الا بعلم ودراسة شاملة لاحداث سيرته وتتبع اخباره عليه الصلاة والسلام. ولهذا تكون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في قلب المحب المتتبع لسنته وسيرته اعظم اثرا واقوى دلالة على لسانه وقلبه ومن لكلام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا المعنى عندما يقول ولهذا كانت صلاة اهل العلم عليه العارفين بسنته وهديه المتبعين له صلى الله عليه وسلم صلاة العوام عليه الذين حظهم منها ازعاج اعظائهم بها ورفع اصواتهم يعني ليس لهم حظ من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام الا اشتغال اللسان والاعضاء ورفع الصوت بها لا غير يقول رحمه الله واما اتباعه العارفون بسنته العالمون بما جاء به. فصلاتهم عليه نوع اخر فكلما ازدادوا فيما جاء به معرفة ازدادوا له محبة ومعرفة بحقيقة الصلاة المطلوبة له من الله تعالى فلنجعل مثل هذه المجالس ايها الكرام بابا نلج منه الى مزيد من العلم باخباره وهديه وسيرته عليه الصلاة والسلام. وصولا الى صلاة وسلام عليه تليق له عليه الصلاة والسلام تنطق حبا واجلالا واحتراما وطاعة واتباعا لسنته فهذا هو شأن اهل العلم ولم يزل من هدي صحابته الكرام رضي الله عنهم الى من بعدهم ممن تبعهم باحسان برسول الله عليه الصلاة والسلام فلا تملك الا ان تقول له هنيئا لك. ثم يقع في قلبك من الحب له لشبهه برسول الله عليه الصلاة والسلام مما لم يكن له فيه يد ما زال حديثنا ايها المباركون في دراسة مختصر الشمائل المحمدية متعددة الابواب حتى وقف بنا الحديث في منتهى الماضي في الاسبوع المنصرم في ختام باب ما جاء في ايدام رسول الله صلى الله عليه وسلم لنشرع في الابواب التالية بعد له وقد تقدم قبل هذه المرة ايها الكرام وفقني الله واياكم ان الشمائل المحمدية يعني الشمائل المنسوبة الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. والمقصود بالشمائل كل شيء يتعلق به من خصائصه واخباره واحواله هذه الشمائل المحمدية تنقسم الى قسمين قسم منها قسم منها لا سبيل الى اتباعه فيه ولا الاقتداء به فيه عليه الصلاة والسلام لان ذلك شيء يختص به وذلك كصفات خلقته صلى الله عليه وسلم خلقه الله على نحو معين في هيئته في شعره في عينيه في انفه ويديه وقدميه كما جاء مفصلا في مطلع هذا الكتاب المبارك الذي تدارسناه منذ شهور متعددة. فهذا القسم من الشمائل لا سبيل الى المسلم ان يسلك كه ليقتدي به فيه عليه الصلاة والسلام. فخلقه الله تعالى على هذا النحو. ولم يجعل سبحانه وتعالى الى احد من خلقه ان يختار صفة خلقته فهذا امر يختص الله تعالى به من يشاء من عباده. واذا رزق عبد من العباد شبها في الخلقة ولهذا وقع الشبه به عليه الصلاة والسلام في قلة من اصحابه من ال بيته على وجه التحديد ثم لم يزل الصحابة يجعلون لهذا الشبه وقعا في قلوبهم في حياته وبعد مماته عليه الصلاة والسلام واما القسم الاخر من الشمائل المحمدية فهو ما يمكن لنا ويتأتى لنا ان ان نتابعه فيه وان نتأسى به فيه وان نتشبه به فيه عليه الصلاة والسلام وهذا القسم الاخر من الشمائل الذي يمكن لنا ان نتابعه فيه عليه الصلاة والسلام ويمكن لنا ان نتشبه فيه عليه الصلاة والسلام ايضا منقسم الى قسمين قسم جاء الامر والحث منه عليه الصلاة والسلام الينا ان نفعله وهذا باب كبير في الاداب النبوية والخصال المتبعة في ابواب العبادات والمعاملات. لما يأمر عليه الصلاة والسلام ان نأكل باليمين وان نسمي قبل الطعام وان نحمد الله بعده. وشرع لنا ما نقول عند اللبس وعند الخلع عند الدخول وعند الخروج هذه هدي نبوي فعله عليه الصلاة والسلام ويمكن لنا ان نفعله بل وحثنا وندبنا وعلمنا ان نفعل مثله عليه الصلاة والسلام. فهذا القسم لا شك انه من الامور التي يؤجر المسلم فيها على اتباع سنة رسوله وحبيبه عليه الصلاة والسلام وهذا باب كبير كما قلت يفتقر الى تتبع مواضع هذه السنن بوضع مواقع خطى الاقدام عليها والسير على منوالها. واما القسم الثاني من هذا القسم الذي يمكن لنا فيه المتابعة والاقتداء فقسم فعله عليه الصلاة والسلام ولم يأمرنا ولم يندبنا ولم يوجهنا ولم يرشدنا الى ان نفعل كفعله لانه فعله لا على سبيل التعبد عليه الصلاة والسلام. لكن فعله على سبيل العادة والجبلة والطبيعة والموافقة لطبعه او لعادته او لما جرى عليه عرف الناس في زمنه عليه الصلاة والسلام. يدخل في هذا القسم صفة اللباس كيف كان يلبس وصفة الطعام ماذا كان يأكل؟ الوان الطعام الذي اكله او وضع على مائدته عليه الصلاة والسلام. هذا القسم ما امرنا عليه الصلاة والسلام ان نفعل فيه مثل ما فعل فلم يأمرنا بلبس العمامة مثلا ولا حثنا عليها ولا حثنا او ارشدنا الى امر يتعلق بلبس الازار والرداء الذي كان لباس العرب انذاك ولا جاء ايضا حديث فيه توجيه على خصوص صفة النعل اكرمكم الله الذي يمكن ان يلبس. وصفة المنام ايضا والطعام الذي يؤكل كما مر بنا في ابواب سابقة اخرها باب ما جاء في ايدام رسول الله عليه الصلاة والسلام. هذا القسم ايها الكرام اتفق الفقهاء على انه لا يدخل في مصطلح السنن التي يثاب فاعلها ويحصل له الاجر باتباعها لانها ما وقعت على سبيل التعبد ولم يفعلها عليه الصلاة والسلام تقربا الى الله كان يأكل الطعام ويلبس اللباس ويشرب الماء ويخرج ويدخل فهذه صفات وافعال وقعت منه عادة وطبيعة وجبلة فهذا القسم كما قلت باتفاق الفقهاء لا يدخل في ابواب السنن الفقهية الاصطلاحية التي يمكن ان تقيسها على سنن الوضوء مثلا او سنن الصلاة او اداب الطعام والشراب التي جاء الحث عليها ومع ذلك فانها فيها مجال للاقتداء به والتشبه به عليه الصلاة والسلام. لانها ليست محالة ويمكن للانسان ان يفعل كما فعل عليه الصلاة والسلام ان يأكل الطعام الذي اكله عليه الصلاة والسلام ان يشرب الشراب الذي شربه او احب طعمه عليه الصلاة والسلام وقل مثل ذلك في اللباس قل مثل ذلك في الكلام الضحك المشية فهذه الصفات والافعال صدرت منه عليه الصلاة والسلام دون ان يحثنا او يرشدنا او يأمرنا باتباعه فيه ليست سننا فقهية اصطلاحية لكنها كما قلت قابلة قابلة للتطبيق قابلة للاقتداء والتشبه به عليه الصلاة والسلام. فهذا القسم هذا القسم هذا القسم الذي تنافس فيه المحبون لرسول الله عليه الصلاة والسلام ان يدخلوه وان يتشبهوا به فيه وان يكون لهم في هذا الباب سهم وافر ونصيب عظيم ان تكون حياتهم اكثر ما يمكن شبها بحياة الله عليه الصلاة والسلام لاحظ معي ان هذه الرتبة وهذه الدرجة وهذه المرتبة في التشبه والاقتداء ومحاولة محاكاة الحياة بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا تتأتى الا لمسلم امتلأ قلبه حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. واصبح شغله الشاغل التفكير في سنة حبيبه عليه الصلاة والسلام والرغبة في الاقتداء به من كل طريق مثل هذا المسلم ثق تماما ان القسم الاول من السنن التي جاء الحث عليها والامر بها هو ما فرط فيها اطلاقا ولم يترك منها صغيرا ولا كبيرا. بل استوعبها تماما. وهو لا ينتظر ان يجد بابا من الابواب في الحياة. فيه امر نبوي او توجيه كريم الا وقد سبق اليه. وبادر اليه وحرص على تطبيقه. واستوفى تماما صفة الطاعة والاقتداء فيها برسول الله عليه الصلاة والسلام. فلما فرغ من هذا القسم واتى عليه كاملا واستوعبه لم تزل نفسه مشتاقة الى ان يكون له حظ اوفر من التشبه برسول الله عليه الصلاة والسلام. فطفق في القسم الاخر يبحث في ابواب الطعام الشراب واللباس والمنام والدخول والخروج والمشي والضحك والكلام يحاول في كل شأن من شؤونه ان يكون له شبه برسول الله عليه الصلاة والسلام. وفي بعض المجالس مضى ضرب الامثلة على مثل هذا ليس ابعد مما جاء عن انس في هذا الباب الاخير رظي الله عنه لما حضر طعاما قدم الى رسول الله عليه الصلاة والسلام وقدم له الدبان قال فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حول الصحفة. يلتقطها يعني ابحثوا عنها في الطبق قال فعرفت انه يحب الدبان فما زلت احب الدباء من يومئذ مثل انس رضي الله عنه لما اخبر انه بهذا الموقف اصبح محبا لاكل الدبان وهذا المثال الذي قلت لكم لا ينطبق عليه ثواب السنن العبادية التي يؤجر المسلم على فعلها. لان النبي عليه الصلاة والسلام فعلها. فلم يقل احد من الفقهاء ان اكل سنة وان من اكل الدباء يؤجر لانه اكل الدب لا يقولون هذا وليس معنى هذا ان من تاقت نفسه للتشبه برسول الله عليه الصلاة والسلام وسمت همته فجعل يوطن ذوقه ومذاقه الشخصي ورغبته وهواه جعل يفعل ذلك يفرغ ما في قلبه من هوى وحب وميل في اناء رسول الله عليه الصلاة والسلام ليجعل ذوقه متابعا لذوقه وهواه متابعا لهواه. والرغبة والميل وسائر النواحي التي ليست من قبيل التعبد في شيء لما يبلغ المسلم هذه الدرجة ايها الكرام فاعلم تماما ان حبا عظيما ترسخ في قلبه وتجذر في فؤاده فجعل يقوده الى المراتب التي يغفل عنها كثير من الخلق ولا ينتبهون اليها. وجعلت تحثه بالخطى خطوة خطوة لان يبحث في دقائق الامور صغيرها وكبيرها وجليها وخفيها ليجعل من حياته مساحة اكبر للتشبه برسول الله عليه الصلاة والسلام ومضت في ذلك جملة من الاثار العجيبة الرائعة عن الصحابة رضي الله عنهم وتابعيهم واتباعهم من سلف الامة وساداتها من الائمة الكبار رحمة الله عليهم اجمعين نحن وقفنا عند باب ما جاء في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام. وسترى ان الابواب التالية فيها قدر يشتمل على النوعين من الشمائل التي فعلها عليه الصلاة والسلام فحث الامة وارشدهم الى فعلها او فعله عليه الصلاة والسلام عادة وطبيعة جبلة وفيها مجال للمحب ان يوقع خطاه على خطى من يحب عليه الصلاة والسلام نعم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين والمستمعين قال المصنف رحمه الله بعض ما جاء في وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم عند الطعام عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقرب اليه الطعام فقالوا ألا نأتيك بمضوء قال انما امرت بالوضوء فقمت الى الصلاة نعم وفي رواية فقال وفي رواية فقال اأصلي فأتوضأ هذا الباب جاء مناسبا بعدما فرغ المصنف رحمه الله اعني الامام الترمذي ومختصره ايضا الالباني رحمه الله بعدما فرغ من الحديث عن ما جاء في صفة طعام رسول الله عليه الصلاة والسلام والالوان من الاطعمة والمأكولات التي اكلها والتي وضعت على مائدته والتي احبها صلى الله عليه وسلم. قال باب ما جاء في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام الوضوء الوضوء يأتي بمعنيين اثنين المعنى الاول هو المعروف عندنا جميعا وضوء العبادة. وضوء الصلاة على الصفة المعروفة غسل اليدين المضمضة الاستنشاق غسل الوجه غسل اليدين الى المرفقين مسح الرأس غسل الرجلين الى الكعبين. هذا هو الوضوء الشرعي اي الذي يفعله المسلم عبادة ويأتي الوضوء بالمعنى الاخر الذي هو التنظف بغسل اليدين والفم او الوجه باكمله ويسمى هذا ايضا وضوءا فاذا غسل الانسان كفيه ومضمض وغسل وجهه صح ان يسمى وضوءا وجاءت بعض النصوص ايضا في بيان ان هذا يسمى ضوءا وتقدم في الدرس السابق ان علي رضي الله عنه فعل ذلك ونسبه الى رسول الله عليه الصلاة والسلام وقال هذا وضوء سماه وضوء وان هذا الباب يأتي فيه المعنيان. الوضوء الشرعي الذي هو العبادة. والوضوء اللغوي الذي هو الاقتصار على غسل الكفين والمضمضة او غسل وجهي غسل اليدين والفم قال في رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء يعني بعد ما قضى حاجته فقرب اليه الطعام فقالوا الا نأتيك بوضوء الوضوء بفتح الواو اسم للماء الذي يتوضأ به فاذا ضمت الواو وقيل الوضوء فهو الفعل توضأ وضوءا فالوضوء هو فعل استعمال الماء لغسل الاعضاء يسمى وضوءا الماء الذي يستعمل في الوضوء يسمى وضوءا بفتح الواو فقالوا الا نأتيك بوضوء؟ يعني الا نأتيك بماء لتتوضأ عرضوا عليه هذا الماء عند قربه الى الطعام عليه الصلاة والسلام بعدما قدم له الطعام فقال عليه الصلاة والسلام انما امرت بالوضوء اذا قمت الى الصلاة فقال لهم هذه ليست عبادة توجب وضوءا فلم يفعل صلى الله عليه وسلم. وفي رواية قال اأصلي فأتوضأ يعني هل هذه صلاة حتى يلزمني فيها الوضوء انما هو طعام فدل ذلك على انه لا يجب الوضوء من كل مرة يخرج فيها المؤمن من الخلاء الا اذا اراد عبادة يكون من شرطها الوضوء والطهارة فدل ذلك على عدم وجوب الوضوء الشرعي كلما خرج المرء من الخلاء وان الاقدام على الطعام ايضا ليس من شرطه الوضوء المذكور نعم وعن سلمان وعن سلمان رضي الله عنه قال قرأت ان بركة الطعام الوضوء بعده ذلك للنبي صلى الله عليه واخبرته بما قرأت في التوراة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطعام بركة الطعام قبله والوضوء بعده الحديث فيه ضعف في سنده وهو عند المحدثين لا يصح سندا وما جاء في رواية سلمان رضي الله عنه هذه مسألة تتعلق بغسل اليدين قبل الطعام قال سلمان قرأت في التوراة ان بركة الطعام الوضوء بعده ان بركة الطعام الوضوء بعد الوضوء بعده قال فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم واخبرته بما قرأت في التوراة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده وليس المراد هنا كما قلت الوضوء الشرعي الذي هو العبادة. لكن المقصود غسل اليدين والفم فدل الحديث على ان الادب هو غسل اليدين والفم قبل الطعام وبعد الطعام ولا يزال الاطباء الى اليوم ينصحون بغسل اليدين قبل الطعام تجنبا لاي اذى يكون في اليدين. حيث انها الة ادخال الطعام للفم فاذا كان باليدين شيء من القذر او الاذى ربما تضرر الاكل بتناوله الطعام وادخاله في فمه ولا يزال في يده من اذى والصحة في هذا تقتضي ان يغسل المرء يديه ليكون تناوله للطعام على وجه اكثر طهارة ونظافة وسلامة. هذا هو تقرير الاطباء وما يرونه اليق بصحة الانسان قال بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده الحديث لا يصح سندا ولو صح لكان حجة في الباب فهل في السنة ما يثبت استحباب استحباب غسل الانسان يديه قبل الطعام يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتنازع العلماء في غسل اليدين قبل الاكل هل يكره او يستحب على قولين قال هما روايتان عن احمد فمن استحب ذلك احتج بحديث سلمان يقصد الحديث الذي قرأناه قبل قليل فمن استحب ذلك احتج بحديث سلمان. ومن كرهه يعني القول الاخر للعلماء ان غسل اليدين قبل الطعام مكروه قال ومن كرهه؟ قال لان هذا خلاف سنة المسلمين. فانهم لم يكونوا يتوضؤون قبل الاكل. وانما كان هذا من فعل اليهود فيكره التشبه بهم فحصلت الكراهة من باب التشبه باليهود قال واما حديث سلمان فقد ضعفه بعضهم يعني لو صح حديث سلمان لكان في الباب قال رحمه الله وقد يقال كان هذا في اول الاسلام لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة اهل الكتاب في ما لم يؤمر فيه بشيء وخلاصة الكلام ان غسل اليدين قبل الطعام لم يصح فيه حديث سلمان لضعفه كما تقدم فان اراد الانسان الاحتياط لصحته وغسل يديه خصوصا اذا غلب على الظن وجود شيء مما يعلق باليدين مما يستحسن معه غسل اليدين قبل الطعام فذلك حسد وفعل ذلك على هذا الوجه وان لم يثبت فيه سنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا اقل من ان يكون من باب العادات المستحسنة التي يفعلها المرء استكمالا لدواعي الصحة والسلامة واما غسل اليدين بعد الطعام فانه ايضا يتعلق بما اذا كان على يدي الانسان شيء من بقايا الطعام من الزفر او شيء من الامور التي تستدعي غسلا وتنظيفا فان فعل ذلك وان لم يصح فيه حديث فانها ايضا من العادات المستحسنة التي قد لا افعلها وان لم يصح فيها الحديث لا نفعلها الا طلبا للسلامة او تمام النظافة والصحة. ومن فعل ذلك فانه له وجه ومن تركه ايضا فلا يعتبر تاركا لسنة لان الحديث فيها لم يصح سنده كما تقدم نعم عن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه قال باب بعض ما جاء في قول رسول الله صلى عليه طعام وبعدما يقرب منه عن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم يوما اليه طعاما فلم ارى طعاما كان اعظم بركة اول ما اكلنا ولا اقل بركة يا رسول الله فهذا قال ان ان اسم الله حين اكلنا ثم قعد اكل ولم يسمي الله تعالى فاكل معه الشيطان هذا باب اخر باب ذو صلة بما نحن فيه من الطعام والفراغ من الطعام قال باب ما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم انما قبل الطعام وبعدما يفرغ منه يعني ما الذي كان يقوله نبينا صلى الله عليه وسلم قبل الطعام وبعد الفراغ من الطعام هذا الان باب صريح في القسم الذي تقدمت الاشارة اليه في صدر المجلس. هذا باب من الشمائل يستحب فيه الاتباع والاقتداء والتسنن بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. لانه فعل وارشد ايضا الى الفعل كما ستأتي الاحاديث الاتية اول احاديث هذا الباب حديث ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه. وايضا لا يصح سنده. عن ابي ايوب رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقرب طعام فلم ارى طعاما كان اعظم بركة منه اول ما اكلنا ولا اقل بركة في اخره ابو ايوب الان رظي الله عنه يصف المشهد يقول اول ما قدم الطعام كان اعظم بركة قال ولم ارى طعاما اعظم بركة منه اول ما بدأنا نأكل. قال لكنه كان اقل بركة في اخره فوجد ابو ايوب رضي الله عنه ان صحت الرواية. وجد هذا الفرق في بركة الطعام بين اوله واخره قال فقلنا يا رسول الله كيف هذا وسؤالهم في هذا المقام فطنة منهم رضي الله عنهم صحيح انهم على طعام وعلى سفرة وليس مجلس علم ولا مجلس تعليم ولا قراءة قرآن ولا خطبة جمعة لكنهم جالسون مع رسول الله عليه الصلاة والسلام وهذه فرص الانفاس فيها نفيسة والدقائق فيها شريفة. فيرون ان كل دقيقة يقضونها في صحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام فهي باب يقودهم الى مزيد قرب من الله سبحانه وتعالى. ومعرفة بعظمة هذا الدين واستمساك بعراة. فقالوا يا رسول الله كيف هذا فقال عليه الصلاة والسلام انا ذكرنا اسم الله حين اكلنا يعني ولذلك وقعت البركة في اول الطعام بسبب ذكر اسم الله تعالى عليه قال ثم قعد بعد من اكل ولم يسم الله تعالى فاكل معه الشيطان يعني ثم جلس معنا بعد رجل لحقهم في الطعام فاكل دون ان يذكر اسم الله فكان هذا مدخلا للشيطان ان يصيب من طعامهم فيأكل منه قال فاكل معه الشيطان. اكل معه وليس معهم لانهم ذكروا اسم الله لكنه وان اكل معه فالطعام واحد فاصاب ذلك بركة الطعام فذهب يعني ذهبت بركة الطعام بسبب اكل الشيطان مع احدهم. مع ان البقية قد ذكروا اسم الله تعالى عليه. هذا الحديث ايها الكرام وان لم يصح حسناته لكن في السنة الصحيحة ما يشهد لهذا المعنى العظيم وهو من الغيب ولا شك يعني دخول الشيطان اكل الشيطان مع ابن ادم هذا من عالم الغيب ليس مما يدركه المرء بالحواس فيتوقف هذا على الوحي ولا مدخل فيه للعقل فاذا صحت الرواية وثبتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام باثبات شيء من ذلك اثبتناه. او نفيه نفيناه او سكت عنه سكتنا عنه فاقول صحت الرواية وثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثبات هذا المعنى الغيبي الذي هو مشاركة الشيطان للانسان في طعامه واصابته معه وذهاب البركة بمشاركة الشيطان للطعام. في ذلك احاديث متعددة منها حديث جابر في صحيح مسلم رضي الله عنهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا دخل الرجل بيته اذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء لانه ذكر الله عند الدخول وعند الطعام قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء يعني لا دخول البيت يستطيع الشيطان ان يدخله ولا الطعام لانه ذكر اسم الله عليه. قال اذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء واذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان ادركتم المبيت يقول الشيطان لذريته لاولاده بمن معه ادركتم المبيت لان صاحب البيت ما ذكر الله عند دخوله فكأنه ترك الباب مفتوحا. قال ادركتم المبيت فاذا لم يذكر الله عند طعامه قال ادركتم العشاء فالمسألة متعلقة بذكر الله تعالى عند دخول البيت وعند الطعام. فاذا ذكر الله فقد اغلق الباب بقفل محكم عليه خاتم ذكر الله سبحانه وتعالى. فلا يقربن شيطان بيته ولا طعامه. واذا غفل عن ذلك ترك الباب مفتوحا تلج منه الشياطين فتشارك اهل البيت مسكنهم ومبيتهم وتشارك ايضا اهل البيت طعامهم. وهذا يا اخوة هذا الحديث يتبين لنا فيه شيئا اني مهمان نحن بامس الحاجة الى النظر اليهما. اولهما فضل الذكر وانه وقاية وانه حصن وانه اعتصام بالله عز وجل خالق الانس والجان فان الذي خلقهم سبحانه وتعالى قادر على منعهم وعلى على تحصين ابن ادم منهم وعلى صونه وحفظه من اذاهم كذلك فمن ذكر الله اصاب المعتصم واصاب الملتجأ واصاب الحصن ومن ترك ذكر الله عز وجل فقد ترك نفسه عرظة للشياطين. ينهشونه من كل جانب ونحن اليوم لما نرى ونشاهد ونسمع كثرة ما يقع بين الناس من اذى الجن والشياطين فهذا محسود وهذا معان وهذا مبتلى امراض وهذا موسوس وهذا تسلط عليه الشيطان. ثقوا تماما ان ذلك ما حصل الا لما غفل صاحب القلب عن القلب مفتوحا للشياطين يدخلون فيه ويعيثون ويفسدون في قلب المؤمن فيظرون به وبحياته ويؤذونه قدر المستطاع واما الذكر فانه معتصم وحصن حصين وملتجأ يأوي اليه المؤمن فيؤمن حياته وقلبه وهذا فضل عظيم من فضائل الذكر لله الله سبحانه وتعالى وليست بفضائله المحصورة بل المتعددة الكثيرة وهذا واحد منها. المسألة الاخرى ان الشيطان على ابن ادم ليس لقوة الشيطان بل لضعف ابن ادم ان تسلط الشيطان على ابن ادم هو بسبب ابن ادم فانه لما ترك الباب مفتوحا دخلت الشياطين فلما نسي ذكر الله على طعامه فتح الباب للشيطان والله عز وجل يقول انه ليس له سلطان على الذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون انما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون. فمن الغفلة يا اخوة ان يظن مسلم انه اصاب اصاب الشيطان منه اذى وتسلط عليه وانه ضعيف. والله ما تسلط شيطان على ابن ادم الا بضعف المسلم الا بغفلته عن ذكر الله الا بتركه الباب كما قلت مفتوحا تدخل منه الشياطين فتفسد عليه حياته وقلبه وعبادته وعيشه كله والا فان الله عز وجل جعل شأن الشيطان محصورا وجعل اذاه محدودا. فلا يظن انسان ان قوة الشيطان هي التي افسدت على الانسان حياته كلا بل هو ضعف الانسان وضعف ابن ادم الذي جعل الشيطان يتسلط عليه وعلى حياته فيؤذيه ويضره ويشوش تفسد عليه شأنه ونحن منطلقا من هذا الحديث يقول اذا دخل فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء. اذا الذي يقرر ان يشارك الشيطان الانسان ان يشارك الشيطان الانسان في بيته في منامه في المبيت في البيت او في الطعام هو انت وليس الشيطان هو الذي يقرر والليلة اذا عدت الى منزلك بعد العشاء وفي يدك اكياس العشاء فانت من يقرر هل تستضيف الشيطان او تغلق الباب وراءك؟ انت الذي ستقرر فان ذكرت الله فقد طردته وصرفته فما سمحت له بالدخول. واذا فرشت ومدت الموائد والسفرة بين يديك فانت ايضا اما ان في دعوة للشيطان تقول لو تفضل يأكل معك او ان تذكر الله فتطرده. فالمسألة اعيدة الى المسلم فيما يستحضره من ذكر الله عز وجل ليغلق الباب دون مشاركة الشياطين ودون ان يدخلوا بيتهم. هذا باب كبير يقابله يا اخوة على المنحى الاخر والشيء يذكر ها هنا استطرادا تماما للفائدة ان البيوت التي البيوت التي تعمر بذكر الله عز وجل من خلال صلاة اهل البيت في البيت رجالا ونساء وقد قال عليه الصلاة والسلام اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم يصلي المسلم النوافل الرجل والمرأة تتعاهد صلاتها في البيت البيت يعمر بذكر الله اذا قرأ القرآن واذا جلست اصداء الذكر من افواه اهل البيت تتردد في الحجرات والغرف والصالة وفي الممرات بين الغرف في البيت. اذا عمر البيت بذكر الله عز وجل ما تركت مساحة للشياطين ان تعيث فيه فيعيش