بعد ان كانت قاحلة جافة ان في انزال المطر من جهة السماء واخراج نبات الارض به لدلالة واضحة على قدرة الله لقوم يسمعون كلام الله ويتدبرونه بمعنى لقوم يسمعون هذه الحجة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصر في التفسير الصحيفة الرابعة والسبعون بعد المئتين سورة النحل الاية الخامسة والستون والله انزل من السماء ماء فاحيا به الارض وبعد موتها ان في ذلك لاية لقوم يسمعون. والله انزل من جهة السماء مطرا فاحيا به الارض باخراج النبات منها فيعقلونها ويتدبرونها بعد الانسان ان يسمع سماع تدبر الاية السادسة والستون وان لكم في الانعام لعبرة. نسقيكم مما في بطونه من فرث ودم لبنا خالصا سائقا للشاربين. وان لكم ايها ناس في الابل والبقر والغنم لعظة تتعظون بها حيث نسقيكم من ضروعها لبنا خارجا من بين ما يحتويه البطن من فضلات وما في الجسم من دم ومع هذا يخرج لبنا خالصا نقيا لذيذا يطيب للشارب وهنا نقف عند قوله تعالى وان لكم في الانعام لعبرة اي لا دلالة تستدلون بها على قدرة الله ورحمته وحكمته ولطفه وعظمته وانه وحده المستحق للعبادة اما في قوله نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا. سائغا للشاربين اي نسقيكم لبنا نخرجه لكم ايها الناس مما في بطون الانعام من بين فرثها ودمها صافيا غير مختلط برائحة الفرث ولا لون الدم سهل المرور في الحلق لذيذا هنيئا لا يغص به شاربه مع الفوائد العظيمة التي تكون فيه الاية السابعة والستون ولكم عظة فيما نرزقكم من ثمرات النخل ومن ثمرات الاعناب فتتخذون منه مسكرا يذهب بالعقل وهو غير حسن وتتخذون منه رزقا حسنا تنتفعون به مثل التمر والزبيب والخل والدبس ان في ذلك المذكور لدلالة على قدرة الله وانعامه على عباده لقوم يعقلون فهم الذين يعتبرون ولذلك على الانسان ان يستخدم عقله وان لا يسرح وان ينظر في كل شيء حتى يعقل عن الله اياته وربنا جل جلاله له في كل شيء اية الاية الثامنة والستون ومن ثمرة النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ان في ذلك لاية لقوم يعقلون والهم ربك ايها الرسول النحل وارشدها ان اتخذي لك بيوتا في الجبال واتخذي بيوتا في الشجر وفيما يبنيه الناس ويسقفونه اذا واوحى بمعنى الهم وربنا جل جلاله لما بين ان اخراج الالباني من النعم واخراج الستر والرزق الحسن من ثمرات النخيل والاعناب دلائل قاهرة وبينات باهرة على ان لهذا العالم الها قادرا مختارا حكيما وكذلك اخراج العسل من النحل دليل قاطع وبرهان ساطع على اثبات هذا المقصود فالانسان في كل شيء يمر به حينما يستخدم عقله ويتفكر يجد قدرة الله سبحانه وتعالى ظاهرة على هذا الاية التاسعة والستون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا. يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون ثم كلي من كل ما تشتهينه من الثمرات واسر في الطرق التي الهمك ربك سلوكها مدللة يخرج من بطون تلك النحل عسل مختلف الالوان فيه الابيض والاصفر وغيرهما فيه شفاء للناس يعالجون به الامراض ان في الهام النحل ذلك وفي الاسد الذي يخرج من بطونها فدلالة على قدرة الله وتدبيره لشؤون خلقه لقوم يتفكرون وهم الذين يعتبرون وتأمل فاسلكي سبل ربك ضدنا اي تدخلي ايها النحل طرق ربك مدللة لك لتطلبي الرزق حيثما توجهتي ولذلك سهولة الرزق هي من عند الله سبحانه وتعالى وايضا انت تجد الكثيرين تجد ان الرزق عليهم سهل. فعلى الانسان ان يستذكر نعم الله تعالى. وان الرزق من عند الله وقد ختمت هذه الاية الكريمة بقوله ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون اي ان في الهام الله للنحل باتخاذ البيوت من الجبال والشجر والعروش والسلوك في المراعي للاجتنان من سائر الثمار ليخرج من بطونها هذا العسل ذو الالوان المتعددة الذي جعل الله فيه شفاء للناس من الامراض ان في ذلك لدلالة وحجة واضحة لقوم يتفكرون في عظمة خالقها ومسخرها فيستدلون بذلك على انه القادر الحكيم العليم الكريم الرحيم اللطيف فهو سبحانه الذي يستحق العبادة وحده. سبحانه وتعالى الاية السبعون والله خلقكم ثم يتوفاكم. ومنكم من يرد اله ارذل العمر لكي لا يعلم بعد علمي شيئا. ان الله عليم قدير والله خلقكم على غير مثال سابق ثم يميتكم عند انقضاء اجالكم ومنكم من يمتد عمره الى اسوأ مراحل العمر وهو الهرم فلا يعلم مما كان يعلمه شيئا ان الله عليم لا يخفى عليه شيء من اعمال عباده. قدير لا يعجزه شيء وتأمل في هذه الاية الكريمة والله فظل بعضكم على بعض فرزق ففي هذا الكريم ابطال لمذهب الاشتراكية القائل لا احد افضل من احد في الرزق وتأمل في ختم هذه الاية الكريمة افبنعمة الله يجحدون اي افبنعمة الله التي انعم بها من الرزق يجحد هؤلاء الكافرون باشراكهم غيره في عبادته واستعمال نعمه في معصيته اذا انت حينما تعصي الله سوف تعصيه بنعمه فاياك ان تستخدم هذه النعم في معصية الله وانما النعم يؤدى شكرها ولنحذر النعم اذا لم نؤدي شكرها وكل نعمة لا تقرب الى الله فهي بلية الاية الحادية والسبعون والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا رادي رزقهم على ما ملكت ايمانهم فهم فيه سواء افبنعمة الله يجحدون؟ والله سبحانه فضل بعضكم على بعض فيما منحكم من الرزق فجعل منكم الغني والفقير والسيد والمسود فليس الذين فظلهم الله في الرزق برادي ما اعطاهم الله على عبيدهم حتى يكونوا شركاء بالسوي معهم في الملك فكيف يرضون لله شركاء من عبيده ولا يرضون لانفسهم ان يكون لهم شركاء من عبيدهم يستوون معهم فاي ظلم هذا واي جحود لنعم الله اعظم من هذا. فعلى الانسان ان يحذر المعاصي. نعم الاية الثانية والسبعون والله جعل لكم من انفسكم ازواجا وجعل لكم من ازواجكم وحفدته ورزقكم من الطيبات. افبالباطل يؤمنون وبنعمة الاه هم يكفرون. والله جعل لكم ايها الناس من جنسكم ازواجا تأنسون بهن وجعل لكم من ازواجكم اولادا واولاد اولاد ورزقك من المأكولات كاللحم والحبوب والفواكه طيبها. افبالباطل من الاصنام والاوثان يؤمنون وبنعم الله الكثيرة التي لا يستطيعون حصرها يكفرون ولا يشكرون الله بان يؤمنوا به وحده اذا على الانسان ان يطالع هذه النعم لان بمطالعة النعم يعمل الانسان الى الشكر وبمطالعة النعم يستحيي الانسان ان يعصي ربه بنعمه من فوائد الايات جعل تعالى لعباده من ثمرات النخيل والاعناب منافع للعباد ومصالح من انواع الرزق الحسن الذي يأكله العباد طريا ونظيجا وحاضرا ومدخرا وطعاما في خلق النحلة الصغيرة وما يخرج من بطونها من عسل لذيذ مختلف الالوان بحسب اختلاف ارضها ومراعيها دليل على كمال عناية الله تعالى. وتمام لطفه بعباده وانه الذي لا ينبغي ان يوحد غيره ويدعى سواه من منن الله العظيمة على عباده ان جعل لهم ازواجا ليسكنوا اليها وجعل لهم من ازواجهم اولادا تقر بهم اعينهم ويخدمونهم ويقضون حوائجهم وينتفعون بهم من وجوه كثيرة ولذلك ذاك المسكين الولد العاق الذي لا يخدم ابويه. فربنا جل جلاله يمن على عباده بان جعل لهم بنين فهم قرة عين اذا كانوا على البر والطاعة وعلى النفع اما ان لم ينفعوا او قد حصل منهم العقوق فهم قد ضيعوا هذه النعمة الكبيرة دفع الانسان ان يرعى حق الله في كل شيء هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته