وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعموني ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين بسم الله الرحمن الرحيم. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. ارسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا. فبلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق جهاده حتى اتاه اليقين. فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى من اهتدى بهديه بسنته الى يوم الدين ثم اما بعد. فمن المعلوم معشر المؤمنين والمؤمنات ومن بلغ ان الله سبحانه وتعالى انما خلق الخلق لحكمة بالغة. خلق الله الخلق لعبادته. وهذا امر بين جلي فقد قال سبحانه وبحمده وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون اراد الله سبحانه وتعالى ان تظهر معاني اسمائه وصفاته. وان يتعلق به عباده محبة وخوفا ورجاء وتوكلا واستعانة واستغاثة فخلق الخلق لتحقيق هذا القصد خلق الله ادم وخلق منه زوجة وابتلاهما بما ابتلاهما به في الجنة واهبطهما الى الارض ليعبد الله تعالى قال فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. ونحشره يوم القيامة اعمى وكانت هذه القضية اولى المسلمات ان الله حقه على عباده ان يعبدوه لا يشركوا به شيئا ولا ريب ان ابانا ادم وذريته الذين ولوه كانوا على هذا الامر ثم ان بنوه بعد ثمان بنيه بعد ذلك انقسموا في هذا الباب العظيم اقساما متعددة وصاروا على رتب متفاوتة فمنهم من استنكف عن عبادة الله تعالى اصلا ولم يرفع بها رأسا ومنهم من عبد الله تعالى واشرك معه غيره وهم الذين حدث فيهم الشرك في بعد بعد ادم بعشر قرون فعبدوا وغلوا في الصالحين وعبدوا ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا ولم يزل هذا الخط الشركي قائما الى يومنا هذا ومنهم من عبد الله وحده لكنه عبده على غير مراده وهم اهل البدع الذين تعبدوا لله تعالى بما لم يشرعه على اه السنة انبيائه فهؤلاء اخطأوا في المتعبد به ومن قبلهم اخطأوا في المعبود ومنهم من عبد الله لكنه افسد عبادته لله بعدم توحيده في الربوبية اعتقد عقائد شتى خرجت به عما ينبغي ان يعتقده في معبوده ككثير من اصحاب الفلسفات الباطنية من اهل وحدة الوجود وغيرهم التاتت عبادتهم بهذا هذه العقائد الفاسدة ومنهم من جعل عبادته عادة فلم يكن في قلبه استحضار للتعبد لله تعالى فصار فيه شيء نوع غفلة وهذا كثير ومنهم من هداه الله وثبته واقامه على البيضاء فعبد الله سبحانه وتعالى مخلصا له الدين على هدي المرسلين وهذه هي العبادة التي امر الله تعالى بها والمعرضون اليوم عن عبادة الله تعالى كثر يملئون ارجاء الارض يملئون الميادين والساحات والملاعب والمدرجات لا يقيمون لله وزنا يأكلون من ارض الله ويشربون من ماء الله ويعيشون في كون الله ومع ذلك لا يعبدون الله فهؤلاء كثر وهم حصب جهنم. ولهذا لا نعجب ان الله تعالى ينادي يوم القيامة يا ادم اخرج بعث النار من ذريتك فيقول يا ربي وما بعث النار؟ فيقول من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون الى النار وواحد الى الجنة لهذا ضاقت صدور الصحابة رضوان الله عليهم وقالوا يا رسول الله اينا ذلك الواحد وطمأنهم وسلاهم وقال انكم في امتين ما كانتا في شيء الا كثرتاه يأجوج ومأجوج وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين فمن العجب العجاب ان تغيب هذه الحقيقة العظيمة عن نفوس بني ادم وان يستذلهم الشيطان فيعميهم ويسمهم عما خلقوا من اجله. ولهذا عجب الله من حالهم فقال سبحانه افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون. ايعقل ان يقيم الله تعالى هذا الكون العظيم على هذا النسق البديع ويجري لكم من التيسيرات ما تقيمون به شأنكم. ويكون ذلك خليا من الحكمة عريا من القصد لا يمكن ذلك افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون تعالى الله عن ذلك وكذا قال على مستوى الفرد ايحسب الانسان ان يترك سدى؟ الم يكن نطفة من مني يمنا؟ ثم كان علقة فخلق فسوى. فجعل منه الزوجين الذكر والانثى اليس ذلك بقادر على ان يحيي الموتى فما اعجب ان تغيب هذه القضية عن بال انسان يدب على وجه الارض وكلما قوي شعور الانسان بالتعبد لله تعالى وحكمة الخلق استقام واطاع الله تعالى وعبده واذا غفل عن ذلك زلت به قدم فهذه الرسالة التي بين ايدينا خطها يراع شيخ الاسلام تقي الدين احمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني شيخ الاسلام. رحمه الله رحمة واسعة وهي من احسن ما كتب في بابه. تلكم هي رسالة العبودية رسالة مختصرة وان كان وان كنا قد لا نستطيع ان نأتي عليها في لقاء واحد ولكنها رسالة آآ حقيقة العبودية وتعريفها وفضلها واهميتها وحقيقتها من حيث المتعبد له. ومن حيث المتعبد به وبينت ايضا الفرق بين الحقيقة الكونية والحقيقة الشرعية وبينت ايضا ضلال من ضل في هذا الباب من اصناف المتعبدين فكانت بحمد الله تعالى آآ جامعة في بابها فنسأل الله تعالى ان ينفعنا بها ولنستمع آآ الى هذه الرسالة تفضل يا عمر بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه اما بعد قال شيخ الاسلام رحمه الله تعالى وغفر له ولشيخنا في رسالة العبودية سئل الشيخ رحمه الله عن قول الله عز وجل يا ايها الناس اعبدوا ربكم فما العبادة وفروعها؟ وهل الدين داخل فيها ام لا؟ وما حقيقة العبودية؟ وهل هي اعلى المقامات في الدنيا والاخرة؟ او فوقها شيء من المقامات ليبسطوا لنا القول في ذلك. فاجاب الحمد لله رب العالمين العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الباطنة والظاهرة. والصلاة والزكاة والصيام والحج. وصدق الحديث واداء الامانة وبر الوالدين وصلة الارحام والوفاء بالعهود. والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. والجهاد للكفار والمنافقين والاحسان الى الجار واليتيم والمسكين. وابن السبيل والمملوك من الادميين والبهائم والدعاء. والذكر والقراءة وامثال ذلك من العبادة. وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والانابة اليه. واخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمك والشكر لنعمه والرضا بقضاءه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف في عذابه وامثال ذلك وامثال ذلك. هي من العبادة لله. نعم الحمد لله رب العالمين. استهل الشيخ رسالته بتعريف جامع مانع للعبادة فقال انها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الباطنة والظاهرة. فاستوعب بذلك جميع صور العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الباطنة والظاهرة وهذا تعريف للعبادة باعتبار المتعبد به وسيأتي لاحقا تعريف للعبادة باعتبار المعبود او باعتبار التعبد او تعبدي له. اما هذا التعريف فهو تعريف له باعتبار المتعبد به. اي مفردات العبادة. فلذلك ادخل فيها جميع هذه الامور وبعد هذا الاجمال ذكر هذه التفصيل. هذه التفصيلات تسمى امهات العبادات وامهات العقائد وامهات الاخلاق كل ذلك مندرج في العبادة فامهات العبادات كالصلاة والزكاة والصوم والحج وامهات العقائد كتوحيد الله سبحانه وتعالى وما يتفرع من من اه المحبة والخوف والرجاء والايمان برسله والايمان باليوم اخر الى غير ذلك من اصول الايمان. وامهات الاخلاق ما اشار اليه من الاحسان الى المسكين وابن سبيل البهائم وغير ذلك. فتبين بذلك ان العبادة تسع ذلك كله وهذا هو معنى قول الله تعالى قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. ويتبين بهذا رعاكم الله انه لا يخرج شيء من امور الحياة عن العبادة سيتمكن المؤمن الموفق ان يحيل جميع اعماله واقواله وتصرفاته في هذه الحياة الى قرب يتقرب بها الى الله عز وجل فتنقلب حياته كلها عبادة خلافا لما يتصوره بعض الناس من ان العبادة تقتصر فقط على النسك على الصلاة او الزكاة او الذكر او الدعاء ثم هو في سائر يومه وساعات ليله ونهاره في غير عبادة الواقع ان العبد اذا استلهم هذا التعريف وامتلأ به قلبه استحالت حياته كلها عبادة ثم قال بعد ذلك وذلك ان العبادة لله هي الغاية المحبوبة له والمرضية له. التي خلق الخلق لها. كما قال تعالى وما خلقت الجن والانس سألنا ليعبدون وبها ارسل جميع الرسل كما قال نوح لقومه. واعبدوا الله ما لكم من اله غيره. وكذلك قال هود وصالحوا وشعيب وغيرهم لقومهم. وقال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. فمنهم من هدى الله فهو منهم من حقت عليه الضلالة. وقال تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون وقال تعالى وان هذه امتكم امة واحدة. وانا ربكم فاتقون. هكذا وان هذه في الانبياء ان هذه نعم وان هذه امتكم امة واحدة. وانا ربكم فاتقون. كما قال في الاية الاخرى يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم. وجعل ذلك لازما لرسله الى الموت. اذا الصواب ان تكون الاية الاولى هي اية الانبياء ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون ثم الاية بعدها يا ايها الرسل كلوا من من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم وان هذه امة امة واحدة وانا ربكم فاتقون. لان هذا هو موضع الشاهد الاولى ينبغي ان تكون فاعبدون اية الانبياء. والثانية لعله اسقط وان هذه امتكم وهي اية سورة المؤمنون ثم قال كما قال واعبد ربك حتى يأتيك اليقين. وبذلك وصف ما وصف ملائكته وانبياؤه فقال تعالى وله ما في السماوات والارض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسنون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون وقال تعالى ان الذين عند ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون وذم المستكبرين عنها بقوله وقال ربكم ادعوني استجب لكم. ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ونعت صفوة خلقه بالعبودية له فقال تعالى عين يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا وقال وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا الايات. ولما قال الشيطان قال رب بما اغويتني لازينن لهم في الارض ولاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين. قال تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبع فمن الغاوين وقال في وصف وصف الملائكة بذلك وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون فيسبقونه بالقول وهم بامره يعملون. الى قوله وهم من خشيته مشفقون. وقال تعالى وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا ادا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا. ان دعوا للرحمن ولد وما ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا. لقد احصاهم لهم عدا وكلهم اتيه يوم القيامة فردا. وقال تعالى عن المسيح الذي ادعيت فيه الالوهية الالوهية والنبوة لعلها والبنوة عندكم النبوة صححوها والبنوة اما النبوة فثابتة بلا شك ليست دعوة ان هو الا عبد انعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني اسرائيل. نعم حسبك هذا الحشد من الايات يدل على عظم امر العبادة وتفخيم الله تعالى لشأنها الله سبحانه وتعالى خلق الخلق لعبادته وبعث الرسل وانزل الكتب لتحقيق هذا الغرض فما من نبي يبعثه الله الا يبادئ قومه بهذه الجملة. يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره تعاهد الله تعالى اجيال بني ادم بالرسل. ولقد بعثنا في كل امة نذيرا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وان من امة الا خلا فيها نذير ولذلك فينبغي ان تكون نظرتنا الى التاريخ البشري هو انه تاريخ الانبياء فقد اعيد كتابة التاريخ على خلاف ما وصفه الله تعالى في كتابه. فالقارئ للقرآن العظيم يلحظ ان الله سبحانه وتعالى يحكي حال بني ادم من ادم الى محمد صلى الله عليه وسلم من خلال تسلسل الانبياء فالتاريخ الحقيقي للبشرية هو تاريخ الانبياء وعلى هذا النسق سار مؤرخ الاسلام كابن جرير وابن كثير اذا الفوا وصنفوا في التواريخ فانهم يبتدئون في قصة ادم عليه السلام. وثم احباطه الى الارض ثم قصة نوح وهكذا عن طريق تسلسل الانبياء اما التاريخ العلماني الذي نشأ في احضان العلمانية الفارة الشاردة عن دين الله فانه يقسم التاريخ الى تاريخ قديم ووسيط ومعاصر وحديث ونحو ذلك. او يقسمه الى تقسيم الحضارات المختلفة. ويرى ان الانبياء انما زاوية صغيرة من زوايا التاريخ شأنهم شأن الملوك والشعراء والادباء وغير ذلك. الا تلاحظون هذا فيجب علينا ان ننظر بهذه النظرة الرائقة وان نعلم ان تاريخ البشرية هو تاريخ الانبياء فان الله تعالى لم يزل يتعهد البشر بالانبياء رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل من هذه الزاوية زاوية الرصد ننظر الى البشرية. خلافا لما تنظر اليه العقول العلمانية الشاردة عن الدين الملحظ الثاني انه ينبغي لنا ان نتناول كل بحث ومسألة وان يكون معولنا على كتاب الله. فانظروا يا رعاكم الله كيف حشد الشيخ رحمه الله هذه الايات العظيمة في مستهل رسالته فينبغي لطالب العلم دوما ان يجعل معوله وعمدته واصله في كل قضية يتصدى لها على ناطق الكتاب وصحيح السنة بعض الباحثين يحتفي باقوال الرجال حتى وان كانوا من العلماء وربما لا ينقل من كتاب الله او من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم الا شيء يسيرا يقع تبعا اما العالم المؤصل فهو الذي يعمد الى النبع الاصيل الصافي ويأخذ منه مباشرة فعود نفسك يا طالب العلم ان يكون معولك وعمدتك في اي قضية تتصدى لها خطابة او كتابة او تقريرا على كتاب الله ثم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانك بذلك تظع الخطوط والعامة والقواعد آآ المتينة لما انت مقبل عليه انتبه يا رعاك الله الى هذا المعنى وقد بين الشيخ رحمه الله فيما نقل من هذه الايات الكريمات عظم امر العبادة. وكيف ان الله سبحانه وتعالى جعلها نعتا لخيرة خلقه كملائكته بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون. وكذلك ايضا وصف بها صفوة خلقه. فقال عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا. وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا والمقصود ان العبودية وصف شرفي العبودية واسكن شرفي اذا كانت لله رب العالمين. اما اذا كانت لغير الله فهي ذل ومهانة وقد قال الشاعر ومما زادني شرفا وتيها وكدت باخوصي اطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وان ذكرت احمد لي نبيا. صلى الله عليه وسلم. فكمال العبد بعبوديته. فان العبد مفطور على العبودية والحاجة والافتقار لابد له من ذلك. فان لم يصرف تلك العبودية الى مستحقها وهو الله سبحانه وتعالى فسوف يصرفها الى من سواه. سوف الى من هو مثله او احقر منه. وفي هذا غاية الخذلان والحقران ان يكون الانسان كذلك فالعبودية لله تعالى شرف اه ثم قال رحمه الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا تطروني كما اطرت النصارى عيسى ابن مريم فانما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله وقد نعته الله بالعبودية في اكمل احواله. فقال في الاسراء سبحان الذي اسرى بعبده ليلا. وقال في الايحاء الى عبده ما اوحى. وقال في الدعوة وانه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا. وقال في التحدي وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله. فالدين كله داخل في العبادة. نعم هذا اذا ملحظ لطيف اه نبه عليه وهو بذلك يشير الى اقوام يدعون انهم تجاوزوا حد العبودية يؤسس لنقض مقالتهم والحق ان العبودية هي اشرف مقام يبلغه انسان. ولهذا وصف الله تعالى بها نبيه صلى الله عليه وسلم اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه انه عبد فقال لا تطروني كما اطرت النصارى المسيح ابن مريم. اذ النصارى ماذا صنعت؟ خرجت بالمسيح عن حد العبودية الى حد الالوهية وصفوه باوصاف لا تنبغي الا لله. زعموا ان الله حل فيه وتجسد ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم امته من هذا الغلو والاطراء. انما انا عبد فقولوا عبد الله ورسوله. وهذه الجملة اخيرة تجعل مقام نبينا صلى الله عليه وسلم بين اهل الغلو وبين اهل الجفاء ففيها رد على اهل الغلو الذين يرفعونه فوق منزلته فيزعمون له من الاوصاف ما لا ينبغي الا لله. كما يقع من غلاة مداحين والصوفية الموالد النبوية حتى قال قائلهم يا اكرم الخلق ما لي من الوذ به سواك عند حلول الحادث العمم. ان لم تكن يوم معادي اخذا بيدي عفوا والا فقل يا زلة قدم فان من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم. هكذا يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا غلو لو سمعه النبي صلى الله عليه وسلم لرده في وجهه وانكر عليه وقوله صلى الله عليه وسلم ورسوله هذا رد على اهل الجفاء. الذين لا يعرفون قدر النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينزله ينزلونه المنزلة التي انزلها الله تعالى اياه. فانه رسول. وذلك ان بعض المهوسين زعم ان مراتب اعظم من مرتبة الرسول والنبي زعموا ان مرتبة الولي اعظم من مرتبة النبي والرسول. حتى قال قائلهم مقام النبوة في برزخ خويقة الرسول ودون الولي فجعلوا الولي اعلى المنازل ومن دونه آآ الرسول ومن دونه النبي ثم الرسول السلم رأسا على عقب وزعموا ان الرسل مجرد وسائط بمنزلة الرسول المرسل وان المرسل اليه يكون اعلى قدرا من الواسطة. هكذا فهؤلاء اهل جفاء وكذلك الذين لا يتأدبون مع النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يصلون ويسلمون عليه. ولا يحفظون له قدره ولا يعزرونه ولا يوقرون فان هؤلاء اهل الجفاء. فلهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فقولوا عبد الله ورسوله. وبين الشيخ رحمه الله في جمع لطيف كيف ان الله تعالى خلع عليه وصف العبودية في احسن احواله في مقام في افضل ليلة مرت بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء قال سبحان الذي اسرى بعبده ووصفه بالعبودية في اعلى مقام بلغه. بلغ موضعا يسمع فيه صريف الاقلام. صريف اقلام القدر وفي موضع الوحي الذي هو اعلى حال يمكن ان يتلبس به بشر حينما يهبط عليه وحي الرحمن فاوحى الى عبده ما اوحى سواء كان فاعل اوحى الله سبحانه او كان جبريل كما هو آآ معروف في التفسير. وكذلك في مقام الدعوة وانه لما قام عبد الله يدعوه. وهذا اشرف عمل يقوم به انسان لان نفعه متعدد الدعوة الى الله عز وجل من اشرف المهام ولهذا قال الله ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين. وكذلك ايضا وصفه الله تعالى في مقام التحدي. وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فلو كان ذلك منقصة ما ذكره بوصف العبودية في مقام التحدي. بل هو وصف كمال وخلص الشيخ رحمه الله الى هذه النتيجة الواضحة فقال فالدين كله داخل في العبادة وصدق الدين كله داخل في العبادة ثم قال بعد ذلك وقد ثبت في الصحيح ان جبريل لما جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم في سورة اعرابي وسأله عن الاسلام قال ان تشهد ان ان تشهد اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا قال فما الايمان؟ قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت. وتؤمن بالقدر خيره وشره قال فما الاحسان؟ قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك. ثم قال في اخر الحديث هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم. فجعل هذا كله من الدين. نعم ولهذا قال اهل العلم ان هذا الحديث اي حديث جبريل الذي استهل به الامام مسلم رحمه الله صحيحه قالوا انه الدين كله وصدقوا فان جبريل افضل رسول ملكي بعثه الله الى افضل رسول بشري فسأله هذه المسائل التي احاطت بالدين كله سأله عن الاسلام وسأله عن الايمان وسأله عن الاحسان فهي مراتب الدين الثلاثة عمها الاسلام والايمان اخص منه والاحسان اخص مما قبله ثم سأله عن الساعة وعلاماتها؟ فقال في اخر الحديث هذا جبريل اتاكم يعلمكم دينكم. وفي لفظ امر دينكم فدل ذلك على ان هذا يشمل الدين كله. نعم والدين يتضمن معنى الخضوع والذل. يقال دنته فدان اي ذللته فذل. ويقال يدين الله ويدين الله ان يعبدوا الله يعبدوا الله ويطيعه. ويخضع له فدين الله فدين الله عبادته وطاعته والخضوع والعبادة والعبادة اصل معناها الذل. الذل الذل ايضا يقاد طريق معبد اذا كان مذللا قد وطأته اقدام لكن العبادة المأمورة بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب فهي تتضمن غاية الذل لله. بغاية المحبة احبتي الله. نعم هذا الشروع من الشيخ رحمه الله في بيان تعريف العبادة باعتبار المتعبد له فقد تقدم تعريفها باعتبار المتعبد به وانها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال. فنقول هذه عبادات. الصلاة عبادة. الزكاة عبادة. الحبة الخوف عبادة الى اخره اما الان فهو بصدد تعريف العبادة باعتبار المتعبد له وهو الله سبحانه وتعالى. وهو ما يجب ان يقوم في قلب المتعبد لله تعالى. فبين اولا حقيقة الدين وان حقيقة الدين تؤول الى حقيقة العبادة. فان العرب تقول جنته فجاء اي اه خضع وذل ويقول يدين الله ويدين لله ان يعبدوا الله ويطيعوا ويخضعوا له. فالدين بمعنى الخضوع وبمعنى الذل وبمعنى ان الانقياد وكذا العبادة فان لفظ العبادة مأخوذ من قولهم بعير معبد اذا كان ذلولا. ينقاد وينساق وراء سائقه او قائده يقال بعير معبد ذلول. ويقال طريق معبد اذا كان ممهدا للسير وطأته الاقدام ففيها معنى ايضا الخضوع والذل والانقياد. فتبين بذلك ان الدين والعبادة بمعنى واحد فحقيقة العبادة باعتبار صدورها من العبد انها ذل وخضوع وانقياد لله تعالى وطاعة مصحوبة مصحوبة بمحبة فهي تركيبة عجيبة من خالص المحبة وخالص الخضوع هذه حقيقة العبادة انها كمال المحبة مع كمال الخضوع فتعريف العبادة باعتبار المتعبد له باعتبار حقيقتها وذاتها انها كمال المحبة مع كمال الخضوع. نعم فان اخر مراتب الحب هو التتميم. التتين. التطيب واوله العلاقة العلاقة انه يعلق من العنق واوله العلاقة لتعلق القلب بالمحبوب ثم الصبابة لانصباب القلب اليه ثم الغرام وهو الحب اللازم للقلب. ثم العشق واخرها. التطيب. التطيب يقال تيم الله اي عبد الله فالمتيم المعبود لمحبوبه. ومن خضع العبد لمحبوبه او المعبر محبوبة المعبد المعبد لمحبوبه. هذه المراتب هي مراتب آآ الحب من الناحية اللغوية اولها العلاقة اول ما ينجذب الشيء للشيء هو انجذابه اليه بنوع علاقة. ثم تتبقى عبر رتب الى ان يكون اعلاها التتيم. فيقال متيم به فهذا تقسيم لغوي فاراد ان يقرب هذا ليبين حقيقة العبادة قال ومن خضع ومن قضى لانسان معبوده له لا يكون عابدا له. ولو احب شيئا ولم يخضع له لم يكن عابدا له. كما قد يحب هذا هو صديقه ولهذا وصديقه صديقه وصديقه كما قد يحب ولده وصديقه. ولده وصديقه ولهذا لا يكفي احدهما في عبادة الله تعالى. بل يجب ان الله احب الى العبد من كل شيء. وان يكون الله اعظم عنده من كل شيء. بل لا يستحق المحبة والذل تامة الا الله وكل ما احب لغير الله فمحبته فاسدة وما فمحبته فاسدة وما عذب بغير بغير امر الله كان تعظيمه باطلا. نعم تأملوا يرعاكم الله وافحصوا قلوبكم في هذا المقام حقيقة العبادة هو ان يقوم في القلب محبة لا تشبهها محبة لله عز وجل وخضوع لا يشبهه خضوع لا تكفي المحبة وحدها ولا يكفي الخضوع وحده لا بد من اجتماعهما حتى تحصل العبادة المرادة لله عز وجل لانه في العرف العام من احب ولم يعظم لا يعد عابدا ومن عظم وخاف ولم يحب لا يعد عابدا واجتماع الامرين على وجه لا مثيل له بلغ اعلى ما يكون هو المثل الاعلى الذي لا يكون الا لله رب العالمين فمحبة المؤمنين لله تعالى محبة نوعية لا يماثلها نوع من المحاب. استمعوا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله. والذين امنوا اشد حبا لله اذا هناك قدر مشترك من المحبة بين الخالق والمخلوق. لكن الذي يحب المؤمنون به ربهم شيء لا يدانيه وصف. والذين امنوا اشد اتى صيغة افعل التفظيل اشد حبا لله. فليست محبتهم لله كمحبة الوالد للولد محبة شفقة. ولا كمحبة الولد للوالد للوالد محبته اجلال ولا كمحبة الزوج للزوجة كما محبة شهوة ورغبة ولا كمحبة الانسان للطعام والشراب. وهي محبة غريزة كل هذه انواع محاب لكنها محبة عبودية التي تسمى محبة السر قلوب المؤمنين لربهم محبة من نوع خاص لا يماثله نوع. كذلك الخوف والخشية والخضوع. فان المؤمنين في قلوبهم لله تعالى خشية لا تماثلها خشية. وخوف لا يماثله خوف قد يخاف الانسان من السبع ويخاف من العدو ويخاف من النار ويخاف من المرض. لكنه خوف بدرجة معينة. اما خوف السر فلا ينبغي الا لله فلهذا من احب محبة السر لغير الله فهو مشرك شركا مخرجا عن الملة. ومن خاف خوف السر لغير الله تعالى فقد اشرك شركا مخرجا عن الملة فهذه حقيقة التعبد لله هذه التركيبة اه المكونة من كمال المحبة مع كمال التعظيم ثم ذكر الايات في هذا المعنى فقال قال الله تعالى قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون فسادها ومساكنها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بامره فجنس المحبة تكون لله ورسوله كالطاعة. فان الطاعة لله ورسوله والارضاء لله ورسوله. والله ورسوله احق ان يرضوه. والايتاء لله ورسوله. ولو انهم رضوا ما اتاهم الله ورسوله. واما العبادة وما من التوكل والتوكل والخوف ونحو ذلك فلا يكون الا لله وحده كما قال تعالى. ويا اهل الكتاب الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا. الى قوله فان تولوا فقولوا بانا مسلمون. وقال تعالى ولو انهم رضوا ما اتهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا الى الله راغبون. فالاتاء لله والرسول كقوله وما اتاكم الرسول فخذوه. وما نهاكم عنه فانتهوا. واما وهو الكافي فهو الله وحده كما قال تعالى الذين قال لهم الناس ان فسقت جمعوا لكم فاخشوهم. فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. وقال تعالى يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين. اي حسبك وحسب من اتبعك وحسب من اتبعك الله. ومن ظن ان المعنى حسبك الله والمؤمنون اعد الجملة السابقة. اي حسبك حسبك وحسب من اتبعك الله لا الصواب اي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين الله هذا جواب اه هذا خبر المبتدأ اي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين الله. ومن ظن ان المعنى حسبك الله والمؤمنون معه. فقد غلط غلطا فاحشا كما قد بسطناه في غير هذا الموضع. وقال تعالى اليس الله بكاف عبده؟ وتحرير ذلك ان العبد طيب ها هنا ميز الشيخ رحمه الله بين امرين بينما يقع فيه اشتراك في جنسه وبين ما لا يقع فيه اشتراك ولا ينبغي الا لله المحبة والإيتاء والرضا يمكن ان يقع فيه اشتراك. فتقع المحبة لله ولرسوله وكذلك الرضا فيمكن ان يصرف الرضا لله الارظاء لله ولرسوله فجنس المحبة يحب العبد الله ويحب رسول الله ويحب المؤمنين لكن المحبة اذا اظيفت تخصصت فكانت المحبة محبة العبودية لا تكون الا لله ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم محبة من نوع اخر فانما احب رسول الله لمحبته لله ولولا انه رسول الله لما احبه فمحبة رسول الله ومحبة المؤمنين هي فرع عن محبة الله تعالى. وكذلك الارظاء كما قال في الاية والله رسوله احق ان يرضوه. فالارضاء يكون لله ويكون لرسول الله. فالارظاء لله باخلاص العبادة له. والارظاء لرسوله بامتثال امره واجتناب نهيه. وما آآ كان ارضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم محمودا الا لكونه فرعا عن ارضاء الله تعالى. ولو انهم رضوا ما اتاهم الله ورسوله. فالاتاء يكون من الله ويكون من رسوله صلى الله عليه وسلم هذا يقع فيه اشتراك باعتبار جنسه واما العبادة فانه لا اشتراك فيها لا ليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها قسط بل هي خالصة لله رب العالمين. وقد استدل الشيخ رحمه الله بايات منها قل يا اهل الكتاب. تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا انتهى ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله. فان تولى فقولوا اشهدوا بان مسلمون. المسألة محسومة. العبادة لله وحده وكذلك ايضا لما ذكر الحسم جعل الحسم لله وحده فقال ولو انهم رضوا ما اتاهم الله ورسوله. الايتاء يكون من الله ويكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا حسبنا الله لم يقولوا حسبنا الله ورسوله. وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله فالايتاء يكون من الله ومن رسوله واما الحسم فهو خالص لله تعالى اذ الحسم هو الكفاية والله تعالى هو الحسم. فهو كاف عبده كما قال تعالى. اليس الله بكاف عبده؟ وقد اخطأ من فسر الاية وهي قول الله تعالى يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين اخطأ من ظن ان معناها يا ايها حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين هذا غلط والصواب ان تقدير الاية يا ايها النبي حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين. فالله حسب الجميع لا ان المؤمنين حسب للنبي صلى الله عليه وسلم. بل المؤمنين بل المؤمنين بحاجة الى حسب. والله تعالى حسب جميع لهذا وصف الشيخ رحمه الله بان من غلط في في تقديرها غلط غلطا فاحشا لانه مناف توحيد لتوحيد العبادة ثم انه بعد ذلك قال وتحرير ذلك ان العبد يراد به المعبد الذي عبده الله فذلله ودبره وصرفه. وبهذا المخلوقون كلهم عباد لله وبهذا الاعتبار وبهذا الاعتبار المخلوقون الاحسن ان تكون وبهذا الاعتبار فالمخلوقون كلهم عباد الله وبهذا الاعتبار فالمخلوقون كلهم عباد لله. من الابرار والفجار والمؤمنين. والكفار واهل الجنة واهل النار اذ هو ربهم كلهم ومليكهم لا يخرجون عن مشيئته وقدرته. وكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فمن شاء كان وان لم يشاءوا وما شاءوا ان لم يشاءه لم يكن فما شاء كان وان لم يشاءوا نعم وما شاؤوا ان لم يشاؤوا لم يكن. وما شاؤوا ان لم يشأوا لم يكن وما شاءوا ان لم يشأه لم يكن. كما قال تعالى افغير دين الله يبغون. ولو اسلم من في السماوات والارض طوعا وكره واليه يرجعون. فهو سبحانه رب العالمين وخالقهم ورازقهم ومحييهم. ومميتهم ومقلب قلوبهم ومصرفوا امورهم لا رب لهم غيره ولا مالك لهم سواه. ولا خالق الا هو ولا خالق الا هو ولا خالق لهم الا هو ولا خالق لهم الا هو. ولا خالق لهم الا هو. سواء اعترفوا بذلك او او انكروه وسواء علموا ذلك او جهلوه. لكن اهل الايمان منهم من عرفوا ذلك واعترفوا به. بخلاف من كان جاهلا بذلك او جاهدا له مستكبرا. مستكبرا على ربه لا يقر ولا يخضع له. مع علمي بان الله ربه وخالقه فالمعرفة بالحق اذا كانت مع الاستكبار عن قبوله والجحد له كان عذابا على صاحبه كما قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا. فانظر كيف كان عاقبة المفسدين. وقال تعالى اذا اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم. وان فريقا منهم ليكتبون الحق وهم يعلمون. وقال تعالى فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. فان اعترف العبد ان الله ربه وخالقه. وانه مفتقر اليه محتاج اليه. عرف العبودية المتعلقة المتعلقة بربوبية الله. وهذا العبد يسأل ربه فيتضرع اليه ويتوكل عليه. يسأل ربه فيتضرع به يسأل ربه يسأل ربه فيتضرع اليه ويتوكل عليه لكن قد يطيع امره قد يعصيه وقد يعبد وقد يعبده مع ذلك. وقد يعبد الشيطان والاصنام ومثل هذه العبودية لا تفرقوا بين اهل الجنة والنار ولا يصير بها الرجل مؤمنات. كما قال تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون فان المشركين كانوا يقرون فان المشركين كانوا يقرون ان الله خالقهم ورازقهم. وخالق ورازقهم وهم يعبدون غيره قال تعالى ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله. وقال تعالى قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون. سيقولون لله قل افلا تذكرون. الى قوله قل فانى تسحرون. وكثير من اه اراد الشيخ رحمه الله تعالى ان يبين نوعين من العبودية من تعبد الناس فقال ان لفظ العبد لفظ العبد يراد به المعبد الذي عبده الله فذلله ودبره وصرفه هذا احد المعنيين وسيذكر لاحقا المعنى الاخر احد معنيي العبد اي بمعنى المعبد. العبد بمعنى المعبد والمعنى الاخر الذي سيذكره ان العبد بمعنى العابد كذلك انه من خواص من خواص اولياء الله واهل المعرفة والتحقيق. الذين يسقط عنهم الامر والنهي الشرعيان كان من اشر اهل الكفر والالحاد. ومن ظن ان الخضر وغيره سقط عنهم الامر. لمشاهدة الارادة ونحو ذلك لكن العبد بمعنى المعبد هو الذي ذلله الله ودبره وصرفه. بمعنى انه جرت عليه احكام الله الكونية. لا محيد له عنها. فهو خالقه ورازقه ومدبر امره. وهو الذي اه يحيه ويميته ويمرضه ويصحه ويعزه ويذله. الى جميع انواع هذه التصرفات. افغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون هذا الاسلام الاجباري القسري الكرهي هذا هو الذي يشمل جميع المخلوقات لا يخرج عنها شيء ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا هذه العبودية عبودية لا يخرج عنها شيء. كائن من كان لكن الناس حيالها منهم من يعلم ذلك ومنهم من يجهل ذلك ومنهم من يعلمه ويجحده كل ذلك موجود. منهم من يعلم ذلك ويكون عبدا عابدا ومنهم من يجهل ذلك بالكلية فهو في غفلة مطبقة لا يدري كالبهيمة في هذه الدنيا كمن وصف الله بقوله ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولا لهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها. اولئك كالانعام بل هم اضل. اولئك هم الغافلون ومنهم من يعلم ذلك وتحمله هذه يحمله ذلك العلم على الافتقار اليه والاضطرار اليه والسؤال والتوكل وغير ذلك مما مقتضيات الربوبية يعني انه مقر بالربوبية لكنه لا يطيعه في امره ونهيه فقد اقر بالربوبية واتى بما تستلزمه من الدعاء والتضرع والسؤال فيما يصلح دنياه لكنه لا يطيعه في شرعه وهذا حال مشركي العرب. الذين كانوا مقرين بذلك ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله والصنف الرابع وهم الذين يقرون بذلك في قلوبهم ويجحدونه بالسنتهم كقوم فرعون الذين قال الله عنهم وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم. فهؤلاء اشد عذابا والما لانهم يناقضون انفسهم ويستنكفون ويستكبرون. فكما قال الشيخ فالمعرفة بالحق اذا كانت مع الاستكبار عن قبوله والجحد كان عذابا على صاحبه. وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا وقال ايضا سبحانه الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم. وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون وهذا موجود يرعاكم الله في الاولين والاخرين. هناك من يعلم الحق ويجحده. كما جرى لحيي بن اخطأ اه اخوه واخيه ابي ياسر حينما ذهب اه الى النبي صلى الله عليه وسلم يوم ان نزل بقباء في بني عمر ابن عوف ذهبا مغلسين وبقي عنده سحابة يومهما واتيا اخر النهار كما تقول صفية رضي الله عنها قالت فأتيا كالين كسلانين يمشيان الهوين فاقبلت عليهما وكانت صبية صغيرة قالت وكان لا يقدمان علي احدا من الاهل. كان يهشان لها ويبشان تقول فوالله ما التفتا الي لشدة ما بهما من الهم تقول فقعد عمي الى ابي واجبا فقال له اهو هو هو يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم والله قال تعرفه وتثبته؟ قال نعم والله يحلف قال فما في نفسك منه قال عداوته والله ما بقيت عياذا بالله عرف ثم انحرف. اقر ثم انكر هؤلاء اشد عذابا في نفوسهم وفي عاقبتهم فصار الناس على هذه الاطباق الثلاثة في المقام الاول المتعلق العبودية الكونية لله سبحانه وتعالى التي تخضع لها جميع ذرات الكون دون العبودية الشرعية التي سيأتي ذكرها ثم اردف ذلك ببيان حال اناس ممن ينتسبون الى القبلة. لا من مشركي العرب فقال وكثير ممن يتكلم في الحقيقة ويشهدها يشهد هذه الحقيقة وهي الحقيقة الكونية التي يشترك فيها وفي شهودها المؤمن والكافر والبر والفاجر. وابليس معترف بهذه الحقيقة. واهل النار. قال ابليس ربي فانظر الى يوم يبعثون. وقال ربي بما اغويتني لازينن لهم في الارض ولاغوينهم اجمعين. وقال فبعزتك لاغوينهم اجمعين وقال ارأيتك هذا الذي كرمت علي وامثال وامثال هذا من الخطاب الذي يقر فيه بان ان الله ربه وخالقه وخالق غيره. وكذلك اهل النار قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين وقال تعالى ولو ترى اذ وقفوا على ربهم قال اليس هذا بالحق؟ قالوا بلى وربنا. فمن وقف عند هذه الحقيقة وعند شهودها ولم يقم ولم يقم بما امر به من الحقيقة الدينية. التي هي عبادته المتعلقة بالهيته وطاعته وطاعة امره وامر رسوله. كان من جنس ابليس واهل النار. وان وان ظن فلو وقع عليه من اقدار الحق اي الله عز وجل بلاء ومرض فدافعه بالرقية الشرعية او بالدعاء او بالعسل او بالحبة السوداء او بالتطبب لدى الاطباء لكان نازعا للقدر بالقدر كان قوله هذا من شر اقوال الكافرين بالله ورسوله. حتى يدخل في النوع الثاني من معنى من معنى العبد وهو العبد بمعنى العابد حسبك. اذا قد كشف الشيخ رحمه الله حقيقة هذا الصنف من المنتسبين الى اهل القبلة وهم اولئك الذين يدعون انهم شهدوا الحقيقة الكونية وظنوا ان علمهم بتدبير الله وربوبيته وتصريفه للكون ان هذا كاف في تحقيق الايمان فغاية ما حققوا ان اتوا بالتوحيد الذي اتى به ابو جهل بل بالذي جاء به ابليس فان ابليس كان مقرا لله تعالى بالربوبية يحلف به سبحانه قال فبعزتك لاغوينك انهم اجمعين. قال ارأيتك هذا الذي كرمت علي؟ والى غير ذلك من الاية الدالة على ان ابليس كان مقرا لله تعالى بالربوبية معتقدا بانه يحكم ما يشاء ويقضي ما يريد فغاية من ما يصل اليه هؤلاء الذين يدعون الحقيقة ويتكلمون في الحقيقة وهي الحقيقة الكونية ان يصلوا الى مثل ما وصل اليه ابليس ومثل ما وصل اليه آآ مشركوا العرب ونحو ذلك. وهذا امر لا يخرجه من حد الكفر. حتى يثبت الحقيقة الدينية التي هي توحيد العبادة الشيطان يتلاعب بهؤلاء ويزين لهم صنيعهم يرى ان الوقوف عند هذا الامر كاف. ولهذا تجد بعضهم يقول اصبحت منفعلا لكل ما تختاره مني ففعلي كله طاعات يعني يزعم بان كل ما يصدر منه من افعال حتى وان كانت معاصي وموبقات انها حقيقة كونية. زين له الشيطان ذلك. واوحى اليه بانه قد بلغ مرتبة هي مرتبة اليقين التي تسقط عنه فيها التكاليف الواجبات وتباح له المحرمات وان حركاته باتت كحركة اغصان الشجر وجريان الماء في الانهار وتردد النفس الصدر وان كل ما يصدر منه فهو امر كوني. ويقول اني قد وصلت وبلغت وحققت غاية التحقيق. هكذا تلاعب الشيطان بهذا الصنف وسحبوا ذلك على الخضر عليه السلام والخضر كما تعلمون عبد صالح من عباد الله قد اختلف اهو نبي ام ليس بنبي قولان مشهوران وقالوا ان الخضر لما بلغ هذه الرتبة جاز له ان يقتل الغلام وان يخرق السفينة وان يهدم الجدار دون ان ينظروا الى ما علل به الخضر افعاله. وانه انما فعل ذلك عن وحي. قال وما فعلته عن امري فان الله تعالى قد اوحى اليه على القول بانه نبي ان يفعل ذلك. فلم يخرج عن حد الامر والنهي كما زعموا هم ارادوا ان يقولوا ان من بلغ الدرجة التي بلغها الخضر كان له ان يشرب الخمر وان يطأ الفرج الحرام وان يقتل النفوس وان الاموال الى غير ذلك. فهذا من تلاعب الشيطان بهؤلاء القوم ثم اراد رحمه الله ان ينتقل الى تعريف العبد بمعنى العابد حتى يدخل في النوع الثاني اما للعبد وهو العبد بمعنى العابد فيكون عابدا لله لا يعبد الا فيطيع امره وامر رسوله ويوالي اوليائه المؤمنين المتقين. ويعادي اباؤه وهذه العبادة متعلقة متعلقة بالالهية بالهيته ولهذا كان عنوان التوحيد لا اله الا الله بخلاف من بخلاف من بربوبيته. ولا يعبده او يعبد معه الها اخر. فالاله الذي يأله يألهه القلب بكمال الحب والتعظيم والاجلال والاكرام والخوف والرجاء. ونحو ذلك. وهل العبادة التي وهذه العبادة التي يحبها الله هو يرضاها وبها وصف المصطفين من عباده وبها بعث رسله. واما العبد بمعنى المعبد. سواء اقر بذلك وانكره. فتلك يشترك فيها المؤمن والكافر. اذا صار عندنا اربع اصطلاحات اربعة اصطلاحات العبد الذي بمعنى المعبد والعبد الذي بمعنى العابد والحقيقة الكونية والحقيقة الشرعية المعبد هو الخاضع لربوبية الله. وهذا شامل للمؤمن والكافر والبر والفاجر. وكل شيء في الكون. لا يخرج عنها هذا اللون من العبادة والنوع الثاني العبد بمعنى العابد وهو الذي انقاد طواعية لله تعالى بفعل اوامره واجتناب مناهيه وهذا هو متعلق الالوهية. فالاولى متعلق بالربوبية والثاني متعلق بالالوهية والمطلوب الامران بلا ريب لا بد للمؤمن ان يحقق توحيد الربوبية في علم انه لا خالق ولا رازق ولا مالك لا مدبر الا الله وان يحقق توحيد الالوهية اي توحيد العبادة فلا يصف نوعا من انواع العبادة الا لله عز وجل فالعبد بمعنى العابد هو الذي يمتثل امره ويجتنب نهيه الحقيقة الكونية هي توحيد الربوبية. والحقيقة الشرعية هي توحيد العبادة او توحيد الالهية النوع الاول يشترك فيه جميع الخلق. واما النوع الثاني فهو الذي اختصه الله تعالى بالمصطفين الاخيار ولهذا قال الا عبادك منهم المخلصين. وقال ان عبادي ليس لك عليهم سلطان اي عبودية هذه؟ العبد ها هنا بمعنى المعبد ام بمعنى العابد؟ بمعنى العابد. هؤلاء هم الذين نجوا واستثناهم الله سبحانه وتعالى وبالفرق بين هذين النوعين يعرف الفرق بين الحقائق الدينية. الداخلة في عبادة الله ودينه وامره الشرعي. التي يحبها ويرضاها ويوالي اهلها ويكرمهم بجنته. وبين الحقائق الكونية التي يشترك فيها المؤمن المؤمن والكافر والبر والفاجر التي من اكتفى بها ولم يتبع الحقائق الدينية. كان من اتباع ابليس اللعين والكافرين برب العالمين. ومن اكتفى بها في في بعض الامور دون بعض او في مقام او حال نقص من ايمانه وولايته لله. بحسب ما نقص من الحقائق الدينية هذا مقام عظيم في غرق الغانطون وكثر فيه الاشتباه على السالكين حتى زلق فيه من اكابر الشيوخ المدعين ان التحقيق والتوحيد والعرفان ما لا يحصيهم الا الله. الذي يعلم السر والاعلان يشير يشير الشيخ رحمه الله بهذا الى ما وقع من ارباب الطرق والسلوك الذين اشتغلوا تحقيق الحقيقة كونية المفروغ منها فصار تتجارى بهم الاهواء حتى زلت بها الاقدام واعفوا انفسهم من الاوامر والنواهي زعما منهم انهم قد بلغوا ومقامات اه لا يطالهم فيها امر ولا نهي. فلهذا قال انه غلط فيها اه كثير من السالكين حتى زلق او حتى زلق فيها فيه من اكابر الشيوخ ويقصد بهم شيوخ الصوفية. وانما اوتوا يرعاكم الله بسبب جهلهم بشرع الله. وعدم بالاثار والادلة والعلم. فكان للشيطان فيهم نصيب استحوذ عليهم وغرر بهم بتكثير الاتباع فوقعوا فيما وقعوا فيه نعم ولهذا اشار الشيخ عبد القادر رحمه الله فيما ذكر عنه فبين ان كثيرا من الرجال اذا وصلوا الى القضاء والقدر امسكوا الا انا فاني انفتحت لي فاني انفتحت لي فيه روزنة فنازعت اقدار الحق بالحق للحق. والرجل من يكون منازعا للقدر لا من يكون موافقا للقدر. نعم الشيخ عبد القادر من اكابر الشيوخ الصالحين وهو عبد القادر بن ابي صالح الجيلي او الجيلاني الحنبلي رحمه الله وكان رجلا من الصالحين ولادته سنة اربعمائة وواحد وسبعين ووفاته سنة خمسمائة وواحد وستين وكان رحمه الله من العباد الزهاد الصالحين. وربما قال اقوالا استدركت عليه. وربما اضيفت اليه اقوال ونسبت اقوال هو منها بريء لكنه اه معروف في الامة بالصلاح والتقى والورع. ولذا انتحله الصوفية ونسبوا اليه اقوالا لم يقلها. لكن هذه الجملة التي ساقها الشيخ عنه تبين فقهه في هذا المقام. وانه كان على حق وصواب وعوفي مما ابتلي به غيره. فلنتأمل عبارته يقول رحمه الله ان كثيرا من الرجال اذا وصلوا الى القضاء والقدر امسكوا امسكوا بمعنى انهم آآ لم يدركوا حكمة الرب سبحانه وتعالى فيما يقضيه ويقدره. حتى انهم يزعمون ان ما يبدر منهم ويستر انما هي مقتضى اه محبة الله وان الذي يصدر منهم من افعال وتصرفات ولو كانت منافية للشرع فانها مقتضى آآ محبة الله فخلطوا بين المحبة والمشيئة قال رحمه الله الا انا فاني انفتحت لي فيه روزنا والروزنة كلمة آآ اعجمية والله اعلم وهي موجودة في بلاد العراق بل وموجودة في مجتمعنا هنا في نجد لعلها تلاشت يعني من وقت قريب. ويراد بالروزنة الكوة تكون في الجدار يقال روزنة الا ان استعمالها عندنا لما لا ينفذ الى الجانب الاخر آآ فيقال روزنة ولكنها آآ اذا نفذت الى الجانب الاخر وابصر الانسان من خلالها آآ كانت روزنة يقال او نحو ذلك اه اراد عبدالقادر رحمه الله انه قد انكشف له الحال. وتبين له في امر القدر. فقال تنازعت الاقدار الحق للحق. قال تنازعت اقدار الحق للحق ما معنى ذلك؟ اليس عندكم بالحق تنازعت اقدار الحق للحق بالحق ها؟ طيب المودة واحد. فنازعت اقدار الحق بالحق للحق فما معنى هذه الجملة؟ فنازعت اقدار الحق. الحق ها هنا اي الله سبحانه اذ من اسمائه الحسنى الحق ولا حرج ان ينازع الانسان القدر المتوقع لان كل شيء بقدر ومنازعته ومدافعته لما يعني آآ يقع من شيء مطلوب شرعا. فاذا حل بالانسان مثل بلاء من مرض او غيره فسعى في تخفيفه او دفعه لم يكن ذلك اعتراضا على القدر. بل كان منازعا لاقدار الحق بالحق للحق. اي ما معنى بالحق اي متذرعا بسبب جعله الله حقا كأن يكون سببا شرعيا او ان يكون سببا حسيا وقد قال عمر رضي الله عنه لما قال له ابو عبيدة اتفر من قضاء الله يا امير المؤمنين؟ قال لو غيرك قالها يا ابا يا ابا عبيدة نفر من قدر الله الى قدر الله. نفر من قدر الله الى قدر الله. بمعنى ان علينا ان نفعل ما يكون ملائما لنا محققا لمصالحنا وفي النهاية لن لن يكون الواقع الا ما قدره الله. فنحن لن نخرج عن نظام الله وعن قدره السابق لكن لم نطلع على القدر السابق لكي يقول قائل هذه محاولة للخروج عن قدر الله هذا اعتراض على قدر الله. لو اطلعنا على لم يكن منا الا الاذعان والتسليم. لكن لما كان الامر مغيبا عنا ودعينا الى ان نتخذ من الاسباب به ما لا يلائمنا او نخففه كان ذلك ايضا من قدر الله هذا هو مراده بقوله آآ نزعت اقدار الحق بالحق يعني لا بسبب غير صحيح او غير مشروع بل بالحق للحق اي لله سبحانه لاجله سبحانه آآ فعلت ذلك خرج من الدوامة التي يدور فيها غيره من الاشياخ حينما يعني يراوون ان كل ما يصدر وكل ما يقع فانه ينبغي اه الانسياق والتماشي معه والتماهي وعدم مدافعة شيء واعتباره انه محبوبات الله بل على المؤمن الحصيف الذي يعرف حكمة الله تعالى في تقديره وشرعه ان يتذرع بالاسباب الشرعية والاسباب القدرية لتحقيق مصالحه. والا فما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فما معنى الحرص؟ الحرص هو بذل المستطاع واستفراغ الجهد للوصول الى المقصود قال واستعن بالله مما يدل على ان ذلك ليس اعتراضا على قدر الله. واستعن بالله ولا تعجز. هؤلاء القوم من الشيوخ السالكين الذين وصفهم الشيخ بانهم زلقوا في هذا الباب وقعوا في العجز وصاروا لا يفعلون الاسباب وانكار الاسباب وعدم فعلها عجز والاتكال عليها دون الله وحده شرك الاتكال على الاسباب دون الله وحده شرك التوفيق هو ان ان يستعين الانسان بما نصبه الله سببا ان يستعين بربه بما نصبه الله تعالى سببا فهذا عين التوحيد ثم قال والذي ذكره الشيخ رحمه الله والذي امر الله به ورسوله. لكن كثيرا من من الرجال غلطوا فانهم قد يشهدون ما ما يقدر على احد من المعاصي والذنوب او ما يقدر على الناس من ذلك. بل من الكفر ويشهدون على ان هذا جار بمشيئة الله وقضائه وقدره داخل في حكم في حكم ربوبيته ومقتضى مشيئته. فيظنون الاستسلام لذلك وموافقته والرضا به ونحو ذلك دينا وطريقا وعبادة. فيضاهون المشركين الذين قالوا لو شاء الله ما اشركنا ولا هنا ولا حرمنا من شيء. هكذا يقع الالتباس. لا شك ان ما جرى ان ما جرى يعني ما وقع فعلا انما وقع بقدر الله تعالى ومشيئته لكن الذي ينكر عليهم قوله قوله رحمه الله فيظنون الاستسلام لذلك وموافقته والرضا به ونحو ذلك دينا وطريقا وعبادة فيضاهئون قول المشركين الذين قالوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء. فان الله تعالى اخبر ان انهم سيقولون ذلك. سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شيء. بمعنى انهم شهدوا مشهدا الربوبية. شهدوا الحقيقة الكونية ولكنهم لم يقوم لم تقم بهم الحقيقة الشرعية من فعل الاوامر واجتناب المناهي. اكتفوا بالايمان بالربوبية. فلذلك الله تعالى عليهم فقال كذلك كذب الذين من قبلهم فسمى الله مقالتهم كذبا ثم اردف ذلك بقوله حتى ذاقوا بأسنا اي ان الله اخذهم بذلك ولو كان لهم حجة بما تقدم ما اذاقهم الله بأسه. فالله حكم عدل مقسط. لا يظلم مثقال ذرة. ثم قال سبحانه قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا اي هل اطلعتم على كتابكم فوجدتم انكم تشركون وتحلون ما حرم الله وتحرمون ما احل الله وان ذلك قد قضي عليكم من من الازل ففعلتم ما فعلتم بناء على الكتاب السابق انى لهم ان يطلعوا على ذلك. قد اظهر الله الشرع واخفى القدر. فمن اين لهم مثل هذا؟ لهذا قال ان تتبعون الا الظن وان انتم الا تخرصون. فكل ما صدر منكم انما مبناه على الظن والتوهم والخوف لا على يقين. وهذا حال اولئك الصوفية الذين تقع منهم المصائب والمعائب والذنوب وغير ذلك. ثم يقولون هذا قدر الله يقولون ذلك مسوغين لا نادمين تائبين. ففرق من يتعلل بقدر الله تعالى نادما تائبا ويقول قدر الله وما شاء فعل استغفر الله واتوب اليه. فهذا يسوغ له ان يحتج بالقدر. وبين من يسوغ لنفسه المعصية والخطأ والظلم والعدوان ويدعي بان هذا هو قدر الله وان علينا ان نستسلم لذلك ففرق بين المقامين وسيزيده ايضاحا قال رحمه الله وقال انطعم من لو يشاء الله اطعمه وقال لو شاء الرحمن ما عبدناهم ولو هدوا لعلموا ان القدر ام ان القدر امرنا ان نرضى به ونصبر على موجبه. ولو هدوا لعلموا ان القدر امرنا ان نرضى به ولو هدونا علموا ان القدر امرنا ان نرضى به ونصبر على موجبه في المصائب التي تصيبنا. كالفقر والمرض والخوف قال تعالى ما اصاب من مصيبة الا باذن الله. ومن يؤمن بالله يهدي قلبه. قال بعض السلف والرجل تصيبه المصيبة فيعلم ان هذا من عند الله فيرضى ويسلم. وقال تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير. لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال احتج ادم وموسى فقال موسى انت عالم. احتج ادم احتج ادم وموسى فقال موسى انت ادم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك فيك من روحه واسجد لك ملائكته وعلمك اسماء كل شيء. فلماذا اخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال ادم انت موسى الذي اصطفاك الله بلسانك وبكلامه فهل وجدت ذلك مكتوبا علي قبل ان اخلق؟ قال نعم قال فحج ادم موسى وادم عليه السلام لم يحتج على موسى بالقدر ظنا ان المذنب يحتج بقدر فان هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل ولو كان هذا عذرا لكان عذرا لابليس. وقوم نوح وقوم هود وكل كافر ولا ولا سلام ادم ايضا لاجل الذنب فان ادم قد تاب الى ربه فاجتباه وهدى ولكن لامه لاجل المصيبة التي بالخطيئة. ولهذا قال فلماذا اخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فاجابه ادم ان هذا كان مكتوبا قبل ان فكان العمل والمصيبة المترتبة عليه مقدرا وما قدر من المصائب يجب الاستسلام فانه من تمام الرضا بالله ربا. واما الذنوب فليس للعبد ان يذنب. واذا اذنب فعليه ان يستغفر فيتوب من الماعائب ويصبر على المصائب قال تعالى نعم حديث احتجاج ادم وموسى حديث صحيح قد رواه البخاري وهو امر يجب الايمان به ولا يعارض بكيف وبين ادم وموسى آآ قرون طويلة هذا لا تعارض به الصحيحة فان الله تعالى قادر على الجمع بينهما كما جمع الله تعالى جميع الانبياء والمرسلين لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء والمعراج. فاما فامهم وصلى بهم جميعا. فلا يقال هذا. انما قد يحتج بهذا الحديث من يحتج بالقدر على فعل المعاصي وترك الطاعات. ويقول انظروا ها هو ادم عليه السلام قد احتج بالقدر على المعصية فان موسى عليه السلام لما قال له انت ادم الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه واسجد لك ملائكته اسماء كل شيء. يعني هذه الاوصاف كلها متحققة يعجب من حاله. فلماذا اخرجتنا ونفسك من الجنة اجابه ادم عليه السلام في هذه المناظرة قال انت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه هل وجدت ذلك مكتوبا علي قبل ان اخلق؟ قال نعم فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بينهما فقال فحج ادم موسى. اي ان الصواب والغلبة كانت لابينا ادم وليس هذا احتجاجا بالقدر على معصية الله. هذا من الاحتجاج بالقدر على الماء على المصائب لا على المعايب فيجوز الاحتجاج بالقدر على المصائب لا على المعائب. كيف؟ يعني لو قدر ان انسانا وقعت عليه مصيبة من المصاعب فقيل كيف كيف وقع هذا؟ فقال يا اخي قدر الله وما شاء فعل. فهذا مناسب في سياقه وقد استحالت هذه المعصية التي جرت من ادم عليه السلام الى مصيبة. لان الله تعالى قد تاب عليه وهدى بقية المصيبة وذهبت المعيبة. المعيبة ذهبت بالغفران والتوبة فبقيت مصيبة ان ان واياه خرجنا من الجنة واهبطنا الى الارض فكما يقال لانسان مثلا وقع لديه حادث مروري يقال له يا فلان كيف حصل كذا؟ فيقول قدر الله وما شاء فعل. له ان يحتج بالقدر بل ينبغي له ان يحتج بقدر الله ويظهر الرضا به فهذا المقام مقام يجوز فيه الاحتجاج بالقدر. وهو الاحتجاج بالقدر على المصائب دون المعائب كيف لا يجوز الاحتجاج به في المعائب؟ كما لو ان انسانا يكتشف كأسا من الخمر وقيل له يا فلان اتق الله كيف تعصي الله وتشرب الخمر فيقول انما اشربه بقدر الله. اليس الله قد كتب علي ذلك؟ ثم يرشف رشده هذا قد احتج بقدر الله على المعائب لا على المصائب اما من كان وقع ذلك منه في سالف الدهر وتاب منه ثم قيل له واسفا انت يا فلان كنت تشرب الخمر فيقول يا اخي قدر الله شيء قد كتبه الله. هذا يقبل منه. لماذا لانه يرى ان تلك مصيبة جرت عليه وخرج منها ويمكن يعبر بجواب اخر والجوابان متقاربان وهو ان يقال ان الاحتجاج بالقدر بعد التوبة جائز. وقبل التوبة لا يجوز فانه قبل التوبة اصرار على المعصية واستمراء لها. واما بعد التوبة فانه انقطاع وبراءة منه. فلذلك كان الاحتجاج به بالقدر سائغا. والجوبان متقاربان وان كان يعدهما بعض العلماء نوعين من الجواب عن هذا الاشكال نختم هذا الفصل نفصل البث نعم. قال تعالى قال تعالى فاصبر ان وعد الله حق. واستغفر لذنبك. وقال تعالى وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا وقال وان تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور. وقال يوسف انه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع اجر المحسنين نعم اذا اذا الواجب علينا معشر المؤمنين والمؤمنات هو من بلغ اذا وقع من احدنا ذنب ان ينزع الى التوبة ويعتبر ان ما وقع كان مصيبة ويتوب الى الله تعالى منه. ويصبر على طاعة الله ويستغفر لذنبه. فبذلك تكفر السيئات كما جرى لابينا ادم عليه السلام هل للحديث صلة ان شاء الله؟ وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعموا ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين