بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد ايها الاخوة المستمعون. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهذا حديث عن الحسد صلاح الجوارح بصلاح القلب واعمال القلوب في الثواب والعقاب كاعمال الجوارح يثاب على الموالاة والمعاداة في الله ويعاقب على الحسد والفخر والرياء واصلاح القلب افضل من نوافل العبادات ولا ينال المسلم الكمال الا بزوال ما في قلبه من الحسد والاضغان وسلامة الصدر من صفات الانبياء قال الله ممتدحا خليله عليه السلام اذ جاء ربه بقلب سليم وشق صدر النبي صلى الله عليه وسلم مرتين. مرة في صباه واخرجت منه العلقة وشق مرة اخرى قبل الاسراء وغسل قلبه في طست من ذهب بماء زمزم رواه ابن حبان ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم معلما امته اللهم اهدني واسلل سخيمة قلبي اي حقدة. ورواه ابو داوود واثنى الله على الانصار بسلامة صدورهم والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا اي مما اوتي اخوانهم المهاجرون من فضل واخبر عن الصالحين من بعدهم بقوله والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا وسلامة الصدر من اسباب دخول الجنة قال عليه الصلاة والسلام للصحابة رضي الله عنهم يطلع عليكم الان من هذا الفج رجل من اهل الجنة فطلع رجل من الانصار فسألوه عن عمله فقال لا اجد في نفسي لاحد من المسلمين غشا ولا احسد احدا على خير اعطاه الله اياه رواه احمد وكان السلف يسعون لسلامة صدورهم. فنعتوا بذلك قال ابن كثير رحمه الله واصفا قرينه ابن القيم رحمه الله كان حسن القراءة والخلق. وكثير التودد لا يحسد احدا ولا يؤذيه ولا يستعيبه ولا يحقد على احد ولا ينفع يوم القيامة الا سلامة الصدر مع الايمان قال عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم والله سبحانه فظل عباده بعضهم على بعض في العطاء عدلا منه وفضلا ليظهر صبرهم وشكرهم. قال جل شأنه والله فضل بعضكم على بعض في الرزق والحسد خلق ذميم. ونعت دنيم يقصد به الحاسد ذوي الفضائل والنعم اتصف به ابليس فامتنع ان يسجد لادم حسدا له. قال انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فكان اول ذنب عصي الله به في السماء وهو من صفات اليهود والنصارى. قال عز وجل هم يحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله وهو من اقوال مرضى القلوب قال جل شأنه فسيقولون بل تحسدوننا وقد يؤدي بصاحبه الى الكفر بالله قال عز وجل الا ابليس ابى واستكبر وكان من الكافرين ويتمنى به غير المسلم اخراج اهل الاسلام عن دينهم قال جل شأنه ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم وقد يمنع من الدخول في الاسلام قال المسور ابن مخرمة لابي جهل هل كنتم تتهمون محمدا بالكذب قبل ان يقول ما قال وقال والله لقد كان محمد فينا وهو شاب يدعى الامين فما جربنا عليه كذبا قط قال فما لكم لا تتبعونه قال تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف فاطعموا واطعمنا وسقوا وسقينا واجاروا واجرنا حتى اذا تجافينا على الركب وكنا كفر سير هان قالوا منا نبي فمتى ندرك مثل هذه؟ والله لا نؤمن به ولا نصدقه ابدا وقد يقتل صاحبه الاخرين واتل عليهم نبأ ابني ادم بالحق اذ قربا قربانا فتقبل من احدهما ولم يتقبل من الاخرين قال لاقتلنك وهو فتنة لقلوب الناس. قال جل شأنه وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا اهؤلاء من الله عليهم من بيننا. وهو مناف لكمال الايمان قال عليه الصلاة والسلام لا يجتمعان في قلب عبد الايمان والحسد. رواه النسائي وحذر النبي صلى الله عليه وسلم امته من هذا الداء. فقال لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا. رواه مسلم الحسد منبع الشرور. ويوجب الظلم ويورث القطيعة قال ابن عقيل رحمه الله اعتبرت الاخلاق فاذا اشدها وبالا الحسد الحاسد ضعيف النفس كل نعمة على غيره يراها عظيمة مبغض لنعم الله على عباده يتألم فضيلة تظهر. او منقبة تشكر ان رأى فضل الله على خلقه اغتم وان عاين زوالها سر فلا راحة لحاسد يفرح لحزن الناس ويحزن لفرحهم لا يرى قضاء الله عدلا ولا لنعمه على الناس اهلا ولسانه يخرج سواد قلبه. قال سبحانه ام حسب الذين في قلوبهم مرض ان يخرج الله اضغانهم قال معاوية رضي الله عنه اياك والحسد فانه يتبين فيك قبل ان يتبين في عدوك يردي صاحبه ويقوده الى الذل والمهانة كما حصل لاخوة يوسف حينما طلبوا من اخيهم الذي حسدوه الصدقة عليهم قالوا يا ايها العزيز مسنا واهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فاوفي لنا الكيل وتصدق علينا ليس في خصال الشر اعدل من الحسد ينتقم من نفسه بنفسه قبل ان يصل الى المحسود ومن رأى حال الحاسد في همه وغمه وكمده اشفق عليه والحاسد اشتغل بما لا يعنيه. فاضاع ما يعنيه الحسد رفعة للمحسود النفوس لا تحسد الا العظيم وكم من نعمة خافية اظهرها حسود وكم من عبد اثني عليه بعد ان حسد حسد هابيل ابن ادم فبقي ذكره يثنى عليه في كتاب الله وبحسب فضل الانسان وظهور نعم الله عليه يكثر حسد الناس له واعظم نعمة يحسد المرء عليها هي نعمة الاسلام قال سبحانه ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء والمحسود مظلوم مأمور بالصبر والتقوى والعفو والصفح. قال جل جلاله ود كثير من اهل الكتاب ابي لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحق اعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بامره ويوسف عليه السلام قال لاخوته لا تثريب عليكم اليوم ونار الحاسد تطفئ بالاحسان اليه وكلما ازداد شر الحاسد فزده احسانا ونصحا وشفقة عليه والحسد يمنع كمال الايمان قال عليه الصلاة والسلام لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه متفق عليه والحسد معصية يجب على المسلم ان يتوب منها. وان يرضى بالقضاء ويستسلم للمقدور ولا يعارض الله في امره ويفرح بكرم الله على عباده ويدفع عن قلبه تلك المعصية طاعة لله وخوفا من عقابه وبعدا من ان يكره نعم الله على عباده وان ينظر الى من هو دونه ويتذكر نعم الله عليه ويقنع بعطاء الله له وكل حاسد محسود وان يتعوذ بالله من الحسد ويبادر الى الدعاء للمحسود ويتمنى زيادة الخير لاخيه المسلم ومن اعطى غيرك نعمة فهو قادر سبحانه ان يعطيك مثلها واكثر منها والله ذو الفضل العظيم والغبطة حقا في عطاء درجات الاخرة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته