عليكم ورحمة الله وبركاته. مرحبا واهلا وسهلا بكم ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة الجديدة. من برنامجكم ادعوني استجب لكم الحمد لله الذي خلق السماوات والارض وجعل الظلمات والنور. ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. احمده حق حمده له الحمد كله في السر والاعلان والظاهر والباطن واللسان والجنان والاركان والاعمال لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه. واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين. رب العالمين لا اله الا هو الرحمن الرحيم له الاسماء الحسنى والصفات العلى وله المثل الاعلى سبحانه وبحمده. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله بلغ البلاغ المبين وادى الرسالة على اكمل ما يكون من البيان والبلاغ. فشهد الله تعالى له حتى ترك الناس على محجة بيضاء ليلها كنهارها فهي شريعة نور وضياء وهدى وبصير فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فحياكم والله في هذه الحلقة التي سنتناول فيها ان شاء الله تعالى ما يكون موجبا لقبول السؤال. الدعاء عبادة وثمة اعمال واقوال واحوال تكون سببا لاجابة الدعاء. فجدير بالمؤمن ان يطلب ذلك فالله تعالى يقول يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا اليه الوسيلة. اي اطلبوا ما يقربكم اليه وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون. فامر الله بتقواه وامر المؤمنين بان يبحثوا عن الطرق التي يصلون بها الى الله يتوسلون بها اليه. يدخلون بها على احسانه ويدركون به فظله وامتنانه جل في علاه وابتغوا اليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون. ان الوسيلة التي امر الله تعالى بابتغائها ليست امرا غائبا بل جاء بيانه في هدي النبي صلى الله عليه وسلم بل جاء بيانه في كتابه بالله عز وجل قبل ذلك وترجمه رسوله صلى الله عليه وسلم عملا في قوله وحاله وعبادته وسائر شأنه. فلذلك جدير بالمؤمن ان يفهم الوسيلة التي امر بطلبها في قوله وابتغوا اليه الوسيلة من خلال ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فهو ترجمان القرآن فقد سئلت عائشة رضي الله تعالى عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كان خلقه القرآن. لذلك من المهم ان افهم هذا الامر في قوله وابتغوا اليه وسيلة في ظل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولذلك ذكر العلماء رحمهم الله في التوسل الى الله عز وجل طريقين طريق مشروع وطريق ممنوع التوسل مشروع هو ما كان عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم ما دل عليه الكتاب والسنة ما الطريق الاخر وهو التوسل المشروع فهو ما كان عليه اهل الشرك فانهم اتخذوا من دون الله الهة قالوا ما نعبدهم الا ان يقربونا الى الله زلفى. فينبغي الحذر من مزلة الاقدام. ولا نجاة للناس الا بسلوك الصراط والسبيل الذي كان عليه سيد الانام محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه. ان المؤمن مأمور بان يطلب الوسيلة لله عز وجل ويبتغي اليه الوسيلة في كل اعماله وفي دعائه ينبغي له ان يطلب ما يكون موجبا دعائه موجبا سؤاله وادراك ما يرغبه من مسائله ودعواته ان الدعاء في الجملة له صورتان اما ان يأتي طلبا لامر واما ان يأتي خبرا وقد يأتي في صورة ثالثة يجمع فيها بين الطلب والخبر. الدعاء اما ان يكون طلبا وهذا هو الاغالب والاكثر في سؤال السائلين ودعاء الداعين وهو انهم يطلبون ما يأملون فيقولون ارزقنا اهدنا اعطنا وما الى ذلك من المطالب التي يطلبون فيها ما عند الله جل وعلا. هذا دعاء طلب يبتغي فيه ما عند الله بسؤاله وليس اكرم على الله من الدعاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك اذا سأل العبد ربه عاد بعطائه ونواله واحسانه فما من قائل يدعو الله ويقول يا رب يا الله الا رجع باحدى ثلاث خصال. اما ان يجيبه الله تعالى الى سؤاله واما ان يدفع عنه من الشر مثلما سأل. واما ان يدخرها اجرا له في الاخرة. قال الصحابة لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا العطاء وهذا الفضل قال الصحابة رضي الله تعالى عنهم اذا نكثر يا رسول الله. اذا كان الواحد منا لا يقول يا الله ولا يقول يا رب الا ويرجع بواحد من هذه امور الثلاثة اذا نكثر يا رسول الله. قال الله اكثر ففظله اوسع وعطه احسن. اه جميله انعام فوق ما تدركه عقول الخلق بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء سبحانه وبحمده. اذا من طرق ابتغاء الوسيلة الى الله في مقام الدعاء ان يطلب المؤمن كل ما يرجوه من ربه وان يدعو الله تعالى موقنا بالاجابة فانه يدرك بذلك مأموله وهذا الذي عليه اكثر الناس واكثر الداعين يسلكون هذا الطريق في ابتغاء الوسيلة. ثمة طريق اخر يدرك به الناس ما يؤمنونه من العطايا والهبات في دعائهم لله عز وجل ومناجاتهم له. وهو الخبر. لا يأتي طلب انما يأتي السؤال على صيغة الخبر. والخبر له صورتان اما ان يخبر عن الله المسؤول جل في علاه واما ان يخبر عن حال السائل وقد يأتي في بعض الاحيان الخبر عن حال السائل وحال المسؤول وكلاها وكل هذه الطرق توجب عطاء الله عز وجل من الطرق التي يدرك الانسان بها ما يؤمل ان يصف حاله بين يدي ربه. فمن وصف حاله بين يدي ربه جل في علاه او شك ان يدرك مأموله وان يحصل ما يرغبه وما يتمناه. فوصف الحال مجيب لبيان الحاجة موجب الافتقار موجب للانكسار والذل بين يديه جل في علاه. ولذلك كان هذا من موجبات العطاء من اسباب اجابة الدعاء ان تشكو حالك الى ربك ان تبث شكواك اليه كما قال يعقوب عليه السلام انما اشكو بثي وحزني الى الله. لم يقل انما اطلب فرج كربتي. انما اطلب قضاء حاجتي من الله بل قال انما اشكو بثي وحزني الى الله فيشكو الى الله جل في علاه فهو المشتكى جل في علاه هو الذي تنزل به الحاجات وقد جرى على هذا النبيون صلوات الله وسلامه عليهم في دعواتهم فهذا ادم عليه السلام لما خالف امر الله بالاكل من الشجرة وقد نهاه الله تعالى عن ذلك طفق يدعو الله بالكلمة التي علمها الله اياه فقال ربنا ظلمنا انفسنا فان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. توسل الى الله جل وعلا بوصف حاله بانه قد ظلم نفسه وتجاوز حدودها ما امر به وانتهك ما منع منه فكان ذلك موجبا لهذه الحال من البعد والمجانبة للصراط المستقيم. ثم تعرظ بعد وصف الحال لطلب المغفرة لكنه لم يقل اغفر لي انما قال يا ربي ان لم تغفر لي هلكت فكان هذا من وصف الحال الماضي والحال المستقبل فالحال الماظي في قوله ربنا ظلمنا انفسنا والحال المستقبل وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ومثله وقريب منه قول موسى عليه السلام عندما احاطت به الخطوب وهذا قبل رسالتي وقبل الوحي اليه. لما خرج خائفا من مصر اه وجاء مديا وحصل ما حصل من اغاثة اه واعانة اه المرأتين تنحى ناحية وقال ربي اني لما انزلت الي من خير فقير. هل دعا شيئا؟ هل طلب شيئا من الله؟ انه توسل الى الله بوصف حاله. لم يزد على ان وصف حاله لربه في مقام الشكاية في مقام التبرع والانكسار. ماذا كان عندما سأل هذه المسألة انفتحت له ابواب العطايا. خرج خائفا فحصل الامن. خرج طريدا لا عمل له ولا مال فحصل وظيفة خرج فردا لا زوجة له ولا ولد فحصلت له الزوجة. خرج وهو في حال من الندم على ما كان من الخطأ فمن الله عليه بالرسالة فكلمه ربنا جل في علاه واوحى اليه ما اوحى. كل هذه العطايا ادركها موسى عليه السلام كان مفتاحها الافتقار الى الله والضراعة اليه حيث قال في دعائه باني بما انزلت الي من خير فقير فدعا الله عز وجل بهذا الدعاء واستشعار الفقر الله يفتح ابواب العطاء. كلنا الى الله فقراء. ولذلك ينبغي للمؤمن ان يستحظر هذا المعنى. وان يشكو الى الله حاله. فرق بين ان تقول اللهم ارزقني وبين ان تقول اللهم اني فقير فاعطني. او اللهم اني فقير لا مال لي لا حيلة لي وتصف حالك فانه موجب للعطاء بما هو اكبر وموجب للرحمة بما هو اعظم ولهذا انت الان لو جاءك شخص فقال انا جائع انا مريظ انا ذو حاجة اليس هذا في مبادرتك عطائه وقضاء حاجته اقرب من ان يقول اعطني ما يسد جوعي جوعتي اعطني ما يكون آآ سببا لشفائي وزوال مرضي بالتأكيد انه يختلف الاسلوب ولهذا ينبغي لمن سأل الله عز وجل ان يطنب في وصف حاله وبيان فقره فان الله تعالى يعطي الفقير من عباده الذي يظهر الفقر ويستشعر الافتقار اعظم مما يعطي غيره. كلنا جائع الا من اطعمه. كلنا عار الا من كساه. كلنا ضال الا من هداه. كلنا على ذنب وخطأ واساءة الا من استغفر لا استغفر الله تعالى فغفر له. فلنجتهد في عرظ شكايتنا الى الله انما اشكو وحزني الى الله واعلم من الله ما لا تعلمون. الى ان القاكم في حلقة قادمة من برنامجكم ادعوني استجب لكم واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته