الحمد لله رب العالمين احمده جل في علاه واثني عليه الخير كله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين. اما بعد فاسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يقبلنا ان يجعل صيامنا خالصا لوجهه. وان يرزقنا ما يرضى به عنا من صالح العمل. وان يستعملنا في الصالحات وان ييسر لنا الطاعات وان يجعلنا من اوليائه وحزبه وان يوفقنا للخيرات. الصوم الامساك عما امر الله تعالى ساكعا وذلك بان يمتنع الانسان عما امره الله جل وعلا بان يمتنع منه وهناك ممنوعات خاصة في الصوم دعاة عامة تكون في الصوم وفي غيره. وقد تكلمنا عن الصوم وانه منه ما يتعلق بصيام معنوي ومنه ما يتعلق بصيام عن امور حسية بمعنى ان يفسد الصيام ما ينقص الاجر في الصيام ما يعرف بالمفطرات هي نوعان مفطرات معنوية ومفطرات حسية. المفطرات المعنوية هي كل مخالفة لامر الله ولامر رسوله. فمثلا الغيبة منعها الله تعالى وجعلها من كبائر الذنوب. ايحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه الكذب يهدي الى الفجور والفجور يهدي الى النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. النميمة لا يدخل الجنة اكل اموال الناس بالباطل محرم من المحرمات. اطلاق البصر بمشاهدة ما منع الله تعالى من مشاهدته هذا لا فرق فيه بين الصائم وغيره. بل هو محرم في الصيام وفي غيره. يقول للمؤمنين يغضوا من ابصارهم احفظ واحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم. ان الله خبير بما يصنعون. هكذا كل ما امر الله تعالى به من الواجبات. يجب ان يراعى في الصوم وفي غيره وكل ما نهى الله تعالى عنه من المحرمات يجب ان يراعى في الصوم وفي غيره. لكن عندما يكون انسان صائما ينبغي ان يكون على حال من التحفظ عن المحرمات اكثر واكبر من حاله المعتادة ولهذا من الظروري ان يحفظ الانسان صومه بان يبعد نفسه عن كل ما ينقص اجر صيامه او يجرح صيامه. ولذلك هناك اشياء مأذون للانسان فيها في غير الصوم لكنه يمنع منها في الصوم. فمثلا ما ذكره النبي صلى الله عليه في حديث ابي هريرة الصوم جنة قال فان امرؤ شاتمه فليقل اني امرؤ صائم مع ان الرد على جائز بمثل ما اعتدى به كما قال الله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها لكنه مأمور بان يحجب يبقى هذا المسلك وهو ان يقابل الاساءة بمثلها مراعاة لصومه وحفظا لصومه ان يجرح وقد جاء في كلام جملة من السلف التنبيه الى ان الصوم ينبغي ان يكون على حال مختلفة عن عن غيرها. فابي فابو ذر رضي الله عنه يقول اذا صمت فتحفض ما استطعت. وهذا تنبيه انه ينبغي الانسان ان يكون في صومه على نوع من الاحتياط والصيانة لصومه مختلف عن حاله في غير الصوم. جابر رضي الله عنه يقول اذا صمت فليصم سمعك وليصم بصرك وليصم لسانك عن الكذب والمآثم ليس الامر فقط في الامتناع بل حتى في ما يظهر على مسلكك ينبغي ان يختلف ولهذا يقول رحمه الله وليكن عليك وقار وسكينة في يوم صومك ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك. هذا التنبيه من جابر عليه رحمه الله ورضي الله عنه هو التنبيه ان الصوم ينبغي ان ينعكس على المسلك الكلي للانسان وليس فقط في منع نفسه عن الاكل والشرب ولهذا ينبغي لنا في يوم صومنا ان نكون اجود منا واطيب منا واعبد لله تعالى منا واخير للناس منا في ما اذا قارنا بين يوم الصوم وبين يوم الفطر. وذلك ان الصوم يضيق المجاري على الشيطان تأثيره على الانسان فيكون الانسان زاكيا خاشعا هادئا مطمئنا ملاحظا العقبة عند الله تعالى فيما يأتي وفيما يذر فيكون هذا مدعاة للسكون والوقار وهنا نعرف ان العبادة وهذا آآ الصوم له فائدة يدركها الانسان لانه لما تصوم فيتأثر مسلكك بوقار وسكينة هذا نتاج حصاد قريب ناتج عن العبادة مباشرة. ولذلك من المهم ان نلاحظ هذا المعنى. وهذا المعنى يغيب عن كثير من الناس. لا من الصوم الا ان يمتنعوا فقط من الاكل والشرب والمفطرات المعهودة المعروفة لكنهم لا يمنعون انفسهم من شهواتهم لا يمنعون انفسهم من ترك الواجبات والحقوق لا يمنعون انفسهم من التقصير فيما تكلفوا به من الاعمال بال وفيما اطلعوا به من الوظائف وغير ذلك. بل تجده على غاية التفريط في كثير من الاحيان من الناس من يفرط ويجعل الصوم مبررا لتفريطه يقول انا صائم وبالتالي لا ينجز معاملات الناس انا صائم وبالتالي يسيء معاملة الناس انا صائم وبالتالي تجده سريع الغضب سريع الانفعال سريع الطيشان وهذا كله خلاف ما ينبغي ان يكون عليه الصائم هذا صح انه صام عن الاكل والشرب لكنه لم يزكي نفسه لم يحقق الغاية من الصوم التي من اجلها شرع الله تعالى الصوم. وقال جل لو علا يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. هذا لم يحقق الصوم المقصود الذي اراد الله تعالى تحقيقه في مسلك الصائم حيث قال في حديث ابي هريرة من لم يدع قول الزور وهذا كل قول باطل وكل قول محرم من الغيبة والنميمة القول البذي والسب والتكلم بالمحرمات بشتى صنوفها والعمل به يشمل كل عمل محرم سواء كان عملا ظاهرا او عملا باطنا كالرياء والعجب والحسد والحقد او سعي بالفساد في الارض سائر انواع الفساد التي تكون بالعمل من على اشعة الشر بين الناس من التقصير في الواجبات عدم القيام بالمهمات كله يدخل تحت عمل الزور. فمن لم يدع قول الزور ولم يدع عمل الزور العمل الباطل والقول الباطل فليس الا حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. الله يا اخواني غني عنا وعن عباداتنا. يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري فتضروني. ولن يبلغ نفعي فتنفعوني. يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه. هذه العبادات فائدتها لنا نحن الله غني عنا وعن عباداتنا. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الامام مسلم من حديث ابي ذر في الحديث الالهي يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم. ما زاد ذلك في ملكي شيئا ويا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على انقص او على افجر قلب رجل ان واحد منكم ما نقص ذلك من ملكه شيئا. اذا هي في الحقيقة اعمال نحن الذي نجني نحن الذين نجني ثمارها في الدنيا وفي الاخرة ومن المهم ان نحقق الغايات من العبادات. ولهذا الله تعالى في اول تشريع الصيام ذكر الغاية من الصيام فقال لعلكم تتقون وفي الصلاة قال ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. وفي الحج قال الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا في الحج وفي الزكاة قال خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها. اذا كل العبادات مقصودها وغايتها هو تزكية نفوس ولهذا صدق جابر رضي الله عنه عندما قال وليكن عليك وقار وسكينة صيامك لانه الثمرة المقصودة من الصيام. الوقار هذا في الهيئة والمظهر والسكينة. هذا في القلب والقلب ترجو ما يكون في الاعمال من صالح واستقام من صلاح واستقامة او فجور وخيانة. ولهذا ادعو نفسي واخواني ان نتأمل هذا المعنى وهو هل نحن صمنا بقلوبنا وصمنا عما حرم الله تعالى علينا اولنعلم ان المعصية في وقت الصيام اعظم وزرا واكبر اثما من المعصية في حال غير الصائم. ولهذا منع الصائم من ان يأخذ حقه في حال الاعتداء عليه بالقول مراعاة لصيامه. اسأل الله العظيم ان يرزقنا واياكم الصيام الذي يرضاه عنا وان يكملنا بالصالحات وان يعيذنا من السيئات. انه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين