الله واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واتباعه وسلم تسليما كثيرا الحمد لله رب العالمين نحمده جل وعلا ونشكره ونثني عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فهذا هو الدرس الرابع. من دروسنا في سنن الامام ابي داود كتاب الادب وقال المؤلف رحمه الله تعالى باب في حسن الخلق المراد بالخلق طريقة التعامل مع الخلق واحسان الخلق يكون بان يعامل الانسان الاخرين بافضل انواع التعامل بما كبوا ان يعامل به لو كان في منزلته ورتبته. وقد اورد المؤلف من عائشة قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال اخبرنا يعقوب يعني الاسكندراني عن عمر عن المطلب عن عائشة رضي الله عنها انها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم هذا الحديث رجاله ثقات وقد اخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه وذكر انه على شرط الشيخين وقد اختلف اهل العلم في سماع المطلب من عائشة فاثبته جماعة كابحات ونفاه اخرون كابي زرعة والخبر قد ورد من طرق اخرى. قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم. قوله بحسن خلقه اي انه عندما يحسن التعامل مع الناس ويعاملهم بافضل الاخلاق محتسبا في ذلك الاجر من عند الله عز وجل. راغبا في امتثال امر الله عز وجل فيما يتعلق بطريقة التعامل مع الاخرين فانه حينئذ يصل ويحصل على درجة الذي يصوم النهار القائم الذي يقوم الليل في طاعة الله جل وعلا. واذا نظر الانسان وجد ان القائم الصائم يتقرب الى الله عز وجل بعبادات لا يتعدى نفعها الى الاخرين بخلاف من يكون محسنا الخلق مع الخلق وفي احسان الخلق مع الخلق من الصعوبة ما ليس للصائم القائم. فان الانسان في تعامله مع الاخرين يجد ان طبائعهم مختلفة وان اخلاقهم متعددة وقد يكون بعضهم ممن بالشر والسوء. وحينئذ يعامل الجميع بالخلق الحسن. كما قال تعالى ادفع بالتي هي احسن اذا الذي بينك وبينه عداوة فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم قال المؤلف حدثنا ابو الوليد الطيالسي وحفص ابن عمر قال اخبرنا حاء واخبرنا ابن كثير قال انبأنا شعبة عن القاسم ابن ابي بزة عن عطاء الكيخاراني عن ام الدرداء عن ابي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من شيء اثقل في الميزان من حسن الخلق قال ابو الوليد قال سمعت عطاء الكيخاراني. قال ابو داوود وهو عطاء ابن يعقوب وهو خال ابراهيم ابن نافع. يقال كي اراني وكوخاراني. وهذا الحديث ايظا قد اخرجه اه الترمذي. وصححه وان كان بعض اهل العلم آآ قد تكلم في رواية القاسم عن آآ عطاء وهل سمع منه او بينهما؟ او بينهما واسطة. والاظهر صحة هذا الخبر. وقوله في هذا الخبر في قوله في هذا الخبر ما من شيء اي لا يوجد امر من الامور ولا عمل من الاعمال ولا قول من الاقوال اثقل في الميزان اي اكثر تأثيرا في ميزان العبد يوم لقائه لربه من حسن الخلق. وكما تقدم ان هذا الخبر محل اختلاف بين اهل العلم في اتصاله وعدم باتصاله ثم قال المؤلف حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي ابو الجماهير قال اخبرنا ابو كعب ايوب ابن محمد السعدي حدثني سليمان بن حبيب المحاربي عن ابي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انا زعيم ببيت في ربض جنة لمن ترك المراء وان كان محقا. وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وان كان مازحا وببيت في اعلى الجنة لمن حسن خلقه هذا الحديث حسن الاسناد فيه ابو كعب ايوب ابن محمد السعدي صدوق وبقية رجاله ثقات قوله انا زعيم اي كافل وضامن ومتعهد بان الله جل وعلا سيعطي بيتا يعني القصر الذي يسكنه الانسان في ربظ الجنة. المراد بها اقل مراتبها وادناها لمن ترك المراء اي الجدال واثبات نفسه بالمناقشة والمرادة وان كان حقا اي على حق وليس المراد بهذا تبليغ دين الله ومناقشة من لا من لا يعرف الحق من اجل ان يعرف اياه. وقد قال تعالى ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن. وقال سبحانه ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. وجادلهم بالتي هي احسن قال وببيت اي انا اي انا ظامن وزعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وهو الاخبار بخلاف الواقع. وان كان مازحا. الاصل في الكذب المنع منه ولو كان على جهة المزح المزح الذي هو ضد الجد قال وببيت في اعلى الجنة يعني في ارفع منازلها لمن حسن خلقه وفي رواية لمن حسن خلقه. وفي هذا الترغيب في حسن الخلق قال المؤلف حدثنا ابو بكر وعثمان ابناء ابي شيبة قال اخبرنا وكي عن سفيان عن معبد ابن خالد الحارثة بن وهب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري قال والجواظ الغليظ الفذ والعليظ الفظ هذا الحديث حديث صحيح الاسناد واصل الخبر قد رواه الامام البخاري ومسلم بنحو هذا السياق لكنه باتم منه وقوله لا يدخل الجنة يعني على جهة الابتداء. الجواظ والمراد بالجواظ فسره امام ابو داوود بانه الغليظ الفظ وهو سيء الخلق قيل الجواظ كثير اللحم الذي يكون عنده اغتيال في مشيته. ويكون جامعا للمال مانع نعم من صرفه في طرائقه وفي موجباته واما الجعظري فالمراد به الفظ الغليظ المتكبر وآآ في هذا النهي عن هذه الاخلاق. وقد قال الله تعالى فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفض من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله. قال المؤلف باب في كراهية الرفعة في الامور. يعني انه لا يحسن بالانسان ان يتمنى ان يكون ارفع من الناس في جميع الاحوال وفي جميع المجالات. وقد اورد المؤلف هنا حديثا فقال حدثنا موسى ابن اسماعيل اخبرنا حماد عن ثابت عن انس قال كانت العظباء وهي ناقة النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبق فجاء اعرابي على قعود له والقاعود البعير الصغير وقال فسابقها فسبقها فكان ذلك شق على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حق على الله الا يرفع شيئا من الدنيا الا وظعه. قال حدثنا النفيلي اخبرنا زهير قال اخبرنا حميد عن انس بهذه القصة عن نبي صلى الله عليه وسلم فقال ان حقا على الله تعالى الا يرفع او لا يرتفع شيء من الدنيا الا وضع هذا الحديث حديث صحيح الاسناد وقد اخرجه الامام البخاري وقوله كانت العظباء هذه هي ناقة النبي صلى الله عليه وسلم. والاصل في العضبان يراد بها ما كان مشقوق الاذن لكن ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ليست كذلك قوله لا تسبق اي لا يستطيع احد ان يتقدمها في السباق قال فجاء اعرابي وهو من يسكن البادية على قاعود له وهو بعير الصغير اه لانه الرجل للركوب والحمل. والاصل فيه الا يطلق الا على الذكر. وقد يطلق مجازا على الانثى وفي الغالب يكون له ما بين السنة الى السنتين. قال فسابقها فسبقها اعرابي فكان ذلك شق على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اي ان قعود الاعرابي غلب في السباق قال فكأن ذلك يعني سبق قعود الاعرابي لناقة النبي صلى الله عليه شق على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اي ثقل على نفوسهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم حق على الله اي جرت عادة الله وطريقته في تصريفه لامور الخلق الا يرفع شيئا من الدنيا اي امرا من الامور الدنيوية الا وظعه اي هيا فرصة يجعل ذلك الامر المرتفع مما يسقط وينتقص مكانته ويحط قال وفي الرواية الاخرى قال ان حقا على الله تعالى اي من الامور الثابتة ومن سنن الله في الكون ان لا ترفع شيء من الدنيا الا وظعه وفيه ان غلبة الانسان لا تكون دائما في جميع امور الدنيا وفيها احتمال النفس لما قد يصيبها من انتقاص. ومن فواز الاخرين عليها. وفي هذا الخبر نهي عن المباهاة والفخر بامور الدنيا وبالتالي لا يقنع الانسان بالتالي لا آآ وبالتالي فان الانسان لا يركن الى هذه الدنيا قال المؤلف باب في كراهية التمادح. المراد بالتمادح مدح الاخرين. والثناء عليهم في وجوههم وكراهيته عدم استحبابه والترغيب في ترك المدح في الوجه. واما مدح الاخرين حال غيبتهم فهذا جائز متى كان ما يمدحون به مما يثنى عليه في الشرع وفي فائدة وثمرة الا وهي ان الناس يقتدون باهل افعال الخير ويكون هذا من اسباب انتشار الافعال الطيبة حميدة. قال المؤلف رحمه الله تعالى حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة قال اخبرنا وكيع قال اخبرنا سفيان عن منصور عن ابراهيم عن همام قال جاء رجل فاثنى على عثمان في وجهه فاخذ ابن الاسود ترابا فحث على فحث في وجهه وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب قوله في هذا هذا حديث صحيح الاسناد وقد اخرجه الامام مسلم قال قوله جاء رجل فاثنى على عثمان في وجهه اي ذكره بالصفات الحميدة ونسب اليه الافعال الجميلة وعثمان حاضر يستمع فمثل هذا قد يظن انه على جهة المجاملة وعلى جهة المداراة لا على جهة قال فاخذ المقداد ابن الاسود ترابا اي من الارظ فحثا في وجهه اي رمى التراب في وجه الرجل الذي اثنى على عثمان وقال المقداد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا لقيتم المداحين هذه صيغة مبالغة يعني ان طريقتهم في الحياة ان يمدحوا الاخرين سواء كانوا او لم يكونوا كذلك. فاتخذوا مدح الناس عادة لهم وجعلوه بضاعة. يحصلون بها على اما يريدونه وما يرغبون في تحصيله من اغراضهم فيأكلون به من اموال من يمدحونه ويظرونه ويجعلونه يعجب بنفسه. قال اذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب اي القوه وارموه جماهير اهل العلم من شراح الحديث يرون ان هذا الخبر على وجهه لكن يكون القاء تراب بشرطين الاول ان يكون الشخص ممتهنا للمدح لا يتورع من ان يمدح فمن ليس اهلا للمدح. وثانيا ان يكون ملقي التراب من له نوع ولاية. واخرون قالوا ان المراد بهذا الخبر الا تعطوهم شيئا. فانهم انما مدحوا من اجل ان يحصلوا على شيء من الدنيا فلا تحققوا لهم مرادهم ولا تعطوهم ما يرغبون في تحصيله من دنياكم قال المؤلف ابو داوود رحمه الله تعالى حدثنا احمد بن يونس قال اخبرنا ابو شهاب عن خالد الحذاء عن عبد ابن ابي بكرة عن ابيه ان رجلا اثنى على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له قطعت عنق صاحب صاحبك ثلاث مرات ثم قال اذا مدح احدكم صاحبه لا محالة فليقل اني احسبه كما يريد ان يقول ولا ازكيه ولا ازكيه على الله تعالى هذا الحديث قد اخرجه حديث صحيح اخرجه البخاري ومسلم وقد استدل به على ان الحديث السابق لا يراد به ظاهره من حيث التراب في وجه المداحين. وقوله في هذا الحديث ان رجلا اثنى على رجل اي ذكره بالصفات الحميدة وثنى ذلك وكرره عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم له قطعت عنق صاحبك اي اهلكته آآ ثلاث مرات والمراد الهلاك في الدين وقد يكون الهلاك من جهة الدنيا لان من يمدح يغتر بكلام من مدحه. وبالتالي يجعله ذلك يستمر في افعاله المحمودة وقد يدعوه الى التفاخر على الناس والاعجاب بالنفس. ومن ثم يقطعه عن الافعال الجميلة وقوله ثلاث مرات اي انه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث مرات قطعت نقى صاحبك ثم قد وفي هذا دلالة على النهي عن ان يمدح الانسان غيره في وجهه. واما المدح في غير فلا يدخل في مثل هذه الاخبار بالاتفاق. ولكن قد ورد في احاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قد على جماعة من الصحابة في وجوههم فبعض اهل العلم قال انما نهى عن الثناء غير الصادق لكي الذي يراد به تحقيق امر من امور الدنيا. وقيل بان النهي انما نهي فيه المدح اولئك الذين قد يفتتنون بما يمدحون به ويعجبون بذلك. و قيل بان المراد بالنهي ما كان مجازفة في المدح وزيادة على الاوصاف التي يتصف بها صاحبه وقيل بان النهي انما اريد به من ليس عنده عقل راسخ ولا معرفة بحيث يغتر بذلك النهي لما فيه من المجازفة واذا كان كذلك قال اذا مدح احدكم صاحبه لا محالة اي لابد ورغب ان يمدحه ولم يجد مجالا ولا طريقا يترك به المدح فليقل اني احسبه اي اظن كما يريد ان يقول اي بهذه الصفات التي يتكلم بها. فكما يريد المادح شيئا يقوله من صفات في الممدوح. والمراد ان المدح الذي يريد المادح ان يقوله في حق لابد ان ان ينسبه الى ظنه ولا يجزم به ويقطع به. وبالتالي يقول احسبه وعند الشيخين قال ان كان احدكم مادحا لا محالة فليقل احسبوا كذا وكذا ان كان يرى انه وكذلك وحسيبه الله تعالى قال ولا ازكيه اي لا اجزم بالثناء عليه وبصحة نيته في هذه الافعال وهكذا لا اجزم مآله وعاقبته في الدنيا والاخرة الى اجزم ولا اعلم ما يكون في غد قال المؤلف حدثنا مسدد اخبرنا بشر يعني ابن المفضل قال اخبرنا ابو سلمة سعيد ابن يزيد عن ابي نظرة عن مطرف قال قال ابي انطلقت في وفد بني عامر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا انت سيدنا فقال السيد الله قلنا وافضلنا فضلا واعظمنا طولا. فقال قولوا بقولكم او ببعظ قولك ولا يستجري لانكم الشيطان هذا الحديث قد رواه الامام احمد ايظا في مسنده قوله قال لي ابي وابوه هو عبد الله ابن الشخير قال انطلقت اي ذهبت في وفد بني امر قبيلة مشهورة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا له على جهة المخاطبة له انت سيد اه والسيد من له الامر والنهي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم السيد الله قيل بان المراد به ان الامر والناهي الذي لا يرتبط امره باحد ولا يشترط في تنفيذ اي شرط هو الله تعالى. وقيل بان المراد ان الله هو المتحكم في الخلق. والمالك لاحوالهم والمتصرف فيهم. وانه هو المتولي لهم. فسيادة ادي سيادة فسيادة العباد سيادة مقيدة. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم انا سيد ولد ادم ولا فخر. واما السيادة التي تنسب الى الله تعالى فهي سيادة مطلقة لا تقييد فيها. قال فقلنا وافضلنا فضلا. اي انت ارفعنا مرتبة ومزية ولك احسان على غيرك. قال واعظمنا قولا اي انك اكثرنا عطاء قدرة على مغالبة الاعداء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم قولوا بقولكم اي هذا القول الذي قلتموه ومجموع ما قلتم قولوا بقولكم او ببعض قولكم اي اقتصروا على بعض المدح الذي ذكرتموه ولا يحتاج ان تذكروا جميع هذه الاوصاف لما في ذلك من لما في ذلك من عدم الحاجة الى ذكرها جميعا. ولها لعل هذا على جهة التواضع من النبي صلى الله عليه وسلم او انه اراد انكم قدمتم لمعنى واردتم الحديث في موضوع معين وبالتالي لا تتحدثوا بمثل هذا الكلام الذي لم تقصدوا الحديث فيه ابتداء تكلموا بالموضوع الذي جئتم من اجل الحديث فيه ودعوا غيره مما لا يعنيكم. ثم قال ولا يستجري اي لا يجعلكم الشيطان لا يجعلكم الشيطان مراكب يركبها في جريه الذي يجري فيه. اي لا يتخذنكم تاء الى في تنقله وفي جريه وفي طرائقه وبحيث تكونون ممن يكثر الجري في طريقه وفي اتباع خطوات الشيطان وبعض اهل العلم قال بان يستجرينكم ليس من الجري وانما من الجراءة وهي الشجاعة لا يجعلنكم ذوي شجاعة على التكلم بما لا يستحسن من الاقوال فعلى كل في هذا الخبر ان العبد ينبغي به ان يحفظ كلامه وان لا تكلم بالمبالغات في الحديث. وكذلك ينبغي بالانسان ان يتكلم بما يتعلق بعمله وبما قدم من اجله وفي هذا الحديث النهي عن مجاراة اهل الجاهلية كما في ثنائهم على الاخرين ومدحهم له ولهم بالفاظ وانواع من يجعل من يتحدث عنه ويثنى عليه قد يغتر ويعجب بنفسه بسبب ذلك وحينئذ يحذر الانسان من عدوه الشيطان ان يستعمله في تعظيم المخلوقات في تعظيم المخلوقين قال المؤلف باب في الرفق. والرفق المراد به اللين وسهولة الجانب واللطف في التعامل اخذوا بايسر انواع التعامل مظاد للعنف قال حدثنا موسى ابن اسماعيل قال اخبرنا حماد عن يونس وحميد عن الحسن عن عبد الله ابن مغفل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف. هذا الحديث صحيح الاسناد وقد اخرجه آآ الامام مسلم من حديث عمرة عن عائشة رضي الله عنها وقوله ان الله رفيقا اي لطيف في التعامل اي سهل في التعامل يريد بعباده ولا يريد بهم العسر ولذا لم يكلفهم ما يشق عليهم او ما يكون فوق طاعة طاقتهم اليه اي ان الله عز وجل يعطي على الرفق من الامور المطلوبة المرغوبة سواء من العطاء الجزيل او الرزق الوفير او الاجر العظيم او الثناء الحسن او تسهيل مراد الانسان او نيل مطالبه ما ايعطي على العنف وهذا من فضل الله جل وعلا وفي هذا الترغيب في ليونة الجانب وسهولة قال المؤلف حدثنا عثمان وابو بكر بن ابي شيبة ومحمد بن الصباح البزاز قال واخبرنا شريك عن المقدام ابن شريح عن ابيه انه قال سألت عائشة تعني البداوة فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو الى هذه التلاع وانه اراد البداوة مرة الي ناقة محرمة من ابل الصدقة. فقال لي يا عائشة ارفقي فان الرفق لم يكن في شيء قط الا زانه ولا نزع من شيء قط الا شانه. قال ابن الصباح في حديثه محرمة يعني لم تركب هذا الحديث حديث جيد للاسناد وقد اخرجه مسلم وهو حسن الاسناد قوله قول شريح سألت عائشة عن البداوة يعني هل يجوز لي ان اذهب اليها؟ وان اخرج الى البادية وان اقيم فيها او لا يجوز لي ذلك. فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو اي يذهب الى الباديات ويخرج من المدينة الى هذه التلاع وهي مجاري المياه وانه اراد البداوة مرة فارسل الي ناقة محرمة اي غير مستعملة في الركوب وكانوا وفي الجاهلية يحرمون بعظ انواع اه انواع الابل فلا يركبونها. وقد يسمونها السائبة والحام وقد قال تعالى ما وقد نهى الله جل وعلا عن تسييب السوائب قال فقالت فارسل الي ناقة محرمة من ابل الصدقة فقال لي يا عائشة ارفقي اي ان يكن من خلقك الرفق والسهولة ولين الجانب فان الرفق لم يكن في شيء اي لم يوجد في امر من الامور الا زانه اي جعله مستحسنا مقبولا كاملا ولا نزع من شيء اي لم يرفع من شيء ويعدم من امر من الامور قط الا شانه اي جعله سيئا كان مستقبحا معيبا قال المؤلف حدثنا ابو بكر بن ابي شيبة قال اخبرنا ابو معاوية ووكيعن الاعمش عن تميم ابن سلمة عن عبدالرحمن ابن شارع جديد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحرم الرفق يحرم الخير كله هذا الحديث حديث جيد للاسناد. قوله من يحرم اي من يمنع من الاتصاف بصفة الرفق يحرم الخير كله اي ان الرفق هو السبب الذي يجعل الانسان يقدم على الافعال الجميلة والتصرفات الحميدة. وفي هذا فظل الرفق وانه سبب كل خير. قال المؤلف حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال اخبرنا عفان قال اخبرنا عبد الواحد قال اخبرنا سليمان الاعمش عن ما لك بن الحارث قال الاعمش وقد سمعتهم يذكرون عن مصعب ابن سعد عن ابيه قال الاعمش ولا اعلمه الا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التؤدة في كل شيء الا في عمل الاخرة هذا الحديث فيه تردد في اسناده ولذا قال الاعمش وقد سمعتهم يذكرون المصعب ابن سعد عن ابيه. قال الاعمش ولا اعلمه الا عن النبي صلى الله عليه وسلم. اي انه تردد في الى النبي صلى الله عليه وسلم ولذا قد تكلم بعض اهل العلم في هذا وقال جماعة بان ظاهر هذه الرواية انها منقطعة وانها مشكوك فيها قال في هذا اللفظ عن مصعب بن سعد عن ابيه هو سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه. قال لم يذكر الواسطة بين مالك ومصعب ابن سعد ابن ابي وقاص. ولذا قال الاعمى اشو هذه الكلمة؟ وقوله التؤدة المراد بها التأني وعدم العجلة في كل شيء اي لانها مرغب فيها في جميع الاعمال. وانها مطلوبة في كل الافعال الا في عمل الاخرة لان الاصل ان يسارع في اعمال الاخرة. قال تعالى فاستبقوا الخيرات. وقال سبحانه وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين. وقال وسابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة ان عرضها كعرض السماء والارض. الاية قال المؤلف باب في شكر المعروف. المراد بالمعروف كل فعل جميل. يتعارف الناس على حسنه فيه معنى الاحسان الى الاخرين. وشكر المعروف اي الثناء على من قدم اليك فعلا جميلا واحسن التعامل معك وقال المؤلف حدثنا مسلم ابن ابراهيم قال اخبرنا الربيع ابن مسلم عن محمد ابن زياد عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يشكر الله من لا يشكر الناس من لا يشكر الله لا يشكر الناس. قوله لا يشكر الله اي لا يوصف احد بانه ممن قدم الشكر لله تاما كاملا الا من كان شاكرا للناس. فان من اعتاد ان يكفر احسان الاخرين اليه. وان فانه سيستمر على ذلك فيما يتعلق بنعم الله تعالى. فحينئذ لن يشكر الله على نعمه ومن المعاني في هذا ان الله تعالى لا يقبل من اولئك الذين لا يثنون على من احسن اليهم ويشكرونهم آآ اه شكر الاخرين قد يكون بمجازاتهم باعمالهم. وقد يكون بالدعاء لهم. وقد يكون في الثناء عليهم. وقد يكون بمعرفة حقهم. وحينئذ ينبغي بالانسان ان يشكر لمن كان له اثر عليه سواء من اساتذته ومعلميه او ممن له فضل عليه من اصحاب الولايات ونحوها يتقرب بذلك لله سبحانه وتعالى قال المؤلف رحمه الله حدثنا موسى بن اسماعيل قال اخبرنا حماد عن ثابت عن انس ان المهاجرين قالوا يا رسول الله ذهبت الانصار بالاجر كله. قال لا ما دعوتم الله لهم واثنيتم عليهم هذا الحديث جيد الاسناد صحيح قال ان المهاجرين يعني اولئك الذين انتقلوا من دار الكفر والمراد مكة في ذلك الزمان الى دار الاسلام يعني المدينة قالوا يا رسول الله ذهبت الان صاروا بالاجر كله لانهم يحسنون الى المهاجرين ويقدمون لهم ما يحتاجون اليه التالي يكون لهم مثل اجر المهاجرين مع كونهم يكتب لهم اجر اعمالهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يعني لا ينفرد الانصار بالاجر. ويكون لكم اجر تشاركونهم فيه ما دعوتم الله لهم اي طلبتم من الله عز وجل ان يحسن اليهم وان يقوم بامورهم واثنيتم عليهم اي كررتم ذكرهم بالجميل ووصفهم بالافعال الحميدة التي يفعلونها قال المؤلف حدثنا مسدد قال اخبرنا بشر قال اخبرنا عمارة ابن ابن غزية قال حدثني رجل من قومي عن جابر ابن عبد الله انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اعطى عطاء فوجد فليجز او من اعطي عطاء فوجد فليجز به فان لم يجد فليثني به فمن اثنى به فقد شكره ومن كتمه فقد كفره. قال ابو داوود رواه يحيى بن ايوب عن عمارة ابن غزية عن شرحبيل عن جابر. قال ابو داوود وهو شرحبيل يعني اه رجلا من قومي كانهم كرهوه فلم يسموه. شرحبيل هو شرحبيل ابن سعد الانصاري ابو سعد وقد تكلم فيه بعض اهل العلم وظعفه ولذا لم يرد عمارة ابن ان يصرح باسمه. وقوله من اعطي من اعطي عطاء اي من احسن اليه غيره بان يهبه هبة فوجد اي كان عنده ما يتمكن من مجازاته بمثل فعله فليجز به اي ليكافئه على صنيعه وليهدي اليه كما اليه صاحبه فان لم يجد اي اذا لم يجد ما يتمكن به من مكافأته وفعل لفعل مثل فعله. فليثني عليه اي ليذكره بالخير. وليذكر صفاته واياه ان يكتم نعمته فمن اذنى به اي من ذكره بصفاته الجميلة فقد شكره. ومن كتمه فلم تكلم به وجحده فقد كفره اي جحد نعمته وجحد فضله عليه دي قال المؤلف حدثنا عبد الله ابن الجراح قال اخبرنا جرير عن الاعمش عن ابي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من ابلي بلاء فذكره فقد شكره. وان كتمه فقد كفرة. هذا الحديث حسن الاسناد ابو سفيان صدوق على الصحيح. وقوله هنا من ابلي بلاء فذكره. اي من اعطي عطاء والبلاء قد يستعمل في الخير وقد يستعمل في الشر. قال تعالى كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالخير والشر فتنة. وقال تعالى بلاء حسنا وقوله فذكره اي من ذكر احسان الاخرين عليه على جهة الثناء عليهم فقد شكره اي انه اذا ذكر نعمته عليه فانه يعد قد شكره وجاز وان كتمه اي لم يتحدث بفضله عليه وجحد فظله فقد كفره اي ولم يظهره للاخرين قال المؤلف باب في الجلوس في الجلوس بالطرقات اي هل الطرقات جمع طريق وهي مواطن طراق الناس وسيرهم والمراد بذلك هل يجوز الجلوس فيها؟ وهل للجلوس فيها شروط شرعية قال المؤلف حدثنا عبد الله ابن مسلمة اخبرنا عبد العزيز عن ابن محمد عن زيد يعني ابن اسلم انا عطاء ابن يسار انا ابي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اياكم والجلوس فقالوا يا رسول الله ما بدل لنا من مجالسنا نتحدث فيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ابيتم فاعطوا الطريق حقه. قالوا وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال غض البصر وكف الاذى ورد السلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر حدثنا مسدد قال اخبرنا بشر عن ابن المفضل قال اخبرنا عبد الرحمن ابن عن سعيد المقبوري عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة قال وارشاد السبيل حدثنا الحسن بن عيسى النيسابوري قال انبأنا ابن المبارك قال اخبرنا جرير ابن حازم عن اسحاق بن سويد عن ابن حجير العدوي قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذه القصة قال وتغيث الملهوف وتهدو الظال. حديث ابي سعيد قد اخرجه الامامان بخاري ومسلم رحمهما الله تعالى وبقية الاحاديث تدل على قوة هذا الخبر الحديث الثالث فيه ابن حجير العدوي وقد حكم عليه جماعة بانه من المجاهيل وقد الف فيه فروي مرسلا قوله اياكم والجلوس بالطرقات اي لا تجلسوا فيها. واحذركم من ان تجعلوا طرقات محلا لمجالسكم. فقالوا يا رسول الله ما بد لنا من مجالسنا؟ اي لا نجد اي لا نجد وسيلة نستغني بها عن الجلوس في الطرقات فان الحاجة الشديدة بل الظرورة قد تلجأنا الى ذلك فلا مناص لنا عن الجلوس فيها. نتحدث فيها اي اذا جعلنا هذه الطرقات مكانا كلام بعضنا لبعضنا الاخر وحديث بعضنا لبعضنا الاخر. فقال رسول الله صلى الله عليه سلم الى بيتم اي اذا امتنعتم عن ترك الجلوس في الطريق. فاعطوا الطريق حقه. وفي هذا ان الحقوق ليست خاصة بالناس بل هناك حقوق حتى للجمادات اثبتها الله جل وعلا في شريعته قال قالوا وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال غض البصر اي عدم اطلاق نظر العين الى ما لا يجوز النظر فيه. سواء من عورات الاخرين او من خصائصهم بحيث يكونون ممن يتجسسوا على الاخرين. ومن حق الطريق كف اي عدم الحاق الظرر بالاخرين وعدم ايذاء المارين ذو السلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي الخبر فضيلة هذه الامور ووجوب ان يفعلها من جلس في الطرقات وقوله هنا وفي قصة ابي هريرة وارشاد السبيل اي ان مما يتعين عليكم اذا اتخذتم الطريق مجلسا ان ترشدوا المسافر الذي لا يعرف الطريق وقوله في الخبر الاخر وتغيث الملهوف الاغاثة اشد انواع الاعانة والملهوف هو الذي لحقه شيء من الحاجة الشديدة. فكان على سبيل الاضطرار. وقوله وتهدوا ظال اي ترشد من اخطأ الطريق ولم يعرف الطريق الذي يريد ان يسلكه قال الامام ابو داوود حدثنا محمد بن عيسى ابن الطباع وكثير ابن عبيد قال اخبرنا مروان قال ابن عيسى قال اخبرنا حميد عن انس قال جاءت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان ليك كحاجة فقال لها يا ام فلان اجلسي في اي نواحي السكك شئت حتى اجلس اليك قال فجلس النبي صلى الله عليه وسلم حتى قضت حاجتها لم يذكر ابن عيسى حتى قضت حاجته ها وقال كثير عن حميد عن انس قال حدثنا عثمان ابن ابي شيبة قال اخبرنا يزيد ابن هارون قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن انس ان امرأة كان في عقلها شيء بمعناه. هذا الحديث صحيح الاسناد. وقد اخرجه الامام مسلم وقوله جاءت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم ذكر في الرواية الاخرى انه كان في عقلها شيء وفي هذا مداراة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن تعامله مع الجميع حتى مع هذه المرأة. فقالت يا رسول الله اه ان لي اليك حاجة. وذلك ان من مقتضى منصب ولاية النبي صلى الله عليه وسلم ان يكون للناس لهم حاجات عنده سواء كانت حاجة دنيوية او كانت حاجة دينية بان تسأل عن شيء من امورها التي تحتاج فيها الى فتوى لتعرف حكم الله جل وعلا فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها يا ام فلان فيه مخاطبة المرأة كنيتها وان في ذلك نوع تقدير لها. قال اجلسي في اي نواحي السكك شئتي حتى اجلس اليك السكك جمع سكة وهي الطريق الصغير اي اجلسي باي جوانب الطريقة وفي هذا جواز الجلوس في الطرقات اذا لم يكن في ذلك كمضايقة للمارين او فيها تعد واذية لهم. قال فجلس النبي صلى الله عليه سلم يعني اليها حتى قضت حاجتها وفي الرواية الاخرى قال ان امرأة في عقلها شيء يعني في عقلها نقص وفي هذا بيان ان النبي صلى الله عليه وسلم اشفق عليها ورعى جانبها مع كونها ليست امرأة تامة العقل وفي هذا اشارة الى حسن خلقه صلى الله عليه وسلم مع الجميع. بارك الله فيكم ووفقكم الله لكل خير. وجعلنا