عليه الصلاة والسلام واشتمل على عدة جمل تلحظ في جميعها كما سيأتي في شرحها الان ان خلقة نبي صلى الله عليه واله وسلم كانت تتسم بالتوسط والاعتدال في جميع الاوصاف. واقصد بالتوسط والاعتدال في كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله سيدنا ونبينا وحبيبنا وقرة عيوننا محمد بن عبد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه اما بعد. فليتكبر مجلسنا هذا المبارك كل ليلة شريفة من ليالي الجمعة في رحاب بيت الله الحرام. نتذاكر فيه طرفا من سيرة اعظم الخلق علينا حقا على الاطلاق واكثر البشر حبا في قلوب المؤمنين على الاطلاق. نبينا محمد ابن عبد الله صلى الله عليه واله وسلم. نستذكر طرفا من سيرته ونتذاكر شيئا من مجددات المحبة في قلوبنا له عليه الصلاة والسلام وقد مضى بنا الحديث في مجالس سبقت الى ان اقسام السيرة النبوية التي يتناول فيها سيرة نبيه صلى الله عليه واله وسلم متعددا. واحد منها هو الحديث عن الشمائل التي سنبتدأ مجلسنا الليلة بعون الله تعالى في تدارسها وحديثنا عنها والقراءة في الكتاب الذي اتفقنا على تحديده في الاسبوع المنصرم بين يدي ذلك لابد ان نعلم جميعا ان دواعي محبة الانسان لاي انسان واحد من ثلاث اشياء لا يحب احد منا احدا اخر الا لواحد من اسباب ثلاثة. لو تأملت في حياة البشر وفي علاقاتهم ببعضهم. وفي دواعي المحبة التي تربط من يحب بمحبوبه. فانها في نهاية لا تخرج عن واحد من اسباب ثلاثة. فالاسباب والدواعي والدوافع التي تحمل الواحد منا على حب انسان اي انسان كان هو واحد من ثلاثة اشياء. اما جماله الظاهر وهو المظهر والشكل الصورة والحسن والجمال واما جمال الباطن وهو السبب الثاني واعني به الاخلاق وحسن التعامل وما يتعاطاه الانسان من اخلاق في المواقف وفي الافعال. واما ان يكون احسان احسان الشخص الى من يحب فهذه الثلاثة هي الاسباب التي تجعل احدنا يحب انسانا ما اما ان يحبه لجمال شكله لجمال صورته لجمال هيئته. واما ان يحبه لجمال اخلاقه. لانه كريم معه. لانه وفي معه. لانه ذو امانة لانه متواضع لانه كثير الصفح والاحسان وما الى ذلك. والسبب الثالث هو ان يحبه لاجل احسانه الخاص اليه فلانه طالما احسن اليه واسدى معروفا اليه وقدم له شيئا كثيرا من مواقف البر والخير والاحسان فانه يجب نفسه مأسورا لحبه تجاه ما قدمه اليه من احسان. هذه الاسباب لا تخرج عنها. لا تخرج عنها مواقف الحب في حياة البشر بين اي اثنين على وجه الحياة. فاعلموا وفقني الله واياكم ان الاسباب ثلاثتها مجتمعة في حق نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. ومعنى ذلك انه يجب ان يكون في قلب كل مسلم من الحب المجتمع في قلبه به تجاه النبي صلى الله عليه وسلم هو اكمل الحب واوفاه واصدقه. لانك ان اردت ان تحبه من اجل شكله وصورته وجمال منظره عليه الصلاة والسلام فقد كان في هذا الباب بالمقام الاوفى والدرجة الاسمى. وان اردت ان تحبه صلى الله عليه وسلم لاخلاقه وطباعه وصفاته وشمائله وما حباه الله تعالى به من جميل الاخلاق وحميد الصفات وهو القائل سبحانه وانك لعلى خلق عظيم. فانك تقف امام عظمة بشرية تجملت بها الاخلاق ولم يتجمل بها هو عليه الصلاة والسلام. نعم اخلاق البشر وصفات البشر ومحاسن البشر تزينت والله وتجملت باتصاف نبينا صلى الله عليه وسلم بها. ولم يتجمل هو بتلك الصفات. فجميل الصدق واجمل ما في العفو وعظيم ما في الرحمة من جمال ان النبي صلى الله عليه وسلم كان موصوفا بها باخواتها من حميد الصفات. وان اردت ان تحبه صلى الله عليه واله وسلم لعظيم احسانه وامتنانه وما في رقبتك من فضل ونعمة ومنة بعد فضل الله سبحانه وتعالى فهي ايضا تجد نفسك مأسورا بها للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ان استنقذك الله به من الضلالة واخرجك به من الظلمات الى النور وهداك الى الصراط المستقيم. واخذ بيديك نحو جنة عضها السماوات والارض. ثم لم يزل من رأفته صلى الله عليه واله وسلم ان يدافع عن امته وينشد لها السلامة والنجاة الى يوم القيامة وهو ينادي في ذلك كالموقف امتي امتي. فخلقه عليه الصلاة والسلام وخلقه واحسانه. تلك الثلاثة تجدها مجتمعة في حقه عليه الصلاة والسلام بما يجعلك محبا له بالدرجة الاكمل عليه الصلاة والسلام. وعندئذ سنعود الى سؤالنا انفسنا السؤال التالي هل نجد صدقا في قلوبنا ايها المؤمنون؟ المحبون لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. المؤمنون المتبعون لهديه وسنته. المتشرفون بالانتساب الى امته والسير على منهاجه وشريعته هل نجد صدقا في قلوبنا ذلك الحب الذي فاض على القلب وامتلأ حتى تجاوز به حب كل محبوب في قلوبنا يا هذا السؤال نقوده لاننا متفقون على اصل عظيم. وهو انه لا يوجد مؤمن يشهد ان لا اله الا الله. وان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وفي قلبه اصل تلك المحبة ولابد. نعم في اصل قلب كل مسلم ومسلمة اصل ذلك الحب اصل ذلك الشوق والحنين ودفق الفؤاد حبا له عليه الصلاة والسلام. هذا موجود لكن انه يزيد وينقص ويضعف ويقوى. فكماله وقوته وازدياده هو بقدر ما يحصله احدنا من الدوافع التي تحمله على زيادة الحب له عليه الصلاة والسلام. ونقصان هذا الحب او ضعفه او اخفاء جذوته في القلوب هو ايضا باسباب وعوامل. منها البعد عن سيرته. ومنها تنكب هديه وسنته ومنها البقاء في جهل واعراض عن معالم العظمة وكمال الهدي في رسالته صلى الله عليه وآله وسلم. وعندئذ سيجد احدنا في قلبه جفافا او ان شئت فقل نقصانا او ان شئت فقل شيئا من البعد عن حب صادق ان يكون هو موقف كل مسلم ومسلمة مع المحبوب الاعظم من البشر عليه الصلاة والسلام. من اجل ذلك كله اصبحت الشمائل او شمائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مدخلا مهما لمن يريد دراسة سيرته عليه الصلاة والسلام وهذا يقودنا الى شيء من العود على ما مضى ذكره في لقاء سابق بالحديث عن معنى الشمائل. وعن مكانتها في دراسة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم انا وانت لما نقصد دراسة السيرة النبوية لما نريد ان نغترف من هدي النبي الاعظم صلى الله عليه واله لما نريد ان نملأ قلوبنا حبا وطاعة وايمانا واقتداء برسولنا صلى الله عليه واله وسلم فاننا نحتاج ان هديه واخباره وايامه وشؤونه وسائر تفاصيل حياته عليه الصلاة والسلام بما يعيننا على تحقيق بمحبة اصدق واتباع اتم وطاعة اكمل. حتى حتى تكون على موقف سليم سديد. يحملك على طاعة وعلى الحب والامتثال انت تحتاج الى مدخل قبله تقف به على جانب من العظمة في شخصه عليه الصلاة والسلام. ذلكم هو الهدف من مقصود الشمائل. الشمائل هي الاخلاق. الشمائل جمع شميلة او جمع شمال. وكل من الشميلة او الشمال في اللغة معناها الطبع ومعناها الخصلة فالشمال خصلة والشملة طبع والشمائل هي والصفات فلما نتكلم عن الشمائل النبوية نحن نتحدث عن الطباع والخصال والصفات النبوية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم موصوفا بها باكمل واجمل ما يتصف به بشر على الاطلاق. قال لبيد هم قومي وقد فانكرت منهم شمائل بدلوها من شمالي. وقصد انه انكر عليهم واستغرب شيئا من تخلف صفاتهم واخلاقهم عما كان ويألفه وما كان يحسبه في قومه. ورجل كريم الشمائل يعني في اخلاقه وطبائعه وصفاته. هذا معنى الشمائل ومنه سميت تلك الكتب التي اختصت بتناول دراسة اخلاق النبي صلى الله عليه وسلم او خلقته او شيء من خصائصه الصلاة والسلام سميت بكتب الشمائل. شمائل المصطفى عليه الصلاة والسلام. هذه ليلة شريفة مباركة. نحن مندوبون في الى اكثارنا من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ومن اجل ذلك فنحن نستكثر من ذكره في مجلس كهذا. نعدد شمائله وخصائصه واخلاقه وصفاته عليه الصلاة والسلام لنحمل السنتنا على كثرة الصلاة والسلام عليه. فنزداد بذلك رحمة وبركة وهدى وصدق من قال عنه عليه الصلاة والسلام سيظل معلمنا الاوفى اهدانا العزة والشرف ونظل نردد سيرته فالكون برحمته اعترف. اللهم صلي وسلم وبارك عليه. نحن في دراستنا للشمائل لما نريد ان طرفا من اخلاقه وخصائصه وما يختص به عليه الصلاة والسلام كل ذلك جاء فيما صنفه علماؤنا واسلافنا رحمة الله عليهم فيما سموه بكتب الشمائل. وذلك يتناول موضوعات متقاربة. احدها اخلاقه عليه الصلاة والسلام سلام وكيف كان في جوانب الرحمة في الكرم في العفو في الاحسان في الصبر في التواضع في العدل كل ذلك تجده في في جانب اخلاقه صلى الله عليه وسلم. والجانب الاخر في الشمائل يتحدث عن خلقته. صلى الله عليه وسلم عن هيئته عن مظهره عن جسمه عن كل عضو من اعضائه. كما سيأتيكم الحديث الليلة ان شاء الله تعالى. تصف كتب الشمائل خلقته عليه الصلاة والسلام. كيف كان وجهه؟ كيف كان شعره؟ كيف كان لونه؟ طوله عرضه صلى الله عليه وسلم فمه مشيه جلوسه تعامله كل ذلك يدخل في الشمائل النبوية على صاحبها افضل الصلاة واتم السلام يلتحق بالشمائل الحديث عن خصوصياته عليه الصلاة والسلام. الحديث عن ازواجه عن اولاده عن عن علاقاته بالناس من حوله عليه الصلاة والسلام. بل الحديث عما هو اخص من ذلك. الحديث عن لباسه الذي كان يلبس وكيف كانت صفته هيئته؟ عند دوابه التي كان يركب وكيف كانت اسماؤها وهيئاتها واوصافها؟ الحديث عن سلاحه الذي كان يستعمل وما هي اسماؤها؟ وكيف كانت اشكالها وانواعها؟ الحديث بتفصيل دقيق عن كل تلك الجوانب يندرج تحت ما سماه اهل العلم بالشمائل النبوية. كل ذلك يساق حفظني الله واياكم. من اجل ان يكون احدنا على معرفة اتم بشؤون المصطفى صلى الله عليه وسلم. اذا نحن في الشمائل لن ندرس حدثا من احداث السيرة النبوية. في الشمائل لم يمر بنا موقف يتعلق بغزوة من الغزوات في الشمائل لم تتحدث عن دعوته صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة ولا في المدينة بعد الهجرة في الشمائل لن تجد حديثا متتابعا مستفيضا عن وقائع ومواقف له مع مشركي قريش مثلا او مع اهل الطائف على وجه الخصوص او مع اليهود بالمدينة او اهل النفاق. كل تلك الحوادث والوقائع مستورة فيما سمي بكتب السير او المغازي. لكن الشمائل شأنها ما اشرت اليه قبل قليل. الحديث عن تلك الجوانب التي تصف لك في الجملة التي هدي النبي عليه الصلاة والسلام واخلاقه وشكله وهيئته صلى الله عليه وسلم. وهذا يقودك الى ان تقول ان الهدف الذي يخرج به احدنا من دراسة الشمائل النبوية والنتيجة التي يرجو الوصول اليها ما هي؟ بعد ان يدرس كتابا في الشمائل كالكتاب الذي بين ايدينا اليوم. او ان يتصفح اي موضوع في شمائله عليه الصلاة والسلام سيكون هدفه الكبير من هذا هو الاقتراب من شخصية يزداد شوق القلوب اليها. وتزداد المحبة في القلوب للتعرف على اخباره. انت لما يوصف لك انسان عظيم. وتوصف لك مواقفه بما يزرع حبه في قلبك ستجد نفسك مشتاقا الى ان تتعرف اكثر فاكثر على اخباره. وان تكون اكثر قربا من حوادث حياته وايام وسيرته. هكذا هي كتب الشمائل. ولهذا اخترنا وفقكم الله ان يكون مدخلا بين يدي دراستنا لسيرته صلى الله عليه واله وسلم هو ان يكون لنا حظ ولو بقدر يسير من شمائله عليه الصلاة والسلام. فقط لتزداد القلوب شوقا وحبا له عليه الصلاة والسلام. لتزداد القلوب قناعة بمزيد من الايمان برسالته ونبوته وبعثته عليه الصلاة والسلام لتكون اكثر حرصا على معرفة قدر اكبر من اخبار حياته وايامه وسننه عليه الصلاة والسلام لتجد النفوس دافعا اقوى نحو الاقتراب من تطبيق سنته. صدقني والله فرق كبير. بين ان تتوجه للسنة تطبقها تريد ثواب السنة من اجل الثواب والدرجات والحسنات فقط. وبين ان تتوجه الى السنة حبا في صاحبها. وان ترجو ان تكون شبيها به بابي وامه عليه الصلاة والسلام. وانت تشرف ان تكون في موقف من المواقف او في عبادة من العبادات او في لحظة من اللحظات او في مكان من الاماكن او في ساعة من الساعات تشرف ان تكون في حالك تلك شبيها بحاله عليه الصلاة والسلام وملء قلبك التشرف بذلك يدفعك فيه الحب العظيم لهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام الذي ملأت قلبك بحب صادق له صلى الله عليه وآله وسلم. من اجل ذلك كله رعاكم الله. تكون دراسة الشمائل رافدا قويا من روافد دراسة السيرة ونبعا متدفقا من منابع من منابع الحب في القلوب له عليه الصلاة والسلام وركيزة متينة من ركائز الايمان برسالته وتطبيق سنته عليه الصلاة والسلام. يبقى هدف جليل كبير عظيم. في دراستك للشمائل انت انت ترسم صورة متكاملة عن هذا النبي الكريم العظيم صلى الله عليه وسلم الى حد الاغراق في التفاصيل في الشكل والمنظر والهيئة في عينيه وشعره وانفه وفمه ورأسه ويديه واطرافه في مشيته في تبسمه في مظهره في كل تلك الدقائق تفاصيل فانت تقف فيها على نصوص على نصوص نجح سادتنا الصحابة الكرام رضي الله عنهم وارضاهم في رصد ثم روايتها ونقلها الينا معاشر المسلمين من اجل ان نكون اقرب اقرب اليه عليه الصلاة والسلام. فما ان فان لم فان لم تظفر عيون ابصارنا وتكتحل برؤيته عليه الصلاة والسلام. فلا اقل من ان تكتحل اعين بصائرنا وقلوبنا لمعرفة هديه وهيئته عليه الصلاة والسلام. كأنك تراه تقرأ وصفا يمر بك واوصافا تحدد بدقة هيأته ومنظره وشكله عليه الصلاة والسلام بما يقرب لك الصورة كأنك حاضر تنظر اليه فاذا ما اكرمك الله برؤيته في المنام ورؤيته صلى الله عليه وسلم حق. رأيت الذي كنت تقرأ عنه كثيرا ومن عجيب صنيع الامام الترمذي رحمه الله في كتابه الشمائل الذي نقرأ مختصره الليلة انه بدأ اول بباب خلق النبي صلى الله عليه وسلم. يصف فيه صفة خلقه كما سنقرأ بعد قليل ختم اخر ابوابه بباب رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام. كأنه يقودك من اول الكتاب الى اخره الباب قبل الاخير هو باب وفاته صلى الله عليه وسلم. ثم اعقبه بباب رؤيته في المنام كأنه يقول لك يا محب يا محب اقبل شوقا بقلب منفتح وتعرف على صفة وهيئة حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم علك ان تظفر برؤيته في المنام. فاذا ظفرت به فهنيئا لك والله. لكن صدقني لن تظفر برؤيته مع بعد وجفاء عن تطبيق سنته. لن تظفر برؤيته صلى الله عليه وسلم. ولا يزال احدنا يضع رأسه على الوسادة قبل منامه يفكر في اشياء كثيرة لكنه ما فكر ليلة ان يكرمه ربه في منى به ذلك يا نهار اسود! ما لم يخش احدنا ان يكون من الحرمان في حياته ان يعيش ثلاثين سنة اربعين سنة ستين سنة بلياليها وايامها رأى كل شيء في منامه الا النبي صلى الله عليه وسلم تخشى ان يكون حرمان الله وتخشى ان يكون خذلانا لكن لا بأس طالما في العمر بقية فليبق في رحمة الله طمع. وليبقى في عظيم كرم الله امل ان يظفر احدنا بذلك فامامه خطوات يسلكها وطريق يسير فيها. عندما ينجح احدنا في ان يملأ حياته معرفة بشكله هيئته ومنظره وهديه عليه الصلاة والسلام. يزرع قلبه حبا فاذا ما نام ووضع رأسه على الوسادة كان اخر ما فكر به قبل ان يغمض عينيه ويقبض الله روحه ان يكون مناه مناه ان يظهر ولو برؤية عابرة له عليه الصلاة والسلام ويوما بعد هذا يوم مع حرص واقتراب تام وازدياد من اتباع سنته وحمل للنفس على الاقتراب اكثر فاكثر يجد منيته وبغاه قبله باذن الله الكريم جل في علاه. دراستنا للشمائل احبتي الكرام. هو حديث عما صنفه كما قلت علماؤنا البررة اسلافنا الكرام رحمة الله عليهم اجمعين. فيما اسموه بكتب الشمائل النبوية وهي كتب متعددة. لعل من اقدمها كتاب الامام الترمذي رحمة الله عليه الامام ابو عيسى محمد بن عيسى ابن سورة الترمذي صاحب الجامع صاحب السنن الامام الشهير احد اصحاب الدواوين الستة التي اصبحت مرجع الامة في سنة النبي عليه الصلاة والسلام. جامع الامام الترمذي المشتهر بسنن الترمذي. هو الامام الذي صنف كتابا الشمائل لتعلم رعاك الله ان هؤلاء الائمة لما حرصوا على تدوين سنته واحاديث نبوته عليه الصلاة والسلام بما لنا احاديث الاسلام كانوا هم من حرص اتم الحرص على التصنيف في الشمائل ايمانا منهم بانه علم عظيم يجب تعلمه وانه باب كبير من ابواب العلم يجب على اهل الاسلام العناية به. وانه ركن من اركان الايمان يجب على المسلمين جميعا ملء القلوب به العناية بشمائل المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. صنف الامام الترمذي رحمه الله كتابه الشمائل. فلقي من العلماء قديما قبولا حسنا وثناء عاطرا. حتى قال فيه الامام ابن كثير رحمه الله يقول قد صنف الناس في هذا يعني في الشمائل قديما كتبا مفردة وغير مفردة. ومن احسن من جمع في ذلك فأجاد. الامام ابو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي افرد في هذا المعنى كتابه المشهور بالشمائل. ومنها كتاب الانوار في شمائل النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم للامام البغوي. كتاب الامام الترمذي رحمه الله سماه الشمائل النبوية والخصائل المحمدية. اراد به ما اشرت اليه من معان سابقة في ذكر خصائصه اراد به رحمه الله اذاعة ما اشرت اليه من معان سابقة. وقد اعتنى العلماء بكتابه كثيرا رحمة الله عليه فشرحه عدد من اهل العلم كالامام السيوطي والامام المناوي وغيرهم قال المناوي رحمه الله في صدر شرحه لكتاب الترمذي قال الشمائل لعالم الرواية وعالم وعالم الدراية الامام الترمذي جعل الله جعل الله قبره روضة عرفها اطيب من المسك الشديد. كتاب وحيد في بابه. فريد في ترتيبه واستيعابه. لم يأتي له احد بمماثل ولا بمشابه سلك فيه منهاجا بديعا ورصعه بعيون الاخبار وفنون الاثار ترصيعا. حتى عد ذلك الكتاب من المواهب وطار في المشارق والمغارب. كتاب الامام الترمذي رحمه الله الذي ندرس مختصره في مجالسنا الاسبوعية هذه كل ليلة كتاب الامام الترمذي الشمائل المحمدية الشمائل النبوية والخصائل المحمدية جعل فيه رحمه الله ستة وخمسين بابا وبلغ باحاديثه اربعمائة حديث وخمسة عشر حديثا. هذا هو جملة ما اودع الامام الترمذي رحمة الله عليه في كتابه الاصل كتاب الشمائل النبوية والخصائل المحمدية. جعل فيه ستة وخمسين بابا مشتملة على اربعمائة وخمسة عشر حديثا. كلها تدور على الشمائل. وتتحدث عنها تصف ما كان عليه نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم في خلقه وخلقه وصفته وهيئته عليه الصلاة والسلام فجاء هذا المختصر الذي نتدارسه وقد اختصره الامام العلامة محمد ناصر الدين الالباني رحمه الله. الامام المحدث اختصر كتاب الامام الترمذي رحمة الله عليه. وكان في اختصاره كما اشار في مقدمته يعمل على عدة امور. اولها انه اراد رحمه الله حذف الاسانيد اختصارا على القارئ والمطالع. الامام الترمذي محدث راوية من رواة دواوين الاسلام يسوق الاحاديث باسناده الذي يصله برسولنا صلى الله عليه وسلم. فحذف الامام الالباني رحمه الله واكتفى باسم الصحابي الذي يروي الحديث رضي الله عنه. واشار في هامش الكتاب الى تخريجه ومن رواه من ائمة الاسلام في كتب السنة وسننها وجوامعها. الصنيع الثاني الذي صنعه الامام الالباني رحمه الله انه اعتنى بالاقتصار على ما صح من الاحاديث واكتفى بها عن الضعيف الذي لم يجد له من الشواهد والمتابعات ما يمكن ان يرتقي به من الضعف الى الصحة فلذلك تقلصت عدد الاحاديث في مختصرنا هذا من اربعمائة وخمسة عشر حديثا الى ثلاثمائة واثنين خمسين حديثا والعدد الذي نقص هو الذي رأى المختصر الامام الالباني رحمه الله انه لا يجد طريقا لتقوى هويته بعد النظر في طرق الاحاديث واسانيدها والبحث عما يشهد لمعانيها. فكان جملة ما صح على شرطه وما موافقا لشروط اهل العلم المحدثين. في رواية الاحاديث هو كما ترون اكثر من ثلاثة ارباع الكتاب. ثلاث مئة واثنين خمسين حديثا من اصل اربعمائة وخمسة عشر حديثا تقريبا. هذا الاختصار قرب لك الكتاب وجعله في متناول اليد. ثم ثم خدم المختصر الامام الالباني رحمه الله خدم الكتاب بانه شرح العبارات الغريبة والالفاظ غير المعلومة المعاني وجعلها في الهامش تعينك على فهم الحديث الذي يروى ويقرأ في شأن شمائله واوصافه عليه الصلاة والسلام. هذا نقوله من اجل ان نكون على بينة ووضوح في معرفتنا بما يتعلق بهديه صلى الله عليه وسلم من دراسة الكتاب الذي بايدينا اليوم. ايضا مما يعينك على معرفته في مصطلح الكتاب ان الامام الالباني رحمه الله بعد ان اختصر الكتاب وميز صحيحه من ضعيفه اعتنى رحمه الله اعتنى تماما بذكر الحكم مع كل حديث يساق في الكتاب. فانت تجد من الباب الاول الذي هو في اول الصفحات بين يديك تجد حكما يقتصر على كلمة اما صحيح او حسن. ويشير به رحمه الله الى درجة الحديث كما هو مصطلح المحدثين. لكنه ربما جعل على هذا الحكم قبل رقم الحديث وربما جعله قبل متن الحديث. فان جعله قبل الرقم فقال صحيح او حسن فهو يقصد سند هذا الحديث على وجه الخصوص انه سند صحيح او سند حسن. فاذا وجدت الحكم ليس قبل السند بل قبل المتن يعني بعد ان يقول قال انس رضي الله عنه ويأتي قبل المتن ثم يحكم قبل القوسين الذين يبدأ بهما الحديث ان جعل الحكم هناك فيقصد انه الحكم على الحديث بمجموع اسانيده لا بهذا السند على وجه الخصوص. ولهذا فلا تستغرب ان تجد احد الاحاديث يكتب فيها الشيخ رحمه الله قبل الرقم ضعيف. ثم يكتب قبل المتن حسن او صحيح. يقصد ان هذا السند الذي اورده الامام الترمذي رحمه الله لهذا الحديث ضعيف. لكن له من الاسانيد الاخر والطرق والروايات التي لهذا الحديث ما يرتقي به من الضعف الى الحسن او الى الصحة على ما هو مقتضى الصناعة الحديثية عند اهل العلم. هذا كله من طريقة الامام في البخاري عن طريقة الامام الترمذي رحمه الله ومما صنعه ايضا المختصر الامام الالباني رحمه الله. وفائدة اخيرة اختم بها هذا التقديم قبل ان في قراءة الكتاب. كتب السماء المتعددة. وكتاب الامام الترمذي. كتاب الامام الترمذي هو احد اشهرها. واكثرها عناية بين يدي اهل العلم قديما وحديثا ولهذا اصبح متداولا وثمة كتب تخدم هذا الجانب. بعض من كتب في السيرة النبوية جعل في خاتمة كتابه فصل يتعلق بالشمائل كما صنع الامام ابن كثير رحمه الله في كتابه الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. وكما صنع عدد من كتاب السيرة فانهم لما ينتهون من احداث السير والمغازي يختمون كتاب السيرة بباب او بفصول تروي شمائله عليه الصلاة الصلاة والسلام ويرون هذا من تتمات عناية الدارس لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم بدراسته. وهذه الجهود المتوزعة جاءت تناثرة ومتنوعة وكلها كلها يستفاد منها في دراسة شمائل المصطفى عليه الصلاة والسلام. وآخر هذه الجهود واوسعها عناية وجهدا هو موسوعة احاديث الشمائل النبوية الشريفة. موسوعة احاديث احاديث الشمائل النبوية الشريفة جمعها الدكتور همام عبدالرحيم سعيد وابنه الدكتور محمد. خرجت الموسوعة في جزئين ضخمين كبيرين. في اكثر من الف اي صفحة وفيها اكثر من ثلاثة الاف وست مئة واربعين حديثا. هي موسوعة ارادوا بها جمع كل محاديث كل حديث روي في كتب السنن شيء يتعلق بشمائله صلى الله عليه وسلم اتوا به وجمعوه. فكان مادة هذا الكتاب ترجع الى اكثر من خمسين كتابا من مراجع السنة. فجمعوا بها ذلك الكتاب فكان جهدا عظيما كبيرا يستفاد منه يقال لمن اراد التوسع ولمن اراد التبحر ولمن اراد ايضا الوصول الى شيء اكثر من التفاصيل في احاديث الشمائل وها نحن نشرع بعون الله وتوفيقه في استفتاحنا لكتاب مختصر الشمائل المحمدية وقد عرفتم اصل الكتاب وصاحبه والمختصرة ايضا وصاحبه رحم الله الامام الترمذي ورحم الامام الالباني ورحمنا معهم جميعا برحمته الواسعة ونحن بالرحمة والتوفيق والهداية في اقبالنا على دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ونحن نستكثر من الصلاة والسلام عليه مستكثرين بذلك بكل صلاة عشر صلوات من ربنا سبحانه وتعالى. وصلواته على عبده رحمته التي تتابع. وهي رحمة نسأل الله تعالى ان يعمنا بها جميعا ووالدينا وازواجنا واولادنا والمسلمين اجمعين. اقرأ بسم الله بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد افضل الصلاة واتم التسليم. وبعد قال الحافظ ابا عيسى محمد بن عيسى بسورة الترمذي بعض ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن انس انه سمعه يقول كان الله صلى الله عليه وسلم القصير ولا بالابيض الامهق ولا بالادم ولا بالجعد فقط ولا بالصبر بعثه الله تعالى على رأسه فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين. وتوفاه الله على رأس ستين سنة. وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء هذا اول احاديث كتاب الشمائل للامام الترمذي رحمه الله في اول ابوابه باب ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. والحديث صحيح اخرجه الشيخان الامامان البخاري ومسلم. فهو صحيح لا خلاف في كما اخرجه غيرهما من اصحاب السنن والمسانيد. الحديث فيه من رواية انس رضي الله عنه جمل تصف شيئا من بكل وصف يتفاوت بين اثنين من البشر. في اللون في الطول في العرض في حجم اعضاء الجسم. كل وذلك جاء موصوفا بالوسطية في كل ذلك. فاللون لم يكن عليه الصلاة والسلام بشديد البياض الذي يوصف به في بعض الناس ولم يكن ايضا اسمر شديد السمار كما هو وصف بعض الناس. لكنه وسط وهو معيار الجمال لان شدة البياض ربما كانت عيبا تشبه البرص. وربما كان شدة السمار عيبا ايضا. وربما كان في كثير من الاوصاف المترددة بين طرفين شيء من العيوب. كذلك شأن الطور فلم يكن صلى الله عليه واله وسلم طويلا شديد الطول كما انه لم يكن قصيرا واضح القصر صلى الله عليه واله وسلم. في عرض منكبيه لم يكن ضعيف البنية قليل الجسم عليه الصلاة والسلام. كما لم يكن جسيما عريضا ضخما. بالغاية عليه الصلاة والسلام لكنه موصوف بالتوسط بينهما وهو ايضا معيار الجمال. في وصف شعره عليه الصلاة والسلام. لم يكن شعره بالناعم شديد طعومة حد الانصياح ولم يكن ولم يكن ايضا متجعدا شديد التجعيد حد الخشونة بل بينهما وهو ايضا معيار الجمال. في شأن وصفه الباقي عليه الصلاة والسلام كما سيأتيكم في الاحاديث الباقية الاتية هو على النحو كله كذلك. كان عليه الصلاة والسلام في في كل اوصافه موصوفا بالتوسط والاعتدال. ينبيك عن هذا رعاك الله الله ان الذين رووا اوصافه عليه الصلاة والسلام من صحابته عدد كثير. متفاوتون في انحاء الوصف. كل جهة من جهات وصفه عليه الصلاة والسلام. وكل يرى بعينه شيئا قد لا يراه الاخرون. لكنهم اتفقوا باختلاف الروايات واختلاف الاوصاف والزوايا والنواحي التي تطرقوا اليها في وصفه عليه الصلاة والسلام اتفقوا جميعا على هذا القدر وهو اتصافهم بالتوسط والاعتدال عليه الصلاة والسلام. فجمع الله له بين توسط الظاهر والباطن. فكانت عقيدته وكان دينه وسطا وكانت امته ايضا وسطا صلى الله عليه واله وسلم. فكما كان في ظاهره على التوسط والاعتداء والقصد صلى الله عليه واله وسلم كذلك كانت بعثته وشريعته وملته ودينه وامته كانت ايضا بالتوسط والاعتدال وربنا عز وجل قد قال وكذلك جعلناكم امة وسطا. يقول انس رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن. البائن اي الممتد طولا الذي ربما رأيت طوله متميزا بين اذا وقفوا لا لم يكن عليه الصلاة والسلام كذلك. فاذا وقف الناس ووقف وسطهم لا تميزه بطول يتميز به عن الاخرين هذا معنى قوله ليس بالطويل البائن صلى الله عليه وسلم. لما قال ليس بالطويل البائن قد يفهم منه وصف بالقصر فاستدرك ذلك فقال ولا بالقصير. اذا هو لا قصير دون متوسط اقوال الناس ولا هو طويل يتميز ايضا عن متوسط اطوالهم فكان طوله وسطا صلى الله عليه واله وسلم. في لونه قال ولا بالابيض الامهق ولا الادم الابيض لون البياض معروف. الامهق شدة البياض التي تشبه في بياضها بياض الابرص فلم يكن صلى الله عليه وسلم في بياضه كذلك بشدة البياض. وهو ايضا ليس موصوفا بالسمرة. ولذلك قال ولا بالادم الادمة الادمة اسوداد لون البشرة. فلم يكن صلى الله عليه وسلم كذلك فتفهم من التوسط التوسط في اللون بين البياض والسمار توسط معتدل شاء موصوفا في احاديث اتية بعد قليل كان بياضه صلى الله عليه وسلم مشربا بحمرة. في بياضه اختلاط بلون الحمرة وهو ايضا غاية ما يكون في جمال الابيض. لان من البياض ما يختلط بصفرة. ومنه ما يختلط بحمرة وهو الموصوف به عليه الصلاة والسلام قال في شعره ولا بالجعد القطط ولا بالسبق. هذا وصف للشعر. لم يكن شعره صلى الله عليه واله وسلم متجعدا شديد التجاعيد. وهذا معنى قوله ولا بالجعد القطط. الجعد القطط هو الشعر الذي بلغ من خشونته انه اصبح يلتف على بعضه. فلم يكن شعر نبيكم صلى الله عليه وسلم كذلك. هل كان شعره ناعم الجواب نعم والنعومة درجات في الشعر. فلم يكن نعومة شعره صلى الله عليه وسلم هي النعومة البالغة التي ينساب معها الشعر وينسدل كما هو شعور بعض النساء مثلا. كلا كان صلى الله عليه وسلم في نعومة شعره تستطيع ان تصفه بانه ناعم لكنه ليس بالخشن ولا بالذي ينسان ولذلك قال ولا بالسبط فالسبط هو الذي يسترسل وينساح وينسدل. فما كان شعره صلى الله عليه وسلم كذلك. ولم يكن ايضا متجعدا. فكان شعره وسطا فوصف انس في هذا الحديث رضي الله عنه وارضاه. وصف طول نبيكم صلى الله عليه وسلم. ووصف لون بشرته صلى الله عليه وسلم ووصف شعره صلى الله عليه واله وسلم. وفي كل ذلك كان وسطا في الطول وفي الشعر وخشونته وفي بياض البشرة او سمارها. كل ذلك كان وسطا. ثم اكمل رضي الله عنه يصف اخرى من شمائله عليه الصلاة والسلام فقال بعثه الله تعالى على رأس اربعين سنة يريد بذلك رضي الله عنه سن التي بلغ فيها النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا ابتعثه الله تعالى بها في النبوة واشار الى انه اربعون سنة وهو القول الصحيح المعتمد عند ارباب التواريخ والسير والمغازي. ان نبينا صلى الله عليه وسلم بعث وعمره اربعون سنة مر في رسالته ودعوته ثلاثا وعشرين سنة منقسمة الى قسمين ثلاث عشرة سنة منها بمكة وعشرا منها بالمدينة فقبض الله تعالى روحه صلى الله عليه واله وسلم وله من العمر ثلاث وستون سنة. اربعون منها قبل النبوة وثلاث وعشرون منها بعدها. قال انس رضي الله عنه بعثه الله تعالى على رأس اربعين سنة. فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين. فالمجموع كم؟ كيف عشرين ونحن نقول ثلاث وعشرون؟ يحمل قول انس رضي الله عنه على الاختصار وجبر الكسر كما هو شأن العرب في حكاية الارقام. لان مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة كان ثلاث عشرة سنة فلما يقول انس رضي الله عنه كانت عشرا اراد به ان يحذف الكسر وقرب الرقم الى اقرب الى اقرب عشرة مضاعفاتها فكانت العشرة اقرب. فقال عشر سنين بمكة عشر سنين بمكة وعشرة بالمدينة. ولهذا قال وتوفاه الله على رأس ستين سنة والصحيح المعتمد عند كل اهل الاسلام ان نبينا صلى الله عليه وسلم مات وله من العمر ثلاث وستون سنة. فهي الثلاث التي اختصرها انس رضي الله عنهم في العدد اختصرها في العدد الذي قضاه نبينا صلى الله عليه وسلم بالنبوة في مكة. فحذف هذا العدد الذي اختصره ايضا في المجموع فجعله ستين سنة. لا تظن ان انسا رضي الله عنه وهم لا تظن انه غلط لا تظن ان انه ما احسن الحساب صدقني هو ادق مني ومنك. والدليل على ذلك جملته الاخيرة. قال وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء اتظن ان صحابيا كانس بلغ من دقته وعنايته برسولنا صلى الله عليه وسلم ان احصى عدد الشعرات البيض في رأسه ولحيته يخطئ في عدد سنوات بعثته ونبوته لا فلا يكون الجوام الا انه رضي الله عنه الاختصار وهي طريقة دارجة عند العرب. في حذف ما زاد على العشر اختصارا. وهذا الطريق هي التي اعتمدها وهي التي التي تجمع بينها وبين الرواية الاخرى حتى لا تتوهم اشكالا او خطأ او وهما. جملته الاخيرة رضي الله عنه في هذا الحديث وليس في رأس ولحيته عشرون شعرة بيضاء. هذه الرواية عند الامام البخاري ومسلم في صحيحيهما. وهو رضي الله عنه لم يحدد عدد لكنه جزم ان مجموع الشعرات البيض في رأسه ولحيته صلى الله عليه وسلم لا تبلغ العشرين وهنا وقفات اولها انه ما ابلغ ما بلغ رضي الله عنه بالعدد على سبيل الجزم. وجاء في بعض الروايات الاخر من حديث انس وغيره من الصحابة رضي الله عنهم اجمعين شيء يحكي العدد فقيل اربع عشرة شعرة بيضاء. وقيل سبع عشرة وقيل ثماني عشرة فجميع الروايات على اختلاف العدد وهو اختلاف وارد جدا تتكلم على عدد شعرات فاذا وقع لاحدهم حسب نظره وحسب احصائه انها سبع عشرة. وقال اخر بل هي ثماني عشرة. فغاب عن نظر احدهم شعرة ورآها الاخر والامر في الفرق شعرات لكنك تقف والله على شيء عجيب هو في عظيم دقة هؤلاء رضي الله عنهم في وصفه صلى الله عليه وسلم. واريدك ان تتخيل نفسك ان تكون انس رضي الله عنه الذي يروي الحديث. فاخبرني بالله كيف تأتي لك ان تحصي الشعرات البيض؟ كيف صنع؟ ما الذي فعل انس؟ ما الذي جعله ما الذي حمله اولا على ذلك ما الذي حمله؟ هل هو فضول؟ انه ما وجد شيئا يرويه فجعل يعد الشعرات البيض في رأسه وشعره صلى الله عليه وسلم كلا والله لست تجد سببا الا حب ملأ القلب. وشوق عظيم جعل مثل انس رضي الله عنه ان يملأ عينيه ان يملأ عينيه من رؤيته لوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان يديم النظر اليه حتى ان انه حفظ ادق التفاصيل رضي الله عنه. وهكذا يصنع المحب لمن يحب. فانه اذا عمق النظر واطاله وتأمل فيه مليا وكرره مرارا يحصل له هذا القدر الكبير من الوصف الدقيق. انس رضي الله عنه تنسى انه صحب النبي صلى الله عليه وسلم غلاما صغيرا خادما بل انه اتى اليه صلى الله عليه وسلم بل واوتي به الى النبي صلى الله عليه وسلم غلام. غلام في حدود العشر سنوات. واريد بمرافقته للنبي عليه الصلاة السلام ان يكون خادما عنده فقضى حياته باشرف وظيفة يقوم بها مسلم على وجه الارض على الاطلاق خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاذا ما عد الخدم وذكرت اسماؤهم وتعددت مهنهم فاعلم ان اشرف خادم على وجه الارض هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل انه والله في وظيفته هذه لاشرف من الف وظيفة يشرف بها الناس ويضعون بها النياشين على صدورهم وعلى مناكبهم واكتافهم. ويعلقون بها الشهادات افتخارا. كان انس رضي الله عنه بهذه المثابة من اقرب الناس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. لانه سيكون معه في المنزل ومعه في المسجد ومعه في الطريق. ومعه في اخص شؤون ولذلك تجد في روايات انس رضي الله عنه في احاديث الاحكام قدرا كبيرا من التفاصيل. حتى انه يروي اذا صحب النبي صلى الله الله عليه وسلم في الذهاب لقضاء حاجته. يقول كنت احمل انا غلام وانا وغلام نحوي معي اداوة من ماء وعنزة كان يستنجب بالماء يصف حتى اذا اتى الى النبي عليه الصلاة والسلام في خلائه يحمل له الماء ليستنجي به يصف ادق التفاصيل التي لا تتأتى كبار الصحابة كابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عن الجميع. وكل على خير ومنقبة وفضل. لكن هذا انس على صغره وصباه رضي الله عنه ظفر بما لم يظفر به الصحابة الاكابر. رضي الله عن الجميع. فهي فضل ومنقبة ولا شك اوتيها الصبي الخادم لرسول الله صلى الله عليه وسلم انس رضي الله عنه. بقي ان نجيب عن اشكال. تقدم في وصف عدد من الصحابة ان النبي صلى الله عليه وسلم كانت تجلله هيبة ووقار يمنع يمنع الناظر اليه من تحديق النظر واطالته. ولهذا قالوا وما يستطيع احدنا ان يحد النظر اليه هيبة له. فكان عليه الصلاة والسلام مملوءا هيبة ووقارا. فكيف تجمع بين هذا وبين تلك الروايات التي تحكي تفاصيل في تبسمه في وصف شعراته والتي لا تأتي الا من قبيل اطالة النظر وادامته. والجواب عن ذلك من وجوه. منها ان انس رضي الله عنه بهذا الحال وهذا الوصف الذي بلغ فيه ان يكون مرافقا خادما مصاحبا للنبي صلى الله عليه وسلم في اغلب الاحوال يتأتى له من المواقف والاحوال التي تتيح له النظر والاطالة والتأمل ما لم يؤتى لغيره كان صبيا صغيرا رضي الله عنه ربما تجاوز في حقه ذلك المعنى الذي ربما منع بعض الصحابة الكبار رضي الله عنهم. وجواب اخر ان تقول لا يلزم من هذا الوصف الدقيق ان يكون ناتجا من حدة نظر واطالة تأمل في وجهه عليه الصلاة والسلام. لكنه النظرة تلو النظرة ولو كانت صغيرة وقصيرة ومختلسة. لكنها النظرات المتتابعة التي يطلقها يطلقها قلب محب وفي كل نظرة تختطف صورة ومنظرا وشكلا وهيئة جمعت مع التكرار وطول الايام والمرافقة والصحبة شيئا يبلغ الدقة الى هذا الحد الذي يقول فيه رضي الله عنه وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء. ماذا بقي ان اقول في هذا الحديث بقي ان نقول نبيكم صلى الله عليه وسلم الذي توفاه الله تعالى بعد عمر بلغ ثلاثا وستين سنة لم لم يشب شعر رأسه ولحيته عليه الصلاة والسلام. ولم يشب فيه شيء من عظيم همته في بلاغه لدعوته لكنه عليه الصلاة والسلام يقول شيبتني هود واخواتها. اشار الى ان السور في القرآن التي تحدثت عن القيام واهوالها وفزعها هي التي نالت منه الشيب عليه الصلاة والسلام. فاعلم رعاك الله انه ليس الشيب الحقيقي هو بياض الشعب الذي يملأ الوجه والرأس. كما انه ليس الشباب الحقيقي هو سواد الشعر في الوجه والرأس. لكنه رعاك الله هو قوة القلب واقباله على الله. هو عظيم الخشية من الله سبحانه وتعالى. فكلما كان القلب اعظم خشية والانة وانابة وتضرعا بين يدي ربه عز وجل كان اكثر ليونة وتضرعا. ولذلك قال عليه الصلاة والسلام غيبتني هود واخواتها ما بلغ من الكبر عتيا نبيكم يا قوم عليه الصلاة والسلام لكنه فعل في ثلاث وعشرين سنة ما تعجز عنه البشرية المعاصرة اليوم ان تنجزه في قرون متلاحقة. في اصلاح فساد عم الامم. وفي استصلاح اخلاق خربت بها الذمم وفي انتشار بشرية من حضيض الجاهلية والبهيمية الحيوانية الى اسمى ذرا العز والشرف الانساني كرا بكرامة الله من فوق سبع سماوات. فعل صلى الله عليه وآله وسلم في ثلاث وعشرين سنة مؤيدة بالوحي والمعجزات والجهاد والتضحية ما تعجز عنه اليوم ادوار البشرية مجتمعة في مؤسساتها وافرادها ومنظماتها وهيئاتها ان انه صدق النبوة الذي يؤتاه نبي كريم مبعوث من ربه صلى الله عليه واله وسلم. ويحتمل في سبيل ذلك جهودا فعل في ثلاث وعشرين سنة ما لو اردت ان تفرغه في عمر غيره من البشر لوسع مئات السنين. كل ذلك لتعلم عظيم حقه عليك صلى الله عليه واله وسلم. وانه في مدة قصيرة ادى لهذه الامة ما يلقى الله تعالى وهو استحلفه مستأمنهم واستشهدهم الا هل بلغت؟ فاذا قالوا نعم مكة اصبعه قال اللهم فاشهد قالها في اخر جمع له بينه وبين امته في حجة الوداع. الا هل بلغت؟ يقولون اللهم نعم فينكت اصبعه فيقول اللهم فاشهد قدم عليه صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة وادى الامانة وجاهد في الله حق الجهاد حتى اتاه اليقين فما بقي صلى الله عليه سلم عليه من واجب الدعوة الا اداه. انما الباقي عليكم يا امة محمد صلى الله عليه وسلم اكبر اه اكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول اشهد ان محمدا رسول الله حي حي حي على الفلاح الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله بسم الله الرحمن الرحيم. والمراد ايها الاحبة ان نبينا صلى الله عليه واله وسلم في هذه المدة التي قضاها في بعثته ونبوته قد ادى ما اوجب الله تعالى عليه من تبليغ الرسالة واداء الامانة واخراج هذه الامة من الظلمات الى النور. فالذي بقي علينا في رقابنا من امانات وواجبات هي الوفاء هي الوفاء بحقه صلى الله عليه واله وسلم ليكون احدنا محبا صادقا مؤمنا جازما يحمل من اليقين في ايمانه ومن الصدق في محبته ومن تمام الطاعة والامتثال لسنته صلى الله عليه وسلم القدر الاوفى. لن يحمل احدنا وفاء. لدعوته نبوته صلى الله عليه وسلم اعظم من الامتثال لسنته. والالتزام بهديه عليه الصلاة والسلام. وملء القلوب بمحبته وامي هو عليه الصلاة والسلام اعظمنا وفاء لنبينا صلى الله عليه وسلم هو اكثرنا حبا وصلاة وسلاما عليه صلى الله عليه وسلم. اعظمنا وفاء لجهاده ودعوته صلى الله عليه وآله وسلم. هو اكثرنا صدقا في ايمانه واعظمنا طاعة في اتباعه لسنته وسيرته صلى الله عليه واله وسلم. للمرة المتكررة نقول لن تكون المسألة مساومات ولا شعارات ترفع في دعاوى الحب والوفاء وصدق الطاعة والانتماء والاقتداء لرسول الله صلى الله عندك يا شيخ انما هي شواهد صدق نبذلها في حياتنا نتقرب بها الى ربنا لنكون اكثر صدقا في دعاوينا ايها القوم المحبون للنبي صلى الله عليه وسلم. نقف عند حديث انس رضي الله عنه هذا الذي وقفنا فيه كجملة من المعاني وهو الصحابي الصغير الخادم لرسول الله عليه الصلاة والسلام. ولسان احدنا يا ليتني كنت فردا من صحابته او خادما عنده من اصغر الخدم تجود بالدمع حين اذكره تجود بالدمع عيني حين اذكره. اما الفؤاد فللحوظ ظمي يا رب لا تحرمنا من شفاعته في موقف متزع بالهول متسم صلى الله عليه واله وسلم. اللهم انا نسألك علما نافعا عملا صالحا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا والمسلمين اللهم هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا ومن كل لضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية. فرج يا ربي كل هم وكربة وغم. عن اخوتنا المسلمين في مصر وبلاد الشام وفلسطين واليمن والعراق وفي كل بلد فوق كل ارض وتحت كل سماء. احفظنا يا رب والمسلمين بحفظك واكلأنا بعنايتك. اللهم احفظنا والمسلمين وجميعا من شر الاشرار وكيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار يا رب العالمين ويا اله الاولين والاخرين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة في الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين بارك الله فيك