الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له اله الاولين والاخرين واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد فنحمد الله تبارك وتعالى على سلامة وصولكم ونقول لكم اهلا وسهلا في دولة الكويت في مسجد عائشة المحري رحمها الله تعالى نسأل الله جل وعلا ان يجعلكم ممن يرحلون في طلب العلم للعلم فان الرحلة في طلب العلم من سمات العلماء بل هو ثاني سلم طلب العلم فان طالب العلم انما يطلب العلم في بلده فاذا ما ادرك انه ادرك شيئا ما يرتحل في طلب العلم وانا فرح بوجودكم قد قدمتم من مملكة البحرين حرسها الله تعالى الى دولة الكويت حفظها الله تبارك وتعالى للقي المشايخ وطلاب العلم تبارك الله في مساكم وشكر سعيكم وبارك في جهودكم الاخوة القائمين على هذه الدورة ونسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم مباركين وقد تم اختيار قراءة رسالة ابن القيم الى احد اخوانه ذلك لان هذه الرسالة فيها قضايا مهمة نحن بحاجة اليها في هذا العصر من حيث الاحوال ونحن بحاجة الى مضامين هذه الرسالة من حيث ما يتعلق بالقلوب ونبدأ على بركة الله تعالى في قراءة هذه الرسالة التعليق على نبذ يسير منها مما يحتاج الى التعليق اسأل الله عز وجل ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح ونحن في عصر الاربعاء الثاني والعشرين من شهر شوال عام خمسة واربعين واربع مئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم نبدأ على بركة الله. نعم بسم الله الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال ابن القيم رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم الله المسئول المرجو الاجابة ان يحسن الى الاخ علاء الدين في الدنيا والاخرة وينفع به ويجعله مباركا اينما كان. فان بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل. ونصحه لكل من قال الله تعالى اخبارا عن المسيح عليه السلام وجعلني مباركا اينما كنت اي معلما خير داعيا الى الله مذكرا به مرغبا في طاعته. فهذا من بركة الرجل ومن خلا من هذا فقد خلا الا من البركة ومحقت بركة لقائه والاجتماع به. بل تمحق بركة من لقيه واجتمع به. فانه يضيع الوقت اكتفي الما جريات ويفسد القلب وكل افة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت وفساد القلب وتعود بضياع حظه من الله ونقصان درجته ومنزلته عنده. ولهذا وصى بعض الشيوخ فقال احذر احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب فانه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد اموره كلها وكان ممن قال الله فيه ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره ومن تأمل حاله المقدمة اهتمام المسلم بهذا الخبر الذي اخبر به نبي الله عيسى وجعلني مباركا اينما كنت يستفاد من هذا الخبر الدعاء به تقول اللهم اجعلني مباركا اينما كنت تضمن ايضا عنا اغلى ما يملكه الانسان حياته وحياته عبارة عن اوقاته من ساعاته ولحظاته فلا ينبغي ان يضيعه في المجريات اول ما جريات كلمة دخيلة على العربية ليس لها اصل الفصحى لكنها على القياس بمعنى ما يجري او بمعنى الاحوال المحيطة وانت يا طالب العلم خذ هذه الوصية وانظر الى قلبك من رأيت انه وخلطته يفسد قلبك فاحذر منه ومن رأيت انه وخلطته يضيع عليك الوقت احذر منه قال رحمه الله ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم الا اقل القليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى واتبعوا واهوائهم وصارت امورهم ومصالحهم فرطا. اي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم. واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعود بضررهم عاجلا واجلا. وهؤلاء قد امر الله سبحانه رسوله الا يطيعهم. فطاعة الرسول لا تتم الا بعدم طاعة هؤلاء. فانهم انما يدعون الى ما يشاكلهم من اتباع الهوى والغفلة عن ذكر الله وتضمن هذا الكلام الحذر تضمن هذا الكلام الحذر من الاغترار بالكثرة فان اقل القليل هم الذين نجوا عن غفلات القلوب وعن سرقات الهوى فان الانسان يدور بين هذين الامرين غفلة القلب واتباع الهوى واذا سلم الانسان من اتباع الهوى كان على السنة واذا سلم من غفلة القلب كان على الذكر انا من الغفلة عن الله والدار الاخرة متى تزوجت باتباع الهوى تولد ما بينهما كل شر وكثيرا ما يقترن احدهما بالاخر ولا يفارقه. اقتران الغفلة الهوا من باب اقتران التلازم وكل صاحب هوى لابد وان يصاب بغفلة كل صاحب غفلة اذا لم يعالج نفسه ان عاجلا او اجلا سيصاب بالهوى ومن تأمل فساد احوال العالم عموما وخصوصا وجده ناشئا عن عن هذين الاصلين. فالغفلة تحول بين العبد وبين تصور الحق ومعرفته والعلم به. فيكون من الضالين واتباع الهوى يصده عن قصد الحق وارادته واتباعه فيكون من المغضوب عليهم واما المنعم عليهم فهم الذين من الله عليهم بمعرفة الحق علما. وبالانقياد اليه وايثاره على ما سواه عملا. وهؤلاء هم الذين على سبيل النجاة. ومن سواهم على سبيل الهلاك. ولهذا امرنا الله سبحانه ان نقول كل يوم وليلة عدة مرات اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فان العبد مضطر المنعم عليهم من اظهر علاماتهم من اظهر علاماتهم معرفتهم الحق علما وانقيادهم له عملا جعلني الله واياكم منهم قال فان العبد مضطر كل الاضطرار الى ان يكون عارفا بما ينفعه في معاشه ومعاده. وان يكون مؤثرا مريدا لما ينفعه لما يضره بمجموع هذين يكون قد هدي الى الصراط المستقيم فان فاته معرفة ذلك سلك سبيل الضالين. وان فاته قصده واتباعه سلك سبيل المغضوب عليهم. وبهذا يعرف قدر هذا الدعاء العظيم وشدة الحاجة اليه وتوقف وتوقف سعادة الدنيا والاخرة عليه. ويجوز تقول وتوقف سعادة الدنيا والاخرة لان تقول وتوقف بمعنى المصدرية توقف يتوقف توقفا ويجوز تقول توقف معنا ان ها هنا ينتهي شهادة الدنيا والاخرة قال والعبد مفتقر الى الهداية في كل لحظة ونفس في جميع ما يأتيه ويذره فانه بين امور لا ينفك عنها احدها امور قد اتاها على غير وجه الهداية جهلا فهو محتاج الى ان يطلب الهداية الى الحق فيها او يكون عارفا بالهداية فيها. فاتاها على غير وجهها عمدا. فهو محتاج الى التوبة منها. او امور لم يعرف وجه الهداية فيها علما ولا عملا. ففاتته الهداية الى علمها ومعرفتها والى قصدها وارادتها وعملها. او نور قد هدي اليها من وجه دون وجه. فهو محتاج الى تمام الهداية فيها. او امور قد هدي الى اصلها دون تفاصيلها فهو محتاج الى هداية التفصيل. او طريق قد هدي اليها وهو محتاج الى هداية اخرى فيها. فالهداية الى الطريق شيء والهداية في نفس الطريق شيء اخر. الا ترى ان الرجل يعرف ان طريق البلد الفلاني هو طريق كذا ولكن لا يحسن ان يسلكه. فان سلوكه يحتاج الى هداية خاصة في نفس السلوك. كالسير في وقت كذا دون وقت كذا واخذ الماء في مفازة كذا مقدار كذا. والنزول في موضع كذا دون كذا. فهذه هداية في نفس السير. قد من هو عارف بان الطريق هي هذه. فيهلك وينقطع عن المقصود وكذلك ايضا ثم امور هو محتاج الى ان يحصل له فيها من الهداية في المستقبل. مثلما حصل له في الماضي. وامور هو خال عن اعتقاد حق او باطل فيها فهو محتاج الى هداية الصواب فيها. وامور يعتقد انه فيها على هدى هو على ضلالة ولا يشعر فهو محتاج الى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهداية من الله. وامور قد فعلها على وجه وهو محتاج الى ان يهدي غيره اليها ويرشده وينصحه. فاهماله ذلك يفوت عليه من الهداية بحسبه كما ان هدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية. فان الجزاء من جنس العمل. فكلما غيره وعلمه هداه الله وعلمه. فيصير هاديا مهديا كما في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي وغيره اللهم زينا بزينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين سلما لاوليائك حربا لاعدائك نحب بحبك من احبك ونعادي بعداوتك من خالفك. وبهذا تعلم لماذا بعد هذا البيان الشامل كيف ان الانسان بحاجة للهداية منه والى من حين بلوغه الى حين وصولي الى الجنة من هنا تعلم لما كان اول طلب في القرآن اهدنا الصراط المستقيم واول خبر عن القرآن الف لام ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الانسان بحاجة اهدنا بداية التوفيق وهدى بداية العلم وهما لا يمكن الاستغناء عنهما بحال من الاحوال فلو قد اثنى الله سبحانه على عباده المؤمنين الذين يسألونه ان يجعلهم ائمة يهتدى بهم. فقال تعالى في صفات عباده والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما. قال ابن عباس يهتدى بنا في الخير وقال ابو صالح يقتدى بهدانا. وقال مكحول ائمة في التقوى يقتري بنا المتقون. وقال مجاهد جعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم. واشكل هذا التفسير على من لم يعرف قدر فهم السلف وعمق علمهم. وقال يجب ان تكون الاية على هذا القول من باب المقلوب. على تقدير واجعل المتقين لنا ائمة. ومعاذ الله ان يكون شيء من القرآن مقلوب عن وجهه وهذا من تمام فهم مجاهد رحمه الله. فانه لا يكون الرجل اماما للمتقين حتى يأتم بالمتقين. فنبه مجاهد على هذا الوجه الذي ينالون به هذا المطلوب. وهو اقتداؤهم بالسلف المتقين من قبلهم فيجعلهم الله ائمة للمتقين من من بعدهم وهذا من احسن الفهم في القرآن والطفه. ليس من باب القلب في شيء. فمن اتم باهل السنة قبله اتم به من بعده ومن معه وهذا شرط في الايمان فان الرجل اذا اراد ان يكون اماما في الهدى وشرطه ان يقتدي بمن اهتدى وانتم اليوم طلاب علم وغدا يقتدى بكم احسنوا الاقتداء ائمة الهدى حتى يقتدى بكم قال وحد سبحانه لفظ اماما ولم يقل وجعلنا للمتقين ائمة. فقيل الامام في الاية جمع ام نحو صاحب وصحة اب وهذا قول الاخفش وفيه بعد. وليس هو من اللغة المشهورة المستعملة المعروفة حتى يفسر بها كلام الله. وها هنا قاعدة في التفسير لابد لطالب العلم ان يكون منها على ذكر وهي ان القرآن لا يفسر بوحشي اللغة ولا بغريبها انما جاء القرآن باللغة المعروفة لغة قريش احسن الله اليك قال وقال اخرون الامام هنا مصدر لا اسم يقال اما اماما نحو صام صياما وقام قياما اي اجعلنا ذوي وهذا اضعف من الذي قبله. وقال الفراء انما قال اماما ولم يقل ائمة على نحو قوله انا رسول رب العالمين الميم ولم يقل رسولا وهو من الواحد المراد به الجمع لقول الشاعر يا عادلاتي لا تردن ملامتي ان ليس لي بامير اي ليس لي بامراء. طبعا مقصوده لماذا قال اماما ولم يقل ائمة جمع كما قال موسى وهارون انا رسول رب العالمين ولم يقل رسولا وهما اثنان وهو من الواحد المراد به الجمع والعرب هذه قاعدة ايضا قواعد التفسير العرب قد تطلق اللفظ او الكلم الواحدة مرادا به الجمع لان الاسم الواحد او الكلمة الواحدة اذا كان من اسماء الاجناس هي تعم المفرد والمثنى والجمع احسن الله اليك. وهذا احسن الاقوال غير انه يحتاج الى مزيد بيان. وهو ان المتقين كلهم على طريق واحد. ومعبود واحد واتباع كتاب واحد. ونبي واحد وعبيد رب واحد. فدينهم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد ومعبودهم واحد فكأنهم كلهم امام واحد لمن بعدهم. ليسوا كالائمة المختلفين الذين قد اختلفت طرائقهم ومذاهبهم وعقائدهم فالاتمام انما هو بما هم عليه. وهو شيء واحد وهو الامام في الحقيقة. وهذا من احسن البيان انه انما افرد اللفظ لان امامنا واحد وهو النبي عليه الصلاة والسلام ومن بعدهم وان كثر عددهم من حيث الاقتداء بهم لكنهم في الوصف واحد. فكلهم يتبعون هدى واحدة. نعم السلام عليكم. قال فصل وقد اخبر سبحانه ان هذه الامامة انما تنال بالصبر واليقين. فقال تعالى وجعلنا جعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون. فبالصبر واليقين تنال الامامة في الدين. فقيل الصبر عن الدنيا وقيل بالصبر على البلاء وقيل بالصبر عن المناهي. والصواب انه بالصبر عن ذلك كله بالصبر على اداء فرائض الله. والصبر محارمه والصبر على اقداره. وجمع سبحانه بين الصبر واليقين. الصبر الصبر هو ابتداء سلم الامامة واليقين واليقين انما يتأتى بعد ذلك انت تصبر عن الدنيا وعن المحرمات ابتداء تلزم نفسك والواجبات ثم فاصبروا على مر القضاء فهنا لذلك تنال العلم واذا نلت العلم وصلت الى اليقين اما يقين بلا علم وهو شراب من ظمآن وجمع سبحانه بين الصبر واليقين اذ هما سعادة العبد وفقدهما يفقده سعادته فان القلب تطرقه طوارق الشهوات المخالفة لامر الله وطوارق الشبهات المخالفة لخبره. فبالصبر يرفع الشهوات وباليقين يرفع الشبهات. فان والشبهة مضادتان للدين من كل وجه. فلا ينجو من عذاب الله الا من دفع شهواته بالصبر. وشبهاته باليقين ولهذا اخبر سبحانه عن عن حبوط اعمال اهل الشهوات والشبهات. فقال تعالى كالذين من قبلكم كانوا اشد منكم قوة واكثر اموال واولادا فاستمتعوا باخلاقهم فاستمتعتم باخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم. وخذتم كالذي خاضوا فهذا الاستمتاع بالخلاق هو استمتاعهم بنصيبهم من الشهوات. ثم قالوا وخضتم كالذي خاضوا. وهذا هو الخوض بالباطل في بسم الله وهو خوض اهل الشبهات ثم قال اولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة واولئك هم الخاسرون. فعلق سبحانه حبوط الاعمال والخسران باتباع الشهوات الذي هو الاستمتاع بالخلاق اتباع الشبهات الذي هو الخوض بالباطل. كما يقول ابن القيم في موضع اخر هما شينان شينان يشينان العبد في الدنيا وفي الاخرة الشهوات الشبهات تشين الشهوات يأتي ويلقي الانسان في الغفلات الشبهات يأتي ويلقي الانسان في الاهواء والضلالات اسأل الله السلامة والعافية فاذا سلمت من هذين الشينين فانك لا تكون الا زينا قال فصل وكما انه سبحانه علق الامامة في الدين بالصبر واليقين. فالاية متظمنة لاصلين اخرين احدهما الدعوة الى الله وهداية خلقه الثاني هدايتهم بما امر به على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. لا بمقتضى عقولهم وارائهم وسياساتهم واذواقهم تقليد اسلافهم بغير برهان من الله. لانه قال يهدون بامرنا. فهذه اربعة اصول تضمنتها هذه الاية احدهم الى الله جل وعلا قد يهدي بزعم بعض الناس يشتغل في هداية الناس لكن شغله لا يكون بامر الله المنزه يكون شغله بدعوة الناس بالتقليد او بالعادات او بالمعقولات المحسوسات ما يسمى بالذوقيات الواجب الحذر من هذا كله داعي الى الله انما يمدح اذا كان يدعو بامر الله يهدون بامرنا كما في سورة يوسف قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة ادع الى الله الاخلاص الذي يجب ان يقوم به الداعي ادعو الى الله الاخلاص الذي يريده الداعي من الناس ان يكونوا عليه وعلى بصيرة اي على علم من الله لا على معقول وذوق ووجد وعادة والف قال فهذه اربعة اصول تضمنتها هذه الاية. احدها الصبر وهو حبس النفس عن محارم الله. وحبسها على فرائضه وحبسها عن التسخط والشكاية لاقداره. الثاني اليقين وهو الايمان الجازم الثابت الذي لا ريب فيه ولا تردد ولا شك ولا شبهة بخمسة اصول ذكرها سبحانه في قوله تعالى ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من امن بالله واليوم الاخر الملائكة والكتاب والنبيين. وفي قوله ومن يكفر بالله وملائكته ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا. وفي قوله امن الرسول فيما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله. والايمان باليوم الاخر داخل في الايمان بالكتب والرسل وجمع بينها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمر في قوله الايمان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فهذه الاصول الخمس من لم يؤمن بها فليس بمؤمن واليقين ان يقوم الايمان بها حتى تصير كانها معاينة للقلب بمشاهدة له نسبتها الى البصيرة كنسبة الشمس والقمر الى البصر. ولهذا قال من قال من السلف اليقين ايمان كله طبعا اه الاصول التي عليها مباني الايمان هي ست كما في حديث في حديث ابن عمر في صحيح مسلم قال بليمان ولن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسلي واليوم الاخر والقدر خيره وشره وهنا ذكر ابن القيم الاصول الخمس وذلك ان بعض اهل العلم ربما يدخل الايمان بالقدر تحت الايمان بالله فمن جهة كون القدر تقدير الله وعلمه خلقه وايجاده ومشيئته يقولون هذا من باب الايمان بالله في ربوبيته واسمائه وصفاته ومن جهة ان العبد يجب عليه ان يصبر على القضاء او يستحب له الرضا او يفضل ان يكون على الشكر فهذا من باب التأله وهو داخل في باب الوهية الله ولا مشاهدة في الاصطلاح اذا فهم المراد احسن الله اليك. ولك ثالث هداية الخلق ودعوتهم الى الله ورسوله. قال تعالى ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني في من المسلمين قال الحسن البصري قال الحسن البصري رحمه الله هذا حبيب الله هذا ولي الله اسلم لله وعمل بطاعته دع الخلق اليه. فهذا النوع افضل انواع الانسان واعلاهم درجة عند الله يوم القيامة. قال افضل انواع الانسان واعلاه لان قوله ومن احسن هو استفهام تقريريا بمعنى لا احد احسن قولا بمعنى لا احد لا احد احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين. نعم سلام عليكم. قال وهم ثنية الله سبحانه من الخاسرين. ثنية الله يعني بمعنى الاستثناء الا بمعنى الا دائما في القرآن لما يأتي الخبر عن الهلاك وعن الخسار عن البوار تجد بعده استثناء الا يسمى الا هذه ثنية او استثناء سلام عليكم. قال تعالى والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. فاقسم سبحانه على خسران نوع الانسان الا من كمل نفسه بالايمان والعمل الصالح وكمل غيره بوصيته له بهما. ولهذا قال الشافعي الله لو فكر الناس كلهم في سورة العصر لكفتهم. طبعا هو قال على خسران نوع الانسان نوع الانسان باعتبار باعتبار لان الانسان نوع والحيوان نوع والجان نوع فبهذا الاعتبار هو نوع اما باعتبار افراده فالانسان اسم جنس فلا بد ان نفرق فان الشيء قد يكون نوعا باعتبار وجنسا باعتبار ويجوز ان تقولين ان الانسان لفي خسر اي جنس البشرية في خسارة الا الذين امنوا او تقول نوع الانسان وعلى هذا يحتاج انك تقول نوع الانسان يدخل فيه الانس والجان الا من استثناهم الله. نعم قال ولا يكون من اتباع الرسول على الحقيقة الا من دعا الى الله على بصيرة. قال الله تعالى قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا اتبعني وقوله ادعو الى الله تفسير لسبيله التي هو عليها. فسبيله وسبيل اتباعه الدعوة الى الله. فمن لم يدعو الى الله فليس على سبيله وقوله على بصيرة قال ابن الاعرابي البصيرة الثبات في الدين وقيل البصيرة العبرة كما يقال اليس لك في كذا بصيرة اي عبرة قال الشاعر في الذاهبين الاولين من القرون لنا بصائر. والتحقيق العبرة ثمرة البصيرة. فاذا تبصر اعتبر فمن علم العبرة فكأنه لا بصيرة له. واصل اللفظ من الظهور والبيان. فالقرآن بصائر اي ادلة وهدى وبيان يقول الى الحق ويهدي الى الرشد. ولهذا يقال للطريقة من من الدم التي يستدل بها على الرمية بصيرة فلت الاية ايضا على ان من لم يكن على بصيرة فليس من اتباع الرسول. وان اتباعه هم اولوا البصائر. ولهذا قال انا ومن اتبعني فان كان المعنى ادعو الى الله انا ومن اتبعني ويكون من اتبعني معطوفا على الظمير المرفوع فيه ادعو وحسن العطف من اجل الفصل فهو دليل على ان اتباع الرسول هم الذين يدعون الى الله والى رسوله. طبعا اه في الاية قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبع فيه علامتان من علامات المهتدين الاولى انهم على اخلاص ويدعون الى اخلاص الدين لله العلامة الثانية انهم على بصيرة من الشرع وعلى علم بالمنزل فمتى تخلف احد هذين لم يكن الرجل على هداية المرسلين سلام عليكم. قال وان كان معطوفا على الظمير المجرور في سبيلي اي هذه سبيلي وسبيل من اتبعني فكذلك. وعلى التقديرين فسبيله سبيل اتباعه الدعوة الى الله. طبعا هذا تفسير في بياني جواز الامرين في الاية. قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصير الجار والمجور اما ان يكون متعلقا بواو الجماعة فيكون المعنى ادعو الى الله انا ويدعو الى الله اتباعي واذا قلنا ان على بصير الجار والمجرور يكون ليس اه معطوفا على ادعو وانما على بصيرة فيكون معناه انا على بصيرة لاني لا اعمل بالقياس ولا بالوجد ولا بالذوق ولا بالمنطق واتباعي على بصيرة لانهم لا يعملون الا بالمنزل وكلا التفسيرين حق السلام عليكم. قال الاصل الرابع قوله يهدون بامرنا. وفي ذلك دليل على اتباعهم ما انزل الله على رسوله. وهدايتهم به وحده دون غيره من الاقوال والاراء والنحل والمذاهب بل لا يهدون الا بامره خاصة. فحصل من هذا ان ائمة الدين الذين يقتدون بهم هم الذين جمعوا الصبر بين الصبر واليقين والدعوة الى الله بالسنة والوحي لا بالاراء وبالبدع. فهؤلاء خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في ولهم خاصته واولياؤه ومن عاداهم او حاربهم فقد عادى الله سبحانه واذنه بالحرب. قال الامام احمد رحمه الله في خطبة في الرد على الجهمية الحمدلله الذي جعل في كل زمن فترة من الرسل بقايا من اهل العلم. يدعون من ظل الى الهدى ويصبرون منهم على الاذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله اهل اهل العمى. فكم من قتيل لابليس قد احيوه؟ وكم من ضال تائه قد هدوه؟ فما اثرهم على الناس وما اقبح اثر الناس عليهم. ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. الذين عقدوا الوية بدعة واطلقوا عنان الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب. مجمعون على مفارقة الكتاب. يقولون على الله في الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين امين. امين فصل ومما ينبغي الاعتناء به علما ومعرفة وقصدا وارادة. العلم بان كل انسان بل كل حيوان انما يسعى فيما له اللذة والنعيم وطيب العيش. ويندفع به عنه اضغاد ذلك وهذا مطلوب صحيح يتضمن ستة امور احدها معرفة الشيء النافع للعبد الملائم له. الذي بحصوله لذته وفرحه وسروره وطيب عيشه. الثاني معرفة طريق الموصلة الى ذلك. الثالث سلوك تلك الطريق. الرابع معرفة الضار المؤذي المنافر الذي ينكد عليه حياته الخامسة معرفة الطريق الذي اذا سلكها افضت به الى ذلك. الثالث تجنب سلوكها فهذه ستة امور لا لذة العبد وسروره وفرحه وفرحه وصلاح حاله الا باستكمالها. وما نقص منها عاد بسوء حاله وتنكيده في حياته وكل عاقل يسعى في هذه الامور. لكن اكثر الناس غلط في تحصيل هذا المطلوب المحبوب النافع. اما في عدم في تصوره ومعرفته. واما في عدم معرفته الطريق الموصلة اليه. فهذان غلطان سببهما الجهل. ويتخلص منهما بالعلم وقد يحصل له العلم بالمطلوب والعلم بطريقه. لكن في قلبه ارادات وشهوات تحول بينه وبين قصد هذا المطلوب النافع وسلوك طريقه فكلما اراد ذلك اعترضته تلك الشهوات والايرادات وحالت بينه وبينه وهو لا يمكنه تركها وتقديمه وهذا المطلوب عليها الا باحد امرين. اما حب متعلق واما فرق مزعج. فيكون الله ورسوله والدار الاخرة والجنة ونعيمها احب اليه من هذه الشهوات. ويعلم انه لا يمكنه الجمع بينهما فيؤثر اعلى المحبوبين على ادناهما واما ان يحصل له علم ما يترتب على ايثار هذه الشهوات من المخاوف والالام. التي المها اشد من الم فوات هذه الشهوات اخواتي وابقى فاذا تمكن من قلبه هذان العلمان انتج له ايثار ما ينبغي ايثاره وتقديمه على ما سواه فان خاصية العقل ايثار اعلى المحبوبين على ادناهما. واحتمال ادنى المكروهين ليتخلص به من اعلاهما وبهذا الاصل تعرف عقول الناس وتميز بين العاقل وغيره. ويظهر تفاوتهم في العقول. فاين عقل من اثر لذة عاجلا منغصة منكدة انما هي كاظغاث احلام او كطيف تمتع به من زائره في المنام على لذ على لذة هي من اعظم اللذات وفرحة ومسرة هي من اعظم المسرات. دائمات لا تزول ولا تفنى ولا تنقطع. فباعها بهذه اللذة الفانية مضمحلة التي حشيت بالالام. وانما حصلت بالالام وعاقبتها الالام. فلو قايس العاقل بين لذتها والمضرتها ومنفعتها لاستحيا من نفسه وعقله. كيف يسعى في طلبها؟ ويضيع زمانه في اشتغاله بها فضلا عن ايثارها على ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. قد اشترى سبحانه من المؤمنين انفسهم وجعل ثمنها جنته واجرى هذا العقد على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليله وخيرته من خلقه وسلعة رب السماوات والارض مشتريها والتمتع والتمتع بالنظر الى وجهه الكريم وسماع كلامه منه في داره ثمنه ومن جرى على يده العقد رسوله كيف يليق بالعاقل ان يضيعها ويهملها ويبيعها بثمن بخس في دار زائلة فانية وهل هذا الا من اعظم الغبن وانما يظهر له هذا الغبن الفاحش يوم التغابن؟ اذا اذا ثقلت الموازين اذا ثقلت موازين المتقين وخفت موازين المبطلين. خلاصة هذا ان الانسان يجب ان يكون طبيب نفسي ينظر دائما اقارنك بعقله ان اللذات العاجلة سبب للفوات الخيرات الدائمة فاياك ثم اياك والانشغال بالملذات العارضة عن اللذة الدائمة في جنة الخلد السلام عليكم فصل اذا عرفت هذه المقدمة فاللذة التامة والفرح والسرور. وطيب العيش والنعيم انما هو في معرفة الله وتوحيده والانس به والشوق الى لقائه واجتماع القلب والهم عليه. فان انكد العيش عيش من قلبه مشتت وهمه مفرق فليس لقلبه مستقر يستقر عنده ولا حبيب يأوي اليه ويسكن اليه. كما افصح القائل عن ذلك بقوله وما ذاق طعم العيش من لم يكن له حبيب اليه يطمئن ويسكن. فالعيش الطيب والحياة النافعة وقرة العين في السكون والطمأنينة الى الحبيب الاول. ولو تنقل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ولم يطمئن الى ولم يطمئن الى شيء منها ولم تقر به عينه حتى يطمئن الى الهه وربه ووليه. الذي ليس له من دونه ولي ولا شفيع ولا غنى له عنه طرفة عين. كما قال القائل نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاول؟ كم منزل في الارض يألفه الفتى وحنينه ابدا لاول منزله فاحرص ان يكون همك واحدا ويكون هو الله وحده. فهذه غاية سعادة العبد. وصاحب هذه الحال في جنة معجلة قبل الاخرة وفي نعيم عاجل كما قال بعض الواجبين انه ليمر بالقلب اوقات اقول ان كان اهل الجنة في مثل هذا انهم في عيش طيب وقال اخر انه ليمر بالقلب اوقات يرقص فيها طربا. وقال اخر مساكين اهل مساكين اهل الدنيا مساكين نعم. مساكين اهل الدنيا. لا بالتنوين احسن. مساكين اهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا اطيب احسن الله اليك. وما ذاقوا اطيب ما فيها. قيل له وما اطيب ما فيها؟ قال معرفة الله ومحبته والانس والشوق الى لقائه وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم اهل الجنة الا هذا. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم يعني ليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم الجنة الا العبادات والطاعات التي تتلذذ فيها وتجد قلبك عندها تأنس بالله بذكره ومناجاته سماع خطابه سجودي بين يديه ونحو ذلك ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم حبب الي من من دنياكم النساء والطيب. وجعلت قرة عيني في الصلاة فاخبر انه حبب اليه من الدنيا شيئان النساء والطيب. ثم قال وجعلت قرة عيني في الصلاة. وقرة العين فوق المحبة فانه ليس كل محبوب تقر به العين. وانما تقر العين باعلى المحبوبات. الذي يحب لذاته وليس ذلك الا الله الذي لا اله الا هو وكل ما سواه فانما يحب تبعا لمحبته فيحب لاجله ولا يحب معه. فان الحب معه شرك والحب لاجله توحيد. فالمشرك يتخذ من دون الله اندادا يحبهم كحب الله. والموحد انما يحب من يحبه لله ويبغض من يبغضه في الله ويفعل ما يفعله لله. ويترك ما يتركه لله. ومدار الدين على هذه القواعد الاربع وهي الحب والبغض ويترتب عليهما الفعل والترك والعطاء والمنع. فمن استكمل ان يكون هذا كله لله استكمل الايمان وما نقص منها ان يكون لله عاد بنقص ايمان العبد. والمقصود قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من احب لله وابغض لله واعطى لله ومنع لله وقد استكمل الايمان. نعم احسن الله اليك والمقصود ان ما تقر به العين اعلى من مجرد ما يحبه فالصلاة قرة عيون المحبين في هذه الدنيا. لما فيها من مناجاة من لا من لا تقر العيون. من لا تقر نعم صحيح لا تقر العيون العيون ولا تطمئن القلوب ولا تسكن النفوس الا اليه والتنعم بذكره والتذلل والخضوع له والقرب منه. ولا سيما في حال السجود. وتلك الحال اقرب ما يكون العبد من ربه فيها. ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم يا بلال ارحنا بالصلاة فاعلم بذلك ان راحته صلى الله عليه وسلم في الصلاة كما اخبر وان قرة عينه فيها فاين هذا من قول القائل نصلي ونستريح من الصلاة. فالمحب راحته وقرة عينه في الصلاة الغافل المعرض ليس له نصيب من ذلك بل الصلاة كبيرة شاقة عليه اذا قام فيها كأنه على الجمر حتى قلص منها واحب الصلاة اليه اعجلها واسرعها فانه ليس له قرة عين فيها ولا لقلبه راحة بها العبد اذا قرت عينه بشيء واستراح قلبه به فاشق ما عليه مفارقته. والمتكلف الفارغ القلب من الله والدار الاخرة المبتلى بمحبة الدنيا اشق ما عليه الصلاة واكره ما اليه طولها مع تفرغه وصحته وعدم اشتغاله مما ينبغي ان يعلم ان الصلاة التي تقر بها العين ويستريح بها القلب هي التي تجمع ستة مشاهد. هذه الصلاة هي الميزان الذي الميزان الذي به تعرف حقيقة هدايتك واذا كنت على قرة عين في الصلاة ومحافظا على الصلاة وتجد لذة في الصلاة سواء في مناجاتك او ذكرك لله او خطاب الله لك في القرآن انت انت والا فعليك ان تراجع نفسك ان تنظر من اين اوتيت؟ ما سبب الغفلات ولا يمكن للانسان ان يكون قرة عينه في الصلاة الا بهذه المشاهد الست التي ختم بها المصنف هذه الرسالة فعلينا ان نوجد هذه المشاهد في انفسنا حتى نحصل قرة العين في الصلاة ومتى ما حصلنا قرة العين في الصلاة حصلنا الهداية التامة المشهد الاول الاخلاص وهو ان يكون الحامل عليها والداعي اليها رغبة العبد في الله. ومحبته له وطالبوا مرضاته والقرب منه والتودد اليه وامتثال امره بحيث لا يكون الباعث له عليها حظا من حظوظ الدنيا البتة بل ياتي بها ابتغاء وجه ربه الاعلى محبة له وخوفا من عذابه. ورجاء لمغفرته وثوابه المشهد الثاني مشهد الصدق والنصح. وهو ان يفرغ قلبه لله فيها. ويستفرغ جهده في اقباله فيها على الله. وجمع قلبه عليها وايقاعها على احسن الوجوه واكملها ظاهرا وباطنا. فان الصلاة لها ظاهر وباطن فظاهرها الافعال المشرقة شاهدت والاقوال المسموعة وباطنها الخشوع والمراقبة وتفريغ القلب لله. والاقبال بكليته على الله فيها بحيث لا يلتفت قلبه عنه الى غيره فهذا بمنزلة فهذا بمنزلة الروح لها. والافعال بمنزلة البدن. فاذا خلت من الروح كانت كبدن لا روح فيه. افلا يستحي العبد ان يواجه سيده بمثل ذلك. ولهذا تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها. وتقول ضيعك الله كما ضيعتني. والصلاة التي كمل ظاهرها وباطنها تصعد ولها نور وبرهان كنور الشمس حتى تعرض على الله فيرضاها ويقبلها وتقول حفظك الله كما حفظتني. ينبغي لطالب العلم ان يهتم بالصلاة اهتماما بليغا اعظم اهتمامه باي شيء في الدنيا فاذا ما حافظ على الصلاة حينئذ يسهل عليه جميع امور الدين اذا ظيع الصلاة حفظه لامور الدين الاخرى غير مقهور لماذا لانه اذا صحت صلاة العبد صحت سائر اعماله اذا فسدت الصلاة لم ينظر الى غيرها. نعم احسن الله اليك. فصل المشهد الثالث مشهد المتابعة والاقتداء. وهو ان يحرص كل الحرص الحرص على الاقتداء في صلاته بالنبي صلى الله عليه وسلم ويصلي كما كان يصلي ويعرض عما احدث الناس في الصلاة من الزيادة والنقصان والاوضاع التي لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء منها. ولا عن احد من اصحابه. ولا يقف عند اقوال المرخصين الذين يقفون مع اقل ما يعتقدون وجوبه. ويكون غيرهم قد نازعهم في ذلك واوجب ما اسقطوه. ولعل الاحاديث الثابتة والسنة النبوية من جانبه ولا يلتفتون الى ذلك. ويقولون نحن مقلدون لمذهب فلان. وهذا لا يخلص عند الله ولا كونوا عذرا لمن تخلف عما علمه من السنة عنده. فان الله سبحانه انما امر بطاعة رسوله واتباعه وحده ولم يأمر باتباع غيره وانما يطاع غيره اذا امر بما امر به الرسول. وكل احد سوى الرسول صلى الله عليه وسلم فمأخوذ من قوله ومتروك قد اقسم الله سبحانه بنفسه الكريمة الا نؤمن حتى نحكم الرسول فيما شجر بيننا. وان قال لحكمه ونسلم تسليما فلا ينفعنا تحكيم غيره والانقياد له. ولا ينجينا من عذاب الله ولا يقبل منا هذا الجواب اذا سمعنا نداءه سبحانه يوم القيامة ماذا اجبتم المرسلين؟ فانه لابد ان يسألنا عن ذلك ويطالبنا بالجواب. قال تعالى فلا نسألن الذين ارسل ولا نسألن المرسلين. وقال النبي صلى الله عليه وسلم اوحي الي انكم بي تفتنون. وعني تسألون. يعني المسألة في قبر. فمن انتهت اليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتركها لقول احد من الناس فسيرد يوم القيامة ويعلم وهذا المشهد يعني ان طالب العلم عليه ان يدع التعصب جانبا وان يجعل نصب عينيه الحق فاذا عرف الحق عرف اهله احسن الله اليك. فصلنا المشهد الرابع نشر الاحسان. وهو مشهد المراقبة. وهو ان يعبد الله كانه يراه. وهذا المشهد كما ينشأ من كمال الايمان بالله واسمائه وصفاته حتى كانه يرى الله سبحانه فوق سماواته مستويا على عرشه يتكلم بامره ويدبر امر الخليقة فينزل الامر من عنده ويصعد اليه. وتعرض اعمال العباد وارواحهم عند الموافاة عليه ذلك كله بقلبه ويشهد اسماءه وصفاته ويشهد قيوما حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما امرا ناهيا يحب ويبغض ويرضى ويغضب ويفعل ما يشاء. ويحكم ما يريد وهو فوق عرشه. لا يخفى عليه شيء من اعمال العباد ولا اقوالهم ولا مواطنهم بل يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور. ومشهد الاحسان اصل اعمال القلوب كلها. فانه يوجب الحياء والاجلال والتعظيم والخشية والمحبة والانابة والتوكل والخضوع لله سبحانه والذل له ويقطع الوساوس وحديث النفس ويجمع القلب والهم على الله فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الاحسان وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من بفضلك ما بين السماء والارض وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد قسما من ادرك هذا المشهد يقوم الى الصلاة يقرأ بركعة واحدة البقرة وال عمران والنساء ثم يركع نحوا كما اثر عن النبي عليه الصلاة والسلام تخيلوا معي ركعة واحدة يقرأ فيها هذه السور الطوال الثلاث من يستطيع ذلك سبحان الله العظيم احسن الله اليك. فصل المشهد الخامس مشهد المنة وهو ان يشهد ان المنة لله سبحانه كونه اقامه في هذا المقام واهله له ووفقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته. فلولا الله سبحانه لم يكن شيء من ذلك كما كان الصحابة يحدون بين يديه النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا. قال الله تعالى يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين. فالله سبحانه هو الذي جعل المسلم مسلما والمصلي مصليا كما قال الخليل صلى الله عليه وسلم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك. وقال ربي اجعلني مقيم ومن ذريتي فالمنة لله وحده في ان جعل عبده قائما بطاعته. وكان هذا من اعظم نعمه عليه. وقال تعالى وما بكم من نعمة فمن الله وقال ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. اولئك هم الراشدون. وهذا المشهد من اعظم المشاهد سوى انفعها للعبد. وكلما كان العبد اعظم توحيدا كان حظه من هذا المشهد اتم. وفيه من الفوائد انه يحول بين القلب وبين العجب بالعمل ورؤيته فانه اذا شهد ان الله سبحانه هو المان به الموفق له الهادي اليه شغله شهود ذلك عن رؤيته والاعجاب به. وان يصول به على الناس في رفع من قلبه فلا يعجب به ومن لسانه فلا يمن به ولا يتكفر به. وهذا شأن العمل المرفوع. ومن فوائده انه يضيف الحمد الى وليه ومستحقه فلا يشهد لنفسه حمدا بل يشهده كله لله. كما يشهد النعمة كلها منه والفضل كله والخير كله في يديه. وهذا من تمام التوحيد فلا يستقر قدمه في مقام التوحيد. الا بعلم ذلك وجهوده. فاذا علمه وسيخ ورسخ فيه صار له مشهدا. واذا صار لقلبه مشهدا اثمر له من المحبة والانس بالله. والشوق الى لقائه والتنعم بذكره وطاعته ما لا نسبة بينه وبين اعلى نعيم الدنيا البتة. وما للمرء خير في حياته اذا كان قلبه عن هذا مسدودا. وطريق الوصول اليه مسدودة بل هو كما قال تعالى ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلهيهم الامل فسوف يعلمون. هذا المشهد مهم لانه يجعلك تحس بتجدد الاء الله ونعمه عليك فان العبد كلما اه ادرك منة الله عليه ونعمه عليه ازداد تواضعه وعملك وطاعة وعبادة كمل لو انك اتيت اباك ثم ناداك فجئت فاعطاك ثم ناداك فجئته فاعطاك كلما تذكرت انك كل ما تأتيه يعطيك تدرك ان هذا الاب ها منته عليك عظيمة الله اجل من ذلك احسن الله اليك. فصلنا المشهد السادس مشهد التقصير. وان العبد لو اجتهد في القيام بالامر غاية الاجتهاد وبذل وسعه فهو مقصر. وحق الله سبحانه عليه اعظم. والذي ينبغي له ان يقابل به من الطاعة ان يقابل به من الطاعة والعبودية والخدمة فوق ذلك بكثير عظمته وجلاله سبحانه يقتضي من العبودية ما يليق بها. واذا كان خدم الملوك وعبيدهم يعاملونهم في خدمتهم بالاجلال لهم والتعظيم والاحترام والتوقير والحياء والمهابة والخشية والنصح. بحيث يفرغون قلوبهم وجوارحهم لهم. فمالك الملوك ورب السماوات والارض اولى ان يعامل بذلك. بل باضعاف ذلك يعني ملوك الدنيا اذا امروا عساكرهم وخدمهم بشيء يقومون بالامر فاذا شكروا له قال لا حقك اعظم من هذا بكثير علي لو امرتني بكذا وكذا لامتثلت الواجب على العبد يدرك ان طاعته عبوديته لله انما هو على وجه التقصير مهما كان. ولهذا ينبغي عليه ان لا يرى لنفسه فضلا احسن الله اليك. ولو اذا شهد العبد من نفسه انه لم يوفي ربه في عبوديته حقه. ولا قريبا من حقه علم تقصيره ولم يسعه مع ذلك غير الاستغفار والاعتذار من تقصيره وتفريطه وعدم القيام بما ينبغي له من حقه وانه الى ان يغفر له العبودية اعفو عنه فيها احوج منه الى ان يطلب منه عليها ثوابا. وهو لو وفاها حقها كما ينبغي لك انت مستحقة عليه مقتضى العبودية فان عمل العبد وخدمته لسيده مستحق عليه بحكم كونه عبده ومملوكه. فلو طلب منه الاجرة على عمل وخدمته لعده الناس احمق واخرق. هذا وليس هو عبده ولا مملوكه على الحقيقة. وهو عبد الله ومملوكه على الحقيقة منه بكل وجه فعمله وخدمته مستحق عليه بحكم كونه عبده. فاذا اثابه عليه كان ذلك مجرد فضل ومنة واحسان اليه لا يستحقه العبد عليه. ومن ها هنا يفهم معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لن يدخل احد منكم الجنة بعمله. قالوا ولا انت يا رسول الله قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه وفضل. طبعا الجنة ليست عوضا معاوضة بالاثمان وانما ادخل الجنة بما كنتم تعملون. الباء سببية وليست باء المعاوظة ولن يدخل احد منكم الجنة بعمله الباهنا باء المعاوظة احسن الله اليكم. وقال انس بن مالك رضي الله عنه يخرج للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوين. ديوان فيه حسناته وديوان فيه سيئاته وديوان النعم التي انعم الله عليه بها. فيقول الرب تعالى لنعمه خذي حقك من حسنات عبدي. فيقوم اصغرها فتستجب تنفذ حسناته ثم تقول وعزتك ما استوفيت حقي بعد. فاذا اراد الله ان يرحم عبده وهبه نعمه عليه. وغفر له سيئاته وضاعف له حسناته وهذا ثابت وغفر له سيئاته. احسن الله اليك. وغفر له سيئاته. وضاعف له حسناته وهذا ثابت عن انس وهو ادل شيء على كمال علم الصحابة بربهم وحقوقه عليهم. كما انهم اعلم الامة بنبيهم ودينه فان في هذا الاثر من العلم والمعرفة ما لا يدركه الا اولو الابصار العارفون بالله واسمائه وصفاته كلام ابن ان هذا ثابت عن انس يعني لا يصح رفعه الى النبي عليه الصلاة والسلام وهو كلام عالم مدقق فان رفع هذا الحديث لا يصح سلام عليكم. ومن ها هنا يفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابو داوود. والامام احمد من حديث زيد ابن ثابت وحذيفة وغيرهما ان الله لو عذب اهل سماواته واهل ارضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم. ولو رحمهم لك انت رحمته خيرا لهم من اعمالهم فصل وغير ظالم لهم لانه سبحانه لا يعذب الا بعدل ها لا يعذب الا بعدل واما رحمته فيرحم بالفضل فمعاملة للخلق على امرين لا ثالث لهما اما ان يعامل خلقه بعدله فان عاملهم بعدله وعذبهم لا يكون له ظالم. لانه عمل بالعدل فمثلا لو قال لك نعمة البصر هذه بكم تبيع؟ في الدنيا كم تبيع نعمة بصرك؟ مثلا عطوني رقم يمكن بعض الناس يقول لو تعطوني الدنيا ما اعطيكم البصر. اذا النعمة البصر تساوي الدنيا والعقل ساوي الدنيا والرجل طيب لو ان كل عباداتك قارنت هذه النعم ما وفت. وهنا ندرك انه لو عامل بالعدل لعذب الخلق لذلك يعامل اهل الاسلام بالفضل ويعامل اهل الكفران بالعدل. نعم الله اليك فصل وملاك هذا الشأن اربعة امور. نية صحيحة وقوة غالبة يقارنهما رغبة ورهبة. فهذه الاربعة هي قواعد هذا الشأن ومهما دخل على العبد من النقص في ايمانه واحواله وظاهره وباطنه. وهو من نقصان هذه الاربعة او نقصان بعضها فليتأمل اللبيب هذه الاربعة الاشياء وليجعلها سيره وسلوكه. ويبني عليها علومه واعماله واقواله واحواله فما نتج من نتج الا منها ولا تخلف من تخلف الا من فقدها. والله اعلم والله المستعان. وعليه التكلان وليه الرغبة وهو المسئول بان يوفقنا وسائر اخواننا من اهل السنة لتحقيقها علما وعملا؟ انه ولي ذلك والمان به وهو حسبنا ونعم الوكيل. فانا اوصيكم بهذه الاربع اجعل سريرتك سليمة اجعل عزيمتك قوية وعش رغبة فيما عند الله ورغبة فيما عند الله تسعد في الدنيا هذا معنى قول ابن القيم نية صحيحة وقوة غالبة يقارنهما رغبة والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات انهينا لكم هذه الرسالة بتعليق يسير اذا كان عندكم وقت قبل تجلس معاهم شلون شذي اه فرصة انا شفناكم ولو ما جلسنا معكم لكن ان شاء الله نلتقي في لقاءات اخر اسأل الله جل وعلا ان يبارك في رحلتكم وان يبارك في اعماركم واعمالكم اه علمكم وان يجعلكم مباركين اينما تكونون. شكر الله للاخوة القائمين على هذه اه السفرة المباركة خيرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك