الى النبي ما السبيل؟ قال الزاد والراحلة وهذا يشير الى ان الحج لابد فيه من مال وذلك في غالب احوال من يقصد هذا البيت الحرام انه لابد له من مال يبلغه من التأمين الذي جعله الله تعالى لهذه البقعة فهو تأمين الشجر لا يعبد شوكه ولا يختلى فلا وهذا نهي عن التعرظ للشجر الذي نبت بفعل الله عز وجل دون فعل بني ادم فلا يختلى خلاه ولا يعضد شوكه اي لا تحش نباتاته التي تنبت من دون فعل الانسان ولا يختلى ولا يعضد شوكه اي لا يقطع شجره بل يترك على ما هو عليه والقائمين والركع السجود ثم قال بعد ان ذكر جملة من الاعمال تكون في هذا البيت المبارك وقال واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتينا من كل فج عميق عليها بناء الاسلام وهي الصلاة والزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا فهذه هي الاركان التي يبنى عليها الاسلام لا قوام لاسلام احد الا بالاقرار بهذه الاركان والقبول لها والعمل بها اذا توافرت شروط وجوبها وفرضيتها ولزومها في هذا المجلس ان شاء الله تعالى من كل يوم نقرأ ما يسر الله تعالى من الاحاديث التي تبين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ركن من اركان الاسلام وهو الحج وذلك من خلال ما ذكره الامام البخاري رحمه الله في صحيحه وقد جمع الامام البخاري في صحيحه في ابوابه وتراجمه بين الايات والاحاديث والاثار المنقولة عن الصحابة الكرام وتابعيهم باحسان واعلام الدين والملة من علماء الامة فكان هذا الكتاب من اجود ما ينبغي ان يطالعه الانسان لمعرفة العقائد والاعمال ونحن سنقرأ ان شاء الله تعالى هذا الكتاب ونعلق على ما يسر الله تعالى من الاحاديث الواردة فيه فنسأل الله التيسير والتسديد والاعانة سم الله والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الامام الحافظ ابو عبدالله محمد ابن اسماعيل ابن ابراهيم ابن المغيرة الجعفي البخاري رحمه الله تعالى في كتابه الجامع المسند الصحيح المختصر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وايامه قال رحمه الله تعالى كتاب الحج بسم الله الرحمن الرحيم باب وجوب الحج وفضل وقول الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا اه ومن كفر فان الله غني عن العالمين الحج هو القصد في اللغة واما في الشرع فالحج هو قصد البيت الحرام في زمان مخصوص على صفة مخصوصة لاعمال مخصوصة هذا اجمع ما يقال في تعريف الحج فالحج هو المجيء الى هذه البقعة المباركة هذا البيت المعظم في زمان محدد على صفة محددة لاعمال مبينة والمجيء الى هذه البقعة طاعة لله عز وجل فان الله تعالى امر نبيه إبراهيم عليه السلام ان ينادي في الناس ان يأتوا الى هذه البقعة كما قال تعالى واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت الا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين فالعبادة في هذا هذه البقعة تكون للمقيم فيها بالانواع التي ذكر الله تعالى وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وتكون ايضا لمن هم في غير هذا المكان وذلك بالتعبد لله عز وجل بقصد هذه البقعة ولذلك فرظ الله تعالى على ابراهيم عليه السلام ان يعلم الناس بفرض قصدي هذه البقعة المباركة قصد البيت الحرام تعظيما لله عز وجل قال الله جل وعلا واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ثم ذكر الله تعالى مقاصد المجيء الى هذه البقعة المباركة والحج ايها الاخوة عبادة ليست مما خص الله تعالى به امة الاسلام بل هو في الامم السابقة فقد نادى ابراهيم عليه السلام في الناس ان يحجوا ولذلك ما من نبي بعد ابراهيم ما من امة بعد ابراهيم عليه السلام الا وكان حج البيت مشروعا لهم ولذلك قال العلماء ما من نبي بعد ابراهيم الا حج البيت واما قبل واما قبل ابراهيم عليه السلام فقد اختلف العلماء في فرض الحج ووجوب قصد هذه البقعة المباركة فقال بعض اهل العلم انه ما من نبي الا حج هذا البيت الا ما كان من هود وصالح حيث تخلف عن حج هذا البيت لاشتغالهما بدعوة قومهما. وقيل بل لم يتخلف عن قصد هذا البيت وحجه احد من الانبياء والله عز وجل عظم هذه البقعة وتعظيمها ليس شيئا حادثا في شرائع الانبياء بل هو في سابق الخلق قال الله تعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله حرم مكة يوم خلق السماوات والارض فحرمة هذه البقعة وتعظيمها ليس شيئا حادثا في دين الاسلام او في ملة ابراهيم عليه السلام بل ذلك سابق في الامم بل ان اول مكان عبد الله تعالى فيه في الارض هو في هذه البقعة المباركة قال الله تعالى ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين في ايات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان امنا فهذه البقعة المباركة هي اول البقاع جرى فيها عبادة الله عز وجل واقامة شرعه فانها الموضع الاول الذي عبد الله تعالى فيه فقصد هذه البقعة بالتعظيم والعبادة هو من الشرائع المتقدمة وليس شيئا حادثا ولذلك يقول الله تعالى جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والمقصود القيام للناس ان حج هذا البيت مما تقوم به مصالح الخلق وقد ذكر جماعة من اهل العلم ما جاء عن ابن عباس ان الناس لو تركوا حج البيت الحرام ان الناس لو تركوا حج البيت الحرام سنة من السنوات لخرت السماء على الارض وذلك ان حج هذا البيت مما يحفظ الله تعالى به مصالح الناس وبه قيام الدنيا وبه صلاح الناس مسلمهم وكافرهم فالحج له ميزة بين العبادات بانه شريعة يرتبط بها اخر هذه الامة اخر الامم بالامم السابقة كما ان له ميزة ان المجيء الى هذه البقعة المباركة فيه من المصالح والمنافع التي يدركها الناس ما هو مشهود معلوم ولذلك قال تعالى ليشهدوا منافع لهم ويذكر اسم الله في ايام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فيدرك الناس بالمجيء الى هذه البقعة المباركة من منافع الدين ومن منافع الدنيا ما لا يدركونه دون هذا الفرض وهذه الشريعة ومن خصائص الحج ومزاياه في العبادات والشرائع ان الله تعالى جعله سببا لحط الخطايا والسيئات وسبيلا لليلة رفيع الدرجات ففي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته امه وقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث ابي هريرة ايضا والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة فتبين بهذا ان حج هذا البيت المبارك من خصائصه ومزاياه ما يناله قاصدوه من حط السيئات والخطايا ورفعة الدرجات ونيل المنازل العاليات هذه العبادة المباركة جمع الله تعالى فيها ما تفرق في غيرها من العبادات فان الحج عبادة جمعت عمل القلب وعمل الجوارح والتقرب الى الله تعالى بالمال فهي عبادة جمعت انواعا من التعبدات وليس في وليس في سائر العبادات ما في هذه العبادة من هذه الخاصية انها جمعت عبادة الجوارح وعبادة المال وعبادة القلب اما عبادة القلب ففي كل عبادات عمل قلبي لا يخلو منه عمل لا يخلو منه عبادة ولا عمل فجميع اركان الاسلام وشرائعه وجميع شرائعه لابد فيها من عمل قلب انما الاعمال بالنيات والنية اين محلها اين محل النية القلب. فما من عمل ولا شريعة من الاركان وغيرها الا ولا بد ان يكون فيها عمل قلبي انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى اما عمل الجوارح فيختلف ذلك باختلاف العبادات فالصلاة فيها عمل الجوارح عمل البدن والصوم كذلك ولكنه عمل بالامساك والكف واما عمل واما التعبد لله تعالى بالمال فهذا في الزكاة فقط فان الزكاة عمل يتعلق بالمال تعبد يتعلق بحق الله عز وجل في المال اما الحج فالحج مع هذا كله ففيه عبادة القلب وفيه عمل الجوارح وفيه عبادة المال التقرب الى الله تعالى بالمال حيث انه لابد للحاج من بذل مال يصل به الى مبتغاه من قصد هذا البيت الحرام ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السبيل كما في حديث كما في حديث عبد الله بن عمر وانس ابن مالك هذا المنزل المبارك وهذا البيت العتيق يصل به الى اداء ما شرع الله تعالى من هذه الفريضة هذي بعض الخصائص التي اختصت بها هذه الفريضة المباركة التي جعلها الله تعالى ركنا من اركان الاسلام ودعامة من دعائمه العظام ولاحد ان يسأل لماذا كان قصد مكة البقعة هذي المباركة فرضا الجواب على هذا ما بينه ربنا جل وعلا في الاية السابقة لفرض الحج فان الله ذكر في مقدمة فرض الحج الاسباب التي من اجلها جعل الله تعالى قصد هذه البقعة المباركة فرضا على الناس قال الله جل وعلا ان اول بيت وضع للناس الذي بكت مباركا وهدى للعالمين فيها ايات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان امنا. هذه الاية جواب على سؤال لماذا خص الله تعالى مكة البلد الحرام بوجوب قصدي هذا البيت المعظم لماذا؟ لانه اول موضع عبد فيه الله عز وجل ولان الله جعل فيه من البركة ما ليس في غيره من بقاع الدنيا ولان الله تعالى اقام فيه ايات دالات على عظمته وربوبيته والهيته جل في علاه ومن تلك الايات مقام ابراهيم وفي من خصائص هذه البقعة المباركة التي شرع الله تعالى قصدها لاجل ذلك انه هدى للناس ففي هداية ومن اعظم الهدايات في هذه البقعة المباركة ان الرسالة الخاتمة جاءت من هذه البقعة المباركة فان الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم من هذا المكان المبارك ولم يكن ما بعثه به خاصا فئة من الناس بالعرب او قبيلة من القبائل بل جاءت رسالة على نحو من العموم والشمول شملت كافة الخلق وعامة الورى من الانس والجن تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميع فكانت رسالته عامة وهذا من معاني قوله تعالى ان اول بيت وضع للناس الذي بكت مباركا وهدى للعالمين فهداية هذا هذه البقعة للعالمين هو ما انبثق من النور المبين الذي جاء به سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه. هذه الخاصية الرابعة التي تضمنتها هذه الاية في بيان اسباب قصدها اما الخامس من خصائص هذه البقعة التي فرض الله تعالى قصدها والحج اليها ومن دخله كان امنا اي من دخل هذا البيت كان امنا والتأمين نوعان تأمين قدري كوني وهو ما كان عليه اهل الجاهلية من حفظ حرمة هذه البقعة المباركة فان الله عز وجل قذف في قلوبهم من تعظيم هذه البقعة ان الرجل كان يرى قاتل ابيه في الحرم ولا يتعرضه بشيء وكان تعظيم هذه البقعة في قلوبهم كبيرا فكانوا يكفون عن القتل والقتال وسائر انواع التعديات التي كانت بينهم شهيرة في جاهليتهم تعظيما لهذه البقعة المباركة وهذا كان تعظيما قدريا ومنه ما اخبر الله تعالى به في كتابه من صد المعتدين الذين قصدوا هدم البيت الحرام في ما اخبر الله تعالى به وقص من سورة الفيل الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل الم يجعل كيدهم في تظليل؟ وارسل عليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول هذا الحفظ وهذا الصون هذا حفظ وصون قدري اجراه الله تعالى لا يد للناس فيه دفع به عن البيت الحرام ثم لما جاءت هذه الشريعة المباركة وجاء هذا الدين القويم اقام الله تعالى تأمينا شرعيا فرظ الله تعالى على اهل الاسلام ان يعظموا هذه البقعة وان يؤمنوا من فيها والتأمين الذي شرعه الله تعالى لهذه البقعة تأمين للانس وتأمين الحيوان وتأمين للنبات اما تأمين الانس فلا يقاتل فيها احد ولا يرفع فيها سلاح وانما اذن الله تعالى لرسوله ساعة من نهار ولم يأذن لغيره وعادت حراما كما كانت فلا يجوز لاحد ان يحدث فيها ما يروع الناس او يفسد عليهم صفو عبادتهم اشتغالهم يفسد عليهم اشتغالهم بطاعة الله تعالى وعبادته اما ثاني ما يكون من التأمين فالتأمين ايضا على اموال الناس فلا تحل لقطتها الا لمنشد فامن الله تعالى الدماء والاموال وهذا مما يتعلق بالانس والجن واما الحيوان فقال لا ينفر صيده وقال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم وهذا من التأمين الذي شرعه الله تعالى لهذه البقعة المباركة وهو تأمين شرعي لا يجوز استباحته ولا انتهاكه. اما الثالث وبهذا يتبين ان التأمين الذي شرعه الله تعالى لهذه البقعة تأمين شامل للانس في دمائهم واموالهم تأمين شامل للحيوان تأمين كامل للنبات وهو تأمين شرعي كل هذه الخصائص هي مقدمة لما ذكر الله تعالى في قوله جل وعلا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ابتدأ الامام البخاري رحمه الله هذا الكتاب بالبسملة كما في بعض النسخ وذلك تأسيا بايات الكتاب الحكيم سور الكتاب الحكيم فان الله عز وجل افتتح سور الكتاب بالبسملة فالبسملة قول بسم الله الرحمن الرحيم اية في اول كل تورة من هذا الكتاب عدا سورة براءة كما ان اية كما انها بعظ اية في سورة النمل فالمؤلف رحمه الله بدأ كتبه في صحيحه بالبسملة تأسيا كتاب الله عز وجل الذي بدأ السور بالبسملة وكان اول ما ذكر الامام البخاري من ابواب ومسائل الحج ما يتعلق بوجوبه فقال رحمه الله باب وجوب الحج وفضله باب وجوب الحج وفضله فبوجوب الحج اي ما جاء من النصوص في الكتاب والسنة الدالة على فرض الحج والحج لا خلاف بين العلماء في انه ركن من اركان الاسلام وفريضة من فرائضه العظام وانه لا يتم اسلام احد الا فعل ما شرع الله عز وجل وامر به من حج بيته لمن كان مستطيعا قد توافرت فيه اسباب الوجوب ودلائل هذا متوافرة ذكر منها المؤلف اسرح اية في وجوب الحج وهي قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا واما الاحاديث فيشير المؤلف الى جملة من الاحاديث الدالة على وجوب الحج ومن ابرزها ما في صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا ايها الناس ان الله فرض عليكم الحج فحجوا فكان خطابا عاما للناس بين فيه صلى الله عليه وسلم ان الله فرض على الناس حج البيت الحرام الاجماع منعقد على ان الحج فرض واجب على اهل الاسلام من حيث الاصل وان هذا الوجوب له شروط سيتبين من خلال ما ذكر المصنف رحمه الله من الاحاديث والايات ما فيه من الشروط الاية التي فيها فرض الحج قفوا عندها على عجل ايها الاخوة في قول الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا هذه الاية تضمنت على وجزتها بيان مهمات مسائل الحج بينت مهمات مسائل الحج اول ما بينته من مسائل الحج المقصود بالحج. من المقصود بالحج الله جل في علاه ولذلك قال ولله على الناس اذا الحج عبادة يجب ان يتحرى فيها المؤمن تمام الاخلاص لله فلا يقصد سواه فانت تحج له لا لغيره تتوجه اليه قاصدا فظله لا تطلب من غيره عطاء بل ترجو منه النوال وتطلب منه العطاء ولذلك قال ولله على الناس حج البيت ليس لغير الله عز وجل فينبغي للمؤمن ان يعتني بهذا المعنى الذي صدر الله تعالى به اية فرض الحج الامر الثاني الذي بينته الاية بينت الاية العمل وهو قصد البيت الحرام حيث قال ولله على الناس حج البيت تبينت العمل المفروض الذي جعله الله تعالى له وبينت ايضا على من يجب الحج وما هو شرطه فالحج يجب على الناس لقوله تعالى ولله على الناس والمقصود بالناس هنا كل اهل الاسلام فان جميع اهل الاسلام داخلون في قوله ولله على الناس حج البيت لكن ذلك على شرط وليس على اطلاق وشرطه ما ذكره الله تعالى في قوله من استطاع اليه سبيلا اي من توافر فيه شرط الاستطاعة