حق هذه النعم ان تشكر حق هذه النعم ان يقر بها لمثنيها والمتفضل بها المنعم الذي لا ينفك العباد عن انعامه واحسانه فان ذلك يوجب رضاه فمن رغب في رضا ربه ومولاه الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حمدا يرضيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد له الحمد كله اوله واخره ظاهره وباطنه واشهد ان لا اله الا الله اله الاولين والاخرين لا اله الا هو الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبدالله ورسوله صفيه وخليله خيرته من خلقه بعثه الله بين يدي الساعة بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة حتى اتاه اليقين وهو على ذلك فصلى الله عليه اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد. اما بعد فنحمد الله تعالى على نعمه المتتابعة والاءه التي تترا فما بكم من نعمة فمن الله نعم الله على عباده لا تنقطعوا مع تردد انفاسهم ونبض عروقهم ولاحظي اعينهم فما بكم من نعمة فمن الله فليشكره على نعمه وليستحظر هذه النعم في دقيق الامر وجليله. فان كثيرا من الناس لا يحظر في قلبه شكر نعمة الله عز وجل الا على ما كان من النعم الكبرى الخارجة عن المألوف والمعتاد فتجده لا يشكر نعما لا ينفك عنها مع تردد انفاسه فمن منا على سبيل المثال يستحضر نعمة الله تعالى عليه بالبصر الذي يدرك به المرئيات. من منا يستحضر نعمة السمع الذي يدرك به المسموعات من منا يستحضر نعمة الله تعالى عليه في جريان الدم في عروقه من غير فعل منه ولا عمل قليل اولئك الذين يستحضرون هذه النعم ولا يذكرون نعم الله تعالى الا في امور خارجة عن المألوف لم يتوقعوها او لم يدركوها وبالتالي قل ان يشكروا نعم الله تعالى عليهم فيغيب عنهم المزيد من فضله. اذ ان الله تعالى قال في محكم كتابه واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم فالمزيد مرهون بالشكر فمن شكر فان شكر الله يوجب له المزيد ومن كفر فانه يوشك ان يعدم الله تعالى ان يسلب الله تعالى عنهما وهبه. والله تعالى يرضى من العبد على قليل الشكر في اقل ما يكون من امر معتاد. جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله ارضى عن العبد تأمل يا اخي استمع بارك الله فيك ان الله ليرضى عن العبد يشرب الشربة فيحمده عليها الله يرضى عنك اذا شربت شيئا من الشراب ثم قلت بعد شربك الحمد لله الله جل في علاه يرضى عنك كم مرة شربنا ولم نقل الحمد لله ان الله ليرضى عن العبد يأكل الاكلة فيحمده عليها اذا رضا الله قريب والله جل وعلا من فضله لم يكلف الناس عنة ولا مشقة ولا عناء بل اوجب العطاء على قليل العمل وعلى يسيره ولو كان مألوفا معتادا فيما يباشرونه من حياتهم. فقول الحمد لله على هذه النعم لا يكلف احدا ولا يبخل به الا من بخل على نفسه فانه من يبخل فانما يبخل عن نفسه كما قال الحق جل في علاه من منا لا يرضى؟ من منا لا يحب ان يرضى الله تعالى عنه؟ لا شك ان الجميع يسعى الى نيل رضا الله جل في علاه واذا كنا كذلك فلنأخذ باسباب الرضا. وان من اعظم اسباب الرضا ان تمتثل ما امرك الله تعالى به وان تأخذ بالطرق التي توصلك الى مرضاته جل وعلا وهي يسيرة واذا رضي الله على عنك فتحت لك ابواب الخيرات ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم. كل الفضائل والعطايا والهبات نفحات يتفضل الله تعالى بها على من رضي من عباده ولذلك كان اعظم ما يناله اهل الجنة من النعيم ان يحل الله تعالى عليهم رضاه فيرونه جل في علاه. لذلك جدير بالمؤمن ان يسعى الى ارضاء الله عز وجل والسعي في تحقيق ليفوز بعطاياه جل في علاه وهو الكريم المنان الذي يعطي على القليل الكثير ويهب لعباده من اذا اقبلوا عليه ما ليس لهم على بال. من فضله ان من تقرب اليه شبرا تقرب الله اليه ذراعا. ومن تقرب اليه ذراعا تقرب الله تعالى منه باعا. ومن اتاه يمشي اتاه هرولة وهو الغني الحميد جل في علاه فان عبادة الناس وطاعتهم لا تزيد فيما عنده شيئا ولا تنقص مما عنده شيئا فهو جل في الذي له الحمد كله والغنى التام الكامل انما هو فضله. ولذلك قال تعالى ومن كفر فان الله غني عن العالم ليس عنك بس ليس عنك فقط ليس انت وحدك بل هو غني عن العالمين عن كل العالم. والعالم كله مفتقر اليه جل في علاه ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد فلنستحضر فقرنا له جل في علاه. ولنعلم اننا لن ننال من احسانه وفضله وبره. الا بسلوك امره ولزوم شرعه فقد قال الله تعالى ان رحمة الله قريب من المحسنين. اللهم اجعلنا من عبادك المحسنين يا رب العالمين. اسلك بنا سبيل الرشاد واعنا على الطاعة والاحسان. واغفر لنا الذلل والخطأ في السر والاعلان نسأل الله لي ولكم القبول والاعانة على مرضاته جل في علاه. نقرأ ما يسر الله تعالى من كلام المؤلف رحمه الله في احاديث النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين قال الامام الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقلاني رحمه الله في كتابه بلوغ المرام من ادلة الاحكام قال رحمه الله تعالى في كتاب الصلاة وعن جبير ابن مطعم رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني عبدي مناف لا تمنعوا احدا طاف بهذا البيت وصلى اية ساعة شاء من ليل او نهار. رواه الخمسة صححه الترمذي وابن حبان هذا الحديث حديث جبير ابن مطعم رضي الله تعالى عنه وجبير من الصحابة الذين تأخر اسلامهم وكان مبدأ وقوع الاسلام في قلبه انه جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم في اسارى كانوا قد وقعوا في ايدي المسلمين فجاء يكلم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيهم فلما جاء جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في صلاة المغرب وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ قول الله جل وعلا في سورة الطور ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون. يقول جبير رضي الله تعالى عنه ان كاد قلبي ان يطير. هذا مبدأ وقوع الاسلام في قلبه لكنه لم يسلم حتى جاء عام عام الفتح فاسلم رضي الله تعالى عنه وحسن اسلامه. وكان مما رواه ونقله عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم هذا الحديث في شأن صلاة المصلي بعد الطواف قال نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله من طريق جبير ابن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني عبد ملاذ وبنوا عبي مناف هم بطن من بطون قريش فقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يا بني عبد مناف نداء لمن كانوا لهم الولاية في مكة ولهم الرعاية ولهم السدنة ولهم القيام على هذا البيت فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يا بني عبد مناف لا تمنعوا احدا طاف بهذا البيت هذا البيت هو الكعبة. فالبيت اذا اطلق في الكتاب او في السنة فان المراد به الكعبة المشرفة فالبيت اسم اذا اطلق لم ينصرف الا الى هذا البيت المبارك الذي عظمه الله تعالى وحرمه يوم خلق السماوات والارض فان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس. وتحريمها يوم خلق السماوات والارض وقد قال الله جل وعلا في بيان خصيصة هذه البقعة المباركة ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وقال ابراهيم عليه السلام ربي اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم فالبيت الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا احدا طاف بهذا البيت المقصود به الكعبة المشرفة قوله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا اي لا تحجزوا احدا وتحضروا على احد طاف بهذا البيت وصلى اي ساعة شاء من ليل او نهار اي وصلى بعد طوافه اي ساعة شاء من ليل او نهار. وهذا الحديث من جملة الاحاديث التي ذكرها العلماء في بيان ان الطواف بالبيت تشرع له صلاة وان الصلاة بعد الطواف ليس عنها نهي في اي وقت من الاوقات لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا احدا طفى بهذا البيت وصلى اي ركعتين بعد الطواف اي ساعة شاء اي زمن واي وقت واي حين شاء من ليل او نهار يعني سواء كان ذلك في الصباح او في الليل وهذا يستوعب كل ساعات الزمان فانه لا ينهى عن الصلاة بعد الطواف في اي ساعة من ليل او نهار هذا الحديث كما ذكرت فيه دليل على ان صلاة ركعتين بعد الطواف لا ينهى عنها في وقت من الاوقات وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في بعض الاوقات جاء ذلك في احاديث عديدة منها ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابي سعيد الخدري سعد ابن مالك ابن سنان رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لا صلاة بعد حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وجاء ذلك في احاديث عديدة منها حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه عن عمر قال شهد عندي عشرة من اصحاب النبي وسلم كلهم مرضيون اي كلهم مقبولون في قولهم وما يكون منهم ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وعن صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس. فهذان وقتان جاء النهي عنهما في احاديث عديدة. واضاف حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه وقتا اذا على هذين الوقتين وهو حين يقوم قائم الظهيرة. فقد جاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ان نصلي فيهن او ان نقبر فيهن موتانا ثلاث ساعات يعني ثلاث لحظات ثلاثة ازمان الساعة في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وفي كتاب الله عز وجل ليس المقصود بها الساعة الاصطلاحية التي تعارف الناس عليها في هذا الزمان من انها الساعة المكونة من ستين دقيقة. انما المقصود بالساعة المدة من الزمن والحين من الوقت. وليس المقصود الساعة ما اصطلح عليه الناس مؤخرا. فيقول عقبة رضي الله تعالى عنه ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نصلي فيهن او ان نقبر فيهن موتانا. حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وهذا وقت بداية الشروط الى ارتفاع الشمس وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول اي حتى تميل من كبد السماء الى جهة المغرب. وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب. يعني حين تقرب الى الغروب حتى يسقط قرص الشمس ويختفي في الافق. هذه ثلاث ساعات نهى النبي صلى الله عليه وعلى اله عن الصلاة بهم ونهى صلى الله عليه وسلم عن ان يقبر فيهن ميت. وذلك انها اوقات علة النهي فيها متعددة منها انها اوقات نتعبد فيها لغير الله عز وجل فيعبد فيها الشيطان اذ ان الشيطان يتمثل اذا قربت الشمس فتغرب الشمس بين قرنيه كما ان الشمس تشرق بين قرنيه وحينها يسجد له الكفار فنهي عن الصلاة لاجل هذا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبير بن مطعم يقول يا بني عبد مناف لا تمنعوا احدا طاف بهذا البيت وصلى اي ساعة شاء من ليل او نهار فدل ذلك على ان هذه الصلاة مستثناة من النهي في الاحاديث التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس وحين يقوم قائم الظهيرة. هذا ما افاده الحديث والى هذا ذهب جماعات من اهل العلم وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثني وقتا يبقى هذا الحديث على عمومه ويقابل عموم ذلك الحديث والموجب اعمال عموم هذا الحديث مع ان الحديث الاخر ايضا عام عن ينهى عن كل صلاة ان احاديث النهي عن الصلاة بعد العصر والصلاة بعد الفجر تخصيص فيجوز صلاة الفرائض في كل وقت اذا فاتت على الانسان فانه يصليها اذا ذكرها لقول النبي صلى الله عليه وسلم من نام عن صلاته او نسيها فليصلها اذا ذكرها. فذاك عموم دخله تخصيص. واذا دخل العموم تخصيص فانه يضعف امام ما لم يخص من الاحاديث هذا الحديث فيه مشروعية الطواف كل وقت وانه عبادة يتقرب بها الى الله عز وجل لكن ذلك محدود بما اذا كان لا يشغل الانسان عن واجب حاضر فاذا اقيمت الصلاة فلا صلاة الا المكتوبة وايضا لا طواف. لانه يجب ان يقبل على الصلاة القائمة فلا يجوز ان يشتغل بالطواف عن الصلاة كذلك لا ينبغي ان يشتغل بالطواف وقت الخطبة. لان وقت الخطبة وقت انصات امر الله تعالى في بالسعي الى ذكره. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا اذا نزل الصلاة بيوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله. ومنع النبي صلى الله عليه وسلم الانسان من ان يشتغل بشيء واعد الاشتغال بادنى ما يكون من عارض لغوا حيث قال صلى الله عليه وسلم ومن ومن مس الحصى فقد لغا وهذا يدل على وجوب الاقبال والانصات. بل ان بعض اهل العلم قال ان قول الله عز وجل واذا قرئ القرآن فاستمعوا له انصتوا لعلكم ترحمون. محمول على خطبة الجمعة. لان خطبة الجمعة فيها من ذكر الله. وقراءة كتابه ما يجب الانصات له. اذا قوله صلى الله عليه وسلم يا بني عبد مناف لا تمنعوا احدا طاف بهذا البيت وصلى اي ساعة شاء من ليل او نهار يستثنى الطواف في الاوقات التي امر فيها الانسان بالاقبال على شيء من العبادات كالصلاة المكتوبة وكخطبة الجمعة الطواف من اجل العبادات التي يتقرب بها المتقرب الى الله عز وجل في هذا البيت ولذلك لما سئل بعض اهل العلم اي اي ما يقدم يقدم الصلاة في البيت ام الطواف جاء الجواب بان المقدم هو الطواف. وهذا هو الصحيح لقول الله عز وجل وعهدنا الى ابراهيم واسماعيل ان طهرا بيتي ايش اول ما ذكر الله من انواع العبادات التي يتقرب اليه بها في هذه البقعة قال للطائفين والعاكفين والركع السجود. فاول ما ذكر الله عز وجل من العبادات الطواف وهذا يدل على تقدمه على سائر التقربات والتطوعات. وايضا في سورة الحج قال الله تعالى تبوأنا لابراهيم مكان البيت الا تشرك به شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود فجعل الطواف مقدما على سائر الوان العبادات و على جلالة هذا العمل وفضله الا ان غالب ما ورد فيه من الاحاديث المتعلقة باثبات فضل معين فيه لا تخلو من ضعف واصح ما ورد في فضل الطواف ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح مسح الركنيين اليمانيين الحجر الاسود والركن اليماني قال فمسحهما لا يحط الخطايا وقال صلى الله عليه وسلم من طاف اسبوعا يحصيه من طاف اصبعا اي اطاف سبعة اشواط يحصيه اي تعده ويضبطه كان كعتق رقبة اي كان له من الاجر اجر عتق رقبة اي تحرير رقيب وهذا عمل جليل وقد جاء فيه ان من اعتق رقبة اعتق الله كل عضو منه مقابل ما اعتق من الرقيق وهذا فضل عظيم واجر كبير. هذا اصح ما ورد في فضل والطواف لا يكون اقل من سبعة اشواط بحال من الاحوال ومن ظن ان الطواف يكون شوطا او يكون شوطين او يكون ثلاثة اشواط او نحو ذلك فهو واهم. فالطواف لا يكون اقل من اشواط وما جاء عن بعض السلف من انه طاف شوطا او شوطين وخرج فهذا ليس فيه دليل على مشروعية طواف سبعة اشواط فقد نقل عن بعض السلف واظنه سفيان رحمه الله انه اذا دهمه السائلون اي كثر عليه اصحاب المسائل دخل المطاف فطاف شوطا او شوطين فخرج فاخذ بعض اهل العلم من هذا انه يرى جواز الطواف بشوط او شوطين لكن هذا ليس بصحيح فان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه انه طاف اقل من سبعة اشواط بل جاء النص على السبعة في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عند الترمذي وغيره باسناد جيد من طاف سب من طاف اسبوعا اي سبعة اشواط يحصيه كان كاعتق رقبة فلا يكون الطواف باقل من هذا ومن فوائد هذا الحديث مشروعية صلاة ركعتين بعد الطواف وهذا قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد طوافه في حج حجه صلى الله عليه وسلم فانه لما فرغ من طوافه بالبيت ذهب الى المقام توجه الى المقام واقتلى قول الله تعالى واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى. ومقام ابراهيم فيه للعلماء قولان. القول الاول انه الحجر الذي وقف عليه ابراهيم عليه السلام لبناء هذه الكعبة المشرفة وهو محفوظ الى يومنا هذا وهذا من ايات الله عز وجل ان هذا الحجر على طول العهد وامتداده فانه محفوظ لذلك كره الله من ايات هذا البيت قال الله تعالى ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه ايات بينات ايات اي دلائل على عناية الله بهذه البقعة وحفظها ورعايتها فيه ايات بينات ثم ذكر منها واحدا مقام ابراهيم من ايات الله عز وجل العظمى الدالة على رعاية الله وعنايته. وهذا الحجر المقام كان في اول الامر ملتصقا بالكعبة على يساري على يسار الباب. من جهة الخارج من الباب ثم انه جاءت في زمن عمر رضي الله تعالى عنه سيل فجرفت فابعدته الى مكان غير مكانه فارجعوه و ارجعه عمر رضي الله تعالى عنه اخره عمر ليوسع على الطائفين وهو في المكان الذي تعرفونه والمكان المميز التمييز المعروف والقول الثاني فيما يتصل بمقام ابراهيم انه شامل لكل الاماكن التي تعبد ابراهيم فيها لربه في هذه البقعة وهذا يشمل كل الاماكن التي وقف فيها ابراهيم متعبدا لله فيما يتعلق بالطواف بالبيت في في السعي بين الصفا والمروة في الوقوف بمنى في الوقوف بمزدلفة في الوقوف بعرفة كلها مقامات قام فيها ابراهيم عليه السلام بعبادة بربه جل في علاه وهي داخلة في قوله تعالى واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى اي مكان للتعبد وفعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد طوافه حيث ذهب الى مقام ابراهيم الذي قام عليه الحجر الذي قام عليه وصلى عنده ثم اتخذ هذا سنة فعله النبي صلى الله عليه وسلم وندب الى فعله في هذا الحديث حيث قال يا بني عبدي ما مات لا تمنعوا احدا طاف بهذا البيت اي ساعة شاء من ليل او نهار اي اي وقت كان. ولهذا يسن ان تصلي ركعتين بعد طوافه في كل طواف يطوف سواء كان طواف حج او طواف عمرة او طواف وداع او طواف تقرب استحباب فكله يشرع ان ان يصلي بعده ركعتين هاتان الركعتان لا يلزم ان تكونا عند المقام وانما يسن فلو صلاهما حيث تيسر له من الحرم او من غير الحرم لان من الصحابة من نقل عنه انه صلاها خارج الحرم. فلا بأس لان المقصود الصلاة ركعتين اذا فات صلاة الركعتين في المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فانه لا يمنع ان يصليهما حيث تيسر له الحديث فيه من الفوائد ايضا ان جميع الزمان محل للتعبد وان التقرب الى الله عز وجل في كل اللحظات فليس ثمة وقت يمنع فيه الانسان من طاعة الله عز وجل بل العبادة لله عز وجل في كل الاوقاف فاذا منع العبد من عبادة معينة في وقت من الاوقات اتيح له الوان اخرى من التعبد. فالنبي صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال نهى عن صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس لكن هذا لا يعني انها انها مدة وزمن خالي من العبادة والطاعة بل الله جل وعلا ما خلقنا الا لعبادته. وعبادته لا تتخذ صورة واحدة فالنبي صلى الله عليه وسلم حفظ عنه كما في صحيح الامام مسلم انه كان اذا فرغ من صلاة الصبح مكث في مصلاه بقي في مصلاه حتى ترتفع الشمس حسنا يذكر الله عز وجل وهذا نوع من التعبد فالعبادة لها الوان وصور وكل وقت ينبغي للانسان ان يبحث عن العبادة المناسبة للوقت والوظيفة التي امر بها وندب اليها ليحقق العبودية لله جل في علاه على مر وقته وكل زمانه قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب لا شريك له بذلك وامرت وانا اول المسلمين. وينبغي ان يعلم ان العباد لا تقتصر على صورة بل العبادة اصلا في القلب بالذل لله والخضوع له وافراده بالعبادة وتوحيده ومحبته وتعظيمه. فان هذه العبادة اجل ما يكون من العبادات واعظم ما يتقرب به الى رب الارض والسماوات ان يكون قلبك معلقا به لا يلتفت الى سواه ولا يتعلق بغيره فيكون القلب حقا لله لا شريك له فيه. ولا ند له فيه. ولا نظير له فيه. لا يتعلق العبد بشيء من الخلق ولا ينصرف الى غيره جل في علاه وهذا من اجل القربات واجل العبادات ولذلك كان العبد المؤمن الموحد الذي عمر قلبه بتوحيد ربه لا يزيده عمره الا خيرا. لانه لا ينفك من لحظة من اللحظات الا وهو عامر قلبه بتوحيد ربه عامرا قلبه باجلاله. سبحانه وبحمده. ولهذا حتى لو كان الانسان قد اصيب بمرض او اغمي عليك الذين يصابون بجلطة وتمتد اعمارهم سنوات وهم على سرير لا يتكلمون ولا يصدر منهم حركة لا يزيدهم عمرهم الا خيرا لان الله عز وجل يكتب لهم ما كان في قلوبهم من محبته وتعظيمه وتوحيده حتى وهم على هذه الحال. فقد جاء في الصحيح من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يكتب للعبد ما كان يعمله اذا مرض او سافر صحيحا مقيما وذاك فضل الله ولهذا اذا صدق العبد في اقباله على ربه فتح الله له من ابواب العطاء والخير ما لا يرد له على بال ما في احد يعطي على هذا النحو من الاجر والثواب الا الكريم والمنان جل في علاه الان الموظف اذا اصيب بما وامتد مرضه مدة طويلة وفق نظام معين يجرى عليه من التخفيظ او الازالة او الانصراف والصرف ما هو معلوم لكن ربك الكريم المنان الذي له المثل الاعلى جل في علاه فضله دائم على عباده اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان يعمله صحيحا مقيما. نعم. الحديث الثاني. قال رحمه الله تعالى وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفق الحمرة رواه الدار قطني وصحح ابن خزيمة وغيره وقفه هذا الحديث فيه بيان معنى الشفق الذي هو نهاية وقت صلاة المغرب وان الشفقة هو الحمرة فقد جاء في جملة من الاحاديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في صلاة المغرب وصلاة المغرب ما لم يغب الشفق كما في حديث عبدالله بن عمرو في بيان اوقات الصلوات فالمغرب من غروب الشمس ما لم يغب الشفق والشفق هو الحمرة وهو ما يكون في الافق من لون احمر يتلاشى شيئا فشيئا تدريجا بعد مغيب بعد وقت من غروب الشمس. فان الشمس اذا سقطت تركت وهجا وصفرة كبيرة حتى يظن الظال في بعظ الاحيان ان الشمس لم تغرب. هذه الصفرة تنكسر شيئا فشيئا فتتحول الى حمرة ثم كلما مضى وقته وبعد الوقت عن غروب الشمس زالت هذه الصفرة وحل مكانها الشفق الابيض فوقت صلاة المغرب هو من غروب الشمس الى مغيب الشفق وهذا الذي عليه جمهور العلماء ولذلك ذكر المصنف رحمه الله هذا الحديث في بيان معنى الشفق وانه الحمرة وعلى هذا كلام اهل اللغة لا خلاف بينهم ان الشفقة هو الحمرة