الحمد لله فاطر السماوات والارض جعل الملائكة رسلا اولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه في السر والاعلان بالقول باللسان والجنان فهو المحمود على كل حال احمده لا احصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه واشهد ان لا اله الا الله رب عظيم كريم تعرظ لعباده بالاحسان ان ومدهم بانواع النعم وفتح لهم ابواب العطاء فله الحمد كله واشهد ان محمدا عبده ورسوله خيرته من خلقه بعثه الله على حين فترة من الرسل وانقطاع من الهدايات وانطماس من السبل فاخرج الله تعالى به البشرية من تورط في معصيته فكل من تورط في معصيته لم يدع لذلك قيل لسفيان الثوري الا تدعو ايا لا تدعو الله عز وجل بالسؤال والطلب؟ قال ترك الذنوب دعاء وهذا من فقهه رحمه الله فانه يشير الى العبادة الظلمات الى النور وهداهم سبل السلام واخرجهم من العمى الى الابصار فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واكتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهلا وسهلا ومرحبا بكم. ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة من برنامجكم ادعوني استجب لكم. سنتحدث عن الوعيد الذي توعد الله تعالى به من ترك دعاءه. فان الله تعالى امر بدعائه وبين الوعد المرتب على تحقيق ذلك فقال وقال ربكم ادعوني استجب لكم. فامر بالدعاء ووعد بالاجابة توعد من ترك عبادته بالويل والثبور والعذاب الاليم فقال جل وعلا ان الذين يستكبرون عن عباده سيدخلون جهنم داخرين. قول الحق جل في علاه ان الذين يستكبرون عن عبادتي. يستكبرون اي يأنفون ويتعالون وينصرفون عن عبادته سواء كان ذلك بترك ما امر الله تعالى به من الواجبات او بنهي بترك امتثال ما نهى الله تعالى عنه بالتورط في المحرمات فان كل ذلك ترك لما امر به من دعائه في دعاء العبادة فان العبد مأمور بالصلاة على سبيل المثال. فاذا امتثل ذلك كان محققا لما امر الله وقال ربكم ادعوني عل الله بامتثاله الصلاة دعا الله بامتثاله في اداء الزكاة. دعا الله بامتثاله في صوم رمضان دعا الله بامتثاله في البيت دعا الله بامتثاله في بر الوالدين دعا الله بامتثاله في صلة الارحام دعا الله بامتثال امره في صدق الحديث دعا الله امتثال امري في اداء الامانات دعا الله بامتثال امره في بر الجار والاحسان اليه. كل هؤلاء اذا امتثلوا امر الله فحقهم الاجابة. لكن لو ترك الصلاة فانه استكبر عن عبادة الله لو امتنع عن اداء الزكاة امتنع عن الصلاة عن الصوم امتنع عن الحج اساء الى والديه لم يصل ارحاما لم يصدق في حديثه كل هذا وقع فيه الانسان في الاستكبار عن عبادته. الاستكبار عن دعائه. ان الذين يستكبرون عن عبادتي فيأنفون عنها وذكر الاستكبار ليس حصرا الاسباب بل هو اعظم الاسباب قبحا واشرها آآ صورة ويلحق به كل اسباب ترك عبادة الله عز وجل. ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين. توعدهم الله بعقوبتين عقوبة حسية وعقوبة معنوية. العقوبة الحسية دخول النار نسأل الله النجاة منها. قولوا اللهم جنه من النار اللهم اجرني من النار اللهم اجرني من النار قول ذلك واحرصوا على سؤال الله عز وجل النجاة من النار انها الدار التي اعد الله تعالى فيها من العذاب لمن عصاه ما لا يدركه وعقل ولا يبلغه وصف نسأل الله السلامة منها. انما هو بيان لبعض اوصاف العذاب والا امر اعظم كما ان نعيم الجنة اعظم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فكذلك عذاب النار على هذا النحو الذي يدرك فعلا الناس المعاني اجمالا لكن ما راء كمن سمعها ولذائق كمن قص عليه خبر او وحتى رأى فلذلك ينبغي للمؤمن ان يسأل الله الجوار من النار. المقصود ان المؤمن اذا حقق ما امر الله تعالى به سلم من هذه العقوبة من دخول النار ان الذين يستكبرون على العبادة سيدخلون جهنم. هذا النوع الاول داخلين وهذا العقوبة الثانية وهي عقوبة عنوية وهو الذل والصغار. لان هؤلاء استكبروا عن عبادته فكان عاقبة امرهم خسرا. كان عاقبة وامرهم بوارى كان عاقبة امرهم هلاكا. فمن ترك الدعاء هلك. من ترك العبادة خسر من ترك طاعة الله تعالى فهو في ظلال مبين. فالفوز كل الفوز في طاعة الله. يقول الله تعالى فمن نازح عن النار وادخل الجنة فقد فاز. يقول جل وعلا وينجي الله الذين اتقوا بما فازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون وهنا ايضا ذكر الله تعالى العقوبتين العقوبة الحسية والعقوبة المعنوية لا يظن ظان ان العقوبة في الاخرة فقط على ابدان دون الارواح على حس دون المعنى بل العقوبة مقترنة على وجه كامل للابدان والارواح للحس والمعنى لذلك كان عقوبة من استكبر عن دعاء الله عز وجل ما ذكر من هاتين العقوبتين اذا قوله ان الذين يستكبرون عن عبادتي يدخل فيه كل من ترك طاعة الله عز وجل. كل من ترك عبادته جل في علاه في شأن مما امر او كل من في الدعاء وهو النوع الاوسع والاشمل من نوعي الدعاء اما النوع الثاني وهو دعاء المسألة فهو داخل ايضا فانه من ترك دعاء الله عز وجل استكبر عن عبادته وكان ذلك موجبا لهلاكه ولا يمكن لاحد ان يغتني عن سؤال الله عز وجل مهما بلغ فانه لا بد ان يسأل الله اما بلسانه او بحاله فلا بد من سؤال له ولذلك حفظ الله تعالى في كتابه من ادعية النبيين والمرسلين ما يبين انه ليس في احد غنى عن سؤال الله وعن طلبه وعن انزال الحاجة به فهو الصمد جل في علاه حتى اولئك الذين يجحدون الله ويستكبرون اذا نزلت بهم المصائب وحلت بهم الكروب وجاءت اليهم النوائب لم يملكوا الا ان يلجأوا الى الله عز وجل. لم يملكوا الا ان يسألوا الله عز وجل فلذلك ليس ثمة احد مستغن عن سؤال الله عز وجل. قد يخطئ بعض الناس فيسأل غير الله. لكنه لابد ان يسأل فاذا سأل غير الله كان ايضا مخالفا لما امر الله تعالى به من دعائه لانه دعا غيره وهو بهذا قد تورط ففي نوع من الضلال وسلك سبيلا من سبل الغواية والزلل والانحراف قال الله تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين سماها الله تعالى عبادة لانها صرفت لغيره جل في علاه فدعاء غيره هو تعبد لغيره لذلك من المهم للمؤمن ان يعرف ان ترك دعاء المسألة هلاك كما ان ترك دعاء العبادة هلاك لكن ترك دعاء المسألة له صورتان اما الا يدعو بالكلية وهذا هلاك لانه لابد للانسان ان يدعو ما من احد الا لابد ان يدعو فالدعاء فرض واجب على كل مسلم ولذلك جعله الله تعالى فرضا على كل مؤمن ففرظ عليه ان يسأله الهداية الى الصراط المستقيم وذلك في سورة الفاتحة التي لا تصح صلاة الا بها. والصلاة فرض على كل مسلم ذكر او انثى. قال الله جل وعلا اهدنا الصراط المستقيم فمن ترك دعاء الله هلك من ترك سؤال الله؟ هلك؟ من ترك عبادة الله؟ هلكوا بهذا يتبين بجلاء ووضوح ان ترك العبادة هلاك ترك السؤال هلاك ترك الدعاء بكل صوره هلاك التأمل في القرآن الحكيم وما ذكره الله تعالى في محكم التنزيل يبين كيف ان امما وافرادا قد هلكوا بسبب الخروج عن الطاعة والعبادة. والهلاك هنا لا يتخذ صورة واحدة قد يكون بالعقوبات وما ينزله الله تعالى من السخط قد يكون الاملاء للظالمين فان الاملاء للظالم هو ايغال في سبب الهلاك و استدراج لاستحكام العقوبة عليه ولا يحسبن الذين كفروا ان ما نملي لهم خير لانفسهم فما يمليه الله تعالى كافر من تمكين او مدد او عطاء فهو ليس خيرا له بل هو لاقامة الحجة عليه ولاستحكام العقوبة عليه فلذلك ينبغي ان يعلم ان كل من ترك الدعاء ها فانه هالك. ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت. ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. والله وتعالى يقول وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك اي بسبب ما كسبته يداك. لذلك لنعلم ان الخروج عن العبودية. الخروج عن الطاعة الوقوع في المعصية. ترك سؤال لله عز وجل ترك دعائه هو من موجبات هلاكه وبواره وضياع صلاحه لهذا كن على حذر وكوني على حذر في ان لا تستجيب لما امرك الله تعالى به من دعائه عبادة باقامة الشرائع وترك المحرمات من عبادته سؤاله وانزال الحاجات به وامل من ربك العطاء. فقد قالوا ادعوني استجب لكم اذا لم يقع ذلك منك لم تحقق العبودية لله ولم تسأل الله فاحذر من اخذاته وعقوباته كما قال جل وعلا ان الذين يستكبرون على العبادة سيدخلون جهنم داخرين اذلاء صاغرين محتقرين اسأل الله ان يسلمني واياكم من النار. اللهم اجرنا من النار اجعلنا من عبادك. ممن حقق لك العبادة على ما تحب وترضى الى ان نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم ادعوني استجب لكم استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته