السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرحبا بكم ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم عباد الرحمن الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. حمدا يرضيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعده احق من حمد واجل من ذكر فله الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون واشهد ان لا اله الا الله شهادة تنجي قائلها من النار واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واختفى اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد بهذه الحلقة سنتحدث عن صفة من صفات عباد الرحمن وهي من اهم صفاتهم وهي ثمرة ايمانهم واستقامتهم وهي سبب لصلاح معاشهم ومعادهم هي من اسباب طيب المعاش واستقامة الديانة وصلاح الدنيا والاخرة يقول الله تعالى في وصف فئة من اوليائه وعباده وكانوا لنا خاشعين. سنتحدث عن صفة الخشوع خصال عباد الرحمن عندما يذكر الخشوع يتبادر الى الاذهان ما يتصل بالخشوع في الصلاة وكانه لا خشوع لاهل الايمان الا في الصلاة وهذا قصور في معنى الخشوع فان الخشوع وصف يتحلى به القلب يحقق به تمام الذل والخضوع والتعظيم للرب واذا تحقق ذلك كان هذا الغاية في اظهار العبودية لله عز وجل بكل احواله وشؤونه ليس فقط بصلاته بل يكون ذلك في ظاهرة وباطنه في سره واعلانه في صلاته وفي سائر شأنه لا يقتصر ذلك على باب من الابواب ولا على شأن من الشؤون. ولذلك عندما ذكر الله تعالى صفات عباد الله من النبيين والصديقين. قال جل وعلا انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا ثم بعد ان ذكر تلك الصفات الجميلة التي تدل على اشتغالهم بي المسابقة الى مرضاة الله السعي في كل ما يحبه جل وعلا. المجافاة والتجنب لكل ما يبغضه. قال جل وعلا وكانوا لنا خاشعين اي في غاية الذل في غاية الخظوع في غاية الانقياد في تمام الحب له جل وعلا. ولهذا كان من صفات المدح والحمد ب قوم امنوا بالله عز وجل ممن امن الرسل السابقين وامن بالنبي صلى الله عليه وسلم انهم من اهل الخشوع يقول الله تعالى وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله هذا الخشوع مما اثنى الله تعالى به عليهم ومدحهم به وذلك لقيامهم تمام الذل والخضوع لله جل وعلا وان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان كامل الخشوع والخضوع والذل لله عز وجل فكان قائما بحقه في سره واعلانه في حظره وسفره في خاصته وعامته. وكان يتم ويظهر تمام خشوعه عندما يسمع اياته لله عز وجل فكان يسمع القرآن من اصحابه وآآ يحصل منه صلى الله عليه وسلم من الخشوع وحضور القلب ما تتساقط به دموعه صلى الله عليه وسلم خشوعا لذكر ربه خشوعا لما سمعه من ايات القرآن الحكيم. جاء بما نقله عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذات يوم يا عبد الله اقرأ علي طلب منه ان يقرأ عليه شيئا من القرآن وهو مفتاح الخشوع الذي به تطيب القلوب وتلين. الا بذكر الله تطمئن القلوب قال عبدالله ابن مسعود للنبي صلى الله عليه وسلم لما قال له اقرأ علي قال اقرأ عليك وعليك انزل قال النبي صلى الله عليه وسلم فاني احب ان اسمعه من غيري فقرأ عبد الله ابن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من الذكر الحكيم في سورة النساء وهي سورة مليئة ببيان احكام تصلح بها احوال الناس في معاشهم وتستقيم بها امورهم وتتنظم بها احوالهم وكان ان قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ قوله تعالى فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال عبد الله فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم امسك يعني توقف عن القراءة عند هذه الاية يقول فالتفت فاذا عيناه صلى الله عليه وسلم تذرفان ان ذلك الدمع الذي رآه عبد الله ابن مسعود في عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ترجمة لما ما قام في القلب من تعظيم الله عز وجل من تمام اليقين بصدق خبره من من تعظيم الموقف الذي ذكره الله تعالى في جمع الاولين والاخرين فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ان الخشوع ايها الاخوة والاخوات وصف يتحلى به المؤمن ليس فقط في لحظة او في فترة او في موقف انه خشوع ينتاب الانسان يصبغ سلوكه وقلبه وقالبه قوله وعمله فتراه خاشعا لله عز وجل ذليلا له في الامر بامتثاله وفي النهي بمجافاته والبعد عنه. وقد عاتب الله تعالى اهل الايمان لما تأخر منهم شيء من الخشوع فقال الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله. يقول عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه نزلت هذه الاية بعد اربع من اسلامهم اي من اسلام الصحابة رضي الله تعالى عنهم. عاتبهم الله تعالى بهذه الاية بسبب عدم كمال الخشوع فكان بعضهم يعاتب بعضا بذلك ويقرأ الم تسمع ويقول احدهم لصاحبه الم تسمع قول الله عز وجل الم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وقد قال عبد الله بن عمر عندما سمع هذه الاية بلى يا رب بلى يا رب انا وحضر الوقت الذي يخشع فيه الانسان لله الخشوع لله يشمل الخضوع له جل في علاه باحكامه القدرية وفي احكامه الشرعية لله حكم ان في خلقه الحكم القدري وهو ما اجراه الله تعالى من الحوادث والوقائع التي لا خيار للناس فيها والتي تجري عليهم وتنفث فيهم ما شاء الله وكان وما لم يشأ وهذه الخضوع لله فيها ان تقابل بالصبر في ادنى المراتب. وان تقابل بالرضا في اعلاها. فمن رضي فله الرضا. ولا هذا ان يستسلم الانسان للاقدار ولا يدفعها باقدار الله بل يدفع قدر الله بقدر الله فاذا نزل به مرض دفعه بطلب الشفاء والدواء اذا نزل به جوع دفعه بطلب الاكل الذي يدفع به جوعه وهلم جر في كل الله واقداره. لكن عندما ينزل به مصاب لا يتمكن من دفعه. ليس له الا ان يصبر ويرضى ويعلم ان ما اختاره الله له خير مما اختاره لنفسه. عند ذلك ينشرح صدره ويحقق الخشوع لله عز وجل ومن يؤمن بالله يهدي قلبه الحكم الثاني الحكم الشرعي والخضوع والخشوع لله عز وجل في الاحكام الشرعية بان تنقاد لها. ان تقبلها منشرحا بها صدرك وان تقوم بما تستطيع منها. كما قال الله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما امرتكم به من امره فاتوا منه ما استطعتم لذلك الخشوع لله عز وجل ليس محصورا في عبادة بل هو ينتظم سلوك الانسان في كل احواله وفي كل اعماله في احكام الله الجارية عليه قدرا بالصبر والاحتساب والرضا بقدر الله عز وجل وفي الاحكام الشرعية بالقبول لها وبذل الوسع في امتثالها في الامر فعلا وفي الترك نهيا جعل الله واياكم من الخاشعين وسلك نبينا سبيل عباده المتقين. وفقنا الى ما يحب ويرضى في السر والعلن الى ان نلقاكم في حلقة قادمة من برنامجكم عباد الرحمن استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته