وانه لم يحط بجميع معاني كتاب الله عز وجل ولم يصنف من اجل بيان كل ما يتعلق بالايات ثم بعد ذلك تصدى الامام محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة ثلاثمائة وعشرة ابن عباس وقال علي ابن عباس كأنما ينظر الى الغيب من ستر رقيق وكذلك من الصحابة عبد الله ابن مسعود وابي ابن كعب وزيد ابن ثابت وعبدالله ابن عمرو ابن العاص وهذا الخبر الصواب انه موقوف وليس بمرفوع وقد قال ابن عباس وقد رأى مصحفا زين بفضة تغرون به السراق. زينته في جوفه كذلك من حرمة ايات القرآن الا تكتب على الارض الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا هو اللقاء الثامن من لقاءاتنا في قراءة كتاب المقدمة لتفسير العلامة القرطبي المالكي المعروف بالجامع لاحكام القرآن وقد تقدم معنا في اللقاء السابق بعض الاحكام المتعلقة بكتاب رب العزة والجلال ونواصل الحديث في ذلك قال المؤلف رحمه الله ومن حرمته اي من الادب مع القرآن ان يجلل تخطيطه اذا خطه. اي ان يجعل خطوط المصحف اذا قام بكتابة المصحف خطوطا جليلة واظحة تناسب ان يكون ذلك الخط لكتاب رب العزة والجلال وقد اورد المؤلف عن ابي حكيمة انه كان يكتب المصاحف في الكوفة فمر علي رضي الله عنه فنظر الى كتابته فقال اجل قد قلمك قال فاخذت القلم فقطعته من طرفه قطا. فقطته من طرفه قطا ثم كتبت وعلي رضي الله عنه قائم ينظر الى كتابتي فقال هكذا نوره كما نوره الله عز وجل اي ليكن واظحا جليلا من اجل ان يتمكن القارئ من قراءته بدون ان تلتبس حروفه بعضها ببعض قال ومن ادبه الا يجهر بعض على بعض في القراءة لان هذا يؤدي الى ان تختلط الاصوات وان يتشتت الذهن وان يتأثر بعضهم برفع صاحبه لصوته وبالتالي قد يبقى في نفسه تجاه قراءة اخيه شيء من البغض ويكون ذلك كهيئة المغالبة كل منهما يرفع صوته ليثبت نفسه قال ومن حرمته الا يماري اي لا يجادل جدالا بدون دليل ولا يكثر ترداد الكلام مع الاخرين في معانيه. ولا يجادل فيه في القراءات اذا ثبتت قراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم اثبتها يتقرب بذلك لله عز وجل ولا يقول لصاحبه ليس هكذا هو ولعله ان تكون تلك القراءة صحيحة جائزة من القرآن فيكون قد جحد كتاب الله. وفي الحديث ان عمر رضي الله عنه انكر على هشام قراءته فا تحاكما الى النبي صلى الله عليه وسلم فامرهما ان يقرأا فقرأ كل منهما من سورة الفرقان فاقرهما النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال لهم بان القرآن قد انزل على سبعة احرف قال ومن حرمتي القرآن يعني من ادبه الا يقرأ في الاسواق ولا في مواطن اللغو واللغط لان لا تتعارض اصوات قراءة القرآن مع اصوات مع اصوات معارضة له من كلام اجي وهكذا لا يقرأ في مجامع السفهاء قال الا ترى ان الله تعالى ذكر عباده عباد الرحمن واثنى عليهم بانهم اذا مروا باللغو مروا كراما قال هذا لمروره بنفسه فكيف اذا مر بالقرآن تلاوة بين ظهراني اهل اللغو قال ومن الادب مع مع المصحف الا يتوسده والا يعتمد عليه ولا يرمي به الى صاحبه اذا اراد ان نناوله والقاعدة في هذا ان اي تصرف يعتبره اهل العرف استهانة او قلة قلة تصرف مع القرآن فانه يمنع منه قال ومن حرمته الا يصغر المصحف وذلك لاثر ورد عن علي رضي الله عنه لكنه منقطع واذا كان المرء يتمكن من مشاهدته ولا يؤدي ذلك الى انقاص مكانته فانه لا يمنع منه وقد ايظا وروى وذكر المؤلف انه روي عن عمر انه رأى مصحفا صغيرا في يد رجل فقال من كتبه قال انا بالدرة وقال عظموا القرآن. وهذا ايضا لم يثبت عن عمر. ومثله ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يقال مسيجد او مصيلحف وفرق بين هذه المسألة والمسألة الاخرى فتصغير تصغير كلمة المسجد او المصحف مغايرة لتصغير كتابته قال ومن والصواب ان النهي عن هذا اللفظ انما يثبت عن ابراهيم النخعي رحمه الله قال ومن حرمته الا يخلط فيه ما ليس منه فلا يكتب في المصحف شيء في اثناء الايات القرآنية لئلا يختلط بلفظ المصحف سواء كان تفسيرا او استنباطا لاحكام او تعليقا لفوائد فلا تكتب على المصحف قال ومن حرمته الا يحلى بالذهب ولا يكتب بالذهب فتخلط به زينة الدنيا. وقد وردت كراهية ذلك عن جماعة من السلف رضوان الله عليهم بهم وذلك لان سلفنا لم يكونوا يعملونه ولان زينة القرآن الحقيقية ما فيه من المعاني والالفاظ فوظع زينة تموه الانظار عن عن الزنة الحقيقية وروى المؤلف عن عن ابي الدرداء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدبار عليكم الدباب يعني الهلاك وان لا تكتبا على وذلك لما فيه من الامتهان وكذلك رأى طائفة من اهل العلم ان ايات القرآن لا تكتب على الحوائط وقال كما يفعل بهذه المساجد المحدثة وورد ذلك عن جماعة من السلف رظوان الله عليهم قالوا لان ايات القرآن لم تنزل ليزخرف بها البناء والحوائط ولان في ذلك استعمالا لايات القرآن في غير ما انزلت له وذهب جماعة الى جواز تعليق ايات القرآن قالوا لما فيها من التذكير بما فيها هذه الايات من المعاني عرضت هذه المسألة على الهيئة وكان رأي الاكثرية فيها جواز كتابتي ايات القرآن على اللوحات ونحوها وتعليقها قال ومن حرمته يعني من ادبه انه اذا اغتسل بكتابته مستشفيا من سقم الا يصبه على كناسة يعني اذا كانت ايات المصحف مكتوبة ايات القرآن مكتوبة على ورقة فقام تنظيف ما في هذه الورقة برش الماء عليها وبغسل هذه الورقة. ثم يقومون بشرب هذا الماء وحينئذ يقول هذا الماء لا يوضع في موضع نجاسة ولا يجعل في مكان يوطأ ولكن يصب في ناحية من الارض في بقعة لا يطأه الناس او يحفر حفيرة في موضع طاهر حتى ينصب من جسده في تلك الحفيرة قال ومن حرمته اي من ادبه ان يفتتحه كل ما ختمه يعني اذا ختم قراءة القرآن ان يبتدأ ختمة جديدة في نفس المجلس حتى لا يكون كهيئة المهجور يعني لا يكون كانه قد ودع القرآن وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ختم يقرأ من اول القرآن قدر خمس ايات لئلا يكون في هيئة المهجور. وان كان هذا يحتاج الى في اسناده قد روي عن ابن عباس قال جاء رجل فقال يا رسول الله اي العمل افضل؟ قال عليك بالحال للمرتحل قال ما هو؟ قال صاحب القرآن يضرب من اوله حتى يبلغ اخره ثم يضرب في اوله كلما حل ارتحل والحديث في سنن الترمذي وفيه لين ومن ادابه انه يستحب اذا ختم القرآن ان يجمع اهله عند ختمه ودعائه. وقد ورد ذلك عن انس رضي الله عنه باسناد صحيح. قال الحكم كان مجاهد وعبدة وقوم يعرضون المصاحف. فاذا ارادوا وان يختموا وجهوا الينا احظرونا فان الرحمة تنزل عند ختم القرآن وروى عن ابراهيم التيمي من ختم القرآن اول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي لكن مثل هذا يحتاج الى اثر مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم قال ومن حرمته الا تكتب التعاويذ منه التعاويذ المراد بها التمائم التي تعلق على الرقابة وتوضع عند شيء من الاموال من حفظها وكانوا يعلقون هذه التعاويذ قد اختلف العلماء في كتابة التعاويذ من ايات المصحف فقال طائفة بجواز ذلك وقال اخرون بالمنع منه والقول بالمنع اظهر لثلاثة اسباب الاول ان النصوص الواردة بالنهي عن تعليق التمائم عامة تشمل ما كان من ايات القرآن والثاني ان مثل ذلك يؤدي الى امتهان ايات القرآن بالدخول بها في مواطن لا يليق ان تكون فيه والثالث ان في ذلك استعمالا لايات القرآن في غير ما وضعت له وفي ذلك اه السبيل ووسيلة الى ان يتوسع الناس في هذه التمائم والتعاويذ فتعلق من غير القرآن وكم من مرة وجدنا من يدعي انه يبيع اه تعاويذ وتمائم من القرآن ثم تكون كتابة مخالفة للشرع وقال ومن حرمته اذا كتبه وشربه سمى الله على كل نفس وهذا ايضا يحتاج الى دليل بل الصواب ان شرب مثل هذا الماء يكون الماء الذي قرأ فيه القرآن له من الاداب والاحكام ما لشرب غيره من المياه قال وعظم النية فيه فان الله يؤتيه على قدر نيته ثم قال ومن حرمته الا يقال سورة صغيرة وذلك لان القرآن بمعجز بكل اية من اياته. وبالتالي لا توصف بالصغر وقد ذكر ذلك عن ابي العالية رفيع رحمه الله تعالى ولكن المؤلف لم يرتضي القول باستحباب هذا الامر وروى قال وقد روى ابو داوود ما يعارض هذا من حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جد انه قال ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة الا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم بها الناسا في الصلاة وعلى كل فاداب القرآن ينبغي ان يعتني الانسان بها. وان يحرص على تطبيقها. وان يقوم بجمع هذه الاداب ومن اعظم اداب القرآن الا يهجر القرآن وان يكثر من قراءته ولا يلزم في قراءة القرآن ان تكون القراءة مرتبة بحيث اذا كان الانسان يريد ان يقرأ من حفظه فلا بأس ان يكرر بعض محفوظاته مرارا وحينئذ يثبت حفظه بذلك وقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرر الاية والايات لتأثره بتلك الايات وكذلك ينبغي عند قراءة القرآن ان يكون المرء فارغ الصدر غير مهموم ولا مشتغل بشيء من المعاني التي تجعله لا يفهم هم ايات كتاب رب العزة والجلال ومن المعاني ايضا ان يحرص الانسان من الاداب المتعلقة بكتاب الله جل وعلا ان يحرص الانسان على ايات القرآن وتفهم المعاني المشتملة عليها وتدبر القرآن لا يكون امرا اعتباطيا. وانما ينبغي بالانسان ان يعود الى اهل العلم تدبر القرآن له اه طرائق وانواع. نعرض لنماذج من هذه الانواع. الاول ان يتأمل الانسان في السياق القرآني من اوله الى اخره لان هذا يزيدك من استنباط المعاني ويزيدك من تدبر القرآن والثاني ان يلاحظ الانسان دقة المعنى في اللفظ القرآني لان المعنى الواحد تدل عليه الفاظ متعددة لكن دلالتها عليه تكون متفاوتة فبالتالي يلاحظ الانسان هذه الالفاظ كذلك يلاحظ التغاير بين اللفظ لماذا في هذا الموطن استعمل اهلكنا وذلك الموطن استعمل فيه قصمنا ولماذا غاير بين هذه الالفاظ كذلك ينبغي به ان يتأمل تكرار اللفظ لماذا كرر هذا اللفظ مرارا لا بد ان يكون له معنى وهكذا ايضا ينبغي بالانسان ان يعرف المعنى الاجمالي الذي يكون للسورة وما علاقته اسم السورة. مثلا في سورة البقرة لماذا سميت بهذا الاسم لان قصة بقرة بني اسرائيل قد وجدت في اوائل هذه السورة هل هل يناسب ان تسمى السورة باسم البقرة نقول هناك معنى عظيم اشتملت عليه هذه القصة الا وهو قدرة رب العزة والجلال على احياء الموتى وايراد نماذج لذلك من وقائع وقعت في الدنيا. فان في القرآن في سورة البقرة ست وقائع وقعت من احياء الموتى في الدنيا هذه قصة البقرة وهذه قصة بني اسرائيل لما اخذتهم الصاعقة وهذه قصة آآ ابراهيم والنمرود ما ناقشه وهذه قصة عزير عليه السلام فحينئذ ايراد هذه هذا الاسم من اجل ان ينبه على هذا المعنى فبالتالي التنبه لهذه المعاني يزيد الانسان في تدبر القرآن. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا يا محمد الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا هو اللقاء الثامن التاسع من لقاءاتنا في قراءة مقدمة الجامع لاحكام القرآن علامة القرطبي رحمه الله تعالى قال المؤلف باب ما جاء من الوعيد في تفسير القرآن بالرأي والجرأة على ذلك. ومراتب المفسرين تفسير القرآن ليس من الامور الاعتباطية بل له قواعد يجب الرجوع اليها وله مصادر لا بد ان يقتصر في تفسير القرآن عليها ولا يصح ان يفسر القرآن بان يفسر الانسان القرآن من عند نفسه بدون ملاحظة هذه القواعد ومراجعتي هذه المصادر لان من فسر القرآن بغير ذلك يكون ممن قال على الله بغير علم. وقد قال الله عز وجل ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيزحتكم بعذاب وقد خاب من افترى. وقال تعالى ومن اظلم ممن من افترى على الله كذبا ثم اورد المؤلف من خبر عائشة رضي الله عنها انها قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله الا اين بعدد علمه اياهن جبريل عليه السلام لكن الخبر فيه اه راو فيه جهالة ثم نقل المؤلف عن ابن عطية ان المراد بذلك ما كان في مغيبات القرآن يعني ما لم ما لم يظهر بيانه من القرناء. هناك اشياء غيب القرآن غيب القرآن معناها او جزئيات من القصص الوارد في القرآن لم تذكر مثلا ما هو حجم كلب اهل اهل الكهف؟ وما هو لونه؟ وما طريقة وما نوعه؟ هذي مغيبة يبات لان الناس لا يحتاجون اليها ولا يترتب عليها شيء من الفوائد فلم تذكر. وبالتالي لا حاجة لان يسأل عنها وهكذا قال مما لا سبيل اليه الا بتوقيف من الله تعالى ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوها مما يستقرأ من الفاظه قال كعدد النفخات في الصور العلماء قد اختلفوا في عدد النفقات في الصور فمنهم من قال هي نفختان ومنهم من قال هي ثلاث وكرتبة خلق السماوات والارض ثم ذكر عن الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اتقوا الحديث علي اي اجتنبوا ان تنقلوا عني حديثا الا ما علمتكم الا ما علمتم فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار هذا يدل على ان تفسير القرآن بدون اه اصل من الامور المحرمة بل من كبائر الذنوب ولا يعني كفر من فعل ذلك. المراد بهم فليتبوأ مقعده من النار ابتداء كما نقول في اهل الكبائر قال وروى يعني الترمذي عن جندك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن برأيه فاصاب فقد اخطأ حتى ولو وفق للمعنى الصحيح في تفسير القرآن الا انه مذنب لماذا؟ لكونه لم يتبع الطريقة صحيحة في تفسير كتاب الله عز وجل قال المؤلف بانه قد تكلم في احد رواته وهو سهيل بن ابي حزم وقد ظعفه طائفة من اهل العلم ثم روى ثم نقل المؤلف عن الانباري قال فسر حديث ابن عباس في النهي عن القول في القرآن بالرأي بتفسيرين احدهما من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذاهب الاوائل من الصحابة والتابعين. فهو متعرض لسخط الله تعالى فكأنه قال من قال في الالفاظ المشكلة التي لم يفهم المراد منها بدون ان يراجع مذاهب الصحابة فهذا قد قال في القرآن برأيه والثاني وهو اثبت القولين واصحهما معنى من قال في القرآن قولا يعلم ان الحق غير غيره فهنا الاول قال بدون ان يعلم والثاني قال بخلاف الحق الذي يعلمه. كأنه فسر القرآن بغير معناه الحقيقي من اجل ان يوافق هواه وكلاهما منهي عنه وقوله يتبوأ يعني ينزل ويحل. قال الشاعر وبوئت في صميم معشرها فتم في قومها موبؤها وقال في حديث جندب يعني قال الانباري فحمل بعض اهل العلم هذا الحديث على ان الرأي من قال في القرآن برأيه قالوا يعني بهواه فاصاب فقد اخطأ لحكمه على القرآن بما لا يعرف اصله ولا يقف على مذاهب اهل الاثر والنقل فيه وكما تقدم ان كلا المعنيين منهي عنه. القول في القرآن بلا علم والقوا تأويل القرآن وتفسيره بخلاف معناه اتباعا للهوى قال وابن عطية ومعنى هذا ان يسأل الرجل عن معنى من كتاب الله عز وجل فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء واقتضته قوانين العلم كالنحو والاصول ولا يدخل في هذا الحديث تفسير القرآن بمقتضى اللغة فان القرآن عربي اراد ان يفهم القرآن فلا بد ان يفهمه بلغة العرب وهكذا من كان عنده قواعد تفسير القرآن فانه لا بأس ان يفسر القرآن على وفق هذه القواعد كما لو جاء امر فقال هذا يدل على وجوب هذا الفعل فهذا تفسير مقبول ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر. فمثل هذا مقبول قد وهو الذي اختاره غير واحد من العلماء يعني هذا التفسير. فان من قال في القرآن بما سنح اي طرأ واستجد في وهمه وخطر على باله من غير استدلال عليه بالاصول فهو مخطئ اخطأ الطريقة وان من استنبط معناه بحمله على الاصول المحكمة المتفق على معناها فهو ممدوح ونقل عن بعض العلماء بان التفسير موقوف على السماع. لقوله تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول. هذا او الاخر يخالف القول السابق. القول السابق يقول اهل اللغة يصح تفسير الاية بمقتضى المعنى اللغوي وبمقتضى قواعد استنباط الاحكام من الادلة لا والقول الثاني يقول لا يصح ذلك حتى يكون منقولا عن النبي صلى الله عليه وسلم او عن الصحابة اذا تفسير القرآن مرة يكون بالقرآن ومرة يكون بالسنة ومرة يكون باقوال الصحابة هل يجوز ان يكون تفسير القرآن بلغة العرب او بقواعد الاستنباط الجمهور؟ قالوا نعم وهناك طائفة قالوا بعدم جواز ذلك واستدلوا بهذه الاية قال المؤلف هذا القول الثاني فاسد لان النهي عن تفسير القرآن لا يخلو اما ان يكون المراد به الاقتصار على النقل والمسموع في قوله من قال في القرآن برأيه فقد اخطأ يحتمل ان يكون المراد به ترك الاستنباط او ان يراد به تفسير القرآن بدون ان يكون على طريقة صحيحة في تفسير القرآن وباطن ان يكون المراد به عدم نقل ايات القرآن الا وفق ما سمعه الانسان من تفسير صحابة لماذا؟ لان الصحابة فسروا القرآن ومرة اختلفوا فدل هذا على ان ما سمعه او ما قاله الصحابة ليس كله مما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم بل قد فسروا القرآن لتفسير كتاب الله عز وجل فجمع اشتات التفسير والمنقول عن الائمة في تفسير كتاب رب العزة والجلال ثم تكلم عن وقام بتفسيرها وتكلم عن القراءات وقام بتوجيهها وذكر الاقوال المتقابلة في تفسير اما بدلالة اللغة او بقواعد الاستنباط فاذا كان الصحابة قد فسروا القرآن بذلك وجاز لهم فحينئذ نسير على طريقتهم في هذا معنى ولذلك كان ابن عباس يفسر القرآن وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك فقال وعلمه اللهم علمه التأويل ولو كان تفسير القرآن مقتصرا على السماع لما اختص ابن عباس بهذا الامر ثم قال بان النهي يحمل على معنيين كما تقدم. اما ان يكون المراد به تفسير القرآن بما يهواه الانسان ويرغب فيه من اجل ان يصحح غرظه وهذا لا شك انه منهي عنه. لانه من تبديل احكام الشريعة. ومن القول على الله عز وجل كذبا وزورا ومثل هذا لا بالاتفاق انه منهي عنه الوجه الثاني ان يتسارع المفسر الى تفسير القرآن بظاهر العربية بدون النظر في تفسير القرآن بالايات القرآنية والاحاديث النبوية هناك ايات يكون لها معنى في اللغة ثم يأتي الشرع فينقلها بالتالي من جاءنا وفسرها بالمعنى اللغوي بدون ملاحظة المعنى الشرعي يكون قد فسر القرآن بغير معناه مثال ذلك في قوله واقيموا الصلاة الصلاة في لغة العرب ايش؟ الدعاء والثناء فمن جاءنا وفسر قوله واقيموا الصلاة بان المراد به الدعاء او الثناء قلنا هذا غير مقبول منك لان النبي صلى الله عليه وسلم قد فسر هذا اللفظ بتفسير اخر وحينئذ لا يصح لنا ان نترك التفسير النبوي من اجل المعنى اللغوي مثال اخر ايضا صرف اللفظ عن ظاهره الى المعنى المرجوح بدون ان يكون هناك دليل وهو المسمى بالتأويل الفاسد فان هذا من القول في القرآن الرأي الذي يدخل في النهي السابق وفي مرات قد يستدلون بوجود غرائب لغوية على تفسير اللفظ بخلاف ظاهره ونقله الى معنى مرجوح. ومثل هذا غير مقبول ومثل له المؤلف بقوله واتينا ثمود الناقة مبصرة فان معناه اية مبصرة قال فظلموا بها معناه فظلموا انفسهم بقتلها فمن نظر الى هذا اللفظ بحسب الدلالة اللغوية يقول الناقة مبصرة وقد يقول بانهم ظلموا بها ولم يظلموا انفسهم بقتلها وذلك ان القرآن فيه حذف لاشياء تكون معلومة عند اهل الشرع. اكتفاء بما لديهم. ومن القواعد اللغوية ان حذف ما يعلم جائز ونقل المؤلف ايضا عن ابن عطية. فقال وكان جلة من السلف الصالح كسعيد والشعبي يعظم تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لانفسهم واعظم من هذا الصحابة رضوان الله عليهم فقد كانوا يتوقفون في تفسير القرآن لما لما سئل ابو بكر رضي الله عنه عن تفسير قوله تعالى وفاكهة باء قال اي سماء تظلني واي ارض تقلني ان قلت في كتاب الله ما ليس لي به علم ورد ذلك ايضا عن جماعة من الصحابة ابن عباس توقف في تفسير ايات من القرآن حتى وجد معناها على مرة لم افقه قوله تعالى الحمدلله فاطر السماوات حتى اختصم عندي رجلان من العرب في بئر فقال احدهما للاخر ابي فطرها قال الانباري وقد كان الائمة من السلف الماضي يتورعون عن تفسير المشكل من القرآن فبعض يقدر ان الذي يفسره لا يوافق مراد الله. يعني بعضهم ترك تفسير ذلك خشية من ان يكون تفسيره مخالفا لمراد الله وبعض يشفق من ان يجعل في التفسير اماما يبنى على مذهبه ويكتفى طريقه فخشي من ان يكون قد قاد الناس الى ما يخالف معناه. قال فلعل متأخرا ان يفسر حرفا برأيه ويخطئ فيه فيقول قد اقتديت بفلان وامامي في تفسير القرآن بالرأي فلان الامام من السلف وذكر الاثر الذي ذكرته قبل قليل عن ابي بكر فقال اي سماء تظلني واي وارظ تقلني؟ اين اذهب؟ وكيف اصنع؟ اذا قلت بحرف من كتاب الله بغير ما تبارك وتعالى كثير من السلف كانوا يفسرون القرآن وكانوا يحيون قلوب المسلمين بما يفسرونه من كتاب الله عز وجل. وقد نقل المؤلف هنا عن جماعة من الصحابة الذين كانوا يفسرون القرآن رضوان الله عليهم كعلي وابن عباس ثم بعد ذلك تبعهم من التابعين مجاهد وسعيد ابن جبير وقال ابن عباس ما اخذت من تفسير القرآن فعن علي كان علي رضي الله عنه يثني على تفسير ابن عباس ويحض على الاخذ منه. وكان ابن مسعود يقول نعمة ترجمان القرآن وهكذا الف النحوي ابو علي الفارسي مصنفا في تفسير القرآن ثم ذكر المؤلف ان بعدهم جاء التفاسير لكن كان عليها انتقادات كثيرة منها تفسير ان ابي بكر النقاش المسمى شفاء الصدور في التفسير واخذ عن الصحابة ثلة من التابعين. واخذ التفسير عن الصحابة من الامور التي اه يثنى على صاحبها. فقد شاهدوا التأويل وحضروا مواطن التنزيل وعرفوا مقاصد الشرع وخالطوا النبي صلى الله عليه وسلم وعرفوا طريقته. ولذلك يحسن الاخذ بتفسيرهم. وقد قال الله جل وعلا والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه فاثنى على من اتبع الصحابة وقد قال تعالى اتبع سبيل من اناب الي واثنى على الصحابة مواطن عديدة محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم. وما اثنى عليهم الا لصحة طريقهم وسلامة منهجهم. قال عامر ابن واثل شهدت علي ابن ابي طالب رضي الله عنه يخطب فسمعته يقول في خطبته سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء يكون الى يوم القيامة الا حدثتكم به. سلوني عن كتاب الله والله ما من اية الا انا اعلم ابليل نزلة بنهار ام في سهل نزلت ام في جبل؟ فقال فقام ابن الكواف قال يا امير المؤمنين ما الذاريات ذروى الحديث قال ابن مسعود لو اعلم احدا اعلم بكتاب الله مني تبلغه المطي يعني الابل لاتيته. فقال له رجل اما لقيت علي بن ابي طالب فقال بلى قد لقيته. وقال مسروق وجدت اصحاب محمد مثل الاخاذ يروى يروي الواحد والاخاذ يروي الاثنين يعني الاناء قال يعني ان ها الصحابة مثل الانية منهم من يكون كبيرا عنده علم كثير فيرتوي به اناس كثر منهم من يكون اقل من ذلك قال ومنهم الايخاذ لو ورد عليه الناس اجمعون لاصدرهم. اي اه تمكنوا من الروي منه بالشرب وملأوا انيتهم وان ابن مسعود من تلك الاخاذ وقال الايخاذ عند العرب الموضع الذي يحبس الماء كالغدير اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم الهداة المهتدين هذا والله الله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فقد ذكرنا فيما مضى ان المنهج الصحيح في تفسير القرآن ان يفسر القرآن بالقرآن ثم يفسر القرآن بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم يفسر القرآن بما ورد من اجماع الصحابة على معنى ثم يفسر بما ورد عن احادهم ثم يفسر القرآن بمقتضى لغة العرب لمن كان مؤهلا لتفسير القرآن بذلك. ويفسر القرآن بقواعد الفهم والاستنباط ونضرب لذلك امثلة في قول الله جل وعلا واتوا حقه يوم حصاده فسر بقوله عز وجل يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما اخرجنا لكم من الارظ فدل هذا على ان المراد بقوله حقه جزء يستخرج مما ينبته الانسان من النبات. لقوله ومما اخرجنا لكم من الارظ كقوله مما من تبعيضية وفسر ايضا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بالنظح نصف العشري فهنا فسرنا هذه الاية بي ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك فسرنا هذه الاية بما حكي من اتفاق الصحابة على ان السلع غير المقتاتة التي لا التي لا تبقى ولا تكال انه لا زكاة فيها فانهم اتفقوا على ان الخضروات لا زكاة فيها ثم ورد عن طائفة من الصحابة انهم فسروا ذلك اه طريقائق معينة في ما تجب فيه الزكاة هكذا يمكن ان تفسر بقواعد الفقهي والاستنباط فيقال واتوا امر والاوامر للوجوب وقوله يوم حصاده من جهة اللغة يعرف ان هذا ظرف والظروف يجب ان يكون ما تعلق بها في ذلك الظرف فهذا فهم لهذه الاية بحسب لغة العرب وقواعد الاستنباط وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بذلوا من انفسهم في تعليم العلم قد تفرقت بلدانهم ففسروا كتاب الله يتقربون بذلك الى الله سبحانه وتعالى ومن اعظم من فسر ايات القرآن ابن عباس وابن مسعود وعلي رضي الله عنهم وليس معنى هذا اختصاص هؤلاء الصحابة بفهم معاني القرآن بل هؤلاء الصحابة تأخر زمانهم فكثر المنقول عنهم من تفسير القرآن. لاحتياج الناس لما لديهم من علم. بخلاف من من مات سابقا كابي بكر وعمر فانه لما تقدم زمانهم لم يحتاجوا اه لم يحتج الناس الى ما لديهم منه وهكذا ابو جعفر النحاس صاحب كتاب اعراب القرآن لا زال موجودا قال فهؤلاء قد كتبوا في تفسير القرآن ثم استدرك الناس عليهما قال وعلى سننهما اي سار على طريقتهما مكي بن ابي طالب تفسير ايات القرآن و هؤلاء الصحابة قد جلسوا للاقراء ولاجابة السائلين ولتعليم تفسير كتاب الله جل وعلا فحينئذ اشتهر عنهم من القول ما لم اشتهر عن غيرهم وقد ينقص يعني لا يلزم من هذا ان يكون الصحابي فاهما او عالما بجميع معاني القرآن ولذلك توقف ابو بكر في قوله وفاكهة وابا توقف عمر في بعض ايات القرآن مثل اية الكلالة واية الربا ونحو ذلك قد نقل عن الصحابة تفاسير مرة يتفقون عليها ومرة يختلفون وغالب اختلاف الصحابة من اختلاف التنوع بان يذكروا كل منهم يذكر مثالا من امثلة المعنى الذي يكون لتلك اللفظ لذلك اللفظ. فمثلا لما يأتي لفظة البر يأتي احدهم ويفسرها اما باسم اخر كالقمح او اه منتوجها كالدقيق او باثرها كالخبز ونحو ذلك. فكل هذه التفاسير في الغالب ترجع الى معنى واحد. ولا شك ان صحابة هم اعرف الناس بفهم وتفسير كتاب رب العزة والجلال وقد ورد في حديث ضعيف فيه راو متروك ان ان ابا سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارحم امتي بها ابو بكر. واقواهم في دين الله عمر واصدقهم عثمان واقضاهم علي وافرضهم زيد يعني اعلمهم باحكام المواريث. واقرأهم لكتاب الله عز وجل ابي ابن كعب. واعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن ابن جبل وامين هذه الامة ابو عبيدة ابن الجراح وابو هريرة وعاء من العلم وسلمان بحر من بعلم لا يدرك وما اظلت الخضراء ولا قلت الغبراء من ذي لهجة اصدق من ابي ذر ثم انتقل المؤلف للحديث عن المبرزين من التابعين في تفسير كتاب الله عز وجل. وذكر منهم الحسن البصري ومجاهدا وسعيد ابن جبير وعلقمة وذكر ان ابن عباس قد فسر القرآن بحضرة مجاهد. فقرأ مجاهد على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل اية ثم بعد ذلك يتلوهم عكرمة والظحاك وان كان لم يلقى ابن عباس وانما اخذ عن سعيد ابن جبير ممن اشتهر بالتفسير في الزمان الاول السدي اسماعيل ابن ابي كريمة وقد توفي سنة مئة وسبعة وعشرين لكن العلماء اختلفوا في السد وفي تفسيره وفي روايته. فكان طائفة لا يقبلون ما ياتي عن السدي كالشعبي ويحيى ابن معين وسفيان وابو صالح وآآ جماعة وان كان طائفة قد اثنوا على السدي ثم بعد ذلك بعد عصر الصحابة والتابعين وجد علماء من علماء الامة يقومون بتفسير كتاب رب العزة والجلال. منهم من يفسره شفاها يستمع الناس اليه ومنهم من كتب هذا التفسير قال ثم حمل تفسير كتاب الله عدول كل خلف اي كل زمان يخلفون الزمان الاول كما قال صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغاليين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. خرجه ابو بو داوود خرجه ابو عمر يعني ابن عبدالبر هذا الحديث ليس له اسناد صحيح وانما له اسانيد متعددة فبعض اهل العلم قال هذه الاسانيد يقوي بعضها بعضا واخرون قالوا بان هذا المعنى يشهد له نصوص اخر منها قول النبي صلى الله عليه لا تزال طائفة من امتي على الحق و من كونهم على الحق ان يقوموا بنشر دين الله وان يفسروا كلام رب العزة والجلال قال الخطيب البغدادي وهذه شهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بانهم اي العلماء اعلام الدين وائمة المسلمين لحفظهم الشريعة من التحريف والانتحال للباطل. ورد تأويل الابله الجاهل وانه يجب الرجوع اليهم. والمعول في امر الدين عليهم وقد ذكر المؤلف ان ابن عطية ذكر شيئا من تأليف الناس في من تأليف العلماء في تفسير كتاب الله عز وجل قد نقل عن مقاتل انه فسر كتاب الله وقد صنف في هذا. وان كان تفسيره وان كان تصنيفه لم ينقل الينا بذاته وانما نقلت بعض الروايات الموجودة فيه ومن التفاسير الموجودة اليوم اهل الزمان الاول من عصور التأليف الامام عبدالرزاق ابن همام الصنعاني تفسيره مطبوع وهكذا ايضا الامام المفضل ابن سلمة وهكذا ايظا الامام النسائي وعلي ابن ابي طلحة ونقل ان البخاري له تفسير لكتاب الله وفي الصحيح فكتاب متعلق بالتفسير ولكن الملاحظ في تفاسير هؤلاء انها تفاسير منقولة عن السلف من الصحابة والتابعين وان تفسيرهم ليس لجميع ايات القرآن كتاب الله ورجح بينها او جمع قال المؤلف فقرب البعيد منها وشفى في الاسناد ومن المبرزين من المتأخرين في تفسير كتاب الله ابو اسحاق الزجاج النحوي فقد الف كتاب في معاني القرآن وابو العباس المهدوي متقن التأليف ثم قال المؤلف كلهم مجتهد مأجور ان اصاب الحق فله اجران والا كان له اجر رحمهم الله ونظر وجوههم هنا نشير الى شيئين موقف ائمة الدين وعلماء الشرع ممن سبقهم في التأليف. فقد كانوا يثنون عليهم ويعرفون الناس بمراتبهم ولا يطعنون فيهم ويدعون لهم وان كانوا يبينون خطأ ما لديهم لكنهم يعذرونهم في ذلك بينون مكانتهم في الشرع والدين و يبينون ان خطأهم خطأ مغفور ويكون صاحبه اجر على اجتهاده وهكذا شأن اهل الايمان لا يكون في قلوبهم غل لمن سبقهم كما قال تعالى والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم والامر الثاني ان المؤلفات التي وجدت في تفسير كتاب الله عز وجل نحت مناحي متعددة فمنها من اعتنى ببيان المعنى لالفاظ القرآن ومنها ما اعتنى استخراج الاحكام الفقهية من كتاب الله عز وجل ومنها ما تصدى لتعريف الناس بالمعنى الاجمالي للايات القرآنية ومنها ما اعتنى ببيان الملاحظ اللغوية والدقائق البلاغية في كتاب الله جل وعلا و على انواع مختلفة وطرائق متعددة في تفسير كتاب الله عز وجل. وقد حاول بعضهم ان يجمع جميع هذه هي الطرائق في ما كتبه. وعلى كل فالخطأ وارد في كل تفسير من من تفاسير القرآن ولكن هؤلاء همة حاولوا ان يقربوا معاني القرآن. ونسهلها للناس. كذلك يلاحظ ان هذه التفاسير قد تفاوتت بي ما يتعلق بمن تخاطبه. فبعضها فسر لاهل العلم والمتمكنين فيه بذكر الخلاف بتفسير ايات القرآن والترجيح فيها ومنها ما ذكر للمبتدئين من طلبة العلم في بيان الاحكام المتعلقة بهذه الايات. ومنها ما كان مؤلفا بل لعموم الناس بحيث يتناسب مع احوالهم ويصحح ما لديهم من اه ما لديهم من معاني قد تكون غير صحيحة لكتاب الله جل وعلا. وقد وجد مؤلفات وكتب ومن اواخر هذه الكتب كتاب الجامع العلامة القرطبي رحمه الله تعالى وهذا الكتاب قد ذكرنا شيئا من مميزاته فيما آآ سبق. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير. وان يجعلنا من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد فهذا هو الدرس الثالث عشر من دروسنا في مقدمة القرطبي رحمه الله تعالى قال المؤلف باب تبيين الكتاب بالسنة اي ان هناك ايات من كتاب الله جاء بيان معناها وتوضيح المراد منها في سنة النبي صلى الله عليه وسلم واستدل على ذلك بقول الله تعالى وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم وبقوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم فليحذر الذين يخالفون عن امره اي عن امر النبي صلى الله عليه وسلم وذلك ان قوله وحي من عند الله فلذا حذر من يخالف امره بهذا آآ الامر العظيم من العذاب والفتنة واستدل بقوله تعالى وانك لتهدي الى صراط مستقيم قال وفرض الله طاعته اي طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في غير اية من كتابه. قال تعالى قل اطيعوا الله طول فان تولوا فان الله لا يحب الكافرين. وقرنها بطاعته عز وجل فقال تعالى من يطع الرسول فقد اطاع الله. وقال تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما ما نهاكم عنه فانتهوا فدل هذا على حجية القرآن وحجية القرآن تظهر من اربعة امور اولها ما ذكره المؤلف هنا الكلام في حجية السنة وتفسير القرآن بها. حجية السنة يستدل عليها باربعة امور اولها ما ذكره المؤلف منه هنا من قيام الادلة من كتاب الله عز وجل على ان متى حجة؟ وما امر به من طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والثاني ان من مقتضى كوني هذا كونه رسول الله وجوب تصديقه في اخباره وصحة ما ورد عنه وانه وحي من عند الله جل وعلا. فيجب الاخذ به والعمل به والامر الثالث حاجة عدد من ايات القرآن الى سنة النبي صلى الله عليه وسلم في توضيحها وبيان المراد منها فان كثيرا من شرائع الاسلام التي امر بها في القرآن جاء تفصيلها وبيان فاشفق حذيفة مما رأى منهم. فلما قدم حذيفة المدينة دخل على عثمان قبل ان يدخل الى بيته فقال ادرك هذه الامة قبل ان تهلك. قال بماذا؟ قال في كتاب الله اني حضرت بها في كتاب رب العزة والجلال والامر الرابع مما يدل على صحة الاحتجاج بهذا القرآن ووجوب بهذه السنة ووجوب تفسير القرآن بها اجماع السلف من هذه الامة على الاخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفسير القرآن بها ثم ذكر المؤلف ان ابن عبد البر وعن عبدالرحمن ابن يزيد انه رأى محرما عليه ثيابه فنهى المحرم. قال كيف تحرم؟ وانت عليك ثيابك فقال ائتني باية من كتاب الله تنزع ثيابي ليس في القرآن نزع الثياب انا احرم لان الله امرني بالاحرام. اما نزع الثياب المخيطة فليس هذا في القرآن فقرأ عليه وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال هشام ابن حجر كان طاووس يصلي ركعتين بعد العصر فقال ابن عباس اتركهما فقال طاووس انما نهي عنهما ان تتخذ سنة. اي طريقة معتادة يفعلها الانسان في كل يوم فقال ابن عباس قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة بعد العصر فلا ادري اتعذب عليهما ام تؤجر يقول مثل هذا هذه الصلاة منهي عنها فاخشى عليك من العذاب لان الله تعالى قال وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قظى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم وقد ورد عند ابي داوود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الاواني اوتيت القرآن ومثله معه الا يوشك رجل شبعان جالس على اريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فاحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه الا لا يحل لكم الحمار الاهلي؟ ولا كل ذي ناب من السباع ولا لقطة معاهد الا ان يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم ان يقروه ان يقدموا له الضيافة. فان لم يقروه فله ان يعقبهم بمثل قراءة اي ان يطالبهم ويأخذ من اموالهم قوله اوتيت الكتاب ومثله معه. يفسر بشيء الاول انه اوتي القرآن واوتي السنة التي تماثل القرآن في كونها وحيا من عند الله لكنها لا يتعبد بتلاوتها والثاني انه اوتي الكتاب وحيا يتلى وكذلك اوتي شيء يماثل القرآن هو بيان له وتفسير له اي اذن له ان يبين ما في القرآن. وبالتالي يكون قد عمم ما في القرآن مرة وخصص ما في القرآن مرة وشرع احكاما يجب آآ العمل بها وقوله يوشك رجل شبعان يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له في القرآن ذكر كما قال بذلك طوائف من المبتدعة الذين يقولون بان السنة لا تقبل الا اذا كانت مؤكدة لما في القرآن. اما اذا كانت زائدة على ما في القرآن قالوا لا نقبلها. وقد قالوا بان انا امرنا عند التنازع بالرد الى القرآن وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله فتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب ومثل هؤلاء في ظلال وذلك ان القرآن في كثير من مواطنه قد امر بالعمل بالسنة وايات القرآن في مواطن عديدة لا تفهم الا من خلال سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله متكئ على يعني على السرير لانه من اصحاب الترف والدعة الذين لم لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مضانه. واكثر ما وتناسوا منه ان يتكلم في دين الله من لم يشتغل بالعلم الشرعي ثم قال الا ان ولا تحل لقطة معاهد الا ان يستغني عنها صاحبها اي يتركها صاحبها عنها وقوله فله ان يعقبهم بمثل قراه. يعني ان من احتاج ان الضيف اذا امتنع اهل القرية من اضافته فله ان يأخذ منهم ما يكون مماثلا والعلما لهم منهجان منهم من قال هذا لكل ضيف كما هو مذهب احمد وجماعة ومنهم من قال هذا يختص بحال المضطر الذي لا يجد طعاما ويخاف تلف على نفسه فله ان يأخذ من مالهم بقدر قراه عوض ما حرموه من كراه وهذا هو اختيار المؤلف وقوله يعقبهم من المعاقبة كقوله وان عاقبتم فكانت الغلبة لكم فغنمتم منهم وكان لهذا ان يغنم من اموالهم بقدر قراء قال وفي الحديث دلالة على انه لا حاجة بالحديث الى ان يعرض على الكتاب. فالسنة مقبولة ولا حاجة ان تعرض على الكتاب فانه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اي اي حديث يثبت عن النبي صلى الله وسلم فانه حجة بنفسه اعترض معترظ وقال قد ورد في الحديث اذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فان وافقه فخذوه وان لم يوافقه فردوه. فقالوا هذا لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا من الموضوعات لا يصح ان يلتفت اليه. ثم اذا اخذنا بهذا النص وعرضناه على كتاب الله وجدناه مخالفا لما في كتاب الله. فان كتاب الله يأمر بالاخذ بالسنة. وهذا ينهى عن بالسنة التي ليست في كتاب الله. فبمقتضى هذا الحديث نرده ثم البيان منه يعني بيان ايات القرآن التي يأتي من النبي صلى الله عليه وسلم على ظربين الاول بيان لمجمل. يأتينا لفظ لا نعرف المراد به فيفسره النبي صلى الله عليه وسلم. كقوله واتوا حقه يوم حصاده ما حقه لا نعرفه الا بقوله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر ومنه بيان الصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر احكامها. وهكذا في بيانه للمناسك. ومرة قد يكون بالفعل ومرة قد يكون بالقول كما في حديث خذوا عني مناسككم وصل كما رأيتموني اصلي ونقل عن عمران انه قال لرجل انك امرؤ احمق. اتجد الظهر في كتاب الله اربعا؟ لا يجهر فيها بالقراءة ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحو ذلك. ثم قال اتجد هذا في كتاب الله مفسرا؟ ان كتاب الله ابهم هذا وان السنة تفسر هذا وذكر عن حسان بن عطية قال كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحظره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك ونقل عن مكحول القرآن احوج الى السنة من السنة الى القرآن لان تفسير القرآن يحتاج الى السنة ثم نقل عن يحيى ابن ابي كثير السنة قاضية على كتاب الله الوجه الثاني من اوجه اه بيان السنة للقرآن ان تكون مقيده له. او مخصصة له. فمثلا لما عدد الله الله عز وجل المحرمات في النكاح في قوله حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم الى ان قال سبحانه واحل لكم كن ما وراء ذلكم ثم جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها فيكون هذا مقيدا او مخصصا لما ورد في الاية. ومثله في قول الله عز وجل انما حرم عليكم الميتة والدم ولحمها الخنزير ثم جاءنا في السنة ان النبي صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الاهلية وحرم كل ذي ناب من السباع وحرم كل ذي مخلب من الطير. فهذا تقييد لما ورد في سنة النبي صلى لما افي كتاب الله عز وجل اذا السنة مرة قد تأتي بحكم مستقل ومرة تأتي بتأكيد لما في القرآن ومرة تأتي بتفسير لما في القرآن لما اجمل في القرآن. ومرة تأتي بتخصيص ما في القرآن او تقييده ومرة تأتي بحكم مستقل ليس في القرآن ومرة تأتي بنسخ احكام في القرآن وقد اختلف العلماء في القسمين الاخيرين فقال طائفة لا تستقلي السنة بحكم لم يرد في الكتاب وهؤلاء في حقيقتهم لا يعارضون ما ينقل عن جمهور الامة. لان هنا قد نعيد كل حكم الى قول الله عز وجل وما اتاكم الرسول فخذوه ويبقى عندنا في نسخ القرآن بالسنة فجمهور اهل العلم يجيزونه في الجملة والامام الشافعي يمنع من تفسير القرآن بواسطة من نسخ القرآن بواسطة السنة. ويستدل عليه بقوله تعالى ما ننسخ من اية او ننسها نأتي بخير منها او مثلها. ولذا قال الفضل قال ابن ابي كثير السنة قاضية على الكتاب. وقال الفضل ابن زياد سمعت ابا عبد الله يعني ابن احمد بن حنبل وسئل عن هذا الحديث الذي روي ان السنة قاضية على الكتاب قال ما اجسر على على هذا ان اقوله ولكني اقول ان السنة تفسر القرآن تبينه ومن امثلة هذا في قوله عز وجل كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين قد قال طائفة بان هذه الاية نسخت بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا وصية لوارث واخرون قالوا ان نسخها كان بايات الميراث وليس بهذا الحديث قول المؤلف هنا والقضاء باليمين مع الشاهد قال الله جل وعلا واشهدوا واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ثم جاءنا في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد الواحد واليمين فحينئذ هل نقول بان هذه حالة جديدة او هي تقييد ما في الكتاب؟ قال الجمهور بانه يعمل بهذا الخبر والزيادة على بالنص التي تكون من السنة على كتاب الله مقبولة. وقال الحنفية الزيادة على النص من باب النسخ واحاديث الاحادي لا تنسخ الكتاب ومن ثم لم يقل الحنفية بهذا الحديث وبالتالي قالوا بانه لا يقضى باليمين مع الشاهد نسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا الله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد هذا هو اللقاء الثاني عشر من لقاءاتنا في مدارسة مقدمة العلامة القرطبي المالكي لتفسيره بالقرآن المسمى الجامع لاحكام القرآن ونبدأ هذا المجلس حمد الله تعالى فنقول الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين. قال العلامة القرطبي رحمه الله باب كيفية تعلم العلم والفقه بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما جاء انه سهل على من تقدم العمل به دون حفظه يريد المؤلف ان تفسير كتاب الله والتعلم والتفقه بكتاب الله له طرائق معينة وان من عرف هذه القواعد سهل عليه فهم كتاب رب العزة والجلال اورد المؤلف في هذا ان عددا من الصحابة اخبروا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤهم العشرة الايات من القرآن فلا يجاوزونها الى عشر اخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل قال فتعلمنا القرآن والعمل جميعا واورد عن ابي عبد الرحمن السلمي قال كنا اذا تعلمنا عشر ايات من القرآن لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وامرها ونهيها. فيكون هذا من اسباب تيسر فهم القرآن ان يبتدئ القرآن من اوله فيعرف ما فيه من المعاني ولو طال به ولو طالت به المدة وفي موطأ مالك قال بلغني ان ابن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها ورد ايضا عن ابن عمر قال تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا وروى عن زياد ابن مخرق تقدم الكلام فيه قال قال عبد الله ابن مسعود ان صعب علينا حفظ القرآن وسهل علينا العمل به وان من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به العمل بالقرآن عبادة يتقرب بها لله عز وجل وهو من طاعة الله سبحانه وتعالى الداخل في قوله تعالى قل اطيعوا الله وحفظ القرآن ايضا عبادة يتقرب بها الى الله. كما قال سبحانه بل هو ايات بينات في صدور الذين اوتوا العلم وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم الجوف الذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب ثم روى المؤلف باسناده عن ابن عمر قال كان الفاضل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الامة لا يحفظ من القرآن الا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن. وان اخر هذه الامة يقرأون القرآن منهم الصبي والاعجمي ولا يرزقون الا به ثم ذكر عن خلف بن هشام قال ما اظن القرآن الا عاريا في ايدينا اي انه سينزع ويؤخذ وذلك انا روينا ان عمر بن الخطاب حفظ البقرة في بضع عشرة سنة فلما حفظها نحر جزورا شكرا لله وان الغلام في دهرنا هذا يجلس بين يدي فيقرأ ثلث القرآن لا يسقط منه حرفا فما احسب القرآن الا عارية في ايدينا ونقل المؤلف عن اهل العلم بالحديث قالوا لا ينبغي لطالب الحديث ان يقتصر على سماع الحديث وكتبه دون معرفته وفهمه المراد من هذه النقول انه ليس المراد حفظ القرآن فقط بل ينبغي ان يقارن حفظ القرآن فهم معانيه وتطبيق احكامه قال قال اهل العلم بالحديث لا ينبغي لطالب الحديث ان يقتصر على سماع الحديث وكتبه دون معرفته وفهمه فيكون قد اتعب نفسه من غير ان يظفر بطائل. وليكن تحفظه للحديث على التدريج. قليلا قليلا اذا مع الايام مع الليالي والايام وقال الزهري من طلب العلم جملة فاته جملة وانما يدرك العلم حديثا وحديثين فهكذا فيما يتعلق بتفسير كتاب الله. قال معاذ بن جبل اعملوا ما شئتم ان اعلموا ما شئتم ان تعلموا فلن يأجركم الله بعلمه حتى تعملوا وقد روي ذلك مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن لا يصح وفيه زيادة ان العلماء امتهم الدراية وان السفهاء همتهم الرواية. لكن فيه عباد بن عبد الصمد قال لا يحتج به ولقد احسن القائل في نظمه في فضل العلم وشرف الكتاب العزيز والسنة الغراء فقال ان العلوم وان جلت محاسنها فتاجها ما به الايمان قد وجب هو الكتاب العزيز الله يحفظه. وبعد ذلك علم فرج الكرب ذاك فاعلم حديث المصطفى فبه او في نور النبوة سن الشرع والادب. وبعد هذا علوم لا انتهاية لها. فاختر لنفسك يا من اثر الطلب فالعلم كنز تجده في معادنه يا ايها الطالب ابحث وانظروا الكتب واتلوا بفهم كتاب الله فيه اتت. كل العلوم تدبره ترى العجب. واقرأ هديت حديث المصطفى مثلا مولاك ما تشتهي يقضي لك الارب من ذاق طعما لعلم الدين سر به اذا تزيد منه قال وطربا ثم ذكر المؤلف ما ورد في قول النبي صلى الله عليه وسلم انزل هذا القرآن على سبعة احرف فاقرأوا ما تيسر منه فقد جاء في صحيح مسلم من حديث ابي ابن كعب ان النبي صلى الله عليه وسلم كان عند بني غفار فاتاه جبريل فقال ان الله يأمرك ان تقرأ امتك او امتك القرآن على حرف. فقال اسأل الله اسأل الله معافاته ومغفرته. وان امتي لا تطيق ذلك. ثم اتاه والثانية فقال ان الله يأمرك ان تقرأ امتك القرآن على حرفين. قال فما زال يستزيده حتى قال ان الله يأمرك ان تقرأ امتك القرآن على سبعة احرف فايما حرف قرأوا عليه فقد اصابوا وفي الترمذي قال لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال يا جبريل اني بعثت الى امة امية منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لا يقرأ كتابا قط فقال لي يا محمد ان القرآن انزل على سبعة احرف وصححه وجاء في الصحيحين قصة عمر مع هشام في اختلافهم في القراءة وسيأتي تفصيلها ثم ذكر المؤلف ان العلماء قد اختلفوا في هذا الحديث. ما المراد به؟ وان لهم خمسة وثلاثين وقد ذكرها ابن حبان رحمه الله تعالى وذكر المؤلف منها خمسة اقوال القول الاول ان المراد به سبعة اوجه من المعاني المتقاربة ذكر فيها رواية من حديث ابي بكرة تدل على هذا المعنى قال جاء جبريل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ على حرف قال ميكائيل استزده حتى حتى بلغ سبعة احرف قال فكل شاف كاف الا ان تخلط اية رحمة باية عذاب او اية عذاب باية رحمة على نحوها لم وتعالى واقبل واذهب واسرع وعجل وهذا الاثر او هذا الخبر فيه ظعف و اورد بقى المؤلف بعض الاثار. قال ابن عبد البر او قال الطحاوي سبب ذلك انهم عجزوا عن اخذ القرآن على غير لغتهم لانهم كانوا اميين. لا يكتب منهم الا القليل وقال ابن عبدالبر فانا بهذا ان تلك السبعة الاحرف انما كان في وقت خاص لضرورة الى ذلك. كانوا كأنهم يقولون هذه السبعة الاحرف في زمن النبوة فقط ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الاحرف وعاد ما يقرأ به القرآن الى حرف واحد القول الثاني في تفسير السبعة الاحرف ان المراد بها لغات العرب فان العرب في طريقة نطقهم للكلام سواء في طريقة نطق الحرف او في الحركات يختلفون. منهم من يشبع الحرف ومنهم من لا يشبع الحرف ومنهم من آآ تكون طريقة نطقه لللفظ مغايرة قال قوم هي سبع لغات في القرآن على لغات العرب. يمنها ونزارها. لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجهل شيئا منها وكان قد اوتي جوامع الكذب وليس معناه ان يكون في الحرف الواحد سبعة اوجه ولكن هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن يعني هناك الفاظ جاءت بلغة قبيلة والفاظ جاءت بلغة قبيلة اخرى فالسبعة الاحرف لغات قبائل شتى جاءت في مواطن متعددة قال الخطابي من القرآن ما قد قرأ بسبعة اوجه وهو قوله وعبد الطاغوت. وقوله ارسله معنا غدا يرتع ويلعب هذا القول قد اختاره جماعة وان كانت بعظ لغات العرب وجدت في القرآن اكثر من اللغات الاخرى كلغة آآ قريش ومن قال بان القرآن نزل بلغة قريش قال يعني اغلب ما في القرآن كذلك القول الثالث ان هذه اللغات السبع خاصة بمظر دون بقية قبائل العرب ولذلك كان ابن مسعود يحب ان يكون الذين يكتبون المصاحف من مظر وهناك من انكر ان تكون جميع هذه الاحرف في مضر وقالوا في مضر شواذ في لغتهم لا يجوز ان يقرأ القرآن بها مثل كشكشة قيس وعنعنة تميم يعني انهم يقومون بابدال العين من اه بابدال العين من الهمزة قال فان فاما كشكشة قيس فانهم يجعلون كاف المؤنث شين كما يقولون ان شي للمرأة فيقولون في جعل ربك تحتك سريا جعل ربك تحت شيء سريا واما عنعنة تميم فيقولون في ان عن عنا فيقولون عسى الله ان يأتي فيقرؤون عسى الله ان يأتي وبعضهم يبدل السين تاء. فيقول في الناس النات وفي اكياس اكيات قال وهذه لغات يرغب عن القرآن بها. ولا يحفظ عن السلف شيء منها. فالخلاصة انه ليست كل لغات العرب اب وردت في القرآن وانما بعض لغاتهم كان من ضمن هذه الاحرف السبعة والقول الرابع ان المراد بذلك ما تتغير حركته ولكن لا لا يزول معناه ولا صورته ومن امثلة ذلك في قوله هن اطهر لكم قرأها بعضهم اطهر ويضيق صدري وبعضهم قرأ يضيق ومنها ما لا تتغير صورته لكن يتغير معناه بالاعراب. كقوله ربنا باعد وربنا بعد ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل قوله ننشزها في قراءة ننشرها ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كالعهن المنفوش فبعضهم قال كالصوف ومنها ما تتغير صورته ومعناه كقوله وطلح منضود بالحاء بعضهم قرأ وطلع ومنها ما يكون بالتقديم والتأخير او بالزيادة والنقصان وهناك من قال المراد بالاحرف السبعة من جهة المعاني فهناك سبعة معاني في القرآن هناك اوامر ونواهي ووعد ووعيد وقصص وجدال وامثال. وقد رد ابن عطية هذا فقال هذه لا يقال لها احرف والاحرف تكون في ذات الحرف لا في معناه قال فالاجماع على ان التوسعة يعني هذه المعاني الخمس السبعة ليس فيها توسعة والنبي صلى الله عليه وسلم انما سأل الاحرف السبعة من اجلي ان يوسع على الامة ولعل اظهر هذه الاقوال ان يقال بان هذه الاحرف السبعة تشتمل على القراءات المتواترة المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمل على طريقة الاداء التي تختلف باختلاف لغات العرب لكن لا بد ان نتحقق ان ذلك الاداء من قول عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يكفي ان يكون منقولا عن العرب في لغتها وقد تكلم المؤلف عن القراءة السبع فقال ليست هي الاحرف السبعة وانما وقد اختلف العلماء في القراءات الاحرف السبع من جهة هل هي منسوخة او باقية؟ فقال طائفة هي منسوخة ولم يبق الا حرف واحد والجمهور على لان التوسعة يراد بها ان تبقى لجميع الامة ثم اختلفوا فيما ما هو المراد بالاحروف السبعة؟ هل المراد احرف او المراد معاني والصواب انها احرف اخذا من ذات لفظ الحديث وهذه الاحرف قد تكون حرف حقيقة او بحركته او بطريقة نطقه اذا لها ثلاثة اوجه الاحرف كما في قوله بشرا ونشرا ننشزها وننشرها وقد يكون بالحروف بان تختلف اه قد تكون بالحركات بان تختلف حركاتها. وقد يكون باختلاف طريقة نطق الحرف وادائه وحينئذ القراءات السبع جزء من الاحرف السبعة وليست جميع الاحرف السبعة قال المؤلف قال كثير من علمائنا هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الاحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها وانما هي راجعة الى حرف واحد من تلك السبعة وقد جاء وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف هذه القراءات المشهورة هي اختيارات اولئك القراء وذلك ان كل واحد منهم اختار فيما روى. هذه القراءات كلها منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكل متواترة وانما نسبت الى احد القراء لانه اشهر من قرأ بها وليس معناه انه انفرد بالقراءة بها بل هي متواترة وحينئذ هذا الامام التزم هذه الطريقة واقرأ به واشتهرت عنه فنسبت اليه ولذلك ايقال قراءة نافع وقراءة ابن كثير وليس معناه انه ينكر القراءات الاخرى او عيب على من قرأ القراءة الاخرى وليس فيه انهم انفردوا بهذه الروايات. بل كل واحد منهم توغ هذه القراءات بل بعض هؤلاء السبعة روي عنه اكثر من وجه في قراءة القرآن وكل هذه القراءات وثابتة وقد اجمع العلماء في هذه الاعصار على جواز الاعتماد على ما تواد ترى من هذه القراءات وهذه القراءات يجوز ان يؤخذ منها تفسير القرآن. ويجوز ان يؤخذ منها حكم فقهي ويجوز ان يقرأ بها القرآن. ويجوز ان يقرأ بها في الصلاة. بشرط ان تكون القراءة كل وها من جنس ذلك الحرف بحيث لا يغاير في قراءته بين اه هذه القراءات قال واجمع العلماء على هذه القراءات وكتبوا في ذلك مصنفات فاستمر الاجماع على الصواب وحصل ما وعد الله به من حفظ الكتاب وعلى هذا الائمة المتقدمون. قال ابن عطية ومضت الاعصار والامصار على قراءة سبعة وبها يصلى لانها ثبتت بالاجماع هناك قراءات لم تنقل بالتواتر وانما نقلها الواحد من الصحابة فمن بعدهم؟ يقال عنها القراءة الشادة عندنا قراءة متواترة وعندنا قراءة شاذة والقراءة الشاذة ليست من القرآن ولا تقرأ في الصلاة ولا ندخلها ضمن قراءتنا للقرآن وانما هي تفسير سمعه الصحابي من النبي صلى الله عليه وسلم في اثناء قراءته فظنه منه من القرآن وليس قرآنا وانما هو تفسير. ولذلك هذه القراءات الشاذة لا يصلى بها ولا يقرأ القرآن بها وذلك انه لم يجمع عليها. لماذا سميت شاذة لان بقية من روى القرآن ونقله ينكر ان تكون هذه اللفظة من القرآن بخلاف القراءات المتواترة. فلا ينكر احد منهم شيئا منها اما ان المروي عنه منه عن الصحابة وعن علماء التابعين فلا يعتقد فيه الا انهم رووه فهم هذا ليس قرآنا لكنه تفسير للقرآن وتأويل منه. ومن ذلك قراءة ابن مسعود فصيام ثلاثة ايام زاد متتابعات هي ليست من القرى حتى ولو صرح الراوي انه سمعها من القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم. لان النبي صلى الله عليه وسلم انما تكلم على جهة التفسير للقرآن لا على انها من القرآن ولعلنا نقف على هذا اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لكل خير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا الله اعلم وصلى الله على نبينا محمد الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد قال العلامة القرطبي المالكي رحمه الله في مقدمة كتابه الجامع لاحكام القرآن فصل في ذكر معنى حديث عمر وهشام حديث عمر وهشام رواه الشيخان البخاري ومسلم من حديث عمر قال سمعت هشام ابن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما اقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت ان اعجل عليه ثم امهلته حتى اكمل فلما انصرف لببته بردائه. فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت اني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما اقرأتنيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارسله اقرأ يا هشام فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا انزلت ثم قال لي يا عمر اقرأ فقرأت فقال النبي صلى الله عليه وسلم هكذا انزلت فبقي في نفسي عمر شيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان هذا القرآن ان انزل على سبعة احرف فاقرأوا ما تيسر منه نقل المؤلف عن ابن عطية ان هذه ان الله اباح الحروف السبعة للنبي صلى الله عليه وسلم وان هذه الحروف السبعة قد جاء بها جبريل من عند الله. وان النبي صلى الله عليه وسلم قد عرظ هذه الحروف السبعة على جبريل في عرظته. وانها تدخل في قول الله تعالى فاقرأوا ما تيسر منه. وهذا لاعجاز القرآن وقد كان الصحابة يقرأون بها هذه الحروف السبعة وقد اراد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك التوسيع على امته فاقرأ مرة فاقرأ مرة ابى ابين بما عرظه به جبريل. ومرة ابن مسعود وعلى هذا نفسر قراءة عمر رضي الله عنه لسورة الفرقان وقراءة هشام ابن حكيم لها فانه قد قال لكل واحد منهما هكذا انزلت او هكذا اقرأني جبريل وعلى هذا يحمل قول انس حين قرأ ان ناشئة الليل هي اشد وطئا واصوب فقيل له انما تقرأ واقوم قيلا. فقال انس واصوب قيل واقوم قيل واهيئ واحد وهذا على القول الاول الذي يقول تفسير الاحرف السبعة بمثلي هذا وجاء في صحيح مسلم عن ابي ابن كعب قال كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة انكرتها عليه ثم دخل اخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه. فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ان هذا قرأ قراءة انكرتها عليه. ودخل اخر فقرأ سوى قراءة صاحبه. فامرهما النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما. قال ابي فسقط في نفسي من التكذيب ولا اذ كنت في الجاهلية كلها صواب وهي مختلفة. قال فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني او غثيني او ظرب في صدري ففظت عرقا. وكانما انظر الى الله فرقا اي خوفا. فقال يا ابي ارسل الي ان اقرأ القرآن على حرف فرددت اليه ان هون على امتي فرد الي الثاني اقرأه على حرفين فرد اليه فرددت الي ان هون على امتي فرد الي الثالثة يقرأه على سبعة احرف ولك بكل ردة رددتك ها مسألة تسألنيها فقلت اللهم اغفر لامتي اللهم اغفر لامتي واخرت الثالثة ليوم يرغب الي فيه الخلق كلهم حتى ابراهيم عليه السلام وقوله اعترتني اه حيرة ودهشة اي اصابني نزغ من الشيطان ليشوش علي في هذا الامر وحينئذ نبهه النبي صلى الله عليه وسلم فظرب صدره فانشرح وتنور ثم بين له المعنى في هذا قال المؤلف رحمه الله تعالى باب ذكر جمع القرآن وسبب كتب عثمان المصاحف واحراقهما سواها وذكر من حفظ القرآن من الصحابة قال المؤلف كان القرآن في مدة النبي صلى الله عليه وسلم متفرقا في صدور الرجال وفي صحف متناثرة وجريد نخل و لخاف وخزف وغير ذلك واللي خاف الحجارة البيظاء الرقيقة و قال فلما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة يوم قاتلوا مسيلمة الكذاب في زمن الصديق وقتل منهم في ذلك اليوم سبعمائة من القراء اشار عمر على ابي بكر بجمع القرآن بان يكتب ويوضع في مصاحف وتوزع على الناس مخافة ان يموت اشياخ القراء كابي وابن مسعود فيقع اختلاف بينهم فحينئذ ندبا زيد بن ثابت الى ذلك فجمعه اه فجمعه بعد تعب شديد وكان من شرطه الا يكتفي بالنقل عن الحفظ بل لا بد ان يوجد ذلك مكتوبا. لانهم يكتبون الايات في هذه الصحف ولا يوجد مصحف متكامل فكان قد كتب ما في صدره وصدر غيره واشترط لاثباته ان يكون مكتوبا في هذه الصحف والجريد ونحوها روى البخاري عن زيد ابن ثابت قال ارسل الي ابو بكر مقتل اهل اليمامة وعنده عمر فقال ابو بكر ان عمر اتاني فقال ان القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس واني اخشى ان يستحر القتل بالقراء في المواطن. جهاد كثير مواطن الجهاد. فيذهب كثير من القرآن الا ان تجمعوه. واني لارى ان تجمع القرآن يعني زيد قال ابو جعلي ابا بكر الصديق قال ابو بكر فقلت لعمر كيف افعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو خير وذلك انه يحصل به تحصيل المقصد الشرعي من حفظ كتاب الله عز وجل. قال فلم يزل يراجعني حتى شرح الله لذلك صدري ورأيت رأى عمر قال زيد وجدت عمر عنده جالس لا يتكلم فقال لي ابو بكر انك رجل شاب عاقل لا نتهمك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم تبع القرآن فاجمعه قال زيد فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان اثقل علي مما امرني به من جمع القرآن تنظر كيف كم مقدار الاجر العظيم حصل لهؤلاء الثلاثة؟ ابو بكر وعمر وزيد قلت كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ابو بكر هو والله خير حقق ما ارادت الشريعة من حفظ كتابه قال زيد فلم ازل اراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر ابي بكر وعمر فقمت فتتبعوا القرآن اجمعه من الرقاع والاكتاف والعشب وصدور الرجال حتى وجدت من سورة التوبة ايتين مع خزيمة يعني وجدتها مع خزيمة مكتوبة بقية الحفاظ يحفظونها لكن لم تكن مكتوبة الا عند خزيمة لم اجدها مع غيره لقد جاءكم رسول من انفسكم الى اخرها. فكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند ابي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حتى توفاه الله ثم عند حفصة بنت عمر قال قوله هنا مع خزيمة بعضهم قال مع ابي خزيمة بعضهم قال مع ابن خزيمة على كل الرواية المشهورة مع خزيمة الانصاري رضي الله عنه وبذلك نفهم كون هذه الاية سقطت من عند من عند غير خزيمة يعني انها لم تكن الا عند خزيمة. اما البقية فيحفظونها ولم تكن مكتوبة عندهم من زمن النبوة ثم اورد المؤلف اعتراضا فقال فما وجه جمع عثمان للناس على مصحفه؟ هناك جمع ابو بكر قد ورد في الرواية الاخرى ان عثمان جمع الناس على مصحف واحد فكيف نقول بان عثمان جمع المصحف وابو بكر قد جمع المصحف فقيل بان عثمان هنا في وقت ابي بكر لم يكونوا يكتفون بالمصحف الامام. عندهم مصحف امام باقي. وبقية القراءات والاحرف موجودة عند الناس فلما جاء عثمان جمع الناس على هذا المصحف الامام الذي كتبه زيد ابي بكر فامر ان ينسخ منه مصاحف اخر فعثمان لم يقصد بما صنع جمع الناس على تأليف المصحف ارسل الى حفصة ان ارسلي الينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها اليك وانما فعل ذلك عثمان لان الناس اختلفوا في القراءات. لان ابا بكر ما منع الناس مما عندهم من آآ ما لديهم من قراءات بعضها قراءات شاذة فلما رأى عمر لما رأى عثمان تفرق الصحابة في البلدان وعظم اختلاف الناس ووقع بين اهل الشام والعراق اختلافات بسبب ذلك فقرأت كل طائفة بما روي لها فاختلفوا وتنازعوا بل وصل ذلك الى ان كفر بعضهم بعضا وتبرأ منه وتلاعنوا هذه الغزوة وجمعت ناسا او جمعت ناسا من العراق والشام والحجاز فوصف له ما تقدم فقال اني اخشى عليهم ان يختلفوا في كتاب الله كما اختلف اليهود والنصارى واورد هذا ايضا من رواية اخرى بنفس المعنى قال فارسل عثمان الى حفصة ان ارسلي الينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها اليك فارسلت بها اليه. فامر زيد بن ثابت وعبدالله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث. فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين اذا اختلفتم انتم وزيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فانما نزل بلسانهم ففعلوا. حتى اذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف الى حفصة وارسل الى كل افق بمصحف مما نسخوا وامر بما سوى ذلك من القرآن في الصحف ان يحرق وكان وجمع عثمان لذلك المهاجرين والانصار وجلة اهل الاسلام وشاورهم في ذلك فاتفقوا على جمعه بما صح وثبت من القراءات واطراح ما سواها. واستصوبوا رأيه في ذلك اورد المؤلف شيئا من هذه الروايات ثم نقل ان ابن مسعود كره لزيد ابن ثابت نسخ المصاحف وقال يا معشر المسلمين اعزل عن نسخ المصاحف ويتولاها رجل والله لقد اسلمت وانه لفي صلب رجل كافر يريد زيد ابن ثابت وقال ابن مسعود يا اهل العراق اكتموا المصاحف التي عندكم فان الله يقول ومن يغلو ليأتي بما غل يوم القيامة فالقوا الله بالمصاحف وكان هذا ناسخ ما مضى فحينئذ اختيار ابي بكر وعمر لزيد بسبب انه من كتاب الوحي وبما لديه من علم ولثقتهم فيه ولما رأوه من الفضل فيه ولا يعني هذا ان زيدا افضل من ابن مسعود او انه اقدم في الاسلام منه واكثر سابقة او اعظم للفظائل لكن زيدا كانت هذه مهمته التي تناسب حاله. وكان زيد احفظ للقرآن من عبد الله وقد حفظ القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وعبدالله انما حفظ نيفا وسبعين سورة من النبي صلى الله عليه وسلم. ثم تعلم الباقي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. ولذا قدموا زيدا على ابن مسعود وكان ابن مسعود يرغب في الاجر وفي هذا الفضل وهذا الثواب. ولذلك رغب ان يكون ذلك العمل له وليد وبعد ان زال عنه هذا المعنى حسن اختيار عثمان ووافقهم ولم ينكر عليهم ذلك اورد المؤلف ايضا عن انس قال كانوا يختلفون في الاية فيقولون اقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلان ابن فلان فعسى ان يكون من المدينة على ثلاث ليال ويرسل اليه فيجاء به ثم يقال كيف اقرأك رسول الله صلى الله عليه وسلم اية كذا وكذا فيكتبون كما قال مثال ذلك كلمة وان اية ملكه ان يأتيكم التابوت قال اختلفوا فيها. قال زيد التابوه وقال ابن الزبير التابوت بالتاء فرفع اه فرفع اختلافهم الى عثمان فقال اكتبوه بالتاء فانه نزل بلسان قريش وهكذا في امثلة ده ثم بعد ذلك امر عثمان بما سواه من المصاحف ان يحرق بقي في نفوس الناس كيف يحرق عثمان هذه المصاحف حتى خطب علي فقال يا معشر الناس اتقوا الله واياكم والغلو في عثمان وقولكم حرق المصاحف فوالله ما حرقها الا عن ملأ منا يعني عن تشاور اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال علي لو كنت الوالي وقت عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل عثمان رضي الله عنه من هو وكان ايضا يذكر انه يحرق الصحف التي فيها كتاب الله عز وجل فيها ذكر الله جل وعلا فدل هذا على ان ما فيه ذكر الله يحسن احراقه اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم للخير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين ناخذ درس لنخليه للغد ها اللي يقول اه ناخذ درس يرفع ايده الاكثرية الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وبعد فهذا هو لقاؤنا الرابع عشر في قراءة مقدمة الجامع لاحكام القرآن للعلامة القرطبي المالكي رحمه الله نتكلم فيها عن حقيقة هذا القرآن ما هو هذا القرآن وما هي هذه الحروف حتى نعرف مقدارها ومنزلتها القرآن كلام رب العزة والجلال كما قال الله عز وجل وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله. اذا هذا هو بعينه كلام رب العزة والجلال. وهذه الحروف هي بعينها كلام الله سبحانه وتعالى وهذه الحروف ليست قديمة تكلم الله عز وجل بها لان الله جل وعلا يتكلم متى شاء بما يشاء وجبريل سمعها من الله عز وجل فبلغها للنبي صلى الله عليه وسلم وبذلك نعرف فحقيقة هذا القرآن وعندما يقرأ الواحد منا القرآن فالمقروء هو كلام الله والقراءة هي فعلنا اذا عندنا جهتان وهكذا المكتوب اه الكتب الصحف والحبر والمداد هذه امور مخلوقة. واما المكتوب فهذا هو كلام رب العزة والجلال قال المؤلف في فعل عثمان رضي الله عنه عندما جمع المصاحف على مصحف واحد واحرق بقية الصحف. فيه رد على الحلولية الذين يقولون الله حال في كل شيء لاننا لو لانه لو كان الله حالا في كل شيء لكان كل كلام كلاما لله لكن كلام الله محصور في القرآن فدل هذا على بطلان قول الحلولية وهكذا فيه رد على الحشوية الذين يقولون بان الاصوات والحروف قديمة ليست حادثة قالوا لان كلام الله قديم فتكون جميع الحروف والاصوات اه قديمة ونتج عن ان يقولون قراءة القارئ وتلاوته قديمة ونتج عنه ان يقولوا بان الايمان قديم وان الروح قديمة. وكل هذا قول باطل ان هاجروا الارواح مخلوقة المخلوق ليس بقديم هكذا ايظا ما الصفات اه الفعلية التي يفعلها الله عز وجل متى شاء. هي ليست قديمة من مثل استوائه على العرش قاله المؤلف وقد اجمعت الامة وكل امة من النصارى واليهود والبراهمة بل كل ملحد وموحد ان القديم لا يفعل ولا تتعلق به قدرة قادر بوجه ولا بسبب ولا يجوز العدم على القديم وان القديم لا يصير محدثا والمحدث لا يصير قديما وان القديم ما لا اول لوجوده وان المحدث هو ما كان المحدث هو ما كان بعد ان لم يكن فرد على من قال يجوز ان يكون المحدث قديما وان العبد اذا قرأ كلام الله فحينئذ تكون قراءته قديمة وهذا كلام باطل مثل لذلك بعدد من الامثلة رد عليه بانه يقال لهم ما تقولون في كلام الله؟ ايجوز ان يذاب ويمحى ويحرم من اين نشأت هذه الشبهة لفظة كلام يراد بها مرة الفعل ومرة يراد بها المفعول اعطيكم مثال اخر يتضح به الحال. كلمة خلق يراد بها مرة الصفة التي هي فعل لله ويراد بها مرة المفعول من مثل البشر وسائر المخلوقات فحينئذ اذا جاءتك هذه المصادر انتبه هل يراد بها الفعل المنسوب الى الله فيكون قديما او المراد بها المفعول المراد بها المفعول فلا يلزم ان يكون قديما بل يكون محدثا واضح لنا الفرق بينهما لذلك تجدون مثلا لما نقل عن بعظ الائمة انه قال خلق الله قديم ظنوا انه يقول بان المخلوقات قديمة ولا يقول بذلك سواء شيخ الاسلام او الطحاوي او غيره بل يقول بان الصفة التي لله التي هي الخلق قديمة ولا يلزم على ذلك ان يكون المخلوق قديما يجيك بعض الناس عاد يتفلسف ويقول انهم يقولون جنس المخلوقات قديم هذا لا يقولون به انما يقولون الجنس الخلق وليس جنس المخلوقات وفرق بينهما وعلى كل جاء في الحديث قال قال الله عز وجل انزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرأه نائما ويقظان الحديث وقد اخرجه مسلم ومن ثم فالصواب ان كلام الله اصوات وحروف وقد جاء في الحديث انه بين ان كلام الله يسمع وفي الاية وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله فدل هذا على ان المسموع هو بعينه كلام الله جل وعلا ومنه قوله تعالى يحرفون كلام الله يعني يحرفون ذلك المكتوب. فالمكتوب هو بعينه كلام رب العزة والجلال. ومن قال بان القرآن بان هذا الذي بين ايدينا عبارة عن كلام الله وليس هو كلام الله فهو يخالف هذه النصوص الشرعية ويخالف اجماع الصحابة على ان هذا المتلو بعينه كلام رب العزة والجلال تكلم المؤلف بعد ذلك في ان بعضهم شكك في قضية تابت قضية خزيم بقضية زيد وعندما اخذ من خزيمة تلك الاية فنقول تلك الايات في اخر سورة براءة كانت محفوظة لهم ولكنهم قد شدد عليهم بالا يكتبوا بمجرد حفظهم حتى يجدوه مكتوبا كتبه احد الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فما اثبتوه من اه ما جاء به خزيمة هم كانوا يحفظونه وبحثوا عنه من الذي قد كتبه في عهد النبوة؟ حتى لم يجدوه لله عند خزيمة رضي الله عنه وحينئذ قول بعضهم بانه قد تذكرها كثير من الصحابة وقد كان زيد يعرفها ولذلك قال قط ايتين يعني ما وجدتها مكتوبة مع انه كان يحفظها. ولو لم يعرفها لم يدري انها قد فقدت وبالتالي فالاية ثابتة باتفاق الصحابة واجماعهم وخزيمة ان منفرد بالاتيان بها مكتوبة وبقيتهم كانوا يحفظونها بعضهم قال بان هذه الاية انما قبلوها قيام الدليل على صحة على صحتها في صفة النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن المعنى الاول اولى وقد وجد اختلاف من او روى بعض الرواة هذا اللفظ فسمى هذا الصحابي ابو خزيمة والمشهور عند اكثرهم خزيمة ابن ثابت وعلى كل وقد ذكر المؤلف ما يتعلق بهذا اللفظ في اواخر هذا الباب ذكر المؤلف من جمع القرآن وحفظه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فروى انس بن مالك قال جمع القرآن على على عهد النبي صلى الله عليه وسلم اربعة كلهم من الانصار. ابي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وابو زيد قيل لانس من ابو زيد؟ قال احد عمومتي وورد عن انس انه قال مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير اربعة. ابو الدرداء ومعاذ بن جبل والزيد وابو زيد ونحن ورثناه فهنا فيه اختلاف بين ابي الدرداء وابي رضي الله عنه. وابو زيد قال اسمه سعد بن عبيد قال ابن الطيب ابو بكر ابن الطيب لا تدل هذه الاثار على ان القرآن لم يحفظه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء الاربعة فقد ثبت بالدليل القاطع والطرق المتواترة ان عثمان وعليا وتميم الداري وعبادة ابن الصامت وعبدالله بن عمر قد حفظوا القرآن وجمعوه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقول انس لم يجمع القرآن غير اربعة فسره ابو الطيب على ان المراد لم لم يجمعوه اخذا من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة. غير هؤلاء الاربعة. واما البقية فقد حفظوه سمعوا بعضهم من النبي صلى الله عليه وسلم وسمعوا بعضه من غيره. فحفظوه فحفظوا بعضه من غير النبي صلى الله عليه وسلم قال وقد تظاهرت الروايات بان الائمة الاربعة جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لاجل سبقهم الى الاسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولذلك قال سالم مولى ابي حذيفة كان ممن جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر في حديث انس وبعضهم قال مثل ذلك عن ابن مسعود قال كميل قال عمر بن الخطاب كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ابو بكر ومن شاء الله فمررنا بابن مسعود وهو يصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الذي يقرأ القرآن؟ فقيل هذا ابن بعبد قال ان عبد الله يقرأ القرآن غظا كما انزل يعني انه كما اه قوله غظا كما انزل اي كان يقرأ الحرف الاول الذي انزل عليه القرآن دون الحروف الستة الباقية التي رخص للامة ان يقرأوا بها وورد عن ابي ظبيان قال قال لابن عباس اي القراءتين تقرأ قلت القراءة الاولى قراءة ابن ام عبد فقال لي بل هي القراءة الاخرة. ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة. فلما كان الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرظه عليه مرتين فحظر ذلك عبد الله فعلم ما نسخ منه وما بدل وفي صحيح مسلم ان عبد الله ابن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خذوا القرآن من اربعة. معنى كانوا يحفظون القرآن منهم ابن ام عبد فبدأ به. ومعاذ ابن جبل وابي ابن كعب وسالم مولى ابي حذيفة وقد ذكر الانباري باسناد عن ابي اسحاق قال قال ابن مسعود قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنتين وسبعين سورة او ثلاثا وسبعين سورة معناه ان البقية لم يحفظها من النبي صلى الله عليه وسلم وانما حفظها من غيره قال ابو اسحاق وتعلم عبد الله بقية القرآن من مجمع ابن جارية الانصاري فحينئذ يدل على ما ذكرناه من ان حفظة القرآن في عهد النبوة اكثر من ذلك. قال ابو اسحاق سألت الاسود ما كان عبد الله يصنع بسورة الاعراف فقال ما كان يعلمها حتى قدم الكوفة وقد قال به بعض اهل العلم ان ابن مسعود مات قبل ان يتعلم المعوذتين هذي فيها نظر ابن مسعود لم يكن يرى ان المعوذتين من المصحف ويرى انهما تعويذتان ويأمر بابعادهما من المصحف. فلهذه العلة لم توجد هاتان الصورتان في مصحفه قال ابو بكر روى عن محمد بن كعب القرظي قال كان ممن ختم القرآن ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وابن تعود حديث ولكن المؤلف اه تكلم في هذا وقال بان محمد بن كعب لم يدرك عهد النبوة قال المؤلف قوله خذوا القرآن من اربعة من ابن ام عبد يدل على صحته. ومما يبين لك ان ذلك ان اصحاب القراءات كل منهم عزا قراءته الى رجل من الصحابة قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسند عاصم قراءته الى علي وابن مسعود واسند ابن كثير قراءته الى ابي واسند ابو عمرو بن العلاء الى ابي. واسند عبدالله بن عامر الى عثمان. وهؤلاء كلهم يقولون قرأنا على الله صلى الله عليه وسلم واسانيد هذه القراءات متصلة ورجالها ثقات لكن قد يكون من هذه القراءات من سمعوه من صحابي اخر عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن المعلوم ان مراسيل الصحابة مقبولة وفقكم الله لكل خير وجعلكم الله من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين بارك الله فيكم تصبحون على خير نراكم ان شاء الله غدا