قال هذه المقولة بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل عسى الله ان يأتيني بهم جميعا ثم قال انه هو العليم الحكيم. فيعلم صدق خبركم و صواب ما ذكرتم من عدمه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى احمده حق حمده لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه. ومن اتبع سنته واكتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد اهلا وسهلا ومرحبا بكم ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم فادعوه بها ان الله تعالى امرنا بدعائه باسمائه جل وعلا فقال ولله الاسماء الحسنى فاثبت له كمال الاسماء وانها قد بلغت في الحسن منتهاها ثم فر على هذا الخبر امرا فقال فادعوه بها اي فادعوه بتلك الاسماء الحسنى دعاء عبادة ودعاء مسألة وذاك لا يكون الا لمن فهم معانيها واسماء الله تعالى تجد بعضها يرد في كتاب الله عز وجل منفردا لا قرن معه فهي تجد ترد منفردة في كتاب الله عز وجل كقوله تعالى الرحمن وكقوله تعالى قل هو الله احد الله الصمد فهذه اسماء جاءت في ايات منفردة لم يقترن بها شيء من اسماء الله عز وجل وتأتي مقترنة اسم او بمجموعة اسماء كقوله تعالى هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة. هو الرحمن الرحيم. فهذه اسماء جاءت مقترنة وكقوله تعالى الرحمن الرحيم في سورة الفاتحة وهذه الاسماء لا يمكن ان يتعبد الانسان فيها الله عز وجل ويتفهمها على وجهه الكامل الا اذا عرف دلالاتها من خلال انفرادها ومن خلال اقترانها نحن تكلمنا عن اسم العليم والعالم وعلام الغيوب جل في علاه سبحانه وبحمده وذكرت ان اسم العليم جاء مقترنا وجاء منفردا فجاء اسم العالم مقترنا باسماء عديدة من اسماء الله عز وجل وكذلك العليم جاء مقترنا باسماء عديدة من اسماء الله عز وجل من تلك الاسماء التي جاء العليم الذي يدل على كمال العلم وانه لا يغيب عنه شيء سبحانه وبحمده فتثبت له كامل العلم سبحانه جل في علاه اذا جاء هذا الاسم منفردا دل على عظيم علم الله عز وجل وانه وسع علمه كل شيء سبحانه وبحمده. لكن يأتي ذلك مقترنا هذا الاسم العليم يأتي مقترنا بجملة من الاسماء من الاسماء التي جاء فيها العليم مقترنا اسمه جل وعلا الحكيم فكم من اية ذكر الله تعالى فيها انه عليم حكيم جاء ذلك في القرآن في اكثر من ثلاثين موضعا. من ذلك يقول الله تعالى يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم وجاء ايضا في الاقتران على نحوين اي اقتران اسم العليم باسم الحكيم يأتي على نوعين على صورتين اما ان يقدم اسم العليم كما هو في الاية التي ذكرتها قبل قليل وقرأتها يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم. والله عليم حكيم. فقدم ذكر اسم العليم وفي بعظ المواظع وفي بعض موارد القرآن يقدم الله تعالى ذكر الحكيم على العليم من ذلك قوله تعالى قوله كذلك قال ربنا انه هو الحكيم. يعني بصدق ما تخبرون. القضية تتعلق بالعلم. هم ادعوا ان الاولاد الذين غابوا ولم يحضروا كان لغيابهم سبب وهو شاك في خبرهم بعدما اصيب منهم في غياب يوسف عليه السلام حكيم العليم العلماء من اهل التفسير واهل التدبر وتلمس معاني كلام الله عز وجل تلمسوا الفرق بين ذكر اسم العليم قبل الحكيم وذكر اسم الحكيم قبل العليم. اولا من حيث دلالة الاقتران العليم يدل على كمال العلم. والحكيم يدل على اكمال الحكمة وبينهما فرق. فالعلم هو ادراك المعلومات واما الحكمة فهو حسن التصرف في المعلومات. ووضعها في موضعها. والله تعالى له من هذين المعنيين ما اعلاهما هو العليم الذي احاط بكل شيء علما وهو الحكيم الذي لا يدركون العباد كنهى حكمته وغاية حكمته جل في علاه سبحانه وبحمده اقترن هذان الاسمان فجاء مرة مقدما العليم ومرة مقدما الحكيم فهو في اقترانهما اضافة فضل واضافة معنى ليس موجودا في الانفراد لما تصف شخص بانه او شيء بانه عليم وتصفه في موضع اخر بانه حكيم فانت وصفته بوصفين حميدين لكن لما تصفه انه عليم حكيم يكون هذا العلم مميزا وهذه الحكمة مميزة باقترانها بالمعنى الاخر فيكون عليما حكيما وحكيما عليما ويكون في هذا من دلالات الكمال في وصف رب العالمين جل في علاه ما ليس في ما اذا جاء العليم منفردا او جاء الحكيم منفردا وعندما يأتي ذكر العليم والحكيم في ذكر ايات الله عز وجل مقترنين فان هناك سرا في تقديم العليم على الحكيم وتقديم الحكيم على العليم الله اكبر ما اعظم اسرار هذا القرآن لكن نحن نحتاج الى ان نفتح اعين قلوبنا لتلمس المعاني وتدبر الحكم فان ان الله تعالى لا يبدأ بشيء الا وله في حكمة ولا يؤخر شيئا الا وله في حكمة. ولذلك النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما جاء الى قرأ قول الله تعالى ان الصفا والمروة من شعائر الله. فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه الطواف بهما ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم قال صلى الله عليه وسلم ابدأ بما بدأ الله به جعل تقديم الله تعالى للصفا في ذكره في الاية دالا على معنى زائد على المروة فلذلك بدأ به فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث جابر في صحيح الامام مسلم ابدأوا بما بدأ الله به. وفي رواية النسائي ابدأوا بما بدأ الله به على صيغة الامر. المقصود ان تقديم الله تعالى لشيء وتأخيره لشيء ليس كسائر كلام الناس الذي قد لا يكون فيه حكمة ولا فيه غاية ولا في مقصود الله جل في علاه حكيم سبحانه وبحمده له غاية ومقصود من كل ما ذكر في تقديمه وفي تأخيره وفي سائر بيانه جل في علاه. فمن المهم ان نتلمس ذلك باستقراء وتتبع المواطن التي ذكر الله تعالى فيها تقديم العليم على الحكيم في ايات الذكر الحكيم نجد ان تلك المواطن يقدم فيها العليم على الحكيم لان المقصود ابراز صفة العلم المقصود هو اظهار العلم اكثر من الحكمة لان القضية التي جاء فيها ذكر هذين الوصفين تحتاج الى العلم والعلم فيها اظهر من الحكمة مثال ذلك امر الله تعالى الملائكة بان يسجدوا لادم عليه السلام فاعترض الملائكة ايرادا وليس اعتراضا تعالى الله تعالى عن ان يقابل امره باعتراض انما قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك اراد يحتاج الى جواب او استفسار لماذا؟ ونحن نسبح بحمدك وهم اذا خلقتهم سيكون كذا وكذا فاظهر الله تعالى من فضل ادم ما اظهر قال لهم جل وعلا بعد ان بين لهم آآ امره وعلمه بما خلق جل في علاه قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم تقدم ذكر العليم على الحكيم لان المقام هنا مقام علم مقام اظهار احاطة مقام اظهار سعة معرفة وسعة ادراك الموجودات المخلوقات والمستقبلات والوقائع والحاضرات فكان ذلك مناسبا ان يقدم فيه ذكر العليم على الحكيم لذلك الملائكة قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم فظهر علم الله المقترن بحكمته لانه هذا علم مقرون بالحكمة وليس علما مجردا عن حكمة الله تعالى ايضا في مقام العلم بالخفايا يذكر الله تعالى صفة العلم قبل الحكمة فهذا يعقوب عليه السلام لما اصيب بما اصيب به من فقد اولاده قال في جواب اولاده لما ادعوا ما ادعوا من تبريرات غياب اولاده يوسف عليه السلام اخيه الذي لحقه بعد ذلك والاكبر الذي تخلف قال بل سولت لكم امر انفسكم امرا فصبر جميل والله المستعان. فصبر جميل عسى الله ان يأتيني بهم جميعا. ثم بعد ذلك قال انه هو العليم ايضا يوسف عليه السلام لما من الله عليه بما من مجيء اهله واجتماع شمله وصلحه مع اخوته وذهاب ما اذهب الله تعالى مما في صدورهم من الحسد وسيء الطوية. قال تعالى وقد احسن بي في حكايته عما قاله يوسف عليه السلام بعد ان اظهر الله له تلك المنن وقد احسن بي اذ اخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي ان ربي لطيف لما يشاء اي بلغني ذاك الفضل واوصلني الى هذه المنزلة بلطفه الخفي ولما كان اللطف في ايصال الاشياء الى الانسان على وجه لا يدركه يحتاج الى علم ختم الاية بذكر هذين الاسمين مقدما ذكر العلم فقال ان ربي لطيف لما يشاء انه هو العليم الحكيم جل في علاه سبحانه وبحمده. اذا من خلال هذه النماذج الثلاثة التي ذكر الله تعالى في هذين الاسمين المقترنين العليم الحكيم تبين لنا ان تقديم وصف العلم في هذه الايات لان المقصود والمراد هو ابراز صفة العلم اكثر من ابراز صفة الحكمة ولذلك قدمت في الذكر و بدأ الله تعالى بذكرها قبل ذكر الصفة الثانية فيما قصه مما ذكره عن انبياء عن ملائكته وعن رسله وانبيائه اما اذا قدم الله تعالى الحكمة على العلم في سياق اياته جل في علاه كقوله قد فرظ الله لكم تحلة ايمانكم. والله مولاكم وهو العليم الحكيم. هذه ايضا يقدم الله تعالى قدم الله تعالى فيها العلم اه على نحو ما تقدم من الايات التي فيها تقديم العلم على الحكمة لان العلم هو المقصود اولا فهذه الاية شاهد يتسق مع الايات السابقة. في مقام تقديم الحكمة على العلم نجد ان ذلك لا يكون الا في مواطن تحتاج الى حكمة يحتاج الى ان تكون الحكمة حاضرة بارزة في ذهن السامع ولذلك يذكرها الله تعالى اولا من ذلك قوله تعالى وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم. فقدم الله تعالى ذكر الحكمة على العلم في هذا هذا الموضع لانه مقام بيان ما شرعه وامر به خلقه وهو ملازم لحكمته. فما من شيء امر الله تعالى به ولا شرع شرعه الله تعالى الا وكانت الحكمة فيه حاضرة وغالبة لذلك قال تعالى الف لام راء كتاب احكمت اياته. ثم فصلت من لدن حكيم خبير والخبرة جزء من او او او تقترن بالعلم لكنها ادق منه في كون العلم لا يكون الا في البواطن اذا اجتمع العلم والحكمة العلم والخبرة تكون العلم بظواهر الامور والخبرة بواطنها فلما تستقل يكون الخبير بمعنى العليم يشمل المعنى العلم بالظواهر والخفايا. لان من علم بالخفي كان عالما بالظهر من باب اولى اذا لما يأتي مقام التشريع يقدم الله تعالى ذكر الحكمة على العلم ولذلك في ما يجريه ايضا من المعجزات المؤيدة للنبيين والشرائع يقول الله تعالى كذلك قال ربك انه هو الحكيم العليم اذا في كل الموارد التي تتقدم فيها الحكمة على العلم يكون المقصود هو ابراز الحكمة المقام يقتضي بيان الغاية والسر والسبب الذي هو فرع الحكمة فلذلك يذكره الله تعالى اولا ويبرزه الله تعالى ظاهرا على ذكر العلم ويقدمه قبل ذكر العلم هذا بعض ما في هذه الايات من الحكم والاسرار في التقديم والتأخير وفي الاقتران والانفراد فسبحان الله عندما تنفتح البصائر وتدرك اهمية التدبر يفتح الله لها من ابواب العلم ما ليس لها على خاطر ولا على بال اللهم انا نسألك الفقه في التنزيل والعمل بالتأويل. وان تجعلنا من اهل القرآن الذين هم اهلك وخاصتك. وان ترزقنا تدبره وتلاوته على الوجه الذي يرضيك عنا اللهم الزم قلوبنا حفظ كتابك واعنا على تلاوته على الوجه الذي ترضى به عنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد والى ان نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم فادعوه بها استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته