فينبغي ان يعلم ان النزول الذي يثبته اهل السنة والجماعة بلا كيف كما قال المؤلف رحمه الله والى السماء بغير كيف ينزل وهذا لا يختص مسألة النزول بل يعم كل صفات من ان لكل حي عامل في قبره في مكان دفنه عمل يقارنه هناك قال ويسأل يسأل ان يسأل عن عمله وذلك في الفتنة التي تكون في القبر. وقد دلت عليها الادلة وذلك ان قال الله تعالى ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون. والعذاب الادنى هو ما يكون في القبر كما قال ذلك جماعة من اهل التفسير. وكذلك قوله تعالى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا عظيم مكانتهم ليس لهم قول عند اجتياز الصراط الا قولهم اللهم سلم سلم يقول رحمه الله والنار اصلاح الشقي بحكمة وكذا التقي الى الجنان يدخل ذكر مؤلف رحمه الله بعد انقسام الناس في مرورهم على الصراط انقسام الناس في المآل والمرجع فالناس يوم القيامة ينقسمون الى قسمين قسم في الجنة وقسم في النار كما قال الله تعالى فريق في الجنة وفريق في السعير ليس هناك قسم ثالث انما هما قسمان وهذا اكثر ما ذكره الله تعالى في كتابه ان الناس ينقسمون باعتبار المآل والمنتهى الى هذين القسمين. واشار المؤلف رحمه الله الى ذلك فقال والنار يصلحها الشقي يصلاحها اي يلازمها من الصلي وهو الملازمة والدوام فقول يصلاها اي يلازمها يقيم فيها اقامة دائمة. والنار يصلاها الشقي بحكمة البه هنا للسببية او للمعية وان هذا هذه الملازمة ليست ظلما انما هي بحكمة الله تعالى ومن حكمته الا يعذب من لا يستحق العقوبة. وهذا يدل على ان هذه العقوبة وهذه الملازمة من مقتضى حكمته وعدله جل وعلا. فلا يدخل النار ولا يصلاها الا من استحقها. واقيم عليه من الشهود ما تنقطع به كل حجة وتضمحل به كل شبهة وتزول به كل علقة يتعلق بها اصحاب النار للنجاة فانهم يدخلون وهم مقرون باستحقاقهم للعذاب ثم قال وكذا اي ومثل ذا التقي الى الجنان سيدخله. مثل ذا في بيان المنتهى والا فرق شتان بين اهل النار واهل الجنة والنار هي الدار التي اعدها الله تعالى للكافرين كما هو معلوم وهي في الاصل للذين كفروا لكن قد يدخلها من يدخلها من اهل التوحيد تمحيصه وتخليصه ثم يؤول وينتهي به الامر الى الجنة. قال وكذا التقي التقي هو القائم بما امر الله تعالى به المنتهي عما نهى الله تعالى عنه رغبة ورهبة. وذلك مأخوذ من تعريف التقوى فالتقوى هي قيام العبد بما امره الله تعالى به وتركه ما نهاه عنه رغبة ورهبة خوفا وطمعا. فقول التقي يعني القائم بما امر الله تعال المنتهي عما نهى عنه جل وعلا رغبة فيما عنده و رهبة من عذابه. قال اذا الجنان الجنان جمع جنة. والجنة باسم لدار النعيم الكامل التام اسم لدار النعيم الكامل التام التي اعدها الله تعالى لعباده المتقين وجمع المؤلف رحمه الله الجنان اتى بذكر الجنة على صيغة الجمع وذلك ان الجنان متفاوتة ومتنوعة وليست واحدة كما قص ذلك وبينه جل وعلا في سورة الرحمن قال الله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم بعد ذلك بعد ان قص ما في فيه ما قال ومن دونهما جنتان. فبين الله جل وعلا تعدد الجنان وذكر الله تعالى الجنة مجموعة في مواضع عديدة من كلامه سبحانه وبحمده فالمقصود ان الجنان الجمع باعتبار التعدد وانها جنان متعددة وليست واحدة لكن اذا افردت فالمقصود الجنس جنس الجنة قال رحمه الله وكل التقي الى الجنان سيدخل عيسى يؤول وينتهي امره الى الجنة. والناس متفاوتون في دخولهم الجنة فمنهم من يبادر اليها ومنهم من يحبس عنها ومنهم من يناله العذاب قبل ان يدخلها فدخول الجنة اليس على درجة واحدة انما يتفاوت في ذلك الناس تفاوتا عظيما على حسب ما معهم من الاعمال. ثم قال المؤلف رحمه الله الله بعد ذكر اقسام الناس فيما يتعلق المآل والمصير. قال رحمه الله والمؤمنون يرون حقا ربهم المؤمنون جمع مؤمن وهم كل من اقر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره فمن حقق الايمان دخل في هذا الوصف والايمان هو الاقرار المستلزم للاذعان والقبول. فمن اقر اقرارا مستلزما للاذعان والقبول فانه مؤمن قال والمؤمنون يرون حقا ربهم يرون حقا ربهم وهذا فيه اثبات الرؤية وتأكيد ذلك وان الرؤيا رؤية حقيقية ليست مؤولة ولا متوهمة بل هي رؤية حقيقية لله تعالى فقول حقا هذا اثبات للرؤية حقيقة وانها رؤية لا يدخلها شك ولا يدخلها صرف لللف عن ظاهره كما يفعله من ينكر الرؤية من اهل البدع فالمؤمنون يرون الله تعالى كما دلت على ذلك الاثار. قال الله تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة وقد جاء تفسير الزيادة بانها النظر الى الله تعالى كما جاء ذلك فيما رواه مسلم من حديث صهيب رضي الله عنه في رؤية المؤمنين الله تعالى حيث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل اهل الجنة الجنة ناداهم مناد يا اهل الجنة هل لكم شيء تريدون؟ فيقولون الم تبيض وجوهنا الم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار فيضع الله تعالى الحجاب عن وجهه جل وعلا فيبصرها للجنة فلا يأتيهم اعظم ولا احب من رؤية الله جل وعلا فيكون اعظم نعيمهم رؤية الله جل وعلا ويدل لذلك اصلح اية في الدلالة على رؤية الله تعالى رؤية المؤمنين لربهم جل وعلا قوله جل وعلا وجوه يومئذ ناظرة الى ربها ناظرة وكذلك الاية التي تقدمت للذين احسنوا الحسنى وزيادة وكذلك قول الله تعالى كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فهذه ايضا مما استدل بها الائمة على رؤية المؤمنين لربهم لان الله تعالى ذكر في جملة عقاب اهل الكفر انهم يحجبون عن الله تعالى. فدل ذلك على ان من الناس من لا يحجب وهم اهل الايمان والادلة على هذا كثيرة جاءت من حديث جرير ابن عبد الله ومن حديث ابي هريرة وحديث ابي سعيد وحديث انس حديث صهيب و حديث ابي سعيد كل هذه احاديث في اثبات رؤية المؤمنين لربهم جل وعلا. ولذلك اجمع اهل الاسلام على اثبات هذه الصفة هذه الميزة وهذه المنة والمنحة من رب العالمين لاهل الايمان. وقد ظل في هذا طوائف كالمعتزلة والجهمية فانهم انكروا الرؤيا وقالوا ان الرؤيا هي رؤية النعيم ورؤية الثواب وما الى ذلك من التأويل الذي صرفوا به اللفظ عن ظاهره وظل في ذلك ايضا الاشاعرة فقالوا انه يرى من غير مواجهة. يرى من غير مواجهة وهذا قول باطل يخالف النصوص ويخالف العقل ولذلك عد هذا القول من المضحكات. لانه لابد في الرؤية من من مواجهة ولابد ان يكون المرء في جهة قد رد اهل السنة واهل العلم على هذا القول وفندوه وعلى كل حال مسألة الرؤية ثابتة لا اشكال فيها وما استدل به النافون للرؤيا من قوله تعالى لن تراني وقوله تعالى لا تدركوا الابصار هذا استدلال في غير محله. فان قوله جل وعلا لن تراني هذا في الدنيا. وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في الصحيح وعلى اعلموا انه لن يرى احد منكم ربه حتى يموت في ذكر فتنة الدجال و اما قوله تعالى لا تدركه الابصار فهذا حقيق وصحيح. فنحن نثبت الرؤيا لكن ننفي الادراك. ومعنى ادراك الاحاطة. والله تعالى لا يحاط به علما كما انه لا يحاط به بصرا فالابصار لا تدركه الا تحيط به ان تترشح اي وتنظر اليه ومع ذلك لا تدركه فكلنا يرى النجوم لكن لا يدرك لا يدركها ادراك انت اما كلنا يرى القمر ليلة البدر واظحا جليا لكن لا يدركه. ويعرف اه تفاصيله ودقائقه ويحيط به احاطة تامة فرق بين نفي الادراك الذي يستلزم الاحاطة وبين اثبات الرؤية. فالذي اثبتته النصوص هو الرؤيا. والذي نفته هو الايمان الادراك الذي هو الاحاطة قال رحمه الله والمؤمنون يرون حقا ربهم هذا يفيد ان الرؤيا خاصة بالمؤمنين فلا يرى الله جل وعلا غير المؤمنين. واختلف اهل العلم في رؤية الكفار والمنافقين لله تعالى في ارض المحشر. بعد اتفاقهم على انه لا يراه في الجنة الا المؤمنون. لانه لا يدخلها الا اهل الايمان والرؤيا نوعان رؤية تكون في عرصات يوم القيامة ورؤيا تكون بعد دخول الجنة التي بها النعيم واكمال الفضل والاحسان هي التي تكون في الجنة ما الرؤية التي في ارض المحشر فهي رؤيا رؤية تعريف وليست رؤية تنعيم تام كامل لان التنعيم التام الكامل لا الا في الجنة. واما قبل ذلك فهو نوع نعيم لكنه فرق وشتان بينه وبين ما يكون في الجنة. ولذلك اذا رأوه في الجنة تكون رؤياهم لله تعالى اعظم من كل نعيم ينعمون به ويجزون به. اما في ارض المحشر فقد اختلف العلماء رحمهم الله في رؤية الكافرين لله عز وجل. فذهب الجماعة انه لا يراه كفار فلا يراه في ارض المحشر الا المؤمنون. وذهب جماعة انه يراه المؤمنون والمنافقون دون الكفار ذهب جماعة من اهل العلم الى انه يراه كل اهل المحشر. مع تفاوتهم في الرؤية. فمنهم من يراه رؤية تنعيم ومنهم من يرى رؤية تعذيب وتحسير كرؤية الكافرين فانهم يرونه ثم يحتجب عنهم كما دل عليه قوله تعالى كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون والحجب يقتضي عدمه قبل ذلك. والذي يجب استحضاره ان الاجماع منعقد انه لا يرى الكفار الله تعالى رؤية تنعيم. فالذين قالوا بانه الكفار يرون الله تعالى فلا يقول بانهم يرونه رؤية تنعيم انما يقولون يرونه لكنها رؤية تحسير وتعذيب وتبكيت وتوبيخ فهي عليهم حسرة ليست عليهم منة ومنحة. سواء كان في الكفر الظاهر او في النفاق. المقصود هذا خلاف اهل العلم رحمهم الله في مسألة آآ الرؤية فينبغي استحضار ان هذه الرؤيا التي تثبت الكفار على قول من يقول بها ليست رؤية تنعيم الجهة الثانية التي ينبغي استحضارها في هذه المسألة انه لا يجوز اطلاق رؤية الكفار لله تعالى. يعني لا يجوز ان يقول القائل الكفار يرون ربهم لان هذا اولا يوحي بالتنعيم ولان هذا لم يأتي به نص فكون الاطلاق يوهم التنعيم ويوهم الاكرام ينبغي منعه ثما انه ليس هناك نص فيه اطلاق هذه الرؤية بل لا بد من تقييد انها رؤية تحسين تعذيب وتوبيخ ندامة وحسرة ليست رؤية تنعيم وهذا الامر الثاني يجب التنبه له في هذه المسألة. ثم قال رحمه الله والى السماء بغير كيف ينزل الى السماء المقصود بالسماء السقف محفوظ وليس المقصود به مطلق العلو لانه جل وعلا العلي العظيم فهو القاهر فوق عباده على كل حال. انما المقصود بالسمع هنا السقف المحفوظ. قال والى السماء بغير كيف اي دون تكييف ينزل اي ينزل رب العالمين. وقد جاء الخبر بذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في الصحيح من حديث الزهري عن ابن المسيب عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ينزل ربنا الى السماء الدنيا كل ليلة في ثلث الليل. فيقول هل من داع فاستجيب له؟ هل من سائل فاعطيه؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ وهذا النزول يثبتها اهل السنة والجماعة بلا كيف كما قال المؤلف رحمه الله. ولا يستلزم اي نوع من النقص الذي يتوهمه او يشغب به المعارضون. ولذلك اذا قال الجهمي كما قال الائمة اذا قال الجهمي انا اؤمن برب لا يتحول عن مكانه فقل انا اؤمن برب يفعل ما يشاء. والله تعالى قد اخبر بانه فعال لما يريد فمن حجر على الله تعالى وقال انه يستلزم الحركة والحركة تستلزم وتستلزم من اللوازم الباطلة التي يخترعها والتي منشأها التخيل والتكييف وقع ويقع في ظلالات عديدة جل وعلا فكل صفات الله سبحانه وتعالى يقر بها اهل السنة والجماعة من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. وقد تقدم في كلام المؤلف رحمه الله ما يدل على هذا المعنى في قوله وارد الى نقالها واصونها عن كل ما يتخيله. وتقدم بيان ان نفي التخيل يتضمن نفي التمثيل هنا في التكييف. فقوله رحمه الله من السماء بغير كيف انزل؟ نفي التكييف هنا للتأكيد على هذا الضابط وهذه القاعدة ونزول الله تعالى ثابت في احاديث عديدة هذا منها وكذلك نزوله الى السماء يوم عرفة لاهل الموقف خاصة فالنزول عام عام كنزوله سبحانه وتعالى في الثلث الاخير من الليل وذلك كل ليلة والنزول الخاص كنزوله سبحانه وتعالى في بعرفة لاهل الموقف الى السماء الدنيا. ثم قال رحمه الله ولكل حي عامل في قبره. عمل يقارنه هناك ويسأله. ذكر مؤلف رحمه الله في هذا البيت ما يتعلق بالايمان بالبرزخ والبرزخ هو ما جاء به الخبر مما يكون بعد الموت الى ان يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين فكل هذا يسمى برزخا وهو الحياة البرزخية من موت الانسان الى قيامه لرب العالمين. وهذه الدار الاصل فيها انها تكون في القبور ولذلك يظاف العذاب والنعيم الى القبر لكونه محل هذه الدار فهذه الدار محلها القبور كما ان محل الحياة الدنيا الارض فكذلك محل الحياة البرزخية القبور. فهذا الحديث يثبت ما اثبتته النصوص يدل على اثبات ما اثبتته نصوص مما يتعلق بعذاب القبر ونعيمه. وقد دلت على ذلك الادلة وتواردت عليه النصوص واجمعت عليه الامة ولا خلاف بينهم في اثباته. فنعيم القبر وعذابه جاء ذكره في في كتاب الله تعالى ففي كتاب الله تعالى الاشارة الى عذاب القبر في مواضع عديدة منها قول الله تعالى النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب. فهذا العرض في الغدو والعشي على النار انما هو متى؟ في البرزخ ولا بعد البعث؟ البرزخ لانه قال ويوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون اشد العذاب. وكذلك يوم القيامة اعمى. قال جمع من اهل التفسير المعيشة الضنك هي ما يكون في البرزخ. من عذاب وسوء حال. وكذلك في قوله تعالى في قصة نوح في اهلاكهم مما اغرقوا فادخلوا نارا اما خطيئاتهم يعني بسبب ذنوبهم اغرقوا. هذا اخبار بحصول الغرق ثم قال فادخلوا نارا. والفاء تقتضي التعقيب القريب. وذلك ما يلقونه في القبور من العذاب. المقصود ان القرآن دل في مواضع عديدة على عذاب القبر. واما السنة فذلك من احاديث لا يمكن احصاؤها وحصرها. يكفي في ذلك ما في صحيح من حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله من اربع في صلاته. اللهم اني اعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب جهنم فتفتن المحيا والممات الدجال وكذلك امره صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة في الصحيح بالاستعاذة من عذاب القبر وكذلك في حديث سيد ابن ارقى وكذلك في حديث ابن عباس وزيد ابن ثابت الحديث في هذا كثيرة وحديث البراء بن عازب الطويل وفيه ما اشار المؤلف رحمه الله اليه من اقتران الانسان بعمله. ففي حديث البراء الطويل المشهور الذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم انه اذا كان العبد المؤمن في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة وذكر ما ذكر مما يكون ثم قال فيأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح. فيقول ابشر هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول ان وجهك الوجه الذي يجيء بالخير. من انت؟ فيقول انا عملك وهذا ما رحمه الله في قوله ولكل حي عامل في قبره عمل يقارنه اي يلازمه ويصاحبه ولا يفارقه واما الكافر فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم واما الكافر فاذا ان كان في انقطاع من الدنيا واقبال على الاخرة ثم ذكر فيأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب نتن الريح فيقول ابشر بشر يوم فهذا يومك الذي كنت توعد ثم يقول من انت؟ فان وجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول انا عملك. وهذا ما اشار اليه من اقتران الانسان بعمله. والعمل يلازم الانسان كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث انس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا مات ابن ادم تبعه ثلاثة تبعه اهله وماله عمله يرجع اثنان ويبقى واحد يرجع اهله وماله ويبقى عمله ومعناه بقاء العمل اي انه يلازمه ويقارنه في قبره. وهذا يدل ايضا على ما ذكره المؤلف رحمه الله يأتيه ملكان فيقعدان فيسألانه عن ربه ودينه ورسوله. وينقسم الناس في الجواب الى قسمين وهذا الحديث في الصحيحين من حديث انس ابن مالك رضي الله عنه جاء الخبر عن هذه الفتنة في حديث عائشة وفي حديث غيرها وهي ثابتة ثبوتا لا فيه اهل الايمان. فهذا البيت تضمن ذكر فتنة القبر وعذابه ونعيمه. فتنة القبر في قوله ويسأل وعذابه ونعيمه في قوله ولكل حي عامل في قبره عمل يقارنه فان كان من اهل السعادة فالذي يقارنه يسعد به ويسر. وان كان من اهل شقاء فيكون الذي يقارنه عذاب وشقاء وهو عمله الذي يأتيه بصورة الرجل القبيح هو المنظر القبيح والرائحة النتنة. بعد ان فرغ المؤلف رحمه الله من ذكر مجمل ما اراد بيانه للسائل من مسائل الاعتقاد قال رحمه الله هذا اعتقاد الشافعي ومالكي وابي حنيفة ثم احمد ينقل. بين المؤلف رحمه الله ان ما تقدم من الاعتقاد المنظوم في هذه القصيدة ليس من قبل نفسه وليس مما توصل اليه بل هو مما كان عليه سلف الامة وائمتها. قال رحمه الله هذا اشارة الى ما تقدم من اه مسائل الاعتقاد في الصحابة وكذلك في القرآن وكذلك في الاسماء والصفات وكذلك في الميزان وما يتعلق باليوم الاخر والقبر قال هذا اعتقاد الشافعي ومالك وابي حنيفة ثم احمد ينقل. وذكر هؤلاء لانهم اصحاب المذاهب المتبوعة فهم الائمة الذين تتبعهم الامة فالمذاهب ترجع الى هؤلاء وهم الذين اشتهرت اقوالهم وانتشرت وكتب لهم القبول فكان النص عليهم ادعى لقبول ما تضمنه وهذه العقيدة فالمنتسب للشافعي اذا علم ان هذه عقيدة الشافعي كان ذلك حاملا له على ان يعتقد ما اعتقده وكذلك ماله وكذلك ابي حنيفة قال ثم احمد ينقل يعني هذا هو المنقول عنه المعروف المشهور ثم قال رحمه الله فان اتبعت سبيلهم فموفق وان ابتدأت فما عليك معول. ذكر المؤلف رحمه الله بختم هذه المنظومة ان اتباع سبيل السلف الصالح سبب للتوفيق. والتوفيق هو اصابة الصواب وادراك المطلوب فالموفق هو من اصاب غرضه وادرك مطلوبه ثم قال وان ابتدأت فما عليك معول وان ابتدأت اي اتيت بدعة وقول لم تسبق اليه وعقد لم يتقدم نظيره او قوله في قول من تقدم فليس عليك معول. اي ليس عليك اعتماد ولا اليك نظر وهذا يدل على اهمال كل ما حدث من الاقوال بعد اقوال اولئك فان اولئك قد بينوا عقدهم وعقد السلف وضحوهم من الكتاب والسنة فكل ما جد بعد ذلك فهو من المحدثات. قد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من كان مستنا فليستنا بمن قد مات. فان الحي لا تؤمن عليه الفتنة وهذا الذي تقدم هو شيء من عقد الفرقة الناجية المنصورة الى يوم القيامة والتي عقدها و عملها عليه محور النجاة فمن استمسك به هدي ومن حاد عنه حصل معه من الضلال والبعد بقدر ما حصل طلب منه من الحيدة. وبهذا يكون قد انتهى هذا النظم المبارك المختصر في ما يتعلق بالامية شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله نسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم المباركين وان ينفعنا بما سمعنا وان يجعلنا ممن اذا سمع القول اتبع احسنه