مكث نبينا صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة في مكة يدعو الى الله سرا في بداية الامر ثم جهر وهذا من الحكمة في الدعوة انه بدأ بالدعوة السرية. لكي يستكثر من الاتباع ويكون قاعدة معه ثم بعد ان تكون معه جملة من السابقين الى الاسلام على رأسهم ابو بكر الصديق رضي الله عنه جهر بالدعوة بعد ان دخل فيها عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وحمزة ابن عبد المطلب فخرجا صفين يطوفان بالبيت يتحديان قريش. فكانت مدة الفترة المكية ثلاث عشر ثم اذن له صلى الله عليه وسلم بالهجرة الى المدينة فهاجر الى المدينة وبقي فيها عشر سنين هذا مجمل حياة نبينا صلى الله عليه وسلم. قال المصنف نبأ باقرأ وارسل بالمدثر. نبأ باقرأ لان النبوة حصلت بنزول الوحي عليه. فحصلت النبوة فقيل له يا ايها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر. الايات كما سيشرحها المصنف. نعم. نبئ باقرأ نعم. نبئ بي اقرأ. اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق. اقرأ وربك الاكرم. الذي علم بالقلم. علم الانسان ما لم يعلم فكانت هذه الايات اذان بنبوته صلى الله عليه وسلم. ثم ارسل بالمدثر اي بعث الى الناس وطولب بدعوتهم الى الدخول في دين الله في ايات المدثر التي تلوناها ينبغي ان نعرف ما الفرق بين النبي والرسول؟ ما الفرق بين النبي والرسول؟ للعلماء في هذا ثلاثة اقوال قال بعضهم النبي من اوحي اليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه. والرسول من اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه. وهذا فرق واضح. النبي من اوحي اليه بشرع وامر ولم يؤمر بتبليغه. والرسول من اوحي اليه بشرع وامر بتبليغه ويعني يأتي على هذا التفريق في الحقيقة آآ استدراك مهم وهو كيف يوحى الى النبي بشرع ولا يؤمر بتبليغه. ما فائدة ذلك اذا؟ فقيل قول اخر في التفريق بين النبي والرسول قيل ان النبي ان الرسول من اوحي اليه بشرع جديد وامر بتبليغه والنبي من اوحي اليه بشرع نبي قبله قبله ولم وامر بتجديده. اعيد مرة اخرى هذا الفرق الثاني قيل ان الرسول من اوحي اليه بشرع جديد وامر بتبليغه. والنبي من اوحي اليه بشرع رسول قبله وامر بتجديده. كذا يا عبد المجيد اي ان الرسول يوحى اليه بشريعة جديدة كموسى وعيسى ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه. واما النبي فهو يأتي تبعا للرسول السابق اذا درس العلم واحتاج الناس الى الحكم بينهم في قضاياهم فيبعث الله لكي يجدد من درس من رسالة الذي الرسول الذي قبله. ويمثلون لذلك بانبياء بني اسرائيل كيوشع بالنون ومن يسمونهم في كتبهم ارنيا وحزقيال آآ غيرهم من انبياء بني اسرائيل المذكورين في كتبه. هذا الفرق او هذا التفريق الثاني. ولكن هذا التفريق عليه استدراك. وذلك ان الله سمى يوسف عليه السلام رسولا. في كتابه مع انه لم يوحى اليه شرع جديد. فان مؤمن ال فرعون قد قال لقومه ولقد جاءكم يوسف من قبل بينات. فما زلتم في شك مما جاءكم به. حتى اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا. اذا قد كان يوسف عليه السلام رسولا. مع انه لم يوحى اليه شرع جديد بل كان يعمل بشريعة ابيه وجده كوب واسحاق وابراهيم. طيب نأتي الى التفريق الثالث ولعله ارجح هذه اه اه التفريقات وهو ان يقال ان الرسول من بعث الى قوم مخالفين لدعوتهم. وان النبي من بعث الى قوم موافقين لتعليمهم في القضاء بينهم. مرة اخرى يقال الرسول من بعث الى قوم مخالفين. لدعوة سواء كان ذلك بشرع قديم او بشرع جديد. وان النبي من بعث الى قوم موافقين يعني مؤمنين لكن لتعليمهم والقضاء بينهم. فهذا في الحقيقة لعله اسلم التعريفات وهو الذي اختاره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه النبوات. طيب. المهم ان نبينا صلى الله عليه وسلم نبئ باقرأ وارسل بالمدثر. قال رحمه الله وبلده مكة وقد عرفنا بها فهي ام القرى من الفضائل ما لا يخفى يكفي انها تظم المسجد الحرام الذي صلاة فيه بي مائة الف صلاة فيما عداهم من المساجد. قال وهاجر الى المدينة هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة بعد ان مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس بكل ما وسع من انواع الدعوة لكنها دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي احسن. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في هذه الفترة المكية من العنت والمشقة الشيء العظيم. الشيء العظيم حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم ارفاقا باصحابه دعاهم الى الخروج الى الحبشة لكي يأمنوا على انفسهم وعلى دينهم فخرج الى الحبشة من خرج في هجرتين معروفتين. وبقي نبينا صلى الله صلى الله عليه وسلم يدعو اهل مكة ويصبر منهم على الاذى حتى كان يلقى منهم الاذى العظيم. سألته عائشة رضي الله عنها يوما فقالت يا رسول الله ما اشد ما لقيت من قومك فقال اني اتيت بني عبدي يا لي ثلاثة اخوة من وجهاء قريش فدعوتهم الى الاسلام. فقال احدهم اما وجد الله احدا غيرك حتى يرسله؟ وقال الثاني هو يمزق استار الكعبة ان كان الله ارسلك. يعني يحكي عن نفسه. منتهى السخرية والازدراء بالنبي صلى الله عليه وسلم اما الثالث فوجب وقال ان كان الله قد ارسلك فلا انت اعظم في عيني من ان ارد عليك. وان كان الله لم يرسلك فلا انت احقر في عين من ان ارد عليك ثم قام وتركه. وهو وهذا ما يسمى عند العلماء بكفر الاعراب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت اهيموا على وجهي من الهم والغم حتى بلغت قرن الثعالب. وقرن الثعالب موضع في المزدلفة ليس هو قرن المنازل الميقات المعروف. قرن الثعالب. قال فاذا انا بجبريل عليه السلام فسلم علي فرددت عليه السلام. فقال يا محمد هذا ملك الجبال فسلم عليه ملك الجبال وقال ان شئت اطبقت عليهم الاخشبين ما الاخشبان الجبلان المحيطان بمكة. جبل ابي قبيس وجبل قعيقعة. فملك الجبال يعرض على نبينا صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف المتأزم الذي يشعر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالهم والغم والغيب الشديد. لهذه الاهانة وهذا الرد بدينه يعرض عليه ان يطبق عليهم الاخشبين. فقال بابي هو وامي صلى الله عليه وسلم بل استأني بهم لعل الله ان يخرج من اصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا. بالمؤمنين رؤوف رحيم. فكان ما تمنى النبي صلى الله الله عليه وسلم. ثم انه صلى الله عليه وسلم كان لا يدخر وسعا في عرض دعوته. فكان يخرج الى الموسم كل سنة ولا يخفاكم ان العرب منذ زمن ابراهيم يحجون البيت على شركهم. فكان يخرج الى الموسم ويعرض نفسه على القبائل وكان يلحقه عمه ابو لهب ويقول هذا مجنوننا هذا مجنون قريش ينفرهم ويحذرهم منه حتى لقي النبي لقي النبي صلى الله عليه وسلم نفرا من الاوس والخزرج فعرظ عليهم دعوته. فقبلوا ورغبوا ورحبوا وواعدوه الموسم القادم. كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول الا رجل يحملني الى قومه حتى ابلغ كلام ربي فان قريشا منعوني ان ابلغ كلام ربي عز وجل. حتى ظفر بهؤلاء الفتية من الاوس والخزرج. فلما كان في السنة التي تليها جاؤوا وكانت عدتهم سبعون. فواعدوا النبي صلى الله عليه وسلم في العقبة. وبايعوه بيعة العقبة فان الشيطان صرخ. وقال يا معشر الناس هذا محمد والصبات قد خرجوا عليكم اقبل هؤلاء الفتية من الاوس والخزرج وقال ابو مالك ابن التيهان رضي الله عنه لنبينا صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لو امرتنا غدا ان نميل على اهل في منى باسيافنا يعني لفعلنا. فقال انا لم نؤمر بعد. ثم انفضوا وصار الصحابة من من الاوس والخزرج من الانصار يتحدثون ويقولون هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة خائفا وعرظوا عليه ان ينتقل وان يهاجر اليهم. فكان ينتظر الاذن من الله تعالى. حتى اذن الله تعالى له بالهجرة كما سيأتي. قال المصنف رحمه الله بعثه الله بالنذارة عن الشرك. النذارة هي الاعلام المصحوب بالتخويف. ولا شك ان الرسل مبشرين ومنذرين. فالله تعالى بعث نبيه بالنذارة عن الشرك فقد كان يقول لهم انا النذير العريان. النذير العريان عند العرب في الجاهلية هو الذي يأتي محذرا القوم حتى يشقوا ثيابه ويتعرى. ليشعرهم بالجد. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول انا النذير العريان. لو اخبرتكم ان خيلا فهذا الجبل اكنتم مصدقين؟ قالوا ما جربنا عليك كذبا. قال فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. هذا امتثال لامر الله عز وجل في قوله وانذر عشيرتك الاقربين. فقام على الصفا وانذر عشيرته وعم وخص. يا معشر قريش يا عباس يا عباس بن عبدالمطلب يا صفية عمة رسول الله يا فاطمة بنت رسول الله لا اغني عنكم من الله شيء. اذا بعثه الله بالنذارة عن الشرك ويدعو الى التوحيد. اذا الدعوة الى التوحيد بشارة في مقابل النذارة لان الدعوة الى التوحيد يحصل بها البشرى والانس واجتماع القلب والهم على عبادة الله الواحد القهار. والدليل قوله تعالى يا ايها المدثر. المدثر يعني المتدثر بهذه الاغطية التي اردت ان تسكن بها. قم فانذر وهذه القيام قيام امر له بالقيام حسا ومعنى. القيام من رقدته وضجعته والقيام بامر الدعوة ايضا. وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز تهجر. ولا تمنن تستكثر لربك فاصبر. فسر المصنف رحمه الله هذه المفردات فقال ومعنى قم فانذر عن الشرك ويدعو الى التوحيد. لانها لان هاتين ايها الاخوة ويا ايتها الاخوات قضيتان متلازمتان لا يمكن ان يتحقق توحيد الا بالبراءة من الشرك. فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله. لابد منه ما معنا قال وربك فكبر. اي عظمه بالتوحيد. اي والله. اعظم ما عظم الله تعالى به التوحيد ولذلك كان افضل الكلام لا اله الا الله. خير ما قلت انا والنبيون قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له. قال وثيابك فطهر. فسر الشيخ رحمه الله الثياب ها هنا بالاعمال. وهذا احد التفسيرين وثيابك فطهر اي طهر اعمالك من الشرك. وانما سمى الثياب وانما سمت الاعمال ثيابا ملابستها للانسان. واستدل العلماء ايضا بهذه الاية على اشتراط طهارة الثوب من النجس والدنس في باب الطهارة والفقه ولا مانع من حمل الاية على على المعنيين. يعني على الطهارة المعنوية من الشرك وعلى الطهارة حسية من النجاسات. قال ولا شك ان المعنى بالطهارة المعنوية اقرب للسياق هو المقام في سياق هذه الايات لكن لا يمنع ان يحتمل المعنى الخاص. قال والرجز فاهجر ما الرجز؟ الرجز هي الاصنام اجتنبوا الردز من الرتس من الاوثان واجتنبوا قول الزور. فهي الاصنام. فاهجر بما يحصل هجرها؟ هجرها اي بتركها والتخلي عنها والبراءة منها. وكذلك ايضا هجر اهلها وهم المشركون والبراءة منهم. منهم والتخلي عنهم. فان هذا من اصول الايمان كما قال الله عز وجل قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا. حتى تؤمنوا بالله وحده. هكذا هكذا التوحيد. هكذا الايمان فيصل بين الحق والباطل بين الشرك والتوحيد