بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. سئل شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية رضي الله ما تقول السادة العلماء وائمة الدين وفقهم الله لطاعته في من يقول لا يستغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم هل يحرم عليه هذا القول؟ وهل هو كفر ام ام لا وان استدل بايات من كتاب الله واحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ينفعه دليله ام لا؟ واذا قام الدليل من الكتاب والسنة فما يجب على من يخالفه وذلك افتونا مأجورين الجواب الحمد لله. قد ثبت بالسنة المستفيضة بل المتواترة. واتفاق الامة نبينا صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع وانه يشفع في الخلائق يوم القيامة وان الناس يستشفعون به يطلبون منه ان يشفع لهم الى ربهم وانه يشفع لهم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا السؤال عن قول من يقول لا يستغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم ما حكم هذا القول وهل قائله يكفر؟ وهل هناك ما يدل على هذا القول؟ وما الواجب على من قام لديه الدليل من الكتاب والسنة في هذه المسألة وغيرها هذه مسائل كلها تدور على حكم هذا القول وما يتصل به من ادلة واحكام وما يترتب على هذا القوم من احكام افتتح المؤلف رحمه الله الجواب على هذا السؤال بحمد الله تعالى ثم قال قد ثبت بالسنة المستفيضة بل المتواترة واتفاق الامة ان نبينا الشافع المشفع وانه يشفع في الخلائق يوم القيامة الى اخر ما قال وهو يشير بهذا الى الشفاعة العظمى التي خص الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم. وهذه الشفاعة الشفاعة العظمى التي يشفع فيها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ندى الله جل وعلا وعند الله سبحانه وتعالى ان يقضي بين الناس لا خلاف بين اهل الاسلام في اثباتها. فلم يخالف في اثبات هذا النوع من الشفاعة احد من الفرق بل هذه شفاعة ثابتة وادلتها ظاهرة في كتاب الله تعالى وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد اتفق عليها اهل الاسلام. ولذلك قلت قد ثبت بالسنة المستفيضة بل المتواترة واتفاق الامة ان نبينا صلى الله عليه وسلم الشافعي المشفع. الشافع يعني الذي يطلب الشفاعة والمشفع الذي يعطى وانه يشفع في الخلائق هذا بسط بيان لهذه الشفاعة انه يشفع في الخلائق يوم القيامة في الخلائق اي في الفصل بينهم والقضاء وفي راحتهم من هول الموقف وشدته عنائه. وان الناس يستشفعون به اي يطلبون منه ان يشفع عند رب العالمين يطلبون منه ان يشفع لهم الى ربهم وانه يشفع لهم. وهذا النوع من الشفاعة متفق عليه. بعد ذلك انتقل المؤلف رحمه الله الى النوع الثاني من الشفاعة. المؤلف رحمه الله قدم في الجواب على هذا السؤال هذا التقديم وهو ذكر ما يتعلق بالشفاعة لان الشفاعة نوع اغاثة نوع اغاثة لو قال قائل ما داخل ما ذكره المؤلف رحمه الله من الشفاعة في ما سئل عنه من الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وقول القائل لا يستغاث برسول الله فالجواب ان يقال ان الشفاعة نوع اغاثة لان الشفاعة هي التوسط في جلب الخير او دفع الضر. ولا شك ان الضر متفاوت منه ما هو شديد منه ما هو نازل منه ما هو متوقع والشفاعة التي تكون في ارض المحشر في فصل القضاء شفاعة في امر نزل بالناس بلغ بهم من الشدة والضيق والكرب والهول مبلغا عظيما فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيهم وطلبهم الشفاعة منه هو من نوع الاستغاثة التي تجوز وهي ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم وليست استغاثة شركية. فالمؤلف قدم بهذه المقدمة كالتمهيد الجواب وسيأتي التفصيل فيما يجوز وما لا يجوز من الاستغاثة نعم بعد هذا قال ثم اتفق اهل السنة ثم اتفق اهل السنة والجماعة انه يشفع في اهل الكبائر وانه لا يخلد في النار من اهل التوحيد احد واما الخوارج والمعتزلة فانكروا شفاعته لاهل الكبائر ولم ينكروا شفاعته للمؤمنين وهؤلاء مبتدعة ظلال وفي تكفيرهم نزاع وتفصيل. واما من انكر ما ثبت والاجماع فهو كافر بعد قيام الحجة سواء سمى هذا المعنى استغاثة او لم يسمه واما من اقر بشفاعته وانكر ما كان الصحابة يفعلونه من التوسل به والاستشفاع به كما رواه البخاري في صحيحه عن انس ان عمر بن الخطاب كان اذا قحط استسقى بالعباس ابن عبدالمطلب وقال اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا فتسقينا وانا نتوسل اليك نبينا فاسقنا فيسقون وفي سنن ابي داود وغيره ان اعرابيا قال للنبي صلى الله عليه وسلم جهدت الانفس وجاع قالوا هلك المال فادعوا الله لنا فانا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك. فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف ذلك في وجوه اصحابه وقال ويحك ان الله لا يستشفع به على احد من خلقه شأن الله اعظم من ذلك. وذكر تمام الحديث فانكر صلى الله عليه وسلم قوله نستشفع بالله عليك ولم ينكر قوله نستشفع بالله على اه بل اقره عليه فعلم جوازه. فمن انكر هذا فهو ضال مخطئ مبتدع. وفي تكفيره نزاع وتفصيل طيب يقول المؤلف رحمه الله ثم اتفق اهل السنة والجماعة انه يشفع في اهل الكبائر هذا ايضا في صلة المقدمة للجواب وانه ويستشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم في امور ومنها ما ثبت انه يشفع صلى الله عليه وسلم في اهل الكبائر من اهل التوحيد الذين استحقوا النار بذنوبهم او دخلوا النار بذنوبهم فيشفع في اهل الكبائر يقول وانه لا يخلد في النار من اهل التوحيد احد. وهذا النوع من الشفاعة ثابت بالكتاب والسنة واجماع سلف الامة ولم يخالف فيه الا اهل البدعة من الخوارج والمعتزلة. والا فان الادلة دالة متظافرة على اثبات هذا النوع من الشفاعة. للنبي صلى الله عليه وسلم يقول رحمه الله واما الخوارج والمعتزلة يعني مخالفون لاهل السنة فانكروا شفاعته لاهل الكبائر لم يثبتوها عطلوا النصوص الواردة في ذلك. قال ولم ينكروا شفاعته للمؤمنين. اي في رفع درجاتهم. ودخولهم الجنة لكنهم انكروا شفاعته لاهل الكبائر في اخراجهم من النار وتخفيف العذاب عنهم. وهؤلاء اي الخوارج والمعتزلة مبتدعة ظلال وفي تكفيرهم نزاع وتفصيل مبتدعة وظلال هذان وصفان قد لا يكونان متلازمين قد يكون الظال غير مبتدئ لكنه خارج عن الحق لان الظال هو الذاهب عن الشيء. واما المبتدع فهو المحدث الذي اخترع قولا او عملا لم يكن عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم او قوله يقول رحمه الله وفي تكفيرهم نزاعا وتفصيل لما كان المؤلف رحمه الله ليس شأنه في هذا الجواب بيان حكم المعتزلة والخوارج او حكم اقوالهم وانما ساق هذا مساق التقدمة وبيان ما يستغاث به ومما لا يستغاث به قال وفي تكفيرهم نزاع وتفصيل فمن اهل العلم من كفرهم ومن اهل العلم من لم يكفرهم والمسألة فيها تفصيل وبسط لا يحتمل هذا الجواب المختصر ثم قال رحمه الله واما من انكر ما ثبت بالتواتر والاجماع فهو كافر بعد قيام الحجة هذا كالجواب على اشكال كيف يقع نزاع وتفصيل بتكفير من انكر شيئا مما جاءت به النصوص واتفق عليه سلف الامة قال واما من انكر ما ثبت بالتواتر والاجماع فهو كافر بعد قيام الحجة اذا التكفير لا بد فيه من اقامة الحجة ولكن الذي يكفر به الانسان هو انكار ما النصوص عليه وما اجمع عليه سلف الامة فاذا انكر مثل هذا توافرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع فانه يحكم بكفره. يقول وسواء سمى هذا المعنى استغاثة او لم يسمه يعني لا فرق في الحكم بين التسمية اذا انكر ما دلت عليه النصوص من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف ومن شفاعته لاهل الكبائر فانه بعد قيام الحجة يكفر. ولا فرق في هذا ان يقول ان ذلك استغاثة او لا لان العبرة بالمعاني واثبات ما اثبته الله واثبات ما اثبته رسوله فان التسمية فيها نوع اتساع اذا يقول المؤلف رحمه الله من انكر هذا النوع بعد قيام الحجة عليه فانه كافر سواء سمى هذا استغاثة او لا وهذا كالتفصيل والبسط للحكم في قوله لا يستغاث برسول الله. كأنه يقول ان هذه الجملة فيها اجمال. ما مقصوده بقول لا يستغاث برسول الله. ان كان يقصد بهذا القول انه لا يشفع في اهل الموقف هو يقصد بذلك نفي الشفاعة عنه صلى الله عليه وسلم لاهل الكبائر وقامت عليه الحجة بالبيان وانتفت عنه الموانع فانه يكفر بذلك هذا حكم بيان للحال التي يكفر بها او شيء من الحالة التي يكفر بها من قال لا يستغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول واما من بشفاعته وانكر ما كان الصحابة يفعلونه من التوسل به والاستشفاء. كما روى البخاري في صحيح عن انس ان عمر بن الخطاب قال كان اذا قحطوا اي انقطع عنهم المطر استسقى بالعباس ابن عبد المطلب وقال اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا فتسقينا وانا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا وايضا بما ثبت من قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم واقرار النبي صلى الله عليه وسلم له في قوله نستشفع بك على الله. وهذا نوع استغاثة نوع استغاثة جاءت تسميته بانه طلب شفاعة فهذا النوع من انكره يقول المؤلف رحمه الله فمن انكر هذا فهو ظال مخطئ مبتدئ وفي تكفيره نزاع وتفصيل من انكر هذا النوع من الاستغاثة فهو ظال وقال مخطئ مبتدئ اي محدث في الدين ما ليس منه وفي تكفيره نزاع وتفصيل ولم يجزم رحمه الله بالحكم عليه كما جزم في القسم الاول لان المسألة تحتاج الى شيء من البسط في الحكم على الاقوال والقائلين. وهذا يدل على انه ينبغي الا يطلق ولا يتسرع الانسان في الحكم بالكفر على الاشياء على الاقوال والاعمال ما لم تكن هناك حجة واضحة تواتر واجماع على ما انكر من قول او فعل مع قيام الحجة فعند ذلك يحكم بالكفر ما عداها فانه ينبغي ان يستبصر وان يستفصل وان ينظر في الشروط وينظر في انتفاع الموانع حتى ينزل الحكم على الاقوال او الحكم على الافعال ثم من بعدها ينزل ذلك على الاشخاص. فالحكم على الاقوال والافعال يحتاج الى العلم بايش؟ حكم على الاقوال والافعال انها كفر او لا يحتاج الى ايش يحتاج الى العلم بالشرع وهل هذا مأخذه واضح؟ دليله بين ثم اذا تبين ان القول او الفعل كفر يبقى المرحلة الثانية وهي تنزيل هذا الحكم على القائل والفاعل وهذا يحتاج الى النظر في حال الرجل او حال الفاعل هل قامت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع او لا فلابد من الاستبصار في هذا الامر والحديث الذي ذكر المؤلف رحمه الله يقول في سنن ابي داود وغيره ان اعرابيا قال هذا الحديث اخرجه ابو داوود وغيره من طريق جبير ابن محمد ابن جبير ابن مطعم عن ابيه عن جده ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جهدت الانفس وجاء العيال وهلك المال فادعوا الله لنا فانا نستشفع بك على الله. نستشفع بك على الله. اي نطلب شفاعتك عند الله تعالى ونستشفع بالله عليك اي نطلب الله جل وعلا ان يشفع لنا عندك فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم او فماذا جرى من النبي؟ قال فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم. سبح اي قال سبحان الله والتسبيح تنزيه والتنزيه انما يكون تخلية الله تعالى عما الحقه به الجاهلون من النقص ولذلك نزه النبي صلى الله عليه وسلم ربه جل وعلا من قول هذا الرجل في قوله ونستشفع بالله عليك اي كاننا نطلب من الله ان لنا عندك فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ويحك! ويحك هذه كلمة كلمة عتاب لكنها كلمة فيها اشفاق ورحمة بخلاف كلمة ويل فانها للعقوبة ويحك ولعل ذلك لجهل الرجل ان الله لا يستشفع به على احد اي لا تطلب شفاعته عند احد فشأن الله تعالى اعظم ولذلك قال شأن الله اعظم من ذلك فبيده جل وعلا مقاليد السماوات والارض اليه يرجع الامر كله هو الغني الحميد كل الخلق فقراء اليه وهو الغني الحميد سبحانه وبحمده يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد ومن كان هذا وصفه فانه يقضي الحوائج وليس به حاجة ان يشفع عند احد. بل يقضي الحوائج من نفسه جل وعلا ابتداء فهو الصمت الذي يصمد اليه في قضاء كل حاجة في الدنيا والاخرة كل دقيق وجليل الاعتصام به والتوكل عليه ينال به كل مطلوب من المطالب سهلها وصعبها يقول رحمه الله وذكر تمام الحديث. اي في بيان تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم الله جل وعلا وبيان وصفه فانه ذكر في تتمة هذا الحديث علو الله تعالى على خلقه و قال الشيخ رحمه الله معقبا على هذا الحديث فانكر قوله نستشفع بالله عليك ولم ينكر قوله نستشفع بك على الله. فدل هذا على جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم او الاستشفاء بالنبي صلى الله عليه وسلم في تحصيل الخير وفي دفع الشر قال رحمه الله بل اقره عليه فعلم جوازه اي علم انه يستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم ويستشفع به في امور وانكر قوله نستشفى بالله عليك لانه نزول بقدر الله تعالى وفيه عدم ايفائه حقه سبحانه وتعالى. فمن انكر هذا فهو ضال مخطئ مبتدأ في تكفيره نزاع وتفصيل. نعم. ثم قال