صلى الله عليه وسلم ومعه علي ولنا دوال معلقة. يعني لم تزل هناك عذوق من النخل معلقة في دارهم عليها تمر ورطب قالت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل وعلي معه يأكل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي مهيا علي فانك ناقه مهما يعني كف عن هذا فهي كلمة او اسم فعل امر بمعنى اترك واكفف عن ما انت فيه والله ما وسع الله لعبد في الحياة في باب وضيق عنه بابا اخر الا فيه خير للعبد ومصلحته وما يحقق سعادته في الدنيا والاخرة. واذا كنت قد ترى الدنيا انما وسعت لغيرك في باب ضاق عنك فاعلم يقينا انه وسع لك في باب اخر اكبر فكانت مشكلة بعض الناس انه لا يزال ينظر الى عطية الله عز وجل له في هذه الحياة فاذا ما وجد طعاما قال فاني اذا صائم ومنه استنبط الفقهاء عدم اشتراط النية من الليل في صيام التطوع. وانه يجزئ ان ينوي ولو من النهار فمن اراد ان يصوم تطوعا فليس في الحديث ما يشكل على ما سبق من الاحاديث انه لم يجتمع له غداء وعشاء من خبز ولحم وانه لم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام ذلك لعموم ما تقدم في قلة عيشه عدم اتساعه صلى الله عليه وسلم في باب الطعام شراب نعم الام المنذر قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي ولنا دوال معلقة قالت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل وعلي معه يأكل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي يا عليم فانك ناقص قالت فجلس علي والنبي صلى الله عليه وسلم يأكل قالت فجعلت لهم سر ضيقا وشعيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي من هذا فأصل فانه في حديث جابر هذا جملة من اللطائف. لما قال رضي الله عنه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا معه فيها لطيفة في غاية الادب في حديث جابر ها هنا رضي الله عنه بيته وصحابته الائمة الاعلام ومن تبعهم واقتفى اثرهم وسلك سبيلهم باحسان الى يوم الدين اما بعد ايها الاخوة الكرام فهذا مجلسنا كل ليلة جمعة نتدارس فيها شمائل النبي المصطفى بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام وما ان تغيب شمس كل خميس من كل اسبوع. وتقبل ليلة الجمعة الا وتقبل معها مساحة متسعة للمحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاكثار من الصلاة والسلام عليه وهم يستصحبون دوما امره الكريم صلى الله عليه واله وسلم. اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة هذه الليلة الشريفة وذلك اليوم العظيم يوم الجمعة يوم حافل بالخيرات والبركات. جعله الله تعالى لنا عيدا امة الاسلام وجعل لنا فيه من العبادات ما ليس في غيره من ايام الاسبوع فنحن نصلي الجمعة وهي صلاة مستقلة بذاتها. لها احكامها وخصائصها وفضائلها. ويصيب المسلم من بركات جمعتي بالعبادات المتنوعة فيها ما لا يجده في غيره من ايام الاسبوع فاعلم وفقني الله واياكم ان الاستكثار من الصلاة والسلام على الهادي البشير صلى الله عليه وسلم هو احد بركات هذا اليوم العظيم واحد خيراته التي يستكثر منها المسلم ويصيب منها في هذه الليلة الشريفة وهذا اليوم المبارك وقد جعل الله تعالى لنبينا صلى الله عليه وسلم منزلة عظيمة ومكانة شريفة سامية. وجعل بيننا وبين اتباعه وطاعته ومحبته امورا شرعت لنا في الاسلام تجعلنا اقرب الى هديه عليه الصلاة والسلام. واقرب الى المحبة الصادقة عليه الصلاة والسلام. وهذا باب كبير يتنافس فيه اهل الاسلام قربا او بعدا من سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام فاقربنا اليه صلى الله عليه وسلم هو اشدنا حبا له واكثرنا اتباعا لسنته واشدنا حرصا على الاستمساك بهديه ونشر سيرته صلى الله عليه واله وسلم. اما انني اياك اما قريب او بعيد من سيرة المصطفى وهديه وشأنه كله صلى الله عليه وسلم. فاقترب او ابتعد شئت لكنها مسافة تقربك من امر عظيم تتمناه يوم ان تجمع به عليه الصلاة والسلام يوم الحشر. وانت ترجو صدقا ان ترد حوضه. وان تفوز بشفاعته وان تكون تحت لواء امته وان تكون من الفائزين اولئك الذين يحشرون في زمرته صلى الله عليه واله وسلم تحجز لك من اليوم مقعدا في ذلك الموكب العظيم. وذلك المكان الجليل الذي يتنافس فيه اهل الاسلام. وليس بينك وبين ذاك الا ان تستكثر من هذا الباب الكبير وان تغترف من هذا النبع العظيم هديه وسيرته وشمائله وسنته عليه الصلاة والسلام كلنا يعلم ايها المسلمون ان حبه عليه الصلاة والسلام فرض لازم. وهو من لوازم شهادة احدنا ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا ما جئنا نتحدث عن الحب الصادق له عليه الصلاة والسلام فانه ليس احد من اهل الاسلام ينكر ان يكون في قلبه حب رسول الله عليه الصلاة والسلام. لكن للصدق ينبغي ان نقول شتان بين نوعين من الحب له عليه الصلاة والسلام شتان بين حب مجمل يحمل احدنا فيه حبا للنبي عليه الصلاة والسلام. بحيث اذا ما سئل اتحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلا يسعه الا ان يقول نعم لكنه حب مجمل واعني به انه يقصد مطلق الحب الواجب له عليه الصلاة والسلام. شتان بين هذا الحب وبين حب تحتفظ فيه بادق تفاصيل من تحب عليه الصلاة والسلام. بان تعرف هديه وان تعرف سيرته و وان تعرف اخباره وان تعرف شمائله هذا الحب التفصيلي هو اصدق في القلب واعظم رسوخا في الفؤاد واكثر تمكنا ايضا في حياة صاحبه. السؤال هو اي الحبين في قلبك هو الحب لرسول الله عليه الصلاة والسلام ان شئت ان يكون هو ذلك الحب التفصيلي الدقيق فابحر في بحر سيرته وهديه وشمائله عليه الصلاة والسلام لانك ستجد ما يحملك على الحب الصادق له عليه الصلاة والسلام ولذلك ما زلنا نقول ان مجالس السيرة النبوية وحلق شمائل المصطفى عليه الصلاة والسلام حب وايمان وعلم وسنة لا يجد فيها المسلم الا خيرا يزيده قربا من رسول الله عليه الصلاة والسلام. فيقوم من مجلس او من كتاب او مما سمع الا وقد تعلم سنة او اهتدى بهدي نبوي كريم او صحح سلوكا او عدل خطأ في حياته وفي اقل الاحوال ان لم يجد شيئا من ذلك يجد خطوة متقدمة في طريقه نحو حب رسول الله عليه الصلاة والسلام ان تحب انسانا فان هذا يتوقف على مقدار ما تعلم عنه من دواعي الحب التي تحملك على حبه. ونحن نجد في سيرته عليه الصلاة والسلام اعظم البواعث وكامل الدوافع التي تحمل انسانا على ان يحب انسانا كائنا من كان ومجمل ما يجده البشر في قلوبهم من الدوافع التي تحملهم على حب انسان ايا كان. احد امور ثلاثة اما ان يتعلق ذلك بشيء من اخلاقه او يتعلق ذلك بشيء من خلقته ومنظره وهيئته. او ان يتعلق ثالثا بشيء مما يحسنه الانسان اليه. فانت لن احب انسانا الا لاخلاقه او لجمال خلقته او لاحسانه اليك والثلاثة اكتملت في اروع ما يكون في شأنه عليه الصلاة والسلام. فانه اكمل البشر خلقا. واجمل واحسنهم خلقة واعظمهم في حق هذه الامة احسانا اليها بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. وحتى يقف فاحدنا على تفاصيل هذا الهدي النبوي الكريم. وهذه الحياة الشريفة العظيمة فاننا بحاجة الى ان يكون في في حياتنا متسعة يقترب فيها احدنا من هديه عليه الصلاة والسلام. ولم تزل مجالس دراستنا لشمائله صلى الله عليه وسلم في هذا الكتاب المبارك مختصر الشمائل المحمدية فيما اودعه الامام الترمذي واختصره شيخ الالباني رحم الله الجميع وقد وقف بنا مجلسنا في الاسبوع المنصرم في اخريات باب ما جاء في ايدام رسول الله صلى الله عليه وسلم. هو كما قلت وقوف على دقائق تفاصيل الحياة النبوية بان ذلك مما يزيدك قربا ومعرفة وحبا وايمانا. وان تعيش هذه المواقف كما عاشها الصحابة الكرام رضي الله عنهم وقد شهدوا تلك المواقف وعاشوها واستمتعوا بها وتقلبوا في نعيمها. فانما هي محاولات بهذه المدارسة ان نعيش ما عاشوه من من نعيم الصحبة له عليه الصلاة والسلام والاستمتاع بلذيذ القرب من شأنه في حياته كلها بابي وامي هو صلى الله عليه واله وسلم في اخر ما مر بنا في المجلس المنصرم حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما لما قال اتانا النبي صلى الله عليه وسلم في فذبحنا له شاة فقال كانهم علموا انا نحب اللحم. قال الترمذي رحمه الله وفي الحديث قصته مضى ذكر الحديث وما يتعلق به والقصة التي ايضا جاءت في سياق هذه الجملة وان الشاهد فيها اخباره صلى الله عليه وسلم بانه يحب اللحم. وهذا مجمل جاء تفصيلا في مواضع من الذي يحبه عليه الصلاة والسلام من اللحم وهو راعوا على وجه الخصوص وقد اكله عليه الصلاة والسلام وعرف الصحابة حبه له. نعم فان هذا اوثق لك حديث ام المنذر وهي سلمى بنت قيس الانصارية رضي الله عنها امرأة من الانصار ذات مناقب وذات محامد رضي الله عنها. جاء في سنن ابي داوود انها صلت القبلتين مع بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى بعض ما جاء في ادام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا معه. فدخل على امرأة من الانصار فذبحت له شاة فاكل منها واتته بقناع من رطب فاكل منه ثم توضأ للظهر وصلى وصلى صلى الله عليه وسلم ثم انصرف فاتته بعلالة من علالة الشام فاكلت ثم صلى العصر ولم يتوضأ حديث جابر رضي الله عنه هذا الذي سمعتم قبل قليل افاد انه عليه الصلاة والسلام اكل اللحم لما ذبحت له المرأة الانصارية الشاة وانه اكل الرطب ايضا لما ذكرت انها قدمت له قناعا من رطب يعني طبقا من رطب اكله للرطب صلى الله عليه وسلم ثبت في احاديث كثيرة والمدينة كما تعلمون ارض ذات نخل واهلها يزرعون النخل ويجنون من اطايب انواع التمر كثيرا منه. فطعام اهل المدينة كان ولم يزل الاقتيات على التمر لعنايتهم بزراعة النخيل. واما اللحم فقد تقدم ايضا في احاديث متعددة انه عليه الصلاة والسلام اكل اللحم واحبه وكان يضيف به اصحابه وكان اصحابه رضي الله عنهم ايضا يضيفونه به عليه الصلاة والسلام هذا الحديث اشتمل على معان اخر منها ايضا معنى فقهي يستدل به الفقهاء لما قالت لما قال جابر رضي الله عنه فاتته بعلالة من علالة الشاة فاكل ثم صلى العصر ولم توضأ وموضع الشاهد الفقهي فيه ان الاكل من لحم الشاة لا ينقض الوضوء. لانه اكل عليه الصلاة والسلام ثم انصرف للصلاة من غير ان يجدد وضوءا فدل على ان ان اكل اللحم المطبوخ لا ينقض الوضوء. وقد تأكد ذلك بحديث جابر كما في صحيح مسلم كان اخر الامرين بالرسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار وبالمناسبة فحديث جابر جاء عقب الحديث الذي توقفنا عنده في الدرس المنصرم في القصة التي جاء فيها جملة الحديث المذكور في الحديث السابق. لما قال لزوجته وقد دعا رسول الله عليه الصلاة والسلام الى قضاء دينه تعينه فيه لما جاء جابر الى زوجته وامرها ان تهيئ البيت وتعده لاستضافة رسول الله عليه الصلاة والسلام قال لها لا تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه ومضى في ذلك المجلس ان الذي حمل جابرا رضي الله عنه على هذا هو تأديب اهله ومن تحت يده فيما يجب من المعاملة الشريفة الاديبة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهذا مبدأ كبير عظيم ايها الاحبة الكرام. ان يجتهد احدنا في تربية ومن تحت يده والا يصرفنا عن ذلك صارف في مختلف الاحوال. وان يكون لنا هم عظيم بشأن التربية لمن تحت ايدينا. جابر رضي الله عنه لما قال لزوجته انما تكلم عن هم ملأ قلبه. واراد ان يكون كل ما في البيت عند دخول رسول الله عليه الصلاة والسلام حافلا حافلا بالادب حافلا بالاحتفاء حافلا بكريم الوقار وتمام التعامل معه عليه الصلاة والسلام على اكمل الوجوه واتمها. ما كان الظن بزوجة جابر رضي الله عنها وعنه ان تكون مخلة شيء من ذلك لولا كلام جابر رضي الله عنه معها لكنه التأكيد على ما لا ينبغي الغفلة او السهو عنه. فقال لها لا تكلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه. ومضى ايضا انها لما انتهزت الفرصة وقالت لرسول الله عليه الصلاة والسلام عند خروجه من منزلها ادع لنا او صلي علي وعلى زوجي يا رسول الله فلما عاتبها جابر رضي الله عنها فقالت ترى رسول الله عليه الصلاة والسلام يدخل دارنا ولا نسأله الدعاء على كل هذا الموقف الذي كان من جابر رضي الله عنه في عظيم الادب والتأديب الذي ملأ همه واشتغل به رضي الله عنه. جاء ايضا جليا في هذه العبارة. لما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا معه ربما لا ينتبه احدنا لعبارة قد نصوغها بالطريقة التالية. خرجت مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. والمعنى واحد لو قال جابر رضي الله عنه خرجت مع رسول الله عليه الصلاة والسلام لك انت الجملة في معنى واحد بل هي الاقرب الى التعبير وهي المتبادر عند الكلام اذا ما اراد احدنا ان يتحدث السؤال فلما عدل جابر رضي الله عنه عن هذا عن هذه الصياغة المألوفة المعتادة لان يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا معه الا ترى انه ليس الا كمالا في الادب حتى على مستوى الالفاظ والعبارات. ما اراد ان يقول خرجت فينسب الفعل ابتداء له ويجعل معية لرسول الله عليه الصلاة والسلام ابدا. بل جعل الفعل منسوبا اولا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وجعل المعية تتعلق به فقال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا معه. فاستعمال الالفاظ حتى على مستوى التعبير المشعرة لانهم اتباع وهو المتبوع عليه الصلاة والسلام وليس العكس ولم يقل خرجت مع لكن قال خرج وانا معه. فجعل التقديم لكونه اماما ونبيا ورسولا عليه الصلاة والسلام فمثل هذه العناية تفتح لنا افاقا من الادب في التعامل معه صلى الله عليه وسلم بكل ما ينبغي لنا. وقد عاش الصحابة ايها الاخوة الكرام في هذا الباب ادبا عظيما في تعاملاتهم معه عليه الصلاة والسلام ولم يزل يؤدبهم ربهم. لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون. ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم لقوله ايضا ان الذين يغظون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى. وفي حديث انس رضي الله عنه يقول كنا نقرع ابواب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاظافير. هذا الادب الكبير الذي عاشوه ان كان يشملهم معايشتهم وصحبتهم له صلى الله عليه وسلم فاننا لا نزال ايضا نجد مجالات لهذا الادب في تعاملنا مع هديه وسنته وسيرته وحديثه شأنه كله عليه الصلاة والسلام. فهذا باب كبير يحمل احدنا فيه نفسه على الادب في نفسه وفي اهل بيته ان يجعل احدنا الشعار الكبير الذي يتربى عليه هو واهل بيته والناس من حوله الادب مع رسول الله عليه الصلاة والسلام مع سنته مع ادابه مع هديه مع سيرته لتكون مجللة محترمة وان تكون فوق الرؤوس احتراما وتعظيما وتقديرا يقول رضي الله عنه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا معه. فدخل على امرأة من الانصار فذبحت له شاة يذكر في الحديث سبب دخوله على المرأة او القصة المتعلقة بهذا الغرض. لكن المذكور انها بادرت بضيافتها لرسول الله عليه الصلاة والسلام فذبحت له شاة فاكل منها واتته بقناع من رطب يعني بطبق من رطب فقدمته فاكل منه ثم توظأ للظهر وصلى ثم انصرف يعني خرج من مصلاه وعاد اليها فاتته بعلالة من علالة الشاة. العلالة البقية من الطعام يعني ما بقي من الطعام الذي اكل منه قبل صلاة الظهر لما عاد اليها بعد الصلاة عادت فقدمت له ضيافة شيئا مما بقي من الشاة التي طبخت له وذبحت له عليه الصلاة والسلام. فاكل منها ايضا ثم صلى العصر ولم يتوضأ صلى الظهر بوضوء وصلى العصر بلا وضوء فلما صلى الظهر بوضوء كان هذا محتملا بان يكون اكله للحم الشاة ناقضا للوضوء فلذلك توضأ وكان محتملا ان يكون من قبل ليس على طهارة فاراد ان يتوضأ للصلاة عليه الصلاة والسلام. لكنه لما صلى العصر بلا وضوء اكد ان توضؤه الاول ليس لان لحم الشاة ناقض للوضوء ولكن ربما كان على حدث قبل ذلك صلى الله عليه وسلم او ربما جد طهارة ووضوءا مستحبا. لكن تأكد بصلاة العصر لما صلى ولم يتوضأ فالحديث فيه ما في الاحاديث السابقة. لكن ربما اوهم ها هنا اشكالا وهو انه قد تقدم في صدر الباب قلة طعامه عليه الصلاة والسلام وانه لم يشبع من خبز الشاعر هو وال بيته يومين متتاليين. وان قلة اكله عليه الصلاة والسلام ايضا ما كان يجد الطعام او ما كان يأكل اللحم اكثر من مرة او مرتين في الايام المتتابعات وسبب ذلك قلة عيشه صلى الله عليه وسلم كما تقدم لم يجتمع عنده غداء ولا عشاء من خبز ولا لحم الا على ضفف قد فسر مالك رحمه الله ذلك بانه اذا كان عنده اضياف. وانه لم يجتمع عنده وجبتان فيها لحم الا اذا كان على ضيافة وهذا لا يعارضه فانه ما اجتمع له عليه الصلاة والسلام ها هنا طعامان لكنه اكل قبل الصلاة ثم عاد فاكل بعدها فليس غداء وعشاء هذا اولا وثانيا انما كان ضيفا عليه الصلاة والسلام ولولا انه قدم اليه ما اضيف به من الطعام ما سأل ولا بحث عليه الصلاة والسلام ولا طلبه الله عليه الصلاة والسلام ومثل هذا الوصف يشير الى تقدم في الاسلام لان القبلة انما تحولت في السنتين الاوليين من الهجرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة والسلام. فيقال صلت القبلتين يعني ادركت الصلاة الى قبلة بيت المقدس ثم ادركتها بعد التحول الى الكعبة ام قيس ام المنذر سلمى بنت قيس رضي الله عنها قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي ولنا دوال معلقة الدوالي جمع دالية والمراد به العذق من الرطب صلوا التمر الذي يكون على النخلة فيقطع باكمله فيكون في البيوت وانتم تعلمون ان الانصار اهل زرع وعامة زرعهم النخل والتمر فكان اذا انضج التمر جمعوا ما فيه ربما اخرجوه حبات او اخرجوه عذوقا فيكون في بيوتهم بكثرة ما عندهم من التمر. يكون العذق معلقا في البيت فبحيث يأكل منه اهل البيت وهم داخلون او خارجون. في علق في المنازل لوفرة ما عندهم من التمر. قالت دخل علي رسول الله فهو نهي له رضي الله عنه عن الاكل من هذا الرطب وعلله فقال فانك ناقه. من النقاهة والمصطلح لا يزال يستعمل حتى اليوم. يقال فلان مريض وهو لا يزال في مرحلة النقاهة النقاهة المرحلة التي يطيب بها المريض في ابتداء اعتدال صحته قبل ان يعود الى تمام صحته. فهو بين اثار المرض الذي عوفي منه وبين استواء صحته على التمام. وهذه الفترة للمريض تسمى النقاهة والاطباء عادة يحرصون على ان يرعى المريض صحته في مرحلة النقاهة لانه لا تزال فيه بقية اثار من مرض فلا يزال يحتمي ولا يزال يحتاط ولا يزال يبحث عن الدواء لنفسه ويتطبب فلا يزالون يعني الاطباء يحرصون على المرضى في مرحلة النقاهة حتى تعتدل صحتهم على التمام والكمال علي رضي الله عنه كان كذلك في هذه القصة. كان ناقها. يعني كان حديث عهد بمرض وللتو قد تماثل للشفاء ولم تعتدل صحته بعد على التمام والسواء. فلما جعل يأكل من الرطب مع رسول الله عليه الصلاة والسلام امره بالكف فقال مه يا علي فانك ناقه يعني انت لا تزال في النقاهة هل هذا طب؟ نعم طب ونهيه عليه الصلاة والسلام لعلي في هذا المقام هو مراعاة لحال صحته رضي الله عنه. وقد كان عليه الصلاة والسلام في احاديث متعددة من سيرته كان يشير الى ما ينبغي استعماله في مقام الطب والمداواة ومراعاة الصحة العامة. فقال لعلي في هذه القصة مه يا علي فانك ناقه. يعني هذا لا يفيدك فيما انت فيه من اراضيك بل ربما كان سببا في امتداد علتك. فقال مه يا علي فانك ناقه. قالت فجلس علي والنبي صلى الله عليه وسلم يأكل هذا الامتثال الذي دأب الصحابة رضي الله عنهم على امتثاله. لما قال له اكف كف لما قال له اترك ترك والمسألة كما ترون ليست عبادة لكن طالما كان التوجيه امرا ونهيا من فم رسول الله عليه الصلاة والسلام فان احدهم ما كان يجد لحظة للتردد في الامتثال. قال مه يا علي فكف في الحين. وجلس رضي الله عنه مصاحبا لرسول الله عليه الصلاة والسلام غير انه لا يشاركه الاكل معه لنهيه له عليه الصلاة والسلام. قالت فجلس علي والنبي صلى الله عليه وسلم يأكل قالت فجعلت لهم سلقا وشعيرا تقول ام المنذر لما رأت هذا عمدت فطبخت على عجل شيئا تجعله بين يديهما في الطعام. قالت فجعلت لهم سلقا وشعيرا. السلق النبات اخبر المعروف تسميه العامة اليوم سلكا بالكاف خضرة تطبخ ويجعل منها الادام في مرق يطبخ مع اللحم او مع الدجاج. وهو نبات معروف. من الاوراق الخضراء. قالت فجعلت لهم وشعيرا فطبخت لهم هذا النبات وجعلت معه الشعير. قيل انه نافع جدا للمريض لا سيما في فترة النقاهة وبدء اعتدال الصحة. فلما سمعته عليه الصلاة والسلام ينهى عليا لانه ناقه. فطنت رضي الله عنها الى ما ينبغي لها ان تفعل فعمدت الى صنع شيء من الطعام. ليحقق اولا ضيافة لعلي رضي الله عنه الذي ما استطاع ان يأكل من الرطب ولتجد ايضا مساهمة في تقديم شيء نافع لصحته. فطبخت لهم سلقا وشعيرا. قالت فجلس قالت فجعلت لهم سلقا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي من هذا فاصب فان هذا اوفق لك يعني اوفق لصحتك واكثر موافقة لما انت عليه الا تعجب انه عليه الصلاة والسلام طبيب قلوب وطليب ابدان. وكان يرعى شأن اصحابه بل وامته جميعا فيما يتعلق بامور دينهم ودنياهم على حد سواء. اما انه ما بعث عليه الصلاة والسلام ليدخلنا الجنة يوم القيامة فحسب. لا والله بل حتى ليأخذ بايدينا في هذه الدنيا الى حياة اكثر سعادة واكثر راحة واكثر طمأنينة فيدلك على وبالشفاء ويدلك على ما يحصل به تمام العافية ويحذرنا من مكامن الادواء ومما يجد فيه الانسان شيئا من الاسقام هديه النبوي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب شأن عظيم وباب كبير ويسمى بالطب النبوي الذي يشتمل على جملة توجيهاته اوامره نواهيه ارشاداته عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بباب الصحة والدواء والغذاء. وهذا باب كبير حتى ان الامام ابن القيم رحمه الله افرد له جزءا كاملا في كتابه العظيم زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه وسلم فجعل جزءا كاملا للحديث عما ورد عنه. صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بباب الطب والعلاج والدواء وهذا باب فيه الحديث عن الاغذية ما ينفع منها وما يضر. فيه الحديث عن باب الادوية ما يفيد منه وما لا يفيد. وخاص وخواص الدواء واوصافه وحالات استعماله وما الذي ينبغي الحذر منه؟ هذا شأن كبير. وكان عليه الصلاة والسلام يتكلم بوحي ويرشد الامة في هذا الباب وهو عليه الصلاة والسلام بهذا يفتح للدعاة واهل العلم بابا عظيما ان شأن من يقود الامة نحو النجاة والسعادة ان يرعى تكامل الجانبين. فان الامة بشرية. وهي تبحث عما تستريح به في حياتها. وما تنشده ايضا من تمام العيش ورغده واستقراره. فاذا ما اردنا لامة الاسلام دعوة شاملة كاملة فان هذا متوقف على تكامل الجانبين. فكان هديه عليه الصلاة والسلام في هذا الباب هديا كبيرا عظيما النبوي حافل بهذا الباب. قال من هذا فاصب فان هذا اوفق لك والشعير اذا طبخ عامة فهو مفيد في فيما يحتاج اليه المريض. فان الشعير يجم الفؤاد ويريح النفس ويسكن القلب ويعين على استكمال الصحة والتلبينة التي جاءت ايضا في الطب النبوي في استعمالها انما هي مصنوعة من شعير. مع ما يضاف اليه في طبخه. والتلبينة والتي قال عليه الصلاة والسلام انا تجم الفؤاد هي ايضا مما يعين المريض على استكمال صحته وعلى تمام اعتدال عافيته في فترة النقاهة وما بعدها ففطنت ام المنذر رضي الله عنها فجعلت في طبخها الذي قدمته شيئا من شعير ليكون هذا اوفق فيما يحتاج اليه علي رضي الله عنه وارضاه في الحديث كما في الذي سبق مواقف فيها اشارات الى ادب الصحابة رضي الله عنهم ادب علي في الامتثال والكف عن الطعام ادب ام المنذر رضي الله عنها لما سارعت وعمدت الى شيء يحسن به المقام في ضيافة رسول الله عليه الصلاة والسلام وصاحبه لم امرا ولا توجيها انما كفاها الاشارة الى ان علي رضي الله عنه وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام في ضيافتها ناقهون عمدت الى ما يصلح به الموقف فطبخت لهم سلقا وشعيرا. وهذا شأنهم وقد تكاثرت به الادلة رضي الله عنهم اجل نعم انا نفسي اطول من المؤمنين رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني فيقول اعندك غداء فاقول لا. فيقول اني صائم قالت فأتاني يوما فقلت يا رسول الله انهيت لنا هدية قال وما هي قلت حيس قال اما اني اصبحت صائما قالت ثم اكل الحديث حديث عائشة رضي الله عنها في اثبات هذا المعنى الذي سيق في الحديث وهو انه عليه الصلاة والسلام كان يدخل بيوت ازواجه فيسأل عن الطعام فربما لن يجد طعاما في بعض بيوته فيتم صيامه صلى الله عليه وسلم او ربما وجد طعاما فاكل منه عليه الصلاة والسلام وهديه صلوات الله وسلامه عليه في هذا الباب امران الامر الاول اعني في صيام التطوع. الامر الاول انه عليه الصلاة والسلام ربما كان لم ينوي الصيام فيدخل يريد طعاما فيسأل فلا يجد فينوي الصيام من وقته ويتم امساك بقية اليوم فدخل عليه الفجر ولم يكن قد نوى الصيام ثم دخل الصباح وامتد به النهار ثم بدا له ان يصوم فله ان يصوم اذا كان تطوعا وهذا مستثنى من عموم قوله عليه الصلاة والسلام لا صيام لمن لم يبيت النية من الليل ويحمل الحديث هذا على صوم الفرض خاصة ودليل الاستثناء هو ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام انه كان يشرع في صيام التطوع من النهار وهذا ثابت. اما الهدي النبوي الاخر فبالعكس انه ربما كان عليه الصلاة والسلام صائما صوم تطوع فاذا دخل فوجد طعاما افطر عليه الصلاة والسلام واكل وهو الشاهد في حديث عائشة هذا قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني فيقول اعندك غداء فاقول لا فيقول اني صائم. فهذا الشطر الاول في الهدي النبوي. فيعلن صومه عليه الصلاة والسلام اثناء النهار ولم يكن قد نوى ودليل انه ما نوى سؤاله عن الطعام قال اعندك غداء؟ يعني انه كان يريد طعاما عليه الصلاة والسلام ولو كان صائما ما سأل عن الغداء. فدل على انه لم يكن قد نوى الصيام. فلما تقول لا يقول عليه الصلاة والسلام اني صائم فهذا دليل الهدي النبوي الاول وهو جواز الشروع في في صيام التطوع اثناء النهار ولو من غير نية في الليل قالت فاتاني يوما فقلت يا رسول الله انه اهديت لنا هدية. قال وما هي قلت حيس والحيص هو التمر اذا حمس على النار ومعه شيء من السمن ودقيق الشعير او الدخن ونحوه فاذا طبخ سمي حيسا. قالت قلت حيس. قال اما اني اصبحت صائما فهنا اثبت انه كان صائما قالت ثم اكل فافطر صلى الله عليه وسلم وكان قد شرع في الصيام بدليل قوله اما اني اصبحت صائما فاستنبط منه ايضا الفقهاء وهو مذهب الجمهور. وهو الراجح ان الصائم صيام تطوع امير نفسه ان شاء اتم صيامه وان شاء افطر وهذا لا يعارض قوله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم. لا يتعارض معه لان الصائم تطوعا ان امضى صيامه اجر وان افطر لعدم قدرته على الصيام او لعارض ما فله ذلك. والامر في هذا متسع وهديه عليه النبي عليه الصلاة والسلام دليل هذا الصنيع لما قال اما اني اصبحت صائما قالت ثم اكل فدل على صحة افطار الصائم المتطوع اثناء صيامه بدليل صنيعه هنا عليه الصلاة والسلام الحديث فيه ايضا جملة من اللطائف في اشاراته وهو المتعلق بهذا التعامل بين النبي عليه الصلاة والسلام وزوجاته تقول عائشة رضي الله عنها كان يأتيني فيقول اعندك غداء؟ فيقول فاقول لا فيقول اني صائم. تخبر عن امر متكرر. كان يحدث عادة انه ربما اتاها في اكثر من مرة فيسأل عندك غداة تقول لا فيقول اني صائم ارأيت الى الى هذه البساطة في الحياة والى رفع التكلف والى قلة التعقيدات في الحياة الزوجية على مستوى التعاملات على مستوى الخطاب على مستوى صلب المعيشة في الحياة ايها الاخوة اعظم انسان على وجه الارض بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام لا يدري افي بيته طعام او لا يوجد فيه طعام حتى يأتي فيسأل زوجته اعندك غدا عدم اكتراثه صلى الله عليه وسلم ولم يكن في اهتماماته قليل او كثير شيء من العناية بالطعام او بقوت البيت او ما بقي او بما ادخر او بما يكون داخل الارفف او الثلاجة او الادراج ما سأل ابدا عليه الصلاة والسلام. لكن اذا وجد حاجة الى الطعام اعندك غداء ثم تتوالى معك تلك البساطة في الحياة فتقول عائشة رضي الله عنها فاقول لا فاذا قالت لا وما سأل انتبه ما سأل الا لانه شعر بجوع عليه الصلاة والسلام يبحث عن طعام. فاذا قالت لا صفحة وطويت قال فاني اذا صائم يعلنها صياما فيجعل الموقف فرصة لان تكون عبادة يتقرب بها الى ربه والله ما وقف عند هذه الجملة لحظة ما شعر بتذمر ولا بضيق ما خرج يبحث عن طعام في مكان اخر ما كان الجوع شغلا شاغلا الى تتبع الحجرات الاخرى يبحث عن طعام او يسأل ولو اراد لفعل عليه الصلاة والسلام. بل والله لو اراد وما يرعى فيه الانسان شأنه ليكون اكثر قدرة على تعبده لله جل وعلا. ربما تعجب في كل ما تقرر في هذا السياق مع امره سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ونهيه له في قوله لا تمدن عينيك الى ما متعنا به لا يكلفه الامر اكثر من ارفع يديه الى ربه فيسأله قوتا وطعاما يشبع جوعته. لكنه عليه الصلاة والسلام كما تقدم في ثنايا هذا الباب كثيرا والله ما كان الطعام الا محطة يتزود منها في الحياة. انا اقول هي لفتة مهمة والله يا اخوة نقيسها في حياتنا اليوم معنا ما نعيشه ما اقول من اهتمام لكن عكوف اصبح الطعام والشراب في حياتنا قنطرة كبيرة نقف عندها كثيرا اصبحت قضايا الطعام والشراب من اولويات الحياة واساس اهتماماتنا الكبرى في العيش. واصبحت قضية ما يكون في البيوت وما يطبخ وما يدخر وما يشترى وما ينتفع كل هذا اصبح يأخذ حيزا من الاشتغال والاهتمام. لا بأس ان يستمتع المرء بما اباح الله من الطعام والشراب ولن يحرم احد من اهل العلم تلك المباحات والطيبات والمطاعم والمشارب. لكن يا اخوة الاستمتاع بالمباح شيء والانهماء هو الاشتغال به وجعله قضية كبرى في الحياة شيء اخر وقد قلت في مجالس سابقة تضخمت قضية الطعام والشراب عندنا في الحياة الى درجة ان اصبحت احيانا حديث الناس في المجالس وشغلهم الشاغل. واصبحنا نتحدث عن قضية الطعام وكأنها قضية اساس. واصبحنا نتحدث عن طعام الغد قبل ان نفرغ من طعام اليوم اصبح شأن الطعام حاضرا في كلامنا في مجالسنا في اهتماماتنا في قائمة اولوياتنا في الحياة تضخيم القضية هذه افرز صورا عجيبة. ركون الى المطاعم والمشارب وانهماك فيها واتساع بقدر زائد. لا زلت اكرر فاقول لا اعني بالاشتغال بالطعام والشراب الاستمتاع بما اباح الله. هذا لن يحضره احد ولن يضيق واسعه ايضا احد لكن اتكلم عن جعله قضية تهتم لها البيوت والاسر. بل الى درجة ان تصبح قضية الطعام والشراب احد اسباب الخلاف الزوجي داخل البيوت فيغضب الرجل على زوجته وتغضب عليه. والقضية اذا ما بحثت تعود الى وجبة غداء او عشاء او طبق من طعام ونحو هذا بل ربما ال الامر في بعض البيوت ان يصل الى طلاق والقضية ايضا لو تتبعتها لنشأت فيما يتعلق بطعام وشراب الى هذا الحد اصبحت القضية شغل الناس. واصبحنا نهتم كثيرا فيما نقدم لضيفنا اذا حضر بيتنا. وفيما نطبخه فيما في مأدبة الولائم التي نصنعها ايضا لضيوفنا. هذا كله لو تصفحت حوادث السيرة النبوية فيه لوجدتها جارية على البساطة وعدم التكلف يضيف عليه الصلاة والسلام اصحابه ويضيفونه على امور ما ما مضى ذكرها كثيرا على دجاج على لحم حبارى على لحم كتفي شاة بل على حيس وسويق ويصنع ذلك في مأدبة عرسه عليه الصلاة والسلام. والامر في هذا كله على البساطة وقلة التكلم فلما يقول لعائشة رضي الله عنها اعندك غداء؟ تقول لا فيقول اني صائم. اللفتة الاخرى ها هنا ان يجعل احدنا من مواقف الحياة اليومية متسعا وفرصة يوظفها فيما يقربه الى ربه. لاحظ لم يكن صائما عليه الصلاة والسلام. وربما ما خطر الصوم في باله قبل هذا الحوار لكن لما سأل عندك غداء قالت لا. الان هو امام احد احتمالين. ليس امامه طعام فاما ان يكمل بقية يومه ممسكا او يظل يبحث عن طعام ويجد لا محالة لكنه اختار عليه الصلاة والسلام ان يكون هذا الموقف فرصة يستغلها ليجعلها عبادة تقربها الى ربه. على هذا المنوال قس المواقف التالية. يكون لك موعد مع انسان او تأتيه في مكان وبينكما موعد لقاء تأخر عنك او وجدته قد انصرف او تخلف لامر ما. اصبح الوقت الذي كان مخصصا للقائه ومقابلته اصبح شاغرا فارغا ما الذي اصنعه انا وانت عادة مباشرة ستحاول البحث بتفكير كيف تمضي هذا الوقت في امر اخر وقضية اخرى. قليل ما يفكر احدنا كيف يجعل هذا الوقت متسعا لنركع فيه ركعتين لله ان كان نهارا فضحى وان كان مساء فركعتين تطوع لله. او يجعلها في امر ايضا في وجه من وجوه التعبد. ان يبحث عن عمل خير واحسان. وينصرف في طريق فيحسن الى فقير او يميط اذى عن طريق او يسعى في حاجة ارملة او مسكين او احسان الى جار او بر والدين. الباب في هذا كبير لكن اقول قل تمر بنا مواقف في الحياة هي فراغات فكيف تملؤها النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الموقف فيه الماحة النبوية عجيبة. كيف يوظف احدنا الموقف ويجعل منه فرصة لان يكون متعبدا ثم اعلم رعاك الله ان هذا لن يتحقق الا من قلب مملوء تعبدا لله واخباتا الى الله واقترابا من الله عز وجل الى الحد الذي يشعر انه كلما سنحت فرصة ووجد متسعا لان يتقرب من ربه عليه الصلاة والسلام فعل. فلا يتأخر ولا يتوانى اما كان عليه الصلاة والسلام يفرد المساحات والاوقات الواسعة في يومه وليلته تعبدا وتقربا واخباتا وتذللا الى الله فانه اذا سنحت الفرص وجد في ذلك متسعا فبادر صلى الله عليه واله وسلم. فاقول اوقات الفراغات التي تمر بنا وما يحدث فجأة من فوات بعظ الاعمال وان تشغل بعظ الاوقات والله فيها متسع لقراءة ورد من قرآن. لاستغفار لربنا الكبير المتعال لصدقة باحسان الى فقير لسعي في حاجة انسان ووجوه متعددة من الخير والبر والاحسان. لكن هو مبدأ اجعله في حياتك تجد نفسك طرقا في ابواب من التوفيق ما كنت تحسب لها حسابا. ولا كنت ايضا مستعدا لها قبل اعندك غداء؟ فاقول لا. فيقول فاني صائم توظيف الفرص وتحويلها الى مواطن للعبادة من غير ان تكون محسوبة قبل يرتقي بالنفس المؤمنة في مقامات العبودية والله درجات ودرجات. ويجعل احدنا اكثر استعمالا لوقته ونفسه وحياته وفكره فيما يقربه من ربه سبحانه وتعالى على نعم عن يوسف بن عبدالله بن سلام قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم اخذ كسرة من خبز من خبز الشعير توضع عليها تمرة وقال هذه ادام هذه واكل الحديث ضعيف سندا فان يوسف ابن عبد الله ليست له صحبة وعامة ما روي في هذا الحديث هو من مسنده لكن في معناه فيه شيء قد تقرر في الاحاديث السابقة. قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم اخذ كسرة من خبز الشعير فوضع عليها تمرة وقال قال هذه ادام هذه واكل اما اقتصار طعامه عليه الصلاة والسلام على خبز الشعير دون شيء اخر فثابت وقد تقدم في احاديث صحاح منذ اول هذا واما اكتفاؤه باليسير من الطعام مهما قل فايضا ثابت في احاديث متعددة مضى ذكرها في هذا الباب. فكونه اكتفى في طعامه بخبز وشعير فثابت في الجملة من وجوه متعددة. لكن اللطيف في الحديث لما قال هذه ادام هذه يعني جعل التمرة على كسرة الخبز وقال هذا ايدامه يعني هذا مما يؤتدم به الخبز وقد تقدم في مطلع الباب ان الادام في اللغة اسم لكل ما يؤتدم به يعني ما يجعل مع الخبز ليؤكل به في الوقت الذي اصبحنا نستعمل كلمة الادام الى ما يكون له مرق من طبخ الطعام سواء كان لحما او دجاجا او خضروات فنسميه اداما اذا كان له مرق وقد طبخ معه لون من الوان الطعام لكن الادامة في اللغة اوسع وهو كل ما يجعل مع الخبز ليؤكل به. فاذا جعل لون من الطعام مطبوخا او غيره مع الخبز فاكل اصبح اداما له فقوله هذه ادام هذه يعني هذا مما يصلح ان يؤتدم به. والحديث على ضعفه يشهد لبقية الاحاديث السابقة في المعنى عام لهذا الباب وهو قلة طعامه عليه الصلاة والسلام قال واكل منها واكله من الخبز الشعير ومن التمر ثابت في غيره من الاحاديث نعم. عن انس بن مالك رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الطفل قال عبدالله يعني ما بقي من الطعام كان يعجبه السفل بالثاء والفاء واللام. الثفل كان يعجبه السفل فسره الامام الترمذي رحمه الله بالنقل عن شيخه في هذا الحديث عبدالله بن عبد الرحمن قال يعني ما بقي من عام فما بقي من الطعام في اسفل القدر وفي نهاية الطبق يسمى ثفلى. فكان يعجبه الثفل من الطعام. ما بقي ما بقي في قعر القدر من لحم او مرق او خبز ونحوه يكون في اخر القدر غالبا ما يكون اكثره نضجا والذه طعما وكثير من الناس يحب اكله ويجد فيه مذاقا وطعما اشهى مما هو في باقي الطعام وهو ايضا في الوقت نفسه يشير الى قدر كبير من الزهد. لان الثفلى عادة ما يصيبه احتراق يسير وربما يبس باثر احتراق النار لكونه في اسفل القدر وكونه يكون طعاما طعاما معجبا لرسول الله عليه الصلاة والسلام يدل على انه كان في الغالب اذا اكل يوضع بين يديه الثفل وهو دليل كما ترى على قلة كمية الطعام في الطبخ في الاناء في القدر الذي يطبخ فيه فاذا غرف وجعل بين ايدي اهل البيت في الطعام غرف معه السفل وكان بين ايديهم. فدل اذا على قلة الطعام الذي يطبخ لدرجة ان يغرف كامل ما في القدر بما فيه الثفل فيجعل بين يدي اهل البيت. ويدل ايضا على زهد كما قلت. وعلى عدم رغبة في طعام يكون اشهى وارقى وانقى لكنه عليه الصلاة والسلام يأكل ما تيسر قال كان يعجبه الثفل والحديث ايضا صحيح اخرجه اصحاب السنن وغيرهم وقيل في معنى السفلي كما في كتب غريب الحديث انه السريد واسم من اسمائه. فعلى كل سواء فسر السفل بالثريد وقد تقدم تفضيله عليه الصلاة والسلام للثريد في مجلس الاسبوع المنصرم لما قال ان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام والثريد هو المرق اذا جعل فيه الخبز وخلط به فرقق الخبز بمرق اللحم ونحوه يسمى فريدا. فسواء فسر الثفل بالثريد او بما بقي من الطعام فانه دليل على نوع من الطعام الذي كان يعجبه عليه الصلاة والسلام. تم الباب بحديث انس رضي الله عنه ها هنا وجملة ما تقدم من الاحاديث التي قضينا فيها مجالس متعددة ايها الكرام تدل على امور عظيمة اوجزها في النقاب اولا كان نبيكم صلى الله عليه واله وسلم اقل الناس عيشا في الحياة واقلهم اهتماما بشأنها وقد دل على ذلك في سنته قولا وفعلا اما فعلا فعموم شأنه في الحياة عليه الصلاة والسلام في الطعام والشراب وفي اللباس وفي المراكب وفي كل نواحي الحياة كانت دليلا ناطقا بل ومتواترا على عدم اكتراثه بهذه الحياة ابدا عليه الصلاة والسلام. وعدم تطلعه اليها بات ليلة ونام على حصير حتى اثر في جنبه. فرآه عمر رضي الله عنه فتأثر لذلك ودل ايضا عليه الصلاة والسلام بقوله على التقلل من الدنيا. وعلى عدم الركون اليها. وجاءت في هذا جملة من الاحاديث مثل قول كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل. ومثل قوله عليه الصلاة والسلام انما مثلي في هذه الدنيا كمثلي او دل على صاحب الدنيا كمثل راكب استظل تحت ظل شجرة ثم قام وتركها. في التقلل من الدنيا او اعتبارها قنطرة اصل عظيم عاش صلى الله عليه وسلم حياته عليها. وارشد الامة ايضا الى التقلل منها. في الوقت الذي ان يحرم صلى الله عليه وسلم التوسع في المباح ولم ينه امته عن الاستكثار مما فتح الله لعباده في هذه الدنيا من زهرة الحياة لكنها مباحات تتاح للعباد فمتى فتح للعبد منها باب لم يحرمه الاسلام. وقد كان من صحابته رضي الله عنهم من وسع له في الحياء مثل عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وبعض كبار تجار الصحابة واثريائهم رضي الله عنهم اجمعين. لكنهم توطنوا على هذا الاصل فمع الدنيا في ايديهم ومع ما فتح الله عليهم من الثراء والتجارة والغنى الا انهم لم يركنوا اليها. وهذا الفرق الدقيق بين من كانت الدنيا في يديه ومن كانت الدنيا في قلبه من كانت الدنيا في يديه سخرها في طاعة الله ولا يزال قلبه عامرا بحب الله والزهد في الدنيا. تتسع له الدنيا ها هنا وها هنا في ذات الله حتى يلقى الله. ويبارك له في رزقه ويوسع له فيه. فيجمع الله له بين امرين التوسع في الحياة الاستمتاع بالمباحات ثم ازدياد رصيده من هذا المباح في حسناته في الاخرة لكثرة ما يجعله ذخرا ورصيدا له في ميزان حسناته وان تكون الدنيا في قلب احدنا فانها تغشاه ثم تسيطر عليه فيشتغل بها هما واشتغالا وفكرا وتعلقا وتلك افة افة تجعل العبد مهما كان صالحا محجما عن الاقبال عن الله عز وجل كلما هم بباب يستبق فيه في الخيرات. تعلق قلب الدنيا ايها الكرام شيء والاستمتاع بالمباحات التي اذن الله بها في الحياة شيء اخر. دل هذا الباب بمجمل احاديثه على امر اخر. وهو انه عليه الصلاة والسلام كان قليل التكلف في شأن الطعام سواء في طعامه مع اهل بيته او في تعامله مع اصحابه من حوله. فلم يؤثر عنه عليه الصلاة والسلام كثير غالب بهذا الباب ولا انه اعتنى به توجيها ولا امرا ولا نهيا فيما يتعلق بوصف الطعام مطعوما او مشروبا او يشتغل به على هذا المستوى. دل الباب ثالثا ايضا على ان هديه عليه الصلاة والسلام في هذا الباب هو العناية بما يكفي الانسان بلغته وقدر حاجته وان التوسع في المباحات متى سنح لها امر فينبغي ان يكون هذا مراعا على ما يوافق صحة كم منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه فتقلله من الدنيا باسرها عليه الصلاة والسلام يصحبه مع ذلك التوجيه الالهي الكريم ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم. ما مد عينيه صلى الله عليه وسلم قط ولا تعلق قلبه بما في يد بعض الناس قط. ومع ذلك يقول الله له ولا تمدن عينيك. كم نحن بحاجة والله يا اخوة ان نجعل هذي نصب اعيننا كثيرا لان قلوبنا قد يعلق بها شيء بين الحين والحين ونحن في هذا الباب متفاوتون. فبعضنا لا تزال امانيه وهمومه وطموحاته متعلقة بكثير من متاع الحياة الدنيا. فنحن بحاجة الى ان تهذب النفوس وتصقل في هذا الباب لتوطن على القناعة بما رزق الله. والاكتفاء بما كتب الله عز وجل فانه على انها شيء واحد ويقصر نظره على ما يوسع له في باب من ابواب الحياة. وهو المال مثلا وما يتفرع عنه طعاما وشرابا ولباسا وبيوتا ومراكب في الوقت الذي يغفل عنه عن ابواب في الحياة يوسع له فيها وهي ضيقة على غيره ونعم الله عز وجل وعطاياه ابواب ومن وسع الله له في باب وضاق عنه اخر يجده موسعا في اخر ايضا وضيقا في غيره ومن الخطأ ان يقيس احدنا ما يوسع له في الحياة بغيره على باب واحد هو المال. ومتاع الدنيا ويغفل ان الله وسع له مثلا في العافية وفي صحة بدنه او في صلاح اولاده وهو في رزقه الذرية او ان يكتب له ذكر حسن. هذه ابواب متعددة فلا يقيس نفسه بغيره وهو في تمام العافية وغيره ممن وسع له بالاموال والمطاعم والمراكب والمشارب والملابس ربما كان محروما من هذا العطاء وربما ظيق عليه فيه فعلينا الا نغفل عن هذا العطاء الالهي الكريم. وان نعلم ان ما وسع الله لاحدنا في باب وضاق عنه في باب الا لما يعلم الله انه يصلح لعبده به هذا. فابتلاء القلب يقينا بما رزق الله. وقناعة بما قسم الله احد اسرار السعادة التي يعيش عليها الموفقون في هذه الحياة وامر اخير فيما يتعلق بهذا الباب وما نفيد منه. وهو كما رأيتم جاء في اثر بابي ما جاء في عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلا البابين باب ما جاء في عيشه وباب ما جاء في ايدامه يعني في طعامه الذي كان يأكله او وضع على مائدته صلى الله عليه وسلم جمع قدرا عظيما من امارات زهد والتقلل من الدنيا وعدم الاكتراث بها ولا التوسع في ملذاتها ونعيمها الذي وسعت لكثير من العباد في الحياة يدل هنا ايضا على اصل عظيم يعيش به المسلم في هذه الحياة لا اقول يواسي بها نفسه. انما المواساة عادة تكون للمكلوم والمحزوم والمحروم لكن من عاش في هذه الدنيا فقرا وعاش فيها شدة عيش وشظفا ربما اصابه الحزن في مواطن في الحياة. وربما دخل عليه الهم والغم بل ربما دمعت عينه اسى على كثير مما فاته من الحياة من نعيم من اموال من متاع او رماكبه من ديون وما لحقه من قلة عيش وما يجده في حياته قد حرم منه في ابواب من الحياة. لا اقول ان في هذه الابواب في الشمائل المحمدية مواساة بهؤلاء المحرومين لاني قلت انما يواسي المحروم. لكن لا تظن ان احدا عاش حياته في قلة وعدم توسع مع امكانه ان يتوسع كما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلذلك قولوا لكل من ضاقت به الحياة وكل من عاش تقللا منها واغلقت عليه ابوابها. قولوا له لا تأسى فقد ضاقت قبلك على رسول الله عليه الصلاة والسلام. وهو اسعد الناس بربه عز وجل. وهو اعظمهم منزلة عند ربه سبحانه وتعالى. فلا داعي ابدا والله لان تكون الدنيا بما فيها موضع اسى في قلب مؤمن. نعم لا شك نحن بشر ونحزن على فوات شيء من متع الحياة على شيء مما قد لا نصيب من حظوظها. لكن متى تعاملنا مع الامر انه رزق ان اذن الله به حصل وان لم يأذن به طوي ان وانزوى يطمئن القلب ويرتاح تماما لان هذا شيء كتبه الله. فلا ينشغل قلبه ولا فكره ويعيش طمأنينة ورضا. فما والله ان نستصحب على الدوام هذا الهدي النبوي في حياته عليه الصلاة والسلام. التقلل من الدنيا قلة العيش. ومع ذلك يقول له ربه اتمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه هذا يقول هل ترك الرسول صلى الله عليه وسلم طيب الطعام زهدا في الدنيا ام لا يجد الطعام وما الزهد تركه عليه الصلاة والسلام لانه لم يكن بين يديه. لكن الزهد ها هنا هو ليس لانه اقتصر على ما وجد ولم يجد الفاخر واللذيذ من الطعام لكن موطن الزهد الحقيقي كما اشرت قبل قليل انه كان قادرا على ان يتسع حظه من هذه الحياة طعاما وغير طعام لكنه انصرف صلى الله عليه وسلم ولم يرضى به ولم ينشغل به. اما كان قادرا مثلا على ان يعتني بشأن الطعام في حياته وان يفرد لذلك اهتماما بين بيته واهله واسرته لكنه ما فعل صلى الله عليه وسلم والزهد التقلل في الدنيا وعدم الاكثار منها وربما كان المرء زاهدا وهو غني صاحب مال وربما كان متطلعا متعلقا بالدنيا وهو افقر خلق الله. فالمسألة لا علاقة لها بما في رصيد الانسان وفي يده من المال وهذا يقول صائم التطوع امير نفسه هل اذا شرع في الصوم ثم افطر ولم يتم ينال اجر ذلك الصوم ذلك اليوم؟ الجواب انه بحسب ما ايحمله على الفطر في ذلك اليوم فان كان قد افطر لحظ نفسه فهو باب من الخير قد انصرف عنه وان افطر مع حرصه على الصوم لكنه افطر لمصلحة راجحة كأن يكون مثلا برا بوالديه او استجابة لامر او مراعاة لامر شرعي هو اعظم من ذلك فتنازل عن صومه لاجل ذلك كتب له اجر صومه ان شاء الله وفضل الله عز وجل واسع. نقف عند هذا الباب لنشرع في الاسبوع المقبل ان شاء الله. في الباب الذي يليه في شمائل المصطفى صلى الله عليه واله وسلم اسأل الله لي ولكم علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم اجعل ليلتنا هذه ويوم غد من ابرك ايامنا طاعة وعبادة وقربة لك يا ذا الجلال والاكرام. وصلاة وسلاما على نبيك صلى الله عليه واله وسلم. اللهم الزمنا عتبة العبودية وارزقنا السعادة ابدية وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية يا ارحم الراحمين. اللهم ارحم امواتنا واشف مرضانا واهد ضالنا. وصلى الله على