الذي فصل فيه حال الانسان مع هذه الدنيا وان تمكنه منها لا يمنع نزول ما قضاه الله وقدره وما اراده وحكم به جل في علاه كذلك اي مثل هذا التفصيل امثال قرآنية امثال قرآنية. ظرب الله تعالى الامثال في محكم كتابه وامر عباده ان يستمعوا اليها ليتدبرها المؤمنون ويعقلها العالمون. قال جل في علاه اضربها للناس وما يعقلها الا العالمون امثال قرآنية امثال قرآنية. برنامج من اعداد وتقديم. الشيخ الدكتور خالد ابن عبدالله المصلح اخراج عبدالله بن محمد السلمان. الحمد لله رب العالمين احمده جل في علاه خلق الحياة الدنيا ليبلونا اينا احسن عملا احمده جل ذكره لا احصي ثناء علي كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله وخيرته من خلقه بعثه الله بين يدي الحق بشيرا ونذيرا وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنة واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فاهلا وسهلا ومرحبا بكم ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم امثال قرآنية في هذه الحلقة سنتناول ان شاء الله تعالى قول الله جل وعلا انما مثل الحياة الدنيا كما ان انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن بالامس كذلك نفسر الايات لقوم يتفكرون هذا المثل العظيم الذي ذكره الله تعالى في هذه الاية المباركة هو من جملة الامثال التي جعلها الله تعالى عبرة لاولي الالباب والعقول ذكر الله تعالى فيها مثل الدنيا وحالها وحال الانسان معها ثم انه بين ما تصير اليه وما تنتهي اليه وهذا المثل هو في جملة امثال ذكرها الله تعالى ممثلا حال الدنيا فمن ذلك قوله جل وعلا واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا وقد ذكر الله جل وعلا امثال هذا المثل الذي يتضمن التزهيد في الدنيا وبيان انقضاء احوالها وتغير حالها وانها دار زوال ليست دار مقام فكان من ذلك ما كان من الوعظ والتذكير والعبرة والاعتبار الا ان المثل الذي ذكره الله تعالى في هذه الايات الحكيمة وهي الاية التي بين ايدينا قوله جل في علاه انما مثل الحياة الدنيا كما ان انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام حتى اذا اخذت الارض زخرفها وزينت وظن اهلها انهم قادرون عليها. اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس. هذا المثل يختلف عن تلك الامثال التي زهد الله تعالى فيها عن الدنيا. ورغب فيها في الاخرة وبين فيها ان هذه الدار دار غرور ودار عبور ليست دار قرار واستقرار الفارق بين المثل في هذه الاية وغيرها من الامثال ان الله جل وعلا مثل فيها زخرف الدنيا وحال الانسان مع هذا الزخرف عندما يتمكن منه ويقدر عليه ويكون له القوة في تصريفه كيف ان هذا التمكن وتلك القوة لا تغير من حال الدنيا شيئا فان حالها لابد وان يتغير وهي دار زائلة فانية لا يبقى اهلها ولا يبقى نعيمها بل هي سريعة التقضي واذا انقضت لا سبيل الى رجوعها ولا الى استرجاع ما فات منها لهذا ينبغي ان يستحظر هذا كل مؤمن بل كل انسان مهما عظمت قدرته ومهما بلغ تصرفه في امور الدنيا فان الله جل وعلا غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون فملك الانسان وقدرته وتسخير الكون له لا يعني ان هذه الدنيا باقية بل هي دار زائلة فانية. ولهذا قال جل في علاه بهذا المثل بعد ان ذكر زخرف الدنيا ونباتها ونظرتها وزينتها. قال وظن اهلها ها انهم قادرون عليها قادرون عليها اي متمكنون منها. في ادارتها وفي تصريفها وفي حفظها اتاها امرنا ليلا او نهارا فتلك القدرة وذلك التمكن لم يمنع من نزول ما قضاه الله تعالى وقدره. فالله غالب على امره. وقد جعل الله لكل شيء فتمكن الانسان من هذه الدنيا وقدرته على تصريفها وتسخير اسبابها لمصالحه ومنافعه لا يغير في الامر شيئا يقول الله تعالى انما مثل الحياة الدنيا هذه الحياة بايامها ولياليها مثلها كمثل ما ان انزله الله تعالى من السماء فكان هذا الماء منتجا ما يحبه الناس من الرغبة في زينة الدنيا وزخرفها فاختلط به نبات الارض نشأ من هذا الماء نبات على شتى صنوفه وتفنن انواعه يسقى بماء واحد يخرج على الوان شتى وصنوف عدة واطعم متفرقة مما يأكل الناس والانعام من الحبوب والثمار وغير ذلك من الطعام للادميين ومن طعام بهيمة الانعام حتى اذا اخذت الارض زخرفها كملت في زينتها وبلغت الغاية في بهجتها وبهائها وفتنت اهلها وتمكن منها القائمون عليها حيث ظنوا انهم قادرون عليها كما قال وظن اهلها اي المقبلون عليها المشتغلون بها العاملون لها ظنوا انهم لا زوال لهم وان قدرتهم قد تمت وكملت على تصريف شؤون الدنيا. يقول الله جل وعلا اتاها امر ليلا او نهارا. اتاها امرنا اي ما قدره الله جل وعلا. سواء كان ذلك بالعقوبات او بالمهلكات او بغير ذلك من اسباب الزوال والفناء ليلا او نهارا على حسب ما قدره الله جل وعلا وقضاه وامر الله غالب لا مغلوب وامر الله نافذ لا يرده شيء وقد قظى جل في علاه ان هذه الدنيا هالكة كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام فقد قال الله جل وعلا اتاها امرنا ليلا او نهارا فلا فرق بين ليل او نهار في نفوذ امر الله جل وعلا. بل امره غالب. واذا جاء امر الله انتهى كل سبب وزال كل مانع وانقضت كل حجة وغابت كل حيلة في دفع ما قضاه الله تعالى وقدره. لذلك قال فجعلناها حصيدا اي دارا محصودة يابسة ذاهبة لم يبقى من تلك النظرة في شيء ولم يبق من ذلك البهاء شيء بل كل ذلك زال وانتهى واجتث وذهب حاله كحال الشيء الذي لم يكن لذلك قال جل وعلا كان لم تغن بالامس. عادت خرابا كان لم تعمر بالامس كان لم تقم على صورة بهية ومنظر خلاب يقول جل وعلا بعد ذلك المثل في التمثيل والتوظيح والبيان يبين الله تعالى الايات ويوضحها لبيان احوال ما شاء بيانه ومن ذلك بيان حال الدنيا كما في هذا المثل حال الدنيا العجيبة التي من بديع الشأن في خلقها ان تكتمل حتى تبلغ الغاية في كمالها. ثم ما يأتيها امر الله جل وعلا يفنيها ويزيلها ويذهب بما فيها. كذلك نفسر الايات والايات هنا ايات الكتاب الحكيم وكذلك ما جعله الله تعالى من الشواهد القائمة والدلائل الظاهرة التي تدل على صدق ما اخبر الله تعالى به من حال الدنيا. وايات الله عديدة كثيرة الناس عنها معرضون في غالب احوالهم كما قال جل وعلا وكأي من اية في السماوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون لكن الله جل وعلا فصل هذه الايات بينها وظحها ونوعها وصنفها لقوم يتفكرون يستعملون قلوبهم وعقولهم في الاعتبار والادكار والفكرة والنظر وهذا هو حال المستفيدين اما من مر على الايات دون نظر ولا اعتبار فانه يمر عليها كما يمر على غيرها. لا تؤثر فيه عبرة ولا تثمر له فكرة ولا اله ايمانا ولا تزيد قلبه صلاحا بل هو عنها غافل فينبغي للمؤمن ان يعتبر وان ينظر حال الدنيا وحال التحولاتها وتقلباتها وان اقواما ملكوها وتمكنوا منها غاية التمكن حتى غدا في اذهان الناس انه من المحال ان يضعف سلطانهم او ان يزول ملكهم فما ان جاء القدر وحل ما اراده الله تعالى من قضاء وشأن الا وقد ذهبت الحيل وزال كل ما ظن انه نافع او انه مانع من ان يحل ما قضاه الله وقدره اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقنا قلوبا حية واعينا باصرة وافئدة راشدة تدرك هذه الايات وتعتبر بها ولا تغتروا بالدنيا وما فيها فان الدنيا مهما قويت ومهما زانت انما هي دار غرور ولا يغرنكم بالله الغرور. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم الهدى والتقى والعفاف والرشاد والغنى ان يعيننا واياكم على الرشد وان يوفقنا واياكم الى الخير والى ان نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم امثال قرآنية استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته