما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن النذر. اي نهي كراهة. لانه لم عمر عنه كما تقدم. هذا الحكم ثم ذكر حكمة ذلك فقال ان انه لا يأتي بخير. اي ليس فيه خير. ولهذا كره عقده قد غلى في ذلك بعضهم. فقال يستحب لمن اراد فعل نافلة ان ينظر ذلك لانها تجب عليه بالنذر. فاذا فعلها كان مأجورا عليها اجر الواجب وهذا غلط منه. وقد ذكر هذا القول ابن الحاج في المدخل ولو كان خيرا لسبقنا اليه الرسول والصحابة. ولما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ثم ذكر خصلة فيه محمودة فقط قال وانما يستخرج به من البخيل. اي هذه الفائدة التي فيه لان البخيل لا يخرج شيئا الا قهرا عليه. فلولا النذر لم يخرج ذلك ومن مضار النذر انه قد يخل بالاخلاص. فانه ينبغي للانسان ان يعود نفسه الاخلاص في جميع اعماله. واذا نذر طاعة ربما فعلها لاجل النذر. فيخل باخلاصه. فاصل النذر مكروه الوفاء به واجب. وهذا من غرائب العلم. لان القاعدة ان الوسائل لها احكام المقاصد. وهذا وسيلته مكروهة. وفعله واجب. لانه ونهى عن عقده رحمة بالامة. لانه قد لا يتيسر فعله. وقد يعجز عنه ولانه لا يأتي بخير. واوجب فعله بعد ذلك لانه من جملة العهود الستون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن عقبة بن رضي الله عنه انه قال نذرت اختي ان تمشي الى بيت الله الحرام حافيا فامرتني ان استفتي لها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاستفتيته فقال لتمشي ولتركب. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عقبة كابن عامر نذرت اختي ان تمشي الى بيت الله الحرام. اي اما لحج او عمرة حافية وقصدها التعبد في المشي. لما ينالها من التعب في ذلك وقوله فامرتني ان استفتي لها الى اخره. كأنها ندمت على لانه يشق عليها مشقة شديدة. وقوله فاستفتيته فقال تمشي ولتركب اي خيرها بين المشي والركوب. لان مشيها في هذا في سبع عبادة مقصودة. وفي بعض الفاظ هذا الحديث ما يصنع الله بعذاب اخته شيئا اي ان الله لا يحب ذلك. وانما امر بالطاعات لمصالح العباد. وقد وضع عنهم الاثار. فليس لهم مصلحة في المشاق التي لم يشرع الله فعلها. وفي الحديث فوائد. منها انه لا يلزم الوفاء بنذر المباح. فان فعله فلا شيء عليه. وان لم يفعله فعليه كفارة يمين لان الذي يتحتم الوفاء به هو نذر الطاعة. ومنها انه اذا فما لناذره على امر مباح وعلى طاعة لله تعالى. امر بفعل الطاعة الامر المباح. ولا كفارة عليه. لانه امرها بالحج وخيرها بين الركوب والمشي. ومنها انه لا يتعبد الا بما شرعه الله ورسوله ومنها ان الاصل في العبادات الحظر. فلا يشرع منها الا ما شرعه الله فهو رسوله. وان الاصل بالعادات الاباحة. فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. الحادي والستون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. في نذر كان على امه توفيت قبل ان تقضيه. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاقضيه عنها. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عباس استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. في نذر كان على امه الى اخره. فيه فوائد عديدة. منها ان النذر يجب قضاؤه ولا يبرأ الا بفعله. فان مات قبله وخلف تركه وجب قضاؤه انه كغيره من الديون. واختلف في قضاء الواجب باصل الشرع كما تقدم وان خلف ولدا فلا شك ان من بره قضاء ديونه التي لله والتي للعبادة وان قضى الوارث عنه بلا اجرة فهو اولى واقرب الى الاخلاص الثاني والستون والثلاثمائة. الحديث الخامس. عن كعب بن مالك رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله ان من توبتي ان انخلع من ما صدقة الى الله والى رسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم امسك عليك بعض ما لك فهو خير لك. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث كعب ابن ما لك قلت يا رسول الله ان من توبتي ان انخلع الى اخره قصة كعب بن مالك وصاحبيه مشهورة. وذلك انه لما خرج رسول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى تبوك. وتخلفوا قصدهم بالاول ان يلحقوهم. فلما طال عليهم الوقت فلم يخرجوا لامرهم يريده الله تعالى. فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه امر بهجرهم حتى انزل الله تعالى توبتهم فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقرأها عليهم وكان اشهرهم كعب بن مالك. فقال يا رسول الله ان من ان انخلع من ما لي صدقة الى الله والى رسوله. اي لانه الذي الهاه عن الخروج. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم امسك عليك بعض ما لك فهو خير لك. فيه ان من نذر الصدقة بما كله. لم يلزمه ذلك كله بل يمسك بعضه. واختلف ما قدر ما فيمسك منه المشهور من المذهب انه يمسك الثلث. والصحيح انه يمسك منه ما يكفيه. ويقوم بكفاية من يمونه. لان حاجته وحاجات من يموت كونه كالمستثنى شرعا. فهو مثل ما لو نذر صيام سنة. فانه لا يدخل في نذره يوم العيدين وايام التشريق. وقوله فهو خير لك اي انما تبقي لاهلك تنفقه عليهم خير من صدقتك بجميع مالك ولا ينافي هذا ما ورد من قصة الصديق. لما حث رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم على الصدقة قال عمر وكان عندي مال فقلت اولى اسبيقن اليوم ابا بكر. قال فاتيت بنصف مالي. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ابقيت لاهلك قلت الشطر يا رسول الله ثم جاء ابو بكر بماله كله. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم ما ابقيت لاهلك قال ابقيت لهم الله ورسوله. فان الصديق رضي الله عنه كان رجلا تاجرا متكسبا. وكسبه يقوم بكفايته وكفاية من يمون. فاذا تصدق بجميع ما له لم يخل ذلك بنفقته باب القضاء. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله باب القضاء. القضاء لغة الفراغ من الشيء واحكامه. والقاضي هو من ان يبينوا الحكم الشرعي. ويلزم به اذا ترفع اليه. فالقاضي اعم من المفتي اما حكمه فمن جهة الامام يلزمه ان ينصب في كل جهة قاضية بقدر الحاجة. اذا وجد ذلك واما من جهة من طلبه الامام للقضاء فيجب عليه الاجابة اذا لم يوجد غيره. وكان به قدرة ولم يشغله عما ما هو اهم منه؟ فاذا تمت هذه الشروط الثلاثة تعين عليه. وان ان واحد منها لم يجب عليه الاجابة. ومما يعين على القضاء بل لابد قاضي من معرفته. هو معرفة الحكم الشرعي. ومعرفة احوال الناس معرفة المسائل التي فيها انكار وتجاحد. لانها التي ترفع اليه ونحو ذلك الثالث والستون والثلاثمائة. الحديث الاول. عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. وفي لفظ من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث عائشة من احدث في امرنا هذا ما منه فهو رد. الاشارة الى الدين الاسلامي. ومثله اللفظ الاخر من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. قال بعض العلماء هذا الحديث مشتاق على ربع العلم. وقال بعضهم انه مشتمل على نصف العلم. لان الدين فهذا جزاء لمن عذب في الله. فهذا في الجرح الذي قد يقتل وقد لا يقتل فما ظنك بمن قتل في سبيل الله وهم الذين جعلهم الله افضل الخلق بعد الرسل قسمان ظاهر وباطن. فالظاهر قد اشتمل عليه هذا الحديث. والباطن قد اشتمل عليه فيه حديث عمر انما الاعمال بالنيات. فهذان الحديثان قد اشتملا على ظاهرا وباطنا. لان العمل لا يتقبل الا اذا كان خالصا صوابا خالصا اي مقصودا به وجه الله تعالى. صوابا اي متابعا فيه امر امره وامر رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ووجه مناسبة هذا حديث لهذا الباب انه لو تبين ان حكم القاضي مخالف لامر الرسول فانه يرد. وان القضاء يترتب على احكام الشرع. لا يخرج عنها ولا يلتفت الى ما احدث القضاة بعده. الرابع والستون والثلاثمائة الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها انها قالت دخل هند بنت عتبة امرأة ابي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم فقالت يا رسول الله ان ابا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني. الا ما اخذت من ما له بغير علم فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم. خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة دخلت هند بنت عتبة. امرأة ابي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقالت يا رسول الله ان ابا سفيان رجل شحيح. ثم فسرت ذلك بقولها لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني. اي يقصر في ذلك. الا ما اخذت مما بغير علمه. فهل علي في ذلك من جناح؟ اي اثم. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفيك بنيك. قال بعض العلماء فيه جواز القضاء على الغائب. ولا دلالة فيه على هذا. لان هذا ليس بقضاء. وانما هو فتوى لها. ولو كان قضاء لم يحكم لها بمجرد قولها. وفي الحديث فوائد منها ان انه ليس من الغيبة ذكر الانسان بما يكره للحاجة. كخصومة واستفتاء ونحو كما تقدم. ومنها ان نفقة الزوجة والاقارب غير مقدرة وانما يرجع في ذلك الى العرف. ومنها مسألة الظفر. وهي ان من كان عند انسان له حق فمنعه فتمكن على اخذه منه بغير علمه فهل له وقد اختلف العلماء في ذلك. فقيل تجوز مطلقا لانه اخذ مقابلة حقه. فان زاد لم يجز. والصحيح التفصيل وهو ان من ان كان سبب حقه ظاهرا كنفقة الزوجة والاقارب وقرى الضيف. فمنعه من هو عليه فان من له ذلك يجوز ان يأخذ من ماله بقدر حقه من غير علمه وان كان سببه غير ظاهر كوديعة ونحوها. لم يجز له ان يأخذ منه شيئا بغير علمه. لقوله عليه السلام ولا تخن من خانك. ولو فتح هذا لكل من له حق لحصل في ذلك من الفساد شيء كثير. الخامس والستر والثلاثمائة. الحديث الثالث عن ام سلمة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج اليهم فقال الا انما انا بشر مثلكم. وانما يأتيني الخصم فلعل بعضكم ان يكون ابلغ من بعض. فاحسب انه صادق كن فاقضي له. فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار فليحملها او يذرها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ام سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سمع جلبة خصم الى اخره. اي اصواتهم وضجتهم. وقوله فخرج اليهم اي بعلمه انهم يريدون التخاصم اليه. فقال محذرا لهم من الدعاوى الباطلة ومبينا لهم حال الحاكم. وان حكمه لا يجري الا على الظواهر فقط الا انما انا بشر مثلكم. اي انه لا يعلم الغيب وقوله وانما يأتيني الخصم. فلعل بعضكم ان يكون ابلغ من بعض اي انه يحسن الاحتجاج والمخاصمة. فان في صفة الكلام واختلاف ما في احواله يظهر الحق. وكم من باطل زخرف ونمق بالعبارات والالفاظ بليغة حتى ظن انه حق. وكم من حق خفي من سوء التعبير كما قيل في المعنى في زخرف القول تمويه لباطله والحق قد يعتريه سوء تعبير. تقول هذا مجاج النحل تمدحه وان تعب قلت ذا قيء الزنابير. مدحا وذما وما جاوزت حده سحر البيان يري الظلماء كالنور. ومعنى الحديث لعل المبطل يكون حسن الاحتجاج. والمحق لا يحسن الاحتجاج. فاقضي لذلك تبعا للظاهر ولهذا قال فاحسب انه صادق فاقضي له. ثم احذر من هذه الحال. وبين ان حكم الحاكم لا يحل حراما. ولا يباح له اكل مال غيره بقضاء الحاكم له. فقال فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار. اي لا يحل له ذلك. فليحملها او يذرها ليس هذا للتخيير. وانما هو للتهديد. وكقوله تعالى اعملوا ما شئتم. الاية وكقوله اؤمن ومن شاء فليكفر. ففي هذا التهديد على من توصل الى اكل اموال الناس بالدعاوى الكاذبة. كما ورد النهي عن ذلك في قوله تعالى وتدنو بها الى الحكام وتدلوا بها الاية اي ان حكم الحكام لا يكون سببا لاباحة ذلك. وفيه ان رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم بشر. لا يعلم من الغيب الا ما علمه الله ولا يجوز ان يرفع فوق منزلته. فانه بشر لا يعبد. ورسول لا وكذب السادس والستون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن عبدالرحمن ابن ابي بكرة انه قال كتب ابي وكتبت له الى ابنه عبد الله ابن ابي بكرة وهو قاض بسيجستان الا تحكم بين اثنين بين وانت غضبان فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا يحكم احد بين اثنين وهو غضبان. وفي رواية لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عبدالرحمن بن ابي بكرة كتب ابي وكتبت له الى ابنه عبد الله ابن ابي بكرة. واسم ابي بكرة نفيع بن الحارث. وسبب تكنته بهذه الكنية انه نزل من الطائف ببكرة وكان رقيقا. فعتق واسلم رضي الله عنه وقوله وهو قاض بسيجستان. هي من قواعد خراسان. وقوله لا تحكم بين اثنين وانت غضبان. الى اخره. فيه النهي عن القضاء فيها هذه الحالة التي يتشوش فيها فكره. ولا يفكر في الحق. ولا يستحضر كلام الخصمين. ومثل الغضب كل ما يشغل فكر القاضي. من هم وغم وجوع وعطش وحروب. ولهذا استحبوا ان يجعل له وقتا معينا يجلس فيه للفصل بين الخصوم. ليتخلى في ذلك الوقت عن جميع الشواغل. ويوطن نفسه على ذلك. وايضا ففيه للخصوم. لانهم اذا علموا الوقت الذي يجلس لهم استراحوا بذلك واتوه في وقت جلوسه. فان خالف الحاكم وقضى وهو غضبان وجب عليه مراجعة حكمه بعد زوال غضبه. فان كان قد اخطأ وجب نقضه وفي الحديث مشروعية النصح للامة. وكانت هذه عادة سلا في من الصحابة فمن بعدهم. خصوصا الائمة والخواص منهم كما قال عليه الصلاة والسلام الدين النصيحة. قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم خصوصا في هذه الحالة. لانه امام وابن فيتأكد النصح له لقرابته وحاجته. وقوله في الرواية اية الاخرى لا يقضين حكم الى اخره. اي قال السابع والستون والثلاثمائة الحديث الخامس. عن ابي بكرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الا انبئكم باكبر الكبائر افا قلنا بلى يا رسول الله. قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال الا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي بكرة الا انبئكم باكبر الكبائر الى اخره. قد اشتمل هذا الحديث على يعني نصحه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لامته. واهتمامه امرهم وتحذيرهم عما يضرهم. وارشادهم الى ما ينفعهم. فنشهد وان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله. ونشهد بالله انه بلغ رسالة ربه اتم تبليغ. ونصح لامته فصلى الله عليه وسلم وجزاه عن امته خيرا. وقد اعتنى صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالنهي عن هذه الاشياء. فحذر عنها تحذيرا بليغا. وهذه اعادة في الاوامر والنواهي. فكلما كان الامر اعظم كان تأكيده والاهتمام به ابلغ. فاكد هذا بتأكيدات كثيرة. منها قوله الا انبئكم فلم يبادرهم به حتى استفهمهم ليهتموا به ويطلبوا منه ان يخبرهم. ومنها انه اخبرهم ان هذا من الكبائر ومنها انه اخبرهم انها اكبر الكبائر. ومن منها انه كرر ذلك ثلاثا. فقالوا بلى يا رسول الله وكانت هذه عادتهم رضي الله عنهم. لانهم يرون انفسهم الى العلم محتاجين اليه جدا. وهكذا ينبغي لطالب العلم فمن رأى نفسه بهذه الحال حرص وادرك علما. ولهذا لما كان الصحابة في الذروة العليا من هذه الحالة. نقلوا جميع الشر الى من بعدهم. ولم يفتهم منه مسألة واحدة. وكان كانوا من حرصهم على العلم رضي الله عنهم. انهم كانوا يهابون رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ويفرحون باتيان الاعراض وسؤالهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ولكن انهم رضي الله عنهم مع هيبتهم له. يسألون عن جميع ما يحتاجون اليه وقوله الاشراك بالله. هذا اعظم الظلم واكبر الكبائر على الاطلاق. والشرك هو صرف نوع من انواع العبادة لغير الله تعالى. والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله الله من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة. فلا يقبل الله عانى عملا اشرك فيه معه غيره. لانه تعالى اغنى الشركاء عن فمن عمل عملا اشرك فيه معه غيره تركه وشركه فإذا كان هذا حال من اشرك. وصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله. فكيف بمن جحد ربوبيته؟ وصرف اوقات في الذل والخضوع لغيره. تعالى الله وتقدس عما يقولون علوا كبيرا. فهذا النوع جحد حق الله. النوع الثاني ظلم الوالدين. وقد ذكره بقوله وعقوق الوالدين يدخل تحته كل ما يكرهانه من الاقوال والافعال. فيلزم الانسان برهما. والقيام بجميع ما يحبان غير معصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وبرهما واجب في حياتهم وبعد موتهما وقد نهى الله عن ادنى مرتبة في العقوق في قوله اكثرهما فاذا نهي عن التأفيف فكيف بما هو اعظم منه وقوله وكان متكئا فجلس. هذا من التأكيد والاهتمام بذلك وشدة نصحه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقوله الا وقول الزور اي الكذب والبهتان. وقول كلوه وشهادة الزور. اي الشهادة الكاذبة. وحضور المنكر وينبغي ان يعلم الفرق بين قوله شهد كذا وشهد بكذا. فالاول بما اعلى الحضور والثاني الشهادة. ومن الاول قوله تعالى والذي حين لا يشهدون الزور. اي انهم لا يحضرونه ولا يشهدون به وقوله فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت اي كرر ذلك من شدة الاهتمام به والتحذير عنه. الثامن والستون والثلاثمائة. الحديث السادس عن ابن باسم رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لو يعطى الناس بدعاويهم لادعى ناس دماء رجال واموالهم. ولكن اليمين على المدعى عليه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس لو يعطى الناس بدعاويهم لدعا ناس دماء رجال واموالهم. ولكن اليمين على المدعى عليه هذا الحديث اصل كبير. وقاعدة عظيمة من قواعد القضاء وقد اتفقت الامة على صحته والعمل به في الجملة وهو موافق للعقل ايضا. فلو ان كل من ادعى دعوى قبلت عليها لحصل من الفساد كما ذكر الشارع من استباحة الاموال والدماء ثم الحكم الجامع الذي يعمل به فقال اليمين قال المدعى عليه. وفي بعض الروايات ولكن البينة على ادعي واليمين على من انكر. اي ان المدعي بشيء عليه الاتيان بالبينة على ذلك. فان جاء بها حكم له. والا حلف المدعى عليه وبرئ. وينبغي ان يعلم المدعي من المدعى عليه فالمدعي من اذا سكت ترك. والمدعى عليه من اذا سكت لم يترك والبينة اسم جامع لكل ما يبين الحق. ويحصل باشياء كثيرة كما هو مبسوط في كتب الفقه. فمن البينات الشهادة سادة بل هي اكثر انواع البينات. ومنها اللوث كما تقدم في القسامة من غير حرز. وهذا هو الصحيح. وقوله ثم قسم فعدل عشر من الغنم ببعير. اي انه قسم الغنيمة. فكانت العشر من من الغنم تعدل بعيرها. والتقدير هنا اي في باب القسمة بالقيمة ومنها قرينة الحال. كما لو تداعى الزوجان متاع البيت فلكل ما يليق به وكما لو تداعى حداد ونجار الة حدادة ونجارة. فقرينة الحال ان لكل ما يليق به وما يصلح لصنعته. ومنها الوصف كما في اللقطة. قال ابن رجب وهذه قاعدة في كل عين لم يدعيها صاحب اليد. فمن جاء فوصفها فهي له. اي باوصافها الخفية. التي لا يطلع عليها طالب الناس فهي له. ومنها اليد. فاذا داعثنان عينا فهي لمن هي بيده. ويلزمه الحلف. ما لم يأتي الاخر ببينة اقوى من اليد. وقوله واليمين على من انكر فيه انه يلزم الحلف في كل الدعاوى التي للادميين فمن ادعي عليه دعوة لزمه الحليف ويبرأ. ومن ذلك الشهادة على الصحيح من القولين فمن ادعى على انسان ان عنده له شهادة بحق على الاخر فانكر المدعى عليه الشهادة. لزمه ان يحلف فان بريء وانك لغرم ما فوته عليه بعدم شهادته له لانها حق لصاحبها كسائر حقوق الادميين. كتاب الاطعمة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب باب الاطعمة. اي بيان ما يحل منها وما يحرم. وكذلك يذكر في هذا احكام الاشربة. فالاصل في الاطعمة الحل. فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. واما ما سكت عنه فعفو بدليل قوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض الى غير ذلك من الآيات التي امتن الله على عباده فيها ولو اعتبرت جميع الاشياء لوجدت اصلها طاهرا وان الخبث طارئ عليها. واعتبر ذلك بالاغذية التي تنقلب من الخبث الى الطيب ونحو ذلك. التاسع والستون والثلاثمائة الحديث الاول عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول واهون نعمان باصبعيه الى اذنيه. ان الحلال بين والحرام ابين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع ففيه الاوان لكل ملك حماء الاوان حمى والله محارمه. الاوان في الجسد مضغة. اذا صلحت صلح الجسد كله. واذا فسدت فسد الجسد كله. الا وهي القلب رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في في تعليقاته وقوله في حديث النعمان ابن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول واهوى النعمان اصبعيه الى اذنيه. اي اشارة الى انه قد تيقن سماع هذا الحديث فلا يشك فيه. وقوله ان الحلال بين والحرام بين اي ان الحلال واضح. وكذلك الحرام واضح فلا يشك فيهما احد. هذا في الامور البينة الواضحة في هذا قال وبينهما امور مشتبهات. لا يعلمهن كثير من الناس اي تخفى على كثير منهم فلا يعلم الراسخون في العلم. وسبب الاشتباه اما ان تتجاذب مسألة ظواهر الادلة. فيلحقها بعض العلماء باقسام الحلال نظرا لما ظهر له من الدليل. وبعضهم يلحقها باقسام حرام لما ظهر له من الدليل. هذا في ظواهر الادلة اما النصوص الصريحة الصحيحة فلا يناقض بعضها بعضا. الا في الاحكام المنسوخة وهي مسائل محصورة. السبب الثاني من موجبات الاشتباه هو عدم النظر الكامل وتصور الحكم كما ينبغي. وفي في هذا يبقى مشتبها. واما مع التصور والنظر الكامل فينجلي الاشكال وقوله فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ. اي احتاط لدينه وعرضه وهذا هو الموفق لاصلاح دينه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام قيل معناه انه اذا كان يكثر من فعل الامور المشتبهة بلا مبالاة. فانه لا بد ان يكون بعض ذلك محرما. فيقع في الحرام من حيث لا يشعر. وقيل معناه انه اذا تهاون في الامور المشتبهة فقد ترك الورع. فلا يزال يفعل الامور المشتبهة حتى يذهب الورع من قلبه. فيقدم على فعل الامور المحرمة لانه ليس معه ورع ليحجزه عن ذلك كلا المعنيين صحيح. وهذا الحديث اصل في الورع. ثم ضرب لذلك كمثلا محسوسا فقال كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع فيه اي انه اذا رعى ماشيته قريبا من الحمى فانه لابد ان يقع فيه قصدا او بغير قصد. ثم ذكر رحم الله وعظمه فقال الا وان لكل ملك حمى. هذا حكاية للواقع من احوال الملوك وليس اقرارا له. لان حمى الملوك ظلم للرعايا. اي الى اخره. اي كلب ليس بمعلم او معلما واسترسل بنفسه. وفيه بانه اذا اجتمع سببان مبيح وحاضر غلب جانب الحظر. ومثل قوله اذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله. وان غاب عنك اليومين والثلاثة ان عادة الملوك انهم يجعلون لهم حمى يمنعون الرعية منه. ويكون ذلك بقدر قوة الملك وضعفه. وقوله الاوان حمى الله محارمه اي التي حرم على لسان رسوله فيحرم على القمى وقربانه ايضا. كما قال تعالى تلك حدود الله فلا تقربوها. وقال تعالى ولا وهذا من بلاغة القرآن. حيث انه يأتي سلام الوجيز وتحته من المعاني اشياء كثيرة. فيحرم على الخلق فعل محرمات وقربانها. لان الوسائل لها احكام المقاصد الله تعالى لم يحرم المحرمات على الخلق بخلا. وانما حرمها لاجل لمصلحتهم ورحمة بهم ولطفا. وقوله الاوان في الجسد مضغة اي قطعة لحم بقدر ما يمضى. اذا صلحت صلح الجسد كله. واذا فسدت فسد الجسد كله. اي كأنه قيل ما هي؟ فقال الا وهي القلب اي ان الاعضاء تبع له فهو الامير عليها. فان امر اليد بطش بطشت. وان امرها بالكف كفت. وان امر الرجل بالمشي مشت وان امرها بالوقوف وقفت. وهكذا سائر الاعضاء تبع للقلب وهذا الحديث احد الاحاديث الاربعة التي قيل ان الدين يدور عليها وهو اصل في باب الورع. وفيه ان الوسائل لها احكام المقاصد وفيه انه ينبغي اجتناب الامور المشتبهة. وفيه ان المدار على صلاح القلب. فنسأل الله الكريم ان يصلح قلوبنا. فمن صلح قلبه وفاز في الدنيا والاخرة. ومن فسد قلبه خسر الدنيا والاخرة. ذلك هو خسران المبين. السبعون والثلاث مائة. الحديث الثاني عن انس ابن مالك رضي الله عنه انه قال ان فجنا ارنبا بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا وادركتها فاخذتها. فاتيت بها ابا طلحة فذبحها. وبعث الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بوريكها او فخذيها فقبله. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس رضي الله عنه ان فجنا ارنبا اي اثرناها بمر الظهران هو موضع شمال مكة. يبعد عنها نحو ست ساعات وهو المعروف الان بوادي فاطمة. وقوله فسعى القوم في اثرها ليصيدوها بايديهم. ولعله لم يكن معهم سلاح. فلغبوا اي تعبوا من السعي وعجزوا عن ادراكها. وادركتها لانه رضي الله عنه كان شديد العدو. فاخذتها فاتيت بها ابا طلحة وهو زوج امه ام سليم. وذلك انه لما توفي ما لك ابو انس خطبها ابو طلحة. وكان كافرا فقبلت واشترت خرطت ان مهرها اسلامه. فاسلم وتزوجها. فكان انس ربيع لابي طلحة. وقوله فذبحها. وبعث الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بوركها او فخذيها فقبله فيه فوائد. منها حل الارنب. وقد اتفقت الامة على ذلك لانها من الطيبات. وحرمها بعض الرافضة قبحهم الله ولا على هذا ومنها انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يقول اقبال الهدية. قليلة كانت او كثيرة. فان كان عنده شيء اثابه اعليها والا دعا للمهدي وتشكر منه. وهكذا ينبغي للمؤمن ومنها ان الصحابة قد عرفوا ذلك من سيرته صلى الله عليه وعلى اله وسلم وانه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة والفرق بينهما ان في الصدقة اشعارا بان المعطي اعلى من المعطى دون الهدية. فانها للاكرام والاحترام. ومنها انه ينبغي للمؤمنين التهادي بينهم. وقد ورد ان الهدية تذهب وحرص صدر اي انها من اعظم الادوية النافعة لاذهاب البغضاء من الصدور الحادي والسبعون والثلاثمائة. الحديث الثالث. عن اسماء ابنت ابي بكر رضي الله عنهما انها قالت نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرسا فاكلناه. وفي رواية ونحن في المدينة رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث اسماء نحر ما على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرسا فاكلناه فيه حل الخيل وجواز اكلها لانها من الطيبات. وهذا مذهب الائمة الثلاثة مالك والشافعي واحمد. ودليلهم ان الاصل الحل وايضا فقد ثبت حلها في الاحاديث الصحيحة الصريحة. من اقران فيه صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في هذا الحديث. وقوله كما وخالف في ذلك ابو حنيفة فحرم اكلها. واستدل بقوله تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة الاية وجه الدلالة انه ذكر انه انعم علينا بهذه الاشياء للركوب والزينة. وايضا فقد قرنها بالاشياء المعلوم تحريمها فينا وهي الحمر والبغال. ولانه ورد النهي عن ذبحها واجاب الجمهور عن هذه الادلة فقالوا اما قولكم ان الله تعالى لم يذكر غير الركوب والزينة. فنعم هو كل نعمتي في الحمير والبغال. وبعض النعمة في الخيل. وهو معظم المقصود منها وهذه السورة تسمى سورة النعم. لان الله تعالى ذكر فيها نعم الكبار. ولهذا لم يذكر اكلها. لانها لا تؤكل غالبا الا مع تعطل نفعها الاعظم. او الحاجة اليها. واما مع عدم ذلك فانهم لا يرغبون ذبحها. لاستغنائهم عنها ببهيمة الانعام ونحوها واما قولكم انها قرنت بالاشياء المحرمة فهذه دلالة مقارنة. وهي ضعيفة باتفاق الاصوليين. فكيف اذا عارضت النص صريح الصحيح. واما ورود النهي عن ذبحها فليس لتحريمها. وانما هو للارشاد الى ابقاءها لعظم نفعها. خصوصا في الجهاد. ولان لا ذبحها فتقل عندهم. وهذا هو السر في نهيه صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم عن انزال الحمر على الخيل. فان ذلك سبب لانقطاع نسلها لانه اذا نزل الحمار على الفرس ولدت بغلا. فبكثرته تقل الخير قيلوا او تعدم. وقولها في الرواية الاخرى ونحن بالمدينة اشارة الى ان ذلك ليس للضرورة. لان الغالب ان الضرورة لا تكون في المدن الثاني والسبعون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عنه لحوم الحمر الاهلية. واذن في لحوم الخيل. ولمسلم وحده انه قال قال اكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش. ونهى النبي صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم عن الحمار الاهلي. رواه البخاري ومسلم. قال قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن لحوم الحمر الاهلية. اي لان انها رجس خبيثة. واذن في لحوم الخيل. وهذا صريح في حلها لانها طيبة كما تقدم. وقوله في لفظ مسلم اكلنا ما زمن خيبر الخيل وحمر الوحش. وهي المسماة الان الوضيحيات. فيه حل الخيل وحمر الوحش. لانها طيبة كما تقدم. وقوله ونهى عن الحمار الاهلي لانه رجس خبيث. الثالث والسبع والثلاثمائة. الحديث الخامس. عن عبدالله بن ابي اوفى رضي الله عنه انه قال اصابتنا مجاعة ليالي خيبر. فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الاهلية فانتحرناها. فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان اكفئ القدور ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عبد ابن ابي اوفى اصابتنا مجاعة ليالي خيبر. اي مدة خيبر. لانه لم يكن معهم الا ازواج قليلة. لظنهم انهم يفتحونها من دون حصار طويل. فلما كان يوم خيبر اي يوم فتحيها وقعنا في الحمر الاهلية فانتحرناها. لانها كثيرة عندهم. ولم يكن عندهم بها بأس. ولهذا لم يسألوا احد هي ام حلال. لان الاصل الحل. وقوله فلما غلت بها القدور اي انها قاربت النضج. نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان اكفئ القدور. اي اهريقوا ما فيها. وقد ورد انه شدد الامر وعظمه ما هو اولا؟ فقال اكفئوها واكسروها. اي القدور. فقالوا يا رسول الله الا نكفئها ونغسلها؟ فقال او ذاك. وقوله ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا. هذا نص صريح في تحريم الحمر الاهلية لخبثها وانما جعلها الله للركوب والزينة فقط. وبولها وروثها نجس كسائر الحيوانات التي لا يؤكل لحمها. وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه هو مني الادمي طاهر. وعرق الحمار وشعره وريقه طاهر على الصحيح الرابع والسبعون والثلاثمائة. الحديث السادس. عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال دخلت انا وخالد بن الوليد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بيت ميمونة. فاتي بضب محنوذ فاهوى اليه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقال بعض النسوة في بيت ميمونة. اخبروا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بما يريد ان يأكل فقلت تأكله هو ضب. فرفع رسوله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يده. فقلت احرام هو يا رسول الله قال لا. ولكنه لم يكن بارض قومي. فاجدني اعافه. قال خالد فاجتررته فاكلته ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ينظر رواه البخاري ومسلم. المحنود المشوي بالرضف. وهي الحجاب المحماة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس دخلت انا وخالد بن الوليد مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بيت ميمونة. لانها خالة لابن عباس وخالد. فهما ابن الخالة وقوله فاوتي بضب محنوذ اي فوق الطعام الذي قدم اليه والمحنود كما ذكره المؤلف هو المشوي بالرضف. وهي الحجارة المحماة وكانوا يستعملونه لجميع اللحوم. ويرونه الذ من الطبخ واسرع هضما ولان القدور قليلة عندهم. وقوله فاهوى اليه رسول الله صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم. اي لظنه انه كسائر اللحوم المعتادة فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة الى اخره. اي اخبروه بحقيقته لان لا يغتر فيلومكم على ذلك. ولم يكن عندهم شك في حله لانهم طبخوه وقدموه له. ولو كان عندهم شك لسألوا عنه قبل طبخ ولكن قالوا ذلك لاجل اعلامه فقط. وقوله فقلت تأكله هو ضب فرفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يده. فلما كان تركه يوهم تحريمه قال فقلت احرام هو يا رسول الله؟ قال قال لا ولكنه ليس بارض قومي. اي انه ليس بارض تهامة وكذلك في البلاد الحارة. والى الان لا يوجد بها. وقوله فاجدني اعافه اي طبعا لا شرعا لانه لم يعتده. ولانه فيه بعض الشبه من بعض الخبائث فلهذا يكرهه بعض الناس. وليس كغيره من الحيوانات التي يأكلها من اعتادها ومن لم يعتدها. قال خالد بن الوليد فاجتررته فاكلته ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ينظر. فيه حل الضب من قوله عليه السلام واقراره. وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وانه لم يعد طعاما قط. لا لرداءته ولا لسوء صنعه ولا لغير ذلك. بل ان رغبه اكل منه والا تركه واما من يعيب الطعام فيقول هو ردي هو مالح هو كذا هو كذا فانه لم يتبع هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم هذا كفران لنعمة الله تعالى. فتجده يعيب طعاما لو حصل لكثير من لعده من اكبر النعم عليه. وفيه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما انه بعث لمصلحة الدين. فكذلك بعث لمصلحة الدنيا فيأمر بما يصلح الدين والدنيا ونهى عما يفسدهما ففي هذا الحديث انه ينبغي للانسان الا يكره نفسه على اكل ما لا يشتهي ولو كان طيبا. فانه بذلك يعسر هضمه ويضر ببدنه وفيه انه لا بأس ان يأكل ما يشتهي. ولو كان غيره يكرهه اذا كانت الكراهية طبيعية لا شرعية. الخامس والسبعون والثلاثون ثلاثمئة. الحديث السابع عن عبدالله بن ابي اوفى رضي الله عنه انه قال قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سبع غزوات نأكل الجراد رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته وقوله في حديث عبد الله ابن ابي اوفى غزو مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سبع غزوات نأكل الجراد اي في تلك الغزوات. فيه حل الجراد. ويحل اكله سواء فاتحت فانفيه او بشيه. او كبسه في ماء حار او بارد ولكن الذي مات حتف انفه اقل نفعا ولذة من الذي مات بطبخه وفيه ايضا نوع مضرة. ولهذا يعد عيبا ينقصه. فلو اشترى انسان جرادا فوجده ميتا فله الخيار. لانه عيب ولو كان حلال الاكل ولهذا ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال احل لنا ميتتان فاما الميتتان فالجراد والسمك. واما الدمان فالكبد والطحال فمثل الجراد السمك. وهو جميع حيوانات البحر. فتحل كلها من دون استثناء على الصحيح. وقيل ان التمساح والحية والضفدع. فيحل السمك سواء فمات باخراجه او مات حتف انفه ووجد طافيا على الماء. ولكنه يعيبه كالجراد. وقيل ان الميت حتف انفه من الجراد والسمك حرام وهو ضعيف. ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا فعل الصبيان في الجراد من تعذيب وخله بالاعواد التي يسمونها المشاكيك. فيستمر على ذلك كمعذبا باليومين والثلاثة او اكثر. فهذا حرام لا يجوز. ويجب على وليه ومن له القدرة منعه من ذلك. ومثله تأليم جميع الحيوانات من نغير حاجة. كتثقيله بالحمل عليه. وضربه ضربا شديدا فهو حرام لا يجوز. خصوصا اذا تضمن مفسدة اخرى كغش ونحوه لانه بفعله ذلك يوهم المشتري نشاط الحيوان وقوته. والله الله تعالى انما اباح لنا من تعذيب الحيوان ما فيه مصلحة لنا. كذبحه للاكل وضربه عند الحاجة لتأديبه ونحوه وكواسمه. واما تعذيب من غير حاجة. او الزيادة في ذلك على الحاجة فلا يجوز. وايضا فاذا اجاز لاجل الحاجة وجب عليه ان يحسن في ذلك. فلا يذبحه مثلا بالة كالة ولا يحد السكين وهو ينظر. كما قال عليه الصلاة والسلام ان الله كتب الاحسان على كل شيء. فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة. واذا ذبحتم قم فاحسنوا الذبحة. وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته السادس والسبعون والثلاثمائة. الحديث الثامن. عن زهدم ابن مضرب الجرمي انه قال كنا عند ابي موسى الاشعري. فدعا بما فائدته وعليها لحم دجاج. فدخل رجل من بني تيم الله احمر شبيه الموالي فقال هلم فتلكأ. فقال له هلم. فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأكل منه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث زهد بني مدرب كنا عند ابي موسى فدعا بمائدته. الى اخره لعله في وقت امارته على البصرة. فانه كان اميرا عليها من من قبل علي ابن ابي طالب. وقوله فدخل رجل من بني تيم الله. وهم قبيلة من العرب. وقوله احمر شبيه بالموالي. اي ان لونه مخالف لالوان العرب. وموافق لالوان العجم. اطلق عليهم اسم الموالي لانهم اذا سبوا واسترقوا كانوا موالي. والوان الادميين وسائر الحيوانات تختلف باختلاف الاراضي والاهوية. وقوله فقال هلم اي دعاه للاكل معهم. فتلكأ اي امتنع من الاكل وتهيب فظن ابو موسى انه انما امتنع لما رأى على المائدة الطعام الفاخر اللذيذ الذي من جملته الدجاج. فلهذا قال هلم فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأكل منه. اي ان كان قصدك الدين فليس من الدين ترك اكل الفاخر من الطعام. كما يظنه بعض الجهال هل ممن قصدهم الزهد في الدنيا. والظاهر ان الرجل اكل لانه لو استمر على امتنان لذكره الراوي. وفيه حل الدجاج لانه طيب. وكذا جميع الطيور الا الخبائث وما له مخلب من الطير. فيدخل فيه الحمام والاوز ونحوه وفيه انه لا يتدين بترك اكل الطيب من الطعام. فالدين هو هو اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وكان هدي انه لا يتكلف مفقودا ولا يترك موجودا. اي انه اذا صادف طعام يا من اكله ولو كان لذيذا فاخرا. وان لم يصادف شيئا اكل ما تيسر ولم يتكلف المفقود ولو قدر على تحصيله. وليس من هديه استعمال رفيف المأكل والمشرب والملبس في جميع احواله. بل اذا تيسر له لم يمتنع وليس معنى تيسره القدرة على تحصيله. بل معناه مصادقه واما اتخاذ ذلك عادة للانسان فمكروه لانه يضر ببدنه وماله. خصوصا مع قلة المال. فان الانسان اذا اعتاد الترف لم يصبر عنه. وربما تكون بعض الاشياء التي ليست بحاجيات مع الترف وتكثير استعمالها في حقه ابلغ من الضروريات. فلا يصبر عنها وايضا فالعائلة التي تنشأ على الترف تفسد اخلاقهم. ويتضررون بفقد القليل مما اعتادوه. وفيه ان قصد المسلمين جميعا هو اتباع الشرع هدي الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وان اخطأ بعضهم فلجهله فاذا تبين له الشرع اتبعه. وهذا قصد جميع المسلمين. حتى المبتدعين منهم السابع والسبعون والثلاثمائة. الحديث التاسع عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اذا اكل احدكم طعاما فلا يمسح يده حتى يلعقها او العقها. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عباس اذا اكل احدكم طعاما اي من الاطعمة التي تلوث اليد. بدليل قوله فلا يمسح يده وحتى يلعقها او يلعقها. اي صبيا او خادما ونحوهما الحكمة في ذلك كما صرح بها في بعض الروايات بقوله. فان احدكم لا في اي طعامه البركة. اي لا يدري افي اوله او وسطه او اخره ومثله ما ورد في لعق الصحفة. اي لعل البركة في هذا الذي يعده كثير من الناس زهيدا لا يأبه له. فهذا من الفوائد في لعقه. ومنها انه يدل على تعظيم نعمة الله. وتركه يدل على الكبر واحتقار نعمة الله تعالى. ومنها انه دليل على عدم الاستغناء عن القليل من نعم الله. مع انه لا قليل من نعمه تبارك وتعالى ومنها انه قد يمسحها مع ان غيره في شدة الحاجة الى لعقها. خصوص صنف الوقت الذي تكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بهذا الكلام فانهم في ذلك الوقت في شدة الحاجة الى الطعام. ولهذا اامر الانسان اذا قدم له خادمه الطعام ان يعطيه قليلا منه كسرا لشهوته ونعق الانسان يده بنفسه اولى من كونه يلعقها غيره ما لم يكن ثم مرجح اخر. باب الصيد. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الصيد. هو اقتناص كل حيوان الحلال غير المقدور عليه. وهو قسم من اقسام الاطعمة فان الاطعمة قسمان. قسم مباح مطلقا. اي من دون ان يكون للادمي فيه فعل. وهو الحبوب والثمار ونحوهما. فجميع ذلك مباح اللهم ان والثمار المضرة. كالسميات ونحوها فتحرم وللمضرة. القسم الثاني الذي يتوقف حله على ايجاد سبب من الادم وهو جميع الحيوانات. فيشترط لحلها ذكاتها. الا جراد والسمك. فانه من القسم الاول. كما تقدم ان ميتته حلال والحيوانات التي يشترط في حلها ذكاتها قسمان ايضا. قسم مقدور عليه فيشترط في زكاته قطع الحلقوم والمريء. وذلك كبهيمة الانعام عام والصيد المقدور عليه. القسم الثاني غير المقدور عليه كالصيد الذي لم يقدر عليه. والحيوان الانسي اذا توحش فلم يقدر عليه فذكات هذا القسم بجرحه في اي موضع كان من بدنه وهذا من تيسير الله ورحمته بعباده. الثامن والسبعون والثلاثمائة. الحديث الاول. عن ابي ثعلبة الخشني رضي الله عنه انه يقال اتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقلت يا رسول الله الله انا بارض قوم اهل كتاب افنأكل في انيتهم وفي ارض صيد اصيد بقوسي وبكلب الذي ليس بمعلم وبكلب المعلم فما يصلح لي؟ قال اما ما ذكرت من انية اهل الكتاب فان وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها. وان لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل. وما صدت بكلبك المعلم فذكر ذكرت اسم الله عليه فكل. وما صدت بكلبك غير المعلم فادركت زكاته فكل رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقه وقوله في حديث ابي ثعلبة الخشني اتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقلت يا رسول الله انا بارض قوم اهل كتاب الى اخره. اي في اليمن. وكان اليهود في اليمن كثيرين اي انهم لا يتورعون من النجاسات. فهل يحل استعمال اوانيهم؟ وفي ارض صيد اصيل بقوس وبكلب الذي ليس بمعلم. وبكلب المعلم فما يصلح لي اي اخبرني بما يحل من ذلك وما يحرم. فارشده مرشد ناصح عليه السلام بقوله اما ما ذكرت من انية اهل الكتاب فان وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها. فان لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها اختلف العلماء في هذه المسألة فقيل ان هذا النهي منسوخ بالاحاديث الصحيحة الصريحة. الدالة على ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم واصحابه. كانوا يستعملون اواني اهل الكتاب. بل من دونهم من المشركين. فصح انه عليه الصلاة والسلام توضأ من مزادة مشركة وكان في المدينة ثلاث طوائف من اليهود. ولم ينهى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن استعمال اوانيهم. بل كانوا يستعملونها ولا يرون بذلك بأسا. وايضا فإن الصحابة رضي الله عنهم فتحوا الامصار واهلها مشركون. ولم ينقل عنهم انهم كانوا يغسلون اوانيهم في علم يقينا انه لا يجب غسلها. والصواب ان هذا الحديث ليس منسوخ بل يقال المراتب ثلاث. احداها ان تعلم نجاسة ذلك فهذه يجب غسلها بالاتفاق. الثانية ان تعلم طهارتها فهذه لا يجب غسلها. الثالثة ان تجهل حالها فهذه ايضا لا يجب غسلها. لان الاصل الطهارة في جميع الاشياء ولان المعلوم من حالة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه انهم لم يكونوا يغسلون المجهول منها. لكن ان ظن نجاسة ذلك فاستحب غسله. وهذا عام في الاواني وغيرها كالثياب ونحوها وذلك كآنية مدمن الخمر. او الكفار الذين تكثر ملابستهم للنجاسة وكثياب الحائض والمرضع التي لا من النجاسة. وهذا النوع هو والمراد من هذا الحديث. اي انه ان وجد غيره فتركه اولى وان لم يوجد غيره استحب غسله. ويدخل في الحديث المتقدم. فمن اتقى شبهات الى اخره. وبقوله في الحديث الاخر دع ما يريبك فالى ما لا يريبك. وكلما قوي ظن النجاسة تأكد استحباب غسلها وقوله وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل. ويأتي في حديث اشتراط جرحه. اي انه لا يقتل بعرضه. ومثل القوس بل ابلغ الرمي في بندق الرصاص. فانها تقتل بنفوذها لا بثقلها. ففيه اشتراط ذكرها بسم الله. ومحله عند الرمي. اي ارسال السهم. وقد دل على اشتراطه فيها الكتاب والسنة. وتسقط سهوا على الصحيح. ويشترط ايضا نفوذ السهم في اي موضع ان كان من بدنه لكن ان ادركه حيا وجبت زكاته لانه مقدور عليه ومثله قوله وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكن قل فيه اشتراط التسمية. ومحلها عند ارساله. وفيه انه يشترط ان يكون الكلب معلما. وتعليمه ان يسترسل اذا ارسل وينزجر اذا زجر. واذا امسك لم يأكل. كما ياتي في حديث عدي ان اكل فلا تأكل. ومثل الكلب الفهد والطيور المعلمة. كالصقر ونحوه الا انه لا يشترط في الطير عدم الاكل. لانه لا يتعلم الا بالاكل. وقال قوله وما صدت بكلبك غير المعلم فادركت زكاته فكل. اي لانه حل كاتهينا بصيد الكلب له. اي وان لم تدرك زكاته فلا تأكل. قال ابن القيم رحمه الله لما ذكر فضائل العلم وفي هذا فضل العلم حيث ابيح صيد العالم دون الجاهل. فقد اثر العلم حتى في الحيوانات التي لا تعقل التاسع والسبعون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن همام ابن الحارث عن عدي ابن حاتم رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله اني ارسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي واذكر اسم الله فقال اذا ارسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما امسك عليك. قلت وان قال وان قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها. قلت له فاني ارمي بك المعراج الصيد فاصيب. فقال اذا رميت بالمعراج فخرق فكله. وان صابه بعرضه فلا تأكله. رواه البخاري ومسلم. وحديث الشعبي عن عدي نحوه وفيه. الا ان يأكل الكلب. فان اكل فلا تأكل فاني اخاف ان يكون انما امسك على نفسه. وان خالطها كلاب من غيرها افلا تأكل فانما سميت على كلبك ولم تسم على غيره. وفيه اذا ارسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه. فان امسك عليك فادركته حيا فاذبحه وان ادركته قد قتل ولم يأكل منه فكله. فان اخذ الكلب ذكاته وفيه ايضا اذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه. وفيه وان غاب عنه يوما او يومين. وفي رواية اليومين والثلاثة. فلم تجد فيه الا اثر سهم فكن ان شئت فان وجدته غريقا في الماء فلا تأكل. فانك لا تدري الماء قط او سهمك. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقه قوله في حديث همام ابن الحارث عن عدي ابن حاتم انه قال قلت يا رسول الله اني ارسل الكلاب المعلمة. فيمسكن علي واذكر اسم الله فقال اذا ارسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكلما امسكنا عليك قلت وان قتلن؟ قال وان قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها. هذا نص صريح في حل صيد الكلب اذا كان معلما. وذكر اسم الله عليه. وان قتل صيد ما لم يشركه كلب ليس منها. والعلة في ذلك هي ما ذكرها بقوله. فان انما سميت على كلبك ولم تسم على غيره. ومثل الكلب ما في معناه كالفهد والطيور المعلمة كالصقر والشاهين ونحوهما. وقوله قلت فاني ارمي بالمعراج الصيد فاصيب. فقال اذا رميت بالمعراج فخرق فكل وان اصابه بعرضه فلا تأكله. فيه حل الصيد اذا رمي فاصابه سهم ونفذ فيه. واما لو قتله بثقله فانه لا يحل. ومثل قوله في رواية الشعبي الا ان يأكل الكلب الى اخره. في انه يشترط في حل صيد الكلب ونحوه الا يأكل. فان اكل لم يحل وعلله بقوله فاني اخاف ان يكون انما امسك على نفسه اي انه نوى ذلك لنفسه. فان نيته لها تأثير. ولهذا قال تعالى فكلوا مما امسكنا عليكم. فقوله عليكم دليل على ان ما لانفسهن لا يحل. ودليل ذلك ان يأكلن مما هذا في الكلب والفهد. بخلاف الطيور كالصقر ونحوه فانه يأكل ولا يدل اكله على انه امسك على نفسه. لانه لا يتعلم الا بالاكل كما تقدم وقوله فان امسك عليك فادركته حيا فاذبحه. الى اخره فيه انه اذا قدر عليه وجبت زكاته. وان قتله الكلب حل. وعلل ذلك قوله فان اخذ الكلب زكاته. هذا من لطف الله ورحمته بخلقه حيث سخر لهم هذه الحيوانات وجعل اخذها الصيد ذكاة له واختلف العلماء هل يشترط ان يجرح او لا يشترط؟ المذهب انه يشترط ان فلو اختنق الصيد من دون جرح لم يحل. وعن احمد رواية ثانية. ان يحل ولو لم يجرح. وقوله وان خالطها كلب ليس منها فلم تجد فيه الا اثر سهمك فكل. وقوله وان وجدته غريقا بالماء فلا لا تأكل فانك لا تدري الماء قتله او سهمك. هذا اذا لم يعلم فلو تيقن ان سهمه الذي قتله حل. كما لو اجاده وسقط في الماء وهو ينظر ثم اخرجه من ساعته ميتا فيحل. ولو انه سقط حيا ثم مات في الماء الثمانون والثلاثمائة. الحديث الثالث. عن سالي من عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول من اقتنى كلبا الا كلب صيد فانه ينقص من اجره كل يوم قيراطان قال سالم وكان ابو هريرة يقول او كلب حرف وكان صاحب حرف رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته وقوله في حديث سالم عن ابن عمر رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عندما يقول من اقتنى كلبا الا كلب صيد او ماشية فانه ينقص من اجره كل يوم قيراطان. وفي حديث ابي هريرة مريرة او حرف. هذا نص صريح انه يحرم اقتناء الكلب في غير هذه الاشياء الثلاثة. ومن اقتناه لغير ذلك نقص كل يوم ومن من اجره قيراطان. والقيراط هو القسط العظيم الله اعلم بتقديره. وليس المراد بذلك القيراط المصطلح عليه الذي هو جزء من اربعة وعشرين جزءا. فان هذا اصطلاح حادث ويعلم يقينا ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم تريد ذلك ولا خطر بباله. ومثله قوله فيما ما تقدم من صلى على الجنازة فله قيراط. ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. ويتفاوت ذلك بحسب نية العامل وقوله كل يوم اي لان هذا اصرار على المعصية فيعاقب عليه. لان الاصرار على المعصية اعظم من مجرد الفعل فان كل وقت يمر عليه وهو مصر على ذلك يزداد به اثمه وقوله وكان صاحب حرف اي ان الانسان يحرص على حفظ الشيء الذي هو واقع به. الزيادة حرصا من غيره. فلهذا حرص ابو هريرة على حفظ هذا واهتم به. لانه صاحب حرف الحادي والثمانون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن رافع ابن خديج رضي الله عنه انه قال كنا مع رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم بذي الحليفة من تهامة. فاصاب الناس فجوع فاصابوا ابلا وغنما. وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اخريات القوم. فعجلوا وذبحوا ونصبوا قدور فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فاكفئت ثم قسم. فعدل عشرة من الغنم ببعير فند منها بعير فطلبوه فاعياهم. وكان في القوم خيل يسيرة فاهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله. فقال ان ان لهذه البهائم اوابد كاوابد الوحش. فما غلبكم منها فاصنعوا هكذا قال قلت يا رسول الله انا لا العدو غدا وليس معنا مدى. افنذبح بالقصب؟ قال ما انهرت مواد ذكر اسم الله عليه فكلوه. ليس السن والظفر. وساحدثكم عن ذلك اما السن فعظم. واما الظفر فمدى الحبشة. رواه اهو البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث رافع بن خديج كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بذي الحليفة من تهامة. المعروف ان تهامته وما وراء جبال الحجاز من جهة البحر من ينبع. ويتصل الى جدة ومنها يتصل الى اليمن. والحجاز هو سلسلة الجبال. وسم بذلك لانها حاجزة بين نجد وتهامة. واما ذو الحلم التي هي محرم اهل المدينة. وهي المسماة بالحساء فهي من الحجاز ولعله قد سمي بهذا الاسم غيرها. بدليل قوله من وقوله فاصاب الناس جوع. اي لقلة زادهم وقوله فاصابوا ابلا وغنما. اي غنيمة وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اخريات القوم وكانت هذه عادته الجميلة وسيرته الحسنة. انه يكون في الساقة ليزجي الضعيف ويحمل المنقطع. بخلاف عادة ملوك والجبابرة. فهو يقتدي بالاضعف كما تقدم. وقول فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور. اي وجعلوا فيها اللحم. والذي حملهم على ذلك الجوع. ولم ينههم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. والا فلو نهاهم لم يعصوا امره وقوله فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالقدور فاكفئت اي تأديبا لهم حيث لم يراجعوه. لان الغنيمة لسائر الجيش وفيه مشروعية التعزير بالمال. اذا رأى ذلك الامام كتحريق متاع الغال. وكاضعاف الغرم على كاتم الضالة. والسارق واما في باب الاضحية فالمرجع الى تقدير الشارع. فقد صح الحديث حديث ان البدنة والبقرة تعدل لكل واحدة سبعا من الغنم واما قول بعض العلماء ان البعير في باب الاضحية عن عشرة لانك الى الحديثين صحيح وفي هذا زيادة والزيادة من الثقة مقبولة. فليس صحيح لان هذا ورد على شيء وذلك على شيء. فليس هذا تقديرا كما في الاضحية. وانما وقع هذا مصادفة. فالمرجع في القسمة الى القيم. فلو كانت قيمة خمس من الغنم تعدل قيمة البعير له وقسمت كذلك. وهذا يتبع الزيادة والنقص. وقوله اي شرد منها بعير. فطلبوه فاعياهم. اي عجزوا عن ادراكه وكان في القوم خيل يسيرة. اي ربما لو كانت كثيرة لادركوها فاهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله. وهذا من فطر امة هذا الرجل وتوفيق الله. حيث الهمه فعل ذلك. مع ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يأمره. ولكنه اجتهاد موافق فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي مثنيا على ذلك الرجل ومصوبا لرأيه. ان لهذه البهائم اوان اي نوافر كأوابد الوحش. اي ان بعض هذه من بهائم المستأنسة. يكون لها في بعض الاوقات نفرة من الناس كنفرة الوحش فما غلبكم منها اي ما عجزتم عن ذبحه مع مذبحه فاصنعوا به هكذا. اي ان الحكم يدور مع علته فكما ان الحيوانات المتوحشة اذا قدرت على زكاتها مع الحلق لم يحل الا بزكاته معه. فكذلك الحيوانات الانسية. اذا عجز عن منها فذكاتها مع اي موضع كان من بدنها. وانظر الى قوله غلبكم فانه يعم الذي ينفر ويعجز عنه. ويعم الذي يتردى في بئر ونحوها ويعجز عن مع حلقه. فيذكى مع اي موضع قدر عليه سكين او سلاح. كبندق ونحوها او غير ذلك. وهذا عام سواء رومي ولم يدرك حتى مات او ادرك حيا وذكي. لان ترك الاستفصال في مقال الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال. وقوله قلت يا رسول الله انا لاقوا العدو غدا. وليست معنا مدى. اي انه لا كونوا مع كل واحد سكين يذبح بها. افنذبح بالقصب؟ اي لانه كثير ونقدر عليه كلنا. فقال ما انهر الدم اي اهرقه وذكر اسم الله عليه فكلوا. فهم سألوه سؤالا خاصا افتاهم بحكم عام. وفيه اشتراط انهار الدم وذكر اسم الله وتقدم ان التسمية تشترط مع الذكر. وتسقط بالجهل والنسيان في الصيد والذكاء على الصحيح ويدل على ان المنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع اذا ادركت وزكيت وخرج منها دم ليس دم ميت ويعرف ذلك. فان دم الميت اسود ودم الحي احمد مرة فانها تحل ولو لم توجد فيها حياة مستقرة وهذا هو الصحيح. وهو داخل في عموم الحديث. وهو ظاهر القرآن لقوله تعالى بعد ذلك الا ما ذكتم. ولما كان هذا يعم القصب والاحجار المحددة والحديد وغير ذلك. استثنى الذي لا تحل الذكاة به. ولا يحل المزكاة فقال ليس السن الظفر ثم ذكر الحكمة فقال وساحدثكم عن ذلك اما السن فعظم. فلا يحل الذبح به. وكذا سائر العظام لعموم العلة. وهذا هو الصحيح. وهو رواية عن احمد والمشهور تخصيص ذلك بالسن وهو ضعيف. وقوله واما الظفر الحبشة اي انهم هم الذين يذبحون باظفارهم. وقد نهى عن مشابهة الكفار. وفي الحديث ذم العجلة ومدح التأني مع الحزم كما قيل. قد يدرك المتأني بعض حاجتي وقد يكون مع المستعجل الزلل. باب الاضاحي قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله باب الاضاحي الذبح قسمان. عبادة وعادة. فذبح العبادة ثلاثة اشياء الهدايا وهي ما يهدى للحرم. ويدخل فيه واجب كهدي المتعة والقران. والمستحب وهو الهدي المطلق الثاني العقيقة. وهو الذبح شكرا لنعمة الله تعالى بوجود الولد وهو مستحب متأكد في حق الاب. ويختلف باختلاف الولد فيعق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاه. الثالث الاضحية وهي ما يذبح بسبب وجود يوم النحر. ووقتها اي الاضحية من صلاة العيد يوم النحر الى يومين او ثلاثة ايام بعده على خلاف بين العلماء. فلا تصح قبل وقتها كما تقدم وقد اتفق العلماء على مشروعيتها وتأكدها. واختلفوا في وجوبها. والصحيح انها سنة مؤكدة. وقد ثبت مشروعيتها بالكتاب والسنة. ومن تأكدها ان الله تعالى قرنها مع الصلاة في قوله وفي قوله صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي الاية الثاني والثمانون والثلاثمائة. الحج الاول عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال ضحى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بكبشين املحين اقرنين ذبحهما بيده. وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما. رواه البخاري ومسلم. الاملح الاغبر. وهو الذي فيه سواد وبياض. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومما ورد في السنة من فعل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قوله في حديث انس ضحى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم به املحين اقرنين. اي ذكرين. لان غالب اطلاق الكبش على الذب ذكر وفسر المؤلف الاملح بانه الاغبر. الذي فيه بياض وسواد والاقرن الذي له قرون. وقوله ذبحهما بيده وسمحه وكبر التسمية شرط مع الذكر كما تقدم. والتكبير سنة وقوله ووضع رجله على صفاحهما اي على رؤوسهما لانه اريح للحيوان. واسرع لزهوق روحه. وفي هذا الحديث فوائد منها مشروعية الاضحية وهي عبادة مالية بدنية. ولهذا قالوا وذبحها افضل من الصدقة ب تمانيها لهذا المعنى. ولان الصدقة عبادة مالية محضة ان مجرد سفك الدم عبادة مفردة. واذا عرف هذا المعنى زال الاشكال قالوا في مسألة الهدايا في منى. فان بعض الناس بحث فيها فقال ان كثيرا مما يذبح في منى يلقى في الحفر. ولا ينتفع به احد من الناس لكثرة الذبائح. فهم يأكلون شيئا كثيرا كثير فهل يوجد شيء يكفي عن الهدي ويجزئ عنه ويكون انفع. فبحثوا فلم يجدوا شيئا. ولن يجدوا لان سفك الدم في ذلك اليوم عبادة مقصودة. سواء اكل ذلك او بقي بعضه ويسن ان يأكل ثلثا. ويهدي على اصدقائه والاغنياء من جيرانه ونحوهم ثلثا. ويتصدق بثلث على الفقراء. ومن فوائد هذا الحديث استحباب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صفة الأضحية. فيتخير السمين الأملح الأقرن ومنها انه يستحب ان يذبح اضحيته بيده اذا كان ما يحسن ولو تولى سلخها وتقطيع لحمها غيره. وان ان كان لا يحسن فلو ذبحها عذب الحيوان. فينبغي ان يوكل من يحسن ذلك ومنها انه يستحب التكبير عند الذبح. ويكفي في تعيين الاضحية نيته. وان نطق بها فحسن. وتتعين مع النطق. فلا عنها الى غيرها. ومع النية المجردة يجوز ابدالها وصفة النطق ان يقول اللهم هذا منك ولك. اللهم هذا عن ان كانت له وحده او عن ابي او امي ويذكر من هي له ومنها استحباب وضع الرجل على صفحة الحيوان. لانه اريح له واسرع خروج الدم. فلو تركه بحاله لربما تسددت افواه العروق وعسر خروج روحه باحتقان الدم في العروق. ولا تصح الاضحية العقيقة وهدي التمتع والقران الا من بهيمة الانعام. وهي الابل والبحر البقر والغنم. واما هدي التطوع فيصح من كل شيء. حتى الحبوب والثمار لان المقصود منه نفع فقراء الحرم. ويعم ذلك اهله قارئين عليه. فهذه انواع الذبح المشروع. الهدي والعقيدة والاضحية. واما الفداء وهو ما وجب بفعل محظور او ترك واجب والنذر ونحوهما فهي كفارات عارضة. وذكر ترى المؤلف هذا الباب بعد باب الاطعمة. لانها من جملة الاطعمة فهذا على اصطلاح المتقدمين. اي الذين قبل الموفق. واما المتأخر اي الذين بعد الموفق فانهم تبعوا اصطلاحه في المقنع. وذكروا الاضاحي في ابواب العبادات. لانها من جملة العبادات. فكلهم يقصدون هنا المناسبة مهما امكنت. وهذه عادتهم رحمهم الله كتاب الاشربة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله كتاب الاشربة لما ذكر الاطعمة واستكمل انواعها اتبعها بذكر الاشربة وتقدم ان بعضهم يفرد الاشربة. وبعضهم يذكرها مع الاطعمة لانها من والاصل في الاشربة الحل كالاطعمة. ولو كانت لذيذة جدا والمحرم منها ثلاثة اشياء. احدها النجس في حرم لنجاسته الثاني الخبيث فيحرم لخبثه. الثالث الخمر. وهو الذي يزيل العقل مقلب السكر والنشوة التي تترتب عليه. الثالث والثمانون والثلاثمائة الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما ان عمر قال على منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اما بعد ايها الناس انه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير. والخمر ما خامر العقل. ثلاث وجدت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان عهد الينا فيهن عهدا ننتهي اليه. الجد والكلالة وابواب من ابواب الربا رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر ان عمر قال على منبر رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي بمحضر جملة من الصحابة فاقروه على ذلك. فكان اجماعا سكوتيا منهم. فانهم لو لم افيقوه على ما قال لانكروا عليه. وقوله اما بعد ايها الناس انه نزل تحريم الخمر وهي خمسة. اي ان المستعمل نزول التحريم هذه الخمسة. فيعمها التحريم. خلافا للكوفيين حيث قالوا لا يحرم الا نبيذ العسل. ولكنهم محجوجون بادلة كثيرة جدا. ولم يحدث الخلاف في هذه المسألة الا اخيرا وكأن عمر رضي الله عنه الهم ذلك. حيث خطب الناس واخبرهم قم بذلك مع انهم لم يختلفوا فيها. فانه رضي الله عنه كان محدثا ملهما. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان في الامم قبلكم محدثون. فان كان من امتي محدث. فهو عمر ابن ابن الخطاب او كما قال عليه السلام وقوله من العنب والتمر والعسل فهذه الثلاثة من الحلويات. والحنطة والشعير فهذان من الحبوب ثم لما ظن انه يتوهم بعض الناس ان الخمر لا يكون الا من هذه الخمسة قال والخمر ما خامر العقل. اي غطاه. ومن ذلك الخمار لانه يتغطى به. اي فكلما غطى العقل وحصل سكر ونشوة فهو حرام. قليلا كان او كثيرا. ولهذا ورد ما اسكر قليله وفي رواية الفرق منه. فملئ الكف منه حرام وتقدم في الحدود ان الله تعالى رتب حد الخمر حفظا للعقول. والحد على شرب المسكر. سواء سكر ام لا. فكيف يرضى العاقل بذهاب عقله الذي هو الفارق بينه وبين البهائم. فاذا سكر الانسان والعياذ بالله لم يبالي بما فعل من القتل والزنا. وربما بال على نفسه او قتل وانما رتب الشارع العقوبة على شرب الخمر لان في النفس داء داعيا الى ذلك. واما شرب الاشياء النجسة غير الخمر. فلم يرتب عليها حدا. لان الوازع الطبعي يمنع عن ذلك. وهذه قاعدة في الاشياء المحرمة. فما في النفس وازع الى فعله منها حذف احذر الشارع عنه. ورتب عليه العقوبة. وما في النفس وازع طبيب يحث على تركه. حذر الشارع منه ولم يرتب عليه العقوبة ثم قال رضي الله عنه ثلاث وددت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان عهد الينا فيهن عهدا ننتهي اليه اي ثلاث مسائل خفي حكمها عليه رضي الله عنه. والظاهر انه توفي وهي مشكلة عليه. وتمنى ان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم نص عليها نصا صريحا. وينبغي ان يعلم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد بين هذه الثلاثة كغيرها من مساجد الدين فلم يمت صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى بين جميع ما يحتاج اليه الناس. من اصول الدين وفروعه. هذا مما لا يرتاب فيه فيه مؤمن ولكن قد يخفى على بعض الامة شيء. ويكون علمه عند غيره كما خفيت هذه المسائل على عمر. وفي هذا فضل عمر رضي الله الله عنه حيث لم يدع علم ما لم يعلم. وهكذا ينبغي للعالم اذا سئل عما لا يعلم ان يتوقف ويخبر انه لا يعلم ذلك. وهذا من العلم وحسن توفيق العالم. ثم بين هذه الثلاثة فقال الجد اي ميراث الجد مع الاخوة لغير ام. فقد اختلف فيه الصحابة فمن بعدهم فذهب بعضهم الى التشريك وجعله كاخ منهم. على ما في كتب الفقه في باب الجد مع الاخوة. وهذا مذهب زيد ابن ثابت وبه اخذ مالك والشافعي. وهو المشهور من مذهب احمد رحمهم الله الله تعالى ودليلهم على ذلك القياس لا غير. قالوا فان الجد بالاب والاخوة كذلك. فاستووا في القرب من الميت. وذهب بعضهم الى ان الجد كالاب يسقط الاخوة. وهذا مذهب ابي بكر الصديق. وهو مذهب ابي حنيفة ورواية عن احمد اختارها كثير من اصحابه. منهم ابن عقيل وابو حفص وشيخ الاسلام وتلاميذه. ودليلهم الكتاب قياس وتناقض القول الاخر. فان الله تعالى سمى الجد ابا في مواضع كثيرة من القرآن. وجعله كالاب عند فقده في الميراث. وهذا مقتضى القياس فكما ان ابن لابنك لابن مع عدمه بالاتفاق فكذلك قل ابي اب ولا فرق بينهما. ولان القول الاخر متناقض من وجوه كثيرة كما يظهر ذلك لمن تأمله وتتبع مسائله. ولا يمكن هم ايضا طرد قياسهم. فانه لو وجد ابو الجد وابن الاخ ورث ابو الجد وسقط ابن الاخ بالاتفاق. مع انهما استويا في القرب من الاب. واذا كان القياس منتقدا في بعض المسائل دل على ضعفه. وهذا القول هو الصحيح بلا شك واما الاخوة للام فيحجبهم الجد بالاتفاق. وقوله والكلالة هذه مما اشكل على عمر ولهذا سأل عنها النبي صلى الله عليه على اله وسلم فقال له تكفيك اية الصيف اي الاية التي نزلت في الصيف وهي اخر اية في سورة النساء. اي تأملها تعلم ما هي الكلالة وقد بانت لابي بكر رضي الله عنه وفسرها واتفق الناس بعد ذلك على تفسيره فقال هي من لا ولد له ولا والد. فقوله تعالى او اخ او اخت. اي من ام كما في قراءة بعض الصحابة. يدل على ان الاخوة للام لا يرثون بوجود الاب او الجد وان علا. ولا بوجود لابني او البنت او ابن الابن او بنت الابن وان نزل. وقوله وابواب من ابواب الربا. اي مسائل من مسائل الربا. ولم يبينها فلهذا تخرصها العلماء بعده. فهذا عمر رضي الله عنه مع علمه العظيم حق انه لم يكن في الامة بعد ابي بكر اعلم منه. ولما توفي قال بعض الصحابة احسب انه ذهب تسعة اعشار العلم. اي ان مع عمر تسعة اعشاره ومع من بعده عشرة. ومع ذلك خفيت عليه في هذه المسائل ولم تزل مشكلة عليه حتى مات رضي الله عنه وهكذا تكون مسائل العلم. فانها تخفى على بعض الامة ويعلمها بعضهم فيخفى على هؤلاء شيء ويعلمه غيرهم. والله اعلم الرابع والثمانون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم سئل عن البتع فقال كل شراب اسكر فهو حرام. رواه البخاري ومسلم. البتع نبيذ العسل سل قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سئل عن البتع. وفسره المؤلف بانه نبيذ العسل. وقوله كل شراب اسكر فهو حرام. وفي بعض روايات وكان قد اوتي جوامع الكلم. فهذا جواب عام مع ان سؤال خاص وهذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اذا سئل عن شيء خاص. وكان الحكم يعم المسؤول عنه وغيره اقتداء بالقرآن. فان ان الله تعالى كثيرا ما يذكر الحكم الخاص في مسألة ثم يعم ذلك في كل ما ها هو في معناها. فقوله كل شراب اسكر فهو حرام. يعم ما تقدم ما من نبيذ التمر والعنب والعسل. والحنطة والشعير وغيرها. وقوله كله كل شراب ليس المراد تخصيص المشروب. وانما هذا حكاية للحالة المتعارفة عندهم. فلم يوجد عندهم من المسكرات غير المشروبات واما الحشيشة فقيل انها لم تحدث الا في المئة الرابعة من الهجرة قد اشكلت على بعضهم فلم يجزم بتحريمها. ولكن قال الجمهور هي حرام لانها تسكر فهي خمر. ولان اجزاءها من اجزاء الخمر. وهذا هو الصحيح فكل مسكر خمر وكل خمر حرام. سواء كان مشروبا او مأكولا قليلا او كثيرا. الخامس والثمانون والثلاثمائة. الحديث والثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال بلغ عمران باع خمرا. فقال قاتل الله فلانا. الم يعلم ان ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها. رواه البخاري ومسلم جملوها اذابوها. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس بلغ عمر ان فلانا باع خمرا. الى اخره في هذا تحريم الحيل كما تقدم. فان الله اذا حرم شيئا حرم ثمنه فلا يباح الحرام. ولا التوصل اليه باي طريق كان. ثم ثم ذكر ان من فعل مثل هذا فقد شابه اليهود فقال قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها. اي فاكلوها كما تقدم فهم غيروا الحرام مرتين. اولا اذابوه فغيروه من الشحم الى الودك ثم باعوا الودك فاكلوا ثمنه. وهذا جهل منهم او عناد وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من تقليدهم فقال لا تفعلوا كفعل اليهود. فتستحلوا محارم الله بادنى الحيل. او كما قال كتاب اللباس. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب اللباس تقدم ذكر الاطعمة والاشربة. وان الاصل فيها الحل. فلا ايحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. وكذلك اللباس الاصل فيه الحل وهذا من نعمة الله ورحمته بعباده. حيث اباح لهم ما يحتاجون وخلق ما في الارض جميعا لمصالحهم. فجميع انواع الملابس مباحة من قطن او وبر او اصواف او كتان او غيرها. ويحرم لبس الحرير على الذكور من هذه الامة دون الاناث. السادس والثمانون والثلاثمائة الحديث الاول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لا تلبسوا الحرير. فان له من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الاخرة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقد ذكره بقوله في حديث عمر لا تلبس الحرير فانه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الاخرة قال ابن الزبير هذا كناية عن عدم دخول الجنة. لان الله الله تعالى قال ولباسهم فيها حرير وفي هذا الوقت وعيد الشديد على لبسه. وفيه ان لبس الحرير من الكبائر. لان حد الكبيرة ما فيه حد في الدنيا او وعيد في الاخرة. او ترتيب لعنة او غضب او نفي ايمان وهذا الحديث كغيره من نصوص الوعيد. وقد تقدمت قاعدة مثلها هذه النصوص وان الوعيد لا يقع الا باجتماع شروطه وانتفاء موانعه شروطه ما رتب على وجودها. ومن الموانع للخلود في النار الايمان. فقد اتفقت سلف الامة على انه لا يخلد في النار. من كان في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان فهو وان عذب في البرزخ او في النار فلا بد ان مآله بعد تطهير الى الجنة. يحرم الحرير على الذكر صغيرا كان او كبيرا ويتعلق التحريم بولي الصغير. وان كان منفردا حرم قليله وكثيره. وان كان انا تابعا لثوب ابيح للذكر اربعة اصابع فاقل. كما يأتي. ومع انه يحرم على الذكر ففيه ايضا مضرة عليه. فانه من اعتاد لبسه لابد ان يكتسب من طبع الاناث شيئا. فانه يخنف الطبيعة ويؤنثها ويحرم الرقيق منه ويسمى السندس والاستبرق. والغليظ ويسمى الديباج السابع والثمانون والثلاثمائة. وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا تلبسوا حرير ولا الديباج. ولا تشربوا في انية الذهب والفضة. ولا تأكلوا في فيها فانها لهم في الدنيا ولكم في الاخرة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقد ذكره بقوله في حديث حذيفة لا تلبسوا الحرير ولا الديباج. وهذا خاص في الذكور وقوله ولا تشربوا في انية الذهب والفضة. ولا تأكلوا في صحافها وهذا عام للذكور والاناث. لان الابواب ثلاثة بالنسبة الى الذهب والفضة فباب الانية اضيقها. فلا يباح للذكر ولا للانثى. ويليه ابو اللباس فيباح للانثى دون الذكر. واوسعها باب السلاح فقد ابيح في السلاح ما لا يباح في غيره. وانما ابيح لباس الحرير ولباس الذهب الفضة للانثى لحاجتها للتزين للزوج. ولهذا حرمت عليهما انية الذهب والفضة لاستوائهما في العلة. ويحرم على الانثى من الحرير غير اللباس كالفرش ونحوها. لعدم احتياجها الى التزين به للزوج. فان اللباس به الزوج منها. واما الفرش ونحوها فلو ابيح لها استعمالها. فلا يباح بالزوجة التمتع به منها. ثم ذكر العلة في تحريم ذلك فان انها لهم في الدنيا. اي للكفار ولكم في الاخرة. فهذا تبيين للحكمة وتسلية للمؤمنين. وحث لهم على ترك ذلك. لان الله سيوفر لهم نصيبهم منها في الاخرة. الثامن والثمانون والثلاثمائة الحديث الثاني عن البراء بن عازب رضي الله عنهما انه قال ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء احسن من رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم. له شعر يضرب الى منكبيه. بعيد ما بين المنكبين ليس بالقصير ولا بالطويل. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث البراء ابن عازب ما رأيت من ذيل مه الى اخره. اللمة الشعر الذي لم يصل الى المنكبين سمي بذلك لانه يكاد ان يرم بهما. وقول في حلة حمراء. الحلة اسم للثوبين. وقوله احسن من رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيه حسن خلقه عليه السلام. كما ان الله جبله على احسن الاخلاق. فهو احسن الناس خلقا وخلقا وقوله له شعر يضرب الى منكبيه. اي انه احيانا يترك شعر رأسه حتى سيضرب على المنكبين. ويسمى اذا بلغها جمة. ولم يكن يتركه ينزل عنهما وقوله بعيد ما بين المنكبين هذا من اوصاف خلقه اي انه واسع الصدر عريضه. وقوله ليس بالقصير ولا بالطويل. اي انه متوسط في الخلق. وهذا احسن ما يكون. ففي هذا جواز لبس الاحوال مرة وقد ورد النهي عن ذلك. فقال ابن القيم رحمه الله ان الذي لبسه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الحبر وهو الذي فيه اقلام حمرة. واقلام بيض. وليس المراد الاحمر الخالص واما الذي نهى عنه فهو الاحمر الخالص. فهذا لون وذلك لون ولكن ظاهر الحديث ان المراد بالاحمر هنا اي الذي لبس النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الاحمر الخالص. وقد صح النهي عن لبس الاحمر فحمل هذا الحديث على عدة محامل. احدها ما ذكره ابن القيم. وقيل ان فعله دليل على الجواز. وان النهي للكراهة. ولكن لم يكن النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم يفعل المكروه. وحمل ذلك على الحاجة. وانه انما لبسه لاحتياجه اليه. وفيه ان الرسول احسن الناس خلقا وخلقا وفيه سعة صدره. وهذا دليل على حسن الخلق. لان الخلائق ظاهرة تناسب الاخلاق الباطنة غالبا. التاسع والثمانون والثلاثون ثلاثمئة الحديث الثالث عن البراء بن عازب رضي الله عنهما انه قال امرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بسبع. ونهانا عن سبع امرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وابرار القسم او المقسم ونصر المظلوم. واجابة الداعي وافشاء السلام ونهانا عن خواتم او عن التختم بالذهب. وعن الشرب بالفضة وعن اثري وعن القسي. وعن لبس الحرير والاستبرق والديباج. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث البراء امرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بسبع ونهانا عن سبع ليست هذه كل اوامره ونواهيه. ولكنها من جملتها وبعض منها وكل اوامره ونواهيه تدل على حسن بشريعته. وانه بعث لتتميم محاسن الاخلاق. ويحتمل انه مع هذه الاوامر والنواهي في خطبة واحدة. او في خطب متعددة. ولكن حفظها البراء وذكرها جميعا. وكل هذه الاوامر التي ذكرها في حق المسلمين بعضهم على بعض. وبعض المناهي التي ذكر تتعلق باللباس فقال امرنا بعيادة المريض. وقد حث الشارع عليها في عدة مواقف وفيها مصالح كثيرة. وهي سنة مؤكدة لعموم المسلمين وقد تجب اذا كان تركها يعد عقوقا او قطيعة. كعيادة الوالدين والصاحب بالقريب فكلما زاد الاتصال والقرب زاد التأكد. ويسن ان يغب بها اي يوما بعد يوم او يومين او ثلاثة. بحسب حال المريض هذا ان لم يكن المريض يحب الاكثار منها. وان كان كذلك يتبع رغبة ولو عاده كل يوم. والثاني اتباع الجنازة. اي للصلاة على ودفنها. وتقدم الحث على ذلك. وان من صلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. وقد عدوا تجهيز الميت والصلاة مات عليه وحمله ودفنه فرض كفاية. ان قام به من يكفي سقط عن الباقين والا اثم كل من علم بحاله وقدر على ذلك. الثالث قال تشميت العاطس. اي اذا حمد فيقال يرحمك الله والتشميت بمعنى التسميت ووجه المناسبة في الحمد ان الانسان اذا خرج منه البخار الذي لو احتبس في جسمه لاضره. ففي خروجه نعمة يجب الحمد عليها. وايضا فانه يتزلزل البدن عند ذلك. فاذا فرغت ومن عطاسه وسلم الله اعضاءه من الاختلاف بسبب هذه الزلزلة كان ذلك نعمة من الله. يجب الحمد عليها. فاذا حمد وقام بهذا الواجب كان حقا على كل من سمعه ان يدعو له بالرحمة. كما رحمه بالتوفيق لشكر هذه النعمة. فيدعو الله ان يرحمه بالقيام بغيرها فما احسن استحضار مثل هذه النعم والقيام بشكرها. وحد التشميت الى ثلاث تشميتات. فاذا عطس بعد ذلك سن الدعاء له بالعافية. لان ان كثرته تدل على المرض. كما ان المعتاد منه يدل على الصحة. واختلفوا التشميت فرض عين او كفاية. المذهب انه فرض كفاية. والصحيح الرواية الآية الثانية انه فرض عين على كل من سمعه يحمد. بدليل الحديث فان لم يحمد وعلم تعمده ترك الحمد لم يشمت. وان ظن انه ناس او مجاهل ذكر وعلم. والرابع قال وابرار القسم او المقسم اي اذا اقسم عليك اخوك شرع ان تبر قسمه ولا تحنثه لانه انما اقسم عليك لاكرامك. واما لحسن ظنه بك ووثوقه بك ويجب ابرار قسم من يجب بره. اذا كان على غير معصية وعند الشيخ يجب على المسلم ابرار قسم المسلم. اذا لم يكن عليه في ذلك مضرة الخامس قال ونصر المظلوم. اي يجب على كل مسلم رأى مسلما يظلم لم ان ينصره بقدر استطاعته. والسادس قال واجابة الداعي اي اذا دعاك لوليمة شرعت لك الاجابة. ان لم يكن عليك ضرر واجابة الدعوة مستحبة. الا الدعوة لوليمة العرس فتجب الاجابة اليها. ما ما لم يكن فيها منكر لا يقدر على ازالته. والسابع قال وافشاء السلام. اي اظهاره واعلانه. فلا تخص به احدا دون احد فتسلم على من عرفت ومن لم تعرف. وقد ورد الحث على ذلك. قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا. افلا انبئكم بشيء اذا تحاببتم افشوا السلام بينكم. او كما قال. فاذا كان الانسان يسلم على كل احد ويبش به. وكان الداعي الى ذلك الايمان. تأثر عن ذلك المحبة. واما اذا كان سلامه وبشاشته تملقا في وجهه فقط فاذا غاب اغتابه وسبه فهذا هو ذو الوجهين. وهذا من اسباب العدل والبغضاء. فهذه سبع امر بها. ثم ذكر التي نهى عنها فقال ونهانا عن خواتم او اتختم بالذهب. وهذا للرجال كما يأتي في حديث ابن عمر الثاني قال وعن الشرب بالفضة. وهذا عام للرجال والنساء كما تقدم. واذا كان اتخاذها للشرب لا يجوز فوز مع الحاجة الى الشرب. فكيف باستعمالها لغير الشرب كالمبخرة والميل والدواة ونحوها. والذهب اولى بالنهي. وهذا في غير السلاح واما في السلاح فتقدم انه اوسع من غيره. الثالث قال وعن المياثر اي مياثر الارجوان. كما في بعض الروايات. وهي ما يجعل فوق الرحل احمر كالجاعة. يغطى به الرحل. ونهى عنه لحمرته وشهرته الرابع قال وعن القسي بوزن شقي وصبي. نسبة الى فقسى قرية بمصر. وهي ثياب مقلمة. قلب من حرير وقلم من غير هذا اصح ما قيل في تفسيرها. وفيه النهي عن الثوب المقلم بالحريق اذا تساوى الحرير وغيره. وهذا هو الصحيح. وان كان المشهور من المذهب اباحته. ولكن لا معارض لهذا الحديث. الخامس قال وعن لبس الحرير والسادس قال والاستبرق. السابع قال والديباج. وهذه كلها من انواع الحرير. فالاستبرق هو الرقيق الذي له بريق ولمعان. والديباج هو ما غلظ من الحرير. فيحرم على الرجال لبسه بجميع انواعه. ويأتي ما يباح منه في حديث عمر رضي الله عنه التسعون والثلاثمائة. الحديث الرابع. عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصطنع خاتما من ذهب فكان يجعل فصه في باطن كفه اذا لبسه. فصنع الناس مثل ذلك. ثم انه جلس على المنبر فنزعه فقال اني كنت البس هذا الخاتم واجعل فصه من داخل. فرمى به ثم قال والله الى البسه ابدا. فنبذ الناس خواتيمهم. وفي لفظ جعله في يده اليمنى رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في بتعليقاته وقوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصطنع خاتما من ذهب. فكان يجعل فصه في باطن فيه اذا لبسه. اي مما يلي راحته. وقوله فصنع الناس مثله اي لحرصهم على الاقتداء به في جميع احواله. وقوله ثم انه جلس على المنبر فنزعه فقال اني كنت البس هذا الخاتم واجعل فصه من اخي فرمى به ثم قال والله لا البسه ابدا. فنبذ الناس وخواتيمهم. يجوز اتخاذ الخاتم من الفضة. وسائر المعادن غير الذهب فيحرم على الرجل خاتم الذهب. وهذا الحديث صريح في النهي عنه. وكان بالاول مباحا. وقوله لا البسه ابدا. فيه تحريم لبسه اكيد ذلك بالقسم. وفيه ان هذا حكم مستقر لا ينسخ وفيه فضل الصحابة رضي الله عنهم. وانهم كانوا يقتدون بالنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اقوالهم وافعالهم. وفيه استحباب جعله في اليمنى كما في الرواية الاخرى. وجعله في يده اليمنى. وقال فبعضهم يستحب جعله في اليسرى. وقد ورد في ذلك حديث. وفيه انه يجب على من امر بشيء ان يكون اول فاعل له. ومن نهى عن شيء فينبغي ان يكون اول تارك له. كما هو هدي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الحادي والتسعون والثلاثمائة. الحديث الخامس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. نهى عن لبس الحرير الا هكذا. ورفع لنا رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصبعيه السبابة والوسطى مسلم نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن لبس الحرير الا موضع اصبعين او ثلاث او اربع. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن لبس الحرير الا هكذا. ورفع لنا اصبعيه السبابة والوسطى. اي الا موضع اصبعين. وفي رواية مسلم الا موضع اصبعين او ثلاث او اربع والزيادة من الثقة مقبولة. اي يحرم لبس الحرير على الرجل الا اربعة اصابع فما دون. وهذا اذا كان تابعا لغيره. كالسيجاف ونحوه واما اذا كان مستقلا فيحرم القليل والكثير. حتى بيت الساعة ونحوه واذا كان سيجافا ونحوه فالطريق الى حله واباحته ان يقص ما زال على الاربعة الاصابع. او يخاط عليه خرقة ونحوها. فلا تظهر منه الا قدر اربعة فما دون. وتقدم انه يحرم المقلم بالحرير اذا تساوى الحرير وغيره. ويباح ستر الكعبة شرفها الله بالحرير. ولم يزل عمل المسلمين على هذا. واول من كساها حرير الاخضر قيل انه عبدالملك بن مروان. ثم لم تزل تكسى الحرير الى يومنا هذا هذا وكانت قبل عبد الملك احيانا تكسى من الحرير واحيانا من غيره فهذا المباح استعماله من الحرير. اربع اصابع فما دون اذا كان تابعا وكسوة الكعبة المشرفة وكيس المصحف. واذا كان لحاجة وجرب ونحوهما. وفي الحرب يباح لبسه. لان فيه اغاظة لاعداء الله. ولهذا ابيح التبختر في ذلك الموضع لاغاظتهم واذا كان الثوب مقلما اقلاما قليلة. وما عدا ذلك فيحرم على الرجل ويباح للنساء لبس الحرير. لحاجتهن الى التزين للزوج عليهن استعمال الفرش منه. ومثله استعمالهن ستور الهودج والمحامل ونحوها ومن الحرير فهذا يحرم كما تقدم. ويحرم لبس الثوب الذي فيه صور وكذا اتخاذه سترا ونحوه. فلا يباح المصور الا ان يجعل فراشا يداس بالارض. واذا كان الثوب محرما لم تصح الصلاة فيه ولو كان عليه غيره. لان التحريم يعود على شرط العبادة ولا يتعين غير المحرم ساترا. فلو كان عليه خمسة اثواب مثلا احدها حرم اما لان فيه حريرا او صورة او لكونه مغصوبا ونحو ذلك فصلى في الخمسة كلها لم تصح صلاته. لان انه لم يتعين الساتر منها. ولان التحريم اذا عاد على نفس العبادة او على لا شرط من شروطها بطلت. كتاب الجهاد. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله كتاب الجهاد. هو قتال الكفار. وقيل قيل هو القتال مطلقا. فيعم قتال الكفار والبغاة وقطاع الطريق ونحوهم وحكم القتال انه فرض كفاية مع الاقتدار بالاقتدار اولى من اطلاقه. ولهذا لما تكلم شيخ الاسلام في الصارم المسلوب على الايات التي نزلت في مكة التي فيها الامر بالكف عن القتال لضعف المسلمين وعدم لياقتهم للقتال. وذكر القول بان هذه الايات قد نصحت باية السيف حيث امر الله بقتال المشركين كافة. قال الشيخ رحمه الله والصحيح انها ليست منسوخة. وان الحكم يدور مع علته فمتى كان بالمسلمين قدرة على القتال كان القتال فرض كفاية. واذا ما كان المسلمون في وقت من الاوقات لا يقتدرون على مقاومة الكفار وقتالهم ولو قدر انهم اعلنوا الحرب لحصل عليهم وعلى الاسلام ضرر لضعفهم وعدم اقتدارهم ففي هذه الحال يجب على المسلمين الكف عن القتال. ومسالمة الكفار كما فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اول الامر ولان القتال انما شرع لمصلحة الاسلام والمسلمين. فاذا كان لا يعود بمصلحة. بل ربما عاد بالضرر فالاولى تركه. ويكون الجهاد فرض عين في ثلاث حالات. احداها اذا استنفره الامام. فمتى استنفرن ناس وجب عليهم النفير. ولا يجوز لاحد التخلف الا لعذر كمرض وعمى ونحوه الثانية اذا حضر صف القتال تعين عليه ثالثة اذا كان القتال دفاعا. مثل اذا حصر الكفار بلاد المسلمين وتكالبوا عليهم فيجب على كل قادر القتال والدفع. الثاني والتسعون والثلاثمائة الحديث الاول عن عبدالله بن ابي اوفى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في التي لقي فيها العدو انتظر حتى اذا مالت الشمس قام فيهم فقال يا ايها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية. فاذا لقيتموهم فاصبروا. واعلموا ان الجنة تحت ظلال السيوف. ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اللهم منزل الكتاب ومجري وهازم الاحزاب. اهزمهم وانصرنا عليهم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عبدالله ابن ابي اوفى ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في ايامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى اذا مالت الشمس. وكانت هذه عادته عليه الصلاة والسلام سلام اذا ادرك الصباح صبحهم. فاذا لم يتمكن منه لم يقاتل في النهار. بل ينتظر حتى تهب الرياح. وتحضر اوقات الصلاة ودعوة المسلمين لانه انشط واقرب لحصول النصر. ثم قام فيهم فقال يا ايها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية. فيه التحذير من تمني لقاء العدو فان الانسان لا يعلم هل يستمر على قدرته ونشاطه او لا ولو ان معه من الرغبة ما معه. فانه لا يدري ما يحصل له بعد ذلك لان القلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء. فما دام الانسان في سعة فينبغي بان يسأل الله العافية. فانه ما اعطي احد اوسع وافضل من العافية فهذه وظيفة العبد قبل لقاء العدو. ثم قال فاذا لقيتموهم فاصبر اي ان وظيفتكم الصبر والقيام بما امرتم به. ثم السبب الداعي الى الصبر فقال واعلموا ان الجنة تحت ظلال السيوف. اي ان جهاد من اعظم الاسباب لدخول الجنة. سواء قتل ام قتل. ثم دعا ربه واستنصره فقال اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب لازم الاحزاب اي الذين يتحزبون على رسولك اهزمهم وانصرنا عليهم يهزمهم وانصر حزبك على حربك. ففي هذا الحديث حسن سيرته عليه السلام وقوة رأيه وشجاعته. فقد جمع في هذا من الاسباب التي يحصل بها النصر عدة امور منها تأخير القتال عن وسط النهار. ومنها تعليمه لاصحابه ونصحه لهم والا يتكلوا على قوتهم وان يصبروا عند اللقاء منها ترغيبهم بان الجنة تحت ظلال السيوف. فيوجب ذلك ان يقدموا على القتال ومنها بذل الاسباب الفعلية والقولية. ثم طلب النصر من الله. ومنها التوسل اليه بنعمه فقال اللهم منزل الكتاب الى اخره. فانزال الكتاب لصلاح الدين والحياة الدينية. وقوله مجري السحاب وهذا للحياة الدنيوية وهازم الاحزاب وهذا فيه حياة والدنيا. فهذا توسل بنعم تعالى الدينية والدنيوية. على نصرهم على اعدائه واعدائهم الثالث والتسعون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن سهل بن سعد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها. وموضع سوط احدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله او الغدوة. خير من الدنيا وما عليها رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث سهل ابن سعد رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها الرباط هو لزوم الثغر. اي الحدود التي بين المسلمين والكافرين لاجل القتال ولان لا يهجم الكفار على المسلمين. وهو من افضل القربات. بل الاقامة فيه افضل من الاقامة في مكة. لما يترتب عليه من مصالح المسلمين ونفع الاسلام وفي هذا الحديث ان الاقامة فيه يوما واحدا خير من الدنيا وما عليها فما ظنك بالاقامة فيه اكثر من ذلك. وقوله وموضع صوت احدكم في خير من الدنيا وما عليها. اي موضع العصا في الجنة. لو قدر ان هذا المقدار من الجنة. ولاخر الدنيا وما عليها كان من له موضع سوط في الجنة اعلى وافضل. لانه لا مساواة بين الكامل والناقص رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عمر كانت اموال بني النظير الى اخره. بنو النظير احدى الطوائف الثلاث من اليهود الذين سكنوا المدينة لا مفاضلة بينما يحصل بحصوله رضا الله والفوز العظيم. وبين غيره. ولا اثبت بين الدائم الباقي وبين المنقطع الفاني. ولهذا قال بعض السلف لو كان كانت الدنيا ذهبا فانيا. والاخرة خزفا باقيا. لكان جديرا بالعاقل ان يرغب حزف الباقي ويختاره على الذهب الفاني. فكيف والدنيا هي الخزف الفاني الاخرة هي الذهب الباقي. وهذا التفضيل بين موضع السوط والدنيا من اوله فيها الى اخرها على وجه الفرض والتقدير. فكيف وليس للانسان منها الا مدة عمره ثم اذا نظرت اليه وجدته لم يحصل له الا اقل القليل من عمره واكثروه يذهب في صغر وكبر. ومصائب ولهوات وغيرها. فما يصفى له الا القليل. وقوله والروحة يروحها العبد في سبيل الله. الرواح هو السير اخر النهار اي من الزوال الى اخره. او الغدوة وهو السير اول النهار خير من الدنيا وما عليها. لان الوسائل لها احكام المقاصد. فمن راح او غدا الجهاد كان اجره اجر المجاهد. فبعض اليوم خير من الدنيا وما عليها. فما ظنك باليوم فاكثر. الرابع والتسعون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال انتدب الله ولمسلم تضمن الله لمن خرج في في سبيله لا يخرجه الا الجهاد في سبيلي. وايمان بي وتصديق برسولي فهو علي ضامن ان ادخله الجنة. او ارجعه الى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من اجر او غنيمة. ولمسلم مثل المجاهدين في سبيله لله والله اعلم بمن يجاهد في سبيله. كمثل الصائم القائم. وتوكل الله للمجاهد في سبيله ان توفاه ان يدخله الجنة. او يرجعه سالما معه اجر او غنيمة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في قوله في حديث ابي هريرة انتدب الله وفي اللفظ الاخر ضمن الله وفي اللفظ الاخر توكل الله. كل هذه الفاظ متقاربة ومعناها واحد. وهو حصول الثواب الذي ذكر لمن قام بهذه الوظيفة. وهي قوله انتدب الله لمن خرج في سبيله. اي للجهاد. ولهذا قال لا يخرجه الا الجهاد في سبيلي. وايمان بي وتصديق برسولي. اي انه مخلص في جهاده لم يقصد فيه الا رضا الله والدار الاخرة. فهو علي ضامن اي ان الله ضمن له والتزم ان يدخله الجنة. اي ان استشهد. او يرجعه الى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من اجر او غنيمة. ومثله اللفظ الاخر وتوكل الله للمجاهد في سبيله ان ان يدخله الجنة. او وجعه سالما مع اجر او غنيمة. اي انه اذا كان مخلصا في نيته لم يعدني الخير فان توفي دخل الجنة وان رجع وقد غنم رجع باجر وغنيمة فحصل له الخير في الدنيا والاخرة. وان لم يدرك الغنيمة فقد حصل الثواب وفاز بالاجر العظيم. فهو غانم في جميع حالاته. وقوله في اللفظ الاخر اخر مثل المجاهد في سبيلي ولما كان المجاهدون يختلفون في نياتهم قبل قال والله اعلم بمن يجاهد في سبيله. اي ان الله يعلم اسرار العباد فان قيل من هو المجاهد في سبيله؟ قيل قد فسره رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما سئل عن الرجل يقاتل حمية وعن الرجل يقاتل شجاعة. اي ذلك في سبيل الله؟ فقال من جاهد كلمة الله هي العليا. فهو في سبيل الله. اي من قصده نصر الدين وهذا هو المخلص. وقوله كمثل الصائم القائم اي كما ان الذي يصوم النهار ويقوم الليل يمضي جميع زمنه وهو في عبادة. فكذا ذلك المجاهد يكون كل وقته مشغولا بعبادة من افضل العبادات. فنومه يقظته عبادة ما دام متلبسا بالجهاد. الخامس والتسعون والثلاثة الحديث الرابع عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما من مكلوم يكلم في سبيل الله الا جاء يوم القيامة وكلمه يدما. اللون لون الدم والريح ريح المسك رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في وقوله في حديث ابي هريرة ما من مكلوم اي مجروح. يكلم ان يجرح في سبيل الله الا جاء يوم القيامة وكلمه اي جرحه. يدمى اللون لون الدم. والريح ريح المسك. وفي بعض الروايات والله اعلم بما من يكلم في سبيله. اي كما تقدم في قوله والله اعلم بمن يجاهد في سبيله وهذا سواء مات من ذلك الجرح او برئ منه. لان الحديث عام وفيه ان فضل المجاهد يظهره الله تعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة الصديقين كما قال تعالى ومن يطع الله والرسول فاولئك وحسن اولئك رفيقا. السادس والتسعون والثلاثمائة. الحديث الخامس. عن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم غدوة في سبيل الله او روحه خير مما طلعت عليه الشمس وغربت. رواه مسلم. السابع والثلاثمائة. الحديث السادس. عن انس بن مالك رضي الله عنه انه قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم غدوة في سبيل الله او روحة خير من الدنيا وما فيها. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابي ايوب الانصاري غدوة في لله او روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت. ومثله حديث انس غدوة في سبيل الله او روحة خير من الدنيا وما فيها. ففيهما فضل المجاهدين وانهم يؤجرون على ذهابهم وايابهم. بل وفي جميع احوالهم. كما قال تعالى في شأن المجاهدين ذلك بانهم ولا نصبوا ولا في سبيل الله. في ولا ينالون من عدو الا كتب له ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا. ولا لا يقطعون واديا الا كتب لهم ليجزيهم الله احسن ما كانوا يعملون. ففيه ان لهم الاجر في جميع احوالهم. وفي في الحديثين ان الغدوة وهي الذهاب من اول النهار. والروحة وهي الذهاب من اخر كما تقدم انها خير من الدنيا وما فيها. فما فوق ذلك اعظم وافضل تنبيه هذا الفضل في الجهاد لان فيه نصرة الدين واظهاره وينبغي ان يعلم ان طلب العلم افضل منه. خصوصا في هذه الازمنة التي قل فيها علماء واقبل الناس فيها على الدنيا. فالسعي في طلب العلم قد ذكر العلماء انه افضل من كثير من العبادات بل من اكثرها. وذلك في مدة زهرته وكثرته العلماء ووفور ذلك في تلك الازمنة. فكيف في هذه الازمنة التي لم يبقى فيها من العلم الا شيء قليل. فقد كادت اعلامه ان تندرس فلا شك ان طلب العلم افضل من الجهاد. لانه به صلاح العالم. ومن اقبل على طلبه وتحصيله والبحث عن مسائله. فقد قام بامر عظيم وعبادة لا شك انها اليوم افضل من الجهاد. ومن الصلاة ومن الصيام والحج. ومن سائر العبادات على الاطلاق. فهو ان بحث فهو في عبادة. وان درس العلم او سافر لطلبه او ذهب لمجلسه او فكر في المسائل فهو في عبادة. فوقت المتعلم كله عبادة والله اعلم. الثامن والتسعون والثلاثمائة. الحديث السابع عن ابي قتادة الانصاري رضي الله عنه انه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى حنين. وذكر قصة فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه. قالها رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي قتادة خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم الى حنين. اي بعد فتح مكة سنة ثمان من الهجرة. وذكر قصة اي في تلك الغزوة. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه. اي ثيابه وسلاحه الذي عليه ودابته التي قتل عليها. والسلب خاص بالقاتل لا يخمس وهذا من الترغيب في القتال. فان الغنيمة تقسم اخماسا بعد نزع الاشياء المختصة سلبي ونحوه. فاربعة اخماسها تقسم بين الغانمين. وخمس يقسم اخماس لمن ذكر الله في قوله وللرسول. وللرسول واليتامى والمساكين وبني السبيل. الاية وقوله له عليه بينة اي انه لا يصدق بمجرد دعواه. بل بشاهدين او شاهد ويمين. كما تقدم من قوله عليه السلام لو يعطى الناس بدعواهم الى اخره. فهذه دعوة لابد فيها من بينة قوله قالها ثلاثا. اي لاجل التأكيد. التاسع والتسعون والثلاثمائة الحديث الثامن عن سلمة بن الاكوع رضي الله عنه انه قال اتى النبي وصلى الله عليه وعلى اله وسلم عين من المشركين وهو في سفر. فجلس عند يتحدث ثم انفتل. فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اطلبوه واقتلوه. فقتلته فنفلني سلبه. وفي رواية فقال من قتل الرجل فقالوا ابن الاكوع. فقال له سلبه اجمع رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث سلمة بن الاكوع اتى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عين جاسوس من المشركين. وسمي عينا لانه ينظر احوال المسلمين ويخبر المشركين بذلك. وهو في سفر فجلس يتحدث عند اصحابه. اي انه اناخ بعيره فلم يعلم الصحابة حقيقة خبره. وانما ظنوه عابر سبيل. ثم انفتل اي ذهب الى بعير فاطلق عقاله. ثم ركب وذهب يشعبه. فعلم ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قرينة احواله وخفته انه جاسوس فقال اطلبوه واقتلوه. قال سلمة فقتلته. اي انه لحقه وقتله وكان رضي الله عنه شديد العدو. فانه لحقه راجلا. فكان يعد من العدائين وقصته مشهورة في طلبه سرع المدينة لما نهب. فانه افتكه وغنم منه وجمع الغنيمة قبل ان تلحقه صراع الخيل. فكان يجاري الخيل في عدوه وقوله فنفلني سلبه. اي انه اعطاه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سلامة. والنفل الزيادة. ومنه صلاة النافلة. لانها زائدة عن فرض وتقدم ان ثياب المقتول وسلاحه الذي معه. ودابته التي عليها. وفي رواية من قتل الرجل فقالوا ابن الاكوع. فقال له سلبوه اجمع. وهذا من السجع المحمود. فان السجع يذم اذا كان متكلفا فيه او كان لا يفي المعنى. اي انه لو اتي بكلام غيره لكان اجمع منه للمعنى واما اذا كان غير مخل بالمعنى بل اتى بالمعنى الكامل ولم يتكلف فهذا ليس بمذموم. كما يقع مصادفة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي من غير قصد للتعنت. وكما هي عادة الفصحاء من المتكلمين. فهذا متكلف فيه. وقد وفى بالمقصود. فانه ربما فهم من قوله له ان المراد بعض السلب. فلما اكده بقوله اجمع علم ان المراد جميع الاربعمائة الحديث التاسع عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سرية الى نجد فخرجت فيها فاصبنا ابلا وغنما. فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعيرا بعيرا رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعث سرير الى نجد الى اخره. السرية ما دون الجيش. ويرجع في قدرها الى العرف وقد ورد خير السرايا اربعمائة. وخير الجيوش اربعة الاف فالسرية التي تبلغ اربعمئة تعد كثيرة. والسرايا على قسمين قسم تقتطع من الجيش. وقسم تخرج من البلد وحدها. وليست تابعة للجيش فهذه مستقلة لها ما غنمت. واما التي تقتطع من الجيش فهي تابعة للجيش تشاركه فيما غنم. ويشاركها فيما غنمت. وللامام ان ينفلهم في في بداية الربع بعد الخمس. وفي الرجعة الثلث بعده. اي اذا بعث السرية قدام الجيش وكان الجيش تابعا لاثرهم. له ان يجعل لهم الربع. واذا رجعوا واراد ان نبعث منهم سرية فله ان يجعل لهم الثلث. لانهم في هذا اخطر. هذا المذهب والقول الاخر ان للامام ان يجعل لهم ما شاء تبعا للمصلحة. ولو رأى ان يجعل لهم جميع ما يغنمون فله ذلك. كما فعل عمر رضي الله عنه فانه جعل الغزاة بقدر بلاءهم ومنفعتهم. وقوله فبلغت سهماننا اثني عشر شر بعيرا. اي ان هذه التي اصابت كل واحد بعد القسمة. ونفلنا زاد كل واحد بعيرا. الواحد والاربعمائة الحديث العاشر عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال اذا جمع الله الاولين والاخرين يرفع لكل غادر لواء. فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان. رواه اهو البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله وفي حديث ابن عمر اذا جمع الله الاولين. اي اذا كان يوم القيامة واجتمع الخلق كلهم في صعيد واحد. يرفع لكل غادر اي خائن. لواء اي بقدر غدر ان كانت كبيرة كان كبيرا. وان كانت صغيرة كان صغيرا اي ان هذا اللواء يركز على دبره ليعلم ذلك الخلق كلهم. وايضا فلا يكفي في هذا الخزي والعياذ بالله. بل انه يشهر امره. فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان. ففي هذا ذم الغدر وهذا عام. فيحرم غدر المسلم والكافر فالكافر الذي يحل دمه وماله اذا عوهد وجب الوفاء له. فان خيف منه الغدر رد عليه عهده بسبب ذلك. واخبر انه ليس له عهد. ولهذا قال تعالى اي اخبرهم بحالهم. وان ليس لهم عهد لتكونوا انتم وهم عالمين ان ليس بينكم عهد. هذا اذا منهم نكث العهد. واما اذا تحقق نكثهم ووقع منهم فعل فلا يخبرون بذلك بل يقاتلون كما فعل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مع كفار اهل اهل مكة لما تحقق انهم نكثوا العهد فانه قاتلهم ولم يخبرهم الغدر من صفات المنافقين. فينبغي للعاقل ان ينزه نفسه عن هذه الصفة الثاني والاربعمائة. الحديث الحادي عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما ان امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم مقتولا فانكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قتلى النساء والصبيان. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عمر ان امرأة وجدت في بعض موازي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي ولم يكن عادتهم قتل النساء. وقوله فانكر النبي صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم قتل النساء والصبيان. اي حرم ذلك. وذلك انه لا يجوز قتل الكفار الذين ليس بهم قوة على القتال. كالنساء والصبيان والشيخ الفاني بشرط انهم لا يقاتلون ولا يعينون على القتال برأي او تشجيع ونحوه واما اذا كان فيهم اعانة على القتال فانهم يقتلون. ولهذا قتل الصحابة دريد بن الصمة يوم حنين. وكان شيخا فانيا اعمى. ولكن يعين برأيه. وكذلك يجوز قتلهم على وجه التبع. فانه يجوز تبييت كفار ورميهم بالمنجنيق والمدفع ونحوه. ولو افضى ذلك الى قتله النساء والصبيان ونحوهم. فلا تفوت هذه المصلحة للمسلمين. ولو ادى ذلك الى قتل من ذكر وسبب تحريم قتل هؤلاء عدم عدوانهم على المسلمين. وقد اختلف العلماء في الحكمة في قتال الكفار. هل هو لاجل كفرهم؟ او انه لدفع شرهم عدوانهم على المسلمين. وذلك بعد اتفاقهم على عدم قتال من كف شره عن المسلمين والصحيح الذي دل عليه الكتاب والسنة ان قتالهم لدفع شرهم وعدوانهم لانه لا يجوز قتل من كف شره عن المسلمين ولم يقاتلهم. كالنساء والصب ونحوهم. وكذلك لا يجوز قتال من بذل الجزية ممن تؤخذ منه. وهو اليهود والنصارى والمجوس فقط. على المشهور من المذهب. والرواية الثانية انها تؤخذ من جميع الكفار. سواء كانوا كتابيين ام وثنيين. وهذا ها هو الصحيح فمن بذلها وكف عن قتال المسلمين وجب قبولها منه والكف عنه الثالث والاربع مئة. الحديث الثاني عشر. عن انس بن ما لك رضي الله عنه ان عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شكيا القمل الى رسول الله صلى ان الله عليه وعلى اله وسلم في غزاة لهما. فرخص لهما في قميص فرأيته عليهما. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته وقوله في حديث انس ان عبدالرحمن بن عوف والزبير خير ابن العوام وهما من العشرة المبشرين بالجنة. شكيا القمل الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في غزاة لهما. اي وهما في غزوة فطلب منه الدواء لذلك. فرخص لهما في قميص الحرير. اي يلبسان الحرير لي ان فيه خاصية لازالة القمل ونحوه. كالحكة والجرب. وقوله فرأيته عليهما اي انهما قبل الرخصة ولبساه. ففيه اباحة الحرير في الحاجة كالقمل والحكة والجرب. سواء في الحضر او السفر. وابيح للحاجة لان تحريمه من باب تحريم الوسائل. وهذا الباب قد يباح للحاجة. بخلاف ما حرم تحريم المقاصد. فلا يباح الا للضرورة. لانه اغلظ. وتحريم التحرير وسيلة الى الكبر. ولهذا لما كان تحريم ربا الفضل من باب تحريم الوسائل روح رخص بفعل ما تدعو اليه الحاجة منه. كالعرايا ونحوها. ولم يرخص بشيء من ربا النسيئة. لانه من تحريم المقاصد. ولعل مناسبة ذكر هذا الحديث في هذا الباب التنبيه على جواز لبس الحرير في حالة الحرب. لانه تكبر على اعداء الله وتعزز عليهم. ولهذا ابيح التبختر في تلك الحالة الكفار الرابع والاربعمائة. الحديث الثالث عشر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال كانت اموال بني النضير مما افاء الله على رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مما لم يوجف المسلمون عليه بخير ولا ركاب. وكانت لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خالصا. فكان رسول الله الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعزل نفقة اهله سنة. ثم ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل وقصة اجلائهم مشهورة. وقد نزلت فيهم سورة الحشر وسبب اجلائهم انهم خانوا الله ورسوله. فانه لما قتل عمرو بن امية الضمأ رجلين منهم ولم يعلم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد امنهم فخرج اليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يستعينهم في دية الرجلين على عادة العرب في اعانة بعضهم لبعض ولما طلب منهم الاعانة وعدوه انهم سيعينونه وجلس في سوق من اسواقهم لانتظار اعانتهم. فهموا به وقالوا ان هذه فرصة متى تحصل لكم. فاتفقوا على ان يرموا عليه رحى من السطح فيقتلوه بها. فنزل جبريل بالوحي من السماء واخبر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بما هموا به. ثم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم دخل الى المدينة وحصرهم وكانت منازلهم قريبا من المدينة بينها وبين قباء فاتفقوا بعد ذلك على ان يحملوا على ابلهم ما تقدر على حمله ويجلوا الى خيبر. ويتركوا لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فما لا يقدرون على حمله. كالمنازل والبساتين ونحوها. فكان كانت هذه غنيمة خالصة لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لانها مما لم يوجف المسلمون عليه بخير ولا ركاب اي انها لم الى غزو وشد رحل. وكان الرسول صحابة قبل اخذ اموال بني النظير. في حاجة شديدة فتوسعوا باموالهم ثم لم يزل الله تعالى ينعم عليهم بالفتوحات العظيمة. حتى كان الدين كله لله. وذل لهم جميع الامم. وقول وكانت لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خالصا لانها لم تقسم. وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ايعزل لاهله نفقة سنتهم. اي قوتهم سنة. ويجعل ما بقي اي الفضل في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل في ان جميع الاموال التي تدخل على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يكن مقصوده بها التمول والتكثر. بل ان يأخذ منها حاجته. وما يبقى بعد حاجته يجعله معونة على الجهاد وهذه الحالة المحمودة ان يستعان بالدنيا على الدين ولا تجعل الدنيا مقصودة لذاتها. فالاموال التي تؤخذ من الكفار بحق على قسمين. قسم يؤخذ بالغزو والقتال. وهذا اخرج منه الخمس. وتقسم اربعة الاخماس بين الغانمين. وذلك بعد اخراج من نوائب كالسلب والنفر ونحو ذلك. والخمس يخرج منه خمس لله ورسوله ومصرفه مصرف الفيء. واربعة اخماس الخمس لذي القربى اي قرابة الرسول وهم بنو هاشم وبنو المطلب واليتامى والمساكين وابن السبيل. اي انه يصرف لاربع هذه الجهات لا تخرج عنهم كالزكاة تصرف للاصناف الثمانية لا تخرج عنهم لا يلزم قسمها بينهم. هذا هو الصحيح في المسألتين. وقيل انه يجب قسمها بين كما انه قيل يجب قسم الزكاة بين ثمانية الاصناف. القسم والثاني مما يؤخذ من الكفار بحق. الجزية وما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب. كالذي يجلون عنه خوفا من المسلمين. والخراج وهو الذي يؤخذ من الارض الخراجية. وهي التي وقف عمر وضرب عليها خراجا يؤخذ ممن هي بيده كارض مصر والعراق وخمس الخمس. فهذه فيء يجب على الامام ان يصرفها في مصالح المسلمين العامة. ويبدأ بالاهم فالاهم الخامس والاربعمائة. الحديث الرابع عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال اجرى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ضمر من الخيل من الحفياء الى ثنية الوداع اجرى ما لم يضمر من الثنية الى مسجد بني زريق. قال ابن عمر وكنت فيمن اجرى. قال سفيان من الحفياء الى ثنية الوداع خمسة اميال او ستة. ومن ثنية الوداع الى مسجد بني زريق النيل واه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر اجرى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما ضم من الخيل من الحفياء. موضع غربي المدينة. الى ثنية الوداع وهي ثنية مستطيلة من الشمال الى الجنوب. سميت بذلك لانه يرجع من عندها من خرج من المدينة يودع المسافرين جرى ما لم يضمر من الثنية الى مسجد بني زريق. وهو معروف. ومحل بني زريق الان باقية اثارها. قال ابن عمر وكنت فيمن اجرى. اي انه كان مع من اجرى في المسابقة. قال سفيان وكان من الحفياء الى ثنية الوداع خمسة اميال او ستة. الميل العربي نصف ساعة باعتبار سير الاحمال ودبيب الاقدام. وفي هذا مشروع الاستعداد بكل ما يعين على القتال. وهذه عادة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهديه. كما امر الله بذلك في قوله واعنوا لهم ما استطعتم من قوة. اي ما تقدرون عليه مما يعين على القتال. ثم ذكر قسما من اكبر المعينات على الجهاد فقط قال ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدو وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الا ان القوة الرمي الا ان القوة الرمي. اي انه من اعظم المقويات في الحرب. فهذان النوعان اكبر ما يستعان به على القتال. وهما الرمي والخيل. وتعلمها عبادة من اكبر العبادات ولهذا رغب الشارع في تعلمها وحث عليها. حتى انه اباح اخذ العوض في المسابقة بها كما ورد. لا سبق الا في نصل او خف او حافر السبق بفتح الباء. العوض المأخوذ في المسابقة. اي لا يجوز اخذ العوض في مسابقة الا في مسابقة السهام والابل والخيل. وقد اجمع العلماء على حل اخذ العوض في هذه الثلاثة. ولو كان هذا من اللهو. وهو داخل في القمار. لانه من انواع المغالبات. ولكنه ابيح لانه لهو في طاعة الله تعالى. وابيح اخذ العوض ولو كان داخلا في القمار لان مصلحته غمرت مفسدته. وهكذا قاعدة الشرع. فانه يحل ما هو مصلحة خالصة او راجحة. ويحرم ما هو مفسدة خالصة او راجحة وقد حرم الشارع جميع انواع المغالبات لما فيها من ضرر ورخص في هذه الثلاث لرجحان مصلحتها. وهل المحلل في ذلك ام لا؟ فيه خلاف. الصحيح انه لا يشترط ومن اشترط ذلك قال لاجل ان يخرجه عن مسمى القمار. وهو لا يخرجه ولكن كما تقدم انه قمار مباح. لما فيه من المصالح وايضا فالحديث الذي استدلوا به على اشتراط المحلل ليس فيه دلالة على ذلك ومذهب الجمهور انه لا يحل اخذ العوض الا في هذه الثلاثة وقال شيخ الاسلام رحمه الله يحل اخذ العوض في المراهنة على مسائل العلم. اي مثلا لو اختلف اثنان في مسألة. فقال احدهما وقال الاخر لا تحل. فجعل كل واحد عوضا لصاحبه ان كان الصواب معه. قال لان هذا من الجهاد. فالجهاد نوعان. جهاد باليد وجهاد باللسان والحجة. وكل واحد يحتاج اليه ولا فرق بينهم واستدل في مراهنة ابي بكر المشركين. فانه ولما نزل قوله تعالى ميم غلبت الروم. في ادنى الارض وهم في بضع سنين وكان الفرس في ذلك الوقت اقوى الامم. وعندهم من الاستعداد ما ليس كغيرهم. وكان المشركون يودون ان يغلب الفرس. لانهم من جنسهم وليس لهم كتاب. وكان المؤمنون يودون ان يغلب الروم. لانهم اهل كتاب اقرب الى الاسلام من الفرس. فلما انزل الله هذه الايات انكر ذلك المشرك يكون وقالوا كيف يغلب الروم الفرس؟ مع ان الفرس في هذه القوة وكذبوا خبر الله تعالى. فجرى بينهم وبين ابي بكر جدال. وكان المسلمون قد تحققوا صدق خبر الله تعالى. وخبر رسوله فراهنهم ابو بكر بكر رضي الله عنه وجعلوا عوضا يأخذه ابو بكر وقع الامر طبق ما اخبر الله. وان لم يقع ذلك اخذه المشركون. وجعلوا اول ذلك مدة اما خمس سنين او ست فاخبر ابو بكر النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم فقال قل لهم يزيدوا في المدة والعوض وكان المشركون يودون ان يزيد في العوض. لانهم يظنون ان يقع الامر ما زعموا وان يستمر الغلب للفرس. فزادوا في المدة والعوض لان البضع من الواحد الى التسعة. والله تعالى ذكر انه لابد ان يكون الغلب للروم في هذه المدة. اي لا تمضي تسع سنين حتى ينقلب الامر ما هو عليه. ويقوى ملك الروم. ويغلبون الفرس فلما وقع الامر كما ذكر الله تعالى اخذ ابو بكر العوض. وهذا مسألة علمية. فيجوز الرهن في مثلها. وهذا القول قوي واجاب الجمهور عن مسألة ابي بكر بانها منسوخة. ولا دليل على النسخ وفي الحديث انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ينزل كل شيء منزلته. ويعطي كلا ما يناسب حاله. وهذا من الحكمة فانه لم يسوي بين الخيل المدمرة والتي لم تضمر. لانها تختلف بالقوة والعدو. فالتي قد ضمرت هي التي يقدر عليها الطعام بقدر الحاجة. وتمرن على العدو. فتجف الرطوبات من اجسامها سبب قلة القوت. ويذهب ربخها وتخرج الفضلات منها فتكون امتع واقوى في العدو. فانها تقدر على ما لم تقدر عليه التي لم تضمر فلهذا زاد في المسافة لها. فهذه التي يجوز اخذ العوظ عليها واما ما عداها فلا يجوز. سواء اتى به بلفظ الرهن او اوي الصدقة. كما يفعله بعض الناس. او بغير ذلك من الالفاظ لان العبرة بالمعاني لا بالالفاظ. السادس والاربعمائة الحديث الخامس عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال عرضت على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم احد. وانا ابن عشرة سنة فلم يجزني في المقاتلة. وعرضت عليه يوم الخندق انا ابن خمس عشرة فاجازني. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر عرضت على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يوم احد وانا ابن اربع عشرة فلم يجزني في المقاتلة. وعرضت عليه يوم الخندق. وانا ابن عشرة فاجازني. اي انه قد بلغ الخمس عشرة وجاوزها وليس معناه انه في الخامسة عشرة من عمره. لان احدا في السنة الثالثة والخندق في السنة الخامسة. فبينهما سنة اربع وفيها غزوة بدر الصغرى. لان المشركين واعدوهم بدرا فجاء المسلمون لي ميعادهم. وكانت السنة مجدبة. فلم يخرج المشركون فكتب الله لرسوله اجرا والمؤمنين اجر حجة. لانهم وصلوا بدرا ورجعوا منها. وقال بعضهم ان المراد بقوله وانا ابن اربع الى اخره. انه في يوم احد في اول الرابعة عشرة ويوم الخندق في اخر الخامسة عشرة. ولكن الاول اظهر. لان انه لا يصح ان يقول وانا ابن اربع عشرة الا وهو قد كمل الرابعة عشرة او كمل اكثرها فلا يطلق ذلك وهو في اولها. وفي في الحديث انه يلزم الامام او نائبه ان يتفقد الناس عند الخروج الى الغزو يستعرض الجيش ودوابهم. فمن كان اهلا للخروج امره بالخروج ومن لم يكن به صلاحية للقتال ولم يمكن اصلاحه. لم يمكنه من الخروج فيمنع المخذل والمرجف ومن يثبط عن الجهاد. لان في خروج مثل لهؤلاء نقصا على الاسلام والمسلمين. وكذلك يمنع من الخروج على الخير التي لا تصلح للغزو عليها. وكذلك يمنع من هو مظنة العجز عن القتال كالصغير والمريض ونحوهما. فان تخلفت الحقيقة وراء ان في الصغير قدرة وقوة على القتال امره بالخروج. ولو لم يبلغ كما لو وكان البالغ يعجز عن القتال منعه من الخروج. فالعبرة بالقدرة والقوة وفيه ان البلوغ يحصل ببلوغ خمسة عشر. فانه يحصل باحد ثلاثة اشياء. اما بالانزال وهذا بالاتفاق. واما بلوغ الخامسة عشرة. واما بنبات شعر العانة. هذه الثلاثة بركة بين الذكر والانثى. وتزيد الانثى بالحيض. فاذا احاضت حكم ببلوغها. السابع والاربعمائة الحديث السادس عشر عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قسم في للفرس سهمين وللرجل سهما. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث ابن عمران النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قسم في النفل يطلق النفل على جميع الغنيمة. ومنه قوله تعالى يسألونك عن الانفال. الاية ومنه هذا الحديث. ويطلق على الزيادة اي منه الحديث الاتي. وتقدم انهم اذا حازوا الغنيمة اخذ منها النوائب والاشياء المختصة كالسلب ونحوه. ثم اخذ خمسها وقسم كما امر الله تعالى ويبقى اربعة اخماس الغنيمة للغانمين فتقسم بينهم على قدر استحقاقهم. للفرس سهمان وللرجل سهم اي سواء كان راجلا او راكبا بعيرا. فاذا كان على فرس كان له ثلاثة اسهم سهم له وسهمان لفرسه. واذا كانت الفرس لانسان وقد غزا عليها غيره. فسهامها لمالكها. ولمن غزى عليها اجرة المثل. هذا مع عدم الشرط بينهما. فان كان بينهما شرط فعلى ما شرطاه. هذا اذا كانت الفرس عربية ابواها عربي فان كان احد ابويها غير عربي فليس لها الا سهم واحد ولا يسهم لغير الخيل. وتقدم ان نحل الغنيمة خاص لهذا هذه الامة لما علم الله تعالى من ضعفها. وانها ازيد اخلاصا من غيره من الامم فرحمها بذلك. والا فالامم قبلنا لا تحل لهم الغنائم الثامن والاربع مئة الحديث السابع عشر عنه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان ينفل بعض من يبعث من السرايا يا لانفسهم خاصة. سوى قسم عامة الجيش. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لانفسهم خاصة. سوى قسم عامة الجيش. المراد بالنفل هنا الزيادة. اي انه يزيدهم على اسهمهم. ويشترط لهم ذلك فيستحقونه بالشرط. لان الاشياء احيانا تستحق بالشرع مثل استحقاق الغانمين للغنيمة. والسلب للمقاتل. واحيانا بالشرط مثل تنفير السرايا. فهذه لا تستحق الا بالشرط. اي ان الامام يشترط لهم شيئا بقدر نفعهم. اما الثلث او الربع او ما شاء. سواء كان بعثهم حرسا للجيش او عيونا له. او يغيرون قدامه ليضعفوا الكفار او لغير هذه المصالح. وتقدم ان السرايا تشارك الجيش فيما غنم. ويشكر شاركوها فيما غنمت. وللسرايا ما شرط لها. ولا ينقص ذلك من اجرهم كما قاله بعضهم فاجرهم على قدر نياتهم. كما ان الغنيمة لا تنقص اجرا والمجاهدين لانها فضل من الله ومعونة على طاعته. ولكن من كان بالجهاد الغنيمة فقط. نقص اجره من اجل نيته. لا لما يحصل له من الغني التاسع والاربع مئة. الحديث الثامن عشر. عن ابي موسى عبد الله بن قيس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال من حمل علينا السلاح فليس منا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في ابي موسى من حمل علينا السلاح فليس منا. اي من بغى وخرج على الايمان وقاتل المسلمين فليس منهم. لان هذا من ابلغ انواع العداوة فيحرم الخروج على الامام ولو بلغ بالظلم مهما بلغ. ولكن يناصر فان رجع فذاك والا فلا يخرج عليه. وكان الخروج على الائمة من افعال دار الخوارج والمعتزلة. فانهم لما رأوا جور بعض الائمة وقصدهم في ذلك تغيير المنكر ولكنهم اخطأوا وضلوا. لانه لا يجوز تغيير المنكر اذا ترتب عليه منكر اعظم منه. فاذا خرجت طائفة على الامام وجب عليه ردهم للحق مهما امكنه. فان ابوا الا قتاله على رعية الامام اعانته في قتالهم حتى يزول شرهم. ويرجعوا الى الطاعة ولزوم الجماعة. العاشر والاربعمائة. الحديث التاسع عشر عن ابي موسى رضي الله عنه انه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة. ويقاتل حمية ويقاتل رياء. اي ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي موسى سئل رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. عن الرجل يقاتل شجاعة. اي ليس له مقصد لا حسن ولا سيء. وانما يحمله على القتال محبته للشجاعة فقط ويقاتل حمية. اي لقومه او لوطنه او لاهل مذهبه اي حمية جاهلية لا دينية. ويقاتل رياء. اي ليرى ومكانه ويقال هو شجاع. وهذا قصده سيء. وقول اي ذلك في سبيل الله. اي من هو الذي يعد منهم مقاتلا في سبيل الله فلما لم يكن منهم احد بهذه المثابة. ذكر المجاهد في سبيل الله بعبارة جامعة مانعة. فقال عليه الصلاة والسلام من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله. اي من كان هذا قصده واما غير ذلك من المقاصد. فلا يكون جهادا في سبيل الله. وهذا كما في الهجرة من قوله من كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله الى اخره. فبقدر النية يتفاوت الخلق تفاوتا لا يعلمه الا الله فتجد الرجلين في الصف لا يرى بينهما فرق ظاهر لان فهما في الاقدام والقوة على الجهاد سواء. مع ان بينهما من الفرق في الاجر والثواب اعظم مما بين السماء والارض. لان هذا قصده نصرة الدين واعلاء كلمته لله وهذا قصده ان يرى مكانه ويقال هو شجاع. فالاول في في اعلى المراتب والثاني في اسفل سافلين. وهذا عام في جميع الاعمال كما تقدم عند قوله وانما لكل امرئ ما نوى الى اخره كتاب العتق. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وهو تحرير الرقبة وتخليصها من الرق. مسلمة او كافرة. وهو من افضل العبادات واجل الطاعات. وقد ورد الحث عليه. وانه يعتق بكل عضو منه عضو من المعتق من النار. وقد يجب العتق مثلا في الكفارات. ككفارة والقتل والوطء في نهار رمضان. وكذلك يجب بالنذر كغيره من القرب ويقع العتق باحد ثلاثة اشياء. اما بالقول كقوله ان انت حر او عتيق ونحوه. ولو كان هازلا. لان العتق كالطلاق جده وهزله جد. فمتى اوتي بالقول الصريح وقع العتق. الثاني الملك فاذا اشترى الانسان ذا رحمه المحرم منه بالنسب عتق عليه بمجرد الشراء. كاد وامه واخيه واخته وخاله وخالته وعمه وعمته. اي الذي لو قدر احدهما ذكرا والاخر انثى حرم عليه نكاحه بالنسب ويخرج بقولنا بالنسب الذي يحرم بالصهر او بالرضاع. فلا يعتق عليه مجرد ملكه. ويسن شراء ذي رحمه لعتقه لانه بر وصلة ويجب اذا وجد اباه او امه يباع وهو قادر على شرائه من يشتريه ليخلصه من الرق. لان برهما واجب. وهذا من اعظم البر الثالث مما يحصل به العتق الفعل. فاذا مثل بعبده اعتق عليه بمجرد فعله. والتمثيل مثل ان يقطع منه عضوا كيده او رجله او اصبعه او يخرق عضوا من اعضائه بسكين او سهم ونحوه. ولو برئ من ذلك ولو كان ذلك خطأ. واما الشيء اليسير الذي لا يعد مثلة فلا يعتق به. كالشجة اليسيرة ونحوها. وليس من هذا القسم ايلاد لانها لا تعتق بمجرد الايلاد. بل بموت السيد فتعتق بكلا الارض امرين موت السيد وولادتها. الحادي عشر والاربعمائة الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم قال من اعتق شركا له في عبد فكان له مال حال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل. فاعطي شركاؤه حصصهم واعتق عليه العبد والا فقد عتق منه ما عتق. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ومن انواع العتق عتق السرايا. كما ذكره بقوله في حديث ابن عمر من اعتق شرك كان له في عبد اي ولو قليلا كجزء من مئة جزء. لان قوله شركا نكرة في الشرط فتعم. وقوله فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل اي بقدر ما يستحق. فلا يزيد ولا ينقص عما يستحق وقت العتق وقوله فاعطي شركائه حصصهم وعتق عليه العبد. والا اي ان لم يكن له مال. فقد عتق منه ما عتق. اي يكون مبعضا وان كان له مال لا يسع قيمة جميع العبد عتق منه بقدر ما عنده من المال وغرم ذلك لشركائه. لانه اتلفه عليهم. والشارع له تشوف الى تكميل الحرية. وهذا اصل في ضمان المتلفات. فان من على غيره ضمنه ان كان مثليا بمثله. والا فقيمته وقت اتلاف ويفهم من هذا انه لو اعتق بعض مملوكه كيده او رجله او جزء مشاع منه كنصف وثلث وعشر ونحوه. اعتق جميعه لانه اذا كان يجب عليه تكميل عتقه اذا كان لغيره ويسري الى جميعه مسيرة اذا كان كله له من باب اولى. فان لم يكن له مال عتق منه ما عتق. والعبرة بالغنى والفقر زمن الاعتاق. فلو كان فقيرا بنصيبه ثم وجد مالا بعد ذلك لم يجب عليه تخليصه. ويبقى العبد مبعضا وهل يستسعى لتكميل عتقه ام لا؟ اما المشهور من المذهب لا يجب دعاؤه وان استسعي فحسن. والرواية الثانية يجب ان يستسعى لتخليص من الرق وهذا هو اختيار شيخ الاسلام. الثاني عشر والاربعمائة الحديث الثاني عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم انه قال من اعتق شخصا من مملوك فعليه صه كله في ماله. فان لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعي العبد غير مشقوق عليه. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته واستدلوا على هذا القول بقوله في حديث ابي هريرة من اعتق شخصا له من مملوك فعليه خلاصه كله من ماله. اي ان كان يسعه كله وان كان لا يسع الا بعضه خلص منه بقدر ما عنده. فان لم يكن له ما قوم المملوك قيمة عدل. ثم استسعي العبد غير مشقوق عليه. اي انه يسأل اهل المعرفة فيقال ما يستحق من الثمن. فاذا قوم قيل ما مقدار ما يحصل العبد من ذلك كله بحيث لا يشق. فاذا كان عبد بين ثلاثة مثلا لاحدهم نصفه وللاخر ثلثه وللثالث سدسه فاعتق صاحب السدس نصيبه. ولم يكن له مال غيره. فيقوم العبد في فاذا كانت قيمته مثلا ستمئة وسئل اهل المعرفة عن مقدار ما يحصل كل كل سنة اذا تكسب ويختلف ذلك باختلاف الاشخاص والاوقات. فاذا فقالوا انه يقدر مثلا على تحصيل مئة كل سنة. امر ان يتكسب ويدفع للشريك في كين الباقيين كل سنة مئة. لصاحب النصف ستين ولصاحب الثلث ثلث اربعين. ويؤجل ذلك خمس سنين. لانه قد عتق سدسه ويكون كل حرا. باب بيع المدبر قوله باب بيع المدبر التدبير هو عتق المملوك عن دبر. اي تعليق عتقه بالموت. وهو جائز. كما انه يجوز تعليقه بقدوم الغائب او سلامة المريض مع جهالة ذلك. لانه تبرع محض. فيجوز بالاجل المجهول. بخلاف عقود المعاوضات. فلا يجوز تعليقها بالمجهول لانه لا بد من تحرير ذلك وعلمه. ولهذا نهي عن بيع الغرر بجميع انواعه واما عقود التبرعات فهي احسان محض. فلهذا اغتفر فيها ما الا يغتفر في عقود المعاوضات؟ وانما ذكروا بيع المدبر لانه وجد فيه سبب العتق وهو التعليق. فربما توهم بعض الناس انه لا يجوز بيعه لذلك الثالث عشر والاربعمائة. الحديث الثالث. عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه قال دبر رجل من الانصار غلاما له. وفي لفظ بلغ النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان رجلا من اصحابه اعتق غلاما له عن دبر. لم يكن له مال غيره. فباعه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بثمانمائة درهم. ثم ارسل بثمنه اليه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقد ذكر جواز بيعه بقوله في حديث جابر رضي الله عنه دبر رجل من الانصار غلاما له. وفي لفظ بلغ النبي صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم ان رجلا من اصحابه اعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره. فباعه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بثمانمائة درهم. ثم ارسل بثمنه اليه. فيه جواز التدبير لانه لم ينه عنه بل اقره. وفيه جواز بيع المدبر. لان النبي ان الله عليه وعلى اله وسلم باع هذا الغلام المدبر. وانما باعه لانه رأى المصلحة في بيعه. لانه لا يملك غيره. وتدبيره في هذه الحالة من السفه لانه اذا بقي بلا مال ربما كان كلا على الناس. ولا يعارض اقرارا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعض الصحابة على التصدق بجميع ما له كما فعل ابو بكر رضي الله عنه. لان ذلك يختلف باختلاف الاشخاص ولان مثل ابي بكر يتكسب وكسبه يقوم بكفايته كما تقدم. وفي رد عقود السفيه التي يضره امضاؤها. واذا باع المدبر ثم اشتراه بعد ذلك فهو على تدبيره. كالمعلق عتقه بصفة. فاذا اشتراه ووجدت الصفة عتق لان التعليق لا يبطل. ويجوز رهنه لانه يجوز بيعه. واذا اذا مات السيد وخرج المدبر من الثلث عتق. والا عتق منه قدر الثلث. وهذا بخلاف ام الولد فانه قد وجد فيها سبب الحرية. وهو انعقاد هذا الولد الحر في بطنها فانه في هذه الحالة ينعقد حرا تبعا لابيه. وهي اي ام الولد كالامة في الخدمة والاستمتاع وغير ذلك. الا في نقل الملك في رقبته فيها كبيعها وهيبتها ونحو ذلك. والا فيما يراد لنقل الملك كالرهن فهي كالحرة لا يجوز بيعها ولا هبتها ولا رهنها. وايضا فان المدبر لا تعتق الا ان خرج من الثلث. وام الولد تعتق من رأس المال ولو لم يكن له مال غيرها. في الثاني والعشرين من ذي القعدة. سنة تسع واربعين وثلاثمئة والف