بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصر في التفسير الصحيفة الثالثة والخمسون بعد المائتين مع سورة الرعد نسأل الله القائمة على كل نفس ان يبارك لنا ولكم ولامة محمد صلى الله عليه وسلم اجمعين في كل زمان ومكان قال الله تعالى الذين امنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب وهؤلاء الذين امنوا بالله وعملوا الاعمال الصالحة التي تقربهم الى الله لهم عيش طيب في الاخرة ولهم العاقبة الحسنة وهي الجنة هذه الاية العظيمة الذين امنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب اي الذين امنوا بكل ما يجب عليهم الايمان به وعملوا تصديقا لهذا الايمان عملوا الاعمال الصالحة اولئك لهم حال طيبة وحسن مرجع وذلك بما ينالون من رضوان الله وكرامته في الدنيا والاخرة فلهم كمال الخير والطمأنينة ولهم الفرح والسرور ولهم النعيم الدائم ومن جملة ذلك شجرة طوبى التي في الجنة كذلك ارسلناك في امة قد خلت من قبلها امم لتتلو عليهم الذي اوحينا اليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب مثل هذا الارسال الذي ارسلنا به الرسل السابقين الى اممهم ارسلناك ايها الرسول الى امتك لتقرأ عليهم القرآن الذي اوحيناه اليك فهو كاف في الدلالة على صدقك لكن حال قومك انهم يجحدون هذه الاية لانهم يكثرون بالرحمن حيث يشركون معه غيره قل لهم ايها الرسول الرحمن الرحمن الذي تشركون به غيره هو ربي الذي لا معبود بحق غيره عليه توكلت في جميع اموري واليه توبتي وتأملوا هذه الاية الجليلة كذلك ارسلناك في امة قد خلت من قبلها امم اي كما ارسلنا الانبياء من قبلك بوحينا واعطيناهم كتبنا ارسلناك بهذا القرآن الى قوم قد مضت من قبلهم جماعات ارسلنا لهم رسلا الست ببدع من الرسل حتى يستنكر قومك رسالتك ويطلب منك ايات مقترحة لاثباتها ولك بهم اسوة حسنة حين كذبتهم اقوامهم واستهزأت بهم في عدم الاجابة الى اياتهم المقترحة فصبروا على ذلك وكما اوقعنا بأسنا باولئك فليحذر قومك من حلول العذاب بهم وتأمل الاية الكريمة لتتلو عليهم الذي اوحينا اليك اي ارسلناك يا محمد الى قومك لتقرأ عليهم اعظم الايات والمعجزات وهو القرآن الذي لست تقوله من تلقاء نفسك بل هو وحي اوحاه الله اليك ليهتدوا به ولم نرسلك لاجابة ما يقترحون من الايات ليحصل لهم الاهتداء للحق وتأمل قول الله تعالى وهم يكفرون بالرحمن اي والحال ان قومك يجهلون ويكذبون بوحدانية الله وينكرون اسم الله الرحمن فلم يقابلوا رحمته التي اعظمها ان ارسلناك اليهم رسولا وانزلنا عليك القرآن ليهتدوا به بالقبول والشكر والانقياد للحق بل قابلوها بالانكار والرد والاستمرار على الكفر والشرك قل هو ربي لا اله الا هو اي ان كفر هؤلاء الذين ارسلناك اليهم يا محمد بالرحمن فقل لهم الذي كفرتم به انا مؤمن به ومقر ومعترف له بالربوبية والالوهية فهو ربي الذي اوجدني ورباني بنعمه لا اكثر احسانه كما كفرتموه انتم وهو الله الذي لا معبود بحق سواه عليه توكلت واليه متاب اي عن الله وحده اعتمدت في جميع اموري واليه وحده مرجعي واوبتي فلا ارجع في جميع شؤوني من عبادات وحاجات الا اليه وهكذا الانسان في هذه الدنيا يؤدي العبادة ويتوكل على الله سبحانه وتعالى ويعمل بطاعة الله سبحانه وتعالى دوام ونجد هذا ايضا في سورة الفاتحة ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى بل لله الامر جميعا افلم ييأس الذين امنوا ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة او تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله ان الله لا يخلف الميعاد طبعا هنا افلم ييأس هنا ييأس بمعنى انتفاء الطمع وقطع الرجاء اما القارعة دفع الله عنا وعنكم القوارع اجمع قارع ايداها تفجأهم وسميت بذلك لانها تقرع الناس واصل قرع يدل على ضرب الشيء قال الاخوة في مركز تفسير ولو كان من صفات كتاب الله ولو كان من صفات كتاب من كتب الالهية ان تزال به الجبال عن اماكنها او تشقق به الارض فتستحيل انهارا وعيونا او يقرأ على الموتى فيصير احياء لكان هذا القرآن المنزل عليك ايها الرسول وهو واضح البرهان عظيم التأثير لو انهم كانوا اتقياء القلوب لكنهم جاهلون بل لله الامر بل لله الامر كله في انزال المعجزات وغيرها افلم يعلم المؤمنون بالله ان لو يشاء الله هداية الناس جميعا دون انزال ايات لهداهم جميعا دونها لكنه لم يشأ ذلك ولا يزال الذين كفروا بالله تصيبهم بما عملوا من الكفر والمعاصي داهية شديدة تقرعهم او تنزل تلك الداهية قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله بنزول العذاب المتصل ان الله لا يترك انجاز ما وعد به اذا جاء وقته المحدد وهذه اية عظيمة من ايات الله سبحانه وتعالى وهي انتصار للقرآن الكريم وعلى الانسان ان يقف عند هذه الايات ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى اي ولو ان كتابا من الكتب السابقة التي انزلها الله على رسله اشتمل على ما هو اكثر من الهداية فكان مصدرا لايجاد العجائب المحسوسة بحيث يقرأ على الجبال فتتزحزح عن اماكنها اوعد الارض فتتصدع وتنشق او على الموتى في قبورهم فيسمعون الكلام ويجيبونه لكان هذا القرآن الموحى الى محمد صلى الله عليه وسلم هو المتصف بذلك دون غيره من الكتب. او هو اولى منها بذلك فكيف تقترحون اية غيره ثم انه لم يكن تم كتاب الهي كذلك وطول الامد. نسأل الله العفو والسلامة في الدنيا والاخرة هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته اذا هذا القرآن الكريم هو اعظم الكتب ثم قال بل لله الامر جميعا. اي ليس ذلك من شأن الكتب الالهية فدائما فكله الى الله وبيده وحده فمرجع الامور كلها اليه ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن يهدي من يشاء ويضل من يشاء. ويأتي بالايات التي تقتضيها حكمته فهو الذي انزل الكتاب وهو الذي يخلق العجائب ان شاء وليس ذلك الى غيره افلم ييأس الذين امنوا ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا اي افلم يعلم المؤمنون ان لو يشاء الله لهدى الناس كلهم الى الايمان به. من غير ايجاد اية فالله تعالى قادر على هدايتهم جميعا ولكنه اراد ان يمتحن العباد وان يختبرهم وربنا جل جلاله بيده الهداية سبحانه وتعالى ويدفع الضلالة عمن شاء ولقد استهزأ برسل من قبلك ولقد استهزأ برسل من قبلك فامليت للذين كفروا ثم اخذتهم فكيف كان عقاب هذه الاية الكريمة ولست اول رسول كذب به قومهم وسخروا منه فقد استهزأت امم من قبلك ايها الرسول برسلها وكذبوا بهم فامهلت الذين كفروا برسلهم حتى ظنوا اني غير مهلكهم اني غير مهلكهم ثم افدتهم بعد الامهال بصنوف العذاب فكيف رأيت عقابي لهم؟ لقد كان عقابا شديدا ولنعد الى قوله تعالى افلم ييأس الذين امنوا ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا. فربنا بيده كل شيء. ثم قال ولا يزال الذين كفروا تصيبهم قارعة ولا يزال الكفر تصيبهم بما صنعوا قارعة او تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله اي لا يزال الكفار تصيبهم بسبب ما صنعوا من الكفر والتكذيب داهية تفجأهم ونازلة شديدة تنزل بهم وبلاء وعذاب او تحل قريبا من دارهم اي او تقع هذه القارعة قريبا من ديارهم فيفزعون منها ويصيبهم الخوف من تجاوز هذه وهم مصرون على كفرهم حتى يأتي وعد الله اي حتى يأتي وعد الله وهو موتهم او قيام الساعة عليهم فاذا جاء وعد الله المحتوم حل بهم من عذابه ما هو الغاية في الشدة ان الله لا يخلف الميعاد اي ان الله لا ينقض وعده وكل ما وعد الله به فهو كائن لا محالة ولقد استهزأ برسل من قبلك فامليت للذين كفروا ثم اخذتهم فكيف كان عقاب اي ان يستهزئ بك هؤلاء المشركون من قومك يا محمد فاصبر على اذاهم فلست اول رسول كذب وعود فقد استهزأ الكفار برسل الذين ارسلتهم من قبلك فامهلت اولئك الكفار مدة ثم احللت عليهم عذابي حين اصروا على كفرهم وتكذيبهم فكيف كان عقاب اي فانظر يا محمد كيف كان عقابي الشديد لاولئك الكافرين الم ادقهم الم ادقهم اليم العذاب واجعلهم عبرة وعظة فليعتبر كفار قوم فبذلك وليحذروا من نقمتي وعذابي ولا يغتروا بامهالي ثم قال ربنا جل جلاله افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وتأملوا هنا كم انها من اية عظيمة والانسان في حياته تمره اشياء تفكر بها واشياء يتخوف منها وامراض والام لكن يعلم ان القائم هو الله سبحانه وتعالى افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم ام تنبئونهم بما لا يعلم في الارض ام بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد يقول الاخوة في مركز تفسير افا من هو قائم بحفظ ارزاق جميع الخلق رقيب على كل نفس بما كسبت من عمل فيجازيه على اعمالهم. اولى ان يعبد طبعا هكذا قالوا ربنا جل جلاله قائم على كل نفس باعمالها وقائم على كل نفس بالانعام عليها وبمدها بما تحتاج من امور الحياة. انظر الى الكليتين وانظر الى القلب وانظر الى الاجهزة التي في جسم الانسان. من الذي يحركها يتوقف عند الانسان شيء يذهب الى الطبيب يقول له الشيء الفلاني توقف صار لا ينتج. من الذي ينتجه فعلى الانسان ان يتفكر بهذا الانعام وعليه ان يشكر ربه سبحانه وتعالى قبل ان يحرم من الشيء ثم يذهب يقول له الطبيب لديك شيء توقف ولديك شيء توقف افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت اي نعيد اقرأ كلامهم يقول امن هذه الاصنام التي لا حق لها ان تعبد وقد جعلها الكفار شركاء لله ظلما وزورا. قل لهم ايها الرسول سموا لنا الشركاء الذين عبدتموهم مع الله ان كنتم صادقين في دعواكم ام تخبرون الله بما لا يعلم في الارض من الشركاء ام تخبرونه بظاهر من القول لا حقيقة له بل حسن الشيطان للذين كفروا تدبيرهم السيء فكفروا بالله وصرفهم عن سبيل الرشاد والهداية ومن يضلل الله عن سبيل الرشاد فليس له من هاد يهديه اللهم اهدنا فيمن هديت يا اخواني قفوا عند هذه الاية افمن هو قائم على كل نفس بما كسبت اي افا الله القائم على شؤون جميع عباده ومن ذلك ارزاقهم العالم بهم وباحوالهم الرقيب على ما يكسبونه من اعمال الحافظ لها والمجازي عليها خيرا وشر كمن ليس بهذه الصفة من الاصنام التي لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تظر. كلا ليس الامر كذلك وجعلوا لله شركاء. قل سموهم اي الله هو القائم بارزاق هؤلاء المشركين. والمدبر لامورهم والرقيب الحافظ عليهم اعمالهم. ومع ذلك جعلوا لله شركاء من خلقه يعبدونهم معهم قل يا محمد لاولئك الكفار سموا هؤلاء الذين اشركتموهم في عبادة الله بالاسماء التي يستحقونها هل هي خالقة رازقة محية مميتة؟ ام هي مخلوقة لا تملك ضرا ولا نفعا فاذا سموها فوصفوها بما تستحقه من الصفات تبين ظلالهم فما يسمونهم الا بما يعلمون النتيجة الاسماء لهم حقيقة كحجر وخشب وكوكب وامثالها ام تنبئونه بما لا يعلم في الارض اي ام ان الامر ايها المشركون انكم تخبرون الله بان معه شركاء في الارض. وهو لا يعلم بذلك وما لا يعلم عالم الغيب والشهادة انه موجود فباطل ولو كان موجودا لعلمه ام بظاهر من القول اي ام اي ام الامر انكم ادعيتم لله شركاء بمجرد ظواهر اقوالكم التي لا حقيقة لها وانما هي ظنا وكذب هو باطل بل زين للذين كفروا مكرهم. اي ليس لله شريك في السماوات ولا في الارض ولكن زين للمشركين كفرهم وشركهم وكذبهم على الله وصدوا عن السبيل ايوا صرف وصرفوا لكفرهم بالله. عن طريق الايمان المستقيم الموصل اليه والى دار كرامته ومن يضلل الله فما له من هاد اي ومن يضلله الله عن طريق الحق ويخذله عن اتباعه فلا احد يوفقه الى الخير وهكذا الانسان اذا انحرف لا هادي له لهم عذاب في الحياة الدنيا ولا عذاب الاخرة اشد وما لهم من الله من باق لهم عذاب في الحياة الدنيا بما ينالهم من القتل والاسر على ايدي المؤمنين والعذاب الاخر الذي ينتظرهم اشد عليهم واثقل من عذاب الدنيا. لما فيها من الشدة والدوام الذي لا ينقطع وليس لهم مانع يحميهم من عذاب الله يوم القيامة وتأملوا في هذه الاية لهم عذاب في الحياة الدنيا اي لهؤلاء الكفار عذاب في الحياة الدنيا بالقتل والاسر والخزي والمصائب والامراض والافات والعذاب الاخرة اشق والعذاب الاخرة اشق ايها الاعذاب هم في في الدار الاخرة اشد واغلظ من عذابهم في الدنيا وما لهم من الله من واق اي وما لهؤلاء الكافرين من احد يقيهم ويمنعهم من عذاب الله سبحانه وتعالى من فوائد الايات اولا ان الاصل في كل كتاب ينزل انه جاء للهداية وليس لاستنزال الايات فذاك امر الله تعالى فذاك امر لله تعالى يقدره متى شاء وكيف شاء تسلية الله تعالى للنبي واحاطته علما ان ما يسرقه معه المشركون من طرق التكذيب يعني واجهه انبياء سابق يصل الشيطان في اضلال بعض العباد الى ان يزين لهم ما يعملونه من المعاصي والافساد. هذه فوائد وثمة فوائد اخرى. اولا كما ان الذنوب سبب لكل بلاء وشر في الدنيا والاخرة فالحسنات لها اثارها النافعة في القلوب والابدان والاموال ثانيا ربنا جل جلاله هو المحيط باحوال النفوس جليها وخفيها ثالثا كما ان الانسان يكسب الحسنات فهو يقترب السيئات وجاء كل ذلك باسم الكسب افمن هو قائما على كل نفس بما كسبت ليتفكر الانسان فيما يكسبه من خير وشر وما يترتب على الكسب في الجزاء ولاجل ان يجتهد المرء على فعل الطاعات والبعد عن المحرمات. يعني ينبغي على الانسان ان لا يكتسب الا الخير وان لا يعب بالشر ابدا رابعا الكون كله قائم بالله تعالى. وجودا وعدما وامدادا واعدادا ولو ان ربنا تخلى عن هذا الكون لحظة واحدة لصار عدما خامسا عذاب الاخرة اشد واشق بسبب القوة والشدة وبسبب كثرة الانواع ولعدم وجود راحة ولا استراحة وبسبب دوام العذاب وعدم الانقطاع