حرف نزل في كتاب الله عز وجل. ليس لهم عنه غنية ولا بهم عنه كفاية بل هم محتاجون الى كل حرف في كتاب الله عز وجل. ولذلك كان من اعظم ما اصيبت به الامة الاولى العلم. ثم بين ما هو العلم الذي يجب تعلمه على كل احد. قال وهو معرفة الله ومعرفة نبيه معرفة دين الاسلام بالادلة معرفة الله واجبة على كل احد وهي امر جبلت عليه القلوب قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني. وسبحان الله الرحيم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته باحسان الى يوم الدين. اما بعد ففي هذا الدرس ان شاء الله تعالى سنقرأ ان شاء الله رسالة من مؤلفات الامام شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وهذه الرسالة رسالة عظيمة كثيرة الفوائد الفها رحمه الله لبيان ما يحتاج اليه كل مؤمن ومؤمنة كل مسلم ومسلمة والناس في هذا مستقل ومستكثر. واذا علم العبد ذلك حرص ان يستكثر من هذه الصفات وان يزداد منها لان بها يحصل له الفوز والسلامة من الخسارة المذكور في قوله ان الانسان لفي خسر وسمى هذه الرسالة ثلاثة الاصول. وهي معروفة بهذا الاسم او باسم الاصول الثلاثة. بين فيها ما يجب معرفته مما يتعلق بالله عز وجل ومما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ومما يتعلق بدين الاسلام واكثر من ذكر الادلة في ثنايا هذه الرسالة المباركة ليتبين بذلك ان ما يدعو اليه اثق من الكتاب والسنة معتمد عليهما لا سيما وان الشيخ رحمه الله واجه في دعوته خصوما الابداع. شنعوا عليه وعابوا ما جاء به من المرسلين والصقوا به تهما عديدة ولكن الحق ابلج والباطل لجلج. فمهما كانت هذه الدعاوى فانها تتساقط وتتلاشى امام الحجج والبراهين وليست المسألة بدعاوى فارغة عن مضمونها لا تستند الا الى هوى انتبه او انحرافه فكل من ناوأ هذه الدعوة لم يأتي بشيء يستند اليه ويعتمد عليه فيما ذهب اليه. المهم ان هذه الرسالة رسالة لطيفة موجزة يحتاج العلم بها كل مسلم واين ان نقرأها في هذه الليالي؟ عل الله عز وجل ان ييسر ختمها لينتفع بها الاخوة الحاضرون لهذه الدروس الصيفية ويرجعوا بمتن من متون العلم ورسالة من الرسائل المتعلقة اهم ما هو مطلوب من المؤمن وهو افراد الله بالعبادة. نعم فنبدأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. قال محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في كتابه الاصول الثلاثة. بسم الله الرحمن الرحيم. اعلم رحمك الله انه يجب علينا تعلم اربع مسائل الاولى العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الاسلام بلاد الله. الثانية العمل به. الثالثة الدعوة اليه. الرابعة الصبر على هذا فيه والدليل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. قال الشافعي رحمه الله الله تعالى لو ما انزل الله حجة على خلقه الا هذه السورة لكفتهم وقال البخاري رحمه الله تعالى باب العلم قبل القول والعمل. والدليل قوله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك. فبدأ بالعلم قبل القول والعمل. بسم الله الرحمن الرحيم. افتتح الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هذه الرسالة المباركة للبسملة. كسائر رسائل اهل العلم ومؤلفاتهم وذلك تأسيا بكتاب الله عز وجل واتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وجريا على ما سلكه سلف هذه الامة من التيمن بالبداءة بذكر الله جل وعلا واسمه سبحانه وتعالى والبسملة الكلام عليها معروف متكرر وجعل بين يدي رسالته ومقصوده من بيان الاصول التي يجب تعلمها مقدمتين المقدمة الاولى بين فيها ما يجب على كل احد تعلمه وهذه مقدمة تمهيدية يحث فيها مطالع هذه الرسالة على لزوم الصراط الذي يكفل له النجاة فهي تمهيد وتوطئة لما يريد بيانه او لما يقصد بيانه في هذه الرسالة فقال رحمه الله اعلم رحمك الله. وهذا من لطف من لطفه وحسن تأليفه. ورفقه بمن يعلم. فدعا للمعلم سواء كان قارئا او مستمعا بالرحمة. وهذا ايها الاخوة منهج مهم وطريق لابد من التنبه اليه ايه؟ وهي ان يكون المعلم والداعية الى دين الله عز وجل شفيقا رحيما وان يشعر من يدعوه انه يريد به الخير. ويريد به الهدى ويريد ان يخرجه من الظلمات الى النور. فان هذا من اسباب قبول الدعوة ومن اسباب قبول العلم ولذلك قال الله جل وعلا في رسوله ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. ولكن كما قال الله جل وعلا لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم هذا وصفه ولذلك اسر القلوب صلى الله عليه وسلم وانقادت له الافئدة قبل الابدان. قال رحمه الله اعلم رحمك الله انه يجب علينا تعلم اربع مسائل. فهذه المسائل من العلم العيني الذي يجب على كل احد. لان العلم ينقسم الى قسمين علم عين يجب على كل احد تعلمه. والقسم الثاني علم كفائي. يجب ان يتعلمه من تقوم بهم الكفاية ضابط العلم العيني هو ما لا يقوم دين المرء الا به. ما لا يقوم دين المرء الا به سواء في العقائد او في الاعمال او في الاقوال. فما لا يستقيم دينك الا به يجب عليك ان تتعلمه مما يتعلق بعلوم الاعتقاد ومما يتعلق بالعمل. ومما يتعلق بالقول. يقول رحمه الله في بيان هذه المسائل الاربع وفطرت عليه الافئدة فالناس مفطورون مجبولون على التعبد لله عز وجل ولا يمكن ان يعبدوه الا اذا عرفوه فبكمال المعرفة يحصل كمال العبودية فكلما ازداد العبد علما بالله عز وجل ومعرفة به سبحانه وتعالى كلما ازداد ايش؟ ازداد عبودية له سبحانه وتعالى والعلم بالله والمعرفة به اصل العلوم والمعارف لان العلم به يتحقق مقصود الوجود والمقصود من الخلق كما قال جل وعلا وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وسيأتي تفصيل ذلك في ما يأتي ان شاء الله تعالى من كلام الشيخ. الثاني معرفتنا نبيه والمقصود بالنبي هنا محمد صلى الله عليه وسلم. وذلك ان معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بها يعرف الشرع. لان انه الرسول الذي ارسله الله عز وجل الى الناس. بشيرا ونذيرا. فيجب معرفة النبي صلى الله عليه وسلم. ومعرفته من لا لسنته ومن خلال الدلائل الدالة على صدقه وصحة ما جاء به. الثالث من المعارف قال ومعرفة دين الاسلام بالادلة معرفة دين الاسلام والمقصود بدين الاسلام اي العمل الذي جاء به الاسلام وذلك في الاصول التي يجب على كل احد ان يقر بها حتى يكون مؤمنا وهي ما تضمنه حديث ابن عمر بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وهذان تقدما واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت من استطاع اليه سبيلا هذه اصول الاعمال في دين الاسلام فيجب معرفتها بالادلة. ومعرفة هذه الاعمال تختلف درجتها باختلاف حال الناس. فالصلاة يجب معرفتها على كل احد من اهل الاسلام واما الحج فانه لا يجب معرفته تفصيلا الا على من اراد ان يحج ممن استطاع لانه واجب على المستطيع. فالمعرفة لدين الاسلام تتفاوت وتختلف باختلاف احوال الناس. المسألة الثانية العمل به والظمير في قوله به عائد الى العلم. وذلك ان العلم انما يراد للعمل. فمن كان علمه حاملا له على العمل فقد حقق المقصود منه من العلم وطلبه. ومن كان مقصوده من العلم جمع المعلومات وتكثيرها لا للعمل به فيخشى ان يكون داخلا في قول الله جل وعلا الهاكم التكاثر. لانه حجة على صاحبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم القرآن حجة لك او عليك وانما يكون حجة عليك اما بالاعراض عنه وعدم رفع الرأس به واما في الاقبال عليه دون العمل بما تضمنه من الاحكام والتوجيهات فهو حجة على على من قرأه وحفظه ثم هجره في عمله وقوله واعتقاده الثالثة من المسائل التي يجب تعلمها على كل احد الدعوة اليه. والظمير يعود الى المتقدم من العلم والعمل. وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم ارسله الله بالهدى ودين الحق. والهدى هو العلم النافع ودين الحق هو العمل الصالح واليه ما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا الى العلوم النافعة ودعا الى الاعمال الصالحة التي هي ثمرة العلم. فالدعوة اليه تعود الى الامرين متقدمين المسألة الرابعة الصبر على الاذى فيه الصبر على الاذى فيه يعني في العلم والعمل والدعوة اليه. فالظمير يعود الى جميع ما تقدم. فالانسان بحاجة الى ان يصبر حتى يتعلم وبحاجة الى ان يصبر ليعمل وبحاجة الى ان يصبر ليدعو والصبر في الاصل هو حبس النفس عن محبوباتها ومنعها من ذلك والصبر ايها الاخوة شأنه عظيم. ولذلك اكثر الله جل وعلا من الامر به والثناء على اهله في كتابه فما من خلة حميدة ولا خصلة فاضلة ولا خلق كريم ولا سجايا صالحة ولا اعمال بر وحسنات الا ومنشأها الصبر ولذلك كان الصبر افضل ما يوفق اليه العبد قال النبي صلى الله عليه وسلم وما وما اعطي احد عطاء خيرا ولا اوسع من الصبر. ومعلوم ان العلماء قسموا الصبر الى ثلاثة الصبر على طاعة الله الصبر عن معصية الله والصبر على اقدار الله وافضلها واشرفها واكبرها منزلة هو الصبر على طاعة الله والفضل لها جميعا ثابتة وكلا وعد الله الحسنى فينبغي للمؤمن ان يحرص على تحقيق الصبر في جميع هذه الامور بعد ان فرغ المؤلف رحمه الله من ذكر هذه المسائل الاربعة التي يجب تعلمها على كل احد قال والدليل قوله تعالى الدليل على اي شيء على وجوب تعلم هذه المسائل. قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. وهذه السورة هي سورة العصر. افتتحها الله جل وعلا بالقسم بالزمان الذي هو محل الاعمال. فقوله والعصر الواو والقسم والعصر هو المقسم به والله جل وعلا يقسم بما شاء من مخلوقاته. فهو سبحانه وتعالى يقسم بنفسه ويقسم بصفاته ويقسم بافعاله ويقسم بما شاء من مخلوقاته ومن ذلك القسم هنا حيث قسم اقسم سبحانه وتعالى بالعصر وهو الزمان لبيان شرفه وعظم مكانته ثم اتى بجواب القسم في قوله ان الانسان لفي خسر. ان الانسان والانسان هنا المراد به جنس الانسان فيشمل كل من اتصف بهذا الوصف لفي خسر والخسر ضد الربح. اي لفي خسارة. كخسار التجار في ارباحهم. وقوله في خسر ولم يقل ليبين احاطة الخسر به من كل مكان فان فيه تفيد الظرفية فالخسر محيط بالانسان من كل جوانبه. وفي القسم على هذا الامر. في تأكيده بان التي تفيد التوكيد في قوله ان الانسان لفي خسر دلالة واضحة على عظم الامر وان الله اراد من هذا القول شحذ الهمم للفكاك من اسباب الخسارة والاخذ باسباب النجاة فان الله سبحانه وتعالى بعد ان اقسم على هذا الامر وهو خسار جنس الانسان بين السبيل والطريق الذي يتخلص ايه الانسان من هذا الخسارة والخسارة ايها الاخوة على درجات فالخسار المطلق هو خسار من خسر الدنيا والاخرة ودونه درجات كبيرة وكثيرة من الخسارة لكن طريق النجاة من الخسار موصوف وصفا واضحا بينا في هذه السورة الكريمة بالاستثناء الذي ذكره الله عز وجل في قوله الا الذين امنوا امنوا باي شيء لم يبين ما الذي يؤمن به ليعم جميع ما يجب الايمان به. الا الذين امنوا بكل ما يجب الايمان به مما يتعلق بالله عز وجل مما يتعلق بملائكته مما يتعلق بكتبه رسله اليوم الاخر القدر خيره وشره. وهل يمكن ان يتحقق الايمان بلا علم؟ ها لا يمكن ان يكون ايمان بلا علم فالايمان فرع العلم وثمرته. ولذلك قال المؤلف رحمه الله فيما يجب قال الاولى في المسائل التي تجب. قال الاولى العلم ودليل العلم قوله تعالى الا الذين امنوا. والدلالة على هذا باللازم. دلالة الاستثناء الذين امنوا على وجوب العلم دلالة بايش؟ باللازم لانه لا يمكن ان يحصل العلم الا بالايمان فمن لوازم الايمان ان يكون صاحبه عالما. وعملوا الصالحات هذا الوصف الثاني من الاوصاف التي علق عليها النجاة من الخسارة قال عملوا الصالحات وهذا يشمل كل عمل صالح ظاهر او باطن واجب او مستحب من حقوق الله ومن حقوق عباده. كل هذا يدخل في قوله وعملوا الصالحات وانظر كيف اخر العمل على العلم. لانه لا يمكن العمل الصالح الا بعد الايمان الذي لا يحصل الا بالعلم النافع ثم بعد ان ذكر هذين الوصفين ذكر وصفا ثالثا وهو دليل المسألة الثالثة التي يجب علينا تعلمها وهي الدعوة اليه قال وتواصوا بالحق. تواصوا اي اوصى بعضهم بعضا بالحق والتواصي بالحق من صور ومن انواع العمل الصالح. اليس كذلك؟ من العمل الصالح التواصي به وانما نص عليه وذكره لاهميته واثره في حصول النجاة ولان لا يظن الظان انه باستكثاره من الاعمال الصالحة في نفسه يحصل له النجاة. وان اهمل من يجب عليه نصحهم ومن يجب عليه امرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. ولذلك جاء النص على التواصي بالحق مع ان انه من الاعمال الصالحة. والتواصي بالحق يشمل ان يوصي الانسان نفسه بالحق. وان يأمر نفسه بالمعروف وان ينهى نفسه عن المنكر وكذلك يشمل ان يكون ذلك مع غيره. ممن يعايشهم سواء كانت له ولاية عليهم او لم تكن له ولاية عليه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من حق اهل الايمان بعضهم على بعض. الوصف الرابع الذي تحصل به النجاة قوله وتواصوا بالصبر اي اوصى بعضهم بعضا بالصبر اي انواع الصبر؟ جميع انواع الصبر الصبر على طاعة الله والصبر عن معصية الله والصبر على اقدار الله وهذا الامر في هذه الاية وتواصوا بالصبر داخل في الذي قبله. فان التواصي بالصبر من التواصي بالحق. اليس كذلك فلماذا خصه بالذكر قصه بالذكر لاهميته وعظم اثره في تحقيق النجاح والسلامة من الخسارة. وان كان داخلا مندرجا فيما تقدم من العمل الصالح والتواصي بالحق وبقدر ما يتصف الانسان بهذه المذكورات في هذه الاية بقدر ما يحصل له النجاة وهذه الاية واضحة الدلالة على ما تقدم من وجوب تعلم هذه المسائل. وجه ذلك ان ان جاء النفس من الخسار واجب وقد بين الله سبحانه وتعالى طريق ذلك وهو ما تضمنه الاستثناء في قوله الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. فدل ذلك على وجوب الصبر وعلى على وجوب تعلم هذه المسائل الاربع التي يتحقق بها للمرء السلامة في الدنيا والاخرة. قال الشافعي رحمه الله لو ما انزل الله حجة على خلقه الا هذه السورة لكفته. حجة على خلقه لو ما انزل الله حجة على خلقه الا هذه السورة لكفته. هل يعني هذا ان ما زاد على هذه السورة لا حاجة اليه؟ الجواب لا. وانما مراد الشافعي رحمه الله الله ان هذه السورة كافية شافية في بيان طريق النجاة. والا فا اهل الاسلام بحاجة الى كل في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ايش ها انقطاع الوحي فمراد الشافعي رحمه الله في قوله لو ما انزل الله حجة على خلقه الا هذه السورة لكفتهم يعني في بيان طريق النجاة والسلامة من الخسار الذي اتصف به الانسان ثم قال رحمه الله وقال البخاري رحمه الله تعالى باب العلم قبل القول والعمل فلا بد من العلم قبل العمل. واي عمل لا يبنى على علم فهو لا يزيد صاحبه من الله الا بعدا لانه احداث وابتداع وضلال. قال والدليل على وجوب تقديم العلم على العمل قوله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك سئل سفيان ابن عيينة رحمه الله عن فضل العلم فقال له الم تر كيف بدأ الله بالعلم يعني في قوله فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك فيكفي ذلك في بيان فضل العلم. ان الله بدأ به قبل العمل. فالواجب على المؤمن ان يحفل بالعلم وان يجتهد فيه وان يبذل فيه مهجته ووقته وعمره. والا يبخل عليه بشيء والعلم تزكو به الاخلاق وتصلح به الاعمال ويرفع الله به ذكر العبد في الدنيا والاخرة ان الله يرفع بهذا الكتاب اقواما ويضع به اخرين يرفع به من اقبل عليه واخذ به حفظا وعلما وعملا وتعلما وتدبرا وغير ذلك مما يكون في كتاب الله عز وجل قال فبدأ بالعلم قبل القول والعمل وبهذا يكون الترتيب الذي ذكره المؤلف رحمه الله ترتيبا دل عليه الكتاب وقول السلام لان قوله وقال البخاري رحمه الله هذا في الاستبدال على ترتيب هذه المسائل اما اصل هذه المسائل فقد دل عليها الدليل من سورة العصر واما الترتيب فانه جاء من قوله تعالى فاعلم انه لا اله الا الله وقول البخاري رحمه الله نعم اعلم رحمك الله انه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثلاث المسائل والعمل بهن الاولى ان الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا. بل ارسل الينا رسولا. فمن اطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار. والدليل قوله تعالى انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فاخذناه اخذا وبيلا ان ان الله لا يرضى ان يشرك معه احد في عبادته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل. والدليل قوله تعالى وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. الثالثة ان من اطاع ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاج الله ورسوله ولو كان اقرب قريب. والدليل تعالى لا تجدوا قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ابائهم او ابنائهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه. ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين رضي الله عنهم ورضوا عنه اولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون. اللهم اجعلنا منهم هذه هي المقدمة الثانية التي قدم بها الشيخ رحمه الله ذكرى الاصول الثلاثة وهو ذكره رحمه الله لمسائل يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها وهو ايضا بيان لاول المراتب في قوله الاولى العلم يعني من مما من اول ما يجب ان يتعلمه الانسان هذه المسائل الثلاث التي ذكرها رحمه الله قال اعلم رحمك الله انه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلموا هذه المسائل الثلاث والعمل بهن ليس مجرد العلم بل العلم والعمل لان العمل هو المقصود قال رحمه الله الاولى اي من هذه المسائل الثلاث ان الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا عملا بل ارسل الينا رسولا فمن اطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار. ثم ذكر الدليل على ذلك اما ان الله خلقنا فلا يرتاب في ذلك مؤمن بل هذا مما فطر الله عليه الناس وهو من مستلزمات ومن افراد توحيد الربوبية الاقرار بان الله هو الخالق ولا يوجد احد يعارض في هذا فان الجميع يقرون بان الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء. وكذلك الرزق هذا اما يجب الاقرار به في توحيد الربوبية فان توحيد الربوبية افراد الله جل وعلا بالخلق والرزق والملك والتدبير ودليل ذلك قول الله جل وعلا قل من يرزقكم من السماء من السماء والارض. امن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا تتقون هذه الاية هي الدليل على ان توحيد الربوبية لا يثبت ولا يقر الا بالاقرار بان الله سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق المالك المدبر وهذا مما فطر الخلق عليه. وبدأ الشيخ رحمه الله به تمهيدا لما بعده والا فلا معارضة ولا خلاف بين الناس في الاقرار بان الله سبحانه وتعالى هو خالقهم ورازقهم ومالكهم ومدبرهم قال ولم يتركنا هملا ثم بين وجه ذلك فقال بل ارسل الينا رسلا فارسال الرسل دليل على عناية الله جل وعلا بخلقه وانه سبحانه وتعالى لم يتركهم هملا لا يقصدون بشيء ولا يطلب منهم شيء. ثم بين ما الواجب في من ارسلهم الله عز وجل؟ فقال فمن اطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار والطاعة هنا المراد بها الطاعة في الجملة في اصل ما جاءوا به واما افراد ما نعم ومن عصاه دخل النار اي في اصل ما جاء به واما في افراد ما جاءوا به فمن اطاعهم دخل الجنة واستحقها ومن عصاهم استحق النار لكن قد يدخلها وقد لا يدخلها اما في اصل ما جاءوا به من من التوحيد فانه من اطاعهم فيه دخل الجنة ومن عصاهم فيه دخل النار كما دلت على ذلك الادلة. قال والدليل على هذا قوله تعالى انا ارسلنا اليكم رسولا. هذا دليل على اي شيء على ان الله لم يتركنا هملا بل ارسل الينا رسولا فقال انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم الخطاب هنا لمن الخطاب هنا لمشركي مكة الذين بعث بهم النبي صلى الله عليه وسلم وكذبوه وعاندوه فخاطبهم الله بهذا الخطاب فقال انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فرعون رسولا فهذا امر ليس بجديد ولا بمحدث ولستم ببدع ممن سبق بل جرت على هذا سنة الله ان يبعث الى الناس من يدعوهم ويبصرهم بما يجب عليهم وانما نظر بفرعون لمشابهة مشركي مكة كفر فرعون فان فرعون كان كفره من جهتين من جهة عبادة غير الله ومن جهة الاباء والاستكبار وكذلك الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة فانهم كانوا يعبدون غير الله وكانوا يأنفون ويستكبرون عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال قائلهم لولا ها نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم وذلك احتقارا للنبي صلى الله عليه وسلم اذ لم يكن من من اعلى اشرافهم فيما زعموا قال فعصى فرعون الرسول فاخذناه اخذا وبيلا. اي اخذا شديدا ثقيلا هذا معنى وبيل وهذا فيه التهديد لهم وانهم لم يتركوا هملا لو كانوا متروكين هملا لما ارسل اليهم رسولا ولما هددهم بهذا التهديد وهو تهديد لكل من خالف الرسل فيما جاءوا به نقف على هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد