فالله تعالى قد ذكر حال هذا الذي اتاه اياته وبصره بما يوصله الى رحمة الله والى علو الدنيا ورفعة الاخرة. لكنه اعرظ عن ذلك وبه نعلم ان العلم لا يفيد اصحابه اذا لم يعملوا به امثال قرآنية امثال قرآنية. ظرب الله تعالى الامثال في محكم كتابه وامر عباده ان يستمعوا اليها ليتدبرها المؤمنون ويعقلها العالمون. قال جل في علاه اضربها للناس وما يعقلها الا العالمون امثال قرآنية امثال قرآنية. برنامج من اعداد وتقديم. الشيخ الدكتور خالد ابن عبدالله المصلح اخراج عبدالله ابن محمد السلمان. الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين. احمده حق حمده لا احيط بحمده فهو المحمود بكل لسان له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه لا احصي ثناء عليه كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الها جلت قدرته له الاسماء الحسنى والصفات العلى واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه رسولا بعثه الله على حين فترة من الرسل وانقطاع من السبل. هدى الله به من العمى اخرج به من الضلالة انار به الطرق الموصلة اليه. فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فاهلا وسهلا ومرحبا بكم ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة من برنامجكم امثال قرآنية وفي هذه الحلقة ان شاء الله تعالى سنتناول مثلا ذكره الله جل وعلا بل امر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ان يقرأه وان يتلوه على امته ليعتبروا ويتعظوا وينتفع من هذا المثل العظيم الذي به يتبين حال المهتدين بالقرآن والمستمسكين بالوحي من الله جل وعلا. وحال اولئك الذين انسلخوا منه وتركوه واعرضوا عنه فشتان بين الحالين وبين المآلين والمصيرين فريق في الجنة وفريق في السعير يقول الله جل في علاه في سورة الاعراف واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا ايتلو عليهم يا محمد خبر الذي اعطيناه اياتنا ويسرناها له فادركها وحصلها من الايات الشرعية ومن الايات الكونية في الافاق الدالة على الله جل وعلا فانسلخ منها اي خرج منها خروجا تاما كاملا كما يخرج اللحم من الشاة اذا سلخت وكما تنسلخ الحية من جلدها فلا يبقى شيء منه فاتبعه الشيطان اي لحقه بعد هذا الانسلاخ وتمكن منه واستحوذ عليه فكان نتيجة هذين العملين وهذين الامرين الانسلاخ من ايات الله جل وعلا بتركها والاعراض عنها وعدم الانتفاع بها وتمكن الشيطان بعد ذلك من الانسان كان من الغاوين اي صار هذا الذي يقص خبره رب العالمين علينا وقد امر رسوله بان يتلو خبره كان من الغاويين اي صار وانتهى شأنه الى ان كان من الغاويين والغاوي هو الذي اتبع هواه وترك الهدى الذي وقف عليه فان الغي اتباع الهوى والظلال ترك الهدى وهذا وصفه الله تعالى بالغي اي انه ترك الهدى اتباعا للهوى فكان على علم بالحق لان الله اتاه اياته وبين له الشرائع والاحكام بين له الدلائل الدالة على صدق الرسل وصدق حق الله تعالى على عباده بان يعبدوه وحده لا شريك له لكنه اعرض عن ذلك بل انسلخ منه انسلاخا تاما كاملا لم يبقى معه منه شيء فتسلط عليه الشيطان حتى صار على هذه الحال يقول الله جل وعلا في تتمة خبر هذا ولو شئنا لرفعناه بها اي لا اعلينا منزلته بهذه الايات التي اتيناه اياها وهديناه الهداية التامة بعد العلم وهو العمل بتلك الايات البينات فقد قال الله تعالى في محكم كتابه يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات وانما يرفع العلماء بعملهم بما جاء في هذا العلم الذي حصلوه فاذا عرضوا عنه لم يكونوا اهلا للرفعة والعلو والمنزلة بل هم اهل للذم واهل للمؤاخذة فالقرآن حجة لك او عليك ولكنه اخلد الى الارض مال اليها والى متعها وزخارفها فلم يرتفع الى ما يفيده العلم من المنازل العالية والاماكن الرفيعة الشريفة الكريمة لكنه اخلد الى الارض واظاف الى هذا الاخلاد اتباع الهوى واتبع هواه اي شهوة نفسه وميله ومحابه. ما مثل هذا الذي ذكر الله تعالى خبره انه كمثل الكلب يقول الله جل وعلا فمثله كمثل الكلب والكلب من ارذل الحيوانات نفسا. واخسها مكانة على ما فيه من المنافع لكنه يظرب مثلا للدنو والسفالة والنزول والحقارة ولذلك يقول الله تعالى كمثل الكلب ما وجه المشابهة بينه وبين هذا الذي انسلخ من ايات الله وتمكن منه الشيطان. يقول الله جل وعلا ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث هذه حاله في التعب والركض وعدم الطمأنينة والقرار فهو في لهث دائم واللهث هو التنفس الشديد الذي يصحبه اخراج اللسان وهذه هي حال الكلب طردته او لم تطرده امنته او خوفته حاله على وجه دائم من اللهث الذي لا ينقطع ولا يكف عنه هذا الحيوان. فكذا هذا الذي انسلخ من ايات الله واتبعه الشيطان واخلد الى الارض واتبع هواه لا تجد عنده سكونا ولا طمأنينة لا تجد عنده راحة ولا هدوءا بل هو في قلق ولها سن دائم لا يسكن ولا يستقر فمهما تمكن من المتع ومهما حصل من ملاذ الدنيا نفسه لا تسكن ولا تقنع ولا تقف عند حد بل هو في لهث دائم مستمر غير منقطع ذلك مثل القوم الذين كذبوا بايات الله هذا الذي ذكره الله تعالى من المثل هو مثل القوم الذين كذبوا بايات الله لم يصدقوها ولم يعملوا بها ولم يرفعوا بها رأسا بل هم عنها معرضون ولها مكذبون فاقصص القصص لعلهم يتفكرون اي اقصص يا محمد عليهم القصص والاخبار والامثلة التي ذكرناها لك رجاء ان يحصل منهم فكر رجاء ان يحصل منهم علم وجاء ان يحصل منهم الدكار والتعاظ ساء مثلا القوم الذين كذبوا باياتنا وانفسهم كانوا يظلمون وفي هذا الختم بيان سوء هذا المثل وسوء هذا الحال وسوء منقلب اولئك الذين ذكر الله جل وعلا تكذيبهم لاياته سواء كانت الايات العلمية الشرعية البيانية او كانت الايات الافاقية السماوية التي جعلها الله تعالى دليلا على صدق الرسالات ففي هذا المثل تشبيه من اثر الدنيا وعاجلها على الله والدار الاخرة بهذا المثل القبيح الذي تشمئز منه النفوس وتأنف منه الارواح الكريمة حيث انها حال رديئة سيئة وهذا المثل فيه من العبر والعظات ما يستوجب ان يقف عنده المؤمن بل يكون حجة عليهم وان اتباع الهوى من اعظم اسباب الوقوع في الشر وان الاستمساك بالهدي المبين والعلم النافع من اعظم اسباب الوقاية من الشيطان وكيده ومكره فان الله جل وعلا ذكر تمكن الشيطان من هذا بعد تركه وانسلاخه عن العلم حيث قال جل وعلا واتلوا عليه من الاباء الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فلما انسلخ منها وخرج عن الحصن الحصين صار الى اسفل السافلين بتمكن الشيطان فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين بعد ان كان راشدا مهديا بتلك الايات والبينات صار من الغاوين. وهذا لان الله تعالى خذله ووكله الى نفسه. ولهذا قال ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الى الارض الى شهواتها ومقاصدها واتبع هواه فترك طاعة الله تعالى وطاعة مولاه حتى صار الى هذه الحال ان العلم النافع سبب من اسباب الوقاية من كيد الشيطان فليلزمه الانسان وليحرص على العمل به فان ذلك من اسباب وقاية العبد من كيد الشيطان ومكره. اللهم من حال اهل النار وقنا شر الاشرار واسلك بنا سبيل الابرار. اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم زينا بزينة الايمان وفقنا الى اصلح الاعمال يا ذا الجلال والاكرام. والى ان نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم امثال قرآنية استودعكم الله الذي لا تظيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته