الحمد لله رب العالمين احمده جل في علاه واثني عليه الخير كله. واشهد ان لا اله الا الله رب العالمين اشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين. اما بعد فحياكم الله مرحبا بكم ايها الاخوة والاخوات. يقول الله جل في علاه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. هذه الاية هي اول اية ذكر الله تعالى فيها هذا الفرظ العظيم ذاك الركن الذي لم تخلو امة من الامم من فرظه ومطالبتهم به. هذه الاية ذكر الله جل وعلا فيها فرض الصيام لكنه ذكره على وجه ينبئ عن عظيم رحمة الله جل وعلا وكبير احسانه وكبير عنايته بخلقه وهو الرب الغني عن عباده فالاولون والاخرون لو كانوا على اتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك في ملك ربنا شيئا. كما لو كانوا على افجر قلب رجل واحد من الخلق ما نقص ذلك من ملك الله شيئا. فالله هو الغني يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد جل في علاه مع هذا يذكر الله تعالى هذا الفرظ على وجه من الرقة والتدرج والتأنيس والحذف يجعل المؤمن المقبل على ربه جل في علاه. الراغب فيما عنده منقادا بكل انشراح مقبل على يكون مقبلا على الله تعالى بكل طمأنينة وارتياح. يا ايها الذين امنوا فهو خطاب باهل الايمان. يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم. فهذا فرض فرضه الله تعالى على الناس وفرضه على اهل الاسلام خاصة في هذه الاية واخبرهم بان هذه الفريضة ليست ليست مبتدئة في هذه الامة بل هي من الفرائض التي فرضها الله تعالى على السابقين من الامم. فقال جل في علاه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم والتمثيل هنا في اصل الفرضية لا في صفتها صفة الصوم تختلف من امة الى امة بل في امة الاسلام لم تكن صفة الصيام على وجه واحد بل تغيرت على مراحل كما هو معلوم في تشريع هذه الفريضة. الا ان الله جل في علاه قال في هذه الاية كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. فبين الله او تعالى الغاية والسر والسبب والعلة والحكمة من فرض الصوم. وهنا اقف ويجب على كل مؤمن يرغب في ان تكون نشيطا في طاعة الله تعالى ان يقف عند هذا التعليل القرآني. هذا التعليل الرباني لهذه الفريضة. لعلكم تتقون اي لاجل ان تحصلوا على التقوى. اذا الله تعالى فرض هذا الصوم على مشقته وهو حبس النفس عن المفطرات من وعشان من طلوع الفجر الى غروب الشمس. لغاية وحكمة ما يفعل الله بعذابكم ان شكرتم وامنتم. ليس هذا المنع لغاية سوى ان تطيب نفوس المؤمنين وان تزكو وتصلح بالتقوى. لهذا سل نفسك لماذا فرض الله تعالى عليك الصوم؟ بل فتش عن الغاية والحكمة والسر والسبب. في الصوم في عملك هل هذا الصوم حقق الغاية؟ وحقق المقصود من الصيام فالله تعالى يقول لعلكم تتقون. فهل صومك وهل صومك مما يحقق التقوى؟ ان للتقوى في هذا الشهر مزايا ولهذا ينبغي للمؤمن ان يفتش عن علامات سمات التقوى في عمله في هذا الشهر لعله ان يفوز باكبر نصيب فنحن في سباق والليالي والايام تتعاقب ونحن في اول الشهر سرعان ما يؤذن بارتحال وانقضاء ولهذا الراشد العاقل هو الذي يستكثر من الخيرات. فاستبقوا الخيرات كما امر الله تعالى بذلك في غير ما اية من كتابه الحكيم ان المؤمن يبحث عن اسباب التقوى. فكيف يكون الصوم منتجا للتقوى؟ لا سيما صوم هذا الشهر وان كان الصوم عموما في هذا الشهر وفي غيره من اسباب التقوى لكنه في هذا الشهر على وجه الخصوص التقوى علاماتها فيه ظاهرة ولهذا شهر التقوى وقد قال الشاعر فطوبى لمن كانت التقوى بضاعته في شهره الاعمال مشتغلة. طوبى لمن كان مشتغلا بما يقربه الى الله تعالى متحليا بالتقوى في قوله وفي عمله وفي سائر شأنه ان من اسباب التقوى في هذا الشهر انه شهر يكف الانسان فيه نفسه عن ما امره الله تعالى بان يكف عنه في طعامة وفي مشربة وفي ملذاته من النكاح ونحوه وهذا كله طاعة لله. هذا كله رغبة فيما عند الله الله جل وعلا. ولهذا كان العطاء كبيرا عظيما. فقد جاز اجر الصيام قانون التقدير والحساب صوم لي وانا اجزي به. عطني عمل. يقول فيه الرب جل وعلا الصوم لي وانا اجزي به. كل الاعمال في غالبها جاء بيان اجرها وثوابها الا ان هذا العمل قد استأثر الله تعالى به ولهذا قال ابن العربي رحمه الله في بيان اجر الصيام قال جاز قانون التقدير والحساب اي تعدى كل قانون يحسب به الاجر وذلك انه بين العبد وربه. فلما كان من العبد وربه استأثر الله تعالى بالاثابة عليه فلم يطلع على ذلك احد. ويكفي ان الاجر عند من بيده خزائن السماوات يكفي ان الاجر من الله الذي له الاولى والاخرة سبحانه وبحمده. ولهذا يقول في سر هذا الصوم يدع هذا الاجر للصيام يقول يدع طعامه وشرابه وشهوته من اجلي. هكذا في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه يدع طعامه وشرابه وشهوته من اجلي. اتظنون ان نفسا مرنت وتدربت على ترك الملذات والمشتهيات سر وليس جهارا فالصوم بينك وبين الله لا يطلع عليه احد. لا يشرف عليه رقيب ولا يتابعه محاسب هو بينك وبين الله تعالى اتظنون ان نفسا تتمرن على حجب نفسها عما يغضب الله تعالى شهرا كاملا. لا يثمر هذا في عملها تقوى ولا يثمر في عملها زكاة ومراقبة في سائر العام. ان من امتنع عما يشتهي سرا دون ان يطلع عليه احد سيمتنع عما يكون من المعاملات التي بينه وبين الناس مما حرم الله تعالى على الناس كافة هذا من اعظم ثمار هذا الشهر ان يربي في نفوس الناس التزكية والتقوى. ان التقوى تحصل في هذا الشهر بكثرة الاعمال صالحة فهو شهر الصيام. فمن صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. شهر القيام من قام رمظان ايمانا واحتسابا غفر له او ما تقدم من ذنبه. شهر الانفاق فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم اجود الناس وكان اجود ما يكون في شهر رمضان. كل هذا يثمر على ذكاء فالحسنة تجر اختها والسيئة تذهب بالحسنات كما قال الله تذهب بسبب كثرة الحسنات كما قال الله تعالى واتبع السيئة وكما قال الله جل وعلا في امره بالصلاة اقم الصلاة او اقم الصلاة قفل النار والنهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات. ان الحسنات يذهبن السيئات. فتضيق دائرة السيئات في الاعمال وتضيق دائرة السيئات في الثواب الجزاء لانها ضاقت في الواقع والعمل. ان من اسباب حصول التقوى اعانة الله تعالى للعباد في هذا الشهر بان حجز عنهم عدوهم حجز عنهم عدوهم الذي لم يترك خيرا الا صدهم عنه ولا جرا الا رغبهم فيه. كما وصف الله تعالى حاله في قوله فلاتينهم من بين ايديهم ومن ولا قدرنا لهم المستقيم ثم لاتينا من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين يعني لا تجد اكثرهم عابدين لانه حيل بينهم وبين العبادة بسبب هذا الكيد الكبار وهذا المكر المتتابع وهذا العداء المستطيل الذي يتسلط فيه قطان على الانسان فيعيقه في سيره الى الله تعالى. ان المؤمن يستكثر من الخيرات ويفرح آآ اسباب التقوى في هذا الشهر فان الله تعالى اعانه وكان هذا من اعظم اسباب الخير له اذا لم يكن عون من من الله للفتى فاول ما يجني عليه اجتهاده. اذا تقوى الله تعالى تحصل في هذا الشهر بالصيام. تقوى الله تحصل بسائر الاعمال الصالحة. تقوى الله تحصل ايضا تمرين الانسان نفسه على ان يكفها عما يكون سببا لما يغضب الله جل وعلا ثم ايضا يكون باعانة الله جل وعلا للعبد ان حجز عنه عدوه ومنع بينه وبين انا الذي قعد له على هذا الصراط. ان من غابت عنه اسباب العبادات واسرارها وحكمها يفوتها خير كثير. ولهذا اقول يجب ان نقف عند قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الامام البخاري في صحيحه من حديث ابي هريرة من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. لعلكم تتقون لا يمكن ان تتحقق في شخص اطلق للسانه العنان في صيامه. فاغتاب وكذب وحلف زورا ونما وقال جميع ما يقال من القول السيء بالسب والشتم او الدعوة لغير الله او ما الى ذلك او صد عن سبيل الله. فكل هؤلاء قالوا زورا فصيامهم منقوص. كما ان ذاك الذي اعمى جوارحه بالزور وهو الباطل. قد قصر في تحقيق التقوى ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ليبين انه ليس الصوم ان تمنع نفسك عن طعام وشراب ونكاح ثم تطلق لسانك العنان بجوارحك العنان في كل ما يغضب الله تعالى. من لم يدع قول الزور اي القول الباطل والعمل به. فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا صياما يرضى به عنا وان يعيننا واياكم على الصالحات. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين