وتأمل بانه قد جيء بذكر اسم الرحمن. فربنا جل جلاله هو الرحمن الذي رحمته في كل شيء بتنفسنا بشربنا باكلنا في كل شيء نلتمس فيه رحمة الله ومن ذلك العلم الذي اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم. قال الله تعالى وانذرهم يوم الحسرة اذ قضي الامر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون وانذر ايها الرسول الناس يوم الندامة حين يندم المسيء على اساءته والمحسن على عدم استكثاره من الطاعة اذ طويت صحف العباد وفرغ من حسابهم وصار كل الى ما قدم وهم في حياتهم الدنيا مغترون بها لاهون عن الاخرة وهم لا يؤمنون بيوم القيامة الانذار هو الاعلام بالمخوف على جهة الترهيب والاخبار بصفاته وربنا جل جلاله قد بعث نبيه صلى الله عليه وسلم نذيرا وبشيرا احق ما ينذر به ويخوف العباد به يوم القيامة الذي من اسمائه يوم الحسرة حينما يتحسر اصحاب السيئات وكذلك يتحسر المفرطون الذين فرطوا بالاعمال الصالحات ففي ذلك اليوم يجمع الله الاولين والاخرين في موقف واحد ويسألون عن اعمالهم عن صغيرها وكبيرها فيسأل الانسان عن كل شيء ولا يشرك شيء ربنا يقول وانذرهم يوم الحسرة. هو امر للنبي وهو امر لنا اذ قضي الامر في يوم القيامة سيقضى بين الخلائق بالعدل وربنا لا يظلم احدا ولا يهضم احدا وهم في غفلة هذا هو حال الناس كثيرا ما يغفل الناس ولذلك من مقاصد الصلوات الخمس والصلاة خلف الائمة وتكرار القراءة وصلوات الجمع والعيدين وفي الخسوف والكسوف الخطب حتى لا يغفل الانسان وهم لا يؤمنون تجد الكثير من الناس عياذا بالله تعالى يصدون عن الايمان قال تعالى انا نحن نرث الارض ومن عليها والينا يرجعون انا نحن الباقون بعد ثناء الخلائق نرث الارض ونرث من عليها لفنائهم وبقائنا بعدهم وملكنا لهم وتصرفنا فيهم بما نشاء والينا وحدنا يرجعون يوم القيامة للحساب والجزاء. اذا ربنا يقول انا نحن نرث الارض ومن عليها فهذه الارظ سيموت اهلها وربنا جل جلاله هو الحي الذي لا يموت وهذا المال الذي عندك الان اما ان يرحل عنك في حياتك واما ان ترحل عنه لا يبقى احد الا الله انا نحن نرث الارض ومن عليها والينا يرجعون وتأمل هذا الرجوع الى الله يرجع الانسان الى ربه. فيسأل عن النعيم ويسأل عن العمل ويسأل عن الوحي ثم قال الله تعالى واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقا نبيا اي واذكر ايها الرسول بالقرآن المنزل عليك خبر ابراهيم انه كان كثير الصدق والتصديق بايات الله ونبيا من عند الله وربنا جل جلاله قد ذكر في هذه السورة الكريمة رحمته بزكريا وذكى رحمته بيحيى وذكى رحمته بمريم وذكى ربنا رحمته بعيسى والان جاء الكلام عن ابي الانبياء واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقا نبيا. فربنا جل جلاله قد اعطاه الصديقية وقد اعطاه النبوة وهو ابو الانبياء اذ قال لابيه يا ابتي لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا اذ قال لابيه ازر يا ابتي لم تعبد من دون الله صنما لا يسمع دعائك ان دعوته ولا يبصر عبادتك. ان عبدته ولا يكشف عنك ضرا ولا يجلب لك نفعا وتأمل هذا الامر مع اول الصفح وانذرهم يوم الحسرة فابراهيم عليه السلام قام بهذا حق القيام حتى مع المعاند اذ قال لابيه يا ابتي لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يتلطف ويترفق بابيه هذا ابراهيم الذي جمع الله له بين الصديقية والنبوة والصديق كثير الصدق فهو الصادق في اقواله وافعاله واحواله وفي نصحه وهذا من ذلك اذ قال لابيه يا ابتي لما تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا وهو المصدق بكل ما امر به ولذلك نقرأ القرآن ونفهم السنة ونصدق ما في القرآن والسنة وهذا ماذا يستلزم؟ يستلزم تعظيم العلم الواصل الى القلب المؤثر فيه الموجب اليقين وكذلك يتعلم الانسان لاجل ان يعمل وابراهيم افضل الانبياء كلهم بعد محمد صلى الله عليه وسلم. وهو الاب الثالث للطوائف الفاضلة وهو الذي جعل الله تعالى في ذريته النبوة والكتاب وهو الذي دعا الخلق الى الله وصبر على ما ناله من العذاب فدعا القريب والبعيد وتأمل كيف انه دعا قومهم ودعا اباه وصبر على ذلك غاية الصبر وتلطف غاية اللطف. لان الداعي يهتم اكثر ما يهتم بجلب الاخرين الى الله تعالى فاذا دعا القريب والبعيد واجتهد في دعوة ابيه مهما امكنه وكان ذلك باللطف والرفق قال الله تعالى قاتيا عن محاكاة ابراهيم لابيه يا ابتي اني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني اهدك صراطا سويا يا ابتي اني قد جاءني من العلم عن طريق الوحي ما لم يأتك فاتبعني ارشدك الى طريق مستقيم فتأمل كيف انه بين له السبب في انه عليه ان يتبع ابراهيم يا ابتي لا تعبد الشيطان ان الشيطان كان للرحمن عصيا يا ابتي لا تعبد الشيطان بطاعتك له ان الشيطان كان للرحمن عاصيا حيث امره بالسجود لادم فلم يسجد يا ابتي اني اخاف ان يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا يا ابتي اني اخاف ان يصيبك عذاب من الرحمن. ان مت على كفرك فتكون قرينا للشيطان في العذاب لموالاتك له جعله الله تعالى واصلا للعباد وتأمل خطاب الابن لابنه قال اراغب انت عن الهتي يا ابراهيم لئن لم تنتهي لارجمنك واهجرني مليا. قال اذر لابنه ابراهيم امعرض انت عن نامي التي اعبدها يا ابراهيم لئن لم تكف عن سب اصنامي لارمينك بالحجارة وفارقني زمنا طويلا فلا تكلمني ولا تجتمع معي وتأمل هذه الشدة مع حسن الخطاب والجواب قال سلام عليك فاستغفر لك ربي انه كان بي حفيا قال ابراهيم لابيه سلام عليك مني. لا ينالك ما تكره مني ساطلب لك المغفرة من ربي والهداية انه سبحانه كثير اللطف بي واعتزلكم وما تدعون من دون الله. وادعو ربي عسى ان لا اكون بدعاء ربي شقيا وافارقكم وافارق معبوداتكم التي تعبدونها من دون الله. وادعو ربي وحده لا اشرك به شيئا عسى ان لا يمنعني اذا دعوته فاكون بدعاء ربي تقيا وتأمل عظيم الجزاء من الله تعالى. فانت لن تترك شيئا لله الا رحمك الله. قال فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له اسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا فلما تركهم وترك الهتهم التي يعبدونها من دون الله عوضناه عن فقد اهله فوهبنا له ابنه اسحاق ووهبنا له حفيده يعقوب وكل واحد منهما جعلناه نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق علي واعطيناه من رحمتنا مع النبوة خيرا كثيرا وجعلنا لهم ثناء حسدا مستمرا على السنة العباد واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصا وكان رسولا نبيا واذكر ايها الرسول في القرآن المنزل عليك خبر موسى انه كان مختارا مصطفى وكان رسولا نبيا وتأمل كيف ان الله سبحانه وتعالى يقص رحماته على عباده ربنا جل جلاله يقص رحماته على عباده لاجل ان يسير الانسان على طاعة الله تعالى ففي رحمة الله تعالى بعباده تنشيط لكل انسان ان يكون على هذا الطريق بان يسير على طريقي هؤلاء وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى وتأمل ما قاله السعدي يقول ولما كان مفارقة الانسان لوطنه ومألفه واهله وقومه من اشق شيء على النفس لامور كثيرة معروفة ومنها انفراده عمن يتعزز بهم ويتكثر وكان من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه واعتزل ابراهيم قومهم قال الله تعالى في حقه فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له اسحاق ويعقوب وكلا يعني من اسحاق ويعقوب جعلنا نبيا وحصل له ولهؤلاء الصالحين المرسلين الى الناس الذين خصهم الله بوحيه واختارهم لرسالته واصطفاه من العالمين ووهبنا لهم اي لابراهيم وابنيه اسحاق ويعقوب. من رحمتنا وهذا يشمل جميع ما وهب الله لهم من الرحمة من العلوم النافعة والاعمال الصالحة والذرية الكثيرة المنتشرة الذين قد كثر فيهم الانبياء والصالحون وجعلنا لهم لسان صدق علي وهذا ايضا من الرحمة التي وهبها الله لهم. لان الله وعد كل محسن ان ينشر له ثناء صادقا بحسب احسانه وهؤلاء من ائمة المحسنين فنشر الله الثناء الحسن الصادق غير الكاذب العالي غير الخفي فذكرهم ملأ خافقين والثناء عليهما ومحبتهما امتلأت بها القلوب وفاضت بها الالسنة فصاروا قدوة للمقتدين وائمة للمهتدين ولا تزال اذكارهم في سائر العصور متجددة. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم. اذا على الانسان ان يكون على طرائق من ذكرهم من الانبياء والصالحين وهي اكثر شيء على الانسان ان يتابعه الاخلاص لله وان يكون مخلصا لله تعالى ثم يجتهد الانسان في نيته وقلبه فيعاود نفسه على ذلك من فوائد الايات لما كان اعتزال ابراهيم لقومه مشتركا فيه مع سارة ناسب ان يذكر هبتهما المشتركة وحفيدهما ثم جاء ذكر اسماعيل مستقلا مع ان الله وهبه اياه قبل اسحاق طبعا رحلة إبراهيم عليه السلام عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ذكرها الشيخ فهد العمار ورسم لها مخططا فليرجع اليها في تفسيره لهذا الصفحة التأدب واللطف والرفق في محاورة الوالدين واختيار افضل الاسماك في مناداتهما المعاصي تمنع العبد من رحمة الله. وتغلق عليه ابوابها. كما ان الطاعة اكبر الاسباب لنيل الرحمة اذا الانسان يستدر رحمة الله بكثرة طاعته وعد الله كل محسن ان ينشر له ثناء صادقا بحسب احسانه. وابراهيم عليه السلام وذريته من ائمة المحسنين هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته