بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي اخرج لمرعى فجعله غثاء احوى احمد ربي تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام المباركون فهذا هو مجلسنا الخامس من مجالس شمائل المحمدية على صاحبها افضل الصلاة والسلام المجالس التي نتدارس فيها طرفا من شمائله اخلاقه وهيئته وصفاته واحواله اقواله وافعاله بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. هذه الليلة ليلة الجمعة التي استحب لنا الاكثار فيها من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم فلعل مجلسنا هذا ان يكون مليئا بالاكثار من الصلاة عليه فنحوز بذلك اجرا وشرفا وفخرا. بل نحوز بذلك حبا وشوقا الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فهل لكم في ساعة تخفق فيها القلوب حبا وتنبض شوقا لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم؟ وهلا افسحن في زحمة الحياة مساحة واسعة لاشرف حب واعظمه واطهره وانقاه حب الله وحب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فهلموا ايها المحبون لمجلس من مجالس الشمائل النبوية التي نستعرض فيها شأنه منها ومظهره ولباسه عليه الصلاة والسلام وطعامه وشرابه وسائر خواصه واقواله وافعاله. نحن وبذلك نستعرض شيئا يجلب لنا الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم. حيث يذكر الحبيب في مجالس النبوية تذكر اوصافه تذكر اخلاقه عليه الصلاة والسلام تذكر اقواله وافعاله يذكر هيئته ولباسه عامه وشرابه يذكر فيها طرف يقرب اليك منظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى لكأنك تراه. فهلم الى مجلس بساعة ترتوي فيه القلوب حبا بعد جفافها. وتترطب ايضا بعد قحطها من منابع السيرة النبوية والشمائل محمدية على صاحبها افضل الصلاة والسلام. هلموا الى صروح الايمان في قلوبنا نبنيها لبنة لبنة. فان الايمان بالله والايمان برسوله الله صلى الله عليه واله وسلم لبنات يرص بعضها فوق بعض وعرى الايمان يأخذ بعضها بزمام بعض حتى تنتظم في قلب كل مسلم ومسلمة صرحا كبيرا وبناءا شامخا يحرص المسلم والمسلمة دوما على الوصول اليه وتحقيقه في القلوب. ان صروح الايمان التي تتهاوى في قلوب بعض المسلمين. وتضعف امام تيارات الالحاد والزعزعة والشك والرية تارة في قلوب المؤمنين في امس الحاجة الى ان تجد من العناية والتشييد والتأييد والدعم ما يحتاج اليه كل مسلم ان يغرز في قلبه ركائز الايمان النبي صلى الله عليه واله وسلم عروة وثقى من عرى الايمان في قلب كل مسلم ومسلمة. ودراسة شمائله تروي هذه ركيزة وتدعمها وتؤسس بنيانها في قلوب المسلمين. ما احرانا بقول القائل وقد قال منشدا يخاطب فيه النبي صلى الله عليه ويعبر عن شوقه وحنين قلبه وفؤاده الى ان يرتوي حبا وشوقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صحيح ما رأيت النور من وجهك ولا يوما سمعت العذب من صوتك ولا يوما حملت السيف في ركبك ولا يوما تطاير من هنا غضبي كجمر نار ولا حاربت في احد ولا قاتلت في بدر صناديدا من الكفار ولا هاجرت في يوم ولا كنت من الانصار ولا يوما حملت الزاد والتقوى لباب الغار. ولكن يا نبي الله انا والله احببتك. لهيب الحب في قلبك الاعصار؟ نعم جئت هنا متأخرا جدا ولكن ليس لي حيلة. ولو كان قدوم المرء حين يشاء لكنت رجوت تعجيله وعندي دائما شيء من الحيرة فمن ساكون امام الصحب والخيرة؟ فما كنت انا انس الذي خدمك عمر الذي سندك ولا كنت ابا بكر وقد صدقك ولكنت عليا عندما حفظك ولا عثمان حين نراه قد صدق ولا كنت انا حمزة ولا عمرا ولا خالد. واسلامي انا قد نلته شرفا من الوالد. ولم اسمع بلالا لحظة التكبير ولا جسم شوى حي بصحراء بكل هجير. ولا حطمت اصناما ولا قاتلت في يوم جنود الكفر والتكفير ولا قطعت يدي في الحرب ولم يدخل هنا رمح الى صبري يشق القلب. ولا يوما رفعت الراية خفاقة. انا طفل فيك اخفاقه ولكن يا رسول الله انا نفسي لحبك يا رسول الله وحب الله تواقة. ان قلوب المسلمين وهي تحمل في دواخلها الحب الصادق لله سبحانه وتعالى. ولرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فانها معان عظيمة ومشاعر جديرة بالعناية والاهتمام. مر بنا في حديثهم بابنا بهذا وقد سأله الحسن بن علي بن ابي طالب عن شيء من حليتي وزينتي وصفة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وهو يذكر انه بذلك يطمع في شيء يشده الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطمع في شيء يغذي ذلك الايمان في قلبه فهو منهج عظيم يهتدي يعتني به المسلم في قلبه تجاه هذا المبدأ الكبير والايمان العظيم. وقف ابن الحديث في مجلسنا الجمعة الماضية عن ان تقسيم الشمائل التي تصف شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم تنقسم الى اقسام ثلاثة فمنها قسم هو يمكن الاقتداء فيه بالنبي عليه الصلاة والسلام مما رغبنا فيه الى الاكتساء به والاقتداء به. وقسم اخر انما يعنى بشيء من خصائصه عليه الصلاة والسلام وشيء مما يتعلق به. فما لا يمكن الاقتضاء به كاوصاف خلقته. فان جاءه في وصفه كما مر في دروسنا السابقة في صفة شعره وطوله ولون بشرته وشعره صلى الله عليه واله وسلم. مما ليس لاحدنا سبيل ولا حيلة الى ان اقتري فيها برسول الله عليه الصلاة والسلام لكن القسم الاخر والمتعلقة بما يمكن للاقتداء به فهو ايضا ينقسم الى قسمين. احدهما ما كان صابرا عن عادة كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها. ومن اعمال طبيعته وجبلته التي ما كان يقصد فيها وجها من وجوه التعبد او التقرب لله سبحانه وتعالى. والقسم الاخر ما رغبنا وحثنا وامرنا صلى الله عليه وسلم بفعله ثم ذلك شيئا مما يذكر في شمائله وهيئته عليه الصلاة والسلام. فما لم يأمرنا به كاطالة الشعر. فانه كان له شعر صلى الله عليه وسلم يضرب الى منكبيه كما مر في درسنا السابق. وله ايضا في اوصاف شيء من حليته وزينته وهيئته عليه الصلاة والسلام لكن القسم الاخر مما جاء في وصفه وقد ندبنا الى فعله وامرنا به كما جاء في وصفه صلى الله عليه وسلم انه كان كف اللحية وانه عظيم الشعر وتيرها عليه الصلاة والسلام وجاء ذلك ايضا مصاحبا لامره النبوي الكريم في اكثر من رواية وحديث نقله الصحابة الكرام رضي الله عنهم في الامر باعفاء اللحى واكرامها وتوفيرها وارخائها. كل ذلك جاء معضدا ونؤيدا ومساندا لما ثبت في وصفه الشريف الجميل الجليل صلى الله عليه واله وسلم انه كان كف شعر اللحية وقد وقف بنا الحديث في الدرس المنصرم عند هذه النقطة ثم سأل بعض الاخوة اسئلة رأيت ان اجمل الحديث عنها قبل ان نكتبها في درس الليلة في النقاط الاتية فيما يتعلق بلحية المصطفى صلى الله عليه وسلم. فانه كان وفير الشعر كثيره. وكانت لحيته كثيفة والصحابة كلهم على اختلاف رواياتهم في الحديث يصفون شعر لحيته صلى الله عليه وسلم بالوفرة والكثرة. مما يعني انه لم يكن يحلقها عليه الصلاة والسلام. ولا كان ايضا يخففها جدا فيأخذ منها بحيث لا يبقى منها الا القليل. فتعبير الصحابة لانه كان كف اللحية يشعرك بوفرة وكثرة في شعرها. وهو الذي يتفق مع امره صلى الله عليه وسلم بقوله وقوله ارخوا وقوله وفروا وقوله اعفوا في الفاظ وروايات متعددة جاء فيها امره صريح صلى الله عليه وسلم باعفاء اللحى وتوفيرها واكرامها وارخائها. وها هنا لن نناقش المسألة فقهيا قل ان من اهل العلم من قال بحمل هذه الاوامر على الوجوب فقال بوجوب اعفاء اللحى ومنهم من قال بانها سنة لا ترقى الى الوجوب هذا محل نقاشنا الان لكن الذي قلنا انه يجب ان يكون محل عناية عندنا جميعا معشر المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم انه لو لم لو لم يكن امر يأمرنا فيه صلى الله عليه وسلم باعفاء اللحى. ولم يحسنا ولا مرة ولا تكلم في ذلك الامر ولا بلفظة لكنه ثبت عندنا انه من هيئته صلى الله عليه وسلم وفرة اللحية. وانه جاء في وصفه على اختلاف الالسنة التي نقلت وصف جميل هيئته وطلعته انه كان كثير شعر اللحية. اقول لو لم يكن الا هذا القدر فقط في وصفه ولو لم يصحب ذلك امر صريح منه لا امر ايجاب ولا امر استحباب. فوالله الذي لا اله الا هو لا يملك محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان يأخذ نفسه بالتشبه به في اقل ما يقدر عليه التشبه به فيه. ولا يجد نفسه راغبة ابدا ان يسلك طريقا يخالف فيه هيئة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ويخالف فيه شكله ومنظره وهو وقادر على ان يكون شبيها به ولو في شيء من اوصافه. ان المحب يجد في قلبه دافعا الى ان يكون متشبها بمن يحب فضلا عن ان يكون مطيعا لامره ونهيه. المحب الصادق يتابع محبوبه ويسترق النظرات اليه ويحاول قول المحاكاة والتشبه به ليس في المنظر والهيئة بل حتى فيما دق وجل من الاوصاف. فانه يحاول قدر المستطاع ان شبيها له في مشيته في ضحكته في جلسته في اكلته في نومته في قعدته في مشيته. كل ذلك هو سماء محبين لمن يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ اما مر بنا اكثر من مرة مثال لكثير من مواقف الصحابة التي دفعهم فيها الحب على ان يتخذوا مواقف لا علاقة لها بامر ايجاب والاستحباب. ما الذي جعل انس رضي الله عنه يحب الدبان وهو يقتل يقول حضرت مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما قدم فيه دبا فرأيته صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من قول الصحفة يلتقطها التقاطا من جنبات الصحن. يقول انس رضي الله عنه فما زلت احب الدباء من يومئذ ما قال له النبي عليه الصلاة والسلام اني احبها ولا قال له كلها ولا جاء في فضل اكلها حديث ولا رواية لكني اقول هي مشاعر والمحب الذي رأى من حبيبه صلى الله عليه وسلم موقفا فعرف انه يمكن ان يفعل مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يملك نفسه ان يتأخر بل المسألة اعظم من ذلك. انك ان تحب طعاما او لا تحب. وتشتهيه وتتذوقه او لا يكون هذا غالبا يرجع الى اختلاف الاذواق واختلاف الطباع واختلاف ما تحبه انت وما احبه انا وهذا يتفاوت فيه الناس جميعا. فان انس رضي الله عنه في مرتبة حبه وتعلقه برسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجعل مذاق طعمي في فمه لمذاق الطعم في فم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهذا شيء عجيب والله يا اخوة. لكنك لن تتعجب اذا عرفت اذا عرفت انها مواقف الدين الصادقين لرسول الله صلى الله عليه وسلم. يسأل ابن عمر رضي الله عنهما عن صبغ شعره ولحيته بالصفرة باللون الاصفر فما كان له جواب الا ان يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها وانا احب ان اصبغ بها. كان القوم ليس لهم فيما يعملونه في شؤونهم وما يطبقونه في حياتهم وما يمارسونه في كل امورهم ما كان لهم جواب الا انهم يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيحملهم حبهم هذا على ان يكونوا مثله. في الصغير والكبير من الامور في والجليل وهكذا كانت حياتهم كلها. اذا استيقظ احدهم صبحا ثم انخرط في امور حياته بكرة وعشيا وذهب اتى وخرج ودخل وقام وقعد فانه في كل شؤون حياته في بيته وفي المسجد وفي السوق وفي الشارع مع الاصدقاء ومع الجيران مع الزوجة ومع الاولاد هم في كل امورهم قد وطنوا انفسهم الا يكون لهم قول ولا فعل ولا صمت ولا هيئة ولا هدي ولا قول ولا شيء من التصرفات الا يحاولون فيها تنزيلها على ما حفظوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما تعلموه من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاذا جئت بامر كامر اللحى فانك لن تجد في سورة واحد من الصحابة رضي الله عنهم اطلاقا ان انه كان يحبطها او يبالغ في الاخذ منها وتقصيرها الى الحد الذي هو اقرب الى الحلق منها الى الاعفاء. اطلاقا. واقرأ في اوصاف الخلفاء ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة رضي الله عنهم اجمعين انك تقرأ في اوصافهم انه كان عظيم شعر اللحية كان كثيفها كانت ترى من خلفه من عرضها وطولها. بل حتى سمت الانبياء عليهم السلام. فان موسى قد قال لهارون وهو يعاتبه فقال هارون مجيبا لاخيه موسى قال يا ابن امة لا تأكل بلحيتي ولا برأسي. فانها صمت الانبياء وهدي المرسلين. عليهم افضل الصلاة والسلام عندما ينظر المرء المحب لنبيه صلى الله عليه وسلم. الى المسألة من هذه الزاوية فلن تحتاج ان تقول له هي واجب او سنة هب انها سنة وليست بواجب. افيتنازل المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ان يقدم شيئا من رغبته هو وهواه وذوقه وشيء مما الفه واعتاده او ما كان في عرف الناس الفاسد ايرضى المحب الصادق ان يقدم شيئا كم من ذلك على ما ثبت عنده من امر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هيئته من سنته لم تتفقه جوابا من محب الا ان يكون حبه اعظم دليل على ان ما يفعله في حياته هو شاهد صدق على حبه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وعندئذ ستجد نفسك في امر اللحية وغيرها. منطلقا على خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم ثم هب رعاك الله انه قدر لك ان تجتمع به. في دنياك هذه بان رأيته في المنام. في موقف يجمع بينك وبينه اتيته فسلمت عليه او جلست اليه او حدثته او حدثك او كانت في الاخرة اذا جمعك الله به في الجنة وورثت حوضه عنده عليه الصلاة والسلام. افلا افلا فكرت لحظة ان يكون لك من شأنك وسمتك وهيئتك وعنايتك بتطبيق ما يشهد لك ما يشهد لك بحضرته انك محب متبع مطيع صادق متمسك حذو القذة في كل شئونه وسننه واحواله واخباره وهيئاته عليه الصلاة والسلام هي لحظة يحتاج فيها المحب ان يراجع نفسه وان يؤكد على قلبه صدق المحبة في قلبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ليست المسألة بصوت ولا عصا بها العباد ويوبخون فيها بموقفهم من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم. لكننا ما زلنا نقول هي شجرة الحب في قلوب المسلمين اذا اعتني بسقايتها وغرسها ورعايتها ستؤتي ثمارها. ولن تكون ثمار المحبة في قلوب المحبين الا صادقا واتباعا صادقا وتضحية صادقة واستمساكا صادقا بما يتعلق بسنن المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. ما زلنا ايها الاحبة في حديثهم في ابن ابي هالة. وهو من اشرف الاحاديث واجمعها واطيبها لفظا واصدقها وصفا واكثرها تنوعا في وصف النبي صلى الله عليه وسلم. ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في الدرس المنصرم هو ابن زوجته خديجة رضي الله عنها. وقد وصف النبي عليه الصلاة والسلام بجملة من الاوصاف. تقدم قطعة منها في الدرس المنصرم وها نحن ما جاء في بعد تلك الاوصاف. ابدأ من اول الحديث ليربط الصادق باللاحق. بسم الله الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين صلاة واتم التسليم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال عن الحسن عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال سألت خالي هند ابي هالة وكان وصافا عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم. وانا اشتهي ان يصف لي منه شيئا اتعلق به. وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر اطول من المربوع واقصر من المصدق عظيم الهامة رجل الشعر ان انطرقت عقيقته فرقها والا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه اذا ووفرة. اظهر اللون وافتح الجبين. ازج الحواجب سوابغ في غير قرن. بينهما عرق يدر بالغضب. اقمت علمي ومن لم يتأمله اشم. كف اللحية مثلج الاسنان. دقيق فكأن عنقه يجيب دنيا في صفاء الفضة معتدل الخلق بادل متماسك. سواء البطن والصدر عريض بعيد ما بين المنكبين ضخم الكرابيس انور المتجرد ووصول ما بينهم ان يرى المتجرد ان يرى موصول ما بين اللدة والسكرة بشعر يجري كالخط. عاري الثدي. عاري الثديان والبطن. مما سوى ذلك اقشع الذراعين والمنكبين واعالي الصدر. طويل الزندين رحب الراحة شكل والقدمين سائل الاطراف او قال سائل الاطراف. قمصان الاخمصي مفتوح القدمين ينبو عنهما الماء. اذا زال رسالة قاطعة اذا مشى كأنما ينحط من صدق واذا التفت جميعا السلام الى ها هنا انتهت القطعة التي ساقها الامام الترمذي رحمه الله تعالى في اصل كتابه مائل ووزع باقي مواضع الحديث على المواطن الاخرى التي سيق فيها جوانب من وصفه عليه الصلاة والسلام. وكان ذلك ومتعلقا بامور متعددة. فجاء الامام الالباني رحمه الله في هذا المختصر فجمع تلك القطع المتفرقة في الابواب وساقها مساقا واحدا نعم قال فقلت قال فقلت خذ لي منطق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الان الحسن يسأل خاله هند ابن ابي هالة لما انتهى من تلك الاوصاف والجمل والعبارات ووصف فيه حلية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وزينته وجمال خلقته اوساط متعلقة بكل ما يتعلق بمنظره عليه الصلاة والسلام قال له الحسن سائلا صف لي منطقا. رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني كلامه ونطقه وعباراته وما الذي يتعلق بهذا الباب؟ نعم. قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافق الاحزاب متواصل الاحزان دائم الفكرة ليس له راحة طويل السكت لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختمه باسم الله تعالى. ويتكلم بجوامع الكلم. كلامه فصل. تقطيع ليس بالجف ولا المهين لا يذم منها شيئا. ظد انه غطى النحو قوة يذم ذواقا وقد تظلمه الدنيا لغضبه شيء حتى ينتصر له. ولا يغضب ولا ينتصر لها. اذا اشار اشقر بكفه كلها. واذا تعجب قلبها قلبها. واذا تعجب واذا تحدث اتصل بها وضرب براحته اليمنى بطن ابهامه اليسرى. واذا غضب وعاشقه واذا فرح غض طرفه. جل ضحكه التبسط. يضطر مثل حب الغمام. طيب. هذه قطعة اخرى في وصف نبي صلى الله عليه وسلم الواصف هو هند ابن ابي هالة ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ابن زوجته اذا هو قريب جدا من رسول الله عليه الصلاة والسلام. وكان وصافا يعني يحسن الوصف. تلتقط عينه ما لا يلتقط غيره ويحسن التعبير عن الاوصاف والاماكن التي يريد وصفها ايضا بما لا يحسن غيره. يصف الان منطق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الواصف واما الموصوف له وهو السائل فهو الحسن ابن علي. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن بنته فاطمة. وريحانته رضي الله عنه وسيد شباب اهل الجنة كما وصفه النبي عليه الصلاة والسلام. فقال له هند يصف منطق رسول صلى الله عليه وسلم بالعبارات التالية. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان دائم الفكرة ليست له راحة طويل لا يتغلب لا يتكلم في غير حاجة يفتتح الكلام ويختمه باسم الله تعالى ويتكلم بجوامع الكلم كلامه فصل لا تضون ولا تقصير. في ثلاث عبارات وصف يمكن ان يصف به الرجل كلام النبي عليه الصلاة والسلام. قال كان متواصل الاحزان دائم الفكرة ليست له راحة هذه العبارات الثلاث تشعرك بانسان قد ملأ الهم قلبه. وبالتالي اتصل حزنه. والمقصود بالحزن هو الشعور الذي يحمل صاحبه على ان تكون بهجته في الدنيا يسيرة. وفرحته ايضا في الدنيا عابرة. فاي حزن ايها الاحبة ملأ قلب حبيبكم صلى الله عليه وسلم. اي هم اي هم كان يغشى قلب نبيكم صلى الله عليه وسلم الى الحد الذي جعل الناظر اليه يراه متواصل الاحزان. انه ليس الا هم كبير عاش حياته كلها صلى الله عليه وسلم. انه هم هذا الدين. هم الرسالة والتبليغ. وان شئت فقل الهم الذي ملأ قلبه حتى جعله متواصل الاحزان هو همي انا وانت ابي وابوك وجدي وجدك. اي والله فانه عليه الصلاة والسلام انما حمل هم امته في الدنيا وفي الاخرة. اما في الدنيا فجعله يبذل كل ما وسعته نفسه من وقت وجهد ومال وراحة بدن وكل ما يتعلق بشخصه بذله عليه الصلاة والسلام من اجل امته من اجل الا تلقي بانفسها في التهلكة من اجل ان يحجزها عن النار وعن جهنم ووقودها الى جنة عرضها السماوات والارض ولا يزال عليه الصلاة والسلام حاملا هم امته الى يوم القيامة وهو يقول امتي امتي. حين تكون الخلائق في موقف الفزع وحين يقول الانبياء وهم الانبياء عليهم السلام نفسي نفسي. وهو يقول عليه الصلاة والسلام امتي امتي. الحزن الذي ملأ قلبه هو هم هذا الدين. فكان متواصل الاحزان. دائم الفكرة فمن يراه يعرف يعرف ان فكره منشغل عليه الصلاة والسلام. وليس المقصود ها هنا بمتواصل الاحزان ذلك الكئيب المصدوم بمصيبة الذي لا اتيت اليه رأيته من شدة الصدمة يعيش في ذهول وغفلة وسهو لا يكاد يرد لك سؤالا ولا يجيب عنك خطابا ليس هذا المقصود فما كان الحزن المتواصل هو شعور صدمة يعيشها صاحب المصيبة. ولذلك قال كان متواصل الاحزان دائم الفكرة رجل تراه في الظاهر مع فكر منشغل في الباطن ليست له راحة. وهو الذي قلت لكم قبل قليل انه بذل عليه الصلاة والسلام كلما وسعته نفسه بدل من وقته وجهده. اما الوقت فسيأتيكم الحديث عنه كيف قسم وقته يومه وليلته الصلاة والسلام بين نفسه واهله وامته. لكنه مع ذلك عليه الصلاة والسلام ما كان يدخر وسعا في شيء يتعلق بهداية امتي وتبليغها دين الله عز وجل الا بذلها عليه الصلاة والسلام. مثل هذا الكلام لما يقرأه المسلم في شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم يحرك في قلبه كل مشاعر الوفاء لنبي بذل من اجله واجل امته كل ما يملك صلى الله عليه وسلم لنبي ارتضى لنفسه ان يعيش حياته في الدنيا دائم الفكرة متواصل الاحزان عظيم الهم من اجل امته عليه الصلاة والسلام فاقل منازل الوفاء للمحبين الصادقين لنبيهم صلى الله عليه وسلم هو حب صادق تمتلئ به قلوبهم وكثرة صلاة وسلام عليه تلتهج به السنتهم هو اتباع صادق لسنته صلى الله عليه وسلم. انك ان اردت ان وفيا عبد الله. واذا ارادت المسلمة ان تكون وفية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. في موقف من الوفاء اقل ما يمكن ان يبذله المسلم والمسلمة مع النبي عليه الصلاة والسلام لن يجد شيئا اقل من الانطلاق حبا وشوقا وطاعة واتباعا واستمساك بهديه وسنته صلى الله عليه وسلم. وكل ذلك متوقف على التعرف على سيرته. وعلى دراسة شمائله وعلى التعرف على اخباره واحواله. فعدنا الى الركيزة الاساس. ان ينطلق احدنا منطلق صدق في تعرفه وتتبعه واقتفاءه وبحثه وتفتيشه عن سنن حبيبه صلى الله عليه وسلم. ان يتعرف مواضع خطاه يتسنى له ان يضع خطوته على ذاتها يتعرف على المواقع التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يتأتاها. والاخرى التي كان يتجنبها ويأباها ينزل نفسه تلك المنازل. كان عليه الصلاة والسلام متواصل الاحزان. دائم الفكرة ليست له راحة. طويل السكت يعني كان قليل الكلام. ولم يكن ذلك يعني انه كان لا يكاد يجد المتحدث عنده حديثا لكنه فسر رضي الله انه سكوته الطويل صلى الله عليه وسلم فقال لا يتكلم في غير حاجة. هو التطبيق العملي الذي كان يرشد فيه الامة بقوله امسك عليك لسانك. ولما كان يقول لمعاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم؟ او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم. كان عليه الصلاة والسلام في هديه الفعلي قليل الكلام. طويل السقوط. لا يتكلم في غير حاجة. يفتتح السلامة ويختمه باسم الله تعالى. وفي رواية ونسخة اخرى في الشمائل كان يفتتح الكلام ويختمه باشداقه ورواية الطبراني ومعنى يختمه باشباقه الشدقان طرف الفم. وهو وصف يؤكد الوصف الذي مر بنا في الجلسة الماضية وانه كان عليه الصلاة والسلام ظليع الفم. ظليع الفم فسر بمعنيين. احدهما الفصاحة والبلاغة وحلو الكلام الاخر اتساع الفم خلقة وكلاهما وصف جمال احدهما في وصف منطقه وكلامه والاخر في وصف خلقة فمه عليه الصلاة والسلام فاذا قال يفتتح الكلام ويختمه باشداقه يشير الى اتساع فمه صلى الله عليه وسلم. واذا حملت على الرواية الاولى فانه يفتتح الكلام ويختمه باسم الله تعالى يريد بذلك صلى الله عليه وسلم ان يكون كثير الذكر لربه ملتمس البركة بذكر اسمه تعالى قال رضي الله عنه ويتكلم بجوامع الكلم كلامه فصل لا فضول ولا تقصير. جواب الكلم الكلمات والعبارات ذات الالفاظ القليلة والمعاني الواسعة الغزيرة. وسننه صلى الله عليه وسلم القولية واحاديثه التي رويت في كتب الجوامع والمسانيد والموطئات والسنن وكل رواية السنن عنه صلى الله وسلم تشهد لهذا المعنى البديع. اوتي جوامع الكلم. اختصر له الكلام اختصارا صلى الله عليه وسلم. فكان يتكلم بالعبارات ذات الالفاظ المعدودة. الجملة في الكلمتين والثلاث الكلمات لكنها تحمل من المعاني ما لا منتهى له. يقول عليه الصلاة والسلام كما في حديث الصحيحين انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. جملة في كل جملة كلمتان ثلاثة لكنها تحوي الدين كله. ولما زاد اهل العلم الى اليوم يرون ان مثل حديث انما الاعمال بالنيات تؤسس عليه الشريعة كلها بوصولها وفروعها وبكل ابوابها. فالاعمال كلها تبنى على النيات في شرحه يفيض الفقهاء في تفسيره كيده والتبثير له. يقول عليه الصلاة والسلام الدين النصيحة. قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة مسلمين وعامتهم. يقول عليه الصلاة والسلام انما ادرك الناس ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستحي فاصنع ما شئت في جمل وجيزة تحمل من المعاني ما لا منتهى له. ولا تزال احاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى العظيم. فكان الكلام على الفاظه ييسر لمن يريد حفظه ان يحفظه. ثم يفتح الباب للمتأمل في معانيه واستنباط احكامه. والوقوف على بداياته واوجه الاعجاز والبلاغة فيه ما يعجز عنه ارباب اللغة منذ ذلك اليوم والى اليوم على جمعه واحصائه عنده من منتهى الطرف الى الطرف. قال كلامه فصل لا فضول ولا تقصير. كلامه فصل واضح محدد. يوصل الى مراده من الجواب ويعطي للمجاليس له عليه الصلاة والسلام ما يحتاج اليه من الخطاب. ومع ذلك فلا فضول ولا تقصير ليس كلامه مقصرا يحتاج الى استفهام ولا زائد يحصل فيه التكرار والاعادة المملة التي يجد فيها السامع استكثارا الاكتفاء من كلامه عليه الصلاة والسلام. ايها الاحبة كلام نبيكم صلى الله عليه وسلم مع اصحابه كان على انحاء ان يصعد المنبر فيخطب الناس. ومنها ان يجلس معهم مجلسا معتادا في المسجد ونحوه. فيتحدث بحديثهم يجيب ويناقش متحدثهم ومنها ما ان يسأل عليه الصلاة والسلام عن فتوى فيجيب. وفي ذلك كله هو موصوف صلى الله عليه وسلم انما بجوامع الكلم باختصار العبارات ليس الاختصار بمعنى الاخلال بالمعنى ولا المعنى الذي يحتاج فيه السائل الى ان يفهم وان يعيد السؤال مرة اخرى لكنه يعطي السائل حقه حتى يفهم عنه مراده وينصرف وقد وعى ما طلب منه النبي صلى الله عليه واله وسلم. اذا انظر معي وصف حاله بكثرة الفكرة يطول الصمت وحسن الكلام المختصر المفيد متأتي لكل سامع منه ما يريد منه عليه الصلاة والسلام. ثم قال ليس بالجافي ولا المهين. دنس ليس بالجافي ولا المهيب. والمقصود بالدماسة هنا لين الخلق في سهولة. لما يقال فلان دمث الاخلاق فانه وصف يشعر بلين الاخلاق وسهولة التعامل وقرب التناول من كل احد فكان لين الخلق والمقصود بلين الخلق انه يسهل التعامل معه من كل احد. فالكبير والعظيم والمرأة والصغير. والعبد والحر والسيد وكل الناس على اختلاف اصنافهم يجد اللين في التعامل معه عليه الصلاة والسلام. بخلاف بعضنا ربما كان قريبا من اناس دون اناس. بعضنا يكون لينا الخلق مع من يعرف لكنه صلب مع من لا يعرف. فاذا جلس مع اقربائه او اسرته او اصدقائه او رأيت منه الابتسامة وحلو العبارة والاخذ والعطاء واللينة والسهولة. واذا جلس مع اخرين لا يعرفهم ولا يعرفونه. لا يكاد يرد الجواب ولا يكاد يتكلم فاذا سئل اجاب بكلمتين فيهما من الجفاف وفيهما ايضا من الشدة ما يشعر به المتكلم معه انه لا يرغب في الاستمرار معه في الحديث فينصرف عنه ويتركه. كان عليه الصلاة والسلام يلقاه الاعرابي القادم من البادية. ويلقاه صاحبه الذي اسلم معه منذ سنوات ويلقاه الرجل صاحب المسألة ويلقاه المهموم صاحب الهم والاخر المكروب من مصيبته. فالجميع يجدون عنده قدرا كن واسعا من الحديث معه والجلوس معه والتعامل معه. بل الامة وهي امة. وجارية سوداء تأتي الى المسجد فتأخذ بيده صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت. يقضي حاجتها. هي ما جاءت اليه الا تريد عنده غرضا وحاجة. ولما جاء اليه لم يقل لها انه مشغول وقد كان مشغولا عليه الصلاة والسلام. ما قال لها تأتيني في وقت اخر. ما اعتذر عليه الصلاة والسلام ما قال لها لست فارغا لك. لم يقل لابي بكر اذهب وقم معها وانظر ماذا تريد. ولا طلب من عمر ولا من عبد احمد ابن عوف ولا من ابي عبيدة ولا من احد من الصحابة. وقد كان اي واحد منهم قادرا وكفيلا ان يؤدي لها حاجته. لكنه عليه الصلاة والسلام كان لين الخلق سهلا مع الكل. فلما تأتي الامة وهي امة فهي في مقام التعامل عنده وان حاجتها تماما كابي بكر صاحبه وخليله عليه الصلاة والسلام. هذا القدر من التعامل يا اخوة ما يتحمله الا اصحاب بالنفوس الكبيرة واصحاب الاخلاق الواسعة والصدور الفسيحة جدا. لان الناس ليسوا سواء وانت ربما تجد في مع الحليم غير ما تجده مع الاحمق الغضبان. وانت تجد ايضا مع الصغير غير الذي تجده مع الكبير. ومع الذكي فطن غير الذي تجده مع البليد الذي يحتاج الى كثرة عبارة وتأن معه في التعامل واستعمال متردد لكن النبي عليه الصلاة والسلام كان الجميع كذلك كان يجد كل متعامل معه حاجته عنده عليه الصلاة والسلام. فلما تأتيه الامة وهي امة ما كان يستكثر صلى الله عليه وسلم ان يرد لها حاجتها ولا ردها ولا طلب من احد من اصحابه ان يقوم عنها بدوره. لقد ورث الصحابة رضي الله عنهم مثل هذا امر بعده عليه الصلاة والسلام يتولى ابو بكر رضي الله عنه الخلافة فيكون الشأن الذي يطرقه ان يتفقد احوال الرعية بين البيوت ليجد امرأة فقيرة واخرى محتاجة. وثالثة عمياء في طرف المدينة يأتي اليها كل مساء. فينظف بيته ويطبخ طعامها وينصرف رضي الله عنه. وعمر قد شده الموقف وظل يتابع. فلما خرج ابو بكر من الدار دخل على المرأة فسألها ماذا يفعل هذا الرجل عندك؟ ولم تعرف انه ابو بكر ولا تدري انه امير المؤمنين وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت ادري والله هذا يتعاهدني يأتيني بين كل ليلة وليلة فينظف داري ويطبخ طعامي ويغسل لباسي وينصرف. جزاه الله خيرا. فتقع في في موطن موطنها في قلب عمر فيقول اعورة ابي بكر تتبع؟ تبا لك؟ يعني هل تريد ان تجد ثغرة وسقطة من رجل كابي بكر والان سل نفسك من اين تعلم ابو بكر رضي الله عنه مثل هذا المبدأ الكبير في الحياة. انه من رسول الله صلى الله عليه فهل يمكن لي انا وانت ان نتعلم مثل هذا المبدأ في الحياة؟ فنكون بين ايدي الناس اصحاب دماسة ولين خلق يجد الجميع منا قدره وحاجته في التعامل مع كل الناس. عمر رضي الله عنه يرث المبدأ ذاته في حياته فيكون رضي الله عنه في خلافته كذلك لم يزل ايضا يتفقد الدور في لم يتم من ليالي خلافته رضي الله عنه. فيأتي الى باب الى باب يسمع فيه صوت صبية فيطرق الباب واذا بامرأة واطفال صغار يبكون حولها فقال ما بال الصبية؟ فقالت هؤلاء صبية يبكون لا جزى الله عمر خيرا. فقال وما شأن عمر رحمك الله؟ قالت يتولى امر المسلمين وما يدري عنا يتولى امرنا ويتولى الخلافة ولا يتفقد شأننا ولا يدري عن حاجتنا. فحملها في نفسه عمر. وقال انتظريني ساعة. فيخرج رضي الله عنه فيقول لمولاه احمل معي من كأس الطعام من كيس الطعام كذا ومن الزيت ومن الدقيق فيحمله فيجهزه فيأتي مولاه ليحمله يقول لا والله ما احمله الا انا على ظهري. فيقول دعه لي يا امير المؤمنين تحمل الكيس والجراب الطعام على ظهرك وانت خليفة. قال دعك من هذا ان تتحمل عني العذاب يوم القيامة. فيحمله على ظهره ويأتيه دار المرأة. فيدخل بيتها وينزل الكيس عن ظهره ثم يشعل النار ويتعاهد القدر ويطبخ لهم الطعام ولا ينصرف حتى يرى الصغار بعينيه يأكلون ويشبعون ويضحكون وينامون تبعا فينصرف ثم يتعاهدها بين الحين والحين يأتيها بطعام تجد فيه حاجته. من اين تعلم عمر هذا المبدأ رضي الله عنه؟ انه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا وانت اذ نقرأ في الشمائل هذا الامر من شأنه وهديه وسنته صلى الله عليه وسلم والله انما المراد منا ان نتعلم مثل هذا المبدأ. كل الناس كانوا يأتون لرسول الله عليه الصلاة والسلام. الرجل يتخاصم مع زوجته ويأتي اليه رجل يظاهر من زوجته يأتي اليه. والاخر يختصم مع جاره يأتي اليه. عمر وابو بكر يحصل بينهما شيء من الخصومة فيحضران اليه صلى الله عليه وسلم الفقير ما يجد شيئا من الجوع والفقر والجهد يأتي اليه صلى الله عليه وسلم فيقول يا رسول الله ويشكو اليه الشدة والجهد والفقر والعوز فيقول هل عندك من شيء؟ فيقول يا رسول الله ما عندي الا قدح وحمص. هي حيلته من الدنيا كأس يشرب فيه وقطعا من القماش يجلس عليها وينام عليها فيقول فاتني بهما ثم يبيعهما صلى الله عليه وسلم على الصحابة بدرهمين فيعطيه الدرهمين ويأمره بان يشتري باحدهما فأسا وبالاخر حبلا ويحتفظ بهما ويستغني بهما عن سؤال الناس. اريد ان اقول ان الفقير لما وجد الجوع في بطنه اتجه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والرجل لما تخاصم مع زوجته ذهب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والاعرابي الذي يأتي من البادية يسأل اين محمد صلى الله عليه وسلم. والمسلم الذي يتعلم الاسلام يأتي اليه صلى الله عليه وسلم. والسائل عن حاجة في نفسه يأتي اليه صلى الله عليه وسلم والصحابة لما ينصرف احدهم الى داره وقد فارق مجلسه ثم جدد الشوق في قلبه الحنين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ايضا يأتي اليه ويحكي له شوق عينيه الى رؤيته مجددا صلى الله عليه وسلم فبالله عليه كان يقبل من ويرد من كان يعطي فرصة من الوقت ومتسعا لمن ويدع من؟ كان يعيش هم امة لا رجل ولا امرأة لا صغير ولا كبير لا حر ولا عبد. ما حكى احدهم يوما ما انه اتى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانصرف عنه معتذرا او قال انا مشغول او قال لست متفرغا لك. وقد كان في حياته من الهم ما لو وزع علينا جميعا لكفانا والله وقد كان في حياته صلى الله عليه وسلم من الشغل الشاغل ما لو وزع علينا جميعا لملأ اوقاتنا لكنه عليه الصلاة والسلام كان يوطن نفسه ويعلم امته على انه من عاش من عاش لامته فعليه ان يحيا كبير النفس كبير الخلق واسع الصدر وبالتالي سيجد في وقته متسعا وبركة وعونا من الله جل جلاله لان يكون في عون اخوانه عون من يحتاجه من عباد الله المؤمنين المؤمنات. والله يا اخوة لم يزل من لم يزل خلفاء الانبياء والرسل من اهل العلم والدعاة الى الله اصحاب شغل كثير واوقات مزدحمة واعباء متتابعة. ولم يشكو احد منهم يوما ما ان الشغل والهم الذي يحمله ولا الاعباء التي تختلف وقته انها حرمته من دنياه او صرفته عن اهل بيته او ما وجد لها فرصة في الحياة. لكنها البركة تحل يعيش المسلم شأن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته. دمث ليس بالجافي ولا المهين. ليس بالشديد الصلب ولا المهين محتقر بين الناس كان احترامه عليه الصلاة والسلام ليس تكبرا. ولم يكن ايضا مبتدلا بين ايدي الناس. يعظم النعمة وان قد يعظمها يعترف فيها بحق الله سبحانه وتعالى. فيشكره. وان بقت وان كانت دقيقة صغيرة. ولو تمرة ولو كسرة من خبز يعظموا النعمة. تعظيم النعمة ان يعرف قدرها. ان يشكر الله عليها. الا يشعر يوما ما انه محروم وبين يديه قدر من النعمة ولو كان دقيقا. فما بال بعضنا اليوم؟ اذا ضاقت الدنيا في يده رأى نفسه سيء الحال. وقارن نفسه من ارباب السعة والغنى واتساع الاحوال فرأى نفسه محروما اكبر الله اشهد ان حي حي حي الله اكبر اكبر لا اله الا الله ثم قال رضي الله عنه في اخر وصفه في هذا المقطع يعظم النعمة وان دقت لا يذم منها شيئا غير انه لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه صلى الله عليه وسلم في التعامل مع النعم بعلومها والطعام على وجه الخصوص لا يذم منها شيئا. لا يذم ومن النعم شيئا غير انه لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه. كل طعام له ذوق. كان عليه الصلاة والسلام لا يمدح ولا يذم. لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه. اما انه لا يذم فلتعظيم النعمة واحترامها لكن لماذا لا يمدح؟ لم لا يمدح عليه الصلاة والسلام؟ جاء في وصف اخر ان اشتهاه اكله والا تركه. ان وطاب له عليه الصلاة والسلام تناوله فاكله. وان لم يعجبه تركه. انا اقول نفهم عدم الذم احترام للنعمة وتعظيما. لكن لماذا لا يمدح؟ لامر واحد وهو ان همته صلى الله عليه وسلم اعظم من ان تقف عند طعام وتشتغل به مدحا او ثما كان تعامله مع الطعام انه زاد يتقوى به على عبادة الله. واليوم اصبحنا خيرا ما نشغل انفسنا بطيب الطعام فنتحدث به. وصرنا نعرف ان تلك الاكلة وذلك النوع من الطعام محبوب الينا ونتواصى به ونتكلم عنه. ان المرء اذا انشغل بامر ما اخذ عليه وقتا من فكره وعبارته وحديثه مع الناس لكن الصحابة لم يكونوا يحفظون عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يتحدث عن طعام اعجبه وجلس يتحدث فيه عن لذته وطيب مذاقه في لم يكن يذم ذواقا ولا يمدحه. ولا تغضبه الدنيا ولا مكان لها. فما كانت الدنيا لا بطعامها ولا بزخرفها ولا ولا حظوظها ما كانت تغضبه. ترك بيته مهاجرا في مكة عليه الصلاة والسلام. حتى اذا جاء يوم الفتح وقد الله واقر عينه بفتح مكة فيسأله السائل اتنزل غدا في دارك بمكة يا رسول الله؟ وكان الصحابة يتوجسون هل هذا ان يترك المدينة فيعود الى موطنه بمكة وان يترك داره واصحابه وانصاره فيقول عليه الصلاة والسلام بالجواب الذي ما وقف عنده لحظة وهل ترك لنا عقيل من رباع او دور؟ عقيل ابن ابي طالب ابن عمه. يقول هل ترك لنا عقيل؟ يقول انا لما هاجرت اخذها ابناء متنا فاخذوا بيوتنا وانتهوا منها. ما جاء يبحث عن بيته ولا عن داره ولا فكر فيه يوما. كل ما قاله وهل ترك لنا عقيل من رباع او دون هو انصرف عليه الصلاة والسلام. ولا يعرف الصحابة يوما ما ان قضية من قضايا الدنيا في مال او عقار او لباس او ثوب او طعام او بعير او شاة او فرس انها كانت سببا من اجله اختصم النبي عليه الصلاة والسلام او حمل في قلبه او تكلم بعبارة شعروا منها في غضب تالله كم غضبنا لدنيانا يا اخوة لاموال وبيوت وعقارات واقل ما في ذلك سياراتنا اذا صدمت او احتكت او اختصمنا يغضب احدنا ويحزن ويشتد مع اخوته فتكون بيننا الالسنة الحادة والعبارات الجافية والتقاضي في المحاكم لست اقول لا يجوز لمسلم ان يبحث عن حقه. لكن فرق بين ان تبحث عن حقك لتحصله وبين ان يكون سببا لغضبك يملأ عليك قلبك ويشغلك حتى عن طاعة الله فتأتي الى صلاته وبالك مهموم بالسيارة التي صدمت. وبالمال الذي فقدت وبالسرقة التي ابتليت بها لم يكن عليه الصلاة والسلام تغضبه الدنيا ولا ما كان لها. فاذا تعدي الحق لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له. انما كان يغضب للدين عليه الصلاة والسلام لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها. اذا اشار بكفه اذا اشار اشار بكفه كلها. هذا وصف لاشارته فكان كفه بالاشارة يستخدم كفه كله اذا اشار الى جهة او ناحية اشار بالكف كلها لا باصبع ولا بجزء من يده. واذا تعجب قلبها اذا تحدث حديثا يشير فيه الى تعجبه قلب كفه ظاهرا وباطنا فيفهم الصحابة ان اسلوبه اسلوب تعجب عليه الصلاة والسلام واذا تحدث اتصل بها يعني انه يستخدم في حديثه لغة الاشارة فاذا تكلم لا تزال اشارته بيده مصحوبة بكلامه واليوم اصحاب فنون الالقاء والخطابة والتأثير يثبتون ويؤكدون ان الرجل اذا تكلم والناس يتابعون ويسمعون فكلما كان اكثر استعمالا للعبارات مرفوقة باشارات كانت اوقع في النفوس. قال وضرب براحته اليمنى بطن ابهابه اليسرى يضرب بطن الراحة اليمنى وهو من الداخل بطن ابهامه اليسرى عند حديثه ليشير الى كلام او وصف يستخدم كلتا يديه عليه الصلاة والسلام. اذا غضب اعرض واشاح يعرف الغضب بان يكف عن من امامه ويعرض عنه ويشيح بوجهه. فكان هذا منتهى التعبير عن الغضب. لاحظ ليس الشتم ولا الشطط ولا رفع الصوت ولا الخصام ولا الانتهار اعرض واشاح. واذا فرح غض طرفه فكس رأسه وغض طرفه عليه الصلاة والسلام الا ترى معي انه حال متزن؟ الممتلئ قارا وهيبة فلا في غضبه اشتق ولا في فرحه ايضا عليه الصلاة والسلام. جل ضحكه التبسم. اذا ضحك لم يكن يتجاوز حتى التبسم. يفتر عن مثله بحب الغمام ينفتح فمه وتنفرج شتاتيه