الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. كما يحب ربنا ويرضى احمده. حق حمده له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه واشهد ان لا اله الا الله. اله الاولين والاخرين. لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى اثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد فان الله تعالى رتب على العمل الصالح اجرا عظيما وعطاء جزيلا. ذاك فضل واحسانه فهو المتفضل على العباد بالهداية. كما انه المتفضل على العباد بالتوفيق الى العمل الصالح. وهو المتفضل ايضا قبول ما يكون من الاعمال الصالحة انما يتقبل الله من المتقين. ثم هو المتفضل بالاثابة على هذه الاعمال الصالحة فانه جل في علاه يجزل العطاء لعباده منا منه فضل احسانا منه وكرما. والا فان الاعمال الصالحة وان كانت صالحة خالصة له على وفق ما امر لا تكافئ حقه جل في علاه. بل حقه من العبادة والطاعة اعظم مما يقوم به العباد. قال جل في علاه وما قدروا الله حق قدره. والارض جميعا قبضته يوم فحقه سبحانه اعظم من ان يقوم به العباد. لذلك فضله واحسانه على عباده ان يجزيهم على ما يكون من عمل صالح. جاء في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال واعلموا ان احدا منكم لن يدخل الجنة بعمله. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا الا ان يتغمدني الله برحمته. فالعمل الصالح لا يكفي في ادراك ثواب الاخرة وجزيل عطاء الكريم المنان سبحانه وبحمده. لكنه بفظله ورحمته وعظيم احسانه وجزيل منه على عباده ان يثيبهم على العمل الصالح. والا فالعمل في ذاته. لا يأتي على شيء من حق الله عز وجل فحقه عظيم. والواجب له جزيل. قال الله تعالى ما لكم اترجون لله وقارا؟ لهذا ينبغي الا يعجب العامل بعمله مهما كان العمل متقنا ومهما كان العمل حسنا فحق الله والواجب له اعظم من ذلك. فاحمد الله ان وفقك الى العمل الصالح. وسل الله عز وجل ان يقبله منك بذلك تدرك ثواب الله وفضله وتحصل عطاءه واحسانه اما اذا رأى الانسان لنفسه على الله فضلا في عمله فانه يوشك ان يهلك وان يحبط عمله فان العمل يحبط يحبط بالرياء كما انه يحبط بالعجب فاذا رأى الانسان نفسه على ربه فضلا ذلك من اسباب هلاكه. فنسأل الله ان يعيننا على طاعته وان يستعملنا في مراضيه. وان يجعلنا من عباده المتقين وحزبه المفلحين واولياءه الصالحين. نقرأ شيئا من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري من كتاب الصيام ونتناول بعض الاحكام المتعلقة بالصيام ونجيب على الاسئلة في مجلسنا ان شاء الله تعالى هذا كل ليلة بعد صلاة التراويح نسأل الله ان يستعملنا واياكم في طاعته وان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. كذا الحج يقول الله تعالى الحج واشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وما تفعلوا من خير يعلمه الله ثم يقول وتزودوا الان والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الامام الحافظ ابو عبدالله محمد ابن اسماعيل ابن ابراهيم ابن المغيرة الجعفي البخل البخاري رحمه الله تعالى في كتابه الجامع المسند الصحيح المختصر من امور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وايامه. قال رحمه الله تعالى كتاب الصوم بسم الله الرحمن الرحيم باب وجوب صوم رمضان وقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون هذا الكتاب وسمه المصنف رحمه الله بالصوم. والصوم في اللغة واما في الشرع فهو التعبد لله عز وجل بالامساك عن المفطرات. من طلوع الفجر الى غروب الشمس. قال الله جل وعلا فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا. حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم اتموا الصيام الى الليل. هذا هو الذي فرضه الله تعالى على عباده واوجبه عليهم وهو الصوم شرعا. قد ذكر المصنف رحمه الله في هذا جملة من الابواب جعلها مقسمة على مهمات ما يتعلق بهذه العبادة العظيمة الجليلة وهي الصيام. والصوم فرضه الله تعالى على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بعد الهجرة وكان اول فرضه في السنة الثانية من الهجرة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يصوم. لكن العلماء هل كان الصوم قبل ذلك فرضا؟ او كان ندبا. وهو مما شرعه الله تعالى للامم قال الله جل في علاه يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم اي مثلما كتب وفرض على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. فالله عز وجل اخبر بان الصوم ان فرضه على الامم السابقة وهو في هذه الشريعة بهذه المنزلة بني الاسلام خمس شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع اليه سبيلا. فهو ركن من اركان الاسلام دعامة من دعائمه و فريضة من فرائضه الكبار. وقد فرض في السنة الثانية من الهجرة. وبين الله تعالى مشروعيته في هذا الشهر شهر رمضان. قال الله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. وكان اصطفاء الله عز وجل لرمضان دون سعر الشهور في كونه محلا لهذا الفرض وهو الصوم لان الله تعالى انزل القرآن في هذا الشهر المبارك المصنف رحمه الله بدأ بالبسملة في اول الابواب. وهذا جريا منه على افتتاح كتب بالبسملة. الافتتاح بالبسملة مشروع في اول الكتب ولو كان الكتاب متضمنا اجزاء فان ذكر البسملة في كل جزء منه او في كل موضع منه مشروع ولهذا افتتح الله تعالى سور القرآن الحكيم بالبسملة فالبسملة اية في صدر كل سورة من الكتاب الحكيم الا سورة براءة. ولذلك كتب هذا الجامع المبارك. جاء في بعض النسخ افتتاح كل باب بالبسملة. اول باب ذكره المصنف رحمه الله في كتاب الصيام وجوبه الباب الذي يتعلق ببيان فرظه ووجوبه. باب وجوب صوم رمظان. اي ما جاء من النصوص الدال على وجوب صوم رمضان وافتتح ذلك بقوله جل وعلا يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. هذه الاية الكريمة هي الاية التي ذكر الله تعالى فيها شرع الصيام وذكره الله تعالى فرضا ثم بعد ذلك ذكر انه فرض سابق في الامم السابقة ثم ذكر ثالث ما يتصل بهذا الحكمة من مشروعية الصيام. فالاية تضمنت الفرضية الحكمة والغاية التي ينبغي للمؤمن ان يتلمسها من هذه العبادة وهذه الشريعة. يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم اي فرض عليكم كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم. ما الغاية؟ وما السر؟ وما حكمة وما الهدف من مشروعية الصيام لعلكم تتقون. اي لاجل ان تحصلوا التقوى. وهذا المعنى ينبغي ان يكون حاضرا في ذهن العبد المؤمن في عمله فان الصوم انما شرع لتحقيق التقوى والتقوى هي المقصودة في كل العبادات والشرائع. فالصلاة غرضها تحقيق تقوى الله جل وعلا يقول الله سبحانه وبحمده ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. ولذكر الله اكبر. وقال جل وعلا في الزكاة خذي من اموالهم صدقة طهره وتزكيهم بها. فالمقصود من هاتين العبادتين تحقيق وكذا الصيام يقول الله تعالى يا ايها الذين امنوا فان خير الزاد التقوى. اذا الحج غرظه وغايته التزود بالتقوى. ولهذا ذكر الله التقوى في اول ايات الحج وفي اخرها يقول الله جل وعلا واذكروا الله في ايام معدودات فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون. اذا الغاية من كل العبادات هي حصول تقوى ولهذا جاء في الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يدع قول الزور عمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه. اذا يجب يا اخي ان تعلم ان الغاية من هذا عن الطعام والشراب الغاية من هذا القيام والركوع والسجود الغاية من الزكاة الغاية من الحج الغاية من كل العبادات هي ان يقوم في قلبك التقوى. فاذا وجدت ان هذه الاعمال لا تكسب قلبك تقوى فراجع نفسك فثمة خلل. راجع نفسك فهناك خلل اوجب الا تثمر هذه عبادات غايتها ومقصودها. ومن اعظم اسباب الخلل هو ان الانسان في عبادته يغيب عنه. ولا يحظر في ذهنه المقصود من العبادة يظن ان الصلاة قيام وركوع وسجود وقعود وما الى ذلك ويغيب عن ان هذا كله له زاد للقلب. يتزود به تقوى الله جل وعلا. ويظن ان الصوم مجرد امساك. يمسك فيه الانسان عن الطعام والشراب ولكنه غائب عن ان هذا الصوم مقصوده وقاية سيء الاخلاق والتحلي بالفظائل كذا الزكاة كذا الحج ينبغي ان يدرك الانسان ان كل الشريعة بجميع فرائضها وجميع واجباتها وكل وكل منهياتها ومحرماتها غايتها ومقصودها. ان تكف نفسك عن وانت تتحلى بالفظائل ان تحقق التقوى. فان التقوى هي الغاية والغرض. لهذا يذكر الله تعالى في الصوم في اول شرعه وفرضه الغاية من هذا الشرع وذاك الفرض فيقول جل على يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. ثم بعد ذلك ساق المصنف رحمه الله الحديث فقال سم قاله قال تحدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا إسماعيل ابن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة بن عبيدالله ان اعرابيا جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال يا رسول الله اخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة. فقال صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس الا ان تطوع شيئا فقال اخبرني ما فرض الله علي من الصيام. فقال صلى الله عليه وسلم شهر رمضان الا انت تطوع فقال اخبرني بما فرض الله علي من الزكاة. فقال فاخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الاسلام. قال والذي اكرمك بالحق لا اتطوع شيئا. ولا انقص مما فرض الله علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افلح ان صدق او دخل الجنة ان صدقه الحديث فيه بيان فرض الصوم وان الله عز وجل اوجبه على اهل الاسلام. وان ذاك فمما يوجب دخول الجنة اذا اتى به الانسان. ساق المصنف رحمه الله باسناده عن طلحة بن عبيد الله ان اعرابيا جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم تائر الرأس. عربيا اي ممن يسكن البادية الاعرابي هو الذي يسكن البادية. فلو انتقل الاعرابي الى المدينة او الى القرية زال عنه وصف الاعرابي فالاعرابي هو من يسكن البادية والبادية فيها من شغف ايش؟ شدته ما ينعكس على على اخلاق اهله من حيث العناية بالنفس ومن حيث ما يكون من الخصال ولهذا وصفوه بانه ثائر الرأس لكونه لم يعتني بنفسه لاشتغاله مهنته وصعوبة المعيشة في البادية. فقال يا رسول الله اخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ اي اعلمني بالواجب مما يتعلق بالصلاة وهو قد علم ان الصلاة واجبة لكنه يسأله عن القدر الذي لا بد من ليمتثل ما امر الله تعالى به من الصلاة فقال صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس يعني الذي فرض الله تعالى عليك من الصلاة هو الصلوات الخمس وهي المذكورة في قوله جل وعلا اقم الصلاة لدلوك الشمس. الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان فهذه الاية قد جمعت الصلوات الخمس ومنه ولما جمع الله تعالى فيه الصلوات ايضا قوله تعالى فسبحان الله حين خمسون وحين تصبحون وعشيا وحين تظهرون. فهذه الاية ايضا جمعت الاوقات الخمسة التي فرض الله تعالى فيها الصلاة على اهل الاسلام. فالصلوات الخمس هي صلاة الفجر وصلاة الظهر وصلاة العصر وصلاة المغرب. وصلاة العشاء هذه الصلوات الخمس هن المفروظات المكتوبات التي فرضها الله تعالى على كل مسلم وكان فرضها في ليلة شريفة عظيمة وفي مقام جليل كبير وكان فرضها ليس بواسطة بين النبي رب العالمين بل فرضها الله جل وعلا على مباشرة دون واسطة. كل هذا يبين عظيم منزلة هذه الفريضة. ويبين كبير مكانتها. وانه ينبغي للمؤمن ان يعتني بهذه الصلوات الخمس غاية العناية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في جواب السائل ماذا فرض الله علي من الصلاة قال الصلوات الخمس الا ان تطوع شيئا اي الا ان تتنفل فالتطوع هو التنفل وسمي التطوع لانه اشتغال بالطاعة. فلذلك قال صلى الله عليه وسلم الا ان تطوع شيئا يعني غير ما فرض عليك من الصلوات الخمس. وهذا يشمل التطوع لله عز وجل. بكل النوافل في الصلاة وهي نوافل مقيدة صلوات جاء فيها نص وندب خاص كالرواتب مثلا كصلاة الليل والوتر والصلوات ذات ذوات الاسباب او الصلوات المطلقة فان الصلاة خير موضوع كما قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فمن استطاع منكم ان يستكثر فليستكثر هذا ما يتصل بقوله صلى الله عليه وسلم الا ان تطوع ثم سأل الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم قال اخبرني ما فرض الله علي من الصيام يعني ما هو الصيام والواجب؟ الذي لا تبرأ ذمتي الا بالاتيان به. فقال النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان الا ان تطوع شيئا اي المفروض عليك من الصوم شهر رمضان وهذا ايضا فيه ان الرجل كان يعلم ان الصوم واجب لكنه اراد ان يحدد القدر الذي لا بد منه في الصوم حتى يأتي بما فرض عليه. قال شهر رمضان اي صيام رمضان. وقد جاء ذلك نصا في قول الكريم المنان جل في علاه شهر رمظان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ثم قال فمن شهد منكم الشهر فليصمه وليعلم ان العلة في اختيار رمظان الحكمة في اختيار رمظان من بين سائر الاشهر للصيام انه الشهر الذي انزل فيه القرآن وقد بين الله ذلك في محكم التنزيل فقال شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان هذا خبر يقول الله فيه ان رمضان هو الشهر الذي انزل فيه القرآن هدى للناس هدى لكل الناس من الهدى والفرقان ثم قال فمن شهد منكم الشهر فليصمه فذكر اولا سبب الاختصاص ثم ذكر الفرضية اي ذكر الموجب القدري ثم ذكر الاثر الشرعي الموجب هو ان الله خص رمضان بهذه الميزة ان جعله محلا لانزال القرآن. والاثر الشرعي لهذا التخصيص قدر ان الله فرض صيامه على اهل الاسلام قال جل وعلا فمن شهد منكم الشهر فليصمه. لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب السائل اخبرني ما فرض الله علي من الصيام؟ قال شهر رمضان ثم قال صلى الله عليه وسلم فيفتح باب الطعام والاحسان الا ان تطوع شيئا وليعلم ان كل التطوعات في كل العبادات تنقسم الى قسمين تطوعات خاصة مقيدة وتطوعات مطلقة كما ذكرت في الصلاة الرواتب من التطوعات والنوافل المقيدة بمعنى انه جاء لها فضل هذا واحد وايضا هي في اوقات محددة. وكذلك الصوم فيه تطوع مطلق وتطوع مقيد. التطوع المقيد وما خصه النبي صلى الله عليه وسلم من صيام ايام كيوم عاشوراء ويوم عرفة صيام الاثنين والخميس. وتطوع مطلق كقوله صلى الله عليه وسلم من صام يوما في سبيل الله باعد الله بينه وبين النار سبعين خريفا. في الصحيحين من حديث ابي سعيد رضي الله تعالى عنه فهذا تطوع مطلق يكون في الايام التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيرها من الايام قال اخبرني بما فرض الله علي من الزكاة اي من المال الذي اخرجه تطهيرا وتطييبا لمالي. قال فاخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع الاسلام اختصر المصنف الحديث لان الغرض هو بيان ما يتعلق بصيام رمضان وفي هذا الحديث تقديم الصوم على الزكاة خلافا للمعتاد. فان المعتاد تقديم ذكر الصوم على الزكاة بل الزكاة هي قرينة الصلاة في كتاب الله عز وجل. ثم في مواضع عديدة اذا ذكر الله تعالى الصلاة ذكر معها الزكاة اما الصوم فلا يأتي قليلا للصلاة ولكن هذا الحديث قدم السؤال عن على الزكاة ولعل ذلك لان الرجل ليس صاحب مال فيسأل عن المال او لسبب من الاسباب. المقصود ان العادة هو تقديم الزكاة ذكرا على الصوم. قال والذي لا اتطوع شيئا. اقسم الرجل بالله عز وجل. وهنا اقسم بفعل من افعاله جل في علاه والقسم يكون بالله وباسمائه وبصفاته وبافعاله. تقسم بالله فتقول بالله والله اقسم وبصفاته وعزة الله افعاله كقولك كقول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم والذي اكرمك فاقسم بفعله بفعل الله وهو اكرامه للنبي صلى الله عليه وسلم. هذه من القسم وكلها داخلة فيما امر الله تعالى به من الاقسام به جل في علاه دون غيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فليحلف بالله. فالحلف بالله يكون به جل وعلا باسمائه وبصفاته وبافعاله قال والذي اكرمك لا اتطوع شيئا اي لا لا ازيد على الواجب لا ازيد على المفروظ هذا معنى قولي لا اتطوع. وهذا فيه القسم. على ترك طوع قال والذي اكرمك لا اتطوع شيئا لكن لم يقتصر على هذا بل قال ولا انقص مما فرض الله علي شيئا. اي ولا اخل بشيء مما فرض الله علي في الصلاة وفي الصوم وفي الزكاة وفي شرائع الاسلام. قال النبي صلى الله عليه وسلم افلح ان صدق. افلح ان صدق افلح اي ادرك الفلاح والفلاح من اجمع الكلام في لسان العرب للدلالة على ادراك المحبوب والامن من المرغوب. الفلاح هو ادراك ما تحب. والسلامة مما تكره. فقوله صلى الله عليه وسلم احد صدق اي ادرك ما يحب وسلم مما يكره ان كان صادقا في قوله ان صدق اي ان طابق قوله فعله لان الصدق ما هو؟ الصدق مطابقة القول للواقع فاذا طابق الواقع وهو انه التزم بما فرضه الله تعالى عليه ولم ينقص من ذلك شيئا ولم يزد على الفرائض شيئا فانه مفلح اي يدرك ما يحب ويسلم مما يكره. قال صلى الله عليه وسلم افلح ان صدق او هذا شك او شك اما من الراوي او ان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا وذاك فيكون هذا من التنوير وهو بيان لمعنى الفلاح. او دخل الجنة انصدم. ودخول الجنة غاية المنى. نسأل الله ان من اهلها غاية المنى ومنتهى الفلاح ان يدخل الانسان الجنة. فالجنة هي دار النعيم الكامل التي فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فمن فاز بها فقد افلح ومن فاتته فقد خسر الخسران المبين نسأل الله ان يعيذنا من له ان يوفقنا الجنان وان يجعلنا من اهل جنته انه ولي ذلك والقادر القادر عليه. هذا الحديث فيه جملة من من الفوائد من فوائده ان وسط الانسان بحاله دون تعيين اسمه ليس من الغيبة لان الصحابي رضي الله تعالى عنه وصفه بوصف غير محمود فقال ثائر الرأس وهذا قد يكره الانسان ان يذكر عنه لكن اراد ان بين انه في غاية الاشتغال عن العمل للاخرة. ولذلك كان سؤاله على القدر الواجب الذي لا ينقص عنه ولا يزيد عليه ليحقق ما قبض الله تعالى عليه من الشرائع. وكون مثال الرأس اي مشتغل بما يشتغل به وهذا حال بعض الناس انه في غاية في امر دنياه على نحو من الكد والتعب والظن الذي يمنعه من ان يفكر في غير ما هو مشتغل به. فلذلك وصفه بهذا الوصف. فيه من الفوائد ان العلم باصل المشروعية قد يخفى على صاحبه العلم بتفاصيلها فهذا رجل عالم بفرض بفرض الصوم بفرض الزكاة لكنه يخفى عليه تفاصيلها. فبين فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ليبين التفاصيل. وفيه ان الانسان وان كان عالما بشيء قد يخفى عليه شيء. وفيه ان الانسان ينبغي له ان يحرص على تعلم ما ينفعه ليصل الى ما يؤمل من الخير. فان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اجاب هذا الرجل على اسئلته جوابا بينا لاجل ان يبين لهما فرض عليهما شرع. وفيه من الفوائد ان اقتصار الانسان على الواجب يحقق له ما يؤمل من الخير ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه قوله لا انقص من هذا شيئا ولا ازيد عليه. حيث قال ولا حيث قال والذي اكرمك لا اتطوع شيئا ولا انقص مما فرض الله وفيه من الفوائد جواز القسم على فعل الواجب والاقتصار عليه حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه ذلك. وفيه ان الواجبات اذا فعلها الانسان على هذا النحو من تكميل ما يجب وترك ما ينقص عن الواجب فانه سالم من المؤاخذة. لكن هذا متى يتحقق الانسان عرضة للقصور عرضة للتقصير. فينبغي له ان يحرص على الاستزادة لذلك كانت النوافل تكميلا لما يمكن ان يكون من نقص في الفرائض وفيه من الفوائد سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم. حيث اجاب هذا عن مسائله كلها دون ملل ولا نهر وفيه من الفوائد ان الانسان ينبغي ان ان يسأل ليتعلم وان من طرق التعلم السؤال. والسؤال في هذه الحال من الواجبات والفرائض لان به يعلم ما يجب عليه قال الله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. نعم. قال حدثنا مسدد قال حدثنا اسماعيل عن ايوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وامر بصيامه فلما فرض رمضان ترك وكان عبد الله لا يصومه الا ان يوافق صومه. هذا الحديث ساقه المصنف رحمه الله في باب وجوب الصوم اشارة الى قول من قال من اهل العلم ان الصوم اول ما فرض فرض صياما لعاشوراء. ثم بعد ذلك نسخ صوم عاشوراء فرض صوم رمضان وهذا القول قال به جماعة من اهل العلم فاشار اليه المصنف رحمه الله في ما ساق من حديث حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه قال صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وامر بصيامه. امر النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام اختلف فيه العلماء على قولهم. منهم من قال ان ذلك على وجه الوجوب. ومنهم من قال ان ذلك على وجه الاستحباب. فالامر قد قد يكون وجوبا وقد يكون ندبا. والاقرب والله تعالى اعلم ان الصوم لم يفرض الا صيام رمضان واما قبل ذلك فهو حث وندب. وليس على وجه الوجوب. وانما صامه ندبا فرمضان وهو الركن من اركان الاسلام صيامه لم يكن لازما بل جعل الله تعالى في اول واياه عوضا عن الصوم. قال الله تعالى اياما معدودات فمن كان منكم مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر وعلى الذين يطيقون ان يقدرون الصيام ولا يصومون مع الذين يطيقون فدية طعام مسكين. فمن تطوع خيرا فهو خير له. فجعل عوضا عن الصوم فدية يفتدي بها عن الصيام باطعام مسكين. قال فلما فرض رمضان ترك اي ترك الامر والتأكيد على صيام عاشوراء. وكان عبد الله لا يصومه الا ان يوافق صومه بناء على انه رضي الله تعالى عنه. ظن ان كذلك نسخ للصيام المتقدم. نقتصر على هذا ونأخذ بعض الاسئلة ونستكمل ان شاء الله تعالى يوم غد باذن الله