ويحسن ان نشير الى ان الابواب التي سبقت والتي ستلحق الان يجد فيها المسلم وصفا دقيقا شاملا لما عني الصحابة رضي الله تعالى عنهم بحفظه ونقله وروايته هذه العناية الدقيقة التي اي ما جعله شيئا يتكئ عليه. وهو الباب الذي قصد به المصنف رحمه الله. لما قال باب ما جاء في تكأة رسول الا صلى الله عليه وسلم اراد به ما يتكأ عليه او اراد به صفة هيئة جلوسه في الاتكاء وكيف كان يتكئ. ففادت الرواية الشيئين كيف كان يتكئ واشار الى انه على يساره واشارت الرواية ايضا الى ما كان يتكئ عليه وهي الوسادة قلب الانسان وما يقوم في حقيقة مبادئه واخلاقه وقيمه. عظمة الانسان هي عظمة ما في داخله وجمال خلق الانسان هو الذي يفرض على الناظرين رؤية جمال خلقته. كان عليه الصلاة والسلام او اعتماده على الاتكاء حال المشي. اذا ثبت انه مشى متكئا على بعظ اصحابه وهو اسامة ابن زيد كما في حديث انس او الفضل ابن عباس كما في هذه الرواية وملء ما شاء ربنا من شيء بعد لله الذي اكرمنا وهدانا وانعم علينا ومن كل خير سبحانه وتعالى مولانا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبد الله ورسوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته من تبعهم باحسان الى يوم الدين اما بعد ايها المؤمنون الكرام فهذا عود على بدء واستئناف لدرسنا المبارك في شمائل المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وهو مبارك يجمع بركات من وجوه عدة اولها اننا نجلس في بيت الله الحرام وجوار كعبته المعظمة منتظرين الصلاة بعد الصلاة وثاني هذه الوجوه اننا نجلس في ليلة شريفة مباركة هي ليلة الجمعة غرة الايام في الاسبوع وزينتها وثالثها ان الذي يجمعنا في هذا المكان المبارك وفي هذا الزمان المبارك هو امر عظيم يزيد في ايماننا ويغرس في عقيدتنا اتنا امرا واجبا متحتما علينا انه امر يتعلق بحق من حقوق المصطفى صلى الله عليه واله وسلم علينا. حبه عليه الصلاة والسلام الايمان به وطاعته واتباع سنته صلى الله عليه واله وسلم والبركات التي تتبع ما سبق ان يجلس احدنا هذا فينصرف منه وقد زاد علما وايمانا. وقد ارتقى واغترف غرفة من حب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ولو لم يكن في مجلس احدكم هذا هذه الليلة الا كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر او اشير او اشير الى شيء من هديه وسنته. فانه يقوم عن مجلس قد احصى او ربما لا يحصي فيه. من الصلاة على المصطفى صلى الله الله عليه وسلم ما يرجو به خيرا كبيرا عظيما في دينه ودنياه لان الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام صلاة من ربكم سبحانه وتعالى على المسلم المصلي عليه. من صلى علي صلاة عيشه صلى الله عليه وسلم كان فيه من مختلف الجوانب التي يحمل كل جانب منها امرا عظيما امرا عظيما يؤسس في المسلم معنى عظيم حري به ان يعتني به وان ينتبه اليه الله عليه بها عشرا. وصلاة ربكم سبحانه وتعالى على عبده رحماته وبركاته وخيراته وعنايته بعبده كثرة الصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام. مما استقر في النصوص الشرعية كثرة خيراتها وبركاته. في تفريج الهموم ازالة الغموم وتفريج الكربات وزيادة الخير والبركات والحسنات يجدها العبد المؤمن بكثرة صلاته وسلامه على النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فهذه الامور مجتمعة ايها الكرام. تجتمع لاحدنا في مجلس كهذا في مكان كهذا. ونحن نرجو بذلك ان يكون في طريق محبتنا للمصطفى صلى الله عليه واله وسلم دراستنا للشمائل المحمدية خطوة تقربنا من رسول الله عليه الصلاة والسلام نتعرف فيها على هديه في شؤون الحياة كلها. ونقترب خطوة بعد خطوة في التعرف على نواحي سيرته. وجوانب في طعامه وشرابه ولباسه ونومه واستيقاظه جلوسه ودخوله وخروجه والصغير والكبير من امر عليه الصلاة والسلام. وما من شك ان احدنا اذا احب شخصا ما فان المحبة هذه ستزداد في قلبه اؤتي غرسا يانيعا طيبا كلما كان اكثر اقترابا من محبوبه والاقتراب من المحبوب انما يتم بمجالسته والتعرف على احواله والاقتراب من خصوصياته. وهذا ما يجده المسلم على دراسة سيرة وشمائل المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وما زال مجلسنا هذا متتابعا بفضل الله تعالى حتى توقفنا في اخريات رمضان. وقد وقف بنا الحديث في مختصر الشمائل المحمدية التي نتدارس احاديثها عند باب ما جاء في تكأة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وقول البدء فانه حمل الصحابة رضي الله عنهم في روايتها ادق التفاصيل ما حملهم على ذلك الا عظيم الحب الصادق لرسول الله عليه الصلاة والسلام. حب جعلهم رضي الله تعالى عنهم يرقبون في امره كل صغير وكبير وجعلهم يتتبعون في هديه وسيرته وسنته ما قد تعجب من حرصهم رضي الله تعالى عنهم على رصده اولا ثم نقله وروايته ثانيا ثم اذا وجدت هذه الرواية الدقيقة العجيبة من ذلك الصحب الكريم رضي الله عنهم. فلا تعجب لانه اعظم حب حمله قلب انسان لرسول الله عليه الصلاة والسلام هو هو حب الصحابة رضي الله عنهم له صلى الله عليه وسلم ويتبعهم في ذلك كل من سار على طريقتهم واقتفى نهجهم فانه يفرغ من قلوبهم في قلبه حبا وشوقا الى رسول الله صلى الله عليه اله وسلم ثم اذا كان هذا غير مستغرب في جيل الصحب الكرام رضي الله عنهم فانك تجد هذا فانك تجد هذا يمتد عجبا في الاجيال التي لحقت ذلك الجيل الكريم من التابعين فمن بعدهم. لما حرصوا على نقل هذه الرواية ثم على تصنيفها وتبويبها وترتيبها. ثم على اخراجها والحرص على ان تكون ارثا محمديا مباركا ينتقل الى اجيال المحمدية جيلا بعد جيل. حتى يأتي زمان كهذا. بعد اكثر من الف واربعمائة وثلاثين سنة. فيجلس المؤمن في رحاب بيت الله الحرام ليقرأ ما سطره ذلك الجيل الكريم حفظا ونقلا مما رواه الصحب الكرام رضي الله عنهم اجمعين. وانت تجد ها هنا وصفا دقيقا لملامح وجهه وهيئته عليه الصلاة والسلام. وادق من ذلك في مشيته وعمامته في سيفه في مغفره في نعاله وخفه في وضوءه وطعامه وشرابه. الوصف الدقيق المتناهي الذي عبر اكثر من الف واربعمائة سنة ما ما كان وراء ذلك في تلك الاجيال الا الحب لرسول الله عليه الصلاة والسلام. والايمان بان هذه خطوة لابد منها للمسلم ان يغرس في قلبه ايمانا صادقا برسول الله صلى الله عليه وسلم ايمانا يجمع بين العلم بسيرته. واليقين بنبوته وحبه بخصائصه وشمائله. والحرص بعد ذلك كله على ام للنفس على الاقتداء بسنته واقتفاء اثره خطوة بخطوة بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. هذا النقل العجيب وهذا الارث الكريم الذي نقله اسلافنا رحمة الله عليهم اجمعين. واورثونا اياه جعلوا بيننا وبين ادراك ما عاشوه وما ادركوه من حياتهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام خطوة واحدة. اريد ان اقول ان لم يكتب الله لاحدنا شرف الصحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وان جلس احدنا يتحسر مرات ومرات انه فاته ذلك الشرف ولم تحظى عينه ولا قلبه ولا جوارحه برؤية مباشرة واحساس مباشر بما تنعم به الجيل الكريم من الصحابة من مجالسة ومعايشة رؤية رسول الله عليه الصلاة والسلام فانا نقول ان مثل هذا تأسف لا يجدي نفعا. وحسرة علينا ان نستبدلها بما هو خير منها بان نعلم ان ما عاشه الصحابة من رؤية مباشرة ومعايشة كريمة دافئة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام فانهم اودعوه في بطون هذه الروايات. واذا ما اراد احدنا ان يعيش ذلك شعور وان يأنس بذلك الانس وان يستمتع بتلك المشاهد التي ملأ الصحابة بها قلوبهم قبل ابصارهم رضي الله عنهم اقول فما بيننا وبين ذلك الا صفحات هذه الكتب. ان تفتحها فتقرأها ثم تمعن النظر فيها وتفقه ما جاء فيها من نقل ورواية حتى لكأنك والله تجلس من دقة ما نقلوا من الوصف لكأنك تجلس الى رسول الله عليه الصلاة والسلام كانك تنظر اليه ولا كأنك تعرف ما كان يفعله بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام منذ ان يستيقظ من نومه وحتى يبيت في اخر ليلته كل ذلك من قول بدقة عجيبة ووصف متتابع كيف كان عليه الصلاة والسلام في شؤون حياته كلها فصلى عليك الله يا خير الورى ما بلت الامطار عودا او ثرى. وسلم وعليك من ربي سلام دائم ما دامت الشمس بدنيانا ترى نستأنف الليلة الباب الذي توقفنا عنده في باب ما جاء في تكأة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاء هذا الباب عقب ابواب تصف جملة من هيئاته صلى الله عليه وسلم سبق لنا المرور بها باب ما جاء في مشيته باب ما جاء في جلسته. باب ما جاء في تقنعه عليه الصلاة والسلام. وسبق ذلك ايضا ابواب تتحدث عن صفة لباسه وعمامته وازاره وخفه ونعله عليه الصلاة والسلام. اذا هي كما قلت وصف دقيق متتابع رصده افضل جيل واكرمه جيل الصحابة رضي الله عنهم عن قرب ومعايشة مباشرة ثم نقله الجيل المحب جيلا بعد جيل من لدن الصحابة والتابعين الى يومنا هذا. فلا يزال هذا كما قلت ميدانا مفتوحا. لكل محب لرسول الله عليه الصلاة سلام ان يروي المحبة في قلبه بمثل هذه المعاني. بمثل التفقه في هذه المجالس والمدارس. وان يكون حبه مبنيا على معرفة دقيقة تحمله على الاقتدام. لان من احب انسانا تعلق قلبه به. فاذا تعلق قلبه به دفعته نفسه شعر او لم يشعر دفعته نفسه لان يحاكيه ويتشبه به يحمله على ذلك حب صادق. فاذا كان هذا موفورا في قلوب المؤمنين المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم حملتهم محبتهم على الرغبة الصادقة في الاتباع. والتشبه محاكاتي والاقتداء فما بينهم وبين ذلك الا ان يتعلموا هديه عليه الصلاة والسلام. وان يتفقهوا في سيرته وان يتعلموا سننه شمائله وهذا الذي نتدارس مجالسه في كل ليلة من ليالي الجمعة. وانما جعلناها في مثل هذه الليلة لتكون عونا لنا على من كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. نعم هذا الباب باب ما جاء في تكأة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يريد المصنف رحمه الله ان يبين في هذا الباب من الروايات ما يثبت ان من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم الاتكاء والمقصود بالاتكاء الميل على احد جانبي الانسان معتمدا اما على وسادة او على اريكة او حتى على ذراعه فيكون متكئا به على الارض وهذا الباب يعقد لبيان امرين عظيمين احدهما بشرية المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذا مقصد عظيم. اننا لنا نبيا بعثه الله بشرا رسولا. فيعيش ما تعيشه البشر في حياتهم ويعرض له عليه الصلاة والسلام ما يعرض للبشر في حياتهم. وذلك من اعظم البواعث على ان يكون المؤمن حب حريصا على الاقتداء. لانه بشر مثلنا عليه الصلاة والسلام. ولو بعثه الله ملكا لكانت الاحوال الكاملة في هديه بيننا وبينها حجاب. فيقال هو ملك وليس لنا سبيل الى الوصول الى درجته ولا الى منزلته ولا الى التشبه والاقتداء به. لكنه لما كان بشرا عليه الصلاة والسلام انا هذا الباب مفتوحا الى يوم القيامة. ان يكون المؤمن المحب الصادق اخذا بنفسه نحو الاقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام. واما الامر الاخر الذي تشير اليه الترجمة فهو بيان ما كان عليه الصلاة والسلام ما كان عليه نبينا صلى الله عليه عيشه صلى الله عليه وسلم كما قلت باب كبير لانه يحكي لك ما الذي كان يتعيش عليه صلى الله عليه وسلم في ايام حياته وايام حياته ليست سواء فيها السعة وسلم من احوال من احوال جمعت بين عظمة المنزلة والمكانة التي بوأه الله اياها وبين التواضع والرفق ولين الجانب منه عليه الصلاة والسلام الاتكاء في المجالس بين يدي صحابته رضي الله عنهم فيه قدر من الاشارة الى رفع التكلفة. ولم يكن صلى الله عليه وسلم وهو النبي والامام والقائد عليه الصلاة والسلام لم يكن يتحرى ولم يكن يقصد في مجالسه مع اصحابه عامة ما كان يقصد هيئات معينة. ولا يحمل نفسه على رسميات وامور مرتبة كانت التكلفة مرتفعة. فيعيش وفق طبيعته وسجيته عليه الصلاة والسلام. وهذا الجانب من قلة التكلفة ورفعها وعدم الاكتراث بهذه القضايا جعلت الصحابة اكثر قربا. قلبا وبدنا من رسول الله عليه الصلاة والسلام. ثم هذه الترجمة ايضا تشير الى امر وهو ان اتكائه عليه الصلاة والسلام ثبت في عدد من الروايات نقلها الصحابة في مثل هذا الحديث الذي اخرجه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه لما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على وسادة على يساره لما يحكي جابر رضي الله عنه هذه الجملة ولاحظ معي ليس فيها مسألة عقدية ولا حكم فقهي ولم يأمر صلى الله عليه وسلم في هذه الجملة بامر نأتمر به او نهي ننتهي عنه. لكن يحرص الصحابي على ان ينقل صورة رآها فيقول للاجيال المحمدية الى اليوم والى يوم القيامة انني رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام متكئا على وسادة على يساره اما قلت لك انك لو ابحرت في سيرته وشمائله فانك تبلغ مرحلة لك انك تبصر فيها نبينا صلى الله عليه وسلم. ولكأنك تعيش مع عاشور رضي الله عنهم مما وصفوا من دقة الاحوال. يقول رأيته متكئا على وسادة على يساره. فهذا لون من الوان الاتكاء. وكانت الوسادة فجعل الوسادة عن يساره ثم اتكأ عليها صلى الله عليه وسلم ولا يزال الاتكاء في عرف الناس وعاداتهم اليوم في مجالسهم. في امورهم الخاصة والعامة فاذا جلس احدهم مجلسا اتكأ ولبعض الناس في هذا اعراف فتكونا عن ذات اليمين او ذات الشمال والامر في هذا واسع وفي اصل الكتاب للامام الترمذي رحمه الله عقب اخر الباب برواية اخرى من حديث جابر انه عليه الصلاة والسلام رؤيا متكئا على وسادة دون تحديد الجهة اليسرى. وكلا الروايتين ربما تتوافقان او يؤيد وبعضها بعضا وان باب الاتكاء في تحديد الجهة الامر وفيه واسع عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هذا الباب في باب ما جاء في التكأة يختلف عن الباب الاتي بعد قليل وهو باب ما جاء في اتكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لان هذا الباب كما قلت يشير الى ما كان يتكئ عليه وصفة هيئته في الجلوس في الاتكاء. واما الباب الاتي فيقصد به كيف كان يمشي متكئا عليه الصلاة والسلام اذا احتاج الى الاتكاء في مشيته فقد ثبت ذلك عنه اذا جالسا وما اشيا عليه الصلاة والسلام. نعم هذا الحديث من رواية ابي بكرة وفيع ابن الحارث رضي الله عنه يرويها ابنه عبدالرحمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا احدثكم باكبر الكبائر وهذا الحديث احد الاحاديث المشهورة التي يروى فيها ذكر الكبائر في الاسلام والمقصود في هذا الباب في هذا الحديث من الباب الشاهد الذي جاء في اخره فانه عليه الصلاة والسلام لما حدث اصحابه بالكبائر في الاسلام وهي الامور العظيمة التي تستوجب على فاعلها لعنة من الله والعياذ بالله او طردا من رحمته اجارنا واجاركم الله هي الامور الموبقات التي ربما افسدت على العبد دينه او احبطت عمله او اوجبت له النار عياذا بالله تعالى. لما حدثهم صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بشيء من الكبائر ظهر على هيئته امر دعا الصحابة رضي الله عنهم الى نقلها في الرواية لانها كانت مدعاة للفت الانظار كان عليه الصلاة والسلام متكئا فقال لاصحابه الا احدثكم باكبر الكبائر؟ قالوا بلى يا رسول الله فعدد عليهم ثلاثا من الكبائر. قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين فلما ذكر الثنتين وقبل ان يذكر الثالثة عدل جلسته عليه الصلاة والسلام. قال الراوي وكان متكئا فجلس ثم ذكر الثالثة فقال الا وشهادة الزور او وقول الزور قال فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت في الباب فقه عظيم من فقه التعليم وادبه وهيئة المعلم مع المتعلمين. وفيه ايضا من الفقه ما ذكره اهل العلم انه لا بأس للعالم ان يكون متكئا حال تعليمه فان نبينا عليه الصلاة والسلام ابتدأ حديثه مع اصحابه متكئا لما قال الا احدثكم او الا اخبركم باكبر الكبائر وفيه ايضا انه عليه الصلاة والسلام لما ذكر الشرك بالله وهو اعظم الكبائر ورأسها على الاطلاق وثنى بعقوق الوالدين وهي من اعظم الكبائر التي اقترنت دوما بالشرك بالله كما اقترن بر الوالدين بتوحيد الله. فهو اعظم حقوق الخلق كما ان اعظم الخالق هو توحيد الله جل جلاله لما فرغ من هاتين الخصلتين وهما كما سمعت من العظمة في الاسلام بمكان وجاء ذكر الثالثة غير من هيئته وجلسته عليه الصلاة والسلام بهيئة كانت ملفتة لانظار الصحابة. كان متكئا فجلس عدوله عليه الصلاة والسلام عن الاتكاء واعتداله في جلسته جعلت الصحابة رضي الله عنهم يزيدون في اهتمامهم في المتابعة والاستماع لما سيقول عليه الصلاة والسلام. وانه مقبل على امر عظيم. ان لم يكن اعظم من الخصلتين الاوليين فلا يقل عنهما وكان هذا التغيير دون تعبير كما تلاحظ كان رسالة واضحة منه عليه الصلاة والسلام الى ان الجملة الآتية عظيمة شديدة حق المسلم ان يحذرها ويعتني في المبالغة من البعد والنهي عنها. قال وكان متكئا وجلس فقال وقول الزور اول شهادة الزور. الزور هو الكذب والتدليس واخفاء الحقائق. شهادة الزور قول غير الحق. وقول الزور يشتمل على الباطل واللغو والكذب والغيبة والنميمة والغناء وسائر ما حرم الله من الكلام فانه داخل في الزور كما جاء في قوله تعالى الا والذين لا يشهدون الزور واذا مروا باللغو مروا كراما. ثم زاد عليه الصلاة والسلام على هذا الامر الذي فعله من تعديل زاد عليه زاد عليه صفة اخرى زادت من اهمية الجملة في اسماع الصحابة لما ظل يكرر على وقول الزور الا وقول الزور الا وقول الزور. فما قالها مرة ولا مرتين. يقول جابر فما زال يكررها حتى قلنا تهو سكت فيه اشارة الى كثرة تكرار الجملة منه عليه الصلاة والسلام. وما اراد الا مزيد تنبيه منه عليه الصلاة والسلام للصحابة وللامة من بعدهم على عظم هذه الجناية وعلى كبير فريتها واثرها في عبادة المسلم وحياته. فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. قول الصحابة رضي الله عنهم حتى قلنا ليته سكت انما هو اشفاق منهم على رسول عليه الصلاة والسلام وحب عظيم حملهم على الاشفاق على ما رأوه من شدة اعتنائه وربما كان من ملامح الغضب والانزعاج منه صلى الله عليه وسلم وهو يقول قول الزور قول الزور ولا يزال يكرر فاشفق الصحابة فقالوا ليته سكت حرص على ان يكون عليه الصلاة والسلام في اهدأ الاحوال واكملها واطيب ما يكون نفسا فانهم يستمتعون بمجالسته وحاله ذلك صلى الله عليه واله وسلم والشاهد من الحديث كما سمعت قوله وكان متكئا فجلس اذا ثبت انه عليه الصلاة والسلام كان يتكئ واتكاؤه بين صحابته رضي الله عنهم يشمل ما اذا كان متكئا مستريحا عليه الصلاة والسلام او مختليا بنفسه او كان انسا لاصحابه بل ويحدثهم ويعلمهم عليه الصلاة والسلام. الا احدثكم باكبر الكبائر. يقولها وهو متكئ عليه الصلاة السلام لكن الفرق بين هذا الاتكاء واتكاء التكبر والعلو والارتفاع على الناس هو ما يعلم من حال