بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد المختصر في التفسير الصحيفة الثانية والستون بعد المئتين سورة الحجر نسأل الله فضله ورحمته اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الف لام راء تلك ايات الكتاب وقرآن مبين التفسير سورة الهجر مكية من مقاصد السورة توعد المستهزئين بالقرآن والوعد بحفظه تأييدا للنبي صلى الله عليه وسلم وتثبيتا له الف لام راء تقدم الكلام على نظائرها في بداية سورة البقرة هذه الايات رفيعة الشأن الدالة على انها منزلة من عند الله هي ايات قرآن موضح للتوحيد والشرائع اذا هذه السورة المكية مبدوءة بالاحرف المقطعة والاحرف المقطعة هي انتصار للقرآن كما قال ابن كثير وفيه التحدي للعربي وغير العرب بان يأتوا بمثل هذا القرآن فالجميع ملزمون بالايمان به والعمل به تلك ايات الكتاب وقرآن مبين اي هذه الايات العالية المقام الرفيعة الشأن ايات الكتاب الجامع لانواع الكمال وايات قرآن عظيم واضح اعجازه للخلق مظهر للحقائق باحسن بيان واوضحه وربنا جل جلاله قال في سورة يوسف الف لام راء تلك ايات الكتاب المبين وفي سورة النحل ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ففي هذا القرآن الكريم ايضاح لكل شيء ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين فيتمنى الكفار يوم القيامة لو كانوا مسلمين عندما يتضح لهم الامر وينكشف لهم بطلان ما كانوا عليه من الكفر في الدنيا ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلما اي سوف يندم الذين كفروا بالله على ما كانوا فيه من الكفر ويتمنون لو كانوا مسلمين في الدنيا موحدين منقادين لامر الله تعالى خاضعين لاحكامه لا تلكم الاماني لن تنفع والانسان مطالب في هذه الدنيا بالتدبر والعمل ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل فسوف يعلمون اترك ايها الرجل. طبعا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو شامل لكل من هو موجه له الخطاب ويشمل الذين يقومون بواجب الرسالة. فكل مؤمن يجب عليه ان يؤدي واجب الرسالة اترك ايها الرسول هؤلاء المكذبين يأكل كما تأكل الأنعام ويتمتع بملذات الدنيا المنقطعة ويشغلهم طول الامل عن الايمان والعمل الصالح فسوف يعلمون ما هم فيه من الخسران اذا وردوا على الله يوم القيامة وفي هذه الاية الكريمة بيان ما سيحصل لهم من هذه الشدة الكبيرة ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الامل. فسوف يعلمون اي اتركوا الكفار يا محمد يأكل في هذه الدنيا ما هم اكلوه ويتمتعوا بشهواتها ولذاتها ويشغلهم الامل عن الايمان بالله تعالى وطاعته والاستعداد للاخرة قال فسوف يعلمون اي فسوف يعلم الكفار والمفرطون انهم خاسرون وان عاقبة كفرهم عذاب اليم والانسان يحذر معصية الله سبحانه وتعالى وعليه ان يتدبر كل شيء حوله وما اهلكنا من قرية الا ولها كتاب معلوم وما انزلنا الهلاك على قرية من القرى الظالمة الا كان لها اجل محدد في علم الله. لا تتقدم عنه ولا تأخر اذا ربنا لما توعد من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ذرهم يأكل ويتمتع ويؤذيهم الامل فسوف يعلمون اتبعه بما يؤكد الزجر وهو قوله تعالى وما اهلكنا من قرية الا ولها كتاب معلوم. اي وما اهلكنا اهل قرية يستحقون العذاب الا وكان لهلاكهم زمنا محدد مكتوب في اللوح المحفوظ فلا نهلكهم حتى يبلغوه. فربنا جل جلاله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان سيف يكون وما تسبق من امة اجلها وما يستأخرون لا يأتي امة من الامم لا يأتي امة من الامم هلاكها قبل ان يحين اجلها ولا يتأخر عنها الهلاك. اذا حان اجلها فعلى الظالمين ان لا يغتروا بامهال الله لهم اي وما تسبق من امة اجلها وما يستأخرون اي لا يتقدم هلاك امة قبل الوقت الذي قدره الله لهلاكها ولا يستأثر فيتجاوز الوقت المحدد الذي له. فربنا قال لكل امة اجل اذا جاء اجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ولذلك ربنا جل جلاله قد خلق لكل انسان في هذه الدنيا انفاسا معدودة وساعات محدودة عند انقضائها يقف دقات قلبه ويطوى سجله ويحال بينه وبين هذه الدار وقالوا يا ايها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون وقال الكفار من اهل مكة للرسول صلى الله عليه وسلم يا ايها الذي نزل عليه كما يدعي الذكر انك بدعواك هذه لمجنون تتصرف تصرف المجاني لما بالغ الله تعالى في تهديد الكفار ذكر بعده شبههم في انكار نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا يا ايها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون. اي وقال مشركوا قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم تهكما به يا من يزعم ان الله نزل عليه القرآن انك لمجنون في دعوتك لنا الى اتباعك وترك عبادة الاصنام التي وجدنا عليها اباءنا لو ما تأتينا بالملائكة ان كنت من الصادقين هلا جئتنا بالملائكة يشهدون لك انك كنت من الصادقين بانك نبي مرسل وان العذاب نازل لو ما تأتينا بالملائكة ان كنت من الصادقين اي وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم هلا تحظر الينا الملائكة ليشهدوا لك على ما تقول ان كنت من الصادقين في انك رسول من عند الله حقا فان لم تأتنا بالملائكة فلست بصادق في دعواك وفي سورة الانعام وقالوا لولا انزل عليه ملك ولو انزلنا ملكا لقضي الامر ثم لا ينظرون والنصوص في هذا كثيرة قال الله تعالى ما ننزل الملائكة الا بالحق وما كانوا اذا المنضرين قال الله ردا على ما اقترحوه من مجيء الملائكة لا ننزل الملائكة الا وفق ما تقتضيه الحكمة حين يحين اهلاككم بالعذاب وليسوا الى جئنا بالملائكة ولم يؤمنوا بمهملين بل سيعاجلون بممهلين بل سيعاجلون بالعذاب ما ننزل الملائكة الا بالحق وما كانوا اذا منظرين اي ما ننزل الملائكة الا بما يحق ويجب. كالوحي او العذاب وغير ذلك تنزيلا ملتبسا بالحكمة والمصلحة لا على حسب ما يقترحه الكفار وما كانوا اذا منظرين اي ولو نزلنا الملائكة على الكفار كما اقترحوا. فرأوا الملائكة عيانا ثم لم يؤمنوا فلن يمهلهم الله بل سيعذبهم في الحال انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون انا نحن الذين نزلنا هذا القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم تذكيرا للناس وانا للقرآن لحافظون من الزيادة والنقصان والتبديل والتحريف. هذه اية تدفع الانسان ان يكون له يد بيضاء في خدمة كتاب الله تعالى انا نحن نزلنا الذكر اي انا نحن نزلنا القرآن الذي فيه الذكرى والموعظة والشرف فالقرآن يذكرنا امر ربنا وانا له لحافظون ايوة ان له لحافظون في حال انزاله من استراق كل شيطان رجيم. وبعد انزاله بحفظ الفاظه ومعانيه من الزيادة والنقص والتحريف. فربنا جل جلاله قد تكفل بحفظ كتابه ولكن السعيد من نفع نفسه وقدم يدا بيضاء في خدمة هذا الكتاب العزيز ولقد ارسلنا من قبلك في شيع الاول ولقد بعثنا من قبلك ايها الرسول رسلا في جماعات في جماعات الكفر السابقة فكذبوه فلست بدعا من الرسل في تكذيب امتك لك ولقد ارسلنا من قبلك في شيع الاولين. فربنا قد اقام الحجة على بني ادم. اي ولقد ارسلنا من قبلك يا محمد رسلا في الامم الماضية وما يأتيه من رسول الا كانوا به يستهزؤون وما يأتي جماعة الكفر السابقة رسول الا كذبوه وسخروا منه وما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزئون اي وما اتى تلك الامم الماضية من رسول ارسله الله اليهم لدعوتهم الى الحق الا به وكذبوه وحاربوه كذلك نسلكه في قلوب المجرمين كما ادخلنا التكذيب في قلوب تلك الامم ندخله كذلك في قلوب المشركين مكة باعراضهم وعنادهم كذلك نسلكه في قلوب المجرمين كذلك ندخل القرآن قلوب المجرمين فهم يسمعونه ويفهمونه ويعلمون انه حق وانه يفوق كل كلام وانهم عاجزون عن معارضته مع انه بلسانهم ومع ذلك يكذبون به وهذا بسبب الذنوب والعياذ بالله فالذنوب تصد عن العلم وتصد عن الخير لا يؤمنون به وقد خلا السنة الاولين لا يؤمنون بهذا القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وقد مضت سنة الله في اهلاك المكذبين بما جاءت به رسلهم فليعتبر المكذبون بك لا يؤمنون به اي لا يؤمنون بالقرآن الذي انزلناه على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الذي لا يؤمن انما يضر نفسه قال وقد خلت سنة الاولين. اي وقد مضت عادة الله باهلاك الكفار من الامم الماضية ممن كذب الرسل ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون وهؤلاء المكذبون معاندون حتى لو اتضح لهم الحق بالادلة الجليلة. فلو فتحنا لهم بابا من السماء فظلوا فيه يصعدون لقالوا انما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون لما صدقوا ول قالوا انما سدت ابصارنا عن الابصار بل ما نراه هو بتأثير السحر فنحن مسحورون وتأمل هذه الاية الكريمة مع الاية التي قبلها لتدرك شدة العناد ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه عرج. ان القوم لما طلبوا نزول ملائكة يصرحون بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في كونه رسولا من عند الله تعالى. بين الله تعالى في هذه الاية انه بتقدير ان يحصل هذا المعنى لقال الذين كفروا هذا من باب السحر ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه عرج اي ولو فتحنا على هؤلاء الكفار باب من السماء. فجعلوا يفعلون في وضح النهار في ذلك الباب ويشاهدون ما في السماء باعينهم من ملكوت الله تعالى وقدرته وسلطانه وملاجته لقالوا انما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحور اين جحده ان يكونوا رأوا شيئا فقالوا انما سدت ابصارنا بالسحر ومنعت من النظر بل نحن قوم مسحورون اي بل نحن قوم سحرنا محمد صلى الله عليه وسلم فما عدنا نعتل الاشياء ونراها كما يجب من فوائد الايات اولا القرآن الكريم جامع بين صفة الجمال في كل شيء والوضوح والبيان يهتم الكفار عادة من ماديات فتراهم منغمسين في الشهوات والاهواء بالامان الزائفة منشغلين بالدنيا عن الاخرة ثلاث الامم مقدر بتأريخ معين ومقرر في اجل محدد لا تأخير فيه ولا تقديم وان الله لا يعجل لعجلة احد تجسد الله تعالى بحفظ القرآن من التغيير والتبذير والزيادة والنقص الى يوم القيامة. تمت هذه الفوائد وينبغي على الانسان ان يعطي القرآن افضل الاوقات لا فضول الاوقات وعلى الانسان ان يجد في الدعوة الى الله تعالى وان يصبر فيما يناله من الاذى في دعوته الى الله تعالى لان الداعي الى الله لا بد ان يحصل فعلى الانسان ان يصبر وان يحتسب وان يستن بسنن الانبياء في دعوتهم الى الله وفي صبرهم وتحملهم هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته