بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه القصيدة اللامية الرحمن الرحيم يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي. رزق الهدى من للهداية يسأل محقق في قوله لا ينثني عنه ولا يتبدل. حب الصحابة كلهم لي مذهب ومودة القربى بها اتوسل ولكلهم قدر على وفضائل لكنما الصديق منهم افضل. واقول في القرآن ما جاءت به. اياته فهو القديم المنزل. واقول قال الله جل جلاله والمصطفى الهادي ولا اتى اول وجميع ايات الصفات امرها. حقا كما نقل الطراز الاول وارد عهدتها الى نقالها واصونها عن كل ما يتخيل. قبحا لمن نبذ القرآن وراءه. واذا استدل يقول قال الاخطل. والمؤمنون يرون حقا ربهم والى السماء بغير كيف ينزلوا. واوقروا بالميزان والحوض الذي وكذا الصراط يمد فوق جهنم فمسلم اجن واخر مهمل والنار يصلح الشقي بحكمة وكذا التقي الى الجنان يدخل ولكل حي عاقل في قبره عمل يقارنه هناك ويسأل هذا اعتقاد الشافعي ومالك وابي حنيفة ثم احمد ينقل فان ابتعد سبيلهم فموفق. وان ابتدعت فما عليك معول ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين. اما بعد فهذا هو اول المجالس في شرح هذه المنظومة المختصرة في الاعتقاد وهي منظومة شيخ الاسلام رحمه الله المشهورة باللامية وهي كما سمعنا تضمنت شيئا من مسائل الاعتقاد وذلك ان شيخ الاسلام رحمه الله ذكر فيها بعض ما يجب اعتقاده من المسائل المتعلقة باصول الدين. وقبل ان نقرأ ما تضمنه النظم نذكر اولا ان في نسبة هذا النظم لشيخ الاسلام رحمه الله كلاما لبعض اهل العلم فجماعة من اهل العلم شككوا في صحة النسبة فمنهم من يقول انها ليست لشيخ الاسلام رحمه الله انما تنسب اليه وجعلوا شاهد ذلك وحجته ان من تكلم عن شيخ الاسلام رحمه الله والف في حياته ومؤلفاته وترجم له لم يذكر احد منهم هذا النظم من جملة مؤلفاته رحمه الله كما ان هذا النظم ليس شاملا لمسائل الاعتقاد خلافا لما جرى عليه تاليفه رحمه الله من الاحاطة ما يجب اعتقاده في ابواب الايمان كلها فان هذا النظم اقتصر على بعض الابواب وعلى بعض المسائل فيها وعلى كل حال هذا النظم منسوب لشيخ الاسلام رحمه الله وفي صحة النسبة قولان منهم من يرى ان النسبة صحيحة ومنهم من يرى ان النسبة ليست بصحيحة ونظرا لكون هذا النظم قد شرحه بعض اهل العلم واحال اليه واستشهد به على انه من كلام شيخ الاسلام رحمه الله نجري الامر على هذا النسق لا سيما ان مضمونه لا يخالف ما هو معروف مشهور من عقد شيخ الاسلام رحمه الله وكلامه في هذه المسائل المذكورة من النظم ان هذا النظم جواب لسؤال حيث انه ابتدأه بمخاطبة السائل وان السؤال وقع على شيء من مسائل الاعتقاد وان كان ظاهر الامر انه سيبين عقده في الجملة ومذهبه في الجملة لكن الذي تضمنه النظم هو بيان بعض مسائل الاعتقاد وليس بيانا لكل مسائل الاعتقاد كما ان النظم لم يجري فيه المؤلف رحمه الله على ما جرى به سنن اهل العلم من التأليف في مسائل الاعتقاد فان الناظر طريقة اهل العلم في التأليف في مسائل الاعتقاد نجد اولا انهم يستوعبون ذكر الاصول الستة. اصول الايمان الستة. فيذكرون ما يتعلق بالايمان بالله. يذكرون تتعلق بالايمان بالكتب الرسل الملائكة اليوم الاخر القدر خيره وشره ويكون نسج هذه العقائد في الغالب على هذا النحو اي انه انهم يذكرون الايمان بالله الايمان بالملائكة الايمان بالكتب الايمان بالرسل. الايمان باليوم الاخر الايمان بالقدر خيره وشره. فيكون رحى ما يتكلمون عليه من المسائل يدور على هذه الاصول تقريرا وتوضيحا قد يركزون على بعض هذه الاصول لكونه قد جرى فيها خلاف وقد يفصلون في بعض دون بعض لكن في الغالب ان يستوعب ذكر هذه الاصول. المؤلف رحمه الله اولا لم يستوعب هذه الاصول في النظر لم يذكر هذه الاصول جميعا في النظم ذكر بعضها والسبب في هذا اما ان يكون النظم لم يصل مكتملا. بمعنى ان فيه نقصا من جهة النقل. واما ان يكون وهو والغالب ان المؤلف اراد ان يبين عقده في مسائل سأل عنها السائل. وليس لبيان كل ما يعتقده. اما ما ذكره بعض الشراح من ان المؤلف رحمه الله انما اقتصر على هذه الاصول لكونها الاصول المجمع عليها فليس بصواب. لان المؤلف ترك اصول المجمع عليها مما يتعلق بالايمان بالله وبالايمان بالملائكة وبالايمان بالرسل والايمان بالكتب والايمان باليوم الاخر والايمان فدل ذلك على انه لم يقصد ذكر ما اتفقت عليه كلمة اهل السنة والجماعة في مسائل الاعتقاد فهذا تعليل الاقتصار على بعض المسائل دون بعض فيه نظر. من جهة انه لا يمثل كل اعتقده واجمع عليه اهل السنة والجماعة فنقل ان اقرب ما يجاب به على هذا الاختصار يعني لماذا اقتصر المؤلف على ذكر بعض مسائل الاعتقاد اقرب ما يقال في الجواب ان ذلك جوابا للسائل. وان السائل اشكلت عليه هذه المسائل فاجاب ببيان عقد اهل السنة والجماعة فيها وترك ما ليس فيه اشكال عند السائل او ما لم يسأله السائل عنه هذا واظح ولا اشكال يعني لو الان وجدت فتوى لعالم في تقرير بعظ مسائل الاعتقاد ليس لك ان تقول لماذا لم يذكر كذا وكذا وكذا من مسائل الاعتقاد قد التي هي من اصول اهل السنة والجماعة ومن عقدهم؟ الجواب ان الفتوى جواب لسؤال. فيكون الجواب مطابقا لحاجز السؤال. قد يكون المجيب واسع الصدر راغبا في زيادة فهذا فظل واحسان لكن لا يطالب بزيادة على ما سأل عنه السائل لا سيما في مثل مسائل الاعتقاد التي قد يكون التركيز على تقرير ما حصلت فيه الشبهة فليس المفتي محتاجا الى التفصيل والتشعيب فيما لم يقع فيه اشكال انما همه جواب السائل على ما سأل هذا فيما يظهر هو سبب صار المؤلف رحمه الله على هذه المسائل التي ذكرها في هذا النظم. المسائل التي تضمنها النظم تضمن ذكر ما يجب اعتقاده في صحابة وذكر ما يجب اعتقاده في القرآن. وذكر ما يجب اعتقاده في نصوص الصفات عموما. وذكر ما يجب اعتقاده في رؤية الله تعالى وذكر ما يجب اعتقاده في بعض مسائل اليوم الاخر. هذه مجمل المسائل التي ذكرها بهذا النظر. نلاحظ انه لم يذكر شيئا مما يتعلق بالايمان بالرسل ولم يذكر شيئا مما يتعلق بالايمان بالملائكة ولم يذكر شيئا مما يتعلق بالايمان بالقدر. هذه الاصول لم يتعرض لها المؤلف رحمه الله. ذكر المؤلف ما يتعلق بالايمان بالله تعالى بعض المسائل المتعلقة بالايمان بالله تعالى. بعض المسائل المتعلقة بالايمان باليوم الاخر بعض المسائل المتعلقة بالكتب. فذكر ثلاثة اصول وترك ثلاثة اصول. يعني من اصول الايمان. وذكر ما يتعلق الصحابة وهو من توابع مسائل الايمان ويتصل بالايمان بالرسل له نوع صلة بالايمان بالرسل لان الصحابة فظلهم وما ثبت لهم من المكانة انما هو لصحبتهم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فهو مما يتعلق او من متعلقات الايمان بالرسل. ولكنه لا يصنف في الجملة من جملة ما يتعلق بالايمان بالرسل. لكنه من توابع هذا الباب. ومن لواحق هذا الاصل. المؤلف رحمه الله قال يا عن مذهبي وعقيدتي لم تفتتح هذه المنظومة ببسملة كما جرى عليه العمل واما البسملة التي في النسخة التي معكم لعلها من الناسخ او الناشر او من بعض النساخ لكن في اكثر المصادر التي ذكرت فيها هذه المنظومة لم تفتتح بالبسملة ولعل ذلك اما لكون النساخ لم يذكروها او لاهتمام الشيخ بالجواب المهم لا ندري ما هو السبب لعدم الافتتاح مع ان العادة الجارية في كلام اهل العلم ان كلامهم يفتتح بالبسملة. يقول رحمه الله يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي وهذا فيه خطاب ونداء السائل الذي وجه اليه السؤال وبين ان السؤال وقع عن امرين عن المذهب والعقيدة وقوله رحمه الله عن مذهب المذهب مصدر من ذهب يذهب ذهابا ومذهبا وهو ما اعتقده الانسان جازما او ظانا. هذا هو المذهب ما اعتقده الانسان جازما او ظانا ويطلق على المسائل القولية والمسائل الفعلية ويطلق ايضا على المسائل العقدية. والغالب في الاستعمال ان المذهب يتعلق بمسائل الفروع. لا بمسائل الاصول. يعني بمسائل الاحكام في العبادات والمعاملات. ولذلك يقال مذهب مالك ومذهب احمد ومذهب ابي حنيفة ومذهب الشافعي ومذهب الاوزاعي ومذهب الثوري ومذهب الطبري واهل النجار. فهو في الغالب يطلق على مسائل الفروع ولكن جرى اطلاقه على مسائل الاعتقاد في كلام اهل العلم فيقولون مذهب السلف اي منهجهم وما ذهبوا اليه وما اعتقدوه وقوله رحمه الله وعقيدة هذا العطف من باب عطف الخاص على العام فان العقيدة هي جزء من المذهب قد تقدم قبل قليل ان المذهب هو ما اعتقده الانسان جازما او ضانا. واما العقيدة فغالبها يتعلق بما طوى عليه الانسان قلبه من الاعتقاد ما طوى الانسان عليه قلبه من الاعتقاد والعقيدة تكون في امور يقينية وتكون في امور ظنية يعني ليس من لازم الاعتقاد ان يكون مبنيا على يقين بل قد يكون بناء الاعتقاد على امر ظني غالب. فان الشريعة جاءت باعمال لغلبة الظن في حال تعذر اليقين. وهذا لا فرق فيه بين مسائل الاعتقاد وبين مسائل العمل اي لا فرق فيه بين مسائل الاصول وبين مسائل الفروع فالجميع يكون منه ما هو ظني ومنه ما هو يقيني. فمثلا اعتقاد علو الله تعالى هذا من المسائل اليقينية اعتقاد ان القرآن كلام الله تعالى هذا من المسائل القطعية اليقينية اعتقاد ان لله ساقا هذا من المسائل الظنية وليس من المسائل القطعية لاختلاف اهل العلم من السلف في تفسير قوله تعالى يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون. فهذه اختلف العلماء في معنى الساق هل هي الساق التي هي صفة الله تعالى ام الساق بمعنى الشدة كما ذكر ابن عباس فهذه من المسائل الظنية وليس من المسائل القطعية اليقينية كذلك مسائل العمل فيها ما هو ظني وفيها ما هو يقيني فوجوب الصلاة على كل مسلم عاقل بالغ يقيني او ظني يقيني لكن وجوب صلاة الاستسقاء او صلاة الكسوف مسألة ظنية فيها خلاف بين اهل العلم. فمسائل الاصول ومسائل الفروع انصحها هذا التقسيم كلاهما فيه ما هو قطع وفيه ما هو ظني فلا يلزم في الاعتقاد ان تكون جميع المسائل يقينية بل منها ما هو ظني اغلبي بناء على القاعدة التي ذكرنا ان ما تعذر فيه اليقين يصار فيه الى غلبة الظن يقول رحمه الله يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي رزق الهدى من للهداية يسأل وهذا فيه الحث على السؤال والله جل وعلا قد امر بسؤال اهل العلم عند الجهل فقال تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون فامر الله تعالى بالسؤال كما انه جل وعلا امر بالتعلم فقال فاعلم انه لا اله الا الله واستغفر لذنبك فامر الله تعالى بالسؤال وامر بالتعلم والسؤال طريق التعلم المؤلف رحمه الله شكر السائل على سؤاله وبشره باصابة الهداية لحرصه على السؤال قال رزق الهدى من للهداية يسأل والسؤال هنا يحتمل انه السؤال الذي هو الاستفسار والاستفهام والاستبصار عما خفي عليه من العلم ويحتمل ان المراد بالسؤال هنا الدعاء دعاء الله تعالى بالهداية هو اعظم الادعية والاسئلة وذلك جعله الله تعالى في السورة التي يقرأها كل مسلم بل لا تصح الصلاة الا بقراءتها كما قال الله تعالى اهدنا الصراط المستقيم وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب كما في الصحيحين من حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابي هريرة كل صلاة لا يقرأ فيها بام القرآن فهي خداج وذلك لما تظمنته هذه السورة من المعاني اعظم المسائل ما تضمنته هذه السورة من سؤال الله تعالى الهداية لان الانسان لا ينفك عن حاجته الى الهداية مع كل نفس فليست الهداية فقط في حال من الاحوال بل في كل لحظة الانسان يحتاج الى هداية الله تعالى والهداية المسؤولة نوعان هداية الارشاد والبيان وهي التي يتضح بها الطريق وهداية التوفيق والالهام وهي التي يحصل بها سلوك هذا الطريق وكلاهما مسئول المؤلف يقول رزق الهدى من للهداية يسأل اذا كان مؤلف يريد بالسؤال هنا الدعاء فهو يبشر بان الله تعالى سيهدي من دعاه وسأله الهداية ان يوفقه الى نوعي الهداية هداية الارشاد بتوضيح الحق وبيانه وهداية التوفيق والالهام بالاعانة على سلوك هذا الصراط وسلوك هذا السبيل وقد بشر الله تعالى بذلك في قوله جل وعلا والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا والجهاد هنا يشمل انواع الجهاد كلها يشمل جهاد النفس وجهاد الكفار وجهاد المنافقين وجهاد العصاة فجميع انواع الجهاد داخلة لعموم الاية وكله جهاد في الله تعالى والذين جاهدوا فينا اي لاجلنا لنهدينهم سبلنا ومنه الجهاد في لتعلم العلم وتحصيله فانه من الجهاد في سبيل الله. فالذي يجهد في طلب الحق والهدى لا بد ان يوفق اليه اذا منه النية. اذا اذا كان السؤال بمعنى الدعاء فهذا بشارة من المؤلف رحمه الله بان من سأل الله تعالى صادقا الهداية فلا بد ان يوفقه الله تعالى الى النوعين. وان كان المقصود بالسؤال هنا الاستفهام ومراجعة اهل العلم فيما اشكل فالمقصود ان من سأل الارشاد فسيجد من يرشده ويبصره بالصواب. اما هداية التوفيق والالهام فهذه ليست لاحد. قال الله تعالى لرسوله انك تهدي من احببت ولكن