اصل تنتظم كل التشريع لان هذه الشريعة شريعة وسط شريعة عدل يعطي فيها الله عز وجل كل ذي حق حقه على نحو متقن ولذلك كان اول ما امر الله تعالى به السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه الحلقة من برنامجكم عباد الرحمن نتحدث فيها عن قسوة من خصال عباد الرحمن التي ذكرها الله جل وعلا في سورة الفرقان عندما ذكر صفة الانفاق قال جل وعلا والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما انها خصلة تتضمن وصفين حمدين الخصة الاولى الانفاق في سبيل الله وقوله تعالى الذين اذا انفقوا اي اذا اخرجوا المال سواء كان ذلك في نفقاتهم على انفسهم او في نفقاتهم على ازواجهم او في نفقاتهم على اولادهم او في نفقاتهم على والديهم او في نفقاتهم على اقاربهم او في نفقاتهم على من ينفقون عليهم من اهليهم وقراباتهم فانهم يتميزون بهذه الصفة وهي قوله جل وعلا لم يسرفوا ولم يقدروا الحمد لله رب العالمين. احمده حق حمده له الحمد كله اوله واخره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واختفى اثره باحسان اليه بالدين اما بعد اخذتنا الاية فتحدثنا عن بعض معناها فالله جل وعلا ذكر في هذه الاية الكريمة امرين الامر الاول الانفاق والامر الثاني التوسط والاعتدال في الانفاق وهذان الامران بهما قوام معاشي الناس لان الناس لا تقوم حياتهم الا بنفقة فالمال عصب والحياة واذا امر الله تعالى بالاكتساب وامر بالانفاق في سبيله وامر بالانفاق مما رزق جل وعلا الم يحدد بابا من ابواب الانفاق المأمور به بل جعل ذلك عاما في كثير من موارد الامر بالانفاق وخصه في بعض الاحيان وذلك لتنوع اللوازم والنفقات التي تلزم الانسان في حياته فمنها ما يكون نفقة على نفسه. منها ما يكون نفقة على زوجه. منها ما يكون نفقة على ولده. منها ما يكون نفقة على والديه. منها اما يكون نفقة على ذوي رحمه منها ما يكون نفقة على خدمه منها ما يكون نفقة على ما يملكه من الدواب والحيوان منها ما يكون نفقة واجبة في ماله كالزكاة منها ما يكون صدقة يتقرب بها الى الله عز وجل منها ما يكون بابا من ابواب التقرب الى الله ببذله رغبة في الثواب والاجر كالصدقة كالهدايا والوصايا و الاوقاف وغير ذلك من ابواب الانفاق كل هذا يضبطه الله عز وجل بوصف مهم. يبين كمال هذه الشريعة وتوازنها. ويبين انها شريعة وسط ليس فيها افراط ولا تفريط فانها شريعة تأمر ايتاء الحقوق والاداء للواجبات لكنها على نحو من التوسط الذي يقيها الغلو يقيها بالجانب الاخر الجفاء. فان الشريعة جاءت امرة بالواجبات وناهية عن الزيادة وعن التقصير ولذلك في نموذج من هذه الشرائع التي جاءت فيها الشريعة بالوسطية التامة الكاملة التي يتسم بها كل التشريع كما قال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا. يقول الله تعالى والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا بين ذلك قواما ولا غرب ولا ولا عجب ولا غرابة فان جميع الامور يكتنفها جاذبان جاذب زيادة وجاذب نقص. فما من خصلة محمودة الا ولها طرفان طرف آآ في زيادة وطرف في نقص وكلى هذين الطرفين مذموم الكمال والنجاح والفضل في ان تكون بين هاتين الخصلتين الشجاعة بين تهور وجبن السخاء بين اسراف وتبذير اه العقل بين اه اه تغييب له اهماله او افراط له باعماله فيما ليس من مجالات عمله. وهلم جر في كل الخصال والامور الانسان مأمور فيها بالتوسط ولهذا قال الله جل وعلا فيما يتعلق بالنفقة البذل قال تعالى ولا تجعلوا ان يدك مغلولة الى عنقك تنهاه عن الامساك والبخل الذي يمسك به الانسان ما وجب عليه من الحقوق في ما له ما وجب عليه من اللوازم لنفسه او لاهل ليه؟ او لمن تجب النفقة عليه او لما جعله الله تعالى فرضا في المال لا تجعل يدك مغلولة الى عنقك هكذا امر الله عز وجل في هذه الاية وهذا نهي عن الامساك وهو احد طرفي الامور لكن ايضا قال ولا تبسطها كل البسط اي ولا تسرف ذلك الاسراف الذي يجعلك في منتهى الامر تقع خالي اليدين ولذلك قال فتقعد مذموما محصورة وهذا في الحالين كل افكيك اليهما في حال الامساك تقعد مذموم ومحسوب وفي حال البسط الذي يحمل الانسان على الاسراف والتبذير يكون على هذا النحو ولذلك كان من خصال الايمان ومن خصال عباد الرحمن ان قال ربنا جل وعلا والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وقد قال الله تعالى واتي ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ثم قال ولا تبذر تبذيرا تأمل الله عز وجل يأمر صدقات وانفاق واجب على ذوي القربى وعلى المساكين وعلى ابن السبيل العابر. وهذا يشمل النفقة التي تجب للقرابة النفقة التي تكون لاهل المسكنة النفقة لابن السبيل وهذان صنفان من اهل الزكاة ثم يقول تعالى ولا تبذر تبذيرا اي ولا تسرف اسرافا يوقعك فيما تذم به وفيما لا تحمد عقباه من المآلات التي ذكرها الله عز وجل في قوله فتقعد ملوما محصورة عليك باوساط الامور فانها نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا. عليك بالتوسط في كل امر بشأنك كله فان ذلك يحميك من كل الافات التي تعتريك في سلوكك وخلقك ان الله جل وعلا اه نهى عباده عن الاسراف وهذا يشمل حتى الاسراف في الصدقة كما جاء ذلك فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال كلوا واشربوا وتصدقوا ثم قال من غير سرف ولا بخيلا وهذا يبين انه ينبغي للانسان في انفاقه ان يراعي الوسطية. الوسطية يا اخواني ويا اخواتي منها او وكان الامر الجامع لكل ما امر الله تعالى به العدل ان الله يأمر بالعدل. ثم المرتبة الفاضلة التي تزيد على العدل هي الاحسان ان الله يأمر بالعدل والاحسان لذلك جدير بنا ايها الاخوة والاخوات في كل نفقاتنا ان نراعي الوسطية وفي كل شؤوننا ان نكون وسطا بين الجانبين جانب التقدير وجانب الاسراف بين جانب الغلو وبين جانب الجفاء الاعتدال هو الظمانة وهو السبيل الذي يدرك به الانسان السعادة وانت ترى هذا في في في كل شؤون الحياة ليس فقط في فيما يتعلق بالعبادات ولا في الانفاق ولا في جانب من انا الحياة بل كل جوانب الحياة كلما زدت في شيء نقص ذلك الشيء وكلما نقصت شيئا زاد الشر في جانب الاخر وانما انت على كمال فيما اذا سرت على الوسطية التي جعلها الله تعالى سمة لخير البرية وشريعة سيدي اه الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك جعلناكم امة وسطا عدلا خيارا اللهم انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والرشاد والغنى اعنا على طاعتك واصرف عنا معصيتك اجعلنا من حزبك واوليائك وانضمنا في سلك عباد الرحمن الذين هم اهلك اه احبابك واصفياؤك من خلقك الى ان نلقاكم في حلقة قادمة من اجيكم عباد الرحمن استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه السلام عليكم وبركاته