البيت مطمئنا يتظلل برحمة الذكر وفضل الذكر وعظمة الذكر. ويبقى البيت ملائكيا. انما تغشاه الملائكة وتحفه الملائكة وتجالسهم الملائكة وبالعكس البيوت التي يقل فيها ذكر الله سبحانه وتعالى. عندما تهجر الصلوات في البيوت فهذا باب ينبغي ان نلتفت اليه بعناية. وهذا باب ايضا ينبغي ان نعلمه اهل بيوتنا وصبياننا على وجه الخصوص. ان نعلمهم ذكر الله كما في الحديث الاتي نعم عن عمر بن ابي والعياذ بالله. عندما لا يصلي الرجل في بيته الا لماما وعندما تكون المرأة اصلحها الله متهاونة في شأن الصلاة. فلا هي بالتي تحافظ عليها ولا بالتي ترشد اولادها وتحثهم على القيام الى الصلاة. وعندما يقوم شيء من ذكر الشيطان مقام ذكر الله في البيوت فتبدأ المعازف والموسيقى والاغاني تعج في البيت من خلال اجهزة التلفاز والمذياع والجوالات واجهزة الاتصالات الاخرى فيبقى البيت مأوى للشياطين. لانه اصبح مهجورا من ذكر الله عز وجل فتعشش فيه الشياطين وتبدأ تعيث في البيت فلا تسأل عن ضيق يكتم الصدور في تلك البيوت. ولا تسأل ايضا عن قلق وضنك ايضا يكون مخيما على تلك البيوت. ايضا لا تسأل عن وحشة في النفوس. او ربما كان اذى يجدها اهل البيت حقيقة. اما مناما واما قاظا كل هذا وارد وذلك ان البيت قد خلت ساحاته من ذكر الله عز وجل فجلست عرظة للشياطين. هذا باب عظيم اليه استطرادا لان النبي عليه الصلاة والسلام ارشدنا الى ان ذكر الله قفل متين. مختوم بذكر الله عز وجل يطرد الشياطين. والله اصغر بني ادم سنا واضعفهم جسما واقلهم ادراكا هو اقوى من ابليس وجنده. اذا ذكر الله عز وجل واقوى بني ادم جثة واعرضهم جسما واقواهم بنية هو اضعف ما يكون بين يدي الشيطان اذا ابتعد عن ذكر الله عز وجل وهجره فالمسألة في القوة والتحصن والاعتصام هو في قرب المسلم من ذكره لربه عز وجل. نعم عن عائشة عنها قالت قال رسول الله عليه وسلم فاكل احدهم ونسي الله تعالى على طعامه يقل اوله واخرته. هذا من الاداب النبوية ان يذكر المسلم ربه عند الطعام قبل ان يشرع في الطعام فاذا نسي لاي امر من الامور وشرع في الطعام دون ان يذكر الله فان السنة ها هنا تفتح مجالا اخر. يقول عليه الصلاة والسلام اذا اكل احدكم فنسي ان يذكر الله تعالى على طعامه يعني عند الابتداء. فليقل بسم الله اوله واخره اذا ذكر في اثناء الطعام او حتى لو كان قرب الفراغ فليقل بسم الله اوله واخره. يعني في الاول لانه نسي وفي الاخر لانه قد شرع في الطعام. فذلك كالكفارة لنسيان ذكر الله تعالى اول الطعام. ويكون ذلك محققا لبركة الطعام مهما بقي يعني قد يقول قائل فان كنت قد اوشكت على الفراغ من الطعام ولم تبقى الا لقمة او لقمتان فما فائدة ذكر اسم الله؟ وقد اكل الشيطان اكثرهم معي فان بقيت لقمة او لقمتان فما جدوى ان يذكر المسلم ربه على لقمة بقيت؟ الجواب ان اللقمة انحلت فيها البركة بذكر اسم الله عليها كانت اعظم باستغناء الاكل بها من طعامه الذي سبق كله اذا ابتعد فيه او غفل فيه عن ذكر الله ابن ابي سلمة عن عمر بن دخل على رسول عليه وسلم وعندهم طعام فقال ابن الله تعالى عمر ابن ابي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمقصود بالربيب هو ابن الزوجة ابن الزوجة من زوج اخر اذا تزوج الرجل امرأة ولها ولد فان الولد يسمى ربيبا الزوج وعمر بن ابي سلمة هو ربيب رسول الله عليه الصلاة والسلام وذلك ان النبي عليه الصلاة والسلام تزوج ام سلمة بعد وفاة زوجها ابي سلمة وعندها منه عمر ابن ابي سلمة. فتزوجها نبينا عليه الصلاة والسلام وغدت ام سلمة رضي الله عنها اما من امهاتنا معشر المؤمنين زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وعمر غلام صغير في حجري في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر تنظر الى النبي العظيم صلى الله عليه وسلم كيف يتعامل في تربيته وتعليمه وتوجيهه مع فئات المجتمع كلها وهو نبي يوحى اليه ومكلف بالبلاغ ويحمل على عاتقه هم امة باسرها. ومع ذلك ما غاب عنه ان يرشد طفلا صغيرا جالسا بحضرته جلس معه عمر على طعام يقول دخل دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده طعام فقال ادن يا بني ادن اقترب وكل معي من الطعام. فقال فسم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك. ذكر له ثلاثة من الاداب في جملة صغيرة الغلام صغير والموقف موقف طعام فلا عقل الصغير يستوعب ان يعطى درسا كبيرا طويلا عريضا ولا الموقف موقف الطعام ايضا يناسب ان يكون ان يتحول الى درس وموعظة. لكنه لا يخلو عن توجيه وهذا مقام نفتقر فيه الى هذا التوسط في المنهج. يعني بعض الناس يأخذه الحرص والرغبة في ارشاد الاولاد وتربيتهم في كل موطن في ظل يمارس معهم دور الوعظ والارشاد والتوجيه حتى ربما اصاب الملل قلوب الاولاد فطفقوا ينصرفون باذانهم وبقلوبهم عما يقوله ابوهم او استاذهم او معلمهم لانه اكثر عليهم في هذا الباب وصنف اخر يتساهل ويرى ان سفرة الطعام والاستئناس والرحلات والخروج في نزهة ليست موضعا لان تمارس فيه التوجيهات والتعليمات والاداب ويقول هذا متسع وهذه فسحة فينبغي ان تتخلص من كل تلك القيود. المنهج النبوي وسط يعطي كل مقام حقه ويعطي كل موقف ايضا ما يستحق من التعامل. الموقف موقف طعام وعمر طفل صغير فلما دنا او دعاه فقال ادنوا اعطاه ثلاث جمل هي مفاتيح الادب عند الطعام. قال سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك وكل واحدة من هذه الثلاث الجمل افردت في نصوص اخر ارشد فيها عليه الصلاة والسلام الى هذه المعاني. فتسمية الله عند الطعام جاءت في احاديث متعددة الاكل باليمين جاء فيه ايضا جملة من الاحاديث والتوجيهات. الاكل مما يلي الاكل ثبت في حديث عمر هذا ان من الادب ان يأكل الانسان مما يليه من الطعام. والا تمتد يده في السفرة ليأكل من طبق يقابل شخصا اخر. يجلس معه على السفرة والمائدة فان هذا خلاف الادب. والله هذا التوجيه الادب وهذا التوجيه والادب النبوي الكريم قبل الف واربعمائة وثلاثين سنة وزيادة جاء سابقا على كل نظم الاداب والتقاليد والعادات الراقية التي ربما تدرس في بيوتات الكبار والعظماء وابناء الملأ وذوي الوجاهة والرئاسة في المجتمعات البشرية. فانهم اعني هذا الصنف من البشر من العليا يمارسون هذا التعليم الراقي لاولادهم ويعلمونهم كيف يكون احدهم في اللباس في الدخول في الخروج في استقبال الناس في الجلوس على الموائد في التصرف على الطعام. اقول هذا التوجيه النبوي الكريم جاء سابقا على ذلك كله اقول ولا زلت اقول لتعلم ان لنا دينا عظيما ونبيا عظيما صلى الله عليه وسلم. ونحن بحاجة والله الى ان نتصفح مواضع العظمة في الحياة النبوية ان يأتي الى غلام صغير فيعلمه هذا الادب الذي روى الحديث عمر وهو صغير لكن انظر كيف وقعت الجملة موقعها في قلبه فما نسيها. وهو غلام صغير فحفظها ورواها للاجيال. ونأتي اليوم نحن بعد الف واربع مئة وست وثلاثين سنة لنقول ان عمر حضر طعاما لما كان صغيرا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام صور الموقف حفظ احتفظ بالتوجيه فرواه ونقله لنا لتعلم ايضا ان النبي عليه الصلاة والسلام اعطى عمر من التوجيه والادب والكلام ما يحتمل عقله والدليل ان عمر حفظ. ولو كان كلاما تيرا او خطبة عريضة او موقفا استرسل فيه صلى الله عليه وسلم ربما ما استوعب عمر وربما ضاع علينا هذا الموقف من حفظه وروايته. فعمر على صغر سنه حفظ الادب لانها جمل تحفظ وعبارات يمكن استيعابها سمي الله وكل بيمينك وكل مما يليك السؤال هو كم مرة حرص احدنا ان يلقن اولاده هذه الاداب على الطعام كم مرة حرص احدنا حقيقة اذا جلس واجلس اولاده على السفرة معه بنين وبنات صغار وكبار اطفال وفي بدايات سن التمييز وفوقه بقليل او حتى لو كانوا كبارا فوق ذلك. كم مرة حرص احدنا ان يظل نظره وهو جالس على السفرة مع اهل بيته واولاده ان يتتبع مثل هذه التصرفات. ليقول لهم برفق يا بني افعل كذا ولا تفعل كذا واصنع كذا واترك كذا وهذا من الادب. هذه واحدة. والاخرى ان نربط هذا التعليم لاولادنا بسنة المصطفى الحبيب صلى الله عليه وسلم وسلم. ان تقول لهم لا تفعل كذا وافعل كذا. فرق والله اخي الكريم ايها الاب المبارك والام المباركة فرق بين ان يقول احدنا لولده في الطعام مثلا لا تفعل كذا عيب. لان هذا عيب وبين ان تقول له لا تفعل كذا لان الرسول صلى الله عليه وسلم ما سمح لنا ان نفعل ذلك ما اذن لنا نهانا او ان تقول له افعل يا بني كذا وفقك الله بدل ان تقول لولا ان هذا من الادب لا تفضحنا امام الناس. لو رآك الناس في مثل ذلك لعتبوا عليك حتى لا يغضب الناس حتى لا تحرجن امام الناس. هذا توجيه اخلاقي لا بأس به لكنه والله لن يرقى ابدا عندما تزرع في قلوب الاولاد هذا الادب بتوجيه رسول الله عليه الصلاة والسلام. انت هكذا تبذر بذور المحبة لرسول الله عليه الصلاة السلام في تلك القلوب الغظة الطرية الناشئة. فاذا كبر ولا يزال يسمع في اذنه اذا لبس الثوب اذا ركب السيارة اذا رافق اباه الى صلاة الجمعة اذا جلس على طعام في كل شأن لطالما سمع من ابيه افعل لا تفعل رابط ذلك بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام. والله هنيئا لك شجرة عظيمة تزرعها في قلب الفتى الغض الطري منذ نعومة اظفاره. وانت تربطه بالادب سيبقى اذا كبر واشتد عوده فاعظم ما يلفت نظره والقضية التي تشغل باله اين تقع سنة رسول الله؟ عليه الصلاة والسلام هذا المكسب الكبير والله هو التحدي العظيم. الذي يواجهه الاباء في معترك التربية. في مجتمع كالمجتمعات المعاصرة. ما اقول التي فتحت فيها الابواب بل التي هدمت فيها السدود والتي انجرف فيها السيل فدخل كل بيت. القنوات الانفتاح الاعلامي. وهذه الاشياء التي جعلت تؤثر في قلوب الاولاد لا يزال الاباء بحاجة الى بناء سدود وحصون تكون في قلوب الناشئة من الفتيان والفتيات تكون لهم بناء منيعا يحصن تربيتهم وعقولهم وافكارهم لاحظ معي ان النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك كله مع غلام هو ربيب له وليس ولدا له لم يكن ابنه عليه الصلاة والسلام ومع ذلك ما فاته الحرص عليه الصلاة والسلام ولا توجيه مثل هذا المعنى مع هذا الغلام الصغير صغير ربيبه وليس ابنا له ليت شعري ما الذي نقوله في اباء يفرطون ويتساهلون في هذه القضية مع ابنائهم مع اولادهم من صلب ظهورهم ومن ارحام امهاتهم يجلسون معهم مرات ومرات على السفرة فلا يتكلف الاب وايضا تنشغل الام ان يقولوا لهؤلاء افعلوا او لا تفعلوا بتأديب لطيف. النبي عليه الصلاة والسلام يخاطب عمر وهو ربيب له فيقول يا ابني بالله عليك ما وقع هذه اللفظة الحانية في قلب عمر يقول له الرسول عليه الصلاة والسلام يا بني يقولها له وهو ربيبه كما قلت لك فما احوجنا ايضا نحن ونحن نخاطب ابناءنا وهم ابناؤنا حقيقة. ان نقول لهم يا ولدي يا بنتي يا قرة عيني يا فلذة كبري هذا اولى من العبارات الجافة او الصراخ الذي يصك اذان الابناء قبل ان يأتي التوجيه. فلما يصرخ الاب غاضبا من سوء بموقف صنعه الابن او من موقف تجاوز فيه الادب فيصكه بعبارة نابية في اول ما يواجهه به في لفظة النداء تكون شتيمة مثلا او سبة بالله عليك تظن ان الابن سيفتح قلبه لتلقي ما سيقول. وقد استقبله بعبارة فيها شتم وسب وشيء من العبارات القاسية لا لكن الطفول الذي يفتح القلوب ولم يزل عليه الصلاة والسلام رفيقا بامته في شأنه كله. حتى مع الاطفال. يا بني سم الله ادنو فسم الله وكل بيمينك وكل مما يليك. موقف حفظه عمر فما نسيه رضي الله عنه وارضاه. اقول كم لفظة تظن انك نجحت ان تزرعها في قلوب اولادك الى اليوم كم توجيها الى اليوم شعرت انك نجحت في ان تعلقه في اذهان بنيك وبناتك وقفة للمحاسبة لان يراجع كل واحد منا موقفه في تربيته مع اولاده. يقول عمر رضي الله عنهم ادن يا بني فتلطف معه ووجه له النداء بالبنوة وناداه بالاقتراب ليشارك في الطعام. ثم قال فسم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك نعم عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول من طعام الحمد لله وجعلنا يا مسلمين نعم وعن ابي امامة وعن ابي رضي الله قال رسول الله الحمد لله الحمد لله كثيرا الحمد لله حمدا الحمد لله طيبا مباركا ربنا هذان حديثان فيهما ايضا ادب نبوي لما يقوله المسلم بعد الفراغ من الطعام وقد تقدم قبل قليل عنوان هذا الباب وترجمته لما قال الترمذي رحمه الله باب ما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الطعام وبعد ما يفرغ منه وقد عرفت ما الذي يقوله قبل الطعام وانه ليس الا التسمية وذكر اسم الله تعالى على الطعام لتحل البركة. ليطرد الشيطان لينعم ابن ادم باكل الطعام الذي رزقه الله تعالى اياه وليكون ايضا هنيئا مريئا يصيب فيه حاجته ويقوى فيه بدنه على طاعة الله يبقى الشق الاخر ما الذي يقوله بعدما يفرغ من الطعام؟ جاء هذا في حديثين اثنين الاول عن ابي سعيد الخدري وفي سنده ضعف ان النبي عليه الصلاة والسلام كان اذا فرغ من طعامه قال الحمدلله الذي اطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين فحمد الله على الطعام وعلى السقيا وعلى الاسلام. الحمد لله الذي اطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين وان لم يصح حديث ابي سعيد رضي الله عنه هذا ان لم يصح سندا لكن المعنى صحيح ولفظ الحمد ثابت باحاديث كثيرة منها حديث ابي امامة الاتي في ظل الحمدلله وحمد ربنا بعد الطعام ثابت باحاديث متعددة. وروايات ايضا كثيرة فيصح ان نستنبط منه مشروعية واستحباب الحمد لله سبحانه وتعالى بعد الفراغ من الطعام. اما حديث ابي امامة وهو حديث صحيح اخرجه البخاري وغيره كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفعت المائدة من بين يديه اذا فرغ من الطعام ورفعت المائدة. قال الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مودع ولا مستغن عنه ربنا او ربنا على النصب النداء غير مودع ولا مستغنى عنه غير مودع الطعام الذي رفع والنعمة التي ساقها الله غير مودع. يعني يا رب انا احمدك على طعام رزقتني اياه لا يعني لا اسألك يا ربي الاكتفاء منه ولا اودعه بل انا اؤمل يا رب ان ترزقني نعمة تلو نعمة اظل عموا بها واحمدك عليها يا رب غير مودع ولا مستغنى عنه. ايضا انا لا استغني عن فضلك ربنا. صحيح يا رب رزقتني فاكلت الدين. صحيح يا ربي رزقتني فافطرت تعشيت. تسحرت. صحيح يا ربي رزقتني فاحمدك. لكن حمدي لك يا رب لا يعني اني اكتفيت ولا يعني اني استغنيت حاشا غير مودع ولا مستغنى عنه. ربنا يعني يا ربنا لا زلت اطلبك مزيدا من فضلك. والحديث في رواية البخاري بلفظ فيه زيادة قال غير مودع ولا مكفي ولا مستغنى عنه ربنا. والمعنى نفسه يعني انه يحمد ربه على الطعام حمدا لا يشعر بالاستغناء عن فضل الله لا بالاكتفاء من رزق الله ولا بالاستغناء عن ما يرزق الله العبد كلا. فانت كلما طعمت طعاما وشربت شرابا حمدت الله. حمد الذي اقر بالفضل لله اولا ثم هو يعترف بفظل بفقره وحاجته الى فضل ربه ثانيا مرة بعد مرة الدعاء اللطيف بالعبارات فيها معان عظيمة. صدرها بحمد عظيم بالغ. الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه تنظر كيف وصف الحمد بانه كثير اولا وطيب ثانيا ومباركا ثالثا فكأنه يقول يا رب انا ابحث عن حمد يليق بجلالك وبعظيم نعمتك يا رب ان يكون الحمد كثيرا فلا منتهى له. ان يكون طيبا فيزيد الكثرة بركة. وان يكون ايضا طيب البركة من فضلك وجلالك يا كريم. الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. لئلا يكون له انتهاء ولا حد ولا نفاد. فيحمد ربه. اريد رعاك الله اذا رزقني الله واياك ان نحمده بعد الطعام. ان نستحضر مثل هذه الادعية المأثورة اولا ثم ان تقولها بقلبك قبل لسانك بمعنى ان تحرك بها لسانك وانت تستشعر هذه المعاني العظيمة. وانت تحمد ربك على النعمة وتسأله تمامها واستمرارها ودوامها غير مغني غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا. هذا المعنى العظيم حفظه الصحابة من فم رسول الله عليه الصلاة والسلام. يقال له ابو امامة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رفعت المائدة من بين يديه اذا انظر هذا الان توجيه صادر من فعله عليه الصلاة والسلام. وكان الصحابة قد رصدوا هذا الموقف. كان اذا رفعت المائدة يقول وهذه الصيغة تدل على كان اذا حصل يقول كذا كان يفعل يعني كان من شأنه استمرار هذا الفعل فحفظ الصحابة هذا الدعاء من كثرة ما يقول عليه الصلاة السلام. اذا ما كان يقوله سرا ليس في نفسه كان يقول بصوت مسموع والدليل ان الصحابة سمعوه لانه ما قال لهم قولوا الحمد لله لا هم سمعوا فقالوا كان اذا فرغ من الطعام يقول مرة اخرى ساعود للاباء. كم مرة حرصت وانت تقول اذكارك؟ قبل الطعام بعد الطعام ان تسمع فيها بنيك الجالسين معك على المائدة وقصدك من ذلك ان يسمعوك ليتعلموا منك قصدك من ذلك ان تغرس في قلوبهم هذه العبارات العظيمة وهذه المعاني العظيمة. والله يا اخوة لا تزال اذان الاطفال الغضة الطرية استوعب كثيرا مما تسمع وتحفظ بل وتنقش في ذاكرتها كثيرا مما يصيبه سمعهم فيقع فيه. املأ املأ هذه الاذان بهذه المعاني العظيمة التي تنطق تسبيحا وحمدا واجلالا لرب العالمين. فاطر الارض والسماء فقالها عليه الصلاة والسلام فحفظتها اذان الصحابة فنحن بحاجة. صحيح انه فعل وحمد الله حديث ابي امامة رضي الله عنه هذا السابق فيه انه عليه الصلاة والسلام حمد الله. فثبت هذا الفعل من شأنه عليه الصلاة والسلام. واجتمع الى هذا ايضا توجيهه القولي بحثنا وندبنا وامرنا الى حمد الله عز وجل بعد الفراغ من الطعام كما سيأتي في الرواية الاتية نعم عن عائشة قالت عليه وسلم يأكل فجاء اراضيهم وسلم لو صلى حديث عائشة هذا شاهد لحديث ابي ايوب في اول الباب الذي تقدم انه ضعيف السند وان لم يصح حديث ابو ايوب الاول سندا لان النبي عليه الصلاة والسلام هناك اشار الى ان الطعام انما ذهبت بركته لما شاركهم في الطعام ان لم يذكر اسم الله تعالى عليه. وهذا الحديث صحيح بهذا المعنى وفيه ايضا روايات اخرى. انه عليه الصلاة والسلام كان يأكل الطعام في ستة من اصحابه فجاء اعرابي فاكله بلقمتين فان سألت كيف هو لمشاركة الشيطان معهم في الطعام. وانه كان بسبب دخول الاعرابي معهم في الطعام وجد مدخلا. فاعلم اذا ربما اكان الجالسون على الطعام اصحاب ذكر لله. فمنعوا مشاركة الشيطان لهم في الطعام وامنوا بفضل الله ان يبقى الطعام في بركته. ويكفي ان تذهب بركة الطعام بمشاركة واحد لم يذكر الله تعالى عليه. لان هذا الواحد قد اتى بالشيطان معه فاذا اكل الشيطان واصاب بنا الطعام ذهبت بركته فلما اكله الاعرابي بلقمتين قال عليه الصلاة والسلام لو سمى لكفاكم لأنه لو سمى لذهب الشيطان وفي حديث اخر انه عليه الصلاة والسلام كان في اصحابه جالسا والطعام بين ايديهم فاقبل اعرابي مندفعا فامسك بيده عليه الصلاة والسلام فاقبل قالت جارية نحو الطعام فامسك بيدها وقال ان الشيطان جاء يستحل الطعام. يعني على يد الاعراب وعلى يد الجارية وهو من الغيب الذي لا يثبت الا بوحي. فثبت اذا انه تذهب بركة الطعام بمشاركة احد الاكلين ان لم يذكر اسم الله عليه. فحتى تبقى الطعام على الاكلين جميعا ان يحصنوا طعامهم من مشاركة الشيطان بذكر الله تعالى جميعا. نعم. عن انس ابن مالك ان الله فيرضى عن فيحمد هذا من اعظم احاديث الحمد لله والشكر له سبحانه وتعالى وهو خاتمة الباب وهو الذي قلت لكم فيه التوجيه القولي. فاذا اجتمع ثبوت الفعل منه عليه الصلاة والسلام. مع توجيهه بالقول لنا كان هذا في اعظم درجات في السنن والشمائل التي استوجب طاعة واتباعا واقتداء. لان لنا موجبان فعله عليه الصلاة والسلام وحثه لنا ندبه لنا امر لنا. فهذا في ارقى درجات اتباع السنن اجتمع فيها الشمائل قولا وفعلا. يقول ان الله ليرضى عن العبد ان يأكل كل الاكلة فيحمده عليها او يشرب الشربة فيحمده عليها هذه مرتبة رضا من رب العالمين. من يزهد فيها عباد الله ثم رضى لا يحتاج منك عبادة ولا كثرة جهد ولا طاقة ولا شيء تقدمه من مالك ولا من جهد بدنك لا وانت جالس تأكل تشرب وتستمتع بنعم الله تصيب رضا الله بخطوة ان تحمد الله والله ما اعظم ربنا الكريم يرزقنا من عنده فضلا ومنة ويلهمنا الشكر من عنده فضلا ومنة ثم يجعل ذلك رضا منه علينا سبحانه وتعالى يعطيك النعمة ولو شاء لحرمك يلهمك للشكر ولو شاء لبقيت في غفلة فيرزقك ويوفقك ثم يقول ارضى عنك بكذا ان الله ليرضى عن العبد ان يأكل الاكلة فيحمده عليها او يشرب الشربة فيحمده عليها. يا احبة مقام الحمد من اعظم مقامات العبودية لله. ان يمتلئ قلب الانسان اعترافا فضل الله عليه ولو باكلة ولو بتمرة رفعتها الى فيك قل الحمد لله. حتى لو ما شبعت حتى لو ما سدت جوعتك حتى لو كان الطعام غير ملازم لذوقك ولا ملائم لطبعك اكلت شربت احمد الله ليس لانك شبعت لكن لانك تبحث عن رضا الله ان الله ليرضى عن العبد ان يأكل الاكلة فيحمده عليها او يشرب الشربة فيحمده عليها. بالله ما قام اهل الليل قياما الا بحثا عن رضا الله. ولا قرأ اهل القرآن القرآن الا بحثا عن رضا الله ولا صام الصائم الا بحثا عن رضا الله ولا تعبد المتعبدون وتنافس الصالحون الا طلبا لمرضاة الله. فما اقربها والله تنالها بحمد ربك عقب الطعام والشراب ان تأكل الاكلة فتحمده وتشرب الشربة فتحمده لينطق هذا الكون حمدا لربنا الكبير المتعال. بل اعلم رعاك الله ان ان شكرك لله عز وجل ان تقول الحمد لله شكرك لله هو نعمة اخرى من الله عليك ان سددك ان الهمك ان ذكرك ان اعانك على ان تحمده. والله لو جلست تحصي نعم الله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. الحمد لله الذي اكرمنا وهدانا ومن كل خير سألناه سبحانه وتعالى وهبنا واعطانا الحمد لله الذي اكرمنا بالاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن وهدانا لسنة سيد الانام صلوات الله وسلامه عليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والانعام ذو الجلال والاكرام واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صفوة الانام اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته الأئمة الأعلام ومن تبعهم واقتفى اثرهم بإحسان الى يوم الدين اما بعد ايها الاخوة المباركون فهذه ليلة شريفة نجتمع لنتدارس فيها طرفا من شمائل المصطفى بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام يحملنا ذلك باذن الله تعالى على مزيد من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم ولن يكون امرؤ الليلة اعظم بركة من امرئ اكثر من صلاته وسلامه على نبيه وحبيبه صلى الله عليه اله وسلم ولعل مجلسا كهذا ان تكون ادنى بركاته واقل خيراته هو الاستكثار من الصلاة والسلام عليه. صلى الله عليه واله وهذه الليلة الشريفة ويوم الجمعة كذلك باب متسع وميدان فسيح يسع المؤمن فيه ان يعبر عن حبه وشوقه ووفائه لنبي احبه واشتاق اليه صلى الله عليه وسلم لنبي بذل من اجله وضحى في خدمة دينه وتبليغ رسالة ربه سبحانه وتعالى صلى الله عليه واله وسلم هذا النبي العظيم الذي اوجب الله علينا من الحقوق له بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام ما يجعلنا نهتم لهذه المسألة اعظم الاهتمام وابلغه لارتباطها بركن عظيم وغرزة من عرى الايمان الوثيق في قلوبنا ايها المسلمون الا وهو حبنا لرسول الله والايمان به صلى الله عليه واله وسلم وان الدراسة الواعية الفاحصة لهديه وسنته وسيرته. وان الوقوف ايضا على طرف من شمائله صلى الله عليه واله وسلم يحمل على صلاة وسلام عليه اكثر الماما بالحق الواجب له فشتان بين اثنين احدهما لا يزال يستكثر من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم اداء للواجب واستباقا في الخيرات واستكثارا من اجور هذه الطاعة المستحبة. وبين امرئ ظلت الصلاة على النبي الله عليه وسلم على لسانه ناطقة بما امتلأ به قلبه حبا وتعظيما واجلالا وتوقيرا لهذا النبي صلى الله الله عليه وسلم هذه المعاني من الحب والتعظيم والاجلال له عليه الصلاة والسلام ولسنته ولسيرته لا تتأتى