سألني سائل كيف نجمع بين قول الله عز وجل واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فيقول انا افهم من هذه الاية ان الله عز وجل هو الذي امرهم بهذا الفسق قال امرنا مترفيها ففسقوا فيها اي انهم فسقوا بامر الله عز وجل كيف نجمع بين هذه الاية وبين قول الله عز وجل؟ قل ان الله لا يأمر بالفحشاء فاية تقول ان الله عز وجل قد امر مترفيها ففسقوا فيها واية تقول بان الله عز وجل لا يمكن ابدا ان يأمر ان يأمر بالفحشاء فكيف نجمع بين هذين النصين فقلت له الامر سهل وواضح ان شاء الله عز وجل الامر سهل وواضح ونجمع بينهما من وجهين الوجه الاول انه لابد ان يكون هناك تقدير في قول الله عز وجل امرنا مترفيها ففسقوا فيها ما هذا التقدير امرنا مترفيها باتباع الشرع فلم يتبعوا وفسقوا فنزل العذاب عليهم وذلك لانه لا عذاب الا بمخالفة لا عذاب الا بمخالفة فاذا امر الله عز وجل قرية من القرى بطاعة هذا الرسول ولم يطيعوه؟ امرهم باتباع الشرع ولم يتبعوه بل جاهروا رسله وشريعته ودينه بالعداوة وفسقوا في هذه القرية لم يتبعوا امر الله عز وجل. دمر الله عز وجل قريتهم فهكذا ينبغي ان تفهم الاية وهي ان الله عز وجل يقول واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها اي ارسلنا اليهم رسولا بشريعة فاذا اتبعوا هذه الشريعة نجوا من عذاب الله عز وجل. واذا لم يتبعوا هذا الرسول ولم يتبعوا ما جاء به من التشريع وجاهروا بالفسق والكفر والعداوة والبهتان فان الله عز وجل يدمرهم تدميرا هكذا ينبغي ان تفهم الاية في هذا الجواب الاول ولذلك كم من قرية دمرها الله عز وجل بعد بعد ان امرها على لسان رسله باتباع شريعته ولكن لم يتبعوا وفسقوا فدمرناها تدميرا فاذا لا يتعارض هذا النص مع قول الله عز وجل قل ان الله لا يأمر بالفحشاء هذا الجواب الاول واذا قال انسان منكم انا لم اقتنع بهذا الجواب فدونك الجواب الثاني وهو جواب سهل وهي ان الامر الصادر من الله عز وجل ينقسم الى قسمين. الى امر كوني والى امر شرعي والامر الكوني كالارادة الكونية والامر الشرعي كالارادة الشرعية فالامر الكوني واقع لا محالة والامر الكوني لا يستلزم محبة الله عز وجل. فقد يأمر الله عز وجل كونا بشيء لا يحبه شرعا فالله عز وجل يأمر بنوعين من الامر. يأمر امرا كونيا لا بد ان يقع ولكن لا يستلزم محبة الله ويأمر امرا شرعيا لابد وان يحبه الله. فالامر الكوني لا يستلزم محبة الله والامر الشرعي يستلزم محبة الله فالامر في قول الله عز وجل امرنا مترفيها امرنا مترفيها ففسقوا فيها اي بامرنا الكوني ففسق هؤلاء واقع بامر الله الكوني كما قال الله عز وجل ولو شاء الله ما اقتتلوا ولو شاء الله ما اقتتلوا اهم اقتتلوا اي ولو شاء الله عز وجل بمشيئته الكونية ما اقتتلوا ولكن الله شاء بي ارادته الكونية ان يقتتلوا فوقع الاقتتال وكذلك لو ان الله عز وجل انتبهوا لو ان الله عز وجل امر احدا بامره الكوني فقد يأمره بشيء هو لا يحبه ولا يرضاه شرعا. لكنه صدر بامره الكوني. فقول الله عز وجل واذا اردنا ان نهلك قرية امر مترفيها بامرنا الكوني ففسقوا فيها فحق عليها القوم. فالامر في هذه الاية انما هو الامر الكوني الذي لا يستلزم محبة الله عز وجل واما الامر في قول الله عز وجل قل ان الله لا يأمر لا يأمر بالفحشاء اي لا يأمر بامره الشرعي. ففرق بين الامر الكوني وفرق بين الامر الشرعي فالامر الكوني لا يستلزم محبة الله عز وجل. والامر والامر الشرعي يستلزم محبة الله وبالمناسبة فاهل السنة والجماعة في هذا الباب عندهم عدة تقسيمات. ارادة الله كونية وشرعية قدر الله كوني وشرعي. قضاء الله كوني وشرعي اذن الله كوني اي الاذن الكوني والاذن الشرعي انتبهوا وكذلك ايضا حكم الله. فمن احكام الله ما هو كوني ومن احكام الله ما هو شرعي. ومنها كذلك امر الله فبعض اوامر الله اوامر كونية وبعض اوامر الله اوامر شرعية والله عز وجل شرعا شرعا لا يمكن ان يأمر بالفحشاء لا يمكن ان يأمر بالفحشاء بل الله عز وجل شرعا يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فشرعا شرعا لا يمكن ان يأمر الله عز وجل بالفحشاء. لكن كونا كونا قد يأمر الله عز وجل في كونه ويريد بارادته الكونية ويحكم بحكمه الكوني ويأذن باذنه الكوني ويقضي بقضائه الكوني ويقدر بتقديره الكوني شيئا من الفحشاء والفسق في ارضه لكن لا يحبها شرعا لا يحبها شرعا فالامر الكوني ليس مرادا لذاته ولا محبوبا لذاته. وانما هو واقع ولكن لا يستلزم محبة الله عز وجل فلا تعارض بين الايتين ابدا فاما ان نحملها على الجواب الاول ويكون قد زال الاشكال واما ان نحملها على التفريق بينما كان من قبيل الامر الكوني الذي لا يستلزم محبة الله وبين الامر الشرعي الذي يستلزم محبة الله واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها. باي امر؟ بالامر الكوني الذي لا يستلزم محبة الله ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا. اذا الامر هنا في هذه الاية هو الامر الكوني الذي لا يستلزم محبة الله واما الامر في قول الله عز وجل قل ان الله لا يأمر بالفحشاء يقصد بالامر الشرعي. لا يمكن ان يأمر الله بالفحشاء امرا شرعيا لا يمكن ان يأمر الله بالفحشاء امرا شرعيا. فبالتفريق بين نوعي الامر ينحل الاشكال ولله الحمد والمنة