صاحبه. اتكاء برين رفعة عن الخلق وازدراء بالحاضرين والجالسين. اتكاء الجبابرة فيه من العلو والرفعة واحتقار الناس ما يشعر به الجليس لكن الصحابة قد استقر في قلوبهم من تواضع المصطفى عليه الصلاة والسلام. ما ما جعلهم يجعلونه مجالسته لهم عليه الصلاة والسلام. واتكاءه بينهم ما هو الا مزيد من التواضع والتقرب وكما قلت رفع التكلم في التعامل فانه عليه الصلاة والسلام ما كان ينظر الى مثل هذه الجلسة التي فيها قدر كبير من الاريحية والارتياح واخذ اعادة النفس وطبيعتها ما كان يراها عليه الصلاة والسلام مخلة بجانب الوقار والهيبة في انظار الصحابة وكما قلنا مرارا ان عظمة الانسان في نفوس من حوله ليس بفخارة اللباس الذي يلبس. ولا بغلاء ثمن الذي يشمه الناس منه ولا بقدر كبير من التعالي والهالة التي يفرضها على الناس من حشم وخدم وما الى ذلك. لكن عظمة الحقيقة هي ما يجعله ممتلئا في قلوب الناظرين اليه. وقد كان عليه الصلاة والسلام اوفر الناس عظمة بهذا المعنى الكبير ولذلك ما كانت تلك الاحوال والاوصاف والهيئات التي رآها الصحابة منه رضي الله عنهم الا مزيدا في اثبات عظمته عليه الصلاة والسلام في قلوبهم. يجلس وهو اعظم البشر عليه الصلاة والسلام. وامام الدنيا باسرها. وهو يجلس بينهم فما كان يفرض على نفسه هيبة مصطنعة. ولا احتراما زائفا ولا كان يتكلف هيئة تفرض على الناس ان هذا منظر يحمل على الهيبة والوقار لا الكراسي الفخمة ولا المراكب العظيمة ولا الحشم الذي يمتلئ يمينا وشمالا كل ذلك ما عرف عنه صلى الله عليه وسلم لكنه اللباس المعتاد والطعام المعتاد. وهيئة الحال التي يألفها الناس اجمعون. والجلوس بين اصحابه البعيد تماما عن التكلف وقد مر بكم في مجلس سابق يدخل الداخل فيقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا احدى رجليه على الاخرى بالله هل يفعل هذا انسان قد تقنع بقناع العظمة الزائفة ان يكون في المسجد وهو مفتوح ويدخله اي احد ثم يحمل نفسه على ايسر المحامل واقربها تكلفة يستلقي عليه الصلاة والسلام على ظهره ويجعل احدى رجليه على الاخرى مشهد لو قدر لك ان تراه بعينيك والله ما ازددت له الا تعظيما عليه الصلاة والسلام. ولا ازددت له الا حبا ان يكون اعظم بشر وامام الانبياء وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم هو بهذه الهيئة في غاية التواضع ورفع التكلف ما يعتاده الناس في حياتهم ليس من شأنه عليه الصلاة والسلام ان يعيش في بيته هيئة وحالة ومنظرا واعمالا تختلف عما يكون عليها بين الناس. وان كان الرجل يجد في داخل بيته بين اسرته والمقربين من حوله يجد عادة مزيدا من التخفف ورفع التكلفة. لكنه عليه الصلاة والسلام كان كان يعلمنا امرا عظيما. كما قلت ان عظمة الانسان ليست في تلك اللواحق الزائفة المنفكة عن جوهر الانسان اوفر الناس حظا بهذا المعنى العظيم. وكان يعلم الناس هذا المعنى وكان الصحابة رضي الله عنهم يرصدون ويرمقون بابصارهم ثم ينقلون برواياتهم تلك المشاهد. فكأنك تقول كانوا رضي الله عنهم يجالسونه ويتحلقون حوله. ثم يرونه متكلما او وكيلا او شاربا او جالسا او ضاحكا او ممازحا ورأوه في مختلف الاحوال في الشدة والرخاء في الغضب وبالمزاح وفي الضحك وفي التبسم وفي البكاء كل ذلك رأوه منه عليه الصلاة والسلام. ونقلوا ذلك اتم وصف واكمله وابدعه. فنحن اذ نقف على مثل هذه الروايات. اريد ان نتجاوز تلك العبارات التي تنقل وهي تصف لكنها ابدا لن تنقل المشاعر. انما اذا اردت ان تقف بمشاعر قلبك على هذا المعنى فتخيل نفسك تعيش هذا المشهد ولكأنك واحد من افراد ذلك المجلس فينقل لك ذلك الوصف فتعيشه كانك تراه لتعرف حقيقة ما الذي اسر قلوب الصحابة رضي الله عنهم من عظيم الحب لرسول الله عليه الصلاة والسلام ذلك الذي يجعل احدهم يخرج من بيته قاصدا فيأتي مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام وليس له الا غرض واحد هو ان يقول له انا اذا اشتقنا اليك يا رسول الله اتينا اليك فجالسناك. فيكون همه الكبير كيف السبيل الى ذلك في الجنة اذا قيد في درجات الانبياء واحدنا لا يبلغ ذلك المبلغ. هذا هذا الامر العظيم الذي عاشته قلوب الصحابة رضي الله عنهم صدقني هو النفس الذي يروونه في هذه الروايات ويراد مني ومنك حفظك الله. اذا وقفنا على هذه المشاهد وهذه الروايات التي تحكي وتروي وتصف جلسته واكله وهيئته وطعامه وشرابه ان تعيش بقلبك. قبل سمعك ان تعيش هذا المعنى وان من مجالسه عليه الصلاة والسلام لتكون فائزا بظفر الاستمتاع بهذه المشاعر التي عاشها الصحابة رضي الله عنهم اجمعين. نعم حديث ابي جحيفة هذا رضي الله عنه اخرجه البخاري وغيره من اصحاب السنن ان النبي عليه الصلاة والسلام قال اما انا فلا اكل متكئا فنفى عليه الصلاة والسلام اتكاءه حال الاكل. وهي جملة لا بد منها في باب نتحدث فيه عن اتكاء المصطفى عليه الصلاة سلام. فكأنك تفهم الان ان الاتكاء النبوي كان كان واردا وقد رواه الصحابة ورأوه ونقلوه لكنه في غير حال الاكل فانه عليه الصلاة والسلام كان يبتعد عنه. ولذلك جاء النهي في بعض الروايات عن الاكل متكل كئاب يقول عليه الصلاة والسلام اما انا فلا اكل متكئا وفي بعض الروايات انما اكل كما يأكل العبد يشير صلى الله عليه وسلم الى ان الاكل حالة لا يصوغ فيها ولا يليق فيها بالمسلم ان يفعل ذلك متكئا ما الاتكاء حال الاكل يقول ابن القيم رحمه الله تعالى فسر الاتكاء بالتربع جلسة التربع التي نعرفها كلنا فسر الاتكاء حال الاكل بالتربع وفسر بالاتكاء على الشيء وهو الاعتماد عليه. يعني ان يجعل وسادة او مسندا او كرسيا او يجلس الى جوار جدار فيتكي عليه باحد جانبيه ويظل يأكل متكئا فسر الاتكاء بالتربع وفسر الاتكاء بالاعتماد على الشيء قال رحمه الله وفسر بالاتكاء على الجنب بمعنى ان يستلقي على جانبه فيتكأ بتمام بدنه على احد جانبيه فيكون متكئا على الارض اما على ذراعه او على عضده او يجعل رأسه على يديه لكنه في الجملة مستلق على احد جانبيه الايمن او الايسر وقد تقول ربما كانت هذه الصفة لا يتيسر للاكل اذا كان على المائدة او السفرة ان يفعلها. لكنها قد تقع اذا كان الاكل غير مقصود يعني لم تكن وجبة لا غداء ولا عشاء ولا افطار. لكنه يأكل شيئا يسيرا. فربما كان على هذه الحال فانتبه الى ان الاتكاء بالسور الثلاث التي ذكرها ابن القيم رحمه الله محتملة لما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام اما انا فلا اكون متكئا فاذا ولو كان اكلك لقمة او كان حلوى تمضغها او كان شيئا يسيرا او تمرة فان ليست وجبة لكنك تأكل فتحاشى حفظك الله ان تكون على هذه الحال من هيئة الاتكاء. يقول رحمه الله تعالى والانواع الثلاثة من الاتكاء يعني كلها يشملها مسمى الاتكاء قال فمنها نوع يضر بالاكل وهو الاتكاء على الجنب. الصورة الثالثة قال يضروا بالاكل لما؟ قال فانه يمنع مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته ويعوقه عن سرعة نفوذه الى المعدة ويضغط المعدة فلا يستحكم فتحها للغذاء وايضا فانها تميل ولا تبقى منتصبة اي المعدة. فلا يصل الغذاء اليها بسهولة. وهذا كلام واضح تماما يفهمه من له علاقة بالطب ومن ليس له علاقة فان المرء اذا تمدد على جانبه ليست المعدة على حالها في الانتصاب والمريء والبلعوم وما ينتقل منه الطعام من الفم الى المعدة لن يكون على وضعه الطبيعي بل في حال الميلان سيكون هذا مضرا اي صحيا بالاكل. يقول رحمة الله عليه. واما النوعان الاخران يعني التربع او الاتكاء على وسادة او على شيء يجعله عن جانبيه. قال فمن جلوس ابرت المنافي للعبودية يقصد ان الاتكاء حال الطعام تحاشاه صلى الله عليه وسلم وقال في بعض الروايات انما اكل كما يأكل العبد اشارة منه عليه الصلاة والسلام الى ان الاتكاء انما هو فعل التكبر. المنافي للذل الملازم للعبودية وقال عليه الصلاة والسلام هذا المعنى ليحمل الامة على ان تكون في كل الاحوال ولو في حال الطعام ان تكون على اكمل الاحوال واعظمها واشملها اذا النهي عن الاتكاء حال الاكل هدي نبوي ويستثنى من ذلك ما دعت اليه الحاجة كان يكون الاكل مريضا او به علة ولا يستطيع الاعتماد على الجلوس كمرضى البواسير اجاركم الله مثلا. او في جانبه اصابة طاح فانكسر منه عظم او جرح او وكان مستلق على سرير في المستشفى وحاله لا يسمح بالجلوس وليس له الا ان يأكل متكئا او مستلقيا او متمددا ونحو ذلك فهذه الاحوال التي يحتاج فيها المسلم الى ان يتناول شيئا من هذا النهي النبوي فانه يرتفع فيه المؤاخذة وانما المقصود بالعزيمة حال حال الصحة والكمال وعدم الحاجة الى شيء من ذلك. فليوطن المرء نفسه على ان يكون في في اكله كما كان عليه الصلاة والسلام. وليس الباب ها هنا معقودا لبيان صفة جلسته عليه الصلاة والسلام في الاكل. فذاك باب ربما تمر بعض احاديثه وفيها هيئات كيف كان يجلس عليه الصلاة والسلام اذا كان يأكل وما صفة جلوسه لتنظر ان جلسة اجمعوا بين تحقيق الغرض من الاقبال على الطعام وايضا التقليل من الطعام وعدم الاستكثار والافراط فيه. وايضا التخفف في الجلسة لان جلسة المؤمن على طعامه ليست من الجلسات الطويلة الممتدة في حياته لان في حياته ما هو اهم. وقد كان عليه الصلاة والسلام يعطي ذلك المعنى العظيم. اذا فقول ابي جحيفة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اما انا فلا اكل متكئا هو كالاستدراك والتتمة لما تقدم في الباب ان اتكاءه عليه الصلاة والسلام قد رواه الصحابة في احوال مختلفة لكنه لا يشمل حال الاكل وتناول الطعام فانه عليه الصلاة والسلام ما كان ليأكل متكئا. نعم طيب قال باب ما جاء في اتكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم قبل قليل ان الفارق بين هذا الباب والذي قبله ان باب ما جاء في التكأة الذي فرغنا منه الان اراد به ما كان يتكئ عليه صلى الله عليه وسلم او الهيئة في جلوسه التي كان يتكئ فيها. اما الباب الاخر الذي نشرع فيه الان فيريد فيه اتكاءه عليه الصلاة والسلام حال المشي والقيام لا حال الجلوس. اذا احتاج الى ذلك. فقال باب ما جاء في اتكاء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واورد فيه حديث الفضل ابن عباس رضي الله عنهما قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه وعلى رأسه عصابة صفراء. فسلمت عليه فقال يا فضل قلت لبيك يا رسول الله. فقال اشدد بهذه العصابة رأسي. قال ففعلت ثم قعد فوضع كفه على منكبي ثم قام فدخل في المسجد وفي الحديث قصة الحديث ضعيف سندا وموضع الشاهد فيه قول الفضل فوضع كفه على منكبي ما الحامل له صلى الله عليه وسلم على ان يضع كفه على منكب الفضل فيخرج معه ليس الا هو الاتكاء والاعتماد عليه. لان حاله كان حال المرض عليه الصلاة والسلام المرض الذي توفي فيه. فكان يتكئ بوضع كفه منكب الفضل فيمشي معه لما خرج يريد المسجد وهي صفة اتكاء كما تعلمون. فان يجعل الماشي يده على عصا او وعلى كف كتف احد او منكبه فيمشي معه. او ان يجعل كلتا يديه على عاتق رجلين احدهما عن يمينه والاخر عن يساره وهي وهي اقوى ما يكون في صور الاتكاء لما يبلغ الضعف بالرجل قل اشد حالاته فلا يقوى على القيام. فيحمل بان يوضع ان توضع احدى يديه على عاتق رجل والاخرى على عاتق اخر فيحملانه فتكون فيكون وزن جسمه محمولا على الاكتاف فاكثر من حملها على قدميه هذه الصفة التي نقلها الفضل فيها اشارة الى ما اراد به الامام الترمذي رحمه الله في ترجمة الباب باب ما جاء في اتكاء رسول الله عليه الصلاة والسلام. يعني هو جواب عن سؤال. هل كان نبينا صلى الله عليه وسلم يمشي متكئا؟ او هل ثبت عنه انه مشى متكئا الجواب نعم ان ثبتت الرواية حديث الفضل هذا لا يصح لكن صح فيه حديث اخر. والامام الترمذي رحمه الله في اصل الكتاب الذي اختصر الشيخ الالباني في المختصر الذي بين ايدينا فانه اورد حديثا عن انس قبل حديث الفضل واختصره الالباني رحمه الله لكونه حديثا متقدما برقم تسعة واربعين وكما علمت في بداية مدارستنا لهذا الكتاب ان الشيخ الالباني رحمه الله لما اختصر الكتاب حذف منه المكرر اقتصارا واختصارا وربما تصرف في شيء من الرواية بمزيد بيان تصحيحا وتضعيفا. فكان مما تصرف فيه الامام الترمذي رحمه الله هو عدم اعادة لحديث انس مع انها شاهدة على الباب. وهي رواية اصح سندا من حديث الفضل هذا في حديث انس المتقدم كما قلت برقم التاسع والاربعين ان النبي صلى الله عليه وسلم كان شاكيا فخرج وهو يتكئ على اسامة بن زيد عليه ثوب قطري قد توشح به فصلى بهم مضى الحديث هذا في باب ما جاء في لباس رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكان موضع الشاهد فيه هناك في هذا الباب في ذلك الباب هو الحديث عن صفة الثوب بالذي كان يلبسه فيما نقل من رواية انس. وفي الحديث ايضا جملة هي شاهدة للباب الذي نحن فيه انه خرج متكئا على اسامة بن زيد طيب والحال انه كان شاكيا. فلك ان تستخرج اذا هذا الادب النبوي وهذا الهدي منه عليه الصلاة والسلام في مشيته والامر الاخر انه ما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم يعني لم يمشي متكئا الا لحاجته والحاجة هنا هي مرضه وشكايته عليه الصلاة والسلام التي ربما ما كان يقوى معها على الاستقلال على قدميه قائما ليمشي عليهما فاستعان على ذلك بالاتكاء على بعض اصحابه اذا هذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام مشيته متكئا بالاعتماد على بعض اصحابه وان ذلك انما كان لحاجة ولم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام انه اتخذ الاتكاء هديا متتابعا يمشي به بين الناس. او انه كلما خرج مع اصحابه جعل يده على احدهم او اعتمد على عاتق احدهم فظل يمشي ذاهبا واتيا انما فعله مرات معدودة وحال شكاية ومرض منه عليه الصلاة والسلام هنا لفتة اخرى لطيفة سواء في حديث انس او في حديث الفضل هذا لما احتاج عليه الصلاة والسلام الى ان يتكئ من اجل المشي والسبب كما سمعت شكايته ومرضه عليه الصلاة والسلام كان بالامكان ان يستعمل ان يستعمل في اتكائه عصا ويتكئ عليها وان يكون لها وان يكون له ايضا عليه الصلاة والسلام شيء يتخذه ليتكأ عليه حال المشي فلما يترك ذلك ويجعل يده على بعض اصحابه اسامة في ذلك الحديث والفضل في هذا الحديث فان فيه شيء من اللطف والحميمية والدفء في التعامل ما كان يشعر به الصحابة رضي الله عنهم مرة اخرى ساحتاج ان اقول لك تصور واستشعر وتخيل انك صاحب هذا الموقف وانك تكون بحضرته عليه الصلاة والسلام فيجعل يده عليك ليمشي بجوارك بالله اي شعور يغمرك واي معنى لا تستطيع ان تعبر عنه لما يختارك عليه الصلاة والسلام ليجعل يده عليك يمشي متكئا. فانك والله لوددت ان تفهم رشى له رموش عينيك ليمشي عليها. ولوددت والله انك تمدد ظهرك فيجعل خطواته علي لكنه المعنى العظيم الذي قد لا ينقل في الرواية. لكنه معنى عاشه الصحابة. فلا تعجب لا تعجب من عظيم حب ملأ قلوبهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام حتى كانوا يفدونه بارواحهم والدنيا وما يملكون اجمعين. هذا المعنى العظيم يراد منا ان نقف عليه من خلال هذه الروايات ان لنا نبيا عظيما كريما صلى الله عليه وسلم. رؤوفا رحيما حبيبا الى اصحابه ودودا الى قلوبهم رضي الله عنهم اجمعين. هذا المعنى العظيم والله قد لا يعبر عنه الصحابي فلا يشرح لك عظيم فرحته بهذا الحال التي وقف فيها النبي عليه الصلاة والسلام على منكبه او على عاتقه او جعل يديه على ظهره فمشى خلفه او بجانبه عليه الصلاة والسلام. قد لا تسعفه العبارة وقد لا ينقلها رضي الله عنه لكنك تثق تماما والله انه عاش لحظات هي احب اليه من كامل الاحوال التي بلغها في كثير من مواقف حياته لانه يشعر انه في مرحلة ومرتبة وخطوة بلغ به القرب من رسول الله عليه الصلاة والسلام ان يكون عونا له في مشيته ايه وان يكون متكئا له عليه الصلاة والسلام. وان المسلم اذا وجد مثل هذا الموقف لحظة من حياته والله ما ضره ان يفارق الدنيا بعدها قد مس جسد رسول الله عليه الصلاة والسلام جسده. وقد اتصل به والتصق به فجعل يده عليه واتكأ عليه ومشى الى جواره عليه الصلاة والسلام هذا المعنى العظيم هو معنى باطن كما قلت تأتيك في الروايات فتتأملها فتنظر عظيم ما كان يعيشه الصحابة رضي الله عنهم من القرب والحميمية ودفء المشاعر وشديد الصلة برسول الله عليه الصلاة والسلام حتى نقلوا ذلك المعنى العظيم والكم الكبير من الروايات التي بتحكي مختلف جوانب حياته صلى الله عليه وسلم. اذا حديث الفضل ابن عباس رضي الله عنهما فيه الاشارة الى ما استشهد به الامام الترمذي الله في ترجمته في باب ما جاء في اتكائه عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله باب ما جاء في عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا احد الابواب الكبيرة مقارنة بابواب الكتاب وفيها عدد ليس باليسير من الاحاديث والروايات حرص فيها الامام الترمذي على نقل باب عظيم من اهم الابواب في الشمائل المحمدية فيها صفة عيشه صلى الله عليه وسلم والمراد بالعيش ها هنا ما كان قوام حياته من مطعم ومشرب وما كان يعيش عليه في حياته صلى الله عليه وسلم مستعينا به على قضاء هذه الحياة التي عاش فيها ثلاثا وستين سنة عيشه صلى الله عليه وسلم الذي كان يشمل جوانب عظيمة متعددة كل جانب منها حري بالوقوف والتأمل وامعان النظر وفيها شيء من ضيق العيش تارات بل اكثر الاحوال وفيها الرخاء والشدة وفيها الحرب والسلم وفيها البرد والحر وفيها الصيف وفي الشتاء. وفيها العيش وحده ومع اسرته. وفيها العيش مع اصحابه. فيها العيش في السفر وفي الحضر كل تلك احوال نقلها الصحابة رضي الله عنهم ادق النقل واتمه واوفاه هذا الباب الكبير الذي سنقلب صفحات الرواية فيه رواية بعد رواية وكل رواية هي اعجب من اختها وهي اشد ايضا في باب من الابواب دلالة على معنى عظيم تقرب لك حياته عليه الصلاة والسلام اما نحن فانما نحرص على ان نستلهم كل معنى نجده في عيش رسول الله عليه الصلاة والسلام لسبب واحد انه الباب الكبير الذي يمكن احدنا ان يعيش في حياته عيشة رسول الله عليه الصلاة والسلام اليس هذا شعارا كبيرا طالما طالما رفعناه وتحدثنا عنه وتكلمنا به وحرصنا عليه ودعونا الله ان يرزقنا انا اياه الاقتداء بسنته عليه الصلاة والسلام والسير على منواله وان نحمل الخطى على هديه عليه الصلاة والسلام اذا دونك هذا الباب بامكانك ان تقتدي به في منامه واستيقاظه في دخوله وخروجه في معاملته لاهله واصحابه. في مشيته في ضحكته في قيامه في جلوسه. كل ذلك باب عظيم هذا الباب باب ما جاء في عيش رسول الله عليه الصلاة والسلام هو اخذ باطراف تلك الابواب ويجمع بينها الى حد كبير عيش الانسان هو باختصار حياته المصغرة عيش الانسان هي حالته التي كان يحيا بها بين الانام فلما يمتلئ وجدانك وقلبك وعقلك وفكرك بحاله وهيئته عليه الصلاة والسلام في باب العيش في الحياة فانك تقترب جدا من هذا الباب الكبير الذي هو الرغبة في صدق الاقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام. لانه بوسعك حينئذ ان تقلب اي جانب من الجوانب فتحمل نفسك على ان تخطو في طريقها خطوة وان تكون متشبها مقتديا مستنا برسول الله عليه الصلاة والسلام فيما يتيسر لك الاقتداء به وما يفتح الله به عليك. باب وما جاء في عيش رسول الله عليه الصلاة والسلام. باب مهم يحتاجه كل مسلم لانه يكشف لك ستارا طالما ظل ظل يغشي ابصار كثير من اتباعه عليه الصلاة والسلام فلم يعرف حقيقة عيشه عليه الصلاة والسلام. ولم يعرف انه عليه الصلاة والسلام فتحت له الدنيا بما فيها فاثر القلة والفقر وضيق العيش ليكون له الموفور الاعظم عند ربه عز وجل ولا يعلم كثير من المسلمين انه عليه الصلاة والسلام كان يعيش حياته اكثرها متقللا من الزاد من الطعام من اب ليس لانه يجد فيصوم ويترك بل لانه لم يجد في غالب الاحوال وهنا وقفة عجيبة ستقف معها في عدد من احاديث هذا الباب التي تخبرك انه عليه الصلاة والسلام كان قد تربع على عرش العظمة بشرية بينما كان في جانب العيش والحياة هو في انظار كثير من الناس اليوم هو في ادنى الدرجات. عيشة الفقراء والبسطاء عيشة اصحاب القلة في الحياة عيشة من لا يأبه بهم ولا ينظر اليهم ولا يكترث بحالهم عيشة من ينظر اليهم عامة الناس واوساط الناس فضلا عن الكبراء والاغنياء والاثرياء. ينظرون اليهم نظرة الازدراء والاحتقار وعدم المبالاة عيشة رسول الله عليه الصلاة والسلام كانت تحمل هذا الطابع التقلل من الدنيا الزهد عنها الاعراب هي رسائل تقول لك في عجالة انه عليه الصلاة والسلام ما التفت الى الدنيا قط لحظة من حياته. وانه عليه الصلاة والسلام ما كانت الدنيا في حياته الا جسرا ممرا ومعبرا ومثل هذا ليس من الحصافة ولا من العقل ولا من الرجاحة ان يظل المرء مشتغلا بجسر يعبر عليه او بممر يعبره لينتهي منه فما كان يلتفت عليه الصلاة والسلام. عيشه في طعامه عيشه في لباسه عيشه في بيته الذي يسكنه يثبت لك تلك الحقائق. اي بيت بناه عليه الصلاة والسلام وسكن فيه حجرات من لبنات من طين اي فراش كان ينام عليه صلى الله عليه وسلم الاسرة المرتفعة والوسائد الفاخرة والحف التي يغط فيها النائم في سبات عميق لا والله ما كان الا ادمن حشوه ليف ينام عليه ورب نام على حصير فاثر في جنبه عليه الصلاة والسلام. ماذا كانت المراكب التي يركبها ماذا كان اللباس الذي يلبسه اخرجت عائشة رضي الله عنها كساء وازارا ملبدين غليظين فقالت توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا فلم يكن لباسه ولا مسكنه ولا فراشه ولا طعامه لم يكن عيشه كله عليه الصلاة والسلام الا في اقل الدرجات التي تكفي المتبلغ في طريقه والمسافر والعابر الذي لا يبالي بما يأكل وما يلبس وما يركب وما يشرب لانها ليست منزلة التي ينوي الاستقرار فيها كان عليه الصلاة والسلام في باب عيشه في باب عيشه يرى الناظر في سيرته وسنته هذه المعاني العظيمة مجتمعا. اسمع الى هذه الرواية التي يرويها محمد ابن سيرين وهي اولى روايات الباب. عن محمد بن سيرين رحمة الله عليه قال كنا عند ابي هريرة رضي الله عنه وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط في احدهما فقال بخ بخ يتمخط ابو هريرة في الكتان لقد رأيتني واني لاخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجرة عائشة رضي الله عنها مغشية ان علي فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي. يرى النبي جنونا وما بجنون وما هو الا الجوع حديث ابي هريرة يصف موقفا وحالة عاشها رضي الله عنه. ابو هريرة تولى امرة المدينة وعاش بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام بل وبعد زمن الخلفاء الراشدين عيشة فيها قدر من سعة العيش فحكى رضي الله عنه غير ناس ابدا الاحوال التي عاشها مع رسول الله عليه الصلاة والسلام ابو هريرة رجل من فقراء الصحابة كان يسكن في المسجد حيث يجلس اصحاب الصفة فقراء الصحابة الذين لا يجدون مسكنا يؤويهم ولا طعاما ولا زوجات فكانوا يسكنون في الصفة وهي مؤخرة المسجد النبوي قوي ابو هريرة رضي الله عنه احد الفقراء ابو هريرة رضي الله عنه فقير من فقراء الصفة هو احد الذين ارتادوا مسجده عليه الصلاة والسلام مع عدم وجود بيت ولا طعام ولا شراب وكان فقراء اصحاب الصفة يتعايشون على ما يأتيهم من الصدقات وما يبعث به اليهم صلى الله عليه وسلم مما تقوى به حياتهم. بل كان ابو هريرة رضي الله عنه وهو الذي اسلم في السنة السابعة من الهجرة كان عريفا. اصحاب الصفة يعني كبيرهم والمسؤول عنهم والذي يتابع احوالهم فاذا يصف رضي الله عنه ما كان عليه. لكنه نقل هذا المعنى اثر موقف مر به. يقول ابن سيرين كنا عند ابي هريرة. وعليه بثوبان ممشقان من كتان. الممشقان يعني مصبوغان مخططان فيهما الوان من حمرة وغيرها. والكتان نوع من رفيع القماش ليس هو من الصوف الذي ربما كان في ادنى الدرجات. والمقصود ان ابا هريرة ارتدى لباسا رضي الله عنه ارتدى لباسا فيه من الغنى ما لم يكن عليه حاله من قبل ثوبان من كتان انظر ثوبان وليس ثوبا واحدا. وهذه اولى دلالات السعة في اللباس. ثم هما من كتان وليس من صوف ثم هما ممشقان يعني منمقان مزخرفان من فاخر انواع الثياب ثم قال فتمخط في احدهما. كانت عادة احدهم اذا احتاج الى مسح شيء من انفه اخذ بطرف ثوبه فمسح به ولم يكن حمل المناديل ولا الخراق شيئا متبعا لكنه يقول لما احتاج رضي الله عنه الى ان يمسح شيئا من انفه اخذ طرف ثوبه فمسح به انفه ثم تذكر لفوره رضي الله عنه حاله السابقة فقال بخن بخ بخ بخ كلمة تقال عند اثارة التعجب والرغبة في الوصف عن الحال التي يبلغ بها الانسان اعلى الدرجات من التعجب. يقول بخن بخ يعني ما الحال التي بلغها ابو هريرة؟ يقول يتمخط ابو هريرة في الكتان فتان قماش فاخر بيستعمله ابو هريرة ليمسح به طرف انفه. يقول يتمخض ابو هريرة في الكتان. لقد رأيتني واني لاخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجرة عائشة رضي الله عنها. ما المسافة بين المنبر والحجرة خطوات يقول لقد مرت بي ايام اتذكر كنت امشي فيها بين المنبر والحجرة يريد الانتقال مثلا الى رسول الله عليه الصلاة والسلام. او لانه عاكف في المسجد مقيم فيه فخطواته لا تخرج عن حدود المسجد. يقول قد رأيتني لقد رأيتني لاخر واني لاخر فيما بين المنبر والحجرة مغشيا علي. سقط مغمى عليه. قال فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يرى ان بجنونا وما بجنون انما هو الجوع يقول انه مرت به ايام. كان يسقط وهو رجل يسقط من طوله مغمى عليه من شدة الجوع والانهاك تعب لا يجد ما يأكله الان هذا باب ما جاء في عيش رسول الله عليه الصلاة والسلام. فما علاقته بعيش ابي هريرة ما علاقته الجواب انهم اصحاب الصفة عنه. فيما يحكيه من شدة حاله التي مر بها انما هي وصف لما كان يعيشه اهل الصفة وفي ذلك دليل على انه ان كان عليه الصلاة والسلام يجد من سعة العيش ووفرة الطعام والفضل الذي يمكن ان يفعل ليرسل به الى اصحاب الصفة مواساة لهم لفعل لكنه لما بلغ بابي هريرة رضي الله عنه وهو احد اصحاب الصفة لما بلغ به الامر ما بلغ كان ذلك دليلا على شدة وضيق في العيش كان يمر به عليه الصلاة والسلام والا لواساهم بما كان في بيته من طعام صلى الله عليه وسلم وبتأتيك الروايات الاتية لتزيدك افصاحا عن هذا المعنى الذي اشتملت عليه رواية ابي هريرة فاسمع الى الاحاديث الثلاثة الاتية. عن ما لك بن دينار ان قال ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز قط ولا لحم الا على ضفف. قال مالك سألت رجلا من اهل البادية ما الظفف قال ان يتناول مع الناس. يعني لم يكن يشبع من الخبز ولا من اللحم الا ان يكون عنده اضياف من عامة الناس. فيوضع طعام اكراما للظيوف فيتناول معهم فيجد في مثل ذلك المجلس من الطعام ما يمكن ان يشبع به عليه الصلاة والسلام. وعن سماك ابن حرب قال سمعت النعمان ابن بشير رضي الله عنه يقول الستم في طعام وشراب ان ما شئتم لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه والدقل رديء التمر وعن عائشة رضي الله عنها قالت ان كنا ال محمد نمكث شهرا ما نستوقد بنار ان هو الا التمر والماء سمعت رعاك الله حديث ما لك بن دينار وان كان مرسلا لكنه صحيح لانه سيأتي مسندا بعد قليل. من حديث انس يقول ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز قط خبز يا جماعة خبز بالله عليكم اخرجوا افقر افقر انسان في الدنيا اليوم الم يشبع من الخبز من خبز دون اي شيء اخر ما شبع من خبز قط ولا لحم الا على ضفاف ويقول النعمان الستم في طعام وشراب ما شئتم؟ لقد رأيت نبيكم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه. اليوم الصائم يفطر على افخر انواع التمر ما يملأ بطنه وزيادة افقر الفقراء يتناول من التمر من اجوده وافخره واطيبه ونبيكم صلى الله عليه وسلم ما كان يجد من الدقل وهو رديء التمر وما قد نخره السوس وما قد يأبى ان يأبى ان يكون له الانسان احيانا. حتى هذا ما كان يجد منه ملء بطنه عليه الصلاة والسلام الاعجب من ذلك ان تقول عائشة ان كنا ال محمد نمكث شهرا ما نستوقد بنار من فينا الفقير اليوم الذي تمضي ليلته ويومه ما اوقد نارا افقر فقير يوقد نارا ولو لصنع الشاي وبيت محمد عليه الصلاة والسلام اعظم بيوت الدنيا على الاطلاق. ليس يمضي الليل ولا الليلتين ولا الاسبوع ولا الاسبوعين. تقول نمكث شهر طن ما نستوقد بنار بالله عليكم اي بيت فقير من فقراء الدنيا اليوم يخلو يخلو من طعام صالح حل الطبخ شهرا متتابعا يا جماعة هذه عيشة رسولكم صلى الله عليه وسلم التقلل من الدنيا قد تعجب من حياة كهذه لكنها حياة اعظم البشر عليه الصلاة والسلام ثم يجد احدنا من ضيق العيش احيانا او كثرة الدين او قلة ما يجد في بيته فيظن انه ابأس اهل الدنيا على الاطلاق وانه اتعسهم وانه ابعدهم عن الرفاهة والنعمة. نبيك عليه الصلاة والسلام فيه اسوة حسنة لكل مؤمن لن يجد فقير اليوم من فقره وقلة حاله وشدة جوعه الا وله في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام اسوة. فلا النار التي توقد ولا الدقل الذي يملأ البطن ولا خبز الشعير ولا اللحم. واليوم نتقلب في الوان من النعم والطيبات. هذا كله والله يا اخوة يحملنا على شيئين الاول ان نشكر ونقدر نعمة ربنا حق قدرها. وان يعرف الانسان ان الله الذي اتاه سلب هذه النعم ممن هو خير منه بل واختار لنبيه عليه الصلاة والسلام اكمل الاحوال. ولنعلم ثانيا ان كرامة الله لعبده ليست بالظرورة فيما يرزقه هو من سعة المتاع والعيش وكثرة الطعام والشراب اكرم الله نبيه اعظم اكرام واختار له العيشة التي سمعت رأيت عاش عليه الصلاة والسلام وهو العظيم المكرم عند ربه عز وجل. بلغ المنزلة التي ما بلغها ملك مقرب ولا نبي مرسل. ثم انظر كيف اختار الله عز وجل له هذا النوع من العيشة لتعلم انه لا يغتر عبد بما فتح له من ابواب الدنيا وزهرتها وان اكرام العبد ان اكرام الله لعبده ليس بالضرورة يعني رضاه عنه. وان انفتاح ابواب الحياة وسعة العيش ليست ايضا علامة على انه قد بلغ عند رب ربه المنزلة التي يحب لكنها جهاد واجتهاد. يبلغ المؤمن من الحياة ما يبلغه الشاطئ الاخر. فان على ضفة نعبر الى الضفة الاخرى. قد تطول هذه المسافة ببعضنا وقد تقصر وعبور احدنا قد يستغرق ساعات او سنوات لكن في النهاية وصول الى المعبر الى الناحية الاخرى. وهذا الممر الذي نقضيه في حياتنا طال تبقى صورة انما هو بقدر ما يبلغنا هذه الحياة. وكان هؤلاء الجيل الاول وعلى رأسهم رسول الله عليه الصلاة والسلام اقل الناس لانهم اكثر الناس علما بحقيقة هذه الحياة فما رأوا ان يمكثوا فيها ولا ان يستكثروا من بنيانها وعمرانها ومتاعها ومطاعمها ومراكبها ومساكنها وعرفوا ان البقاء حقيقي هو الذي يستحق الالتفات. يقف عند هذا القدر لنستأنف في اسبوعنا المقبل. اسأل الله لي ولكم علما نافعا وعملا صالحا. ثم هي ليلة شريفة يندم لكم الاكثار فيها من الصلاة والسلام على نبينا صلى الله عليه وسلم. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا رب وسلم وبارك عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون. وارزقنا اللهم تعالى حبه والاقتداء بسنته. والاقتراف من هديه ومجالسته يوم نلقاك يا اكرم الاكرمين. ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين. واجعلنا للمتقين اماما. فرج اللهم همومنا وهموم عبادك المسلمين. وارحم امواتنا واموات المسلمين واشفي مرضانا ومرضى المسلمين. اللهم اجعل عاقبتنا في امرنا كلها رشدا. واجعل لامة الاسلام من كل هم ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم احينا مسلمين وتوفنا مسلمين. والحقنا اللهم لحين وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين