رب العالمين واصلي واسلم على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين اما بعد يقول المصنف رحمه الله ويحاسبه الله تبارك وتعالى يحاسبهم ان يحصي اعمالهم في الحساب دائر على معنى الاحصاء وهو ما يكون من عد الحسنات والسيئات. هذا معنى الحساب. وقوله رحمه الله يحاسبهم يشمل جميع اهل المحشر لانه قال ويحشر الناس ثم قال ويحاسبهم اي يحاسب الناس والحساب المثبت هنا هو لجميع الناس. ولكن الناس في حسابهم على نوعين نوع توزن اعماله تحصى حسناته وسيئاته. وانظر ايهما ارجح. وهذا لاهل الايمان واهل التوحيد ونوع يحاسب محاسبة العرض للعمل والتقرير عليه دون احصاء الحسنات لانه لا حسنة له. وهذا في حق الكفار. اذا عندنا المحاسبة نوعان عن نوع فيه احصاء الحسنات والسيئات وهذا لاهل التوحيد ونوع هو عرظ السيء من العمل وتقريره عليه وهذا للكفار. وهذا يبين انقسام الناس في الحساب على احوال فقوله ويحاسبهم الله تبارك وتعالى اي اي يحاسبهم على النحو الذي ذكرنا ان كان المقصود اهل الايمان فهو احصاء الحسنات والسيئات. وان كان اهل الكفر فاهل فاهل الكفر لا حسنة لهم. يقول الله وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا. والهباء لا يدرك منه شيء. وكذلك قال فلا نقيم له يوم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا اي حسابا فلا يوزن لانه ليس له اه اعمال من الصالحات توزن بل كلها قد ذهبت واستغرقت. واهل الايمان في محاسبتهم اهل التوحيد في محاسبتهم على درجتين درجة من يحاسب حسابا يسيرا ودرجة من يحاسب من يناقش الحساب تضمن هذا ما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من نوقش الحساب عذب قلت يا رسول الله اين قوله جل وعلا فسوف يحاسب حسابا يسيرا يعني كيف يستقيم هذا؟ مع قوله فسوف يحاسب حسابا يسيرا. واضح الاشكال؟ الاشكال على انه اثبت حسابه. وهناك قال من نوقش الحساب عذب فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها يعني ليس الامر كما فهمتي من الاية انما ذلك العرض يعرض عليهم ما كان من اعمالهم لكن لا يحاسبون. حساب نقاش وسؤال تفتيش شتان بين هذا وذاك. اذا اهل التوحيد ينقسمون الى قسمين في محاسبتهم. قال وتنصب الموازين. والموازين مرتبطة بالحساب. لان الحساب الاحصاء والموازين هي التي تظهر نتيجة المحاسبة. فالكفار ليس لهم حسنات ولذلك قال تعالى فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا واما اهل الايمان فمنهم من ترجع حسناته ومنهم من تتساوى حسناته وسيئاته ومنهم من ترجح سيئاته على ثلاث احوال والموازين جمع ميزان وهو معروف في لسان العرب. يقول الله تعالى ونضع الموازين القسط اي العدل ليوم القيامة. والميزان غير العدل فمن فسر الميزان بانه العدل هذا من من تحريف الكلم عن واضح فقد جاء في النصوص انه ميزان حقيقي. له كفتان ولسان والكفتان هما الثابتة واما اللسان هكذا قال بعض اهل العلم. على كل حال الثابت ان له كفة ان له اهو كفتين. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صاحب البطاقة وهو في السنن وعند احمد وفيه يؤتى برجل يوم القيامة فيؤتى بصحائف بتسعة وتسعين سجلا. من السيئات كل سجل مد مد البصر يعني ما لا نهاية لا يدركه البصر طولا فتوضع في كفة ويؤتى ببطاقة فتوضع في كفة فتطيش السجلات والشاهد ان توضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة فهو ميزان حقيقي. والذي يوزن العمل لقول لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان للرحمن ثقيلتان في الميزان. قال ثقيلتان في الميزان. وقال في حديث ابي ان الامام مسلم والحمد لله تملأ الميزان. فهذا وزن للعمل ويوزن العامل كما في حديث عبدالله بن مسعود لما قال لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه فضحكوا على دقة من دقة ساقيه قال تضحكون من دقة ساقيه؟ فوالله انهما لفي الميزان اثقل من جبل احد. والحديث صحيح وفي الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل الكافر العظيم فلا يوزن عند الله جناحا او فلا يزن عند الله تعالى جناح بعوضة. وهذا يدل على انه ليس له وزن كما قال جل وعلا فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا. وهذه الموازين موازين قسط وعدل كما قال جل وعلا وما ربك بظلام للعبيد بعد ذلك تنشر الدواوين تنشر اي تبسط وتكشف وتشاع والدواوين جمع ديوان واصل الديوان الجريدة التي يكتب فيها الكتاب فالديوان قرطاس من قراطيس الكتاب فالدواوين هي القراطيس التي فيها اعمال العباد. قال الله تعالى فاما من اوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ثم قال واما من اوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا. يقول رحمه الله تتطاير وتتطاير صحف الاعمال تتطاير اي كل يأخذ صحيفة عمله والصحائف شمع صحيفة وهي الدواوين فقوله وتنشر الدواوين وتتطاير صحف الاعمال المعنى فيهما واحد لكن اراد لذلك بيان انقسام الناس في هذا النشر الى قسمين. حيث ينقسم الناس في نشر الدواوين وتطايرها الى قسمين. قسم يأخذ كتابه بيمينه وقسم يأخذ كتابه بشماله كما قال تعالى فاما في كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب الى اهلهم السورا واما من اوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصنع سعيرا يفصل المؤلف رحمه الله في وصف الميزان قال والميزان له كفتان هذا بيان ان الميزان حقيقي وانه ليس كما فسره المعتزلة وغيرهم بانه العدل بل هو ميزان حقيقي توزن به الاعمال واما ذكر اللسان فكذا فليس في حديث عبد الله بن عمرو ذكر اللسان لكن جاء في بعض الاثار ذكر ذلك. قال توزن به الاعمال اي فائدة هذا الميزان توزن به اعمال العباد. كما قال تعالى فمن ثقلت موازينه اي اعماله ومن خفت موازينه. قال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال قال ذرة شرا يره والمثقال اي وزن. وهذا يدل على ان الاعمال توزن وهذا اوظح في الدلالة مما ذكر المؤلف. اهلها قال فمن ثقلت موازينه لكن ما يدرى ما الذي يثقل؟ لكن قوله فمن يعمل مثقال ذرة دل هذا على ان الموزون هو ايش؟ العمل. خيرا يره من يعمل مثقال ذرة شرا يره قل ولنبينا صلى الله عليه وسلم حوض في القيامة ماءه اشد بياضا من اللبن هذا من جملة ما يجب اعتقاده والايمان به مما يكون في يوم القيامة. ان لنبينا صلى الله عليه وسلم حوضا يرده الناس يوم القيامة. قال ولنبينا صلى الله عليه وسلم حوض في القيامة اي في ارض المحشر يوم يقوم الناس لرب العالمين قبل ان يدخلوا الجنة وقوله حوض الحوض هو مجتمع الماء. وقد ذكر الله جل وعلا ذلك بقوله انا اعطيناك الكوثر. فالكوثر هو الخير الكثير. يشمل ذلك كل فضيلة اعطيها النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك انه صلى الله عليه وسلم خصه الله تعالى بحوظ عظيم يوم القيامة. في الصحيحين من حديث ابي ذر وحديث ثوبان وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بان الله قد اعطاه حوضا ماؤه اشد بياضا من اللبن. هذا في اللون وريحه اطيب من المسك. هذا في الرائحة. واحلام العسل هذا الطعن وعدد كيزانه كعدد نجوم السماء هذا في كثرته ووفرته وانه كثير فذكر بهاء الكيف وكثرة الكم. وين كثرة الكم قوله عدد كيزانه كعدد نجوم السماء وما تقدم هو في الكيف ومن فظله انه من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها ابدا اي لا يصاب بالظمأ وهذا من فضل الله تعالى. وجاء في رواية ابي اذا عند مسلم طعمه احلى من العسل. وفي رواية ثوبان قال طوله شهر وعرضه او شهر آآ في رواية ثوبان طوله وعرضه سواء. طوله عرضه سواء فاخبر في هذا الحديث باستواء طوله مع ارضه. وجاء في بعض الروايات ان طوله شهر وعرضه شهر وهذا بيان لسعته. قال والصراط حق واثبات الحوض مما توافرت به صوص ولذلك عده آآ جماعات من اهل العلم من المتواتر وقولوا لنبينا هذا بيان ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم. لكن هذا لا ينفي ان يكون لغيره حوضا. بل قال وقد جاء في جامع الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان لكل نبي حوضا. ان لكل نبي نحو ولكن حوض النبي صلى الله عليه وسلم اكرمها او اثرها واعظمها. قال والصراط حق يجوزه الابرار ويزل عنه الفجار. الصراط في بمعنى مفعول اي مسروط وفي اللغة يطلق الصراط على الطريق الواسع الرحب الذي لا ضيق فيه. ولهذا قال جماعة من اهل العلم ان هذا الصراط واسع وقال اخرون في وصفه بل ان ادق من الشعر واحد من السيف وهذا ينافي الوصف. فان الصراط في كلام العرب يطلق على ما كان واسعا رحبا ولا يعارض هذا وصفه على القول بانه ادق من الشعر واحد من السيف لا يعارض. ما جاء من وصفه بالصراط. لانه طريق فيكون هذا من باب اطلاق الطريق المسلوك حتى على ما كان ضيقا. خلاف الاصل في اطلاق الصراط يقول رحمه الله يجوزه الابرار ويزل عنه الفجار. يجوز ان اعبره والابراط هم اشرف من يمر على هذا الصراط والا فيمر عليه المقتصدون عليه الظالمون لانفسهم. لكن المقصود الابراه هنا اهل الاسلام اهل الايمان اهل التوحيد. وهم في جوازهم على مراتب ودرجات. قال ويزل عنه ان يسقط والمقصود بالسقوط هنا الهوي اما قبله وهذا في حق واما اثناء العبور عليه. ممن تأخذهم الكلاليب لان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر كما في الصحيحين من حديث ابي سعيد انه في يوم القيامة ينادى بالناس يوم فيقال من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع عباد طواغيت الطواغيت ويسيرون الى النار ويلقون فيها. كما قال تعالى فكبكبوا فيها هم والغاوون وجلود ابليس اشبعون هؤلاء يزلون عن الصراط اي لا يأتونه يسقطون قبل مجيئهم اليه اما من يمشي على الصراط فانه على درجات. منهم من يجوزه سريعا ومنهم من يجوزه دون ذلك وهم في سيرهم على مراتب اعمالهم. منهم من يمر كالبصر نسأل الله من فضله ومنهم من يمر ومنهم من يمر كالريح الشديدة ومنهم من يمر كاجاويد الخيل ومنهم من يمر كاجاويد الابل ومنهم من يمشي مشيا ومنهم من زحف كل هذا الاختلاف راجع الى اختلافهم في اعمالهم. فعلى قدر سيرهم على الصراط المستقيم في الدنيا يكون سيرهم على الصراط على الصراط في الاخرة. قال المؤلف رحمه الله ويشفع نبينا صلى الله عليه وسلم في من دخل النار من امته من اهل الكبائر فيخرجون بشفاعته بعد احترقوا وصاروا فحما وحمما. فيدخلون الجنة بشفاعته. هذا ذكر لبعض انواع الشفاعة التي ثبتت للنبي صلى الله عليه وسلم. والشفاعة الثابتة النبي صلى الله عليه وسلم نوعان شفاعة خاصة ليس له فيها مشارك وشفاعة له ولغيره من الشفعاء. اما النوع الاول فشفاعته صلى الله عليه وسلم في اهل الموقف وهي الشفاعة التي يأتي فيها الله جل وعلا لفصل القضاء وحساب الخلق هذه خاصة النبي صلى الله عليه وسلم يعتذر عنها ادم واولو العزم من الرسل. والنوع الثاني من الشفاعة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم شفاعته لاهل الجنة ان يدخلها. انا اول شفيع في الجنة. اي في دخولها وثاني ثالث الشفاعة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم شفاعته في عمه ابي طالب. كل هذه الانواع من الشفاعة الخاصة به صلى الله عليه وسلم وهي وهي مندرجة تحت القسم الاول. اما القسم الثاني فهي ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء من الانبياء والصالحين والملائكة والشفعاء فهذه التي اشار اليها المؤلف بقوله ويشفع نبينا صلى الله عليه وسلم في من دخل النار من امته من اهل الكبائر فيخرجون بشفاعته بعد ما احترقوا وصاروا فاحمد وحمما فيدخلها الجنة بشفاعته صلى الله عليه وسلم وهذا بيان لما يدركونه من الفضل من شفاعة النبي صلى الله عليه تلة. والشفاعة هي التوسط في جلب الخير ودفع الظر. ومن هذه الشفاعة التي ذكرها المؤلف رحمه الله وهي شفاعته في اهل الجنة في اهل الكبائر ان يدخلوا النار ان يخرجوا من النار ويدخلوا الجنة. وهذا النوع من الشفاعة كما شرط يكون للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره. فان الجنة اذا دخلوها تفقدوا قبل اذا اذا اذن لهم في الدخول تفقدوا اصحابهم فيقال لهم فيقولون يا رب ان لنا اخوانا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا لا نراهم فيقول الله تعالى لهم اذهبوا فاخرجوا من عرفتم من النار. وهذه شفاعة شفاعة اهل الايمان اذا هذه الشفاعة يقول فيها المؤلف يشفع النبي فيمن دخل النار من امته من اهل الكبائر فيخرجون بشفاعته بعد ما احترقوا وصاروا فحما وحمما فيدخلون الجنة من شفاعته. يقول ولسائر الانبياء ايها المؤمنون والملائكة شفاعات يعني مثل هذه لكن الذي ميز النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الشفاعة ان نصيبه منها اعظم من غيره هذا نصيب النبي صلى الله عليه وسلم من الشفاعة في هذا اعظم من من نصيب غيره ومن الشفاعات الثابتة الشفاعة في الا في يدخل من استحق النار الا يدخلها. الشفاعة في من استحق النار الا يدخلها. وهذا ما جاء في الصحيح من ان الانبياء اذا عبروا الصراط يقولون اللهم سلم سلم فهذا شعار النبيين يوم القيامة عند عبور الصراط اللهم سلم سلم ثم قال المؤلف رحمه الله بعد ذلك ولا قال ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيتهم يشفقون. هذا بيان ان شفاعة الشافعين لا تكون الا برضا الله جل وعلا والا لمن رضي له جل في علاه. كما قال سبحانه وبحمده من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه فقال وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضاه. اما اهل فانه لا تنفعهم الشفاعة لقوله لقوله جل وعلا فما تنفعهم شفاعة الشافعين. وقد اشار المؤلف الى ذلك بقوله ولا تنفع الكافر شفاعة الشافعي فهؤلاء لا تنفعهم الشفاعة كما قال تعالى فما على الكفار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم