طيب ثمان المصنف رحمه الله ساق قول الله تعالى واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني فانه سيهديه. يحكي الله هذه المقالة الصادرة عن ابراهيم عليه السلام. وهي صيحة جهر بها عليه الصلاة والسلام بين ظهراني قومه. وخص اباه اولا لحقه عليه وعم قومه. كما صنع نبينا صلى الله عليه وسلم حين خص وعم على جبل الصفا. فابراهيم عليه السلام وجه خطابا خاصا لابيه ذكره الله عز وجل في سورة مريم يا ابتي يا ابتي يا ابتي في اربع ايات وعم قومه فدعاهم فقال بملئه انني لاحظوا انني هذه اللغة المؤكدة بان التوكيدية انني براء مما تعبدون. لم يقل انني بريء. قال انني براء. وبراء صفة مشبهة. ابلغ في التعبير من بريء. وان كان يعطي نفس المعنى لكن براء كانها جعلت منه ظرفا ومحلا للبراءة. كانه استحال باكمله الى براءة من المشركين. انني براء مما تعبدون تبرأ عليه الصلاة والسلام من معبوداته. وقد كانوا يعبدون الافلاك السماوية ويتخذون لها الهياكل الارضية كانوا في ارض حران وكان ابراهيم من مدينة بين النهرين يقال لها اور. في زمن الكلبانيين فكانوا يتخذون للاجرام السماوية المشتري وزحل. هياكل ارضية يعبدونها ويصورون لها التماثيل والنصب والاصنام فكان من شأن ابراهيم عليه السلام ان صرخ بين ظهرانيهم بالبراءة من هذه من هذه المعبودات. انني مما تعبدون الا استثنى. استثنى من؟ قال الا الذي فطرني. من الذي فطره؟ الله عز وجل ولهذا استنبط العلماء من هذا ان قومه كانوا يعبدون الله لانه تبرأ من جميع معبوداتهم واستثنى عز وجل. هذا اذا قلنا ان الاستثناء ها هنا متصل. بمعنى الا على وجهها. يكون الاستثناء متصل اما اذا قلنا ان الاستثناء منفصل فان الا تكون بمعنى بل. يعني بل الذي فطرني وحينئذ فالاية على هذا التوجيه لا تدل على انهم كانوا يعبدون الله. بل كانوا يعبدون الاصنام فقط. وكلة يعني التفسيرين له وجه والافضل والله اعلم انهم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه غيره. ولذلك لم تنفعهم عبادتهم لله تعالى. اذ ان الله تعالى اغنى عن الشرك قال من انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه. ان الذي فطرني فطرني اي خلقني او ابتدأ خلقي لان الفطر معناه الابتداء ابتداء الشيء. فانه سيهدين وهذا من كمال انه خلق وهدى. انه خلق فهدى. الم تروا ان موسى عليه السلام فيما قصصنا عليكم يوم امس لما قال اصحابه انا لمدركون ماذا قال؟ قال كلا ان معي ربي سيهدين هكذا المؤمن يعلم ان الله تعالى يهديه. يهديه حسيا ومعنويا. طيب اذا هذه الاية العظيمة دلت او كانت مناسبة للباب لما فيها من بيان معنى لا اله الا الله فانها تضمنت البراءة من الشرك واثبات التوحيد. اين البراءة من الشرك؟ انني براء مما تعبدون. طيب اين اثبات العبادة لله؟ الا الذي فطرني. وهكذا فان التوحيد والايمان لا يقوم الا على ساقين. عبادة الله والبراءة مما سواه وقد تضمنت الاية هذين المعنيين انني براء تضمنت البراءة من الشرك. والمعبودات الا الذي فطر تضمنت افراد الله تعالى بالعبادة. فلنستفيد من هذه الاية بيان معنى لا اله الا الله. وانها اقوم على اخلاص العبادة لله وحده. بيان معنى لا اله الا الله وانها تقوم على اخلاص العبادة لله وحده ونستفيد منها ايضا وجوب البراءة من المشركين. يعني من الشرك والمشركين لكي يكون المعنى ونستفيد ايضا الجهر بذلك. الجهر بذلك. والتظاهر به كما صنع ابراهيم عليه السلام ونستفيد ايضا اثبات الخلق لله سبحانه وتعالى واثبات الهداية. فالله هو الخالق والله هو الهادي ثم قال المصنف رحمه الله اتخذوا او ساق قول الله تعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم. وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون. اتخذوا امام مرجع الضمير اه الى اهل الكتاب الى اليهود والنصارى ذلك ان الله سبحانه وتعالى حكى من حالهم انهم قالوا وقالت اليهود عزير ابن الله. وقالت صار المسيح ابن الله. ذلك قولهم بافواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل. قاتلهم الله انى يؤفكون اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله. اي فوق ذلك فوق انهم زعموا ان المسيح ابن الله وان عزيرا ابن الله قد اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله. اتخذوا يعني جعلوا والاحبار هم العلماء والرهبان هم العباد وغالبا ما يطلق الاحبار على علماء يهود والرهبان على عباد النصارى. وذلك ان اليهود العلم فيهم اكثر والنصارى العبادة فيهم اكثر. لان النصارى على وجه العموم فيهم رقة ورهبانية. واليهود فيهم قسوة وغلظة لكن عندهم علم ولكن ربما اطلق الحبر والراهب على هذا هاتين الطائفتين. اربابا من دون الله. كيف اتخذوهم اربابا من دون الله جاء تفسير ذلك في حديث عدي بن حاتم الذي سيأتينا لاحقا في باب مستقل. حينما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو اقرأوا هذه الاية وقد كان عدي ابن حاتم رقوسيا على ملة النصارى. فئة من فئات النصارى. فقال يا رسول الله ما عبدوهم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وفي حلقه آآ وفي عنقه صليب من ذهب معلق فدخل والنبي صلى الله عليه وسلم يتلو هذه الاية. فقال يا رسول الله انهم ما عبدوهم. ظن رظي الله عنه ان العبادة تكون بالركوع والسجود لهم ونحو ذلك. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اليسوا يحل لهم الحرام فيتبعوهم؟ ويحرم عليهم الحلال فيتبعوهم؟ قال نعم. قال فتلك او قال بلى. قال فتلك عبادتهم. اذا تبين ان اتخاذهم الاحبار الرهبان اربابا من دون الله انهم منحوهم حق التشريع. وهذا من خالص الربوبية ان يكون الحكم لله هو الذي يأمر سبحانه وينهى ويحلل ويحرم ويشرع ام لهم شفاء ام لهم شركاء اه شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله. فالشرع لا يكون الا لله عز وجل. فمن خلع ذلك على غير الله قد وقع في شرك الربوبية قبل ان يقع في شرك العبادة. وقع في شرك الربوبية حيث اعطى ما ينبغي لله عز وجل لغير الله. قال والمسيح ابن مريم اي وكذلك المسيح ابن مريم اتخذوه آآ ربا من دون الله وهم يصرحون بذلك فيقول يقولون دوما الرب يسوع المخلص. ولعلكم تستمعون احيانا الى ما يأتي في اذاعاتهم فتجد انهم يقولون الرب يسوع المخلص هكذا. بملء افواههم. الرب يسوع المخلص. فيسمون عيسى عليه السلام ربا قال الله سبحانه وتعالى وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا. اي والله والله انهم ما امروا الا بتوحيد الله. لكن انهم افسدوا دينهم وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا. لا اله الا هو سبحانه عما يشركون. وهذا شاهده الله عز وجل وما تفرق الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة. وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء اقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة. لكن هاتين الطائفتين افسدتا دينهما. فان موسى عليه السلام اتى بالدين القويم اتى بتوحيد رب العالمين ونبذ الشرك حتى انه غضب اشد الغضب حينما رجع ووجدهم يعبدون العجل والقى الالواح واخذ برأس اخيه يجره اليه. غضب غضبا شديدا وغضب عليهم حينما قالوا لهم اجعل لنا الهة كما لهم الهة. قال انكم ان هؤلاء مكبر ما هم فيه. فاغلظ عليهم في النكير وهذا دليل على ان موسى عليه السلام جاء بالتوحيد الخالص الذي جاء به ابراهيم عليه السلام. وكذلك عيسى عليه السلام سلام جاء بالتوحيد الخالص وقال المسيح يا بني اسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم انه من يشرك بالله فقد حرم الله الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار. لكن القوم ينكرون هذه الصراحة ويأبون ويزعمون ان الامر على خلاف ذلك ويشركون بالله عز وجل. ولهذا قال الله عز وجل هو من يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه. قال بعض السلف رغبت اليهود عن ملة ابراهيم. ورغبت النصارى عن ملة ابراهيم. اذا اعلموا يقينا ايها الاخوان ان اليهود والنصارى خرجوا عن ملة إبراهيم ولهذا برأ الله إبراهيم منهم فقال ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما اهذا الوضوح في الايات الكريمات؟ الا انا نجد بعض المنتسبين الى الاسلام والمنتسبين الى الدعوة من يصوب دين اليهود والنصارى ويسمي الاديان الابراهيمية. هكذا يقولون عن الاسلام واليهودية والنصرانية الاديان الابراهيمية. هذه تسمية باطلة حاشى ابراهيم عليه السلام ان ينسب اليه يهود او ينسب اليه النصارى. الاسلام هو ملة ابراهيم كما هو ملة محمد صلى الله عليهما وسلم فلا يجوز ان يقال الاديان الابراهيمية ولا يجوز ان يقال الاديان التوحيدية الثلاث ما هو بموحدين. ما هم بموحدين. التوحيد هو في ملة الاسلام التي جددها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. واما اليهودية الان فانها صورة محرفة عما جاء به موسى. والنصرانية سورة محرفة عما جاء به عيسى عليه سلام فليسك على على التوحيد ولا يجوز ايضا ان تسمى اديانا سماوية. اذا ارجو ان تنتبهوا هذه تعبيرات كلها تعبيرات باطلة. لا يجوز ان يقال الاديان الابراهيمية ولا الاديان التوحيدية ولا الاديان السماوية فالدين السماوي الوحيد هو الاسلام. والدين الابراهيمي الوحيد هو الاسلام. والدين التوحيدي الوحيد هو الاسلام اما اليهودية والنصرانية بما الت اليه كلا فليست توحيدية. وان كانوا ينتسبون الى موسى عيسى عليهما السلام. وكيف اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله؟ بينا هذا ولكن دعوني اذكر لكم بنوع من التفصيل النصارى حينما يريدون ان يغيروا شرع الله ماذا يصنعون؟ يعقدون لهم ما يسمى مجمعا يسمونه عندهم كونسل كونسل يعني مجمع. هذا المجمع يحشدون له جميع اساقفتهم على وجه الارض. ثم يديرون الحوار بينهم حول قضية من القضايا. فما تمخض عنه ذلك المجمع فانه يعد عندهم حكما معصوما. ويسمونها دساتير. دساتير المجمع فما كان من دساتير المجمع فهو مصون بالروح القدس نعم. يقولون ان الروح القدس اه يعصم هذا المجمع من ان يخطئ. فكل ما يصدر عن المجمع فهو حق. بل ان بعضهم يجعل العصمة للبابا الذي يقف على رأس هرم الكنيسة الكاثوليكية. فيجعل البابا حق العصمة. بحيث يشرع ويأمر وينهى يحلل ويحرم كيف شاء. وكان اخر مجامعهم المجمع الفاتيكان الثاني. الذي انعقد في في الفاتيكان ما بين عامي الف وتسعمائة وواحد وستين الى الف وتسعمائة وخمسة وستين. قريبا من اربع سنوات اجتمع فيه اكثر من الفين اسقف على وجه الارض. ليناقشوا قضايا عدة. وخرجوا بمقررات كثيرة خالفوا فيها بعض السابقة. فعندهم ان المجمع يملك ان ينقض المجمع الذي قبله. لو شاءوا وهكذا اتخذوا دينهم هزوا ولعب ووكلوا امرهم الى الاحبار والرهبان يغيرون في دينهم ما شاءوا. فبهذا تبين مناسبة هذا الباب مناسبة هذه الاية للباب وهو ان مما يناقض التوحيد وشهادة ان لا لا اله الا الله طاعة غير الله في التحليل والتحريم كما صنع اليهود والنصارى مع احبارهم ورهبانهم وتعين بانه يجب افراد الله بالتحليل والتحريم وعدم اشراك احد معه غيره. هذا الذي آآ المصنف رحمه الله الى ان يورد هذه الاية تحت هذا الباب