عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابي هريرة رضي الله عنه وفيه ما افاده هذا الحديث من ان من قال لا اله الا الله نفعته يوما من الدهر اصابه قل هذه سبيلي. ادعو الى الله اه على بصيرة انا ومن اتبعني. وسبحان الله وما من المشركين. والحمد لله رب العالمين. احمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. لا احسن ثناء عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه صلى الله عليه عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فهذا هو اول الدروس التي سنعلق فيها ان شاء الله تعالى على كتاب كلمة الاخلاص للحافظ عبدالرحمن بن احمد بن رجب رحمه الله تعالى وهذا الكتاب كتاب شرح فيه المؤلف رحمه الله مسائل تتعلق بكلمة الاخلاص وهي لا اله الا الله بين فيه او في هذه المسائل جوانب من تحقيق العبادة والاجابة على اشكالات ترد على بعض الاحاديث فالكتاب فيه فائدة كبيرة وهو من الكتب المفيدة لا سيما وان مؤلفه الامام ابن رجب الله يتميز بالتحرير والتحقيق والعناية بالاحاديث وجمع كلام اهل العلم حولها فهذا بيكتسب اهمية من جهة موضوعه ومن جهة مؤلفه. فموضوعه اصل الدين. كلمة الاخلاص التي بها النجاة ومؤلفه امام بارع في الرواية والدراية في الحديث والفقه ولذلك كان هذا درة من الكتب فيما يتعلق بهذه الكلمة المباركة شرحا وبيانا وتوضيحا فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يجزي مؤلف رحمه الله خير الجزاء. وان يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع احسنه. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. ترجمة للمؤلف موجزة هو الامام الجليل ابو الفرج زين الدين عبدالرحمن بن احمد بن رجب السلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي. ولد في بغداد سنة ست وثلاثين وسبعمئة وقيل سنة ست وسبعمئة والاول هو الارجح ونشأ في دمشق وفيها تلقى العلم على اكابر علماء الملة امثال الامام شمس الدين ابن القيم وزين الدين العراقي وكان فقيها محدثا واعظا مؤرخا يميل الى العزلة والانفراد كثير العبادة والتهجد وكان بينه وبين حنابلة زمانه جفوة. حتى انه لم يترجم لكثيرين منهم في ليل الطبق ومنهم ال مفلح وفيهم العلامة ابراهيم بن محمد مؤلف المبدع في شرح المقنع هو من اعظم كتب الحنابلة في الفقه كان رحمه الله يفتي بمقالات شيخ الاسلام ابن تيمية ويرجع الى وفي مؤلفات ابن رجب نزعة صوفية عصمه الله من الانحدار في مزارقها بما جزاه الله من علم غزير ومنهج سلفي. اذا ما فائدة ان يقول في نزعة صوفية ثم يقول عصمه الله. اذا كان عصمه الله فلا يحتاج ان ننبه الى هذه النزعة يعني كون الامام ابن رجب رحمه الله مما كان له عناية بالقلوب و دوائها ومعالجتها ما يصلحها لا يسمى هذا بنزعة صوفية هذا نزعة شرعية دينية لان الشريعة جاءت لاصلاح القلوب. نعم ومن مؤلفاته القواعد والاستخراج لاحكام الخراج وشرح صحيح البخاري ولم يكمله. وشرح الترمذي والتوحيد وفضل علم السلف على الخلف وذيل طبقات ابن ابي يعلى وغير ذلك من الكتب ايه ده؟ وكانت وفاته عليه رحمة الله في دمشق سنة خمس وتسعين وسبعمئة ودفن في مقبرة الباب الصغير قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه تحقيق كلمة الاخلاص بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين. خرج البخاري ومسلم في الصحيحين عن انس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال يا معاذ قال لبيك يا رسول الله وسعديك. قال يا معاذ قال لبيك يا رسول الله وسعديك؟ قال يا معاذ قال لبيك يا رسول الله وسعديك؟ قال يا معاذ قال لبيك يا رسول الله وسعديك؟ قال ما من عبد يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله الا حرمه الله على النار قال يا رسول الله الا اخبر بان الناس فيستبشروا؟ قال الي اتكلوا فاخبر بها معاذ موته تأثما. وفي الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله. وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة او ابي سعيد بالشك انهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. فاصابتهم مجاعة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بنطع فبسطه. ثم دعا بفضل ازواجهم فجعل الرجل يجيء بكف ذرة ويجيء الاخر بكف التمر ويجيء الاخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة. ثم قال خذوه في اوعيتكم. فاخذوا في اوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء الا ملأوه. الله اكبر. فاكلوا حتى شبعوا وفضلت فضله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله. لا يلقى الله بهما عبد غير شاكر فيهما فيحجب عن الجنة. وفي الصحيحين عن ابي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد قال لا اله الا الله ثم مات على ذلك الا دخل الجنة. قلت وان زنا وان سرق؟ قال وان زنى وان سرق قلت وان زنا وان سرق. قال وان زنا وان سرق ثلاثا. ثم قال في الرابعة على رغم ابي ذر قال فخرج ابو ذر وهو يقول وان رغم انف ابي ذر. وفي صحيح مسلم عن عبادة ابن الصامت انه قال عند موته سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شهد ان لا اله الا الله وان رسول الله حرمه الله على النار. وفي صحيح مسلم عن عبادة ابن الصامت انه قال عند موته رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه وان الجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من العمل. وفي هذا المعنى احاديث كثيرة يطول ذكرها. هذه الاحاديث التي ذكرها المؤلف رحم الله افتتح بها هذه الرسالة المباركة. في بيان معنى كلمة الاخلاص وتحقيق معناها او في كلمة الاخلاص وتحقيق معناها ذكر المؤلف رحمه الله طائفة من الاحاديث وهي جميعها تدور على بيان فضل هذه الكلمة فهذه الاحاديث التي ذكرها حديث انس وحديث عتبان وحديث ابي هريرة وحديث ابي ذر وحديثي عبادة كلها دائرة على بيان فضل هذه الكلمة وما يدركه الانسان بقولها. ففي الحديث الاول حرمه الله على النار حديث انس وكذلك حديث عتبان ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله. وفي حديث ابي هريرة فيه دخول الجنة لقاء هذه الكلمة اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة. كذلك حديث ابي ذر كذلك حديث عبادة الاخير وحديث عبادة الاول فيه التحريم من النار. ولا شك ان التحريم على النار يوجب الدخول الجنة ودخول الجنة يوجب السلامة من النار. فهذه الاحاديث كلها تبين فظيلة هذه العظيمة المباركة وهي كلمة لا اله الا الله. ولاحظ انه في بعظ الاحاديث يذكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الفضل مرتبا على الشهادتين في حديث انس فانه قال ما من عبد يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله الا حرمه الله على النار. كذلك حديث ابي هريرة وحديث عبادة ابن الصامت الاول والثاني اما بعضها ففيه ترتيب الاجر على قول لا اله الا الله فقط. كحديث عتبان ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بذلك وجه الله. فالاحاديث التي فيها الاقتصار على لا اله الا الله معلوم انه لا يمكن ان ان يكون ذلك الا باظافة الشهادة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالرسالة فالاحاديث التي فيها الاختصار على لا اله الا الله لا تعني انه لا حاجة الى الاقرار للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة لادراك هذا الفضل. لانه لا يمكن ان يدرك هذا الفضل الا من اقر بما تضمنه الحديث من ان المخبر به من لا ينطق عن الهوى وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فالاحاديث التي فيها الاقتصار على لا اله الا الله تتضمن وتستلزم الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة لانه هو الذي اخبر صلى الله عليه وسلم بانه لا اله الا الله وما من اله الا الله ودعا الناس الى عبادة الله وحده فلا تعارض بين هذه الاحاديث في حصول الفضل بلا اله الا الله او بلا اله الا الله والشهادة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالرسالة بعد ان ذكر المؤلف رحمه الله هذه الطائفة من الاحاديث وهي احاديث عظيمة جليلة لكن ليس الشأن في الوقوف عندها لان المؤلف رحمه الله لم يسقها للوقوف عندها على وجه الافراد انما اراد معنى ما تضمنته هذه الاحاديث من ترتيب الفضل على قول لا اله الا الله. ولهذا قال بعد ان ساق الاحاديث قال وفي هذا المعنى اي ان من قال لا اله الا الله دخل الجنة او ان من قال لا اله الا الله حرم على النار احاديث كثيرة يطول ذكرها. فالمؤلف رحمه الله ليس غرظه في حديث من هذه الاحاديث. انما غرضه في معنى ما هذه الاحاديث المشترك وهو ان هذه الكلمة من فضائلها السلامة من النار ودخول الجنة بعد ان ذكر المؤلف رحمه الله هذا انتقل الى بيان اقسام الاحاديث التي جاءت في فضل لا اله الا الله فقال واحاديث هذا الباب اي باب فظل قول لا اله الا الله او فظل الشهادة لله في الالهية وللنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة تنقسم الى يقول رحمه الله نوعان احدهما ما فيه ان من اتى بالشهادتين دخل الجنة ولم يحجب عنها وهذا ظاهر. فان النار لا يخلد فيها احد من اهل التوحيد الخالص وقد يدخل الجنة ولا يحجب عنها اذا طهر من ذنوبه بالنار. وحديث ابي ذر معناه ان الزنا والسرقة لا يمنعان دخول الجنة مع التوحيد. وهذا حق لا مرية فيه. ليس فيه انه لا يعذب عليهما مع التوحيد. وفي مسند البزار عن ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. من قال لا اله الا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما اصابه. هذا هو النوع الاول من احاديث فضائل هذه الكلمة وهي ما فيه ان من قال هذه الكلمة او قال الشهادتين دخل الجنة. وهذه الاحاديث يقول المؤلف وهذا ظاهر اي لا اشكال فيه ولا معارضة فيه لسائر الاحاديث التي فيها مؤاخذة اصحاب المعاصي بمعاصيهم او اصحاب الكبائر بذنوبهم. يقول وهذا ظاهر فان النار لا يخلد فيها احد من اهل التوحيد الخالص. وهذا محل اتفاق واجماع ان اهل التوحيد الخالص لا يخلدون في النار. بل يدخل الجنة ولا يحجب عنها اذا طهر من ذنوبه بالنار. وقد عفا الله عنه فيدخله الجنة بلا عقاب قبل. لكن دخول الجنة الاخبار بان من فضائل لا اله الا الله ان صاحبها يدخل الجنة لا يعني هذا او لا يستلزم هذا ان لا يمسه عقاب قبل دخوله. ولذلك يقول مؤلف وحديث ابي ذر معناه ان الزنا والسرقة لا يمنعان دخول الجنة مع التوحيد لان النبي صلى الله عليه وسلم لما اخبر ابا ذر بانه ما من عبد قال لا اله الا الله ثم مات على ذلك الا دخل الجنة قال ابو ذر وان زنى وان سرق؟ قال وان زنى وان سرق ابو ذر رظي الله عنه ذكر مانعين من موانع دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب. وهما الزنا والسرقة لما جاء فيهما من الاحاديث الدالة على المؤاخذة فعلهما بفعل الزنا وبفعل السرقة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم وان زنا وان سرق اي ان الزنا والسرقة لا يمنعان دخول الجنة. لكن هل هذا يفيد انه لا يؤاخذ يدخل الجنة بلا مؤاخذة؟ الجواب كما قال المؤلف رحمه الله الذي يفيد حديث ابي ذر ان الزنا والسرقة لا يمنعان دخول الجنة مع التوحيد. وهذا حق لا مرية فيه ليس فيه اي ليس في حديث ابي ذر انه لا يعذب عليهما مع التوحيد. فقد يعذب ويعاقب كما دل على ذلك حديث عبادة ابن الصامت في مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه على الا يسرقوا ولا يزنوا ثم بعد ان ذكر الامور قال النبي صلى الله عليه وسلم فمن اصاب من هذه القاذورات شيء فعوقب به في الدنيا فذلك كفارة له. ومن لم يعاقب به في الدنيا فامره الى الله ان شاء عاقبه وان شاء عفا عنه هذا الحديث في الصحيحين من حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه وهو دال على ان هذه القاذورات وهذه الكبائر قد يعاقب بها صاحبها في الاخرة ان شاء الله ان يعاقبه عليها. المقصود ان من قال هذه الكلمة فانه يؤول وينتهي امره الى الجنة اصابه قبل ذلك ما اصابه من العقوبات التي هي بسبب الذنوب. ولذلك ذكر المؤلف رحمه الله ما يشهد لهذا المعنى فقال وفي مسند البزار عن ابي هريرة هريرة رضي الله عنه من قال لا اله الا الله نفعته يوما من الدهر يصيبه قبل ذلك ما يصيبه. وهذا الحديث رواه كما ذكر المؤلف رحمه الله من طريق هلال في اساف عن الاغر المزني عن ابي هريرة رضي الله عنه. وقد جاء عند الطبراني من طريق عبيد الله قبل ذلك ما اصابه. وهذا يدل على انه يؤول صاحب هذه الكلمة الذي قالها صادقا في قوله الى وليس المقصود بالقول هنا كما سيأتي التنبيه والبيان ليس المقصود قول اللسان الذي هو مجرد على الاعتقاد هذا لا بد من الاتفاق عليه لان المنافقين يقولون هذه الكلمة او لا يقولون؟ يقولونها مع ذلك يقول الله تعالى في المنافقين ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار. فهؤلاء قالوها ولم تنفعهم. لماذا؟ لوجود مانع وفوات شرط لوجود موانع وفوات الشروط المقصود ان النوع الاول من الاحاديث التي فيها الخبر بان من قال لا اله الا الله دخل الجنة لا يستلزم ايش يا اخواني لا يستلزم الا يعاقب قبل دخول الجنة بالنار على ما يكون منه من المعاصي. هذا النوع الاول من النصوص النوع الثاني هو الذي فيه اشكال وهو الاحاديث التي فيها تحريم من قال لا اله الا الله على النار فما معنى التحريم؟ هل يعني التحريم الا يعاقب؟ سيأتي في كلام المؤلف رحمه الله