ثم قال تعالى وكل شيء عنده بمقدار اي وكل شيء عند الله بقدر وحد لا يتجاوزهم ولا يقصر عنه كما لا يزداد حمل انثى على ما قدر له ولا ينقص عما حد له بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصر في التفسير الصحيفة الخمسون بعد المئتين سورة الرعد قال الله تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وان ربك لشديد العقاب ويستعجلك ايها الرسول المشركون بالعقوبة ويستبطئون نزولها بهم قبل استكمالهم النعم التي قدرها الله لهم وقد مضت من قبلهم عقوبات امثالهم ان الامم المكدرة فلما لا يعتبرون بها وان ربك ايها الرسول لدوا تجاوزا للناس مع ظلمهم فلا يعاجلهم بالعقاب ليتوبوا الى الله وانه لقوي العقاب للمستظعين على كفرهم ان لم يتوبوا ففي هذه الاية الكريمة بيان تجبر الكفار ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنات اي يطلب منك كفار قومك استخفافا واستهزاء ان تعجل لهم العذاب قبل ان يطلبوا العافية والامهال وذلك لشدة كفرهم وتكذيبهم وعنادهم وقد خلت من قبلهم المثلات اي يستأجرونك بالعذاب والحال انهم يعلمون الذي حل بالامم المكذبة من قبلهم من العقوبات ولكنهم لم يتعظوا وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم اي وان ربك يا محمد ذو عفو وتجاوز وستر للناس مع انهم يظلمون ويخطئون في الليل والنهار وهذه المغفرة اذا تابوا ورجعوا الى الله ولما ذكر ربنا جل جلاله فقال وان ربك لدوا مغفرة للناس على ظلمهم قال وان ربك لشديد العقاب ايوة ان ربك يا محمد لشديد العقاب لمن اصر على ظلمه فيعاقبه على ذلك في الدنيا ويعاقبه في الاخرة وقد يعاقبه في كلا الدارين ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه اية من ربه انما انت منذر ولكل قوم هاد ويقود الذين كفروا بالله تماديا في الصدود والعناد هلا انزل على محمد اية من ربه متل ما انزل على موسى وعيسى انما انت ايها الرسول منذر تخوف الناس من عذاب الله وليس لك من الايات الا ما اعطاك الله ولكل قوم نبي يرشدهم الى طريق الحق ويدلهم عليه اذا ربنا جل جلاله لما حكى عن الكفار انهم طعنوا في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم بسبب طعنهم في الحشر والنشر ثم طعن في نبوته بسبب طعنهم في صحة ما ينذرهم به من نزول اداب الاستئصال ثم طعنوا في نبوته بان طلبوا منه المعجزة والبينة ثالثا وهذا هو المذكور في هذه الاية ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه اية من ربه اي ما يقول الكافرون من قومك يا محمد طبعا يقولون هذا عنادا وكفرا واعتذارا عن الايمان يا محمد هلا انزل عليك معجزة من ربك تدل على نبوتك وفي سورة الفرقان والاسراء والمعراج ايات في هذا لولا انزل اليه ملك فيكون معه نذيرا او يلقى اليه كنز او تكون له جنة يأكل منها تتعسف الكفار كان متنوعا ولذا ربنا جل جلاله لقن نبيه ما يقول فقال له انما انت منذر اي انما عليك يا محمد ان تحذر قومك من عقاب الله ان اصروا على كفرهم وليس عليك هدايتهم ولا انزال الايات التي يقترحونها ثم قال ولكل قوم هاد اي ولكل امة رسول يدعوهم الى توحيد الله ويعلمهم الخير فيهتدون به ولذلك تجد في كل زمان وفي كل مكان اعداء الرسل ينتقدون الرسل ثم بعد هذا الشيء ينتقدون من ينتقدون اتباع الرسل السائرين على طريقة الرسل وواجب الانسان ان يعلم الناس الخير وان يدعوهم الى الخير وان الانسان عليه ان يقوي في نفسه العلم النافع لاجل ان يقوي حجة الله على العباد الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيب الارحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار الله يعلم ما تحمل كل انثى في بطنها يعلم كل شيء عنه ويعلم ما يحصل في الارحام من نقص والزيادة وصحة واعتلال وكل شيء عنده سبحانه مقدر بمقدار لا يزيد عليه ولا ينقص قد يقول القائل يعني ما مناسبة هذه الاية في اثبات علم الله تعالى حتى في دقائق الامور نقول لما تقدم انكارهم البعث لتفرق الاجزاء واختلاط بعضها ببعض بحيث لا يتهيأ الا الامتياز يعني بحيث لا يتهيأ الامتياز بينها. نبه على احاطة علمه وان من كان عالما بجميع المعلومات هو قادر على اعادة ما ان شئت وهنا في بيان علم الله تخويف للجميع وتصبير لاولئك الذين يؤدون حق الله تعالى الله يعلم ما تحمل كل انثى اي الله يعلم ما تحمله كل انثى من بني ادم وغيرهم يعلم ما تحمله على اي حال هو من ذكورة او انوثة او حسن او قبح او طول او قصر او سعادة او شقاوة وعيل فكريات دم البيض واعادة كريات دم الحمر وربنا قال ان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء وفي سورة فاقر وما تحمل من انثى ولا تظع الا بعلمه وفي سورة النجم هو اعلم بكم اذ انشأكم من الارض واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم وما تغيظ الارحام وما تزداد. اي هو عالم بما تنقصه الارحام وما تزيده سواء في بدن الجنين او مدة الحمل او الماء هذا الماء اللي هو متل الزئبق يحيط الجنين وغير ذلك مما يعرض اثناء الحمل من الزيادة والنقصان ولذا يعني هذا من مفاتيح الغيب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مفاتح الغيب خمس لا يعلمها الا الله لا يعلم ما في غد الا الله ولا يعلم ما تغيظ الارحام الا الله ولا يعلم متى يأتي المطر احد الا الله ولا تدري نفس باي ارض تموت ولا يعلم متى تقوم الساعة الا الله عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال يقول الاخوة في مركز التفسير لانه سبحانه عالم كل لما غاب لانه سبحانه عالم كل ما غاب عن حواس خلقه وعالم كل ما تدركه حواسهم العظيمة في صفاته واسمائه وافعاله المستعجل على كل مخلوق من مخلوقاته بذاته وصفاته طبعا بمناسبة هذه الاية لما قبلها فربنا جل جلاله لما ذكر انه عالم لاشياء خفية لا يعلمها الا هو وكانت الاشياء المذكورة الجزئية من خفايا يعني العلم ذكر انه ذكر سبحانه وتعالى ان علمه محيط بجميع الاشياء. عالم الغيب والشهادة. اي الله عالم بكل ما غاب عنكم عالم بكل ما تشاهدونه بابصاركم لا يخفى عليه شيء من ذلك كله الكبير المتعال. اي هو الكبير في ذاته واسمائه وصفاته وهو اكبر من اي شيء وكل شيء دونه وهو المستعلي على جميع خلقه بذاته وقدره وقهره ثم بين ربنا جل جلاله شيئا من ذلك مخوفا ايانا ومرغبا في طاعتك. فقال سواء منكم من اسر القول ومن جهر ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار يعلم السر واخفى يستوي في علمه من اخفى منكم ايها الناس القول ومن اعلنه ويستوي في علمه كذلك من هو مستتر بظلمة الليل عن اعين الناس ومن هو ظاهر باعماله في وضح النهار متأمل ان هذا تأكيد بيان كونه عالما بكل المعلومات فربنا لما ذكر العالم بالغيب والشهادة على العموم ذكر تعالى تعلق علمه بشيء خاص من احوال المكلفين التواء منكم من اسر القول ومن جهر به ان يستوي في علم الله وسمعه من اسر منكم بقول ومن جهر من خير او شر في السر والجهر عنده سواء كما في سورة تبارك واسروا قولكم او اجهروا به انه عليم بذات الصدور الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وربنا قال وان تجهر بالقول فانه يعلم السر واخفى وربنا قال ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه وجد الصديق بنت الصديق فقيهة الصحابة قالت الحمدلله الذي وسع سمعه الاصوات لقد جاءت المجادلة الى النبي صلى الله عليه وسلم وانا في ناحية البيت تشكو زوجها وما اسمع ما تقول فانزل الله قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ثم قال تعالى ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار اي يستوي في علم الله وبصره من هو مختف في ظلمة الليل ومن هو ظاهر يمشي في ضوء النهار فكذا الحالين عنده سواء فربنا جل جلاله هو الذي قال عن نفسه وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ فيضون فيه وما يعزل عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين فربنا جل جلاله يعلم سبحانه وتعالى ولما ذكر علمه ذكر امثلة على حفظه لعباده بعلمه فقال له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم واذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له. وما لهم من دونه من ظال له سبحانه ملائكة يعقب بعضهم بعضا على الانسان فيأتي بعضهم بالليل وبعضهم بالنهار يحفظون الانسان بامر الله من جملة الاقدار التي كتب الله لهم منعها عنهم ويكتبون اقواله اعماله ان الله لا يغير ما بقوم من حال طيبة الى حال غيرها لا تسرهم حتى يغيروا ما بانفسهم من حال الشكر واذا اراد الله سبحانه بقوم هلاك فلا راد لما اراده. وما لكم ايها الناس من دون الله من متول يتولى اموركم فتلجأ ليه؟ لدفع ما اصابكم ولا تنساه علينا ان نستشعر هذه النعمة ان الله جعل ملائكة تحفظنا فلما تقدم ان من اسر القول ومن جهر به ومن استخفى بالليل وسرب بالنهار مستو في علم الله تعالى لا يخفى عليه من احوال شيء ذكر ايضا ان لذلك المذكور معقبات اي جماعات من الملائكة تعقب في حفظه وتلائته. يعني يعقب بعضها بعضا له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله. اي للعبد ملائكة يتعاقبون عليه فيأتيه بعضهم عقب بعض من بين يديه ومن خلفه فيحفظونه ويحرسونه بامر الله واذنه فاذا جاء الغدر خلوا بينه وبينه ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. اي ان الله لا يغير ما بقوم من نعمة فيزيلها عنهم. حتى يغيروا ما كانوا عليه من طاعة الله بمعصيته وشكره بكفره واسباب رضاه باسباب سخطه. فاذا غيروا غير عليهم. جزاء موافقا لاعمالهم واذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له اي واذا شاء الله ان يصيب قوما بهلاك وعذاب وشدة فارادته لابد ان تنفذ فيهم فانه لا راد لما قضاه فربنا جل جلاله اذا اراد شيئا كان ولذلك الانسان يستشعر في هذه الايات الكريمة يستشعر رحمة الله سبحانه وتعالى ويستشعر قوة الله فيرغب الانسان الى الله سبحانه وتعالى وعلى الانسان ان يخاف من عذاب الله تعالى هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال هو الذي يريكم ايها الناس البرق ويجمع لكم به الخلط من الصواعق والطمع في المظر وهو الذي ينشئ السحاب المثقل بماء المطر الغزيرة ربنا لما خوف العباد بقوله واذا اراد الله بقوم سوءا فلا مرد له اتبعه بما يشتمل على امور دالة على قدرة الله وحكمته تشبه النعم من وجه والنقم من وجه حتى تدرك لماذا ساق ربنا هذا فقال هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا اي الله هو الذي يريكم البرق وهو النور اللامع الذي يسطع في السماء من بين السحاب خوفا من الصواعق وطمعا في الانتفاع بالمطر وينشئ السحاب الثقال اي ويخلق الله السحاب الثقال بما يحمله من مياه كثيرة ثم قال الله تعالى ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحن ويسبح الرعد ربه تسبيحا مقرونا بحمده سبحانه وتسبح الملائكة ربها خوفا منهم واجلالا وتعظيما له ويرسل الصواعق المحرقة على من يشاء من مخلوقاته فيهلكه والكفار يخاصمون في وحدانية الله والله شديد الحول والقوة فلا يريد شيئا الا فعله سبحانه وتعالى اذا على الانسان ان يخاف من ربه ويسبح الرعد بحمده اي وينزه الرعد الله عن النقائص تنزيها متلبسا بحمده تعالى بوصفه بصفات الجمال محبة له وتعظيما فعلى الانسان ان يستشعر انه ما من شيء في هذا الكون الا ويسبح الله تعالى والملائكة من خيفته. اي وتنزهه الملائكة اي وتنزه الملائكة الله خوفا منهم ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله. اي ويرسل الله الصواعق من السماء فيهلك بها من يشاء من خلقه وهؤلاء الكفار المكذبون للرسول مع هذه الايات التي يراهم الله يجادلون في قدرة الله على البعث واعادة الخلق ويجادلون في وحدة انية الله وهو شديد المحاد. اي والله قوي شديد الاخذ عظيم الكيد والمكر بمن طغى وتمادى في الكفر من فوائد الايات. اولا عظيم مغفرة الله وحلمه عن خطايا بني ادم. فهم يستكبرون ويتحدون رسله وانبيائه ومع هذا يرزقهم ويعافيهم ويحلم عنهم سعة علم الله تعالى بما في ظلمة الرحم فهو يعلم امرا نطف الواقع في الرحم وسيرورتها الى تخليق مدكر او انثى وصحة واعتلال وصحته واعتلاله ورزقه واجله وشقي او سعيد فعلمه بها عام شامل عظيم عناية الله بني ادم واثبات وجود الملائكة التي تحرسه وتصونه وغيرهم مثل الحفظة ان الله تعالى يغير حال العبد الى الافضل متى ما رأى منه اتباعا لاسباب الهداية. فهداية التوفيق منوطة باتباع هداية البيان ويضاف على هذه الفوائد ثلاثة فوائد اولا على العبد ان يحقق الخوف والرجاء في عبادة ربي مع تمكين المحبة لله سبحانه وتعالى وقد جمع الله الوعد والوعيد في قوله وان ربك لاذ لمغفرة للناس على ظلمهم وان ربك لشديد العقاب ليعظم رجاء الناس في فضله ويشتد خوفهم من عقابه وعذابه اذ ان مطابع العباد محصورة في جلب النفع ودفع الضر ثانيا ربنا جل جلاله محيط علمه باقوال المكلفين وافعالهم لا يعزب عنه شيء من ذلك ثالثا الذنوب سبب لزوال النعم وان ارتكاب الذنوب ينافي شكر الله. فالنعم تزداد وتثبت بالشكر والذنوب تزيل هذه النعم ولذلك الانسان اذا كان يقترف الذنوب ويعب بها عبا فهو ليس من الشاكرين والانسان مطالب بشكر الله سبحانه وتعالى وشكر الله تعالى من العبادة هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته